لاشك في ان صفقات الجيش المصري على مدار العامين الأخيرين أثارت الكثير من تساؤلات ودهشة الكثيرين من المتابعين والقارئين في المجال العسكري داخل وخارج مصر، لدرجة ان البعض اثار تساؤلا حول ما إن كانت مصر ستدخل حرب او مواجهة عسكرية وشيكة في الفترة القادمة او ما اذا كانت في طريقها للتحول من دولة نامية الى مايوازي النمور الآسيوية او الدول العظمى، وهناك من كان رأيه مخالفا لما سبق وادّعى بأنها مجرد صفقات " سياسية " لتثبيت حكم الرئيس السيسي وزيادة شعبيته بالدولة المصرية، ووصل به الأمر للتشكيك في كفاءة الأسلحة وقدرتها على مُجابهة مالدى دولة الكيان الصهيوني، بل وتمادى البعض في وصف هذه الصفقات بأن مصر قد اشترت " التوروماي " وكأنهم قد اصبحوا فجأة محللين وخبراء عسكريين او خريجي أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية او أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية البريطانية !!
ولأن الله منّ علينا بنعمة العقل والتفكير فسنقوم بقراءة وتحليل للصفقات العسكرية التي قام بها الجيش المصري على مدار العامين الأخيرين مُحاولين ان نجيب على التساؤلات وأيضا لنرد على الافتراءات والادعاءات وبشكل علمي ومنطقي يُمثّل الواقع او يُقاربه على اقل تقدير .
- أولا إذا نظرنا للقوات الجوية فنسلاحظ أن سلاح الطيران المصري قد عانى من تجويع في الصفقات لمدة تجاوز 12 عاما منذ اخر تسليم لصفقة " مُتّجه السلام 6 Peace Vector VI " والتي تمثّلت في 24 مقاتلة F-16 Block 40، ومن بعدها بدأت العراقيل من الادارة الامريكية والضغوط السياسية للحيلولة دون حصول مصر التسليح الجوي بكامل قدراته لضمان تفوق دولة الكيان الصهيوني الدائم في هذا الشق الذي يُعتبر ذراعا طولى لها وقوتها الرئيسية الضاربة .
حتى صفقة " مُتّجه السلام 7 Peace Vector VII " عام 2009 والتي تم تسليم جزءا منها عام 2013 تمثّل في 8 مقاتلات F-16 Block 52، امتنعت الولايات المتحدة عن تسليم المتبقي منها عقب ثورة 30 يونيو واستمر التعنّت والرفض حتى بدأت الامور الى حد ما للعودة لوضعها الطبيعي حينما تم استئناف تسليم الصفقة في يوليو 2015 وقبلها تم تسليم صفقة الاباتشي كاملة في نوفمبر 2014 والتي كانت قد تم طلبها هي الاخرى في عام 2009 .
وبسبب ماحدث بعد 30 يونيو، فقد بدأت القيادة الجديدة وعلى رأسها لمشير عبد الفتاح السيسي في التخطيط والاتجاه الى تنويع مصادر التسليح لعدم تكرار ماحدث وعدم الوقوع تحت رحمة التعنت والغطرسة الأمريكية، لتبدأ جولة من المباحثات والمفاوضات مع الجانبين الروسي والفرنسي للتعاقد على مقاتلات Mig-29M2 الروسية والتي تطورت مفاوضاتها لاحقال الى الـMig-35 الى جانب مقاتلات Rafale الفرنسية .
فعندما نتحدث عن الرافال الفرنسية لن يسعنا الا القول بأنها كمقاتلة من الجيل الرابع++ ستُمثّل رأس الحربة ودُرّة التاج لسلاح الطيران المصري نظرا لما تمتلكه من قدرات تكنولوجية لم يسبق لنا الحصول عليها، والتي تتمثل اهمها في تصميمها الذي يمنحها قدرة التخفي من انظمة الكشف الرادارية والحرارية وانظمتها الدفاعية الإلكترونية ذات القدرة الفائقة على مقاومة التشويش المُكثّف بل والرد عليه بالمثل حيث تعتبر واحدة من افضل منظومات الحماية للمقاتلات في العالم، وكذلك حمولتها الخارجية الثقيلة والبالغة 9.5 طن من الوقود والذخيرة، بجانب المدى العملياتي الكبير، واخيرا وليس اخرا الحزمة التسليحية عالية التطور التي تمنحها التفوق في القتال الجوي واختراق شبكات الدفاع الجوي والانذار المبكر والقيام باختراق العمق المعادي وأيضا تنفيذ الضربات الجوية بعيدة المدى، وحقيقة فأن المجال لن يتسع لمزيد من الحديث عنها ولكن يُمكننا اجمال القول في أنها مقاتلة قادرة على القيام بأكثر من مهمة في وقت واحد مما منحها مُسمّى مقاتلة كل المهام Omnirole Fighter وليس مُجرّد متعددة مهام كباقي المقاتلات، وأكبر ميزة انها تحقق هذه المهام بعدد اقل من مثيلاتها من مقاتلات الجيل الرابع كالإف-16 والميراج-2000، وبمعنى اخر تحقيق معادلة التكنولوجيا المتقدمة مقابل العدد الاقل مما يعطينا توفيرا في تكاليف التشغيل .
القيادة المصرية عندما اختارت الرافال دونا عن باقي المقاتلات من نفس فئتها كان لعدة اسباب، اهمها ان الرافال ثُصنّع بالكامل في فرنسا بعكس مقاتلة كالتايفون تثصنّع في 4 دولا اوروبية مُختلفة منها بريطانيا والمانيا مما لا يضمن لنا ان تتعنت احداها وتتحكم في تزويدنا بأي من المكونات او التسليح الخاص بها والذي يدخل فيه مكونا امريكيا ايضا، ونفس الامر للجريبين السويدية التي تعمل بمحرك امريكي وبعض المكونات الاوروبية، وكذلك الاف-18 سوبر هورنيت الامريكية والتي لا تحتاج الى تفسير عندما نذكر اسم امريكا . واضافة الى ذلك فإن فرنسا موقفها السياسي مع مصر شديد القوة والمرونة بما يضمن الحصول على السلاح المتطور منها بدون محاظير كما هو الحال مع التسليح الامريكي، بجانب التسهيلات المالية المتمثلة في الحصول على قرض والسداد على دفعات مُيسّرة .
واذا نظرنا لمقاتلات الميج-35 الروسية فسنجد انها متعددة مهام من الجيل الرابع المتقدم او مايُعرف بالجيل الرابع++ وهي تتفوق بشدة في مهام القتال الجوي الخاصة بالاعتراض Interception والدفاع الجوي Air Defense وتمتلك رادارا حديثا وقويا قادرا على تتبع 30 هدفا والاشتباك مع 6 اهداف منهم في وقت واحد وتتزود بحزمة تسليحية مُوسّعة من صواريخ القتال الجوي خلف مدى الرؤيا Beyond Visual Range وداخل مدى الرؤيا Within Visual Range والصواريخ جو-سطح التكتيكية قصيرة المدى والصواريخ الجوالة المضادة للسفن والاهداف الارضية عالية القيمة والمُطلقة من مدايات بعيدة خارج نطاق الدفاعات الجوية Stand-off Missile، مما يُوفر للقوات الجوية المصرية تطورا نوعيا كبيرا في القدرات المذكورة وخاصة شق القتال الجوي نتيجة للحظر الامريكي على تزويد مصر بكامل تسليح وتجهيز الاف-16 بعكس المرونة الكبيرة لدى روسيا سياسيا وعسكريا والتي تتيح لنا الحصول على المقاتلة بتسليحها كاملا دون اي انتقاص .
اذا فنحن نتحدث هنا عن تكاملية في التسليح الجوي المصري مابين قدرات هجومية تعطينا ذراعا طولى لتنفيذ الضربات بعيدة المدى واختراق العمق المعادي لأي تهديد في النطاق الاقليمي، وهذا ماتحققه الرافال، ومابين قدرة دفاعية هائلة تحقق الحماية الكاملة للسماء المصرية من اية عدائيات جوية ايا كانت قوتها او فاعليتها بالاشتراك مع قوات الدفاع الجوي، وهذا ماتحققه الميج-35 .
وحين ننتقل للحديث عن التمساح الروسي او مايُعرف بـKa-52 Alligator وهي المروحية الهجومية الأولى لروسيا والتي ظهرت الانباء عن تعاقد القوات الجوية المصرية عليها بجانب الاهتمام ايضا بنسختها العاملة على متن السفن الحاملة للمروحيات، فإننا نتحدث عن اضافة نوعية جديدة وعالية الفاعلية لأسطول المروحيات الهجومية للقوات الجوية المصرية والذي كانت تمثل الاباتشي الأمريكية اساس مكوّنه الفعال حتى هذه اللحظة، مما يُحقق مبدأ التنوع في مصادر التسليح وتخفيف الضغط على مروحيات الاباتشي التي نعتمد عليها في عمليات مكافحة الارهاب في سيناء والصحراء الغربية وكذلك اعمال تأمين الملاحة في قناة السويس .
الكاموف او الكا-52 تتميز عن الاباتشي بالتكلفة الاقتصادية في التشغيل والصيانة وقدرات الرصد الراداري الاوسع نطاقا، والمناورات الحادة والقوية، والحمولة التسليحية الاكبر والتنوع الافضل في الصواريخ والذخائر، وهي ايضا تُعد المروحية الوحيدة في العالم ذات القدرة على اطلاق مقاعد الطيارين للقفز بالمظلة في حال تعرضها للاصابة او العطل الفني مما يُوفّر البقائية والسلامة لطاقمها. وعلى الرغم من تفوق الاباتشي عليها هي الاخرى في قدرات الحرب الالكترونية والتدريع وانظمة الرصد والتهديف الحرارية والطيران على ارتفاعات اكبر، الا اننا هنا لسنا بصدد المقارنة، بل بصدد الاشارة الى التكاملية بين المروحيتين بعد دمجهما سويا في مُخطط التسليح للقوات الجوية المصرية التي ستصبح القوة الجوية الوحيدة في العالم التي ستجمع بين اقوى مروحيتين هجوميتين لدى امريكا وروسيا .
كذلك ستصبح القوات الجوية المصرية الوحيدة عالميا في امتلاك 3 انواع من المقاتلات التكتيكية متعددة المهام من امريكا وفرنسا وروسيا .
- ثانيا إذا نظرنا للقوات البحرية المصرية فسنجد طفرة نوعية هائلة في تسليحها متمثلا في :
- الحصول على 4 لنشات الصواريخ الشبحية الهجومية المعروفة باسم " السفير Ambassador MK.III " المُصنّعة خصيصا لصالح مصر طبقا لمواصفات البحرية المصرية، والمسلحة بالبلوك الثاني من صواريخ هاربون الجوّالة المضادة للسفن والاهداف البرية الساحلية وانظمة الدفاع الجوي ضد الصواريخ والطائرات المقتربة، مع التجهيزات الالكترونية عالية التطور للرصد والحرب الالكترونية .
- التعاقد على غواصتين طراز Type-209 المانيتين من احدث الاصدارات بجانب غواصتين إضافيتين صدرت الموافقة والتصريح ببنائهما من قبل وزير الاقتصاد والطاقة الالماني لصالح البحرية المصرية . وبما ان الغواصات تعتبر سلاحا استراتيجيا وعالي الحساسية فقد حرصت القيادة المصرية على التعاقد على هذا النوع من الغواصات الألمانية دونا عن غيرها نظرا لتفوق التكنولوجيا الألمانية وتقدمها الشديد في هذا المجال مما ستمنح البحرية المصرية اضافة نوعية جديدة في سلاح الغواصات لديها والذي يُعد في حاجة ماسة للتحديث والتطوير في الفترة الاخيرة . هذه الغواصات تتميز ببصمة صوتية شبه صامتة وهياكل تم بناؤها بتقنيات تقلل من نسبة تعرضها للرصد من قبل انظمة السونار ووسائل الرصد المغناطيسية، بجانب امتلاكها قدرات تسليحية متطورة من الطوربيدات الثقيلة والسريعة ذات الدقة العالية في اصابة السفن، وايضا الصواريخ المُكبسلة المُضادة للسفن والمُطلقة من الاعماق .
- التعاقد على 4 كورفيتات قتالية طراز " جاويند Gowind " فرنسية الصنع شبحية التصميم ذات ازاحة بالغة 2600 طن للدفاع الساحلي ومرافقة وحماية السفن، مع نقل تكنولوجيا البناء للترسانة البحرية بالاسكندرية، حيث سيتم بناء اولها في فرنسا والثلاثة الباقية في الترسانة البحرية . وستتسلح هذه الكورفيتات بأنظمة دفاع جوي مضادة لمختلف التهديدات الجوية بما فيها الصواريخ الجوالة المُطلقة من الطائرات والسفن، وكذلك تتسلح بالبلوك الثالث من صواريخ اكسوسيت المضادة للسفن والاهداف البرية الساحلية، بجانب انظمة الرادار والرصد والحرب الالكترونية المتطورة، ولكن الاكثر اهمية هو تزويد هذه الكورفيتات بقدرات مُوسّعة لمكافحة الغواصات الحديثة ذات التصميمات القادرة على مراوغة انظمة السونار والكشف المغناطيسي . وكانت هناك منافسة شديدة بين الجاويند وفرقاطات الميكو 200 الألمانية والسيجما الهولندية ولكنها حًسمت لصالح الجاويند الفرنسي نظرا لتفوق التكنولوجيا الفرنسية وتوفر ميزة نقل تكنولوجيا البناء للترسانة البحرية بالاسكندرية، حيث تحرص البحرية المصرية على نقل تقنيات بناء السفن واللنشات وزوارق الدورية والتدخل السريع لقيام صناعة بحرية وطنية محترمة مستقبلا توفر معظم احتياجات القوات البحرية الاساسية .
- التعاقد على فرقاطة شبحية طراز " فريم FREMM " والتي تم تسميتها بـ" تحيا مصر " وتالقت في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة . وتُمثّل هذه الفرقاطة اضافة نوعية جديدة في تسليح القوات البحرية المصرية نظرها لقدرتها الهائلة في مجال الحرب الالكترونية والرصد ومكافحة الغواصات، نظرا لامتلاكها احدث واقوى انظمة السونار السلبي والنشط لتتبع ومكافحة الغواصات، بالاضافة لقدرات الدفاع الجوي الاكثر توسّعا من كورفيتات الجاويند، والاهم هو التصميم الشبحي الفريد من نوعه والذي يساعد على تقليل فرص الرصد من الرادار وانظمة السونار وكذلك الرصد البصري والحراري، حيث تميزت فرنسا بأن كان لها السبق في تصميم وانتاج اول فرقاطة شبحية في العالم في التسعينيات، وهي الفرقاطة لافايت والتي تمتلكها البحرية السعودية الشقيقة .
وبما اننا نتحدث عن القوات البحرية، فلا يُمكننا اغفال تسليط الضوء على الصفقة المُرتقبة وشديدة الأهمية والمُتمثلة في سفينتي الانزال البرمائي الحاملتين للمروحيات طراز ميسترال، والتي تجري المفاوضات عليها الان طبقا للمصادر الفرنسية التي ذكرت وجود وفدا عسكريا مصريا رفيع المستوى في باريس للتفاوض على شرائهما .
ان الميسترال تُصنّف كسفينة هجوم برمائي Amphibious Assault Ship والقادرة على حمل 16 مروحية ثقيلة بجانب قدراتها الاساسية على حمل الدبابات والمدرعات والجنود او تحويلها الى مستشفى ميداني او مركز قيادة للعمليات، وبالتالي تثمثّل ذراعا طولى للبحرية المصرية للقيام بعمليات الهجوم والانزال البرمائي الساحلي في مناطق العمليات وفي مدايات بعيدة تصل الى آلاف الاميال البحرية، بخلاف ان هذه النوعية من السفن والتي ستحصل عليها البحرية المصرية -في حال ان تمت الصفقة- ستُمثّل ابرازا واستعراضا هائلا للقوة Power Projection في النطاق الاقليمي، بل ويُمكن استخدامها ايضا في تكتيكات حماية حقول الغاز البحرية داخل المياه الاقليمية المصرية بتمركزها في عرض البحر مع مجموعة من السفن القتالية وانطلاق المروحيات القتالية البحرية من عليها لأعمال الدورية والتصدي لأية انشطة عدائية او ارهابية للتأكيد على قوة الدولة المصرية وقدرتها على حماية مصالحها الاقتصادية في اي مكان، واخيار ستوفر هذه السفن ميزة نقل عدد كبير منقوات التدخل السريع او ايا كانت القوات التي يمكن ان تشارك ضمن القوة العربية المشتركة في اية عمليات محتملة في اليمن او ليبيا، وخاصة أنها ستكون المرة الاولى التي تمتلك فيها البحرية المصرية سفناً بهكذا ازاحة هائلة تصل الى 22 الف طن .
بعد ان سردنا سويا مُلخصا سريعا عن اهم الصفقات البحرية والجوية للجيش المصري ومما قرأناه سنجد ان القيادة العسكرية والسياسية المصرية لا تبحث الا عما هو افضل وانسب لجيش في حجم ومكانة الجيش المصري، وليس لأجل تثبيت حكم او بحث عن شعبية كما يدّعي البعض من مرضى النفوس والعقول . اننا عندما نتحدث عن جيش بحجم الجيش المصري يبلغ قوامه نصف مليون مقاتل بجانب مليون اخرين من الاحتياط فعلينا ان ندرك ان هذا الكم من الصفقات ماهو الا مُجرّد بداية في مُخطّط عام وشامل للتسليح والتطوير ورفع الكفاء القتالية لمُسايرة التطور الهائل والسريع في نظم التسليح والقتال العالمية، وكذلك الارتقاء لمراحل مُتقدمة من القوة العسكرية القادرة على مُجابهة التحديات والتهديدات المُحيطة سواء في الشمال الشرقي او الشمال او الغرب او الجنوب، وخاصة مع التحسن الاقتصادي المُقبل في ظل المشاريع العملاقة وظهور موارد اقتصادية جديدة كالاكتشافات الاخيرة في الغاز الطبيعي، فكلها عوامل تجعل هناك حاجة ماسة لزيادة قدرة القوات المسلحة على حماية الأمن القومي والمصالح الاقتصادية للدولة، فالاقتصاد القوي والموارد لابد لهما من قوة عسكرية تحميهما وتردع كل من تسول له نفسه مجرّد التفكير في المساس بهما .
ان القيادة السياسية والعسكرية المصرية لن يهدأ لها بالا ابدا الا بعد ان تضع الجيش المصري في مصاف الجيوش العُظمى في العالم، مع التأكيد على ان القوة العسكرية المصرية هي قوة سلام ودفاع وحماية للأمن القومي المصري وليست بالمُعتدية او ذات الاطماع العسكرية والسياسية .
عاشت مصر بشعبها وجيشها حرة ابية مستقلة .. وتحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر ..
Thunderbolt
ولأن الله منّ علينا بنعمة العقل والتفكير فسنقوم بقراءة وتحليل للصفقات العسكرية التي قام بها الجيش المصري على مدار العامين الأخيرين مُحاولين ان نجيب على التساؤلات وأيضا لنرد على الافتراءات والادعاءات وبشكل علمي ومنطقي يُمثّل الواقع او يُقاربه على اقل تقدير .
- أولا إذا نظرنا للقوات الجوية فنسلاحظ أن سلاح الطيران المصري قد عانى من تجويع في الصفقات لمدة تجاوز 12 عاما منذ اخر تسليم لصفقة " مُتّجه السلام 6 Peace Vector VI " والتي تمثّلت في 24 مقاتلة F-16 Block 40، ومن بعدها بدأت العراقيل من الادارة الامريكية والضغوط السياسية للحيلولة دون حصول مصر التسليح الجوي بكامل قدراته لضمان تفوق دولة الكيان الصهيوني الدائم في هذا الشق الذي يُعتبر ذراعا طولى لها وقوتها الرئيسية الضاربة .
حتى صفقة " مُتّجه السلام 7 Peace Vector VII " عام 2009 والتي تم تسليم جزءا منها عام 2013 تمثّل في 8 مقاتلات F-16 Block 52، امتنعت الولايات المتحدة عن تسليم المتبقي منها عقب ثورة 30 يونيو واستمر التعنّت والرفض حتى بدأت الامور الى حد ما للعودة لوضعها الطبيعي حينما تم استئناف تسليم الصفقة في يوليو 2015 وقبلها تم تسليم صفقة الاباتشي كاملة في نوفمبر 2014 والتي كانت قد تم طلبها هي الاخرى في عام 2009 .
وبسبب ماحدث بعد 30 يونيو، فقد بدأت القيادة الجديدة وعلى رأسها لمشير عبد الفتاح السيسي في التخطيط والاتجاه الى تنويع مصادر التسليح لعدم تكرار ماحدث وعدم الوقوع تحت رحمة التعنت والغطرسة الأمريكية، لتبدأ جولة من المباحثات والمفاوضات مع الجانبين الروسي والفرنسي للتعاقد على مقاتلات Mig-29M2 الروسية والتي تطورت مفاوضاتها لاحقال الى الـMig-35 الى جانب مقاتلات Rafale الفرنسية .
فعندما نتحدث عن الرافال الفرنسية لن يسعنا الا القول بأنها كمقاتلة من الجيل الرابع++ ستُمثّل رأس الحربة ودُرّة التاج لسلاح الطيران المصري نظرا لما تمتلكه من قدرات تكنولوجية لم يسبق لنا الحصول عليها، والتي تتمثل اهمها في تصميمها الذي يمنحها قدرة التخفي من انظمة الكشف الرادارية والحرارية وانظمتها الدفاعية الإلكترونية ذات القدرة الفائقة على مقاومة التشويش المُكثّف بل والرد عليه بالمثل حيث تعتبر واحدة من افضل منظومات الحماية للمقاتلات في العالم، وكذلك حمولتها الخارجية الثقيلة والبالغة 9.5 طن من الوقود والذخيرة، بجانب المدى العملياتي الكبير، واخيرا وليس اخرا الحزمة التسليحية عالية التطور التي تمنحها التفوق في القتال الجوي واختراق شبكات الدفاع الجوي والانذار المبكر والقيام باختراق العمق المعادي وأيضا تنفيذ الضربات الجوية بعيدة المدى، وحقيقة فأن المجال لن يتسع لمزيد من الحديث عنها ولكن يُمكننا اجمال القول في أنها مقاتلة قادرة على القيام بأكثر من مهمة في وقت واحد مما منحها مُسمّى مقاتلة كل المهام Omnirole Fighter وليس مُجرّد متعددة مهام كباقي المقاتلات، وأكبر ميزة انها تحقق هذه المهام بعدد اقل من مثيلاتها من مقاتلات الجيل الرابع كالإف-16 والميراج-2000، وبمعنى اخر تحقيق معادلة التكنولوجيا المتقدمة مقابل العدد الاقل مما يعطينا توفيرا في تكاليف التشغيل .
القيادة المصرية عندما اختارت الرافال دونا عن باقي المقاتلات من نفس فئتها كان لعدة اسباب، اهمها ان الرافال ثُصنّع بالكامل في فرنسا بعكس مقاتلة كالتايفون تثصنّع في 4 دولا اوروبية مُختلفة منها بريطانيا والمانيا مما لا يضمن لنا ان تتعنت احداها وتتحكم في تزويدنا بأي من المكونات او التسليح الخاص بها والذي يدخل فيه مكونا امريكيا ايضا، ونفس الامر للجريبين السويدية التي تعمل بمحرك امريكي وبعض المكونات الاوروبية، وكذلك الاف-18 سوبر هورنيت الامريكية والتي لا تحتاج الى تفسير عندما نذكر اسم امريكا . واضافة الى ذلك فإن فرنسا موقفها السياسي مع مصر شديد القوة والمرونة بما يضمن الحصول على السلاح المتطور منها بدون محاظير كما هو الحال مع التسليح الامريكي، بجانب التسهيلات المالية المتمثلة في الحصول على قرض والسداد على دفعات مُيسّرة .
واذا نظرنا لمقاتلات الميج-35 الروسية فسنجد انها متعددة مهام من الجيل الرابع المتقدم او مايُعرف بالجيل الرابع++ وهي تتفوق بشدة في مهام القتال الجوي الخاصة بالاعتراض Interception والدفاع الجوي Air Defense وتمتلك رادارا حديثا وقويا قادرا على تتبع 30 هدفا والاشتباك مع 6 اهداف منهم في وقت واحد وتتزود بحزمة تسليحية مُوسّعة من صواريخ القتال الجوي خلف مدى الرؤيا Beyond Visual Range وداخل مدى الرؤيا Within Visual Range والصواريخ جو-سطح التكتيكية قصيرة المدى والصواريخ الجوالة المضادة للسفن والاهداف الارضية عالية القيمة والمُطلقة من مدايات بعيدة خارج نطاق الدفاعات الجوية Stand-off Missile، مما يُوفر للقوات الجوية المصرية تطورا نوعيا كبيرا في القدرات المذكورة وخاصة شق القتال الجوي نتيجة للحظر الامريكي على تزويد مصر بكامل تسليح وتجهيز الاف-16 بعكس المرونة الكبيرة لدى روسيا سياسيا وعسكريا والتي تتيح لنا الحصول على المقاتلة بتسليحها كاملا دون اي انتقاص .
اذا فنحن نتحدث هنا عن تكاملية في التسليح الجوي المصري مابين قدرات هجومية تعطينا ذراعا طولى لتنفيذ الضربات بعيدة المدى واختراق العمق المعادي لأي تهديد في النطاق الاقليمي، وهذا ماتحققه الرافال، ومابين قدرة دفاعية هائلة تحقق الحماية الكاملة للسماء المصرية من اية عدائيات جوية ايا كانت قوتها او فاعليتها بالاشتراك مع قوات الدفاع الجوي، وهذا ماتحققه الميج-35 .
وحين ننتقل للحديث عن التمساح الروسي او مايُعرف بـKa-52 Alligator وهي المروحية الهجومية الأولى لروسيا والتي ظهرت الانباء عن تعاقد القوات الجوية المصرية عليها بجانب الاهتمام ايضا بنسختها العاملة على متن السفن الحاملة للمروحيات، فإننا نتحدث عن اضافة نوعية جديدة وعالية الفاعلية لأسطول المروحيات الهجومية للقوات الجوية المصرية والذي كانت تمثل الاباتشي الأمريكية اساس مكوّنه الفعال حتى هذه اللحظة، مما يُحقق مبدأ التنوع في مصادر التسليح وتخفيف الضغط على مروحيات الاباتشي التي نعتمد عليها في عمليات مكافحة الارهاب في سيناء والصحراء الغربية وكذلك اعمال تأمين الملاحة في قناة السويس .
الكاموف او الكا-52 تتميز عن الاباتشي بالتكلفة الاقتصادية في التشغيل والصيانة وقدرات الرصد الراداري الاوسع نطاقا، والمناورات الحادة والقوية، والحمولة التسليحية الاكبر والتنوع الافضل في الصواريخ والذخائر، وهي ايضا تُعد المروحية الوحيدة في العالم ذات القدرة على اطلاق مقاعد الطيارين للقفز بالمظلة في حال تعرضها للاصابة او العطل الفني مما يُوفّر البقائية والسلامة لطاقمها. وعلى الرغم من تفوق الاباتشي عليها هي الاخرى في قدرات الحرب الالكترونية والتدريع وانظمة الرصد والتهديف الحرارية والطيران على ارتفاعات اكبر، الا اننا هنا لسنا بصدد المقارنة، بل بصدد الاشارة الى التكاملية بين المروحيتين بعد دمجهما سويا في مُخطط التسليح للقوات الجوية المصرية التي ستصبح القوة الجوية الوحيدة في العالم التي ستجمع بين اقوى مروحيتين هجوميتين لدى امريكا وروسيا .
كذلك ستصبح القوات الجوية المصرية الوحيدة عالميا في امتلاك 3 انواع من المقاتلات التكتيكية متعددة المهام من امريكا وفرنسا وروسيا .
- ثانيا إذا نظرنا للقوات البحرية المصرية فسنجد طفرة نوعية هائلة في تسليحها متمثلا في :
- الحصول على 4 لنشات الصواريخ الشبحية الهجومية المعروفة باسم " السفير Ambassador MK.III " المُصنّعة خصيصا لصالح مصر طبقا لمواصفات البحرية المصرية، والمسلحة بالبلوك الثاني من صواريخ هاربون الجوّالة المضادة للسفن والاهداف البرية الساحلية وانظمة الدفاع الجوي ضد الصواريخ والطائرات المقتربة، مع التجهيزات الالكترونية عالية التطور للرصد والحرب الالكترونية .
- التعاقد على غواصتين طراز Type-209 المانيتين من احدث الاصدارات بجانب غواصتين إضافيتين صدرت الموافقة والتصريح ببنائهما من قبل وزير الاقتصاد والطاقة الالماني لصالح البحرية المصرية . وبما ان الغواصات تعتبر سلاحا استراتيجيا وعالي الحساسية فقد حرصت القيادة المصرية على التعاقد على هذا النوع من الغواصات الألمانية دونا عن غيرها نظرا لتفوق التكنولوجيا الألمانية وتقدمها الشديد في هذا المجال مما ستمنح البحرية المصرية اضافة نوعية جديدة في سلاح الغواصات لديها والذي يُعد في حاجة ماسة للتحديث والتطوير في الفترة الاخيرة . هذه الغواصات تتميز ببصمة صوتية شبه صامتة وهياكل تم بناؤها بتقنيات تقلل من نسبة تعرضها للرصد من قبل انظمة السونار ووسائل الرصد المغناطيسية، بجانب امتلاكها قدرات تسليحية متطورة من الطوربيدات الثقيلة والسريعة ذات الدقة العالية في اصابة السفن، وايضا الصواريخ المُكبسلة المُضادة للسفن والمُطلقة من الاعماق .
- التعاقد على 4 كورفيتات قتالية طراز " جاويند Gowind " فرنسية الصنع شبحية التصميم ذات ازاحة بالغة 2600 طن للدفاع الساحلي ومرافقة وحماية السفن، مع نقل تكنولوجيا البناء للترسانة البحرية بالاسكندرية، حيث سيتم بناء اولها في فرنسا والثلاثة الباقية في الترسانة البحرية . وستتسلح هذه الكورفيتات بأنظمة دفاع جوي مضادة لمختلف التهديدات الجوية بما فيها الصواريخ الجوالة المُطلقة من الطائرات والسفن، وكذلك تتسلح بالبلوك الثالث من صواريخ اكسوسيت المضادة للسفن والاهداف البرية الساحلية، بجانب انظمة الرادار والرصد والحرب الالكترونية المتطورة، ولكن الاكثر اهمية هو تزويد هذه الكورفيتات بقدرات مُوسّعة لمكافحة الغواصات الحديثة ذات التصميمات القادرة على مراوغة انظمة السونار والكشف المغناطيسي . وكانت هناك منافسة شديدة بين الجاويند وفرقاطات الميكو 200 الألمانية والسيجما الهولندية ولكنها حًسمت لصالح الجاويند الفرنسي نظرا لتفوق التكنولوجيا الفرنسية وتوفر ميزة نقل تكنولوجيا البناء للترسانة البحرية بالاسكندرية، حيث تحرص البحرية المصرية على نقل تقنيات بناء السفن واللنشات وزوارق الدورية والتدخل السريع لقيام صناعة بحرية وطنية محترمة مستقبلا توفر معظم احتياجات القوات البحرية الاساسية .
- التعاقد على فرقاطة شبحية طراز " فريم FREMM " والتي تم تسميتها بـ" تحيا مصر " وتالقت في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة . وتُمثّل هذه الفرقاطة اضافة نوعية جديدة في تسليح القوات البحرية المصرية نظرها لقدرتها الهائلة في مجال الحرب الالكترونية والرصد ومكافحة الغواصات، نظرا لامتلاكها احدث واقوى انظمة السونار السلبي والنشط لتتبع ومكافحة الغواصات، بالاضافة لقدرات الدفاع الجوي الاكثر توسّعا من كورفيتات الجاويند، والاهم هو التصميم الشبحي الفريد من نوعه والذي يساعد على تقليل فرص الرصد من الرادار وانظمة السونار وكذلك الرصد البصري والحراري، حيث تميزت فرنسا بأن كان لها السبق في تصميم وانتاج اول فرقاطة شبحية في العالم في التسعينيات، وهي الفرقاطة لافايت والتي تمتلكها البحرية السعودية الشقيقة .
وبما اننا نتحدث عن القوات البحرية، فلا يُمكننا اغفال تسليط الضوء على الصفقة المُرتقبة وشديدة الأهمية والمُتمثلة في سفينتي الانزال البرمائي الحاملتين للمروحيات طراز ميسترال، والتي تجري المفاوضات عليها الان طبقا للمصادر الفرنسية التي ذكرت وجود وفدا عسكريا مصريا رفيع المستوى في باريس للتفاوض على شرائهما .
ان الميسترال تُصنّف كسفينة هجوم برمائي Amphibious Assault Ship والقادرة على حمل 16 مروحية ثقيلة بجانب قدراتها الاساسية على حمل الدبابات والمدرعات والجنود او تحويلها الى مستشفى ميداني او مركز قيادة للعمليات، وبالتالي تثمثّل ذراعا طولى للبحرية المصرية للقيام بعمليات الهجوم والانزال البرمائي الساحلي في مناطق العمليات وفي مدايات بعيدة تصل الى آلاف الاميال البحرية، بخلاف ان هذه النوعية من السفن والتي ستحصل عليها البحرية المصرية -في حال ان تمت الصفقة- ستُمثّل ابرازا واستعراضا هائلا للقوة Power Projection في النطاق الاقليمي، بل ويُمكن استخدامها ايضا في تكتيكات حماية حقول الغاز البحرية داخل المياه الاقليمية المصرية بتمركزها في عرض البحر مع مجموعة من السفن القتالية وانطلاق المروحيات القتالية البحرية من عليها لأعمال الدورية والتصدي لأية انشطة عدائية او ارهابية للتأكيد على قوة الدولة المصرية وقدرتها على حماية مصالحها الاقتصادية في اي مكان، واخيار ستوفر هذه السفن ميزة نقل عدد كبير منقوات التدخل السريع او ايا كانت القوات التي يمكن ان تشارك ضمن القوة العربية المشتركة في اية عمليات محتملة في اليمن او ليبيا، وخاصة أنها ستكون المرة الاولى التي تمتلك فيها البحرية المصرية سفناً بهكذا ازاحة هائلة تصل الى 22 الف طن .
بعد ان سردنا سويا مُلخصا سريعا عن اهم الصفقات البحرية والجوية للجيش المصري ومما قرأناه سنجد ان القيادة العسكرية والسياسية المصرية لا تبحث الا عما هو افضل وانسب لجيش في حجم ومكانة الجيش المصري، وليس لأجل تثبيت حكم او بحث عن شعبية كما يدّعي البعض من مرضى النفوس والعقول . اننا عندما نتحدث عن جيش بحجم الجيش المصري يبلغ قوامه نصف مليون مقاتل بجانب مليون اخرين من الاحتياط فعلينا ان ندرك ان هذا الكم من الصفقات ماهو الا مُجرّد بداية في مُخطّط عام وشامل للتسليح والتطوير ورفع الكفاء القتالية لمُسايرة التطور الهائل والسريع في نظم التسليح والقتال العالمية، وكذلك الارتقاء لمراحل مُتقدمة من القوة العسكرية القادرة على مُجابهة التحديات والتهديدات المُحيطة سواء في الشمال الشرقي او الشمال او الغرب او الجنوب، وخاصة مع التحسن الاقتصادي المُقبل في ظل المشاريع العملاقة وظهور موارد اقتصادية جديدة كالاكتشافات الاخيرة في الغاز الطبيعي، فكلها عوامل تجعل هناك حاجة ماسة لزيادة قدرة القوات المسلحة على حماية الأمن القومي والمصالح الاقتصادية للدولة، فالاقتصاد القوي والموارد لابد لهما من قوة عسكرية تحميهما وتردع كل من تسول له نفسه مجرّد التفكير في المساس بهما .
ان القيادة السياسية والعسكرية المصرية لن يهدأ لها بالا ابدا الا بعد ان تضع الجيش المصري في مصاف الجيوش العُظمى في العالم، مع التأكيد على ان القوة العسكرية المصرية هي قوة سلام ودفاع وحماية للأمن القومي المصري وليست بالمُعتدية او ذات الاطماع العسكرية والسياسية .
عاشت مصر بشعبها وجيشها حرة ابية مستقلة .. وتحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر ..
Thunderbolt