لماذا يحاول الكونغرس الأمريكي معاقبة روسيا؟

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,255 0 0
9United_States_Capitol_west_front_edit2.jpg


تبنى مجلس النواب الأميركي (المجلس الأدنى في الكونغرس)، في نهاية الأسبوع الماضي، بأغلبية ساحقة، مشروع القرار رقم (758) الذي يتضمن الطلب من الرئيس الأميركي اتخاذ اجراءات عديدة مشددة ضد روسيا.


/مرآة الحدث/

وكانت المذكرة رقم (758) طالبت الرئيس باراك أوباما بفرض عقوبات واسعة على روسيا تطال عملتها الوطنية، بذريعة أنها تمارس "سياسة عدوانية تجاه الدول المجاورة لها وتسعى لإخضاع دول جوارها سياسيا واقتصاديا"، على حد تعبير المذكرة.
وتسوق المذكرة الذرائع العديدة التي استوجبت التصويت على مشروع هذا القرار باتهام روسيا بدءا من احتلالها لمولدافيا وجيورجيا وصولا إلى ضمها لشبه جزيرة القرم واحتلالها جنوب شرق أوكرانيا. ولم تكتفِ المذكرة برص الأكاذيب بعضها إلى بعض ضد روسيا، بل وأسهبت في تجريمها باقترابها من حدود حلف شمال الأطلسي، حتى اضطر وزير الخارجية الروسي أن يرد مازحا "اعذرونا إذ ليس ذنبنا أن بلادنا تقع وسط قواعدكم العسكرية المختلفة"، في إشارة إلى كثافة انتشار قواعد حلف شمال الأطلسي حول روسيا.
وطالبت المذكرة الرئيس الأمريكي بتوسيع العقوبات على روسيا، وناشدت الدول الحليفة لأمريكا وغيرها بقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية معها، وتشديد الحرب الإعلامية ضد روسيا باستئناف بث المحطات الإذاعية السابقة المعادية للاتحاد السوفييتي بغرض زعزعة الاستقرار فيها، والإطاحة برئيسها الحالي فلاديمير بوتين من أجل إعادة شبه جزيرة القرم إلى السيادة الأوكرانية.
واقترح الكونغرس على أوباما فرض عقوبات جديدة ضد المسؤولين الروس، وتجميد حساباتهم في المصارف الأجنبية، وتقديم المساعدات اللازمة لأوكرانيا، ووقف تعاون الناتو مع روسيا، في حين أن مجلس روسيا – الناتو لا يعمل منذ زمن، أي أن أعضاء الكونغرس تأخروا في طلبهم. وكانت أهم نقطة في قرار الكونغرس هي الطلب من أوباما "تشكيل وتوزيع الأخبار والمعلومات المختلفة باللغة الروسية في كافة البلدان التي يقطنها ناطقون باللغة الروسية".
ومن الصعب اعتبار اجتماع الكونغرس واتخاذه القرار المناهض لروسيا مباشرة بعد انتهاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من توجيه رسالته السنوية إلى الجمعية الفيدرالية للبرلمان الروسي جاء صدفة، لأن عبارات بوتين حول استقبال الأمريكان "للقتلة الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء"، وعن أنهم يساعدونهم بالمال والمعلومات، وعن فشل محاولاتهم لتقسيم روسيا كما فعلوا ذلك في يوغوسلافيا، وأن روسيا لن تنحني أمام القوة الأمريكية، وأن القرم كان وسيبقى روسياً، لابد وأنها أثارت حنق الإدارة الأمريكية التي وصفت السياسة الروسية "بالعدوانية الشرسة".
من جهة أخرى، أثارت هذه الوثيقة ردود فعل مختلفة في الأوساط الشعبية الأمريكية، حيث قال دينيس كوسينيتش عضو الكونغرس الأميركي إن "هذا القرار يعني عمليا إعلان (الحرب الباردة)"، مضيفا لقد "حان الوقت للولايات المتحدة الامتناع عن جدلية الصراع، وعليها البحث عن طرق لإعادة بناء هيكلية العلاقات الدبلوماسية مع روسيا، والتخلي عن المشاريع المحفوفة بالمخاطر تحت غطاء الناتو".
وأعرب كوسينيتش عن أسفه من "أن الدعوات العديدة لعزل روسيا، وإشهار السيوف، هي بمثابة التحضير للحرب"حيث" أن إعلان (الحرب الباردة) سبقتها تصريحات ودعوات مشابهة من قبل زعماء الغرب".
في حين اعتبر آدم كينزينغر عضو الكونغرس "أن على الاتحاد الأوربي وأوربا وحلفائنا الآخرين الضغط بقوة على السيد بوتين لكي يغير سلوكه"، مشيرا إلى "أن وقف بوتين عند حده يعني ردع روسيا، وأعتقد بأنه ليس هناك من يشك بذلك".
ومن الواضح أن الهستيريا المعادية لروسيا والتي وقع فيها المسؤولون الأمريكيون أمثال كينزينغر وستينغل ورودس وغيرهم، ليست إلا وليدة الدور الذي تتطلع إليه روسيا في نهجها الجيوسياسي الجديد بقيادة الرئيس بوتين، والرامي إلى تثبيت قواعد الشرعية الدولية وترسيخ مكانة القانون الدولي والمحافل الدولية التي تبناه المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية لحفظ الكرة الأرضية من مغبة أمزجة قادة تسوقهم عنجهيتهم نحو إشعال حروب مماثلة.
ولا بد من الإشارة إلى أن ما نتج عن الحرب العالمية الأخيرة من قواعد قانونية تحمي السلم والأمن الدوليين لم يعد يرق لليبرالية العالمية الجديدة، فراحت تنظر بعين محتالة إلى إعادة مخططاتها الاستعمارية القديمة عبر تحويل الاتحاد الأوروبي إلى منظمة سياسية إقليمية بإمكانها أن تحل محل منظمة الأمم المتحدة، واعتبار حلف شمال الأطلسي بمثابة مجلس الأمن الدولي الذي ينفذ قراراتها المختلفة. وهذا ما جرى في يوغسلافيا والعراق وأفغانستان وليبيا، وتحاول اليوم تطبيقه في أوكرانيا وسورية عبر الضغط على روسيا بالعقوبات المختلفة.
ولكن روسيا التي تعتبر اليوم بحق قلعة منيعة في وجه التحالف الغربي أعلنت توجهها نحو الشرق، وتقوم بتوسيع علاقاتها مع مختلف البلدان في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتقف بصورة فعالة في مواجهة العقوبات المختلفة التي فرضها الغرب عليها. لذا يحاول الأمريكيون وبعض شركائهم الأوروبيين تشديد هذه العقوبات كما أراد أعضاء الكونغرس في اتخاذهم القرار المذكور انتقاما من روسيا التي أفشلت مشروعهم في أوكرانيا، وأحبطت خططهم تجاه سورية، وفتحت ذراعيها لتستقبل سنودن فاضح سلوك الأجهزة الأمنية الأمريكية

http://arabic.ruvr.ru/2014_12_16/281357033/
 
عودة
أعلى