لوفيغارو: مدير وكالة الأمن الأمريكية السابق.. “العراق وسوريا لم يعودا موجودين”
لوفيجارو-
كان مايكل هايدن -جنرال القوّات الجوية- في قلب المخابرات الأمريكية خلال سنوات بوش، إذ كان مديرًا لوكالة الأمن القومي الأمريكية بين عامي 1999 و2005 ونائب منسق المخابرات في إدارة المخابرات القومية بين عامي 2005 و2006 قبل أن يترأس وكالة الاستخبارات المركزية الـ سي أي آيه بين عامي 2006 و2009 وهو اليوم مستشار لدى المجموعة الخاصّة تشيرتوف الّتي تعمل في عالم الأمن الصناعي.
كنت على رأس وكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية خلال فترة مضطربة بين عامي 1999 و2009 هل أصبح العالم الحالي أكثر خطرًا؟
رأيت عالمًا أخطر خلال مسيرتي العسكرية: أزمة الصواريخ الكوبية ومواجهة القوّات الأمريكية والسوفيتية في تشيك بوينت تشارلي وتأهّب قوّاتنا النووية خلال أزمة 1973 في الشرق الأوسط، ولكننّي لم أشهد عالم أكثر تعقيدًا من عالم اليوم، خاصّة في الشرق الأوسط في دول كانت تسمّى سابقًا بـ العراق وسوريا. اليوم لدينا الدولة الإسلامية والقاعدة والأكراد والسنة والشيعة والعلويون. بدأتم بمعالجة مشكلة القاعدة ولكن بمجرّد تقدّمكم، سيتدهور ما تبقّى أكثر.
هل التأثير الأمريكي بدأ يتضاءل في الشرق الأوسط؟
من الصعب جدًّا تحديد سياسة. لنواجه الحقيقة: العراق لم يعد موجودًا ولا سوريا موجودة ولبنان دولة فاشلة تقريبًا ومن المرجح أن تكون ليبيا هكذا أيضًا واتّفاقيات سايكس بيكو الّتي وضعت هذه الدول على الخارطة بمبادرة من القوى الأوروبية في عام 1916 لم تعكس قطّ الوقائع على الأرض، والآن تؤكّد هذه الحقائق على ذكرياتنا بطريقة عنيفة للغاية. إنّ المنطقة ستبقى في حالة عدم استقرار في السنوات العشرين أو الثلاثين القادمة ولا أعلم إلى أين نحن ذاهبون، ولكنّ أعتقد أن السياسة الهادفة إلى إحياء هذه الدول لن تكون مجدية.
تستمرّ إدارة أوباما رغم ذلك في السعي إلى الحفاظ على العراق الموحد…
في الواقع، هذه هي السياسة الرسمية لهذه الإدارة وهذا أثّر في قراراتها حول إعطاء الأسلحة إلى الأكراد على سبيل المثال وفي نظري، الأكراد حلفاؤنا المفضّلين في المنطقة وبغضّ النظر عمّا سيحدث، سيبقون هكذا لأنّ مصلحتهم المباشر ةمتوافقة مع التحالف مع الغرب، ولكن إذا ما تمّ حرماننا من خيارات لأنّنا نعتقد أنّ بإمكاننا إحياء العراق وسوريا، سنزيد الوضع سوءًا. هل رأيتم الجيش العراقي بصدد استعادة السيطرة على محافظة الأنبار؟ أنا لا.
هل رأيتم الجيش العراقي قادرًا على استعادة السيطرة على الموصل؟ هذا لن يحدث فالجيش الّذي سيطر على تكريت هو ميليشيا شيعية مدعومة من قبل الضبّاط الإيرانيين. أمّا فيما يتعلّق بسوريا، أيّ مستقبل يمكن تصوّرها؟ ربّما سيكون هناك مقعد سوري أو عراقي في منظمة الأمم المتّحدة ولكن البلدين قد اختفيا.
يمكن أن نتخيّل دولة عراقية فدرالية لا مركزية فبعض المراقبين يشيرون إلى أنّ هذا هو الحلّ لأنّ السلطات الإقليمية مثل إيران أو تركيا لن تقبل بدولة كردستان المستقلّة.. من يستطيع دعم هذا المشروع خارج الولايات المتّحدة؟
الدعم الأمريكي، كثير. أفهم معارضة الانفجار ولكن إذا ما عدنا إلى التاريخ، نشهد أن العراق كان مقسّمًا إلى ثلاث ولايات في الإمبراطورية العثمانية: كردية وسنية وشيعية: ولايات الموصل وبغداد والبصرة. فما نسمّيه العراق لم يكن موجودًا. هذه الحقائق العلمانية مهمّة. ومرّة أخرى، لا أعتقد أنّ العراق وسوريا سيظهران من جديد. يجب البحث عن أمور بديلة أخرى. ولهذا أدعو إلى تسليح الأكراد مباشرة.
يمكن للأكراد الدفاع عن كردستان ولكن لا يمكنهم تدمير تنظيم داعش. كيف من الممكن محاربته؟
في البداية، علينا ضربه وإضعافه لأنّنا نمتلك الحقّ في الدفاع عن أنفسنا. يجب استخدام القوّة الجوية وضرب الخدمات اللوجستية والمقرّات العامة والقادة. وثانيًا، علينا احتواء تمدّده لأنّ تقدّم الدولة الإسلامية نحو سيناء أكثر إثارة للقلق من سيطرته على الرقّة. علينا حماية حلفائنا المصريين والسعوديين والأتراك والإماراتيين وغيرهم. وثالثًا، علينا مساعدة المسلمين الّذين يمكنهم القتال على المستوى الديني لأنّ في الواقع المعركة قائمة على الإسلام.
ما مقصدك؟
ما يحدث صراع في الإسلام يشبه الصراع الّذي شهدته المسيحية في القرن السابع عشر خلال حرب الثلاثين عامًا، إذ يعيد المؤرخون الحداثة الأوروبية إلى معاهدة وستفاليا، لحظة ظهور الفصل بين الكنيسة والدولة. والإسلام لم يقم بهذه التسوية وقد لا يشهدها قطّ. لا ندري. ولكنّنا نخطئ عند القول بأنّ هذه المعركة لا علاقة لها بالإسلام. لنكن واضحين: المعركة مرتبطة تمامًا بالإسلام حتّى وإن كانت لا تخصّ الإسلام كاملًا أو المسلمين بأسرهم. يجب علينا مساعدة المعتدلين.
ولكن أين هي هذه القوة المعتدلة في الإسلام؟
إنّها هامشية. والرئيس المصري السيسي يمثّل بديلًا على الرغم من قسوته وسوئه في الإدارة السياسة لبلاده، فلقد قام بخطاب مهمّ في جامعة الأزهر داعيًا إلى ثورة في الإسلام وعلى الأرجح هذا هو السبب الّذي دفعنا إلى استئناف مساعدتنا العسكرية إلى القاهرة.
هل يفسّر غياب حلفاء موثوق بهم رهان إدارة أوباما على ما يبدو على التقارب مع إيران في حالة التوصّل إلى اتّفاق حول الملف النووي؟
يجب أن تطرحوا هذا السؤال على حكومتنا، إذ وفقًا لرؤيتي الخاصّة، كرّست سنة 1979 -بالنسبة للقاعدة (الّتي ظهرت في أفغانستان) وبالنسبة لإيران (حيث سيطر الملالي على السلطة) على حدّ سواء- نهجًا إيديولوجيًا جعل من الصراع مع الغرب حقيقة لا مفرّ منها.
ولكن إيران دولة ذات مصالح وطنية على المدى الطويل بعيدًا عن الإيديولوجيا …
طرح كيسنجر ذات مرّة تساؤلاً: هل أنّ إيران دولة أم مشروع؟ ولا أعتقد أنّ النظام الإيراني قد أجاب على هذا السؤال.
هل هذا يعني أنّك قلق من الاتّفاق النووي الّذي قد يتمّ التوقيع عليه مع إيران؟
قلق للغاية. حتّى الاتفاق الجيّد يعطي الشرعية لإيران كدولة صناعية نووية ويضعها على بعد 12 شهرًا من الحصول على سلاح نووي، إذ أنّه يستقبلها ضمن عائلة الأمم من خلال رفع العقوبات دون أن نعرف إذا ما كان الإيرانيون لديهم أدنى نية لتغيير سياستهم للهيمنة وزعزعة استقرار المنطقة.
لنتحدث عن أوروبا: هل فهم الأمريكيون أخيرًا أنّ الإسلام قد أصبح مشكلة وجودية بالنسبة للأوروبيين وليس مجرّد مشكلة إرهاب؟
عندما كنت على رأس وكالة الاستخبارات المركزية، درس المحلّلون التابعون لي السيناريوهات الممكنة لمستقبل أوروبا، وأذكر أنّه قد تمّت الإشارة إلى سيناريوهين متطرّفين، أحدهما يتصوّر أن تصبح أوروبا نوعًا من المنتزهات فاقدة تأثيرها ولكن من الممتع زيارتها. أما السيناريو الآخر فسمّي بـ يوروستان ويهدف إلى الإشارة إلى مخاطر أسلمة أوروبا وتكمن المشكلة هنا في أنّ الأمريكيين قلّلوا من شأن هذا السيناريو.
هل أنّك قلق بشأن العدوان الروسي في أوروبا؟
يتصرّف بوتين بثقة في النفس ولكن لا يمتلك بطاقات جيّدة في لعبتها والعدوان مشكلة خطيرة على المدى القصير ولكن ليس على المدى الطويل باعتبار أنّ روسيا قوّة متراجعة فكلّ مكتسبات القوّة -الصناعة المزدهرة والأعمال والديمقراطية وحتّى النفط والغاز- قد دخلت في منطقة الخطر. والوسائل الوحيدة للقوّة الروسية تعود إلى الحقبة السوفيتية: الفيتو في الأمم المتحدة وما تبقّى من القوّة العسكرية والنووية.
ذهب برلمانيون روس إلى حدّ التساؤل حول إذا ما كان اعتراف روسيا في عام 1991 باستقلال دول البلطيق قد كان قانونيًا…
من الصعب القول إذا ما كان تهديد دول البطليق لامفرّ منه. هناك أمر مثير للشفقة في العدوان الروسي المتجدّد على حدود الناتو، هذه المحاولة الهادفة إلى إعادة العظمة الماضية ولكن أعترف بأنّ العملية العسكرية في شبه جزيرة القرم كانت محترفة جدّا وهذا يعني أنه يجب علينا أن نكون يقظين للغاية خاصّة على المدى القصير. وأودّ أن نرى نهجًا أكثر صرامة من أمريكا في أوكرانيا لمنع بوتين من القيام بأيّ شيء غبيًا من خلال المبالغة في بسط سيطرته. لو كان الأمر بيدي، لسلّحت الأوكرانيين.
هل أن الصين بصدد أن تصبح عدوّ الولايات المتّحدة من خلال سياستها الجديدة في بحر الصين الجنوبي أو على جبهة الحرب الإلكترونية؟
الصين ليست عدوّ الولايات المتّحدة إذ أنّ العلاقة تشهد بالتأكيد بعض التنافسية وربّما صراعًا. أنا قلق بالفعل من النشاط العسكري الصيني في بحر الصين الجنوبي وتجسّسهم الإلكتروني على الولايات المتّحدة ولكن يجب أن نعرف أنّ أجهزة المخابرات الأمريكية تمضي الكثير من الوقت في القلق من المشاكل الهيكيلية للصين لقياس قوّتها: الديموغرافيا والتلوّث والتوزيع غير المتكافئ للثروة.
ولتلخيص التحديات الّتي تواجهنا، أقوّل أنّ الخطر الفوري يكمن في تنظيم الدولة الإسلامية، الخطير والحيوي بالنسبة لأمريكا. أمّا إيران وقضية انتشار الأسلحة النووية فتمثّلان تهديدًا أكثر خطورة ولكن لا يزال لدينا القليل من الوقت. أمّا التهديد الأكثر خطورة ولكن لا يزال لدينا الكثير من الوقت لمواجهته هو الصين. الصين ليست عدوًّا ولكنّها القضية الأكثر أهمية بالنسبة لمستقبل السلام العالمي.
لوفيجارو-
كان مايكل هايدن -جنرال القوّات الجوية- في قلب المخابرات الأمريكية خلال سنوات بوش، إذ كان مديرًا لوكالة الأمن القومي الأمريكية بين عامي 1999 و2005 ونائب منسق المخابرات في إدارة المخابرات القومية بين عامي 2005 و2006 قبل أن يترأس وكالة الاستخبارات المركزية الـ سي أي آيه بين عامي 2006 و2009 وهو اليوم مستشار لدى المجموعة الخاصّة تشيرتوف الّتي تعمل في عالم الأمن الصناعي.
كنت على رأس وكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية خلال فترة مضطربة بين عامي 1999 و2009 هل أصبح العالم الحالي أكثر خطرًا؟
رأيت عالمًا أخطر خلال مسيرتي العسكرية: أزمة الصواريخ الكوبية ومواجهة القوّات الأمريكية والسوفيتية في تشيك بوينت تشارلي وتأهّب قوّاتنا النووية خلال أزمة 1973 في الشرق الأوسط، ولكننّي لم أشهد عالم أكثر تعقيدًا من عالم اليوم، خاصّة في الشرق الأوسط في دول كانت تسمّى سابقًا بـ العراق وسوريا. اليوم لدينا الدولة الإسلامية والقاعدة والأكراد والسنة والشيعة والعلويون. بدأتم بمعالجة مشكلة القاعدة ولكن بمجرّد تقدّمكم، سيتدهور ما تبقّى أكثر.
هل التأثير الأمريكي بدأ يتضاءل في الشرق الأوسط؟
من الصعب جدًّا تحديد سياسة. لنواجه الحقيقة: العراق لم يعد موجودًا ولا سوريا موجودة ولبنان دولة فاشلة تقريبًا ومن المرجح أن تكون ليبيا هكذا أيضًا واتّفاقيات سايكس بيكو الّتي وضعت هذه الدول على الخارطة بمبادرة من القوى الأوروبية في عام 1916 لم تعكس قطّ الوقائع على الأرض، والآن تؤكّد هذه الحقائق على ذكرياتنا بطريقة عنيفة للغاية. إنّ المنطقة ستبقى في حالة عدم استقرار في السنوات العشرين أو الثلاثين القادمة ولا أعلم إلى أين نحن ذاهبون، ولكنّ أعتقد أن السياسة الهادفة إلى إحياء هذه الدول لن تكون مجدية.
تستمرّ إدارة أوباما رغم ذلك في السعي إلى الحفاظ على العراق الموحد…
في الواقع، هذه هي السياسة الرسمية لهذه الإدارة وهذا أثّر في قراراتها حول إعطاء الأسلحة إلى الأكراد على سبيل المثال وفي نظري، الأكراد حلفاؤنا المفضّلين في المنطقة وبغضّ النظر عمّا سيحدث، سيبقون هكذا لأنّ مصلحتهم المباشر ةمتوافقة مع التحالف مع الغرب، ولكن إذا ما تمّ حرماننا من خيارات لأنّنا نعتقد أنّ بإمكاننا إحياء العراق وسوريا، سنزيد الوضع سوءًا. هل رأيتم الجيش العراقي بصدد استعادة السيطرة على محافظة الأنبار؟ أنا لا.
هل رأيتم الجيش العراقي قادرًا على استعادة السيطرة على الموصل؟ هذا لن يحدث فالجيش الّذي سيطر على تكريت هو ميليشيا شيعية مدعومة من قبل الضبّاط الإيرانيين. أمّا فيما يتعلّق بسوريا، أيّ مستقبل يمكن تصوّرها؟ ربّما سيكون هناك مقعد سوري أو عراقي في منظمة الأمم المتّحدة ولكن البلدين قد اختفيا.
يمكن أن نتخيّل دولة عراقية فدرالية لا مركزية فبعض المراقبين يشيرون إلى أنّ هذا هو الحلّ لأنّ السلطات الإقليمية مثل إيران أو تركيا لن تقبل بدولة كردستان المستقلّة.. من يستطيع دعم هذا المشروع خارج الولايات المتّحدة؟
الدعم الأمريكي، كثير. أفهم معارضة الانفجار ولكن إذا ما عدنا إلى التاريخ، نشهد أن العراق كان مقسّمًا إلى ثلاث ولايات في الإمبراطورية العثمانية: كردية وسنية وشيعية: ولايات الموصل وبغداد والبصرة. فما نسمّيه العراق لم يكن موجودًا. هذه الحقائق العلمانية مهمّة. ومرّة أخرى، لا أعتقد أنّ العراق وسوريا سيظهران من جديد. يجب البحث عن أمور بديلة أخرى. ولهذا أدعو إلى تسليح الأكراد مباشرة.
يمكن للأكراد الدفاع عن كردستان ولكن لا يمكنهم تدمير تنظيم داعش. كيف من الممكن محاربته؟
في البداية، علينا ضربه وإضعافه لأنّنا نمتلك الحقّ في الدفاع عن أنفسنا. يجب استخدام القوّة الجوية وضرب الخدمات اللوجستية والمقرّات العامة والقادة. وثانيًا، علينا احتواء تمدّده لأنّ تقدّم الدولة الإسلامية نحو سيناء أكثر إثارة للقلق من سيطرته على الرقّة. علينا حماية حلفائنا المصريين والسعوديين والأتراك والإماراتيين وغيرهم. وثالثًا، علينا مساعدة المسلمين الّذين يمكنهم القتال على المستوى الديني لأنّ في الواقع المعركة قائمة على الإسلام.
ما مقصدك؟
ما يحدث صراع في الإسلام يشبه الصراع الّذي شهدته المسيحية في القرن السابع عشر خلال حرب الثلاثين عامًا، إذ يعيد المؤرخون الحداثة الأوروبية إلى معاهدة وستفاليا، لحظة ظهور الفصل بين الكنيسة والدولة. والإسلام لم يقم بهذه التسوية وقد لا يشهدها قطّ. لا ندري. ولكنّنا نخطئ عند القول بأنّ هذه المعركة لا علاقة لها بالإسلام. لنكن واضحين: المعركة مرتبطة تمامًا بالإسلام حتّى وإن كانت لا تخصّ الإسلام كاملًا أو المسلمين بأسرهم. يجب علينا مساعدة المعتدلين.
ولكن أين هي هذه القوة المعتدلة في الإسلام؟
إنّها هامشية. والرئيس المصري السيسي يمثّل بديلًا على الرغم من قسوته وسوئه في الإدارة السياسة لبلاده، فلقد قام بخطاب مهمّ في جامعة الأزهر داعيًا إلى ثورة في الإسلام وعلى الأرجح هذا هو السبب الّذي دفعنا إلى استئناف مساعدتنا العسكرية إلى القاهرة.
هل يفسّر غياب حلفاء موثوق بهم رهان إدارة أوباما على ما يبدو على التقارب مع إيران في حالة التوصّل إلى اتّفاق حول الملف النووي؟
يجب أن تطرحوا هذا السؤال على حكومتنا، إذ وفقًا لرؤيتي الخاصّة، كرّست سنة 1979 -بالنسبة للقاعدة (الّتي ظهرت في أفغانستان) وبالنسبة لإيران (حيث سيطر الملالي على السلطة) على حدّ سواء- نهجًا إيديولوجيًا جعل من الصراع مع الغرب حقيقة لا مفرّ منها.
ولكن إيران دولة ذات مصالح وطنية على المدى الطويل بعيدًا عن الإيديولوجيا …
طرح كيسنجر ذات مرّة تساؤلاً: هل أنّ إيران دولة أم مشروع؟ ولا أعتقد أنّ النظام الإيراني قد أجاب على هذا السؤال.
هل هذا يعني أنّك قلق من الاتّفاق النووي الّذي قد يتمّ التوقيع عليه مع إيران؟
قلق للغاية. حتّى الاتفاق الجيّد يعطي الشرعية لإيران كدولة صناعية نووية ويضعها على بعد 12 شهرًا من الحصول على سلاح نووي، إذ أنّه يستقبلها ضمن عائلة الأمم من خلال رفع العقوبات دون أن نعرف إذا ما كان الإيرانيون لديهم أدنى نية لتغيير سياستهم للهيمنة وزعزعة استقرار المنطقة.
لنتحدث عن أوروبا: هل فهم الأمريكيون أخيرًا أنّ الإسلام قد أصبح مشكلة وجودية بالنسبة للأوروبيين وليس مجرّد مشكلة إرهاب؟
عندما كنت على رأس وكالة الاستخبارات المركزية، درس المحلّلون التابعون لي السيناريوهات الممكنة لمستقبل أوروبا، وأذكر أنّه قد تمّت الإشارة إلى سيناريوهين متطرّفين، أحدهما يتصوّر أن تصبح أوروبا نوعًا من المنتزهات فاقدة تأثيرها ولكن من الممتع زيارتها. أما السيناريو الآخر فسمّي بـ يوروستان ويهدف إلى الإشارة إلى مخاطر أسلمة أوروبا وتكمن المشكلة هنا في أنّ الأمريكيين قلّلوا من شأن هذا السيناريو.
هل أنّك قلق بشأن العدوان الروسي في أوروبا؟
يتصرّف بوتين بثقة في النفس ولكن لا يمتلك بطاقات جيّدة في لعبتها والعدوان مشكلة خطيرة على المدى القصير ولكن ليس على المدى الطويل باعتبار أنّ روسيا قوّة متراجعة فكلّ مكتسبات القوّة -الصناعة المزدهرة والأعمال والديمقراطية وحتّى النفط والغاز- قد دخلت في منطقة الخطر. والوسائل الوحيدة للقوّة الروسية تعود إلى الحقبة السوفيتية: الفيتو في الأمم المتحدة وما تبقّى من القوّة العسكرية والنووية.
ذهب برلمانيون روس إلى حدّ التساؤل حول إذا ما كان اعتراف روسيا في عام 1991 باستقلال دول البلطيق قد كان قانونيًا…
من الصعب القول إذا ما كان تهديد دول البطليق لامفرّ منه. هناك أمر مثير للشفقة في العدوان الروسي المتجدّد على حدود الناتو، هذه المحاولة الهادفة إلى إعادة العظمة الماضية ولكن أعترف بأنّ العملية العسكرية في شبه جزيرة القرم كانت محترفة جدّا وهذا يعني أنه يجب علينا أن نكون يقظين للغاية خاصّة على المدى القصير. وأودّ أن نرى نهجًا أكثر صرامة من أمريكا في أوكرانيا لمنع بوتين من القيام بأيّ شيء غبيًا من خلال المبالغة في بسط سيطرته. لو كان الأمر بيدي، لسلّحت الأوكرانيين.
هل أن الصين بصدد أن تصبح عدوّ الولايات المتّحدة من خلال سياستها الجديدة في بحر الصين الجنوبي أو على جبهة الحرب الإلكترونية؟
الصين ليست عدوّ الولايات المتّحدة إذ أنّ العلاقة تشهد بالتأكيد بعض التنافسية وربّما صراعًا. أنا قلق بالفعل من النشاط العسكري الصيني في بحر الصين الجنوبي وتجسّسهم الإلكتروني على الولايات المتّحدة ولكن يجب أن نعرف أنّ أجهزة المخابرات الأمريكية تمضي الكثير من الوقت في القلق من المشاكل الهيكيلية للصين لقياس قوّتها: الديموغرافيا والتلوّث والتوزيع غير المتكافئ للثروة.
ولتلخيص التحديات الّتي تواجهنا، أقوّل أنّ الخطر الفوري يكمن في تنظيم الدولة الإسلامية، الخطير والحيوي بالنسبة لأمريكا. أمّا إيران وقضية انتشار الأسلحة النووية فتمثّلان تهديدًا أكثر خطورة ولكن لا يزال لدينا القليل من الوقت. أمّا التهديد الأكثر خطورة ولكن لا يزال لدينا الكثير من الوقت لمواجهته هو الصين. الصين ليست عدوًّا ولكنّها القضية الأكثر أهمية بالنسبة لمستقبل السلام العالمي.