الأحد 02 أغسطس 2015 09:03 مساءً
القسم السياسى فى صحيفة عدن الغد
يدفع الانجاز العسكري الذي حققته القوات العسكرية لدولة "الإمارات" العربية المتحدة في مدينة "عدن" ضمن عمليات التحالف العربي ضد قوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وميلشيات الحوثيين قدرة هذا البلد الخليجي إلى الواجهة وقد تكون بداية حقيقة للعب دور سياسي وعسكري لهذا البلد على مستوى الشرق الأوسط وتقديمه على انه احد ابرز 4 قوى فاعلة في المنطقة .
لعقود طويلة ظلت القدرات العسكرية الخليجية محبوسة في محيط هذه الدول باستثناء مشاركات عسكرية خليجية خجولة بينها معارك تحرير دولة الكويت من قبضة القوات العراقية في العام 1991 بالإضافة إلى مشاركات محدودة ضمن قوات سلام متعددة الجنسيات تتبع الأمم المتحدة في عدد من الدول .
مثلت التجربة العسكرية التي خاضتها وحدات عسكرية مدربة من الجيش ""الإماراتي"مطلع مايو من العام 2015 في "عدن" من خلال تقديم المشورة العسكرية للمقاومة الجنوبية وخوض عمليات عسكرية على الأرض الحدث العسكري الأبرز الذي يمكن تسجيله لصالح الجيش ""الإماراتي"خلال عقود .
وتدخلت ""الإمارات"" عسكريا على الأرض في "عدن" أواخر شهر مايو من هذا العام رغم المخاوف التي انتابت الكثير من الدول العربية والخليجية والتي نأت بنفسها عن أي تدخل على الأرض حيث تعاظمت المخاوف من تكرار سيناريو التدخل المصري في اليمن في ستينات القرن الماضي .
ورغم عدم وجود تجربة عسكرية إماراتية مسبقة على الأراضي اليمنية أو أي أراضي أخرى إلا ان الحكومة "الإماراتية" ممثلة بوزارة الدفاع فيها والجيش اتخذت قرارا بالتدخل وهو ماتم لاحقا .
واجهت القوة العسكرية "الإماراتية" التي أنزلت في "عدن" الكثير من الصعوبات لكن القدرة العسكرية على إدارة الأزمات وبذل جهود عمرها عقود من التدريب والتأهيل للجيش ""الإماراتي"مكنت هذه القوات من التقدم سريعا وتقديم المساعدة العسكرية لوحدات المقاومة الجنوبية على الأرض .
تمكنت القدرة العسكرية "الإماراتية" من إخراج التحالف العربي الذي تقوده السعودية من مأزق سياسي وعسكري ضخم حيث انه وبعد أكثر من 120 يوم على بد عمليات التحالف العربي ضد القوات الموالية للحوثيين وصالح لم تستطع عمليات التحالف عبر الجو من وقف تقدم القوات الموالية لصالح والحوثيين على الأرض وعلى خلاف ذلك باتت هذه القوات تقترب من إسقاط مدينة "عدن" بشكل كامل إلا ان التدخل ""الإماراتي"المباشر عكس موازين القوى وسجل أول نقطة ايجابية لصالح قوى التحالف العربي على الأرض وهي النقطة التي يبدو أنها في طريقها لحسم المعركة ضد الحوثيين بشكل نهائي في اليمن .
مكن التدخل ""الإماراتي"على الأرض المقاومة الشعبية الجنوبية من استلام زمام المبادرة وتحولت خلال أسابيع فقط منذ بدء تسلم الجيش ""الإماراتي"مقاليد الأمور من قوة مدافعة عن المدينة إلى قوة مهاجمة تمكنت من استعادة مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها القوات الموالية للحوثيين .
مكن الانتصار الضخم الذي حققته المقاومة الجنوبية على الأرض الجيش ""الإماراتي"من تقديم نفسه على انه احد ابرز القدرات العسكرية التي باتت تملك قدرة تغيير المعادلات السياسية والعسكرية في المنطقة .
في المحيط الإقليمي والدولي ظلت ""الإمارات"" احد ابرز الدول العربية التي تنشط على الصعيد السياسي وحققت في هذا المجال نجاحا كبيرا وسعت لتغيير الكثير من التحولات السياسية في الشرق الأوسط والوطن العربي بشكل مجمل لكن هذه الدولة الخليجية ظلت كغيرها من الدول الخليجية الأخرى تنتهج سياسة "النأي بالنفس" عن أي تدخلات عسكرية على الأرض في دول أخرى إلا ان التدخل في "عدن" اثبت ان قدرات الجيش ""الإماراتي"واقعا هي اكبر من مما كان يعتقد عنه سابقا .
قد يمثل التفوق العسكري ""الإماراتي"في عدن نقطة البداية لتحول عسكري كبير على مستوى بلدان الخليج التي لاتزال تعتمد بشكل كبير حتى اليوم على معاهدات الحماية مع قوى عظمى لعل أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وقد يمنح هذا الانتصار الملفت "الإمارات" العربية لتقدم نفسها على أنها إحدى القدرات العسكرية الفاعلة في المنطقة في مواجهة قدرات عسكرية أخرى وقد يكون .
نجحت الإمارات خلال السنوات الماضية على تقديم نفسها كاحد ابرز انظمة الحكم السياسية الناجحة على مستوى الشرق الاوسط وعرف البلد الخليجي بأنه احد ابرز انظمة الحكم الذي تمتع بحضور سياسي واسع النطاق حول العالم وتمتع بعلاقات ايجابية مع العالم اجمع قبل ان تقدم الإمارات لاحقا نفسها كنموذج اقتصادي غرد بعيدا عن اقتصاد النفط الخليجي وتمكن من تسجيل حضور اقتصادي ضخم يعتمد على سياسة السوق الحرة والعلاقات الدولية التي لاترتبط في الغالب بثقافة "النفط الاقتصادية"" ومؤخرا يبدو ان الإمارات في طريقها لتسجيل الحضور السياسي عبر ابراز قوتها العسكرية الايجابية .
ولا تقف ايجابيات هذا الانتصار الذي حققته الآلة العسكرية "الإماراتية" على المستوى الدولي لكنه يوصل رسالة سياسية قوية جدا إلى القوى المتربصة بالنظام الحاكم في "الإمارات" في الداخل ولعل أبرزها قوى الإخوان والتنظيمات المتطرفة الأخرى وهي رسالة مفادها ان ""الإمارات"" تجاوزت المخاطر الداخلية و باتت تملك قدرة تغيير المعادلات العسكرية على الأرض في بلدان مجاورة وهو انتصار يضاف إلى قدرتها وحضورها السياسي في المحيط العربي والدولي إضافة إلى قدراتها وحضورها الاقتصادي ممثلة بالحضور الاقتصادي الضخم لإمارة "دبي" على مستوى العالم .
والمهم في الانتصار "الإماراتي" في عدن انه يسجل في ظل أوضاع دولية مضطربة سجلت فيها عدد من حالات التدخل العسكرية الفاشلة وبينها التدخلات لقوى التحالف الدولي العربي ضد داعش في سوريا ومحاولات حل النزاع في جنوب السودان والتنازع الدولي في العراق وغيرها من المناطق .
ورغم ان الانتصار النوعي الذي حققته الإمارات في عدن يسجل على انه "انتصار نوعي" إلا ان المهم والاهم أمام الإمارات هو المحافظة على انتصارها في عدن وذلك عبر إرساء أسس السلام في المدينة الساحلية التي كانت عاصمة للجنوبيين حتى العام 1990 .
*من فتحي بن لزرق. http://adenghad.net/news/165607/#.VcyhTx9fpJ_