انتهت التدريبات الروسية - المصرية "جسر الصداقة 2015" في البحر المتوسط، والتي جرت في الفترة من 6 إلى 14 يونيو/ حزيران الجاري.
وجرت التدريبات وسط اهتمام بالغ، سواء من جانب الدولتين المشاركتين أو من جانب دول حوض البحر الأبيض المتوسط. ووصل الاهتمام إلى اتفاق موسكو والقاهرة على إجراء هذه التدريبات بشكل دوري كل عام. ما يمثل تواجدا شبه دائم لقطع الأسطول البحري العسكري الروسي طوال العام في البحر المتوسط.
تضمنت المرحلة النشطة من تلك التدريبات انتشار مجموعتي القطع البحرية الروسية والمصرية في المنطقة المقررة لهما، وقامت السفن المشاركة بأداء مهماتها المتمثلة بصد هجمات الأهداف البحرية الصغيرة وتفتيش السفن المشبوهة، والتزود بالوقود والبحث عن سفن غارقة، وتنظيم الدفاع الجوي.
هدف هذه التدريبات هو تعزيز وتطوير التعاون العسكري بين القوات البحرية المصرية والروسية لخدمة الأمن والاستقرار البحريين، وتبادل الخبرات بين أفراد القوات البحرية للبلدين في مواجهة التهديدات البحرية المختلفة والتخطيط وتنسيق الجهود المشتركة في التعامل مع التحديات العصرية في مناطق بحرية ذات حركة ملاحة نشطة.
جاءت هذه التدريبات بعد فترة جمود لعشرات السنين بين روسيا ومصر في هذا المجال. ومن الواضح أنها ثمرة اللقاءات التي جرت خلال العامين الأخيرين بين قيادات الدولتين على أعلى المستويات. إضافة إلى تفاقم الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من حيث انتشار الإرهاب، واتساع رقعة الهجرة غير الشرعية، ومحاولات الولايات المتحدة والدول الأوروبية الاستئثار بالمساحة الأكبر من البحر الأبيض المتوسط، أو بالأحرى إغلاق البحر على دول معينة.
هذه التدريبات أثارت الكثير من التحليلات والتكهنات بشأن إقامة قاعدة بحرية روسية في مصر، والاستغناء عن قاعدة "طرطوس" في سوريا. وقد تكون هذه التحليلات والتكهنات بعيدة نسبيا عن الواقع، لأن الأمر ببساطة يتلخص في أن مرفأ طرطوس في سوريا كان عبارة عن مركز للتموين والإمداد ولم يكن في يوم من الأيام قاعدة عسكرية بحرية روسية في سوريا. من جهة أخرى، ألمح الكثير من المسؤولين المصريين إلى أن الحديث لا يدور أصلا بين موسكو والقاهرة حول إقامة قواعد عسكرية روسية في مصر.
لقد ظهرت هذه التكهنات عقب إزاحة حكم الإخوان المسلمين في مصر. ويبدو أنها كانت تهدف إلى تحقيق عدد من البنود:
-تأليب الرأي العام المصري ضد النظام السياسي الجديد الذي أطاح بحكم الإخوان المسلمين.
-توجيه رسالة "ساذجة" إلى الولايات المتحدة بأن روسيا تسعى لتعويض خسائرها المستقبلية في سوريا باستحداث مركز تموين وإمداد في الإسكندرية بدلا من طرطوس.
-إشاعة حالة من البلبلة وخلط الأوراق بهدف الدعم الإعلامي واللوجستي للمنظمات الإرهابية في سوريا، وما يسمى بالمعارضة السورية "المعتدلة المسلحة". وذلك بالترويج لسقوط طرطوس، والترويج أيضا لخسائر وهمية، وتوريط روسيا في أمور لا علاقة لها بها أصلا.
من جهة أخرى، أجرت روسيا والصين قبل عدة أسابيع تدريبات عسكرية بحرية في المياه الدولية بالبحر الأبيض المتوسط. الأمر الذي يعكس اهتمام موسكو بما يجري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويعكس أيضا رغبة روسيا في التواجد لتحقيق مصالحها المشروعة والطبيعية مثل القوى الدولية الأخرى، والحفاظ على الأمن الدولي والإقليمي، والمشاركة في ضبط الأمور في حوض المتوسط والتي تفاقمت مع انتشار الإرهاب واتساع رقعة الهجرة غير الشرعية.
من الواضح أن محاولات واشنطن وعدد من العواصم الأوروبية لا تزال تتواصل بهدف إعاقة انتشار أو تواجد الأسطول الروسي في البحر المتوسط، انطلاقا من اعتبار هذه الأطراف البحر "بحيرة" خاصة بها وبمصالحها. وهو ما نراه في خطط وبرامج الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة غير الشرعية وإمكانية اعتماد سيناريوهات عسكرية لمواجهة السفن التي تنقل المهاجرين. وهو أيضا ما نراه في التواجد الدائم للأسطول السادس الأمريكي والحرية التي يتمتع بها في حركته. بل ويعتبر أيضا رأس حربة لحلف الناتو في المنطقة إلى جانب القواعد العسكرية الموجودة في إيطاليا وغيرها من دول أوروبا المتوسطية.
إن تواجد روسيا البحري في المتوسط يضمن شكلا من أشكال التوازن، ويتيح الفرصة أمام دول المنطقة لتنويع خبراتها العسكرية والبحرية، ويقدم بدائل ومبادرات أخرى لتسوية أزمات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي أصبحت الولايات المتحدة وأوروبا تتصرف فيها وكأن بلدان المنطقة حدائق خلفية لها.
http://arabic.rt.com/news/785930-مناورات-روسيا-مصر-تعاون/
وجرت التدريبات وسط اهتمام بالغ، سواء من جانب الدولتين المشاركتين أو من جانب دول حوض البحر الأبيض المتوسط. ووصل الاهتمام إلى اتفاق موسكو والقاهرة على إجراء هذه التدريبات بشكل دوري كل عام. ما يمثل تواجدا شبه دائم لقطع الأسطول البحري العسكري الروسي طوال العام في البحر المتوسط.
تضمنت المرحلة النشطة من تلك التدريبات انتشار مجموعتي القطع البحرية الروسية والمصرية في المنطقة المقررة لهما، وقامت السفن المشاركة بأداء مهماتها المتمثلة بصد هجمات الأهداف البحرية الصغيرة وتفتيش السفن المشبوهة، والتزود بالوقود والبحث عن سفن غارقة، وتنظيم الدفاع الجوي.
هدف هذه التدريبات هو تعزيز وتطوير التعاون العسكري بين القوات البحرية المصرية والروسية لخدمة الأمن والاستقرار البحريين، وتبادل الخبرات بين أفراد القوات البحرية للبلدين في مواجهة التهديدات البحرية المختلفة والتخطيط وتنسيق الجهود المشتركة في التعامل مع التحديات العصرية في مناطق بحرية ذات حركة ملاحة نشطة.
جاءت هذه التدريبات بعد فترة جمود لعشرات السنين بين روسيا ومصر في هذا المجال. ومن الواضح أنها ثمرة اللقاءات التي جرت خلال العامين الأخيرين بين قيادات الدولتين على أعلى المستويات. إضافة إلى تفاقم الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من حيث انتشار الإرهاب، واتساع رقعة الهجرة غير الشرعية، ومحاولات الولايات المتحدة والدول الأوروبية الاستئثار بالمساحة الأكبر من البحر الأبيض المتوسط، أو بالأحرى إغلاق البحر على دول معينة.
هذه التدريبات أثارت الكثير من التحليلات والتكهنات بشأن إقامة قاعدة بحرية روسية في مصر، والاستغناء عن قاعدة "طرطوس" في سوريا. وقد تكون هذه التحليلات والتكهنات بعيدة نسبيا عن الواقع، لأن الأمر ببساطة يتلخص في أن مرفأ طرطوس في سوريا كان عبارة عن مركز للتموين والإمداد ولم يكن في يوم من الأيام قاعدة عسكرية بحرية روسية في سوريا. من جهة أخرى، ألمح الكثير من المسؤولين المصريين إلى أن الحديث لا يدور أصلا بين موسكو والقاهرة حول إقامة قواعد عسكرية روسية في مصر.
لقد ظهرت هذه التكهنات عقب إزاحة حكم الإخوان المسلمين في مصر. ويبدو أنها كانت تهدف إلى تحقيق عدد من البنود:
-تأليب الرأي العام المصري ضد النظام السياسي الجديد الذي أطاح بحكم الإخوان المسلمين.
-توجيه رسالة "ساذجة" إلى الولايات المتحدة بأن روسيا تسعى لتعويض خسائرها المستقبلية في سوريا باستحداث مركز تموين وإمداد في الإسكندرية بدلا من طرطوس.
-إشاعة حالة من البلبلة وخلط الأوراق بهدف الدعم الإعلامي واللوجستي للمنظمات الإرهابية في سوريا، وما يسمى بالمعارضة السورية "المعتدلة المسلحة". وذلك بالترويج لسقوط طرطوس، والترويج أيضا لخسائر وهمية، وتوريط روسيا في أمور لا علاقة لها بها أصلا.
من جهة أخرى، أجرت روسيا والصين قبل عدة أسابيع تدريبات عسكرية بحرية في المياه الدولية بالبحر الأبيض المتوسط. الأمر الذي يعكس اهتمام موسكو بما يجري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويعكس أيضا رغبة روسيا في التواجد لتحقيق مصالحها المشروعة والطبيعية مثل القوى الدولية الأخرى، والحفاظ على الأمن الدولي والإقليمي، والمشاركة في ضبط الأمور في حوض المتوسط والتي تفاقمت مع انتشار الإرهاب واتساع رقعة الهجرة غير الشرعية.
من الواضح أن محاولات واشنطن وعدد من العواصم الأوروبية لا تزال تتواصل بهدف إعاقة انتشار أو تواجد الأسطول الروسي في البحر المتوسط، انطلاقا من اعتبار هذه الأطراف البحر "بحيرة" خاصة بها وبمصالحها. وهو ما نراه في خطط وبرامج الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة غير الشرعية وإمكانية اعتماد سيناريوهات عسكرية لمواجهة السفن التي تنقل المهاجرين. وهو أيضا ما نراه في التواجد الدائم للأسطول السادس الأمريكي والحرية التي يتمتع بها في حركته. بل ويعتبر أيضا رأس حربة لحلف الناتو في المنطقة إلى جانب القواعد العسكرية الموجودة في إيطاليا وغيرها من دول أوروبا المتوسطية.
إن تواجد روسيا البحري في المتوسط يضمن شكلا من أشكال التوازن، ويتيح الفرصة أمام دول المنطقة لتنويع خبراتها العسكرية والبحرية، ويقدم بدائل ومبادرات أخرى لتسوية أزمات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي أصبحت الولايات المتحدة وأوروبا تتصرف فيها وكأن بلدان المنطقة حدائق خلفية لها.
http://arabic.rt.com/news/785930-مناورات-روسيا-مصر-تعاون/