أوباما من يخدع؟
الخميس 20 جمادي الثاني 1436هـ - 9 أبريل 2015م
وليد الرجيب
أثارت تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما لصحيفة «نيويورك تايمز»، حول تهديده المبطن لدول الخليج قبل أن يلتقي قادتها في كامب ديفيد، تساؤلات عدة من قراء ومحللين ومتابعين، فقد اعتبر أوباما أن الخطر الحقيقي على دول الخليج ليس التعرض لهجوم من إيران، وإنما السخط داخل بلادهم بما في ذلك سخط الشبان الغاضبين والعاطلين والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم.
فالبعض رأى في هذا التصريح صحوة وجرأة أميريكية، ودعوة لتحقيق الحرية والديموقراطية في دول الخليج العربي، بينما رآه البعض الآخر تمويها وصرف نظر عن الاتفاق النووي مع إيران، بل حلله البعض بأن الولايات المتحدة سترفع يدها عن الدعم العسكري للمنطقة وشعوبها.
ونحن نرى أن في هذا التصريح تسويقاً إعلامياً، للشعب الأميركي وللشعوب الغربية، فالولايات المتحدة لا يهمها قضايا الشباب والبطالة، وهي من تقود السياسة الاقتصادية النيوليبرالية التي تؤدي للفقر والبطالة حتى في مجتمعها ذاته، ولا تهمها الديموقراطية فهي تفضل شعوبنا مقموعة وجاهلة، ولا تفضلها تطالب بالإصلاح وبعدم تبعية بلداننا سياسياً واقتصادياً للامبريالية الأميركية، التي أصبحت وسياساتها مكروهة في العالم.
كما أن حديثه عن ضرورة تعزيز الحياة السياسية حتى يشعر الشبان السنة أن لديهم خياراً غير «داعش»، وكأنه يجهل أن أهل الأرض جميعاً وبالأخص الشعوب العربية، تعرف أن «داعش» و«القاعدة» وجميع الجماعات الإسلامية الإرهابية، هي من صنع أميركا وتربيتها ودعمها بمعاونة ربيبتها إسرائيل، وإلا لماذا غضبت عندما قامت ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الأخوان المسلمين؟ واعتبرت الثورة انقلاباً على الشرعية، بل وحجبت المساعدات المقررة لمصر بسبب استبعادها لأهم حلفائها، ولماذا ما زالت «داعش» تتوسع وتمارس الوحشية رغم قصف التحالف الدولي؟
وأوباما ليس الرئيس الأميركي الوحيد الذي تحدث عن الحرية والديموقراطية في بلداننا، فحتى عندما تم غزو العراق كانت الحجة هي إرساء الحرية والديموقراطية، ولكن ما حدث هو العكس تماماً، فقد صنع هذا الغزو كوارث على الشعب العراقي، وما زالت أميركا تسعى في مشروعها لتفتيت العراق إلى ثلاث دويلات.
فالولايات المتحدة تحركها مصالحها فقط، وتحركها ثرواتنا الهائلة وإبقاء شعوبنا مقموعة ولا تتدخل بالسياسة، كما أنها تعتاش على الحروب والقتل والدمار، حتى تنتعش مصانع السلاح في محاولة لإنقاذ النظام الرأسمالي من الزوال، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها منذ 2008.
فعندما يتعهد أي رئيس أميركي بالدفاع عن المملكة العربية السعودية ودول الخليج، فهو لا يفعل ذلك حباً في هذه الدول ولا من منطلق أخلاقي أو إنساني، بل من أجل الدفاع والحفاظ على الثروة النفطية وتدفقها لتحريك الآلة الاقتصادية الأميركية الغربية.
الأمر لا يحتاج إلى ذكاء وتحليلات سياسية معمقة لهذا التصريح، فهو لن ينطلي إلا على السذج والبسطاء، بينما كل ما تفعله أميركا على أرض الواقع، بما فيه الدفاع المستميت عن الصهاينة وعدوانهم الوحشي والتوسعي، يدل على عكس هذا التصريح... الساذج.
* نقلا عن "الراي" الكويتية
http://www.alarabiya.net/ar/politics/2015/04/09/أوباما-من-يخدع؟.html
الخميس 20 جمادي الثاني 1436هـ - 9 أبريل 2015م
وليد الرجيب
أثارت تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما لصحيفة «نيويورك تايمز»، حول تهديده المبطن لدول الخليج قبل أن يلتقي قادتها في كامب ديفيد، تساؤلات عدة من قراء ومحللين ومتابعين، فقد اعتبر أوباما أن الخطر الحقيقي على دول الخليج ليس التعرض لهجوم من إيران، وإنما السخط داخل بلادهم بما في ذلك سخط الشبان الغاضبين والعاطلين والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم.
فالبعض رأى في هذا التصريح صحوة وجرأة أميريكية، ودعوة لتحقيق الحرية والديموقراطية في دول الخليج العربي، بينما رآه البعض الآخر تمويها وصرف نظر عن الاتفاق النووي مع إيران، بل حلله البعض بأن الولايات المتحدة سترفع يدها عن الدعم العسكري للمنطقة وشعوبها.
ونحن نرى أن في هذا التصريح تسويقاً إعلامياً، للشعب الأميركي وللشعوب الغربية، فالولايات المتحدة لا يهمها قضايا الشباب والبطالة، وهي من تقود السياسة الاقتصادية النيوليبرالية التي تؤدي للفقر والبطالة حتى في مجتمعها ذاته، ولا تهمها الديموقراطية فهي تفضل شعوبنا مقموعة وجاهلة، ولا تفضلها تطالب بالإصلاح وبعدم تبعية بلداننا سياسياً واقتصادياً للامبريالية الأميركية، التي أصبحت وسياساتها مكروهة في العالم.
كما أن حديثه عن ضرورة تعزيز الحياة السياسية حتى يشعر الشبان السنة أن لديهم خياراً غير «داعش»، وكأنه يجهل أن أهل الأرض جميعاً وبالأخص الشعوب العربية، تعرف أن «داعش» و«القاعدة» وجميع الجماعات الإسلامية الإرهابية، هي من صنع أميركا وتربيتها ودعمها بمعاونة ربيبتها إسرائيل، وإلا لماذا غضبت عندما قامت ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الأخوان المسلمين؟ واعتبرت الثورة انقلاباً على الشرعية، بل وحجبت المساعدات المقررة لمصر بسبب استبعادها لأهم حلفائها، ولماذا ما زالت «داعش» تتوسع وتمارس الوحشية رغم قصف التحالف الدولي؟
وأوباما ليس الرئيس الأميركي الوحيد الذي تحدث عن الحرية والديموقراطية في بلداننا، فحتى عندما تم غزو العراق كانت الحجة هي إرساء الحرية والديموقراطية، ولكن ما حدث هو العكس تماماً، فقد صنع هذا الغزو كوارث على الشعب العراقي، وما زالت أميركا تسعى في مشروعها لتفتيت العراق إلى ثلاث دويلات.
فالولايات المتحدة تحركها مصالحها فقط، وتحركها ثرواتنا الهائلة وإبقاء شعوبنا مقموعة ولا تتدخل بالسياسة، كما أنها تعتاش على الحروب والقتل والدمار، حتى تنتعش مصانع السلاح في محاولة لإنقاذ النظام الرأسمالي من الزوال، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها منذ 2008.
فعندما يتعهد أي رئيس أميركي بالدفاع عن المملكة العربية السعودية ودول الخليج، فهو لا يفعل ذلك حباً في هذه الدول ولا من منطلق أخلاقي أو إنساني، بل من أجل الدفاع والحفاظ على الثروة النفطية وتدفقها لتحريك الآلة الاقتصادية الأميركية الغربية.
الأمر لا يحتاج إلى ذكاء وتحليلات سياسية معمقة لهذا التصريح، فهو لن ينطلي إلا على السذج والبسطاء، بينما كل ما تفعله أميركا على أرض الواقع، بما فيه الدفاع المستميت عن الصهاينة وعدوانهم الوحشي والتوسعي، يدل على عكس هذا التصريح... الساذج.
* نقلا عن "الراي" الكويتية
http://www.alarabiya.net/ar/politics/2015/04/09/أوباما-من-يخدع؟.html