أكد مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، أن تتبعه المستمر لمنهج التيارات التكفيرية والمتطرفة كشف أن أصحاب هذا الفكر التكفيرى معادون للمواطنة والمجتمع والدولة الحديثة على حدٍّ سواء. وأكد مرصد الإفتاء فى تقريره العشرين الصادر بعنوان "التنظيمات التكفيرية والمواطنة.. عداء الفكر والممارسة" أن الفكر التكفيرى يرى أن الدولة بمفهومها الحديث مؤامرة ضد الإسلام والمسلمين تستهدف القضاء على حلم الخلافة، لذا يحاول أصحاب هذا الفكر هدم مؤسسات الدولة والأسس التى تقوم عليها وزرع النزاعات والشقاق داخلها بكافة السبل والوسائل الممكنة. وأكد المرصد فى تقريره أن العداوة الشديدة التى تبديها ولا تخفيها التنظيمات التكفيرية الإرهابية لمبدأ المواطنة أصل ركين فى كل ما تقوم به من جرائم فى مواجهة الدولة ومواطنيها والمجتمع وأفراده، وتلك الجرائم التى تطال دماء المسلمين وغيرهم من شركاء المواطنة وتستحل أموال الجميع: الدولة والأفراد مسلمين وغير مسلمين. أوضح التقرير أن الدولة - فى فكر التنظيمات الإرهابية - صنيعة الاستعمار ووكيله، والشعوب لا هم لها سوى شهواتها، أما مؤسسات الدولة القائمة على حفظ الأمن خارجيًا وداخليًا فليست إلا أداة للحفاظ على النظم الحاكمة "المرتدة". وأشار التقرير إلى أن منشقى القاعدة "داعش" من أكثر التنظيمات التكفيرية الإرهابية عداءً للمواطنة، حيث يذكر كتاب "إدارة التوحش" الذى يعتبر مصدر إستراتيجيتهم فكرًا وحركة أن الدولة" سواء حكمنا عليها أنها نالت السيطرة بحكم انتصارها على حكومات الاستعمار أو بحكم أنها كانت تعمل فى الخفاء مع الاستعمار وكل ما فى الأمر أنه انسحب ووكلها مكانه أو خليط من الأمرين". ولفت التقرير إلى مفارقة كبيرة تدعو إلى الحيرة فى موقف تنظيم "داعش" الذى أطلق على نفسه مسمى " الدولة الإسلامية" بالرغم من إنكارهم لمفهوم الدولة بشكله الحديث، وفى ذات الوقت يعتبرون أنفسهم " الدولة" - بألف ولام التعريف-، فيقصرون هذا الوصف على أنفسهم ويضيفون نعتًا لها بالإسلامية فى مواجهة دول يصفونها بـ"الكفر". أما بالنسبة للشعوب المسلمة فى نظر هذه التظيمات التكفيرية الإرهابية فإنها ترى أنه "تم تغييب وعيها بآلاف من الملهيات سواءً من جانب شهوات الفرج والبطن، أو اللهاث خلف لقمة العيش أو اللهاث لجمع المال"، كما جاء فى كتاب "إدار التوحش"، أما عن الجيش والشرطة فهى فى نظر تلك التنظيمات الإرهابية مجرد أداة للحفاظ على الأنظمة الحاكمة التى تكفرها هذه التنظيمات، فهى ترى أن " جيوش وشُرَط هذه الدول ... مهمتها الأساسية التى تتلقى الأموال والعطاء من أجلها ...هى الحفاظ على هذه الأنظمة". وشدد تقرير مرصد الإفتاء أن التنظيمات التكفيرية والإرهابية لا تعترف بالحدود بين الدول، إذ يعتبرون أن العالم دولة واحدة تقام فى ظل خلافة إسلامية تعيد مجد الأمة، لذا يستبيح التكفيريون حدود الدول وأراضيها فى مسعى منهم لإقامة إمارة إسلامية حتى لو كانت فى بقعة متمردة على الدولة التابعة لها، على غرار العديد من الجماعات والتنظيمات التى تعيث فساداً فى سيناء. وقال تقرير مرصد الإفتاء فى تتبعه الاستقصائى لمنهجية التنظيمات التكفيرية، إن "داعش" تستخدم فى معاداتها للمواطنة، وقبلها الوطن، مبدأى الصدمة والرعب.. ونعنى بالصدمة صدمة مؤسسات الدولة بمهاجمتها بقوة وكثافة شديدة بغية إحداث أكبر قدر من الخسائر فتبدو ضعيفة غير جديرة بالثقة من مواطنيها والرعب كذلك للمواطن، بحيث يجزع من جرائمها فيخضع لها وكأنه بين أمرين، إما أن يكون معهم أو عليهم. معهم بالانخراط فى صفوفهم، فله المال والسلطة، أو عليهم، فدمه مهدور وماله مستباح. وعلى جانب الممارسة أكد التقرير أن عمليات داعش تعتمد على تقويض المواطنة عمليا بهدف كسر هيبة الدولة باستهداف جيشها وشرطتها ومؤسساتها، وإلحاق أكبر خسائر اقتصادية بها، إضافة إلى منع الدولة من القيام بواجباتها فى حماية مواطنيها ورعايتهم، مع احتلال مساحات كبيرة من الأرض تفرض عليها سيطرتها وتنتهك سيادة الدولة، وتهديد أمن المواطن وتركه ليبحث عن حماية بعيدًا عن الدولة. وشدد تقرير مرصد الإفتاء أن " داعش " تسعى للظهور بمظهر من يوفر الحماية والرعاية لمن يخضع لسلطتها ويبايع من سمى خليفتهم وهو ما يبرزه جهازهم الدعائى وعلى رأسه مجلة دابق، وتقوم كذلك باستهداف الأقليات لنشر بذور الشقاق وإظهارهم بمظهر العميل للغرب الذى يهرع لنجدتهم ومن ثم يتعمق التفكك فى علاقة المواطنة بين مكوناتها: الأغلبية والأقلية؛ لتكون النتيجة النهائية لكل ماسبق هو تقويض الثقة بين الدول والمجتمع وهو أخطر ما يهدد المواطنة. وأشارت الدراسة الاستقصائية لمرصد الإفتاء إلى أن إنكار التنظيمات التكفيرية لمفهوم المواطنة يعد ملمحًا أساسيا فى فكرها المنحرف وأن ممارساتها ضد من خالفها - حتى من المسلمين- شاهد على عداوتها المتأصلة للمواطنة: مبدأ وممارسة ناهيك عما تقوم به من جرائم وحشية ضد غير المسلمين بدعاوى لا يؤيدها نقل ولا عقل، فهذه التنظيمات تنكر المواطنة فكريًا وتعاديه عمليًا، فتضع المواطنة فى مواجهة العقيدة وترى أن العلاقة بينهما علاقة تناقض لا تكامل، وهو ما يخالف ما استقرت عليه الأمة وارتضته لنفسها.
http://www.youm7.com/story/2015/5/9...نة-ويعتبر-الدول-العربية-/2174360#.VU4vIZzWKHM
http://www.youm7.com/story/2015/5/9...نة-ويعتبر-الدول-العربية-/2174360#.VU4vIZzWKHM