القاذفـــــــات الكتفيـــــــة .. ســـــلاح الخنــــدق الأخيــــر
في زمننا الحالي تمتلك معظم الجيوش الغربية والشرقية أنواعاً متعددة من الأسلحة الكتفية المضادة للدروع ، أو ما يطلق عليه LAW ، والأحرف اختصار فقرة "الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات" . وفي الحقيقة فإن هذه الأسلحة تعتبر الأكثر شيوعا في الاستخدام بين الأسلحة المضادة للدروع الأخرى ، ويطلق عليها تسميات كثيرة ، مثل "سلاح الخندق الأخير" last-ditch weapon أو "مدفعية الرجل الواحد" one man's artillery . إن معظم تلك الأسلحة تتشابه في تصميمها العام ، حيث تتكون من سبطانة إطلاق مفتوحة الطرفين ، وعند الرمي فإن المقذوف يحتاج لشحنة دافعة للانطلاق ومنع حرق وجه الرامي بتأثير العصف الخلفي . فالمقذوف في مرحلته الأولى يجب أن يشتعل ويتوهج قبل مغادرته السبطانة بواسطة شعلة أو كبسولة قدح percussion cap (يجب أن يكون نظام الإيقاد على درجة عالية من الموثوقية لمنع الحوادث العرضية) ، لتبدأ الخطوة الثانية وإخراج المقذوف بسرعة إطلاق منخفضة نسبياً وذلك لتجنيب المشغل تأثير العصف الخلفي الصادر عن مؤخرة القاذف . ثم بعد ذلك مرحلة طيران المقذوف وإكمال مساره نحو الهدف بسرعته القصوى . البعض الآخر من هذه الأسلحة يحتوي على شحنة دفع من مرحلة واحدة فقط ، تحترق في تجويف السبطانة بالكامل لدفع وإطلاق المقذوف . كما أن معظمها مزود بمنظومات تصويب بصرية متقدمه ، أو مناظير عاملة بالأشعة تحت الحمراء infrared telescopes للاستخدام في ظروف الرؤية الليلية والسيئة .. في المقابل هناك ناحيتين تحدان من فاعلية هذا النوع من الأسلحة ، أولاً أن مداها الفعال والمجدي لا يزيد في الغالب عن 300 م . ثانيا قدرات اختراقها لا تتجاوز في معظمها عن 500-600 ملم للدروع الفولاذية المتجانسة . هذا يعني أن تلك الأسلحة ربما تكون قادرة على مشاغلة وإعطاب العديد من دبابات المعركة الرئيسية MBT التي في الخدمة حالياً ، ولكن مع التطور السريع في صناعة وتطور الدروع ، فإن الأسلحة المضادة للدروع الكتفية الحالية لن تكون كافية للتصدي للدبابات الحديثة ، حتى ولو كانت على أكتاف أكثر الجنود شجاعة ، مادامت قدراتها القتالية محدودة بهذا الشكل . وعادة ما ينصح مستخدمي هذه الأسلحة بتجنب الرمي على مقدمة الدبابة والقوس الأمامي لها حيث الدرع السميك ، والتركيز على الجوانب والمؤخرة والسقف .
لقد وجدت الأسلحة الكتفية المضادة للدروع طريقها دوماً لأيدي الجماعات والمليشيات غير النظامية ، وذلك ضمن مفاهيم وأطر "حرب العصابات" Guerrilla war . هذا النمط من الحروب ليس ظاهرة ملحقة بأي عقيدة أو مذهب خاص ، ولا هي مقيدة بزمن محدد أو ثقافة معينة .. هي حرب الضعفاء ، أو أولئك الأفراد الذين وبسبب حجمهم العددي ومستوى تسليحهم وتدريبهم المحدود ، لا يستطيعون مواجهة قوات نظامية regular forces حسنة التدريب في ساحات مواجهة مفتوحة . لذا يهاجم هؤلاء المسلحون وحدات العدو النظامية الصغيرة أو يعزلونها عن باقي قواتها وأدوات إسنادها . هم يضربون في الليل ، أو خلال المطر والضباب ، أو عند ساعات استراحة قوات العدو ، أو عند انتهائه تواً من عمل آخر . هم يعملون على اعتراض وإعاقة خطوط اتصالات العدو communications lines بحفر أو إتلاف الطرق ، وتفجير مسارات السكك الحديدية والجسور والقطارات ، ويكمنون لمواكب وحدات الدعم والإسناد . في الحقيقة ، الكمين ambush وسيلتهم المفضلة لتكريس ضرباتهم وتعزيزها . هو عنصر المفاجأة الذي يسمح لهم دائماً بتجاوز حقيقة تفرد العدو العددي في معركة معينة . المفاجأة والسلاح الحاسم decisive weapon لهذه المجاميع المسلحة ، هو في الحقيقة من يعوض نقصهم وقلتهم في الأعداد والأسلحة . يذكر الصيني Sun Tzu في كتابه "فن الحرب" The Art of War فيقول "العدو يجب أن لا يعرف أين أنت تنوي بدء المعركة ، فإذا هو لم يعرف أو يتيقن من المكان ، فإنه سيضطر للاستعداد في عدد كبير من المواقع . وعندما ينشر قواته في مناطق كثيرة ، فإن هذه هي الفرصة التي يجب أن تنطلق منها وتختار موقع شن الهجوم" .