تصوير فني يُظهر المركبة الفضائية فوياجر 1 في الفضاء.
المصدر: NASA
أصبحت المركبة الفضائية فوياجر 1 بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني من سنة 1980 (أي قبل 35 عاماً)، ثاني مركبة فضائية تُحلق بالقرب من كوكب زحل. كانت الأهداف الرئيسية لهذه البعثة هي إجراء دراسة عن قرب لكل من المشتري وزحل وحلقاته، إضافة إلى الأقمار الكبيرة التابعة لكل واحد منهما. وعلى الرغم من أنها صُممت للعمل مدة 5 سنوات فقط، إلا أن فوياجر 1 لا تزال تُحلق في الفضاء بين النَّجمي، كما أنها تستمر في العمل حتى بعد انقضاء 35 عاماً على إطلاقها.
أطلقت المركبة على متن الصاروخ الحامل تيتان-سنتور III بتاريخ 5 سبتمبر/أيلول سنة 1977، حيث سلكت مساراً قصيراً وسريعاً في طريقها نحو كوكبي المشتري وزحل. وكانت الكواكب الخارجية في نظامنا الشمسي آنذاك في وضع وترتيب هندسي نادر، لا يحدث إلا مرة واحدة كل 175 سنة. ولعل الأمر الإيجابي في هذا الاصطفاف النادر هو سماحه لفوياجر 1 ومساعدته لها في توجيه مسارها والانتقال من كوكب لآخر دون الحاجة إلى استعمال أنظمة الدفع كبيرة الحجم المُحمّلة على متنها، وهذا ما يُعرف بتقنية الدفع الثقالي. عبرت فوياجر 1 قرب المشتري بتاريخ 5 مارس/آذار سنة 1979، كما عبرت قرب زحل بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1980، هذا وتبلغ سرعتها الحالية تقريباً حوالي 38 ألف ميل في الساعة (61 ألف كلم في الساعة).
التقطت مركبة فوياجر 1 هذه الصورة بالألوان المحسنة لزحل بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول عام 1980، أي قبل 25 يوماً من وصولها إلى أقرب نقطة لها من الكوكب. المصدر: NASA/JPL-Caltech
استطاعت مركبة فوياجر 1 أثناء تحليقها قرب زحل جمع كمية وفيرة من البيانات الجديدة المتعلقة بالكوكب وأقماره، وخصوصاً عندما اكتشفت 3 أقمار جديدة تابعة له هي بروميثيوس Prometheus وباندورا Pandora وأطلس Atlas. يُعد كل من باندورا وبروميثيوس من الأقمار الراعية لحلقات زحل F، أما أطلس فهو قمر راعٍ لحلقات زحل A. وقد أكد اكتشاف هذه المجموعة المعلومات القائلة بأن أقمار كوكب زحل تتكون في معظمها من جليد الماء. والأهم من هذا الاكتشاف هو المعلومات الجديدة التي حصلت عليها المركبة بخصوص تيتان Titan أكبر أقمار زحل، حيث وجدت فوياجر 1 أنه يمتلك غلافاً جوياً كثيفاً يحجب سطحه عن مجال رؤية كاميرات الضوء المرئي والتلسكوبات التي تحاول التقاط صور له. وإضافة إلى ذلك، وجد العلماء أيضاً أن الغلاف الجوي لتيتان يتكون في معظمه من النتروجين كما هو الحال بالنسبة إلى الأرض، إلا أن الضغط المطبق على سطحه أعلى بـ 1.6 مرة من ذلك المطبق على سطح الأرض. ووجد العلماء بشكل مشابه أن الغلاف الجوي العلوي لزحل يتكون من الهيليوم بنسبة 7%، أما الباقي فيتكون معظمه من الهيدروجين. وبناءً على كل ما سبق، يستنتج العلماء أن زحل يبعث حرارة بكمية تفوق تلك التي يحصل عليها من الشمس، ويعود سبب ذلك إلى تركيبة غلافه الجوي. هذا وقد تمكنت فوياجر 1 من اكتشاف حلقات G الخاصة بزحل.
في شهر أغسطس/آب، أي بعد مضي 32 سنة على لقائها بكوكب زحل، دخلت مركبة فوياجر 1 في منطقة الفضاء بين النجمي، لتبلغ أبعد نقطة وصلت إليها مركبة من صنع البشر. وبعد إعادة تحديد مهمتها لتصبح بعثة فوياجر بين النجومVIM، تم تمديد مهمتها وتوسيع نطاق عملها بهدف استكشاف النظام الشمسي الموجود خارج الكواكب الخارجية. وركزت أهداف البعث الجديدة على جمع بيانات حول كل من حدود الغلاف الشمسي heliopause boundary، والحدود الخارجية للمجال المغناطيسي للشمس، إضافة إلى التدفق الخارجي للرياح الشمسية.
وكما هو الحال بالنسبة إلى مركبة فوياجر 2، تحمل فوياجر 1 على متنها أسطوانة تسجيل يبلغ قطرها 12 إنشاً، مصنوعة من النحاس ومطلية بالذهب. تحتوي هذه الأسطوانة على عبارات ترحيب محكية بأكثر من 60 لغة، ومجموعة من القطع الموسيقية المأخوذة من عدة حضارات والتي يرجع أصلها إلى عدة عصور مختلفة، إضافة طبعاً لأصوات بشرية مرسلة من الأرض لتحكي قصة كوكبنا إلى الحضارات الموجودة في أعماق الفضاء السحيق. كما تتضمن الأسطوانة أيضاً مجموعة من البيانات الإلكترونية التي يمكن للحضارات المتطورة تكنولوجياً تحويلها إلى صور فوتوغرافية ورسوم بيانية.
التقطت مركبة فوياجر 1 هذه الصورة بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني من سنة 1980 من على مسافة تقدر بـ 13,700 ميل (22 ألف كم)، وتظهر فيها عدة طبقات من الضباب التي تغطي سطح القمر تيتان. تظهر صورة الألوان الزائفة هذه تفاصيل طبقات الضباب الذي يغطي سطح القمر، حيث يبدو المستوى العلوي من الهباء الجوي الكثيف الموجود فوق أطراف القمر باللون البرتقالي. المصدر: NASA/JPL
حلقت مركبة فوياجر 2 بالقرب من زحل في شهر أغسطس/آب من سنة 1981، بينما وصلت البعثة التالية إلى الكوكب والتي كانت عبارة عن مسبار فضائي في سنة 2004. صُمم مسبار كاسيني Cassini لاستكشاف كل من الغلاف الجوي لزحل، وحلقاته، ومجاله المغناطيسي وأقماره. ,وتمكنت المركبة من تحقيق عدة إنجازات، حيث اكتشفت وجود الينابيع الساخنةgeysers على سطح إنسيلاديس، كما وجدت أدلة على أن قمر تيتان شبيه بالأرض، إضافة إلى اكتشاف أن حلقات زحل هي نشطة وديناميكية. وفي سنة 2016، سترسم كاسيني معالم المشهد الأخير من رحلتها عندما تحلق 22 مرة بين زحل وحلقاته، لتبلغ بذلك أقرب نقطة إلى هذا الكوكب. وبالطبع تنطوي مهمة البحث الجديدة على نسبة أعلى من الخطورة، إلا أنها ستساعدنا كثيراً في دراسة حقل جاذبية زحل ومجاله المغناطيسي، إضافة إلى دورانه وتركيبة حلقاته. وفي نهاية هذه الرحلة العظيمة ستخترق كاسيني الغلاف الجوي للكوكب ومن ثم ستتحطم. وتعد هذه الخطوة مهمة جداً لأنها ستجعلنا متأكدين من أن مسبار كاسيني لن يتحطم بطريق الخطأ فوق أحد أقمار زحل، ويلوثه بشكل غير مقصود بالميكروبات القادمة من الأرض.
https://nasainarabic.net/voyager/articles/view/anniversary-of-the-voyager-saturn-flyby