يُوضح هذا التصوّر الفني أسخنَ كوكبٍ تم اكتشافه ورصده في كوننا على الإطلاق.
المصدر: NASA/JPL-Caltech
استطاع الباحثون باستخدام تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا NASA's Spitzer Space Telescope، معرفة ماهية الطقس الذي يسود سطح اثنين من العوالم الغريبة والبعيدة. وقد استعان فريقٌ من علماء الفلك بتلسكوب الأشعة ما تحت الحمراء لرسمِ خريطةٍ تُمثّل التغيّرات في درجة الحرارة على سطح الكوكب الغازي العملاق المُسمّى HD 189733b، حيث يبدو أن هذا الكوكب قد تعرّض على الأرجح لضرباتٍ عنيفةٍ من الرياح الهائجة. كما كشف فريقٌ آخر من العلماء عن أن الكوكب HD 189733b هو أكثر الكواكب التي تم اكتشافها سُخونةً على الإطلاق. وقد تم نشر الاكتشافين في إصدار التاسع من مايو/أيار من مجلة Nature.
تقول هيذر نوتسون Heather Knutson من مركز هارفرد- سميثونيان للفيزياء الفلكية Harvard-Smithsonian Center for Astrophysics في جامعة كامبريدج في ماساتشوستس، والمُؤلفة الرئيسية في الدراسة التي تصف الكوكب HD 189733b: "قُمنا بتحديد تغيّرات درجة الحرارة في جميع أنحاء سطح هذا الكوكب البعيد، والذي يستغرق الضوء المُنبعث منه 60 سنة كي يصل إلينا".
يتّصف الكوكبان بأنهما من الكواكب "الساخنة الشبيهة بكوكب المشتري" وهي عبارة عن عمالقة غازية شديدة السخونة تدور بجنون وعلى مسافة قريبة جداً من نُجومها. ويقول العلماء أن حوالي 50 من أصل 200 كوكب تم رصدها خارج النظام الشمسي (والتي تدعى بالكواكب الخارجية) هي كواكب ساخنة شبيهة بكوكب المشتري.
تُظهر هذه الصورة أول خريطةٍ يتم إعدادها لسطحِ كوكب خارجي. الكواكب الخارجية هي تلك التي تقع خارج نظامنا الشمسي. المصدر: NASA/JPL-Caltech//Harvard-Smithsonian CfA.
يُمكن لتلسكوبات الضوء المرئي أن ترصد هذه العوالم الغريبة، وأن تُحدّد بعض خصائصها المميزة مثل أحجامها ومداراتها، ولكننا لا نعلم الكثير عن غلافها الجوي أو ماهية الشكل الذي تبدو عليه.
أحدث تلسكوب سبيتزر منذ عام 2005 ثورةً هائلةً في مجال دراسة الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية عن طريق فحصه لضوء الأشعة ما تحت الحمراء المُنبعث منها، أو حرارتها. في إحدى دراساته الحديثة، ركّز تلسكوب سبيتزر أجهزة الرصد بالأشعة ما تحت الحمراء الخاصة به على الكوكب HD 189733b، الذي يقع على بُعد 60 سنة ضوئية في كوكبة الذئب Vulpecula.يُعتبر هذا الكوكب أقربَ كوكبٍ عابرٍ معروف لنا. النجم العابر هو ذلك النجم الذي يقوم بالعبور أمام وخلف نجمه أثناء دورانه حوله وذلك من منظور الراصد هنا على سطح الأرض. يدور هذا الكوكب حول نجمه كل 2.2 يوم.
استطاع سبيتزر قياس الأشعة ما تحت الحمراء الصادرة عن الكوكب أثناء دورانه حول نجمه، مما أدى إلى كشفِ وإظهار عدة أوجه مختلفة له. تم بعد ذلك تجميع هذه القياسات بالأشعة ما تحت الحمراء، والتي تتألف من حوالي ربع مليون نقطة من البيانات، في شرائط من القطب إلى القطب. وقد تم استخدامها في نهاية المطاف لتحديد درجة الحرارة في جميع أنحاء سطح هذا الكوكب العملاق المُلبّد بالغيوم.
تكشف هذه الأرصاد أن درجات الحرارة في هذا العالم الغريب هي إلى حدٍ ما تتراوح بين 650 درجة سلسيوس (1,200 درجة فهرنهايت) في الجانب المظلم، إلى 930 درجة سلسيوس (1,700 درجة فهرنهايت) في الجانب المُضاء بضوء الشمس.
من جهة أخرى، يُعتقد أن كوكب HD 189733b، وجميع الكواكب الساخنة الأخرى الشبيهة بالمشتري، تتشابه مع القمر من ناحية أنها مُقيّدة مدّياً بجاذبية النجم الذي تدور حوله (القمر مُقيّد مدّياً بجاذبية الأرض، لذا فلا يمكننا أن نرى سوى وجه واحد له). وكونُ هذه الكواكب مُقيدة مدياً بجاذبية النجوم التي تدور حولها يعني أن وجهاً واحداً فقط لهذه الكواكب يكون مُواجهاً للنجم بشكل دائم. من جهتهم، يعتقد العلماء بأن الرياح تقوم بتوزيع الحرارة من جانب الكوكب المُضاء بشكل دائم إلى الجانب المُظلم وذلك لأن الفرق في درجات الحرارة بين وجهي الكوكب متوسط. ومن الممكن لهذه الرياح أن تجري على سطح الكوكب بسرعةٍ تصل إلى حوالي 9,000 كم/ساعة (أي حوالي 6,000 ميل/ساعة). بالمقارنة، نجد أن التيارات الهوائية على الأرض تجري بسرعةٍ لا تتجاوز 322 كم/ساعة (200 ميل/ساعة).
يقول ديفيد تشاربونو David Charbonneau، المؤلف المشارك في الدراسة من مركز هارفرد- سميثونيان للفيزياء الفلكية: "نسبة الطاقة التي تتعرض لها هذه الكواكب الساخنة الشبيهة بالمشتري في الثانية الواحدة أكبر من الطاقة التي يتعرض لها كوكب المشتري بنحو 20 ألف مرة. والآن، يمكننا رؤية كيف تتعامل هذه الكواكب مع كل تلك الطاقة".
إضافة إلى ذلك، تُوجد على سطح HD 189733 منطقةٌ دافئةٌ تقع عند 30 درجة شرق نقطة "أوج الظهيرة"، أو النقطة التي تقع مباشرةً أسفل النجم (يكون النجم عمودياً فوقها). بعبارة أخرى، إذا كانت نقطة "أوج الظهيرة" في سياتل، ستكون المنطقة الدافئة في شيكاغو. وبافتراض أن هذا الكوكب مُقيّدٌ مدّياً مع نجمه، فهذا يعني أن الرياح العاتية تهبّ عليه من جهة الشرق.
أما في الدراسة الثانية التي أجراها سبيتزر، اكتشف فريق من علماء الفلك بقيادة جوزيف هارينغتون joseph Harrington، من جامعة سنترال فلوريدا في أورلاندو University of Central Florida in Orlando، أن الكوكب HD 189733 ذو طقسٍ شديد الحرارة (لاهب) إذ تصل الحرارة على سطحه إلى حوالي 2,038 درجة سلسيوس (3,700 فهرنهايت)، وهو بذلك أكثر سخونةً حتى من بعض النجوم مُنخفضة الكتلة. وقد كان باستطاعة تلسكوب سبيتزر حساب درجة حرارة هذا الكوكب العابر عن طريق رصدِ الانخفاض في ضوء الأشعة ما تحت الحمراء الصادر عنه أثناء اختفائه وراء نجمه.
يقول هارنينغتون: "هذا الكوكب أشبه بقطعةِ فحمٍ ساخنةٍ في الفضاء. ونظراً لأنه ساخن جداً، فإننا نعتقد أن الحرارة لا تنتشر في أنحاء سطحه. وبناءً على هذا، يكون الجانب المُضيء ساخناً جداً، بينما يكون الجانب المُظلم أكثر برودة".
يقع HD 149026b على بُعد 256 سنة ضوئية في كوكبة هرقل Hercules، ويُعتبر أصغرَ الكواكب العابرة وأكثرها كثافة. كما يتميز بحجمهِ الشبيه بحجم كوكب زحل، ومن المُرجح أن كتلته تزيد عن كتلة الأرض بنحو 70 إلى 90 مرة، ويدور حول نجمه بسرعة كبيرة كل 2,9 يوم.
وفقاً لهارينغتون وزملائه الباحثين، لا يقوم هذا الكوكب الغريب بعكسِ ضوء النجوم أبداً، وعوضاً عن ذلك يقوم بامتصاص جميع الحرارة في جسمه الناري. وهذا يعني أن الكوكب HD 189733 قد يكون أكثر الكواكب ظُلمةً، إضافةً إلى كونه أكثرها سخونة أيضاً.
يقول دريك ديمينغ Drake Deming، المؤلف المشارك في الدراسة والعامل في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا في غرينبيلت، ماريلاند NASA's Goddard Space Flight Center: "يمتلك هذا الكوكب درجات حرارة تقع خارج نطاقِ درجات الحرارة التي توقعناها لأي كوكب".
يُدير مختبر الدفع النفاث Jet Propulsion Laboratory في باسادينا كاليفورنيا، مهمة تلسكوب سبيتزر الفضائي لصالح مديرية المهام العلمية NASA's Science Mission Directorate التابعة لوكالة ناسا، ومقرها واشنطن. كما يتم إجراء العمليات العلمية في مركز سبيتزر العلمي Spitzer Science Center الموجود في معهد كاليفورنيا للتكنولوجياCalifornia Institute of Technology في باسادينا.
https://nasainarabic.net/spitzer/ar...-hot-planet-makes-first-exoplanet-weather-map