شهدات لمجاهدات ونساء اغتصبن على يد الحركى وجنود فرنسا
لكن ألم الذكرى لا يزال هاجسا مرا ولو مرت 46 سنة من الاستقلال .. الشروق تنقل شهادات مثيرة من نساء باع الحركى أجسادهن بثمن بخص للجنود الفرنسيين.
خاطت أكثر من 1000 علم وطني في الخامس من جويلية عام 1962، كان عمرها وقتئذ لم يتجاوز 20 ربيعا .. هي (السيدة حفصة.م) لم تشارك شقيقات جميلة بوحيرد مواجهة المستعمر إبان الثورة التحريرية، لكن نقمة الاستعمار طالتها حتى وهي في بيتها. بصعوبة كبيرة أقنعناها بالبوح عن سر ألم الماضي .. كيف أخرجت بالقوة من بيت والدها المجاهد في أعالي منطقة القبائل ببلدية (أمشدالة) لتقتاد ذات يوم مساء من شهر مارس عام 1959 إلى مقر الشرطة الفرنسية، كان الجو ماطرا عندما اقتحم أحد الحركى بيتهم مناديا على اسم والدتها في لحظة تقول عنها أنها لن تمحى من ذاكرتها، ثم تضيق قائلة : "قرع مصطفى الحركي للباب الخشبي للمنزل في وقت متأخر دفع والدتي لإخفاء أخي محمد تحت كومة من الخشب اليابس.. معتقدة أنه حان الوقت لجره للمعتقل، بالرغم من أن سن أخي لم يتجاوز عمره 15 سنة، ثم فتحت له الباب ليقول لها "مهما طال غياب زوجك فإن مصيره قادم
كنت أنا قد رفعت ستار إحدى الغرف لأخبره قائلة "إذا كنت تدري بأن والدي ليس هنا فلماذا تطرق الباب علينا، ألا تخجل من نفسك" .. لحظات لا أكثر يغادر المنزل ليعود بعد صلاة المغرب، نفس صوت دق الباب تتحدث أمي باسم الله الرحمان الرحيم، إنه مصطفى، قررت أن أفتح له الباب وأبزق في وجهه، لكنه هذه المرة لم يكن لوحده، فقد جاء برفقة ثلاثة جنود فرنسيين، قائلا لهم هذه ابنة "بلقاسم" .. تصمت للحظات .. ترتجف يداها وبصوت متقطع وكأني بها ترفض الحديث.. ليقول لي "مصطفى" إذا أردت خلاص أخيك من المعتقل إتبعيني بهدوء .. نظرت إلى والدتي .. راحت تندب وجهها وهي تنادي على أخي الأكبر وعلى اسم والدي "دونكم ليا" .. وفي ساعة متأخرة وجدت نفسي أمام أكثر من أربعة جنود، كان من بينهم الحركي مصطفى .. في البداية راح يسألني عن مكان تواجد أخي الأكبر، وكيف ذهب، كنت في كل مرة أجيب لا أعرف .. لا أعرف .. فجأة راح ينظر إلي قائلا ستعرفين أين هو؟ أخذوني في عربة عسكرية، إعتقدت أنهم سيأخذونني إلى مكان آخر .. لتتوقف العربة في مكان خال أدركت لحظتها أني فريسة للاغتصاب. الساعة كانت قد تجاوزت الواحدة صباحا، عندما أعادوني إلى البيت ــ تنجرف الدموع من عينها في مشهد مثير ــ أدركت لحظتها أنه حتى لو اعتذرت فرنسا فإنه لا يكفي
حفصة اليوم سيدة متزوجة، وأم لخمسة أولاد، ظلت ليلة الاستقلال تخيط الأعلام الوطنية ولم تنم طيلة اليوم، مثلما لا تزال تتذكر في كل ليلة .. ليلة اغتصبوها
جنود فرنسيون اختطفوا "مباركة" المعوقة .. إغتصبوها واحتجزوها أسبوعا للمهمة القذرة
رواية أخرى يتحدث عنها عمي مسعود المجاهد صاحب 74 سنة، ربما كان من الصعب جدا أن يتحدث والد عن آلام اغتصاب ابنته بوحشية لا تقارن كما قال لنا بهمجية (الذئاب)، عندما قررت الصعود إلى الجبل للالتحاق بدرب المجاهدين تركت بناتي الخمس تحت مسؤولية أخي محمد، رفقة زوجتي فاطمة، بعدها تم اعتقال أخي وبقي في المعتقل لفترة تزيد عن الشهر، ظلت فيها ابنتي الكبرى زينب تهتم بوالدتها المريضة وشقيقاتها، كان من بينهن "مباركة" عمرها وقتئذ كان 13 سنة .. ذات يوم طرق مجموعة من العساكر الفرنسين باب المنزل للسؤال عني كالعادة، فلمحوا "مباركة المعاقة" .. إختطفوها على مرأى من شقيقاتها، وأنا في الجبل وصلني خبر اختطافها، طلبت من زينب الاتصال بأحد أصدقائي المجاهدين ممن كان يعمل بوابا في أحد المطاعم الفرنسية، وكان مكلفا بنقل أخبار الفرنسيين وتحركاتهم. إختطاف الجنود الفرنسيين لمباركة جاء لكونها بكماء وعرجاء، فهي لا تستطيع المقاومة.. أخبرني صديقي أنهم قاموا باحتجازها في مرآب مظلم تحت الأرض لمدة أسبوع، وكان المرآب ملكا لأحد الفرنسيين المعمرين ممن طلب وقتها حراسة عليه كونه كان تاجر خمور، كانت مباركة محجوزة مع زجاجات الخمر، وكان يلجأ إليها الجنود لاغتصابها بكل وحشية.. يقول عمي مسعود أنه اتجه برفقة 9 مجاهدين حاملين للسلاح لتحرير مباركة، وقمنا باقتناص أحد الحراس، وعثرنا على ابنتي وهي عارية كانت مختبئة وقتها تحت إحدى شاحنات نقل الخمور، لم أجد غير معطفي لسترها .. وقتها تم محاصرتنا، بعربتين عسكريتين ليتم اعتقالنا، وبقينا في السجن إلى غاية هروبي منه، فيما عادت مباركة إلى شقيقاتها .. المجاهدة الزهرة زوجة مجاهد توفي بعد الثورة .. كانت مكلفة بتحضير وجبات أكل المجاهدين، وبالتجسس على تحركات الحركى تتحدث قائلة: "كنا نضع الطعام تحت الخشب لننقله على ظهور الحمير إلى الجبال، وعندما كان يستوقفنا الجنود الفرنسيون أو الحركى، كنا نتحجج بنقل الخشب للطهي .. مرة استوقف الحركى مسعودة وهي تخبئ الطعام تحت الخشب، استوقفوها وقام أحد الجنود بصفعها ليقول للحركي بعدها باللغة الفرنسية "تملك خدا ناعما .. أريدها".. إرتبك "الحركي" تقول الزهرة .. لكنه في النهاية استسلم لأوامر الجندي واقتادها في وضح النهار جردوها واغتصبوها.. وكانت تلك الحادثة، بداية لصعود مسعودة نحو الجبل كمجاهدة للمشاركة في الثورة .. المجاهدة "مسعودة.م" توفيت مؤخرا بمرض عضال ...
ارشيف الاغتصاب... الجريمة الصامتة
"لقد هتكوا عرضي واغتصبوني وتحملت اعتداءات بربرية".. هو جزء من تصريحات المجاهدة لويزة إيغيل أحريز، عندما وقفت ذات يوم في إحدى المرافعات ضد الجنرال موريس بتهمة الاغتصاب وانتهاك العرض، لتكون بذلك أول مجاهدة وامرأة تكسر طابو الاغتصاب، في مجمتع يرفض الكشف عن قضايا الشرف حتى لو كانت من جانب المستعمر، كما شكلت تقاليد المجتمع المحافظ وحياء المجاهدات أن يظل الملف بالرغم من وحشيته "جريمة مسكوت عنها .
بتاريخ جوان من عام 2000 أدلت المجاهدة لويزة إيغيل أحريز بتصريحات صحفية لجريدة "لوموند" الفرنسية عن التعذيب والعنف الذي تعرضت إليه على أيادي الفرقة العاشرة للجنود التابعين للجنرال "ماسو" بإحدى الثكنات في الفترة ما بين سبتمبر وديسمبر 1957، وهي التصريحات التي دعمتها فيما بعد في كتابها (جزائرية)، والذي أثار الكثير من الجدل، لتفتح الصحافة جدلا آخر بعد التصريحات التي أدلى بها الجنرال "ماسو" واصفا تصريحات لويزة بالأكاذيب، على إحدى القنوات الفرنسية في السادس من مارس 2002، لتكون الانطلاقة نحو المحكمة العليا الفرنسية.
شهادات لويزة ايغيل عن الاغتصاب
في شهادات دونها التاريخ، تتحدث لويزة إغيل واحدة من بين المجاهدات من فضلت كسر طابو الاغتصاب متحدثة عن ملف ثقيل، سألوها مرة بالقول: هل كان الاغتصاب عملية يعني تحصل بشكل دائم آنذاك من قبل الفرنسيين أم أنك الوحيدة التي تعرضت لهذا النوع من التعذيب؟ لتجيب قائلة: لا أبدا إن الاغتصاب كان قائما، لكن أحدا لم يتحدث عنه من مفهوم الاحترام .. بعد اغتصابي سألتني أمي .. هل اغتصبوكِ؟ لقد وجدت هذا رهيبا، وفي النهاية قبلت بسؤالها هذا، فهي أمي مع كل الممنوعات والمحرمات والتقاليد. كنت في حالة نفسية محطمة وأمي تهتم بذلك هذا صعب للغاية، فأولا كان يجب عدم الكلام عن هذا.. بعدها .. قلت لها نعم .
لم يكن سهلا على مجاهدات الثورة الجزائر رفع الستار عن حوادث الاغتصاب .. لأن الأمر يتعلق بقضية شرف .. الشرف الذي وإن كانت فيه المرأة الجزائرية ضحية، ولكنه كان ولا يزال حتى بعد 46 سنة عارا وفضيحة، وإن كان السبب فيه وحش فرنسي. المجاهدة لويزة إغيل أحريز فعلت خلافا للكثير من المناضلات الجزائريات الأخريات اللواتي فضلن دفن السر مع الكثير من صور العذاب، لتنقل قضيتها أمام الرأي العام، "لأستطيع ولو لمرة واحدة منذ اعتقالي أن أغلق عيناي وأن أنام نوما هادئا.
وقائع اغتصابنا كانت اكثر الما من صور ابو غريب
تتحدث وثائق رسمية تشير واحدة منها "تعليمة للجنرال بيجو عام 1948 موجهة إلى عسكريين فرنسيين يأمرهم فيها بأخذ النساء دون 15 سنة ونقلهم إلى جزر نائية قرب المحيط الأطلنطي ومعاشرتهن من أجل تقوية الشعب الفرنسي، كما تكشف وثائق أخرى من ملف المجاهدة (لويزة أحريز) عن اعترافات جندي فرنسي يقول فيها أنه داهم قرية بإحدى مناطق الجبال، حيث اعتدوا على جميع النساء وبقيت في ذهنه صورة تلك العجوز التي صادفته فاتحة فمها لإخباره بأنه لا يحوي على أسنان من ذهب ورافعة عن ثوبها عارضة نفسها مقابل أن لا يمس عرض بناتها.
وتتحدث مجاهدة كبيرة رفضت ذكر اسمها في الموضوع عن ملف الاغتصاب، لاسيما في أوساط السجينات، إبان الثورة التحريرية قائلة "يوميا كان يتحرش بنا.. بل إن الاغتصاب كان بالنسبة لهم وسيلة من وسائل التعذيب .. فلم يكن المستعمر الفرنسي يكتفي بالاغتصاب، بل إنهم كانوا يتفننون في تجريدنا من ملابسنا .. تصمت للحظات ثم تقول: صور سجن أبو غريب بالعراق كانت أقل بكثير مما كان يحدث لنا بالسجون إبان الثورة التحريرية.. أذكر أنهم كانوا يجردوننا جماعيا من ملابسنا، وكان يطوف علينا أحد الجنود يقوم بتلمس أجسادنا بعصا حديدية (..) وبعد الاغتصاب كانوا يرفضون إرجاع ملابسنا ..
ومما روي لنا، مشاركة أطراف إفريقية في عمليات اغتصاب الجزائريات، ومن هؤلاء مجاهدات قاومن التعذيب في السجون ورفضن الحديث، فكان بعض الجنرالات الفرنسيين يأمرون باغتصابهن من طرف مجندين فرنسيين من دول إفريقية لإجبارهن على الحديث تحت ألم الاغتصاب الوحشي .
1700 محامي بحوزتهم ملفات اغتصاب جزائريات ابان الثورة
كشفت مصادر قانونية، أن ملف اغتصاب الجزائريات ظهر بشدة بعد قضية المجاهدة لويزة إغيل أحرير، وقالت المصادر التي عملت على الملف، إنه إذا فاق عدد شهداء الثورة المليون ونصف المليون شهيد، فإن عدد ضحايا الاغتصاب والتحرش مس عائلات الشهداء، فكثير من نساء الشهداء وبناتهن قدموا شهادات أليمة عن تعرضهن للتحرش والاغتصاب من قبل الجنود الفرنسيين، كما تعرضوا للضرب والتعذيب لتقديم معلومات عن أزواجهن. وأكدت مصادرنا أن قرابة 1728 محاميا يملك وثائق وملفات تتعلق بجرائم فرنسا الإستعمارية في الجزائر، من قتل وتعذيب واغتصاب.
هذا ورفضت إحدى مجاهدات الثورة الجزائرية تدوين شهادتها باسمها وبتوقيعها قائلة "ليس سكوتا عن الجريمة، فالذي يقتل أكثر من المليون نصف المليون شهيد .. يغتصب أيضا وينتهك العرض، كما أن اعتذار فرنسا لن يقدم ولن يؤخر في شيء .. فالتاريخ حسم .. واستقلت الجزائر، وكل العالم يدري أن فرنسا قتلت، وسفحت، واغتصبت، أيضا .
اليوم ونحن نحتفل بالذكرى 46 لعيدي الاستقلال والشباب .. ربما أضحى مطلوبا أمام رفض فرنسا اعترافها واعتذارها، من كبار مجاهدات الثورة تدوين هذه الجرائم وتسجيلها وكشفها لا لفضح عار فرنسا .. فكما قالت إحدى المجاهدات "جاهدنا أمس بالسلاح .. وسنجاهد اليوم بشهاداتنا .
http://www.echoroukonline.com/ara/enquetes/reportages/23009.html
شهادات مثيرة لمجاهدات ونساء اغتصبن من طرف "الحركى" وجنود فرنسا
.. سلبت حريتهن .. وشرفهن .. أمام أعين الحركى.. بل أن هؤلاء كانوا جزءا من الجريمة .. الجريمة التي ترفض وتصر فرنسا على رفض الاعتذار .. هن جزائريات مجاهدات وقعن ضحية (قضية شرف) أصبحت جزءا من الماضي.
مجاهدات اغتصبن في السجون: وقائع اغتصابنا كانت أكثر ألما من صور سجن أبو غريب
لكن ألم الذكرى لا يزال هاجسا مرا ولو مرت 46 سنة من الاستقلال .. الشروق تنقل شهادات مثيرة من نساء باع الحركى أجسادهن بثمن بخص للجنود الفرنسيين.
خاطت أكثر من 1000 علم وطني في الخامس من جويلية عام 1962، كان عمرها وقتئذ لم يتجاوز 20 ربيعا .. هي (السيدة حفصة.م) لم تشارك شقيقات جميلة بوحيرد مواجهة المستعمر إبان الثورة التحريرية، لكن نقمة الاستعمار طالتها حتى وهي في بيتها. بصعوبة كبيرة أقنعناها بالبوح عن سر ألم الماضي .. كيف أخرجت بالقوة من بيت والدها المجاهد في أعالي منطقة القبائل ببلدية (أمشدالة) لتقتاد ذات يوم مساء من شهر مارس عام 1959 إلى مقر الشرطة الفرنسية، كان الجو ماطرا عندما اقتحم أحد الحركى بيتهم مناديا على اسم والدتها في لحظة تقول عنها أنها لن تمحى من ذاكرتها، ثم تضيق قائلة : "قرع مصطفى الحركي للباب الخشبي للمنزل في وقت متأخر دفع والدتي لإخفاء أخي محمد تحت كومة من الخشب اليابس.. معتقدة أنه حان الوقت لجره للمعتقل، بالرغم من أن سن أخي لم يتجاوز عمره 15 سنة، ثم فتحت له الباب ليقول لها "مهما طال غياب زوجك فإن مصيره قادم
كنت أنا قد رفعت ستار إحدى الغرف لأخبره قائلة "إذا كنت تدري بأن والدي ليس هنا فلماذا تطرق الباب علينا، ألا تخجل من نفسك" .. لحظات لا أكثر يغادر المنزل ليعود بعد صلاة المغرب، نفس صوت دق الباب تتحدث أمي باسم الله الرحمان الرحيم، إنه مصطفى، قررت أن أفتح له الباب وأبزق في وجهه، لكنه هذه المرة لم يكن لوحده، فقد جاء برفقة ثلاثة جنود فرنسيين، قائلا لهم هذه ابنة "بلقاسم" .. تصمت للحظات .. ترتجف يداها وبصوت متقطع وكأني بها ترفض الحديث.. ليقول لي "مصطفى" إذا أردت خلاص أخيك من المعتقل إتبعيني بهدوء .. نظرت إلى والدتي .. راحت تندب وجهها وهي تنادي على أخي الأكبر وعلى اسم والدي "دونكم ليا" .. وفي ساعة متأخرة وجدت نفسي أمام أكثر من أربعة جنود، كان من بينهم الحركي مصطفى .. في البداية راح يسألني عن مكان تواجد أخي الأكبر، وكيف ذهب، كنت في كل مرة أجيب لا أعرف .. لا أعرف .. فجأة راح ينظر إلي قائلا ستعرفين أين هو؟ أخذوني في عربة عسكرية، إعتقدت أنهم سيأخذونني إلى مكان آخر .. لتتوقف العربة في مكان خال أدركت لحظتها أني فريسة للاغتصاب. الساعة كانت قد تجاوزت الواحدة صباحا، عندما أعادوني إلى البيت ــ تنجرف الدموع من عينها في مشهد مثير ــ أدركت لحظتها أنه حتى لو اعتذرت فرنسا فإنه لا يكفي
حفصة اليوم سيدة متزوجة، وأم لخمسة أولاد، ظلت ليلة الاستقلال تخيط الأعلام الوطنية ولم تنم طيلة اليوم، مثلما لا تزال تتذكر في كل ليلة .. ليلة اغتصبوها
جنود فرنسيون اختطفوا "مباركة" المعوقة .. إغتصبوها واحتجزوها أسبوعا للمهمة القذرة
رواية أخرى يتحدث عنها عمي مسعود المجاهد صاحب 74 سنة، ربما كان من الصعب جدا أن يتحدث والد عن آلام اغتصاب ابنته بوحشية لا تقارن كما قال لنا بهمجية (الذئاب)، عندما قررت الصعود إلى الجبل للالتحاق بدرب المجاهدين تركت بناتي الخمس تحت مسؤولية أخي محمد، رفقة زوجتي فاطمة، بعدها تم اعتقال أخي وبقي في المعتقل لفترة تزيد عن الشهر، ظلت فيها ابنتي الكبرى زينب تهتم بوالدتها المريضة وشقيقاتها، كان من بينهن "مباركة" عمرها وقتئذ كان 13 سنة .. ذات يوم طرق مجموعة من العساكر الفرنسين باب المنزل للسؤال عني كالعادة، فلمحوا "مباركة المعاقة" .. إختطفوها على مرأى من شقيقاتها، وأنا في الجبل وصلني خبر اختطافها، طلبت من زينب الاتصال بأحد أصدقائي المجاهدين ممن كان يعمل بوابا في أحد المطاعم الفرنسية، وكان مكلفا بنقل أخبار الفرنسيين وتحركاتهم. إختطاف الجنود الفرنسيين لمباركة جاء لكونها بكماء وعرجاء، فهي لا تستطيع المقاومة.. أخبرني صديقي أنهم قاموا باحتجازها في مرآب مظلم تحت الأرض لمدة أسبوع، وكان المرآب ملكا لأحد الفرنسيين المعمرين ممن طلب وقتها حراسة عليه كونه كان تاجر خمور، كانت مباركة محجوزة مع زجاجات الخمر، وكان يلجأ إليها الجنود لاغتصابها بكل وحشية.. يقول عمي مسعود أنه اتجه برفقة 9 مجاهدين حاملين للسلاح لتحرير مباركة، وقمنا باقتناص أحد الحراس، وعثرنا على ابنتي وهي عارية كانت مختبئة وقتها تحت إحدى شاحنات نقل الخمور، لم أجد غير معطفي لسترها .. وقتها تم محاصرتنا، بعربتين عسكريتين ليتم اعتقالنا، وبقينا في السجن إلى غاية هروبي منه، فيما عادت مباركة إلى شقيقاتها .. المجاهدة الزهرة زوجة مجاهد توفي بعد الثورة .. كانت مكلفة بتحضير وجبات أكل المجاهدين، وبالتجسس على تحركات الحركى تتحدث قائلة: "كنا نضع الطعام تحت الخشب لننقله على ظهور الحمير إلى الجبال، وعندما كان يستوقفنا الجنود الفرنسيون أو الحركى، كنا نتحجج بنقل الخشب للطهي .. مرة استوقف الحركى مسعودة وهي تخبئ الطعام تحت الخشب، استوقفوها وقام أحد الجنود بصفعها ليقول للحركي بعدها باللغة الفرنسية "تملك خدا ناعما .. أريدها".. إرتبك "الحركي" تقول الزهرة .. لكنه في النهاية استسلم لأوامر الجندي واقتادها في وضح النهار جردوها واغتصبوها.. وكانت تلك الحادثة، بداية لصعود مسعودة نحو الجبل كمجاهدة للمشاركة في الثورة .. المجاهدة "مسعودة.م" توفيت مؤخرا بمرض عضال ...
ارشيف الاغتصاب... الجريمة الصامتة
"لقد هتكوا عرضي واغتصبوني وتحملت اعتداءات بربرية".. هو جزء من تصريحات المجاهدة لويزة إيغيل أحريز، عندما وقفت ذات يوم في إحدى المرافعات ضد الجنرال موريس بتهمة الاغتصاب وانتهاك العرض، لتكون بذلك أول مجاهدة وامرأة تكسر طابو الاغتصاب، في مجمتع يرفض الكشف عن قضايا الشرف حتى لو كانت من جانب المستعمر، كما شكلت تقاليد المجتمع المحافظ وحياء المجاهدات أن يظل الملف بالرغم من وحشيته "جريمة مسكوت عنها .
بتاريخ جوان من عام 2000 أدلت المجاهدة لويزة إيغيل أحريز بتصريحات صحفية لجريدة "لوموند" الفرنسية عن التعذيب والعنف الذي تعرضت إليه على أيادي الفرقة العاشرة للجنود التابعين للجنرال "ماسو" بإحدى الثكنات في الفترة ما بين سبتمبر وديسمبر 1957، وهي التصريحات التي دعمتها فيما بعد في كتابها (جزائرية)، والذي أثار الكثير من الجدل، لتفتح الصحافة جدلا آخر بعد التصريحات التي أدلى بها الجنرال "ماسو" واصفا تصريحات لويزة بالأكاذيب، على إحدى القنوات الفرنسية في السادس من مارس 2002، لتكون الانطلاقة نحو المحكمة العليا الفرنسية.
شهادات لويزة ايغيل عن الاغتصاب
في شهادات دونها التاريخ، تتحدث لويزة إغيل واحدة من بين المجاهدات من فضلت كسر طابو الاغتصاب متحدثة عن ملف ثقيل، سألوها مرة بالقول: هل كان الاغتصاب عملية يعني تحصل بشكل دائم آنذاك من قبل الفرنسيين أم أنك الوحيدة التي تعرضت لهذا النوع من التعذيب؟ لتجيب قائلة: لا أبدا إن الاغتصاب كان قائما، لكن أحدا لم يتحدث عنه من مفهوم الاحترام .. بعد اغتصابي سألتني أمي .. هل اغتصبوكِ؟ لقد وجدت هذا رهيبا، وفي النهاية قبلت بسؤالها هذا، فهي أمي مع كل الممنوعات والمحرمات والتقاليد. كنت في حالة نفسية محطمة وأمي تهتم بذلك هذا صعب للغاية، فأولا كان يجب عدم الكلام عن هذا.. بعدها .. قلت لها نعم .
لم يكن سهلا على مجاهدات الثورة الجزائر رفع الستار عن حوادث الاغتصاب .. لأن الأمر يتعلق بقضية شرف .. الشرف الذي وإن كانت فيه المرأة الجزائرية ضحية، ولكنه كان ولا يزال حتى بعد 46 سنة عارا وفضيحة، وإن كان السبب فيه وحش فرنسي. المجاهدة لويزة إغيل أحريز فعلت خلافا للكثير من المناضلات الجزائريات الأخريات اللواتي فضلن دفن السر مع الكثير من صور العذاب، لتنقل قضيتها أمام الرأي العام، "لأستطيع ولو لمرة واحدة منذ اعتقالي أن أغلق عيناي وأن أنام نوما هادئا.
وقائع اغتصابنا كانت اكثر الما من صور ابو غريب
تتحدث وثائق رسمية تشير واحدة منها "تعليمة للجنرال بيجو عام 1948 موجهة إلى عسكريين فرنسيين يأمرهم فيها بأخذ النساء دون 15 سنة ونقلهم إلى جزر نائية قرب المحيط الأطلنطي ومعاشرتهن من أجل تقوية الشعب الفرنسي، كما تكشف وثائق أخرى من ملف المجاهدة (لويزة أحريز) عن اعترافات جندي فرنسي يقول فيها أنه داهم قرية بإحدى مناطق الجبال، حيث اعتدوا على جميع النساء وبقيت في ذهنه صورة تلك العجوز التي صادفته فاتحة فمها لإخباره بأنه لا يحوي على أسنان من ذهب ورافعة عن ثوبها عارضة نفسها مقابل أن لا يمس عرض بناتها.
وتتحدث مجاهدة كبيرة رفضت ذكر اسمها في الموضوع عن ملف الاغتصاب، لاسيما في أوساط السجينات، إبان الثورة التحريرية قائلة "يوميا كان يتحرش بنا.. بل إن الاغتصاب كان بالنسبة لهم وسيلة من وسائل التعذيب .. فلم يكن المستعمر الفرنسي يكتفي بالاغتصاب، بل إنهم كانوا يتفننون في تجريدنا من ملابسنا .. تصمت للحظات ثم تقول: صور سجن أبو غريب بالعراق كانت أقل بكثير مما كان يحدث لنا بالسجون إبان الثورة التحريرية.. أذكر أنهم كانوا يجردوننا جماعيا من ملابسنا، وكان يطوف علينا أحد الجنود يقوم بتلمس أجسادنا بعصا حديدية (..) وبعد الاغتصاب كانوا يرفضون إرجاع ملابسنا ..
ومما روي لنا، مشاركة أطراف إفريقية في عمليات اغتصاب الجزائريات، ومن هؤلاء مجاهدات قاومن التعذيب في السجون ورفضن الحديث، فكان بعض الجنرالات الفرنسيين يأمرون باغتصابهن من طرف مجندين فرنسيين من دول إفريقية لإجبارهن على الحديث تحت ألم الاغتصاب الوحشي .
1700 محامي بحوزتهم ملفات اغتصاب جزائريات ابان الثورة
كشفت مصادر قانونية، أن ملف اغتصاب الجزائريات ظهر بشدة بعد قضية المجاهدة لويزة إغيل أحرير، وقالت المصادر التي عملت على الملف، إنه إذا فاق عدد شهداء الثورة المليون ونصف المليون شهيد، فإن عدد ضحايا الاغتصاب والتحرش مس عائلات الشهداء، فكثير من نساء الشهداء وبناتهن قدموا شهادات أليمة عن تعرضهن للتحرش والاغتصاب من قبل الجنود الفرنسيين، كما تعرضوا للضرب والتعذيب لتقديم معلومات عن أزواجهن. وأكدت مصادرنا أن قرابة 1728 محاميا يملك وثائق وملفات تتعلق بجرائم فرنسا الإستعمارية في الجزائر، من قتل وتعذيب واغتصاب.
هذا ورفضت إحدى مجاهدات الثورة الجزائرية تدوين شهادتها باسمها وبتوقيعها قائلة "ليس سكوتا عن الجريمة، فالذي يقتل أكثر من المليون نصف المليون شهيد .. يغتصب أيضا وينتهك العرض، كما أن اعتذار فرنسا لن يقدم ولن يؤخر في شيء .. فالتاريخ حسم .. واستقلت الجزائر، وكل العالم يدري أن فرنسا قتلت، وسفحت، واغتصبت، أيضا .
اليوم ونحن نحتفل بالذكرى 46 لعيدي الاستقلال والشباب .. ربما أضحى مطلوبا أمام رفض فرنسا اعترافها واعتذارها، من كبار مجاهدات الثورة تدوين هذه الجرائم وتسجيلها وكشفها لا لفضح عار فرنسا .. فكما قالت إحدى المجاهدات "جاهدنا أمس بالسلاح .. وسنجاهد اليوم بشهاداتنا .
http://www.echoroukonline.com/ara/enquetes/reportages/23009.html
التعديل الأخير: