الخـــــائن .......لســـــانك
بقلم / د. احمد مختار أبودهب
لا تستعجب...... فقد تكون مواطنا صالحا ...لكن للاسف ..الخائن لســـــانك !!
المعلومة و الجاسوس .....و علاقة تلاحقية , حيث يلاحق الجاسوس معلومته , اى معلومة , رغم ان المعلومات العسكرية تأتى فى المقام الاول فى حروب الجواسيس , الا ان اى معلومة مهمى بدت تافهة تصل الى العدو , قد تفيده , بل قد تكون قاتلة للوطن , حيث ان تحليل المعلومة هو قيمتها الحقيقة و ليس ظاهرها او منطقها المعتاد.
و من يراجع بداية الكثير الجواسيس يجد ان اغلبهم بدأ بارساله لمعلومات عادية عن محيط تواجده فى ارض الوطن, يراها الجميع كانها شىء معروف لاى شخص , بينما تحليل العدو للمعلومة هو قيمتها الحقيقة , و الرهيبة , .....اسعار الخضر و الفاكهة . توافر السلع و غيابها فى الاسواق .... اختلاف كمية نوع من الادوية , المهام و الادوات العادية المستخدمة فى الوحدات العسكرية ......الخ , قد يكون بالنسبة لاى شخص مجرد معلومة عادية عديمة القيمة ......بينما هى قد تكون مؤشر اندلاع حــرب تدمر جهود جيوش و مقاتلين طوال سنوات مضت, لمجرد انها وصلت العدو ....عن طريق جاسوس , او من حــوار عابــــر !!
لن تتخيل ان حوارك العابر فى القطار اثناء جلوسك بين مئــات النــــاس , او فى احد الاسواق عن معلومة تتشدق بها عرفتها من ذاك المجند قريبك , قد التقتطها اذن مدربة الى جوارك , و ان هذه المعلومة قد وصلت الى قلب العدو فى غضون ساعات, او دقائق و تكون الكارثة !!!!
فليس من العجيب ان يتم احباط و التصدى لاحد الخطط العسكرية المتقنة فى الحرب العالمية الثانية التى تعتمد على الالتفاف حول موقع العدو و اقتحامه من جهة "ملاحات " غير متوقعة , لمجرد معلومة وصلت للمعسكر المضاد من جندى ثرثار اخذ يتشدق فى القطار عائدا من اجازته, بانه تم توزيع احذية ذات رقبة طويلة اكبر من المعتــاد .....وصلت المعلومة للمعسكر المضاد ..... و حللتها اجهزة مخابرته , و تم التوصل الى الخطة كاملة بالتحليل المنطقى لتلك المعلومة ....و كانت نهايتها و فشلها لاجل "جندى ثرثار.....و حذاءه !!!".
و دعونا نسأل انفسنا .....ماذا كان موقف العدو , اذا عرف ان القمح الفاسد الذى تم احراقه بالاطنان علنا امام كاميرات الصحافة قبيل حرب اكتوبر هو مجرد "نشارة خشب" ....و ان القمح الحقيقى قد تم نقله الى مخازن اخرى استعداد لحرب !!!
بقلم / د. احمد مختار أبودهب
لا تستعجب...... فقد تكون مواطنا صالحا ...لكن للاسف ..الخائن لســـــانك !!
المعلومة و الجاسوس .....و علاقة تلاحقية , حيث يلاحق الجاسوس معلومته , اى معلومة , رغم ان المعلومات العسكرية تأتى فى المقام الاول فى حروب الجواسيس , الا ان اى معلومة مهمى بدت تافهة تصل الى العدو , قد تفيده , بل قد تكون قاتلة للوطن , حيث ان تحليل المعلومة هو قيمتها الحقيقة و ليس ظاهرها او منطقها المعتاد.
و من يراجع بداية الكثير الجواسيس يجد ان اغلبهم بدأ بارساله لمعلومات عادية عن محيط تواجده فى ارض الوطن, يراها الجميع كانها شىء معروف لاى شخص , بينما تحليل العدو للمعلومة هو قيمتها الحقيقة , و الرهيبة , .....اسعار الخضر و الفاكهة . توافر السلع و غيابها فى الاسواق .... اختلاف كمية نوع من الادوية , المهام و الادوات العادية المستخدمة فى الوحدات العسكرية ......الخ , قد يكون بالنسبة لاى شخص مجرد معلومة عادية عديمة القيمة ......بينما هى قد تكون مؤشر اندلاع حــرب تدمر جهود جيوش و مقاتلين طوال سنوات مضت, لمجرد انها وصلت العدو ....عن طريق جاسوس , او من حــوار عابــــر !!
لن تتخيل ان حوارك العابر فى القطار اثناء جلوسك بين مئــات النــــاس , او فى احد الاسواق عن معلومة تتشدق بها عرفتها من ذاك المجند قريبك , قد التقتطها اذن مدربة الى جوارك , و ان هذه المعلومة قد وصلت الى قلب العدو فى غضون ساعات, او دقائق و تكون الكارثة !!!!
فليس من العجيب ان يتم احباط و التصدى لاحد الخطط العسكرية المتقنة فى الحرب العالمية الثانية التى تعتمد على الالتفاف حول موقع العدو و اقتحامه من جهة "ملاحات " غير متوقعة , لمجرد معلومة وصلت للمعسكر المضاد من جندى ثرثار اخذ يتشدق فى القطار عائدا من اجازته, بانه تم توزيع احذية ذات رقبة طويلة اكبر من المعتــاد .....وصلت المعلومة للمعسكر المضاد ..... و حللتها اجهزة مخابرته , و تم التوصل الى الخطة كاملة بالتحليل المنطقى لتلك المعلومة ....و كانت نهايتها و فشلها لاجل "جندى ثرثار.....و حذاءه !!!".
و دعونا نسأل انفسنا .....ماذا كان موقف العدو , اذا عرف ان القمح الفاسد الذى تم احراقه بالاطنان علنا امام كاميرات الصحافة قبيل حرب اكتوبر هو مجرد "نشارة خشب" ....و ان القمح الحقيقى قد تم نقله الى مخازن اخرى استعداد لحرب !!!
و ماذا لو علم العدو –بشكل غير مباشر طبعا - من ثرثرة طبيب "لا يجيد حفظ الاسرار " ان المستشفيات الاقرب للجبهة قد تم اخلاءها بخطة وهمية بدعوى تلوثها بميكروب التيتانوس استعداد لاستقبال الجرحى فى المعركة التى ستندلع بعد ايــــام !!
و ماذا يحدث لو ان حوارا تليفونيا عابرا بين مدير احد جهات التموين و زوجته القى فيه الضوء الى غمر الاسواق بكمية غير مسبوقة من كشافات الاضاءة اليدوية الصغيرة , بطريقة تتعارض مع ما هو معتاد و بكميات ضخمة ...و ان العملية وراءها بشكل سرى احد الاجهزة الامنية .....,حيث لم يكن ذلك سوى احد الاف خطوات الاستعداد للاظلام التام ايام المعركة المندلعة بعد اسابيع !!
كل ما سبق لم يكن امثلة افتراضية , بل كانت امثلة خطط خداعية متقنة و ناجحة قامت بها المخابرات العامة المصرية قبيل حرب اكتوبر , كانت قد تفسدها كلمة غير مسؤلة تصل لمسامع عملاء العدو .
ان الاجهزة الامنية و الاستخباراتية تبذل قصارى جهدها لحفظ السر , و لكن بعض الاسرار يستحيل حفظها عن من تتضمنهم تلك الاسرار....مثل مواقع التدريب على العبور اثناء حرب الاستنزاف التى كان يعلمها كل جندى شارك فى التدريب , او خطط الاعدادللحرب واسعة النطاق التى تتضمن العديد من قطاعات الدولة عسكرية كانت او مدنية.
و ان كان مما لا شك فيه ان جهاز المخابرات المصرى قد تمكن من تعليم الناس قيمة السر و خطورة الكلمة فى تلك الحقبة من اواخر الستينيات و بداية السبعينيات , سواءا عن طريق صحفيين و مؤلفين كبار و مقالات ذات طابع خاص أو مسلسلات اذاعية او كتب توعـــيـــة عن طرق العدو فى استقاء معلوماته من حوارات المواطنين فى الاماكن المختلفة , حيث كان لها الدور الاكبر لتعليم المواطنين معنى الكلمة و خطورتها , فبعدما كان الناس يشيرون الى مكان ما باسم "محطة المطـــار الســـرى " ,حيث كان اسم دارج لاحد محطات عربات النقل الجماعى "الغير رسمية و لكن المتعارف عليها " فى القاهرة جوار موقع مطار عسكرى .....سرى, و لكنه تحول الى عــــلم .....لان السنة الناس تهمس ...ثم تتكلم , و تردد , و تخبر , وتنطق.....و تنطلق.
لقد تحول الناس بفضل تلك الخطط التعليمية العامة من هذا الافراط فى الحديث عن الاسرار الى مــــــبدأ "ارى و اسمع ....و لا اتكلم" , كما وصفه د. نبيل فاروق كعنوانا لاحد مقالاته عن الموضوع ذاته !!!
و رغم ان تلك الحقبة فى فترة الستينيات كانت الجريدة و الاذاعة هى مصدر المعلومة الاول , الا ان المواطنين بشكل عام استوعبوا خطورة الامر و توقفوا عن الثرثرة و الحديث دون داعى و خاصة فيما يتعلق بالمسائل العسكرية .
و عبر السنين , فان اجهزة المخابرات بشكل عام تخصص قسم بين اداراتها المختلفة يختص بمتابعة و قراءة الجرائد اليومية , و ملاحظة المعلومات الواردة فيها بكل دقة , ثم تحليلها و الحصول منها على معلومة ضخمة لا يتوقع احد ان مصدرها الجريدة ....فقد يكون نعيا لضابطا كبيرا فى جريدة هو السبيل لمعرفة اسماء الضباط العاملين
معه فى نفس المكان!!!
و قد نجحت المخابرات المصرية بتفوق فى استغلال تلك النقطة لخداع العدو ببراعة , بدءا من اعلان التقدم لاداء مناسك العمرة لضباط الجيش فى الجرائد الرسمية اول اكتوبر ......الى حد خداع العدو بخطة خبراء الحرب النفسية و لغة الجسد Body Language حيث كانت صور القادة فى الاخبار العسكرية فى جرائدنا الرسمية تلتقط و هم يرسمون على وجوههم ابتسامات تدربوا عليها خصيصا و يتخذون من جلستهم طريقة تنم عن استرخاء شديد و انهم قادة لا يفكرون فى حرب ...بينما يخفون بداخلهم اتون استعداد للمعركة ....و نجحت الخدعة ....و فى معلومة علنية يحصل عليها العدو فى جريدة رسمية !!!
و العجيب انه مع التقدم و التكنولوجيا , نجد ن الحس الامنى بدأ فى الانخفاض ان لم يكن الاندثار , و مع سهولة تداول المعلومة , تفاجأ بمن يكتب – دون اى اكتراث- عن مسار و مكان وتوقيت خط سير بعض المركبات العسكرية او الطائرات او الوحدات البحرية ...الخ ....بل و يدعمها بالصور لمجرد فتح حوار يتشدق به ببعض المعلومات الضحلة لديه , و يكون بذلك قد اهـــــدى العـــدو ما لم يحلم به من معلومة , لو ارسلت من جاسوس مبتدىء لكانت مكافئته الاف الدولارات !!!!!
لــــذا يجب ان تراجع كلماتك قبل ان تتفوه بها ..... "امسك عليك لسانك " , ليكن شعار فى حياتك عامة , و فى ما يتعلق بأمن الوطن خاصـــة ,,,, فاما ان تكون "ارى ...و اسمع ....و لا اتكلم " – و اكرر فيما يمس امن الوطن لا لهدف اخراس المواطن كما سيظن البعض -.....او تختار ان تهــدى العدو الكثير ....و ان يكون ....الخــــــائن ....لســــــــانك !!!!!
منقول عن
المجموعه 73 مؤرخين