منذ أيام أعلنت الأردن وإسرائيل عن مشروع إنشاء رابط مائي ضخم بين البلدين، مشروع ربما سيغير موازين المنطقة يربط بين البحر الميت والبحر الأحمر، للقراءة أكثر حول المشروع، فوائده والتخوفات منه.
لكنَّ إسرائيل لا تبدو أنها فقط ستغيِّر شكل المنطقة بهذا المشروع الضخم جدًا، فالمشاريع الإسرائيلية في المنطقة لا تكاد تهدأ، فقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية منذ عام 2012 عن مشروع “قومي”لمدّ خطّ سكة حديد يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، ليكون هذا الخطّ منافسًا لقناة السويس، ما دعا صحيفة هآراتز الإسرائيلية لدعوة المشروع بـ “مشروق قناة السويس الإسرائيلي”. فما هو هذا المشروع؟ وهل سينافس قناة السويس حقًا؟ وهل هو خطر لهذه الدرجة؟ في هذا التقرير ستجد الإجابات.
1- اشرح لي ما هو المشروع بالتحديد؟ وهل له أي بُعدتاريخي؟
“هذا المشروع خطوة استراتيجيَّة. وقد جاء لينافس قناة السويس”. *رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
يقع ميناء إيلات على البحر الأحمر، الميناء البعيد عن المراكز السكانية الرئيسية في “إسرائيل”. تعتبر إيلات(الجنوب) كذلك منطقة سياحية لكنها بعيدة عن الإعمار السكاني، ميناء أشدود في الجهة الأخرى من إسرائيل(الشمال)، ميناء على البحر المتوسط. وهكذا تعتزم إسرائيل مدّ خطٍّ بريّ موازٍ لقناة السويس بين إيلات وأشدود وتلّ أبيب. مرورًا بمدنٍ أخرى مركزية مثل بئر السبع وديمونه بصحراء النقب. وسيشهد المشروع إقامة 63 جسرًا، وشق خمسة أنفاق.بتكلفة 2 مليار دولار.
ميناء إيلات
يمتدّ المشروع “القومي”، المسمَّى Med – Red نسبةً إلى البحرين المتوسط والأحمر، لمسافة 350 كيلومترًا، ستستمرّ أعمال تنفيذه إلى خمس سنوات، حسب بعض التقارير فإن المشروع سيتم افتتاحه عام 2018، بينما تذهب تقارير أخرى إلى عام 2020. سيكون المشروع حلقة الوصل بين الدول الآسيوية الكُبرى كالصين والهند والجانب الأوروبي، باعتبار أن الخط يصل البحر الأحمر بالمتوسط في مسافة زمنية لا تتخطى الساعتين! هذا هو السبب الوحيد المُعلن، لكنَّ وراء المشروع أسبابًا ودوافع أخرى سنتحدث عنها خلال التقرير، نشير هُنا فقط إلى الهدف الأهمّ وهو سهولة شحن الغاز الإسرائيلي بعد نضج المشروع، خصوصًا بعد اكتشاف كميات ضخمة من الغاز على شواطئ البحر المتوسط، قبالة بعض السواحل الـ”إسرائيلية”.هذا باختصار هو المشروع.
ولكنَّ المشروع له جذور تاريخية أيضًا. تدرك “إسرائيل” أنها يجب أن تتوغَّل في المنطقة، عبر مشروعات وإن كانت اقتصادية إلا أنها تتيح لها قوة ناعمة على الأرض، ممثلة في بعض المناطق الصناعية ومشاريع النقل. كانت إسرائيلتأمل في مشروعين كبيرين:
الأول: مشروع الخط المائي بين البحر الأحمروالبحر الميِّت، وهو ما حققته من اتفاقيتها الأخيرة مع الأردن.
الثاني: قناة مائية، منافسة، موازية لقناة السويس تمتدّ من ميناء إيلات بالبحر الأحمر إلى ميناء أشدود بالبحر المتوسط. كانت الفكرة “رائعة” لإسرائيل لا شكّ، فهنا ستقضي إسرائيل تمامًا على كنز استراتيجي لمصر وهو قناة السويس. لكنَّ اعتراضات عديدة منعتها من هذه الخطوة. لعدة أسباب:
1ـ من ناحية سياسية: لم تكن إسرائيل لتقدم على خطوة كهذه، لن تسكت عليها مصر ـ ولا دول عربية أخرى بطبيعة الحال ـ فمنافسة قناة السويس يعد ضربًا من ضروب “الجنون السياسي”؛ فقناة السويس تعتبر المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية لمصر، إضافةً إلى أهميتها السياسية والاستراتيجية والتاريخية كذلك.
2ـ من ناحية تقنية: تمثلت تلك الصعوبة في أنَّ القناة كانت يجب أن تمرّ في صحراء النقب، وهو ما لم يكن متوفرًا تقنيًّا بطبيعة الحال. فطول مسافة القناة أكثر من 300 كيلومتر، وهي مسافة كبيرة كذلك ستضطر للمرور فوق أراضٍ يصل منسوبها إلى أكثر من 600 متر فوق منسوب البحر، كما ستواجه السفن المارَّة فيالقناة مشكلة أنَّ بعض المناطق المرتفعة سيتمّ رفع السفن فيها عن طريق عدد كبير جدًا من الأهوسة، وهو ما لم يكن متوفرًا كذلك.
وكانت هذه أبرز الاعتراضات، ناهيك عن تكلفة عملاقة لمشروع كهذا ربما لن تستطيع إسرائيل توفير التكلفة له بين هذا العدد الكبير من العوائق الأخرى، لذلك قررت إسرائيل أن تحوِّل المشروع لخط سكة حديد.بشكلٍ عام تسعى “إسرائيل” منذُ 1948 إلى تدشين مجموعة من خطوط سكك الحديد الداخلية والاستراتيجية منها. مرت مشاريع سكك الحديد في إسرائيل بعدة مراحل منذ تأسيسها وحتى هذه اللحظة.
2- أعطني بعض التفاصيل الأخرى حول المشروع؟!!
حسب تقارير قد تبدأ الخدمة في هذا الخط البري أوائل عام 2018، سيخدم المشروع في اتجاهين:
الأول: وهو الأهمّ. سيعمل الخطّ البري على نقل محتويات السفن البحرية، عبر رحلة كالتالي: يتم تفريغ الحمولة من السفن في ميناء إيلات، ثمَّ يتم نقل الحاويات ـ الكبيرة جدًا ـ إلى خط سكة الحديد، ويبدأ القطار رحلته إلى ميناء أشدود، وبهذا تكون محتويات السفن انتقلت من آسيا إلى أوروبا. هذا هو المشروع المفترض أنه ينافس قناة السويس.
الثاني: سيعمل نفس الخطّ أيضًا على نقل الرُّكَّاب، عبر المدن التي سيمرّ عليها. حيث سيرتبط الخط بشبكة الحديد العامة في إسرائيل. وستبنى خطوط مواصلات مضاعفة لشحن البضائع والمسافرين بكلفة قد تصل إلى 15 مليار دولار!! السفر من إيلات إلى أشدود لا يتخطى الساعتين عبر هذا الخطّ، وربما أقل أيضًا. ويقدر عدد مستخدمي المشروع بعد افتتاحه بـ 3.5 مليون راكب.
في نفس السياق، ستعمل شركة بلجيكية على توسعة ميناء حيفا أيضًا، شركة صينية أخرى ستشرف على تطوير ميناء أشدود ومدّ الخط شركة صينية،سنرجع لذكرها في موضع آخر. من المتوقع أيضًا أن يجذب المشروع نحو مليون إسرائيلي للسكن في الجنوب الإسرائيلي، حيث ستقوم إسرائيل بإنشاء منطقة صناعية مساندة لمجمع القطارات قرب المطار. تعتبر هذه الخطوة خطوة استراتيجية تقوم بها إسرائيل في محاولة منها لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي بطريقة سياسية- اقتصادية. وعن طريق التعاون مع بعض الدول العربية المحيطة في بعض هذه المشاريع “العملاقة”، بالطبع عملاقة بالنسبة لإسرائيل.
3- وهل هذا المشروع منافس حقًا لقناة السويس؟
“هذا المشروع تحقيق لحلم إسرائيلي قديم، وسيحوِّل ميناء إيلات إلى الميناء البحري الأهم في المنطقة، وسيكون بديلًا لقناة السويس من خلال إنشاء جسر برى لنقل البضائع التجارية من آسيا لأوروبا والشرق الأوسط”. *تسور شيفا، رئيس مجلس إدارة شركة ميناء «إيلات»
بعض المسؤولين الإسرائيليين يؤكدون أن المشروع لا علاقة له بمنافسة قناة السويس من أية جهة. لكنَّ هذه النقطة بالتحديد أكثر نقطة في المشروع نفسه حازت نقاشًا موسعًا، سواءً من المحللين والسياسيين المصريين أو الإسرائيليين، وحتى الأجانب منهم.
قناة السويس..
بالجملة يمرّ من قناة السويس ما نسبته من 8 إلى 12 % من إجمالي حجم التجارة العالميَّة، وتغطي هذه النسبة ما نسبته 52% تقريبًا من حجم البضائع المتداولة في العالم؛ بالتالي أن يكون الخط البريّ منافسًا لقناة السويس، فهذا يعني عدة أشياء، لا يرى العديد من المحللين أنَّها متوفِّرة فيه. يتعذر على الخط البري منافسة قناة السويس لعدة أسباب، نذكرها، مع التأكيد أنَّ هذه العوامل والأسباب لا تخضع لرأينا وإنما هي آراء محللين:
1ـ السفن التي تمرُّ عبر قناة السويس، سفن عملاقة. تحمل حاويات عملاقة تحمل أطنان البضائع.
2ـ سفينة الحاويات الواحدة تحمل 8 آلاف حاوية! ويعتبر هذا هو العدد الأدنى للسفن العملاقة، إذ أن بعض السفن يحمل 12 ألف حاوية.
3ـ قناة السويس تنقل سنويًّا ما بين 18 إلى 20 ألف سفينة عملاقة. أي بما يوازي 1500 سفينة شهريًّا. بمتوسط 50 سفينة يوميًّا.
4ـ بعد كل هذه المعلومات الأولية، فإن مشروع الخط البري الإسرائيلي سيحمل يوميًّا حوالي 50 حاوية فقط! بالطبع هذا حمل لا يقارن أبدًا بحمل السُّفُن التي تمرّ يوميًا في قناة السويس.
5ـ ستتعجب أيضًا إذا علمت أنَّ بحثًا أنجزه دافيد روزين المدير السابق في شركة “تسيم” الإسرائيلية للشحن البحري خلص إلى أنَّ شركات الشحن العالمية لن تفضل مسار الشحن البري الذي تدشنهإسرائيل وستواصل الاعتماد على قناة السويس. حسب البحث فإن الشحن البري لحمولة سفينة عبر إيلات قد يستغرق 21 يومًا بينما عبور سفينة واحدة في قناة السويس لا يستغرق أكثر من 14 ساعة فقط!! يضاف إلى ذلك أن تكلفة تفريغ وشحن حاوية واحدة فقط قرابة ألف دولار، بينما تبلغ كلفة الحاوية الواحدة 30 دولارًا فقط!
صورة لسفينة تمر عبر قناة السويس..
كان نتنياهو في وقتٍ سابق قد صرَّح أنَّ العديد من الدول الكبرى لن تفضِّل هذه العملية البرية في النقل لصعوبتها وتكلفتها الباهظة، حيث إن تكلفة النقل عبر هذا الخطّ سيرتفع إلى نسبة 3.8%عن تكلفته في قناة السويس. الكاتب الإسرائيلي يواف شتيرن استبعد أن يكون المشروع بديلًا لقناة السويس. الجدير بالذكر أن رئيس الموساد السابق إفرايمهيلفي من أشد المعارضين للمشروع. لكنَّ اعتراضه جاء من ناحية سياسية حيث يرى أن إنشاء المشروع الذي قد ينافس قناة السويس سيؤثر على العلاقات مع القاهرة وعمَّان وسيضع إسرائيل في مأزق سياسي.
4- ما أهميَّة المشروع لإسرائيل إذن؟ وكيف من الممكن أن يغير المنطقة؟
“هذا المشروع سيغير في ساعتين وجه البلاد، لكونه سيقدم لإسرائيل فرصًا هائلة، لذلك فإن التحرك سيكون فوريًّا لجمع الأموال اللازمة للبدء في تنفيذ هذا المشروع”. *نتنياهو
إذا كان المشروع غير متوقع له بأن ينافس قناة السويس بالفعل، فما الذي ستستفيده من مشروع كهذا؟ في عام 2003 كان نتنياهو وزيرًا للمالية، وطرح الفكرة حينها. ولم يطرحها مرةً أخرى حتىعام 2010، ويمكن إجمال أهمية المشروع لإسرائيل في عدة نقاط:
أولًا، الفائدة في الداخل الإسرائيلي:ذكرنا خلال التقرير أن إيلات بعيدة عن المراكز السكنية، وذكرنا كذلك أنَّ المشروع سوف يتم ربطه بشبكة النقل والمواصلات الداخلية في “إسرائيل”. من المتوقع للمشروع أن ينتقل عبره 3.5 مليونإسرائيلي، كذلك من المتوقع أن يتمّ تعمير الجنوب “الإسرائيلي” بمليون مستوطن. وسيتم إنشاء منطقة صناعية. هذه أولى فوائد المشروع لإسرائيل.
ثانيًا، الفائدة الاقتصادية:جدير بالذكر أن هذا التوزيع السكاني الجديد سيكون له مردود اقتصادي منعش لإسرائيل. ناهيك عن الشراكات الاقتصادية مع دول كُبرى كالصين والهند، حيث إن الصين هي الممول الرئيسي للمشروع. تعتبر الشراكة مع الصين هي الفائدة السياسية والاقتصادية الأكبر في هذا المشروع.كماأنَّ الخطّ سيسهل على إسرائيل نقل الغاز من سواحل البحر المتوسط إلى البحرالأحمر، خصوصًا أنه تم اكتشاف عدة حقول على سواحلها.
ميناء أشدود، والذي يقع على البحر المتوسط
ثالثًا، فوائد عسكرية أيضًا: تعتبر هذه الفائدة بالنظر للمدى القريب هي آخر الفوائد المروجة من المشروع، ولكنها على المستوى البعيد ذات فائدة كُبرى. شبكة المواصلات الإسرائيلية الداخلية ستكون مترابطة تمامًا، فالمشروع البري هذا سيصل الشمال بالجنوب، بالنظر لربطه كذلك بشبكة النقل والمواصلات الداخلية سيسهل على إسرائيل سرعة انتقال وتعبئة قواتها من الشمال إلى الجنوب.
بالجملة هذه هي الفوائد التي ستعود على إسرائيل، حسب تحليلات عديدة. وسيغير المشروع من سياسات المنطقة في عدة قضايا. فمن ناحية ستتمتع إسرائيل بظهير قوي جدًا هو الصين، وستفتح له بذلك يدًا قوية في المنطقة، كذلك فإنَّ تحويل “إسرائيل” أجزاء من رقعتها إلى نقاط شحن بحري وبري سيضمن لها ظهيرًا قويًّا في حال نشوب أية حروب مستقبلية في المنطقة معها فالمستثمرون الأجانب لن يفضلوا حربًا بين إسرائيل ـ التي صارت مركزًا تجاريًّا كبيرًاـ وأية دولة عربية أخرى. وبهذا استطاعت إسرائيل أن تلعب على هذا الجانب الاقتصادي فاندمجت في شراكات مع دول كبرى عبر مشاريع اقتصادية وتجارية عملاقة.
5- ما هي أكثر الدول المستفيدة من المشروع؟ ومن أين يأتي تمويل المشروع؟
في فبراير 2012، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي بالإجماع الاستمرار في متابعة المشروع. وكانت مشكلة التمويل هي أول عائق أمام تنفيذ المشروع، إلا أن إسرائيل تستطيع أن تختار معاركها جيدًا. الصين المستفيد الأكبر مع إسرائيل. فقد مولت المشروع بـ 2 مليار دولار. وستشرف على المشروع شركة صينية لها تجارب سابقة في بناء مشاريع بنية تحتية للطرقات والأنفاق في حيفا وعكَّا و”تل أبيب”. تعتبر الصين هي المستفيد الأول مع إسرائيل. لكنَّ بعض الدول الأخرى ستستفيد وإن بشكل هامشي، كبلجيكا مثلًا التي ستقوم شركة منها بتوسيع ميناء حيفا.
في أكتوبر 2011، وقع وزير النقل الإسرائيلي يسرائيلكاتس اتفاقية تعاون بشأن الخط البري مع وزير النقل الصيني. بعدها بعدة أشهر، بالتحديد في مايو 2012 وقَّعَ وزير النقل الإسرائيلي عقدًا مع نظيره الإسباني بشان تطوير وسائل النقل العام التي قد تشمل السكك الحديدية في الداخل الإسرائيلي أيضًا. كذلك أجرى محادثات مع وزير السياحة الهندي. بالجملة بعد الصين ستستفيد كل من: (بلجيكا، إسبانيا، فرنسا، كندا، الهند، إيطاليا، ألمانيا، اليابان، كوريا الجنوبية، الولايات المتحدة بالطبع).
5ـ ذكرت أن الصين هي الممول الرئيسي للمشروع، فهل للصين تواجد قوي في المنطقة؟ وما مدى قوة علاقتها بإسرائيل؟ وماذا ستستفيدمن هذا المشروع؟
معلومات:
ـ تعد الصين أكبر شريك تجاري للقارة الأفريقية، مع نسبة تجارة بلغت 120 مليار دولار سنويًّا!بالطبع البحر الأحمر يمتد في عمق أفريقيا.
ـ عام 2010 ارتفع حجم التجارة الإسرائيليةـ الصينية إلى 6.7 مليار دولار، بنسبة الضعف تقريبًا عما قبلها.
ـ اعترفت إسرائيل بجمهورية الصين الشعبية، قبل اعتراف الدول العربية.
ربما تكفي هذه المعلومات الأساسية لتعطيكَ نافذة صغيرة جدًا ومختصرة عن العلاقات الصينية – الإسرائيلية، وعن مدى استفادة الصين من تبنيها المشروع الإسرائيلي. بالجملة احتفظت إسرائيل منذ عام 1948 بموقف إيجابي من الصين، ونشأت بينهما علاقات اقتصادية وتجارية كبيرة. في الفترة بين 1984 – 1994 باعت إسرائيل للصين سلاحًا بمبلغ 7.5 مليار دولار، وشاركت 164 شركة سلاح إسرائيلية في علاقات تقنية في ميادين مختلفة مع الصين. كانت إسرائيل هي المزوِّد الثاني للصين بالسلاح بعد روسيا.
عام 2000 كشفتالاتفاقية الصينية– الإسرائيلية عن تعاون فيمجال الدفاع خاصة في مجال الطائرات بدون طيار.بحلولعام 2030 قد تصبح الصين صاحبة أقوى اقتصاد في العالم، كل هذه المعطيات تجعل إسرائيل ذات علاقة قوية مع الصين.
عودة لموضوع الخط البري: تتمنى الصين بتمويلها للمشروع أن تصبح صاحبة الاستفادة الأكبر منه. فمن ناحية ربما يسهل عليها المشروع نقل بضائعها لأوروبا، لكن الاستفادة الأكبر للصين ستكون في اتجاهين آخرين:
الأول، المنطقة العربية: فمن الملاحظ أن الصين تتمتع بعلاقات طيبة مع كل بلاد المنطقة تقريبًا، علاقات اقتصادية وعسكرية كذلك. مع السعودية والخليج عمومًا ومصر وكذلك مع إسرائيل. بتمويلها للمشروع، تسحب الصين رويدًا البساط ـ بعض الشيءـ عن أقدام الولايات المتحدة في المنطقة. ناهيك عن تحليلات تتحدثأنإسرائيل “تلعب بذيلها” مع الولايات المتحدة. فقد أقدمت على عدة اتفاقيات بشكل منفرد مع الصين وبدون علم الولايات المتحدة، منها مثلًا اتفاقية لإنتاج طيارات الفالكون بالاشتراك مع الصين، حين علمت الولايات المتحدة بالاتفاقية أجبرت إسرائيل على فسخها، ودفعت إسرائيل مبلغًا هائلًا للصين تعويضًا لها عن فسخ الاتفاقية.
الثاني، أفريقيا: كما ذكر التقرير، تعتبر الصين الشريك الرئيسي لأفريقيا، بما مجمله 120مليار دولار. سيتيح المشروع الجديد تواجدًا قويًا ـ بل أكثر قوةـ في أفريقيا، باعتبار أن البحر الأحمر ضارب في أعماق أفريقيا. وهذه النقطة مرتبطة بالسابقة لها.ونستطيعأن نقول مع المحللين إن الصين ستستفيد استفادة كبيرة جدًا من تبنيها لهذا المشروع. وتستطيعأن تقرأ أكثر عن علاقة الصين بأفريقيا خصوصًا، وعن سياسة الصين عمومًا، من هنا: كيف تغير الصين النظام العالمي
ما الذي كان يقصده نتنياهو إذن بأن مشروعه سينافس قناة السويس؟ لا أحد يعلم. وفقًا للأرقام والتحليلات لن يستطيع المشروع منافسة قناة السويس، لكنَّ التاريخ يثبت أن إسرائيل لا تقدم على خطوة جريئة كهذه دون فوائد كبيرة جدًا.