تطور بناء السفن وتكنولوجياتها

AL RAGH

عضو
إنضم
24 أكتوبر 2014
المشاركات
17,678
التفاعل
69,339 0 0
تطور بناء السفن وتكنولوجياتها
في محاولة لخفض كلفة بناء السفن الحربية الجديدة وكلفة تشغيلها، تتجه البحريات حول العالم الى ابتكار تكنولوجيات جديدة وطرق معالجة فائقة التطور.
في قلب هذه المبادرات يكمن تطوير تقنية بناء الوحدات المنفصلة الأجزاء التي تهدف الى السماح للسفن الحربية في تحديثها وبالتالي تجهيزها بنظم اسلحة متطورة ومستشعرات وتقنيات نظم اخرى تتأقلم مع مسار حياتها، مما يساعد على توفير كميات طائلة من الأموال التي تصرف من اجل بناء سفن جديدة.
الى ذلك، تهدف البحريات، من خلال السماح بإجراء أعمال التحديث تدريجياً، الى اطالة الحياة العملانية لسفنها الحربية لعشرات السنين. وبغية جعل هذا المفهوم سارياً بمتطلبات عملانية فعالة في ظل تكلفة منخفضة، سوف يعتمد بعدها هذا المفهوم في تصاميم السفن منذ البداية، ويمكن للتحديثات والتحسينات حينها أن تنجز بتكاليف متواضعة.
تحتوي السفن الحربية الجديدة على المئات من الأسلاك والأنابيب المعقدة التي من شأنها ان تُعقد الى حد كبير الجهود المبذولة من اجل تركيب نظم وتجهيزات حديثة اذا لم يكن المكان موجودا ومحسوبا قبل التصميم.
تعتبر المرحلة الأهم عند بروز الحاجة الى نقل الأسلاك والأنابيب وخدمات أخرى خلال اجراء عمليات التحديث والاصلاح وادخال تكنولوجيات جديدة لأن ذلك يستغرق شهوراً لا بل سنوات ويطيل مدة بقاء السفن الحربية دون نشاط بحيث ستكون هذه السفن موجودة في احواض بناء السفن من دون القيام بأي عمل مما يزيد من صرف تكاليف باهظة.
عرُفت التصاميم المعتمدة على الأجزاء المنفصلة، في السنوات القليلة الماضية، بأنها المفتاح الاساس الموجود في كل تصميم سفينة جديدة وفي برامج الشراء. ومع ذلك، هناك واقع هو ان التصاميم بأجزاء منفصلة التي تجمع في ما بعد لها تفسيرات عديدة خصوصاً لجهة كيفية تكامل هذه الأجزاء لتعطي عملاً متكاملاً بهدف توجيه السفينة على سطح الماء.
أما من ناحية التصميم والتجهيز والتصنيع، كان اعتماد مفهوم الأجزاء المستقلة سائداً منذ سنين عدة ولعل مفهوم السفينة MEKO التي بنتها صناعة السفن الألمانية في مصنع Blohm + Voss عام 1990 اي منذ ربع قرن تقريباً تلقي الضوء على ذلك الا انه اليوم، يُطبق البناء بأجزاء مستقلة في السفن المرتكزة على تصميم معين فيها، من شأنه ان يسمح بإعادة تشكيل تكوينها الداخلي اذا ما تغير دورها او مهمتها الحربية. برزت مثل هذه المفاهيم لتدور الحروف لجهة حل العديد من المشاكل التي تواجهها البحريات في محاولة لمعالجة ضغط ميزانيات الدفاع السائدة عالمياً وفي الوقت نفسه مواجهة الأعباء البحرية الأمنية وما ينتج عنها من مواجهات وحروب.

هناك اعتراف بأن استبدال سفن الحرب السطحية التقليدية لا يمكن اجراؤه بالنسبة للعديد من البحريات نظراً لمصاريف تكاليف السفن الجديدة والأعباء المالية الناجمة عن امور التدريب واللوجستيات والتنظيم والتشغيل المطلوبة للمنصات البحرية المعنية.

بالنظر الى هذا الوضع، برز انتقال في التفكير لناحية تصميم سفن حربية مرنة يمكن اعادة تشكيلها من حيث التجهيز والتسليح لتلائم ادواراً مختلفة تناسب المهام المتعددة المطلوبة منها. ان اعادة التشكيل مع المرونة بات جذاباً بشكل متصاعد بالنسبة للبحريات التي تبحث عن قدرة لايجاد التوازن في تأدية المهام المطلوبة من السفن الحربية مع تحديد اولويات الأدوار طيلة سنين الخدمة. هذه القدرة على الموازنة تقدم دوراً مُحسناً ومرونة أكبر لاستخدام المنصات البحرية على انواعها ابان حياتها العملانية.
كان نظام Standard Flex من الدانمارك في مقدمة هذا الاتجاه منذ حوالي العشرين عاماً ومازال حتى اليوم يخدم بفعالية مشكلاً نموذجاً لكيفية تصميم المنصات الحربية البرية باستخدام الأجزاء الجاهرة. اما النموذج الأحدث فهو برنامج سفينة القتال الساحلية LCS الذي برز كمقياس نموذجي لتصميم السفن بوحدات يمكن اعادة تشكيلها وهذه المنصة هي لحساب سلاح البحرية الأميركي.
مع ذلك، ونظراً للطلب الشديد على السفن المتعددة المهام، باتت الحاجة ملحة لوضع حلول أكثر فعالية واتاحية، أخذت بعض هذه الحلول طريقها الى التنفيذ في حين بقيت أخرى خاضعة للنقاش الحاد في دوائر المهندسين البحريين لجهة تطبيق التغيير على شكل السفن وتجهيزها عند تغيير الدور. بالاضافة، تزايد الاقتناع بأن التصميم بوحدات منفصلة ليس بالضرورة الرد حيث يتعلق الأمر بتغيير الشكل الداخلي لأن هناك عوامل اخرى يجب اخذها بالاعتبار على غرار نضوج المعدات المستخدمة وملاءمتها مع غيرها ومع الادوار المطلوبة منها.
اعترف ببرنامج البحرية الأميركية لبناء سفن LCS مؤخراً كميزان لمفهوم السفينة المقاتلة المتعددة الادوار التي يمكن تشكيلها طبقاً لمطلوب المهمة. ان مفهوم هذه السفينة اساساً هو لسفينة سريعة سهلة المناورة وسهلة التشغيل بأقل كلفة وأقل عدد من الأيدي العاملة، لا يزيد طاقمها عن ال 40 شخصاً شرط ان لا تكلف كثيراً ومزودة بالاسلحة المناسبة لتعددية الادوار من نوع شغِّل وقاتل.
يكمن تغيير مهمة سفينة القتال الساحلي من خلال تغيير بعض مجموعات الاسلحة المستخدمة ضمنها وهكذا فانه لا يمكنها تأمين سوى دور قتالي رئيسي في وقت واحد.
منذ البداية، خططت البحرية الأميركية للحصول على مجموعات من المعدات يمكن تبديلها لحرب الالغام وللحرب ضد الغواصات كما للحرب السطحية، مع امكان الحصول على اسلحة اخرى لادوار اخرى. وكجزء من مجموعات نظم الأسلحة تلك المتخصصة، سيكون للمركبات غير المقودة التي تُزود بها السفينة دوراً هاماً تلعبه على غرار المستشعرات او لشل بعض الأهداف المختارة وتشكل هذه المركبات المائية غير المأهولة ضمن سفينة LCS هندسة شبكة من النظم لمواجهة مختلف الادوار.
يذكر ان البحرية الاميركية ادخلت في الخدمة سفينتي LCS الأولى من فئة Freedom وهي احادية الهيكل المصنوع من الصلب، صممت وطورت من خلال شركة Lockheed Martin اما السفينة الأخرى فهي من فئة Independance وهي مصممة بثلاثة هياكل مصنوع من مادة الالومنيوم سريعة الحركة نفذتها شركة Austal الأميركية وحالياً طلبت البحرية الاميركية 24 سفينة من الفئتين المذكورتين، 12 من كل فئة ضمن مخطط يشمل 52 سفينة للشراء في المجموعة.
على أي حال، تقع مسؤولية دمج مجموعات نظم تنفيذ المهام على عاتق شركة Northrop Grumman التي اختيرت في العام 2006 لتكون الشركة التي تدمج مجموعات نظم تنفيذ المهام (MPI) بالنسبة الى برنامج نظم (LCS).
ان مجموعات نظم LCS مبنية على خمسة اسس رئيسية وهي تتجلى في استخدام النظم المتداولة على غرار:
1 - نظم القيادة والتحكم وربط المعطيات والاطلاق.
2 - تطوير الاحمال النافعة المستقلة بحيث تصبح اصغر وارخص ثمنا وقابلة للاستبدال.
3 - الاصرار على زيادة التحمل وزيادة المدى.
4 - المثابرة من خلال استخدام اعداد اكبر من المستشعرات والاسلحة.
5 - الاستقلالية في العمل المرتكزة على جعل النظم غير مقودة.
هناك برنامج للتطوير بخطوات ويهدف الى اتاحة الدمج التدريجي لقدرات معززة على مدى الوقت، وذلك تماشيا مع متطلبات المهام والاولويات التشغيلية. تتضمن كل مجموعة مهام نظاما محددا لذلك ويثبت على منصة LCS مع داعم متطور فئة ISO المخصص للحاويات التقليدية من هذه الفئة، وما يتبع ذلك من معدات متصلة باجهزة بينية قياسية.
توصل هذه المكونات العائدة لتنفيذ المهمة في النهاية مع النظام الذي يخدمه الفريق المشغل. تدعم قدرات الطيران العائدة لطوافات MH-60S المخصصة للخدمات والطوافة MQ-8B Fire Scout التي تقلع عاموديا وتهبط تكتيكيا بشكل غير مقود VTUAV، تعزز ايضا مجموعة المهمة.
تحظى ايضا مجموعة المهمة الخاصة ببيئة الحوسبة المفتوحة بنفس الاهمية، فالوسائل التي من خلالها تقوِّم اجزاء المهام ووحدات التحكم المشتركة التابعة لها كما ووظائف الاتصال بالمشاركة وتبادل المعلومات مع بيئة الحوسبة الخاصة بالسفينة ككل.
تتفاعل حزم المهام الفردية مع الاطار البحري لبرنامج LCS من خلال بيانات المراقبة البينية التي بدورها تمكن من تفعيل دور المقاربة الخاصة بالتوصيل والتشغيل.
صممت سفن LCS منذ البداية كسفن خاصة بمهمة واحدة حيث نشرت مع حزمة مهمة تتلاءم مع متطلبات قائد المقاتلين Combatant Commander. صممت هذه المقايضة المادية من معدات حزمة المهام لتعمل باقل من 96 ساعة على الرغم من انه ينبغي القاء الضوء على مستخدم SUN حيث تكمن الحاجة الى تنظيم حركة الافراد والمعدات كما وضرورة التخطيط والتصميم.
يمكن للبحرية الملكية الدانماركية (RDN) ان تدعي الحق انها اول بحرية احتضنت نمطية المهام في شكل مفهوم "Standard Flex" الذي يعود تاريخه الى بداية العام 1980. صمم مفهوم Standard Flex باعتباره وسيلة تمكن قوات البحرية الملكية الدانمركية "RDN" من تدوير الزاوية بين الكلفة والقدرة على العمل: كانت البحرية الدانمركية تحتاج الى استبدال 22 سفينة حربية ثانوية صغيرة زوارق طوربيدية، 8 زوارق دورية و8 كاسحات الغام لكن تبقى عدم كفاية الميزانية السبب الابرز في استبدال واحدة مقابل واحدة.
ان الدافع الاساسي الكامن وراء مفهوم Standard Flex، كان استخدام الحاويات القياسية - 3 امتار في الطول و5،3 م في العرض و5،2 متر في العمق - لتمكين عمليات التبادل السريع للاسلحة والمعدات. وفي هذه الحالة يجب ان تجهز هذه الحاويات وتزال من خلال استخدام رافعة متنقلة بقدرة 15 طنا.
سوف تتيح اتصالات الواجهة البينية المعيارية الموجودة على كل حاوية الفرصة لربط الخدمات في ما بينها ووصلها مع خدمات السفينة الكهرباء، الاتصالات، البيانات، التهوية والمياه.
تجدر الاشارة الى ان اجهزة الاستشعار المشتركة لجميع الادوار او تلك التي لا تتناسب مع الحاويات يجب ان تكون جميعها جاهزة ومركبة بشكل دائم. بالاضافة الى ذلك، يجب ان يجهز نظام القيادة والتحكم ووحدات اعادة التشكيل والتوزيع وذلك استنادا الى قاعدة البيانات والمفاتيح القياسية.
يعتبر برنامج السفينة القتالية الشامل Type 26 في المملكة المتحدة عنصرا اساسيا في هيكلية قوات السطح المستقبلية التابعة للبحرية الملكية البريطانية. وعلى افتراض التخطيط الحالي، تأمل البحرية الملكية شراء 13 نوعا من سفن Type 26 مزيج من ثمانية نماذج ASW وخمسة نماذج اضافية تتعلق بالاغراض العامة وذلك بهدف ان تحل Type 26 تدريجيا محل فرقاطات Type 23 القديمة على مبدأ الواحدة مقابل الاخرى ابتداء من العام 2021.
ترتكز احد ابرز المبادىء التي تقوم عليها فلسفة تصميم Type 26 على الرغبة في المرونة وتكييف التصميم طيلة فترة الحياة العملية. ينطلق هذا الطموح في جزء كبير من القيود المتأصلة الموجودة ضمن Type 23 الاسبق في حين بُذلت كل الجهود اللازمة لتطوير وتعزيز نظم القتال والمنصات على حد سواء لتلبية الهدف والاكتفاء والتنويع الذي يميز النمط الحالي للعمليات. اشارة الى ان تصميم Type 23 هو الان على مقربة من هوامش التطوير التصميمي الخاصة به.
اضافة الى ذلك، حفزت عدم القدرة على قبول التغيير في المستقبل كلا من وزراء الدفاع والبحرية الملكية على تطوير منصة استبدال اعتمدت على هيكلية مرنة ووحدات اخرى من شأنها ان تمكن من اعادة تشكيل للنظم على مستوى عال وبقدرة كبيرة على التكيف.
تسمح مساحات المكننة للسفينة في اعتماد خيارات نظم دفع مختلفة. لقد تم تصميم مساحات عدة في مثل هذه الطريق تسمح لافراد الطاقم في التنقل بمرونة افضل كما واتاحة الفرصة لهم من العمل بسهولة لجهة وضع تخطيطات الرسوم ومعايير السكن.
تظهر سمة معيارية اخرى ورئيسية لتصميم Type 26 GCS وفقا ل Searle، تتجلى في ايجاد فسحة لملاءمة المهمة المرنة "Flexible Mission Space" وتتميز بحجمها الكبير وسط السفينة المجاور للحظيرة. ستجمع كل السفن من نوع Type 26 في مرفق Govan في اسكتلندا لفرض التصميم ومن ثم التشييد لرفع فعالية وكفاءة المشروع.
تعتبر خطوة الانتقال في تصاميم السفن الحربية المنفصلة الاجزاء تطورا كبيرا في بناء السفن البحرية ونقلة نوعية في خطط القوات البحرية الرامية الى تعزيز مشترياتها في المستقبل وبالتالي دعمها اثناء الخدمة. تراهن البحريات على تحقيق وفورات مالية كبيرة من هذه الجهود وكذلك اكتساب مرونة تشغيلية وعملانية اكبر.
بقلم تيم ريبلي
http://www.arabdefencejournal.com/newdesign/article.php?categoryID=23&articleID=1916
 
عودة
أعلى