وثائق استخباراتية تكشف: مصر من الدول الأكثر تعرضا للتجسس.. أمريكا تجسست على مبارك 1985.. ووثائق "سنودن" كشفت استهداف القاهرة من وكالة الأمن القومى.. وفرنسا الأقدم فى تاريخ التجسس على السفارة عام 1956 السبت، 27 يونيو 2015 - 11:57 ص
لم يكن التجسس من قبل بالمهمة السهلة على الإطلاق، فبقدر صعوبة الحصول على المعلومات القيمة التى تحتاجها الدولة التى تتجسس على دولة أخرى، كانت هناك صعوبة أكبر فى كيفية توصيل تلك المعلومات، لكن خلال السنوات العشرين الماضية، ولاسيما منذ بدء الألفية الجديدة اختلف الأمر كثيرًا، وأصبح العالم المفتوح، والاتصالات المختلفة بجميع أشكالها تسهل عمليات التجسس، ليس فقط على أسرار عسكرية أو سياسية أو اقتصادية، لكن أيضًا على المكالمات والرسائل الخاصة بمواطنين عاديين، وهو ما كشفت عنه فضائح التجسس الأمريكية فى العامين الأخيرين. ومؤخرًا، كشفت وثائق أمريكية سرية مسربة عبر موقع «ويكيليكس» عن أن الولايات المتحدة تجسست على آخر ثلاثة رؤساء فرنسيين، هم فرانسوا هولاند، وسابقيه نيكولا ساركوزى، وجاك شيراك، وذلك فى الفترة من عام 2006 إلى 2012، وسعى البيت الأبيض إلى نفى استهداف مكالمات الرئيس الفرنسى بعد أن رفض فى وقت سابق تأكيد أو نفى ما نشرته وسائل إعلام فرنسية. لكن من غير المرجح أن يفيد هذا النفى كثيرًا بعدما دعا هولاند إلى اجتماع مجلس الدفاع الفرنسى لبحث تلك المعلومات، فى الوقت الذى قال فيه المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، ستيفان لوفول، إن هذا التنصت غير مقبول بين الحلفاء.
التجسس الأمريكى على ميركل
وفى العام الماضى تفجرت فضيحة التجسس الأمريكية على هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكشفت وثائق سربها المحلل السابق بالمخابرات الأمريكية، إدوارد سنودن، أن وكالة الأمن القومى تجسست على هواتف واتصالات ميركل و120 سياسيًا حوال العالم، منهم 35 رئيس دولة، دون الحاجة إلى الجواسيس التقليديين الذين كانوا سمة القرن الماضى. وكانت مجلة «دير شبيجل» الألمانية قد ذكرت أن وكالة الأمن القومى الأمريكية احتفظت فى قواعد بياناتها بمعلومات حصلت عليها خلال برنامج مراقبة لأكثر من 100 سياسى حول العالم، وفقًا لتسريبات إدوارد سنودن. وقالت المجلة إنها اطلعت على وثيقة سرية للغاية صادرة عن وكالة الأمن القومى، ووفقا لتلك الوثيقة فإن قادة 120 دولة كانوا من بين الأهداف الرفيعة للمخابرات الأمريكية. وحل رئيس وزراء ماليزيا السابق عبدالله بدورى فى أول القائمة التى شملت أيضًا الرئيس الفلسطينى محمود عباس، وشملت الوثيقة أيضًا أسماء رؤساء الصومال، وجواتيمالا، وكولومبيا، ورئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو، وحلت رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيمشينكو فى آخر القائمة، حيث كانت أسماء قادة وزعماء الدول مرتبة ترتيبا أبجديًا بأسمائهم الأولى. وظهر اسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بين رئيس مالى السابق أمادو تومانى تور، والرئيس السورى بشار الأسد، وتشير الوثيقة إلى أن ميركل أدرجت فيما يسمى «قاعدة معلومات معرفة الهدف»، والتى تضمن معلومات كاملة عن الأشخاص الذين تتم مراقبتهم، بينما كشف موقع «دوتش فيله» الألمانى عن جميع الأسماء التى وردت بالوثيقة، وكان منها الرئيس المصرى الأسبق محمد حسنى مبارك، وعبدالله يوسف، رئيس الصومال، وألان جارسيا، رئيس بيرو، وألكسندر لوكاشينكو، رئيس روسيا البيضاء، وآخرون. كما أن التكنولوجيا الحديثة سهلت أيضًا تعاونًا استخباراتيًا بين الدول ضد مصر فى بعض الأحيان، هو الأمر الذى أكدته صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، بعد كشفها النقاب عن وثيقة مخابراتية مسربة تؤكد تكثيف التعاون الاستراتيجى بين المخابرات الأمريكية والإسرائيلية حول مصر إبان حكم الرئيس الأسبق محمد مرسى. وأوضحت الصحيفة أن وكالة الأمن الوطنى الأمريكى أشارت فى وثيقة سرية تم تحريرها فى إبريل 2013 إلى أن جيمس كلابر، مدير المخابرات الوطنية الأمريكية، وافق على تكليف الوحدة 8200 المخابراتية بالجيش الإسرائيلى بـمهمة جمع معلومات حول قضايا استراتيجية مختارة، وبالتحديد ما يتعلق بالعناصر الإرهابية فى سيناء. وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن الوثيقة تكشف تفاصيل العلاقة بين وكالة الأمن الوطنى الأمريكى وإسرائيل، كما أن محتواها يتضمن تحديثًا لوثيقة سابقة تم تسريبها العام الماضى على يد المحلل السابق بالمخابرات الأمريكية إدوارد سنودن، وأوضحت «هاآرتس» أن الوثيقة لا تفصح عما إذا كان تبادل المعلومات بين واشنطن وتل أبيب كشف عن التخطيط الاستراتيجى ضد مصر أم لا. ولم تكن مفاجأة أن تطالعنا الصحف البريطانية هذا الأسبوع بخبر مثير بشأن تجسس الهيئة المركزية للاستخبارات البريطانية على منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فبحسب محكمة سلطات التحقيق التى تفصل فى الشكاوى ذات الصلة بعمليات المراقبة الحكومية، فإن هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية لم تلتزم بالقواعد المنظمة للتعامل مع البيانات التى حصلت عليها بشأن المنظمة المصرية، ومركز الموارد القانونية بجنوب أفريقيا. وكشفت وثائق وكالة الأمن القومى الأمريكية التى قام الموظف السابق لدى الوكالة بتسريبها عام 2013، عن حجم هائل من أنشطة التجسس على معلومات الاتصالات التى تمارسها أجهزة الاستخبارات الأمريكية عن طريق اعتراض الاتصالات التى تمر بكابلات اتصالات عالمية، حيث جاءت مصر واحدة من أربع دول هى الأكثر استهدافًا لعمليات تجسس وكالة الأمن القومى الأمريكية منذ عام 2007. وبحسب وثائق إدوارد سنودن التى تسببت فى إحراج كبير للولايات المتحدة أمام العالم، ولاسيما مع غضب حلفائه فى ألمانيا وفرنسا جراء التجسس عليهم، فإن وكالة الأمن القومى الأمريكية NSA جمعت 7.6 مليار قطعة استخباراتية، بما فى ذلك المكالمات الهاتفية، ورسائل البريد الإلكترونى جراء التجسس على مصر فى مارس 2013 وحده.
التجسس على المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
وأقرت اللجنة القضائية المشرفة على سلطات التحقيق فى بريطانيا «IPT»، وهى الجهة القضائية المختصة بالنظر فى الشكاوى المتعلقة باستخدام الجهات الحكومية البريطانية لسلطات التجسس والرقابة والتنصت على الاتصالات هذا الأسبوع، بأن إحدى أجهزة الاستخبارات البريطانية المعروفة باسم «GCHQ» قد قامت بالتجسس على منظمتين غير حكوميتين، هما المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فى مصر، ومركز الموارد القانونية فى جنوب أفريقيا بشكل غير قانونى، أو غير متسق مع القواعد والإجراءات المنظمة لإجراءات التجسس والرقابة على الاتصالات، والتعامل مع البيانات الواردة من هذه العمليات. وبحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن القضية تعود إلى دعوى مرفوعة منذ عام 2013 بعد تسريبات إدوارد سنودن. وأشارت المنظمة المصرية فى توضيح على موقعها الإلكترونى إلى أن التسريبات الكاشفة عن حجم التجسس والمراقبة التى تقوم بها الحكومتان أثارت الكثير من الانتقادات داخل البلدين وخارجها، خاصة أن أجهزة الاستخبارات فى البلدين كانت تقوم باعتراض الاتصالات الخارجية بالأساس، مما يعنى أن الأغلبية العظمى من المتضررين من عمليات التجسس الواسعة النطاق «mass surveillance» كانوا من مواطنى الدول الأخرى. وأكدت أن هذه الواقعة هى فى أغلب الظن قطرة فى بحر عريض من المعلومات التى تعترضها أجهزة الاستخبارات البريطانية والأمريكية بموجب برنامجى «PRISM» و«TEMPORA» بصفة يومية، وهذه الاختراقات قد تطال أفرادًا ومواطنين ومنظمات وحتى حكومات فى أغلب دول العالم، وهو ما كشفت عنه بالفعل وثائق وكالة الأمن القومى الأمريكية.
تجسس أمريكا على مبارك عام 1985
وطالت عمليات التجسس الإلكترونية الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فبحسب الصحفى الأمريكى الشهير بوب وودوارد فى كتابه «الحروب السرية لوكالة الاستخبارات المركزية» الصادر فى 1987، فإن قيمة التجسس على الأصدقاء أصبحت واضحة فى أكتوبر 1985 عندما خطف 4 من منظمة التحرير الفلسطينية سفينة سياحية إيطالية «أكيلى لاورو»، وعلى متنها 438 راكبًا، والتى رست فى نهاية المطاف على السواحل المصرية. ويوضح وودوارد أن وكالات المخابرات الأمريكية كانت على علاقة طويلة الأمد مع مصر، وزودت الرئيس مبارك وقتها بنظام اتصالات آمن. ويقول إن مبارك كان يكره هذا النوع من الاتصالات حيث كان جهاز التليفون مزودًا بزر يتعين الضغط عليه خلال الحديث، بحيث لا يستطيع الشخص الذى على الطرف الآخر أن يتكلم وهو يستقبل المكالمة، وكان ذلك يجعل من الصعب مقاطعة المتحدث الذى على الطرف الثانى، لذا كان مبارك يستخدم أجهزة التليفون العادية، ويميل إلى التحدث على الخطوط الأرضية، خاصة أنه كانت هناك أوامر فى واشنطن بتشديد وزيادة العمليات الأمريكية لجمع معلومات استخباراتية عن مصر. ويقول وودوارد فى كتابه: «كان التسجيل يحكى قصة أخرى، ففى المحادثة التى تم التنصت عليها كان الرئيس يقول للوزير إن الخاطفين ما زالوا فى مصر، وقال إن جورج شولتز، وزير الخارجية الأمريكى، يكون مجنونًا إذا اعتقد أن مصر يمكن أن تسلم الخاطفين إلى الولايات المتحدة كما تطلب واشنطن». وأضاف مبارك فى حديثه لعبدالمجيد: «إن مصر فى النهاية بلد عربى ولا يمكن أن تدير ظهرها لأشقائها فى منظمة التحرير الفلسطينية». ويضيف الصحفى الأمريكى أنه بحلول فترة الظهيرة من اليوم نفسه كانت وكالة الأمن القومى الأمريكية قد اعترضت مكالمات لمبارك نحو 10 مرات تناقش الخطط النهائية لتسليم الخاطفين لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى الجزائر. ويضيف أن الأحاديث الهاتفية كانت زاخرة بالمعلومات الثمينة، حيث ذُكرت فيها تفاصيل الرحلة السرية لنقل عناصر منظمة التحرير الفلسطينية حيث التقط الأمريكان رقم الطائرة ونوعها ومكان الإقلاع. وما أن أقلعت الطائرة التابعة لشركة مصر للطيران من مطار ألماظة الجوى حتى قامت 4 طائرات أمريكية بإجبار الطائرة المصرية على الهبوط فى صقلية، وتم القبض على الخاطفين. وقد حاز الرئيس الأمريكى دونالد ريجان آنذاك، على إشادة من الجمهوريين والديمقراطيين باعتباره انتصر على الإرهاب.
التجسس على السفارة المصرية فى برن فى 1956
فى 5 مايو 1957 أعلنت سويسرا قرارًا بالقبض على ماكس أولريتش، المفتش لدى الشرطة الاتحادية، بتهم تتعلق بالتجسس. وأوضحت وكالة «الأسوشيتدبرس» فى تقرير نشرته وقتها صحيفة «هيرالد تربيون» الأمريكية أن هناك مزاعم بأن أولريتش قام ببيع تسجيلات لمحادثات هاتفية خاصة بالسفارة المصرية فى بون، تم اعتراضها طيلة العام السابق 1956، للجنرال الفرنسى مارسل ميرسير، قائد وكالات الاستخبارات الفرنسية. وأشارت إلى أنه يعتقد أن المعلومات الاستخباراتية التى باعها الضابط السويسرى لفرنسا لعبت دورًا حيويًا فى سلسلة عمليات القبض المثيرة على عدد من قادة الحركة الوطنية الجزائرية. ولفتت إلى أن العديد من قادة الحركة الوطنية الجزائرية التى كان الفرنسيون يعتبرونها محظورة، قاموا بزيارة سويسرا، ومن المعروف أنهم كانوا يحتفظون باتصالات وثيقة مع السفارة المصرية فى برن، حيث كانت السفارة من بين نقاط التنسيق المهمة بالنسبة للثورة الجزائرية. وأضافت «هيرالد تربيون» أن مسؤولى السفارة المصرية اشتكوا للسلطات السويسرية قبل الواقعة بعدة أشهر، وتحديدًا فى نوفمبر 1956، أنهم يشتبهون بالتجسس على هواتف السفارة لصالح فرنسا. وأثار تحقيق سرى أمرت به السلطات فى سويسرا الاشتباه فى أنشطة أولريتش الذى كان قد تم تعليق عمله فى مارس 1957، فى انتظار مزيد من التحقيقات. وكان التحقيق ذاته يبحث فى أسباب انتحار النائب العام السويسرى رونى ديبوا الذى كان يدير أيضًا وكالة مكافحة التجسس، حيث أعلنت الحكومة فى 24 مارس أن ديبوا انتحر عقب ظهور تورطه فى تسليم نتائج التنصت على السفارة المصرية إلى السلطات الفرنسية.
http://www.youm7.com/story/2015/6/27/وثائق-استخباراتية-تكشف--مصر-من-الدول-الأكثر-تعرضا-للتجسس-أمر/2242005#.VY6-_pzWKHM
التعديل الأخير: