يلقبها الغزاويون "الزنانة" وهي العدو الاول لنشطاء المقاومة هناك، الذين تسببت هذه الطائرة في استهداف العشرات منهم خلال العام الحالي.
في المفهوم العسكري "الزنانة" هي عبارة عن طائرة استطلاع، تستخدمها اغلب جيوش العالم لما تتمتع به من قدرات الكترونية متطورة، تنحصر في مجال التجسس والتصنت، والمراقبة والتصوير والمسح الجوي، وتحديد الاهداف، وعادة ما يكون عملها مرتبطا بغرفة مركزية.
يقول الفلسطينيون ان تلك الطائرة أي الزنانة، مسؤولة عن استهداف النشطاء وقادة المقاومة في غزة خلال العام الحالي، من خلال قصف سياراتهم او مواقعهم، لكن مراجعة لآلية عمل تلك الطائرة الصغيرة على موقع سلاح الجو في الجيش الاسرائيلي على الانترنت وفي غيره من المواقع العسكرية لا يشير الى ان تلك الطائرة لها مهمات قتالية، وان بامكانها اطلاق صواريخ، مثل تلك التي تطلقها طائرات الاباتشي الامريكية.
الاباتشي الامريكية..
ارتبطت معظم عمليات الاغتيال الاسرائيلية لنشطاء المقاومة الفلسطينية باستخدام طائرات الاباتشي، كما حصل مع اول شهداء يسقطون في انتفاضة الاقصى، وهم حسين عبيات ورفاقة في كتائب الاقصى في مدينة بيت ساحور، ومرورا بعشرات عمليات الاغتيال في الضفة والقطاع، والتي سقط جراءها المئات من الشهداء.
كما سجلت على الاقل محاولة واحدة في عمليات الاغتيال تمت بواسطة طائرة حربية اسرائيلية من نوع اف16، وذلك خلال استهداف القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الشيخ صلاح شحادة في قطاع غزة، حيث القت الطائرة قنبلة زنتها طن على مبنى سكني، مما ادى في حينها الى استشهاده مع اثنين من رفاقه واستشهاد عشرة مدنيين على الاقل معظمهم من الاطفال.
وبرز اسم طائرة الاستطلاع ودورها بشكل واضح في الضفة الغربية، خلال محاولة اغتيال قائد كتائب القسام محمود ابو هنود في قرية عصيرة الشمالية، حيث اشارت مصادر اسرائيلية في حينها "ان طائرة استطلاع متطورة كانت تنقل مجريات الحصار والمعركة بالصوت والصورة لغرفة قيادة مركزية في مبنى وزارة الدفاع في تل ابيب" وكانت تلك المحاولة للقضاء على ابو هنود قد منيت بالفشل، وقتل خلال العملية ثلاثة من الجنود برصاص زملائهم في حين تمكن ابو هنود يومها من الهرب سيرا على الاقدام حتى مدينة نابلس.
طائرة الاستطلاع التي يجري الحديث عنها، تعتبر طائرة بدون طيار وهي صغيرة الحجم لا يتجاوز وزنها 300 كغم، وهناك عدة انواع منها يستخدمها الجيش الاسرائيلي، ومعظمها من انتاج صناعاته العسكرية، او من انتاج دول اجنبية، لكن اسرائيل قامت بتطويرها وادخال اضافات اليها.
وابرز طائرات الاستطلاع التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة على وجه التحديد هي طائرة "سيرشير 2" أي الباحث بالانجليزية، وهذه الطائرة ادخلت في خدمة الجيش الاسرائيلي عام 1992، حيث تم استخدامها بشكل مكثف في جنوب لبنان، وفي شهر 6/1998 تم تطويرها من قبل الصناعات العسكرية الاسرائيلية، واصبح طولها اربعة امتار، وسرعتها تصل الى حوالي 198 كم/الساعة، ووزنها 318 كغم، واقصى ارتفاع لتحليقها هو 5200 متر، وبامكانها العمل والتحليق لمدة سبع ساعات متواصلة، وهذه الطائرة تستخدم في مجال الاستخبارات، وهي مزودة باجهزة تصوير رقمية متطورة، وكاميرات حرارية وانظمة الكترو بصرية، وترسل كافة معطياتها ببث مباشر الى غرفة مركزية، كما ان لديها امكانية التسجيل والتوثيق على اشرطة خاصة، وبامكانها العمل والتقاط الصور والمسح الجوي من ارتفاعات عالية بحيث لا يمكن رؤيتها من الارض، كما انها مزودة بانظمة للرؤية والتصوير الليلي، ومزودة بامكانية وضع اشارات غير مرئية على الاهداف".
طائرات البث المباشر..
وحسب موقع سلاح الجو في الجيش الاسرائيلي "فان طائرة استطلاع اخرى صغيرة الحجم يتم استخدامها ويطلق عليها "ايرولايت" وقد دخلت الخدمة في العام 1995، وهذه الطائرة بامكانها التحليق اربع ساعات متتالية، واقصى ارتفاع لتحليقها هو 4500 متر، ويبلغ طول الطائرة 2,55 متر، وسرعتها القصوى 87 عقدة، وهي مزودة بماتور مستورد من اليابان تنتجه شركة zenoah قوته 74 حصانا".
ويتضح ان تلك الطائرات تستخدم مدرجات صغيرة تقام قرب المواقع العسكرية، حيث يتم توجيهها ومتابعة عملها من خلال الغرفة المركزية، التي تستقبل منها كافة المعطيات وخاصة الصور الحية، أي المباشرة.
ويترافق الحديث عن "الزنانة" وطائرات الاستطلاع في الشارع الفلسطيني وخاصة قطاع غزة، مع دور هذه الطائرات في العراق، حيث برزت هناك بشكل واضح، من خلال صور تلك الطائرات التي اسقطتها المقاومة فوق عدد من المدن، حتى ان بعض تلك الطائرات لم يتجاوز عرضه المتر الواحد، وكانها تشبه لعبة صغيرة وليست بطائرة حقيقية لها مهمات التصوير والتنصت.
وتوجد للطائرات الهجومية بدون طيار أفضليات كثيرة بالمقارنة مع استخدام طائرات "أباتشي"، إذ تستطيع البقاء في الجو فترات طويلة بانتظار ظهور الهدف، كما أن تحليقها أقل تكلفة بكثير من تكلفة تحليق الطائرات الحربية المروحية، بالإضافة إلى أنها تصدر ضجيجا أقل. ويطلق عليها الفلسطينيون "الزنانة" أو "عيون القتلة".. وتعتبر "طائرات" بدون "طيار" تعتبر نقلة نوعية في عالم التسليح والطيران!!
وتعد الطائرات غير المأهولة الاستطلاعية والمقاتلة أحدث مرحلة وصلت إليها تطوير طائرات الاستطلاع والتجسس التي قامت فكرتها الأساسية على علاج قصور الرادارات في اكتشاف الأهداف التي تُحلِّق على ارتفاع منخفض، فكان الحل حمل الرادارات على سطح طائرة أو منطاد لاكتشاف الأهداف المنخفضة التي لا تتمكن من سرعة تحديدها بسبب كروية الأرض؛ ما يؤثر على سرعة إيصال المعلومات إلى مراكز تجميعها لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وكانت "جلوبال هوك" أول نوع يظهر من هذه الطائرات، لتعتبر طائرة استكشاف بعيدة المدى، وهي معروفة بجناحيها الأطول من جناحي "البوينج" حيث يصل طول الجناح إلى 34.8 مترا، وتستطيع رغم سرعتها أن تلتقط صورا بالغة الدقة والوضوح، كما يمكنها تغطية مساحة 40 ألف ميل بحري وهي تطير بدون توقف لمدة تصل لـ 35 ساعة، يصل أقصى ارتفاع لها أثناء الطيران إلى 65 ألف قدم (19500 متر).
ولتنفيذ تلك المواصفات كان لا بد أن يتم تزويد الطائرة بمحرك قوي قادر على تحمل الوزن ويمكن التحكم فيه إلكترونيا، بالإضافة لاقتصاد ممتاز في الوقود لتطير لأطول فترة ممكنة. وحيث إن الطائرة يجب أن تطير ببطء وتحوم لمدة طويلة، كان لا بد من أن يحل محل الهياكل المعدنية المصنوعة من الألومنيوم والفولاذ مواد خفيفة الوزن مثل ألياف الكربون.
وكان من أهم مكوناتها أجهزة الرادار التي تعمل بطريقة الاستشعار عن بعد لرصد الأهداف من خلال إرسال ذبذبات كهرومغناطيسية ترصد الأهداف سواء المتحركة أو الثابتة عبر الاصطدام بها والارتداد لمركز الإرسال، لتقوم الحواسب الإلكترونية باستقبالها بالإضافة إلى صور كاميرات المراقبة المتواجدة على سطح الطائرة، والتي ترسلها بدورها لمراكز المراقبة الأرضية ليقوم الخبراء بتحليلها.
مسلحة ام لا ؟!
يعد أهم ما طرأ من تغيير على هذه الطائرات هو القدرة القتالية، حيث تم تزويدها في بداية عام 2001 بصواريخ وأجريت أول تجربة في صحراء نيفادا، إذ تم إصابة طائرة مهجورة للجيش الأمريكي، وبتطوير هذه القدرة أصبح بمقدور طائرات الاستطلاع البحث عن الهدف المطلوب وتوجيه الصواريخ إلكترونياً إليه باستخدام أشعة الليزر، مع إبقاء القرار للقاعدة الأرضية التي يتم المراقبة من خلالها في إصدار الأمر لاستهداف الهدف الذي تم رصده.
وتبعاً لما ذكره مركز الإعلام الفلسطيني في أكتوبر 2002، فقد أصبحت اسرائيل من الدول المصدرة لهذا النوع من الطائرات حيث طلبت منها الولايات المتحدة تجهيز 300 طائرة من هذا النوع للحرب على العراق وقد راعت الدولة العبرية عند صناعتها لهذا النوع من الطائرات عددا من المواصفات أهمها, كفاية التشغيل وسهولة الاستخدام من قبل الفنيين بحيث يمكن التحكم بها وتوجيهها حسب الاحتياج، وسهولة التجهيزات حيث يتم إطلاقها من داخل سيارة خاصة بها في أي وقت، و قلة الكلفة حتى لا تشكل خسائر ذات قيمة في حال سقوطها، فيبلغ ثمنها 3 ملايين شيكل (أي اقل من مليون دولار).
وبالرغم من أن هذه الطائرات تلغي الأخطار التي كان يتعرض لها الطيارون، فإن بعض الخبراء يرى أن الطائرات غير المأهولة مثل "بريداتور" و"جلوبال هاوك" تعاني بعض الثغرات مثل البطء وعدم اتخاذ رد الفعل المناسب في الوقت المناسب.
مقابل هذا التحدي الكبير في وجه نشطاء المقاومة في فلسطين خاصة في هذه المرحلة حيث الهجمة الاسرائيلية الشعواء على قطاع غزة، تخرج التحذيرات والاحتياطات الأمنية، وتظهر محاولات إبطال مفعول هذا النوع من الطائرات.
فقد دعا الدكتور نزار ريان عضو القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية حماس وأحد أبرز قادة الحركة في محافظة شمال قطاع غزة "النشطاء المجاهدين أن يأخذوا حذرهم بشكل كامل دون الاستهانة بالاحتياطات والإجراءات الأمنية" مشيرا الى اهمية "ان يضع هؤلاء سواتر من فوقهم كالأقمشة والواقيات".
وجاء في تصريح له عقب انتهاء العملية العسكرية في مخيم جباليا وشمال قطاع غزة مؤخرا "إننا بأشد الحاجة لحياة كافة مجاهدينا الأبطال لأننا نريد أن نكمل مشوارنا فهدفنا فلسطين كل فلسطين وليس إزاحة العدوان عن الشمال فقط فكل فلسطين محتلة وعلينا أن نحررها ونخلصها من دنس الغزاة الصهاينة". ونوه القائد ريان: "علي المجاهدين أخذ السواتر الفوقية لحجب الرؤية عن طائرات الاستطلاع الصهيونية وأوضح ريان أن عقول مهندسي القسام تتجه نحو محاولة الوصول للطائرات الحربية سائلاً المولى عز وجل أن ترى محاولاتهم النور قريبا
التعديل الأخير بواسطة المشرف: