اذا كان فهمنا الحالي للفيزياء الفلكية والنظرية النسبية صحيحاٌ , فان دوران الثقوب السوداء سيكون حقيقية فعلية وهذه الثقوب السوداء تتكون عندما لا يستطيع النجم مقاومة قوة الجاذبية الخاصة به فتضغطه تلك القوة الي نقطة يحدث فيها انكسار لنسيج الزمكان وبما ان النجوم تدور فى الفضاء فان للحفاظ علي حفظ الرخم فان الثقب الاسود نفسه يجب ان يحتوي علي رخم زاوي (كمية حركة زاوية) بقيمة لا تساوي الصفر .
نظرياٌ فان اي شئ بما فيها الطاقة نفسها تمر عبر ما يسمي بأفق الحدث للثقب الاسود فانه لا يمكنه العودة , لكن طبقاٌ لعلماء الفيزياء روجر بلاندفورد ورومان زنجاك وروجر بنروز فان الطاقة يمكن ان تستخرج من الثقب الاسود نفسه .
فلو استطاعت الانسانية يوماٌ استكشاف المجرة وتمكنت من العثور علي ثقب أسود فقد يصبح مصدراٌ ممكناٌ للطاقة ولكن حاليا فتظل تلك الافكار نظريات جديرة بالاهتمام ولكن خارج قدرات البشر العملية
وتوجد العديد من الطرق والوسائل التي طرحت لعمل هذا الامر ومنها
بلاندفورد – زنجاك :
ففي العام 1977 قام العالمان بلاندفورد وزنجاك بطرح الطريقة الممكنة لاستغلال الحقل المغناطيسي للثقب الاسود الدوار لأغراض استخدام الطاقة
الفرضية نفسها تتحدث أن المادة الملتحمة حول الثقب الاسود من المحتمل ان تتمغنط علي نحو متزايد ولذا فان المادة تقترب أكثر فأكثرمن أفق الحدث , فى الحقيقة فان المجال المغناطيسي كبير جدا حتي يمكنه تعجيل الالكترون الي النقطة التي يبدأ عندها باشعاع اشعة جاما ولكن ذلك شريطة ان لا يكون الالكترون وراء افق الحدث .
من الناحية الجوهرية فان الثقب الاسود هو بمثابة موصل هائل يدور فى مجال مغناطيسي كبير جداٌ والذي ينتجه ما يسمي ال accretion disk (نوع من الأقراص النجمية الدوارة وهو عبارة عن حزام من الغاز والغبار الكوني يدور حول ثقب اسود بفعل الجاذبية) حيث يوجد جهد مستحث بين اقطاب الثقب الاسود ومنطقة الاستواء , والنتيجة فى نهاية المطاف هي ان هناك قدرة ضائعة عن طريق ابطاء دوران الثقب الاسود
حيث ان القدرة المنتجة تتحد من خلال العلاقة
حيث :
P : هي القدرة المنتجة المحتملة
B : المجال المغناطيسي للقرص النجمي الدوار
Rs : نصف قطر شفارتزشيلد للثقب الاسود
C : سرعة الضوء
وتكون القدرة المهدرة علي صورة اشعاع كهرومغناطيسي يتدفق من المناطق الداخلية فى اتجاه الاقطاب بينما تتحرك الالكترونات فى اتجاه المنتصف (الاستواء)
دعونا نأخذ مثالاٌ فى حالة ثقب اسود لديه كتلة تساوي ومجال مغناطيسي 1 Tesla فستكون القدرة المنتجة حوالي وات , وحسب بعض الاحصائيات فان الطاقة المستهلكة فى العالم سنوياٌ هي حوالي 550 كوادريليون BTU او ما يساوي
وهذا المثال يوضح لنا ان الثقب الاسود يقدم طاقة منتجة فى الثانية الواحدة اكبر بكثير من اجمالي الاستهلاك العالمي للطاقة
ولكن يوجد الكثير من المشاكل مع تلك الطريقة لاستخراج الطاقة ففي البداية فاننا لا نملك تصاميم محددة للطريقة التي يمكن بها تحويل حركة الالكترونات لطاقة مستخدمة , وذلك بسبب الصعبة البالغة للوصول الي ثقب اسود !!
هنالك اقتراحات لاستخدام حلقة فائقة التوصيل لاستغلال المجال المغناطيسي من الجل انتاج الطاقة ولكن لا يوجد حتي الان ايه براءات اختراع او اوراق علمية يمكنها فى هذا الوقت ان تدعم تلك الاقتراحات ومثل هذه الاقتراحات هي نظرية وعلي الارجح هي مجرد تخمينات في اسوء الاحوال , وحتي لو وجد هذا التطبيق طريفه فانه من الضروري ان يكون باستخدام ثقب اسود معين .
مثل ثقب اسود كبير دوار مع قرص نجمي ينتج عنه مجال مغناطيسي كبير بما فيه الكفاية , وفى الحقيقة فحتي لو أمكننا الوصول الي ثقب اسود فما زالت هناك عقبات كبيرة فهناك عقبات هندسية جوهرية وغيرها من العوامل التي من شأنها أن تمنع استخدام الثقوب السوداء كمصادر للطاقة
بنروز :
فى عام 1971 قام عالم الفيزياء روجر بنروز باقتراح طريقة لاستخراج الطاقة من ثقب اسود بوسائل أخري وبعكس طريقة بلاندفورد التي تعتمد علي المغناطيسية , فقد اقترح بنروز فكرة تعتمد علي حفظ الزخم (كمية الحركة) والافتراض هو انه اذا كان الجسم فى منطقة معينة حول الثقب الاسود تسمي ergosphere ولكن ليس فى منطقة أفق الحدث فانه يتحطم ويتجه بعضه نحو وسط الثقب الاسود و والبعض الاخر يترك الثقب الاسود عن طريق انبعاثه كطاقة اكبر من الطاقة الداخلة للثقب
وعلي غرار طريقة بلاندفورد فان الطاقة المستخرجة من دوران الثقب الاسود لها حدود متعلقة بدوران الثقب الاسود فان ما يحد من عمر هذا المولد هو النقطة التي يتوقف فيها الثقب الاسود ليدور فانه سوف يتوقف عن ان يكون مصدراٌ للطاقة من خلال تلك العملية الفيزيائية
وهذه الطريقة أيضاٌ يوجد بها العديد من المشاكل فبنروز نفسه ذكر فى الورقة البحثية التي قام فيها بنشر الفكرة أن هذه الطريقة غير فعالة بشكل لا يصدق علي حد تعبيره , بالرغم من أن حسابات لاحقة قام بها العالم شان درسخار فى 1983 أظهرت ان الكفاءة النظرية قد تصل الي 20 % من الطاقة المكتسبة
وأيضاٌ توجد مشكلة الوصول للثقب الاسود علي غرار الطريقة الاولي وكذلك لا يوجد اي برءة اختراع لتصميم يمكننا من استغلال الطاقة المستخرجة وتحويلها الي طاقة يمكن استغلالها
الخاتمة :
يوجد هناك العديد من الطرق لاستخراج الطاقة من الثقب الاسود , ولكن مع اللحظة الحالية فى تاريخ البشرية بما تملكه من موارد وتكنولوجيا متوافرة فان مثل تلك المجهودات قد لا تكون عملية علي الاطلاق وذلك ليس فقط بسبب عدم قدرتنا علي الخروج من النظام الشمسي فى الوقت الحالي ولكن أيضاٌ لعدم قدرتنا علي ايجاد سبل لاستغلال هذه الخصائص والسلوكيات المعينة التي تنفرد بها الثقوب السوداء
وبالرغم من ذلك فتظل هذه الافكار مثيرة للاهتمام حتي يحين الوقت الذي يحدث فيه تطورات جدية فى مجال تكنولوجيا الفضاء والابحاث فى الطرق التي يمكن بها انتاج طاقة قابلة للاستخدام من طاقة الثقوب السوداء وقد يظل الامر خيالاٌ علمياٌ مثيراٌ للاهتمام لفترة طويلة وربما للابد !!!
https://mohamed7ibrahim.wordpress.com/2014/09/15/استخراج-الطاقة-من-الثقوب-السوداء/