المملكة العربية السعودية ليست “صديقة” للولايات المتحدة
كولبيرت كينغ – واشنطن بوست (التقرير)
في افتتاحية واشنطن بوست يوم 21 مايو، اقتبس الزميل “تشارلز كروثامر” عن رئيس المخابرات السعودي السابق، الأمير تركي الفيصل، شكواه التي تقول: “أنت تريد افتراضات؟ هنا واحدة: لقد كنا أفضل صديق للولايات المتحدة في العالم العربي لمدة 50 عامًا“. ومن الجدير بالملاحظة هنا أن الجملة مكتوبة بصيغة الفعل الماضي.
وإذا ما كانت حساباتي صحيحة، فإن بدايات تلك العلاقة التي يشير إليها تركي بين السعودية والولايات المتحدة تعود لعام 1965. ولكن، هل يمكن القول بأن المملكة كانت “أفضل صديق” للولايات المتحدة؟
كما قال أوسكار وايلد: “الأصدقاء الحقيقيون يطعنونك من الأمام“. ولكن أمريكا كانت تدير ظهرها في عام 1973، عندما فرضت الدول المنتجة للنفط التي تقودها المملكة العربية السعودية حظرًا ضد الولايات المتحدة؛ ردًا على الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل في حربها مع مصر وسوريا.
لقد حرض “أفضل صديق” لأمريكا على مضاعفة سعر النفط، ومن ثم؛ رفع هذا السعر إلى أربعة أضعاف. ووقف رفاقنا الجيدون في الشرق الأوسط يشاهدون الطوابير الطويلة وهي تتشكل أمام محطات تعبئة الوقود في الولايات المتحدة، وأسعار المستهلك وهي ترتفع. ولم تظهر الملكية السعودية أي أسف، بينما كان الألم الذي ألحقته بالاقتصاد الأمريكي يفعل فعله.
وحدث ذلك لأن السعوديين كانوا يسعون لتعليم “الصديق الأفضل” الأمريكي درسًا مفاده أنهم قادرون على إلحاق الألم بنا كلما أرادوا. وقد استوعب البيت الأبيض في عهد نيكسون هذه الرسالة، وبدأ المفاوضات مع الدول المنتجة للنفط بقيادة السعودية لإنهاء الحصار، وبدأ بالضغط على إسرائيل للانسحاب من هضبة الجولان وسيناء.
وأثبت التلاعب في أسعار النفط أنه سلاح مفيد للسعودية. وجورج دبليو بوش يعلم ذلك. ومع ارتفاع سعر النفط لأكثر من 127 دولارًا للبرميل في مايو 2008، ناشد الرئيس بوش المملكة العربية السعودية لزيادة الإنتاج وخفض الأسعار. ولكن السعوديين قالوا له: “لا”. وكانت تلك المرة الثانية التي يفعلون فيها ذلك؛ حيث كان السعوديون قد رفضوا طلبًا مشابهًا لبوش في يناير.
وماذا فعل “أفضل صديق” لأمريكا على مدى العقود الأربعة الماضية مع تدفق أموال البترودولار عليه، وتقدر بـ 116 مليار دولار سنويًا، كما لاحظ تقرير لبرنامج “فرونت لاين” التليفزيوني على قناة PBS؟
إلى جانب الإنفاق المجنون على المطارات، والفنادق، والطرق، والمستشفيات، والمدارس، وكلها مشاريع محلية وبنية تحتية تشتد الحاجة إليها؛ وجدت مليارات السعودية طريقها إلى قنوات أخرى، مثل الجمعيات الخيرية الدينية التي مولت شبكات من المدارس الدينية الغارقة في الوهابية المحافظة والمعادية للغرب، والتي وضعت الأساس لإنشاء تنظيم القاعدة. وفي الوقت نفسه، لم تفعل كل هذه المليارات سوى القليل لإنهاء قمع النساء السعوديات أو إنهاء التعاليم المضادة للمسيحيين واليهود.
ومن أين جاءت الأموال والأسلحة التي ساعدت في خلق طالبان؟ نعم، من المملكة.
في الواقع، بعد أن سيطرت طالبان على العاصمة الأفغانية (كابول) في سبتمبر 1996، كانت المملكة العربية السعودية من بين الدول الثلاث التي قررت إقامة علاقات دبلوماسية معها. ورغم ذلك، انتهت تلك العلاقة في سبتمبر 2001، عندما أدرك السعوديون، وفقًا لما قالته المملكة، أن حركة طالبان لم تكن جيدة، وأنها جذبت ودربت المسلمين، بما في ذلك المواطنون السعوديون؛ “للقيام بأعمال إجرامية” ضد الشريعة الإسلامية.
وطوال الـ 50 عامًا التي يتحدث عنها الأمير تركي أيضًا، لم يتردد السعوديون عندما كانوا منزعجين عن صد رؤساء الولايات المتحدة علنًا. وليس قرار اللحظة الأخيرة للملك سلمان بالانسحاب من القمة العربية مع الرئيس أوباما هذا الشهر في كامب ديفيد سوى آخر مثال على هذا الأمر.
وفي عام 2001، لم يكن ولي العهد آنذاك والداعم للانتفاضة الفلسطينية، الأمير عبد الله، يعتقد بأن الولايات المتحدة تبذل جهودًا كافية لمعارضة الإجراءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. ولذلك؛ عندما دعي إلى زيارة البيت الأبيض للقاء بوش المنتخب حديثًا في مايو 2001، اختار عبد الله البقاء في المنزل، وأعلن بتعالٍ: “نريد من (الولايات المتحدة) أن تنظر في ضميرها“.
وبعد بضعة أشهر، أرسل عبد الله رسالة تحذر بوش بغضب: “هناك وقت تفترق فيه الشعوب والأمم. نحن في مفترق طرق. لقد حان الوقت بالنسبة للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لكي تنظرا في مصالحهما المنفصلة“.
واليوم، يتواجد السعوديون في موقف حرج، ولكن ليس بسبب الولايات المتحدة. إن الصراع الإسلامي الجاري، وتأليب السعودية السنية ودول الخليج ضد منافستهم الشيعية في إيران، هو عمل خاص بالعالم الإسلامي نفسه؛ ولا يمكن للولايات المتحدة حماية هذه الدول من نفسها.
ومع ذلك، لقد جاء بعض الخير من الابتزاز النفطي السعودي؛ حيث إنه أيقظنا لندرك الضعف الناجم عن الاعتماد على النفط الأجنبي. وقد أجبرت الصدمات النفطية سلسلة من رؤساء الولايات المتحدة، بدءًا من ريتشارد نيكسون، على بدء جهود لرفع مستوى الاقتصاد في استهلاك الوقود، ومضاعفة الجهود للحصول على مصادر أخرى للطاقة.
والآن، ترتفع الولايات المتحدة على سلم إنتاج النفط بفضل النفط الصخري، وهو ما يجعلنا أقل اعتمادًا على المملكة مما كنا عليه عندما تلقينا الصدمة في عام 1973.
وأما استجابة “أفضل صديق” لهذا، فكانت زيادة ضخ السعوديين للنفط للتسبب بهبوط الأسعار، والحفاظ على حصتهم في السوق، وبالتالي؛ تقويض تطوير إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
أي صديق هذا؟
http://www.washingtonpost.com/opini...f24bac-0588-11e5-8bda-c7b4e9a8f7ac_story.html
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في افتتاحية واشنطن بوست يوم 21 مايو، اقتبس الزميل “تشارلز كروثامر” عن رئيس المخابرات السعودي السابق، الأمير تركي الفيصل، شكواه التي تقول: “أنت تريد افتراضات؟ هنا واحدة: لقد كنا أفضل صديق للولايات المتحدة في العالم العربي لمدة 50 عامًا“. ومن الجدير بالملاحظة هنا أن الجملة مكتوبة بصيغة الفعل الماضي.
وإذا ما كانت حساباتي صحيحة، فإن بدايات تلك العلاقة التي يشير إليها تركي بين السعودية والولايات المتحدة تعود لعام 1965. ولكن، هل يمكن القول بأن المملكة كانت “أفضل صديق” للولايات المتحدة؟
كما قال أوسكار وايلد: “الأصدقاء الحقيقيون يطعنونك من الأمام“. ولكن أمريكا كانت تدير ظهرها في عام 1973، عندما فرضت الدول المنتجة للنفط التي تقودها المملكة العربية السعودية حظرًا ضد الولايات المتحدة؛ ردًا على الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل في حربها مع مصر وسوريا.
لقد حرض “أفضل صديق” لأمريكا على مضاعفة سعر النفط، ومن ثم؛ رفع هذا السعر إلى أربعة أضعاف. ووقف رفاقنا الجيدون في الشرق الأوسط يشاهدون الطوابير الطويلة وهي تتشكل أمام محطات تعبئة الوقود في الولايات المتحدة، وأسعار المستهلك وهي ترتفع. ولم تظهر الملكية السعودية أي أسف، بينما كان الألم الذي ألحقته بالاقتصاد الأمريكي يفعل فعله.
وحدث ذلك لأن السعوديين كانوا يسعون لتعليم “الصديق الأفضل” الأمريكي درسًا مفاده أنهم قادرون على إلحاق الألم بنا كلما أرادوا. وقد استوعب البيت الأبيض في عهد نيكسون هذه الرسالة، وبدأ المفاوضات مع الدول المنتجة للنفط بقيادة السعودية لإنهاء الحصار، وبدأ بالضغط على إسرائيل للانسحاب من هضبة الجولان وسيناء.
وأثبت التلاعب في أسعار النفط أنه سلاح مفيد للسعودية. وجورج دبليو بوش يعلم ذلك. ومع ارتفاع سعر النفط لأكثر من 127 دولارًا للبرميل في مايو 2008، ناشد الرئيس بوش المملكة العربية السعودية لزيادة الإنتاج وخفض الأسعار. ولكن السعوديين قالوا له: “لا”. وكانت تلك المرة الثانية التي يفعلون فيها ذلك؛ حيث كان السعوديون قد رفضوا طلبًا مشابهًا لبوش في يناير.
وماذا فعل “أفضل صديق” لأمريكا على مدى العقود الأربعة الماضية مع تدفق أموال البترودولار عليه، وتقدر بـ 116 مليار دولار سنويًا، كما لاحظ تقرير لبرنامج “فرونت لاين” التليفزيوني على قناة PBS؟
إلى جانب الإنفاق المجنون على المطارات، والفنادق، والطرق، والمستشفيات، والمدارس، وكلها مشاريع محلية وبنية تحتية تشتد الحاجة إليها؛ وجدت مليارات السعودية طريقها إلى قنوات أخرى، مثل الجمعيات الخيرية الدينية التي مولت شبكات من المدارس الدينية الغارقة في الوهابية المحافظة والمعادية للغرب، والتي وضعت الأساس لإنشاء تنظيم القاعدة. وفي الوقت نفسه، لم تفعل كل هذه المليارات سوى القليل لإنهاء قمع النساء السعوديات أو إنهاء التعاليم المضادة للمسيحيين واليهود.
ومن أين جاءت الأموال والأسلحة التي ساعدت في خلق طالبان؟ نعم، من المملكة.
في الواقع، بعد أن سيطرت طالبان على العاصمة الأفغانية (كابول) في سبتمبر 1996، كانت المملكة العربية السعودية من بين الدول الثلاث التي قررت إقامة علاقات دبلوماسية معها. ورغم ذلك، انتهت تلك العلاقة في سبتمبر 2001، عندما أدرك السعوديون، وفقًا لما قالته المملكة، أن حركة طالبان لم تكن جيدة، وأنها جذبت ودربت المسلمين، بما في ذلك المواطنون السعوديون؛ “للقيام بأعمال إجرامية” ضد الشريعة الإسلامية.
وطوال الـ 50 عامًا التي يتحدث عنها الأمير تركي أيضًا، لم يتردد السعوديون عندما كانوا منزعجين عن صد رؤساء الولايات المتحدة علنًا. وليس قرار اللحظة الأخيرة للملك سلمان بالانسحاب من القمة العربية مع الرئيس أوباما هذا الشهر في كامب ديفيد سوى آخر مثال على هذا الأمر.
وفي عام 2001، لم يكن ولي العهد آنذاك والداعم للانتفاضة الفلسطينية، الأمير عبد الله، يعتقد بأن الولايات المتحدة تبذل جهودًا كافية لمعارضة الإجراءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. ولذلك؛ عندما دعي إلى زيارة البيت الأبيض للقاء بوش المنتخب حديثًا في مايو 2001، اختار عبد الله البقاء في المنزل، وأعلن بتعالٍ: “نريد من (الولايات المتحدة) أن تنظر في ضميرها“.
وبعد بضعة أشهر، أرسل عبد الله رسالة تحذر بوش بغضب: “هناك وقت تفترق فيه الشعوب والأمم. نحن في مفترق طرق. لقد حان الوقت بالنسبة للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لكي تنظرا في مصالحهما المنفصلة“.
واليوم، يتواجد السعوديون في موقف حرج، ولكن ليس بسبب الولايات المتحدة. إن الصراع الإسلامي الجاري، وتأليب السعودية السنية ودول الخليج ضد منافستهم الشيعية في إيران، هو عمل خاص بالعالم الإسلامي نفسه؛ ولا يمكن للولايات المتحدة حماية هذه الدول من نفسها.
ومع ذلك، لقد جاء بعض الخير من الابتزاز النفطي السعودي؛ حيث إنه أيقظنا لندرك الضعف الناجم عن الاعتماد على النفط الأجنبي. وقد أجبرت الصدمات النفطية سلسلة من رؤساء الولايات المتحدة، بدءًا من ريتشارد نيكسون، على بدء جهود لرفع مستوى الاقتصاد في استهلاك الوقود، ومضاعفة الجهود للحصول على مصادر أخرى للطاقة.
والآن، ترتفع الولايات المتحدة على سلم إنتاج النفط بفضل النفط الصخري، وهو ما يجعلنا أقل اعتمادًا على المملكة مما كنا عليه عندما تلقينا الصدمة في عام 1973.
وأما استجابة “أفضل صديق” لهذا، فكانت زيادة ضخ السعوديين للنفط للتسبب بهبوط الأسعار، والحفاظ على حصتهم في السوق، وبالتالي؛ تقويض تطوير إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
أي صديق هذا؟
http://www.washingtonpost.com/opini...f24bac-0588-11e5-8bda-c7b4e9a8f7ac_story.html
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" تعليق / اخيرا شعرتم بشعورنا الحقيقي نحوكم ..... وشكرا "