الدرع الصاروخى الذى اطاح بابو غزالة

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,255 0 0
7osny.jpg

كان أبو غزالة شريكاً في السلطة

وبدا مألوفاً أن يستقبل رؤساء وسفراء أجانب ويدير جانباً من السياسة المصرية في أهم الملفات الإقليمية وقتها، ويصرح لوسائل الإعلام حول الموقف من مختلف القضايا العسكرية وغير العسكرية، ويسافر إلى الخارج لعقد مباحثات ومفاوضات مع دول العالم باسم مصر

وأشرف أبو غزالة على التصنيع الحربي. وبالإضافة إلى المصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع فقد وقف وراء إنشاء مصانع وزارة الدفاع، ومنها مصنع 200 الخاص بتجميع الدبابة إبرامز أ1، ومصنع 99 المتقدم. ومع اندلاع المقاومة الأفغانية للغزو السوفيتي، واندلاع الحرب العراقية الإيرانية، ازدهر الإنتاج الحربي لمصر في عهد أبو غزالة لتتعدى صادرات مصر العسكرية بليون دولار عام 1984

والشيء المؤكد أن هذه المشروعات المختلفة والخدمات المتنوعة للعسكريين والمدنيين على حد سواء زادت من رصيد وشعبية المشير أبو غزالة، الذي اعتمد على جاذبيته الشخصية وحضوره الطاغي إلى جانب دهائه السياسي في زيادة مساحة هذه الشعبية داخلياً، وتعزيز شبكة السلطة الأبوية التي أقامها في مواقع مختلفة من الحياة المدنية والعسكرية
وأبو غزالة كان أقوى المرشحين لمنصب نائب الرئيس

وقد سُئِلَ منذ سنواتٍ طويلة عن ذلك، فقال: "إن من الصعب شغل هذا المنصب الشاغر إلا بعد عمرٍ طويل". ومرت سنوات أخرى على هذه الإجابة، من دون أن يٌعيَن نائباً للرئيس. على أن إجابة المشير كانت توحي بالثقة في أن هذا المنصب لن يكون من نصيب أي شخص غيره، ولو بعد حين

لكن هذه الثقة دخلت غرفة الإنعاش بمجرد أن ترك أبو غزالة وزارة الدفاع، ثم تبخرت تماماً بعد خروجه من منصب مساعد رئيس الجمهورية

وسبقت ذلك الخروج مؤشراتٌ ظلت كالبخار المكتوم، عن خلافاتٍ بين الرئيس والمشير، جعلت مبارك يتخلى تدريجياً عن حذره الريفي ويضيق ذرعاً بصديقه القديم

مصور الرؤساء فاروق إبراهيم عمل مع الرئيس مبارك لفترة قصيرة كمصور خاص للرئاسة عقب منع مصوري الصحف من الاقتراب من الرئيس. وكما يقول فاروق إبراهيم، فقد منع مصورو الصحف بعد نشر جريدة "الأهرام" صورة للرئيس مبارك مع المشير أبو غزالة يبدو منها أن هناك تشاحناً بينهما، وأثارت الصورة وقتها ضجة كبيرة

والمؤكد أن الرئيس مبارك نفى حينها أي أصل لقصة الصراع بينه وبين أبو غزالة، كما فعل في حوار مع مجلة "الصياد" اللبنانية عام 1986 حين قال: "هذا كلام فارغ.. وأنا أسمعه.. من قال إنني لا أسمع به.. أسمعه وأضحك.. مصر دولة لها مؤسساتها.. أنا الذي أصدر الأمر للجيش، وفي الخارج يقولون خلافات، طبعاً يزيدون في الخلافات ويقولون إنها عميقة بين الرئيس ووزير دفاعه المشير.. لكن الكلام ده كله ماباكلش منه حتي لو كتبوا كل يوم عشر صفحات"، أو كما قال قبلها في حوار مع "التضامن" اللندنية عام 1983 : "المشير أبو غزالة هو أحد أبطال حرب أكتوبر وهو وزير الدفاع وليس عليه أي غبار". ويمكنك توقع حقيقة ما آلت إليه العلاقة بين الرجلين فعلاً عندما تقرأ في الحوار نفسه أن الرئيس "متشدد في التعامل مع أولاده لحساب الموقع العام الذي يشغله.. إلى الحد الذي لا يعرف فيه أحد حتى أسماءهم"، وهو ما فسره مبارك بـ"أننا أسرة محافظة لا نحب الدعاية"
Alaa Gamal and Adel Imam.jpg

طبعاً، الأيام دارت، ليعرف المصريون جيداً اسم نجلي مبارك: علاء وجمال

نعود إلى أبو غزالة، لنتساءل: كيف خرج الرجل القوي من منصبه المؤثر بهدوء ودون ضجيج، بعد أن ذهب محللون بعيداً، ظناً منهم أن المشير في طريقه إلى درجةٍ وربما درجات أعلى، وليس إلى التقهقر والتراجع والانزواء عن الأضواء، بعد سنواتٍ من المجد والشعبية الكبيرة

الأجدر بنا أن نتابع سرد الأحداث وفق تسلسلها التدريجي لتوضيح أبعاد هذا التطور المفاجىء الذي أوقف قطار نجومية المشير عند محطة وزير الدفاع

يمكن القول أن أبو غزالة كان أقوى شخصية في مصر حتى 16 إبريل نيسان 1989 عندما قرر الرئيس حسني مبارك إعفاءه من منصبه، وتعيينه مساعداً لرئيس الجمهورية، وهو القرار الذي أسال الكثير من الحبر. ولكن أبو غزالة اعتصم بالصمت، بالرغم من أن العديد من المراقبين رأوا أن الرئيس مبارك أصبح يخشى على نفسه من شعبية أبو غزالة المتعاظمة داخل القوات المسلحة، وأيضاً في الشارع المصري، وخاصة بعد أحداث قوات الأمن المركزي، ومهاجمتهم منشآت وكازينوهات شارع الهرم في فبراير شباط 1986، ما استدعى تدخل القوات المسلحة للسيطرة على الموقف
Three Sadat Mubarak Abu Ghazala.jpg

غير أن هناك من يرى أن سبب إقالة أبو غزالة هو تمرده على الولايات المتحدة

إذ إن أبو غزالة سعى إلى تطوير برنامج الصواريخ المصري، ولم يتورع منذ 15 فبراير شباط 1984 عن الدخول في برنامج تطوير صاروخ "بدر 2000" أو "كوندور 2" البعيد المدى بالتعاون مع العراق والأرجنتين

وتحدثت تقارير صحفية غربية حينها عن صلةٍ ما لأبو غزالة بمحاولات الحصول على تكنولوجيا الصواريخ الأميركية بطريقةٍ تخالف قوانين حظر التصدير الأميركية، وخصوصاً بعد إلقاء القبض على عالم الصواريخ عبد القادر حلمي عام 1988
ففي 24 يونيو حزيران 1988، اعتقلت أجهزة الأمن المعنية في كاليفورنيا عالم الصواريخ الأمريكي المصري عبد القادر حلمي بتهمة تجنيده من قِبل المشير عبد الحليم أبو غزالة للحصول على مواد محظورة لبرنامج الصاروخ المصري"بدر 2000" المعروف في العراق باسم "سعد 16" وفي الأرجنتين باسم "كوندور 2"

وعبد القادر حلمي المولود في قرية الأشمونين في ملوي بمحافظة المنيا في 10 فبراير شباط 1948، كان ضمن العشرة الأوائل في الثانوية العامة في مصر. التحق بالكلية الفنية العسكرية وتخصص في دراسة الهندسة النووية والكيميائية وتخرج عام 1970 وانخرط في خدمة القوات المسلحة المصرية. حصل على الماجستير في الهندسة الكيميائية بامتياز وسافر بعدها للحصول على الدكتوراه في الهندسة الكيميائية في تخصص دقيق (مكونات الصواريخ). وبالفعل نال الدكتوراه بامتياز وكان لبحوثه بالغ الأثر في تطوير أداء وقدرة الصواريخ المصرية في حرب أكتوبر 1973
استقال عبد القادر حلمي من خدمة القوات المسلحة عام 1975 وعمل في الهيئة العربية للتصنيع لمدة ثلاث سنوات سافر بعدها إلى كندا ليعمل في مجال التصنيع الحربي

وبعد ستة شهور سافر إلى الولايات المتحدة وتدرج في المناصب هناك، حتى أصبح مهندس صواريخ يحمل تصريحاً أمنياً رفيع المستوى من وزارة الدفاع الأمريكية بدخول مواقع ومنشآت عسكرية


اتُهِمَ حلمي بالعمل على تصدير مواد صواريخ أمريكية محظورة إلى مصر، وحوكِمَ بتهمة تحميل غير قانوني لشحنة
ألياف كربونية " كربون كربون" - التي تستخدم في صناعة مقدمة الصواريخ وتلعب دوراً في تقليل البصمة الرادارية للصاروخ وأيضاً زيادة دقته في إصابة هدفه- على متن طائرة نقل عسكرية متجهة إلى القاهرة

دعونا نقرأ تفاصيل تقرير – ننشره لأول مرةٍ مترجماً إلى اللغة العربية- لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية صدر في العاصمة الأمريكية واشنطن في 19 سبتمبر أيلول 1988، ووصل إلى المدعي الأمريكي في منطقة شرق كاليفورنيا، كما نوقش أثناء محاكمة حلمي

"إن وزارة الدفاع المصرية، بالتعاون مع ممولين من العراق، تعاقدت مع الأرجنتين لإنتاج صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس حربية وزنها 500 كيلوغرام ويصل مداها إلى 1000 كيلومتر. وهذا الصاروخ يشار إليه عادة على أنه الصاروخ "كوندور". ويستوفي الصاروخ كوندور الحد الأدنى من المعايير المنصوص عليها في الفئة 1 من نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ (MTCR)

"ويخضع برنامج كوندور لرصدٍ دقيق من جانب الدول السبع الأعضاء في نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ المتحدة (الولايات المتحدة، جمهورية ألمانيا الاتحادية، فرنسا، كندا ، بريطانيا العظمى، إيطاليا واليابان) وهي المسؤولة عن مراقبة أنشطة انتشار الصواريخ في جميع أنحاء العالم. وهذا الصاروخ تحديداً، من شأنه أن يمثل تحسناً كبيراً في الوقت الراهن للقدرات الصاروخية المتوقعة لمصر. وترى وكالة الاستخبارات الدفاعية أن حلمي كان يشتري هذه المواد للصاروخ كوندور"

التقرير الذي أعده مايكل هيغنز محلل استخبارات الأمن التكنولوجي، كان واضحاً في تفسير ما جرى

"برنامج الصاروخ كوندور قائم منذ عام 1984 على الأقل. وقد كان التقدم بطيئاً ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم وجود التكنولوجيا الأصلية، والحاجة إلى الحصول خفيةً على التكنولوجيا والمواد التي تستخدم في إنتاج الصواريخ الباليستية في الخارج. وتتفق أنشطه الدكتور حلمي مع الأنشطة المرصودة، التي ترعاها مصر والعراق، لتسهيل إنتاج الصاروخ كوندور. ومن دون أنشطة الدكتور حلمي والمتآمرين معه في شراء التكنولوجيا المحظورة، فإن استكمال برنامج الصاروخ كوندور أمرٌ مشكوك فيه. إن الاستعداد الواضح للدكتور حلمي لتوفير موادَ خطيرةٍ لازمةٍ لإنتاج الصاروخ كوندور كان من المهم للأهداف المرسومة على المدى الطويل لإنتاج قدرات صاروخية أصلية بعيدة المدى في الأرجنتين ومصر والعراق

"إن وكالة الاستخبارات الدفاعية تعتقد أن إدخال صواريخ باليستية، قادرة على حمل رؤوس تقليدية أو كيميائية أو رؤوس حربية نووية، سواء إلى مصر أو العراق، من شأنه ان يزيد من حدة التوترات الإقليمية ويضيف مزيدا من الوقود إلى سباق التسلح الإقليمي. إن إسرائيل وإيران، اللتين ُنظر إليهما كخصمين لمصر والعراق، سوف تستجيبان بالتأكيد لامتلاك هذه التقنيات بتصعيد في المواقف، من خلال دراسة توجيه ضربات استباقية، والبدء أو التعجيل في برامج الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، أو امتلاك عددٍ مساوٍ أو أكبر من الصواريخ الباليستية. إن عدم الاستقرار الإقليمي الذي كان يمكن أن تتسبب فيه أنشطة د. حلمي، كان سيضر المصالح الأمريكية وجهود السلام في المنطقة"

وبعد ذلك بعام، اعترف حلمي بأنه مذنبٌ في تهمة واحدة هي التصدير غير القانوني لنحو 420 رطلاً من الألياف الكربونية. تمسكت الحكومة المصرية بالحصانة الدبلوماسية لحلمي، إلا أن القضاء الأمريكي حـكم عليه في يونيو حزيران 1989 بالسجن لمدة 46 شهراً وبغرامة قدرها 350,000 دولار. كما صودر من حساباته معظم المليون دولار التي قال الإدعاء إنها كانت دفعات أرسلت له من ضباط الاستخبارات المصرية عن طريق بنوك سويسرية. جيمس هوفمان، زميل حلمي الذي ساعد على التصدير، حـُكِمَ عليه بالسجن 41 شهراً وبغرامة 7,500 دولار
القاضي الذي حكم في القضية في كاليفورنيا، وصف مخطط حلمي للحصول على مواد حساسة لصناعة الصواريخ الأمريكية بأنه "مؤامرة كبيرة ومعقدة ومتداخلة" طورتها مصر بدعم مالي من العراق
أثارت هذه الخطوة حفيظة الدوائر الغربية وقلقها، رغم أن المشارك فيها نيابة عن مصر يُوصف بأنه أوثق حلفاء الولايات المتحدة في بلاده. وبدأت بعض الصحف الأميركية في أكتوبر تشرين أول 1988 حملة على أبو غزالة عكست قلق الإدارة الأميركية من طموحاته التسليحية. يُذكر أنه في 11 يوليو تموز 1988، ألغت وزارة الدفاع المصرية رسمياً تعاقدها مع شركة IFAT – المتخصصة في التكنولوجيا العسكرية، ومقرها زوغ في سويسرا- ثم انسحبت في فترة ما بين عامي 1989 و1990 من مشروع التعاون مع العراق والأرجنتين في مجال تكنولوجيا الصواريخ، وهو ما سجلته تقارير ومجلات عسكرية متخصصة، ومنها على سبيل المثال

"Egypt 'Has Pulled Out of Condor Program'," Jane's Defense Weekly, 30 September 1989, p. 630
Ottaway, David B. "Egypt Drops Out of Missile Project; State Department Official Offers No Details on Iraqi Program." Washington Post, September 20, 1989, p. A32


المفاجأة أن الرئيس مبارك لم يكن يعرف شيئاً عن تفاصيل هذه العملية التي بسببها انقلبت الولايات المتحدة على أبو غزالة بشكل كامل
Muarak Bush 1990.jpg

وعندما كان مبارك يزور واشنطن في عام 1989 اصطحبه الرئيس بوش الأب إلى حديقة البيت الأبيض وأخذا يمشيان، ثم سأله فجأة: ما هي أخبار عبد الحليم أبو غزالة؟ فرد الرئيس مبارك مندهشاً: إنه رجلكم. فرد بوش قائلاً: كلا، إنه ليس رجلنا، ومن الأفضل أن يترك منصبه في أسرع وقت (محمد الباز، المشير - قصة صعود وانهيار أبو غزالة، ط 2، كنوز للنشر والتوزيع،2007)
saddam_mubarak.jpg

لم تكن مقابلة الرئيس مبارك لبوش الأب وطلبه منه أن يعزل أبو غزالة هي دافع مبارك الوحيد، ففي الملف كانت هناك أوراق كثيرة.. فبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنوات، التقى مبارك الرئيس العراقي صدام حسين، الذي شكر الرئيس المصري على جهوده وعلى ما قام به أبو غزالة.. وبدأ صدام حسين في سرد قصة تطوير الصواريخ على مسامع الرئيس مبارك الذي لم يكن يعرف عنها أي شيء. ويبدو أن صدام أدرك أن الرئيس مبارك يسمع الكلام لأول مرة.. فلم يُخفِ اندهاشه، وقال لمبارك: سيادة الرئيس، اسمح لي، أنت رئيس الجمهورية أم عبد الحليم أبو غزالة؟!.. لم يعلق الرئيس مبارك على ما قاله صدام، وأضمر الأمر في نفسه


إلا أن هناك من رأى أن السبب المباشر لإقصاء أبو غزالة عن منصبه يعود- كما ذكر الكاتب الصحفي عادل حمودة- إلى أنه كان يتصرف في أراضي الدولة في الغردقة من دون استشارة أحد، فضلاً عن أنه تكاسل عن السفر مع الرئيس مبارك في ذلك الوقت إلى عمان، فكان أن سافر معه محافظ القاهرة يوسف صبري أبو طالب. وعندما عاد مبارك إلى القاهرة، عينَ أبو طالب وزيراً للدفاع بعد ترقيته إلى رتبة فريق أول، وعينَ أبو غزالة مساعداً لرئيس الجمهورية

وبينما كان المشير خارجاً من بيته في أحد أيام ربيع 1989 وكان مرتدياً زيه العسكري متجها إلى وزارة الدفاع، طلبه اللواء جمال عبد العزيز سكرتير الرئيس، وقال له: سيادة الرئيس عاوز حضرتك النهارده، بس يا ريت تكون بالملابس المدنية. سأله المشير: تعرف ليه يا جمال؟..فرد عليه قائلاً: خير يا أفندم إن شاء الله.. فرد ضاحكاً: لكن لابد من حكاية الملابس المدنية دي.. فقال له جمال عبد العزيز: الأوامر كده يا أفندم

عاد أبو غزالة إلى بيته وارتدى الزي المدني واتجه إلى القصر الجمهوري، حيث قابلوه هناك وأدخلوه غرفة وأغلقوا عليه الباب. وفي الساعة الثانية إلا ربعاً فتح الباب.. وبعد نحو عشر دقائق مر الرئيس مبارك وكأنه فوجئ بوجود أبو غزالة في القصر الجمهوري.. فقال له: الله.. أنت هنا يا محمد، فرد المشير، أيوه يا أفندم حضرتك اللي طلبتني.. فقال له: آه.. أنا عايزك تحلف اليمين علشان عينتك مساعد لي

وبعد أن حلف المشير أبو غزالة اليمين، أعطاه الرئيس مبارك مظروفاً مغلقاً، وقال له: أعطه للرئيس صدام حسين.. فقد أراد مبارك أن يرد بشكل عملي على سؤال صدام عن الرئيس في مصر، هل هو مبارك أم عبدالحليم أبو غزالة!

ولم تنشر الصحف اليومية في مصر سوى خبرٍ مقتضب من بضعة أسطر عن خبر تعيين أبو غزالة مساعداً للرئيس، في حين حار كثيرون في تفسير هذه الخطوة، وأثيرت تساؤلاتٌ عن معنى وقيمة منصب أبو غزالة الجديد

إلا أن الإعلام الغربي كان واضحاً في تفسير أسباب إبعاد أبو غزالة عن وزارة الدفاع، حتى إن الصحفي آلان كاول كتب في صحيفة "نيويورك تايمز" بتاريخ 18 إبريل نيسان 1989 مقالاً بعنوان "إطاحة المساعد في القاهرة مرتبطة بجهود الحصول على أجزاء صاروخية في الولايات المتحدة"

Cowell, Alan. "Cairo Aide's Ouster Tied to Effort to Get Missile Parts in U.S.," New York Times, April 18, 1989, p. A8.
وقد بحث البروتوكول عن قسمٍ لمساعد الرئيس ليؤديه أبو غزالة فلم يجدوا لهذا المنصب قَسَماً، لأنه ليس منصباً مؤثراً وأقرب إلى الوظائف الشرفية – ونضيف إلى ذلك أنه لم يحدث في تاريخ مصر المعاصر سوى مراتٍ قلائل، مثلما حدث مع ممدوح سالم وسيد مرعي – فكان أن دبروا له قسماً ليقوله أبو غزالة وسط ذهول الجميع، ممن لم يصدقوا أن إزاحته يمكن أن تكون بمثل هذه السهولة
Mubarak and Sadat in Ismailia.jpg

وقد نسي هؤلاء أن الرئيس في مصر يستطيع أن يفاجىء الجميع، حتى وإن كانوا من ذوي القوة والنفوذ. لقد حسم الرئيس الراحل أنور السادات معركته على السلطة وتخلص من خصومه بضربةٍ واحدة في مايو أيار 1971، مع أنهم كانوا يسيطرون على الجيش والإعلام والمخابرات والداخلية والرئاسة والتنظيم السياسي


لكن هذا المثال الصارخ غاب عن ذهن الجميع وهم يجدون مبارك يخرج وزير دفاعه القوي من محيط نفوذه بالضربة الفنية القاضية، ليحل مكانه ضابطٌ متقاعد ترك الخدمة منذ 12 عاماً. وكان أن وُصِفَ هذا القرار بأنه أخطر قرارات الرئيس مبارك، الذي أثبت -على حد تعليق إحدى الصحف العربية- أنه اللاعب الأول والأخير في مجرى السياسة المصرية


منح الرئيس مبارك قلادة الجمهورية للمشير أبو غزالة وسلمها له في أكتوبر تشرين أول 1991، واختفى اسم أبو غزالة تماماً عن الساحة، إلى حين ..حتى اتهم فى قضية لوسى ارتين لاحقا ..

http://alfetn.net/vb3/showthread.php?t=60703
 
عودة
أعلى