التكامل الدفاعي الأوروبي بين الاستراتيجية والواقع
اعداد ـ محمد نجيب السعد:في يونيو 2005 توجهت انظار العالم صوب بروكسل حيث عقدت اجتماعات المجلس الاوروبي للقضايا العامة الذي يعتبر اهم اللجان التابعة للاتحاد الاوروبي ويضم في عضويته وزراء خارجية الدول الاعضاء في الاتحاد. ركز الاعلام العالمي على قضية الدستور الأوروبي الذي انتكس في استفتائي فرنسا وهولندا وعلى الميزانية الأوروبية.
الا ان قضية هامة اخرى سياسة الدفاع والأمن في اوروبا لم تلق الاهتمام ذاته من قبل رجال الاعلام، كما هي العادة في الكثير من المؤتمرات. ناقش المجتمعون وثيقة الدفاع والأمن واقروها وهي تتعلق بالاستراتيجية الخاصة بالتكامل الدفاعي الاوروبي. تتطرق الوثيقة التي تقع في ثمان وعشرين صفحة في بدايتها الى العمليات العسكرية التي تشارك او شاركت فيها الجيوش الاوروبية (البوسنة والهرسك ومقدونيا وجورجيا وكنشاسا (الكونغو) والعراق والسودان واندونيسيا والصومال) سواء بوحدات مقاتلة او بمستشارين فنيين وشرطة. تتحدث بعدها الوثيقة عن الجهود المبذولة لانشاء وحدات مقاتلة اوروبية تساهم في قوات التدخل السريع ومن المتوقع ان تكون بعض هذه القوات جاهزة في العامين 2007 ـ 2008 ويتزامن مع ذلك انشاء انظمة قيادة وسيطرة لهذه الوحدات مع التأكيد على استمرار التدريب والتأهيل في التعبئة. واشارت الوثيقة ايضا الى العمل المتواصل في مجال التخطيط واتخاذ القرار لعمليات التدخل السريع. وتطرقت الوثيقة ايضا الى حاجات الدفاع الاوروبية حتى عام 2010، خاصة بعد الثغرات التي ظهرت على اثر المشاركات العسكرية الاوروبية السابقة والحالية.
وهذا يتطلب تطوير انظمة جمع المعلومات واجهزة تحليل العمليات العسكرية وبما يتناسب مع التطورات الجديدة. وجاء في الوثيقة ايضا خطة لتطوير القدرات الدفاعية الاوروبية وبالتعاون مع وكالة الدفاع الاوروبية وهذه القدرات عديدة وتصل الى اربعة وستين مجالا منها انشاء وحدات مروحيات هجومية ووحدات نقل جوي وانظمة دفاع صاروخية ووحدات ناقلات مدرعة ومدفعية ذاتية ووحدات مشاة قتالية هذا مع التأكيد على ايجاد سوق خاصة بأجهزة الدفاع العسكرية مع المساعدة على نقل وتبادل البحوث والتقنيات في مجالات الدفاع وكذلك التدريب والتأهيل لافراد الجيوش الأوروبية.
تتمتع اوروبا اليوم باستقرار لم تشهده سابقا، وتحولت خلال الخمسين سنة الماضية العديد من الانظمة داخل اوروبا وفي البلدان المجاورة لها صوب الديمقراطية مما اوجد اجواء يبدو فيها شبح الحرب بعيدا جدا واصبحت اوروبا لأول مرة في تاريخها قارة آمنة وموحدة.
الا ان اوروبا شأنها شأن الولايات المتحدة مازالت تواجه بعض التحديات الامنية مثل الجريمة المنظمة والصراعات الداخلية والاقليمية، بالاضافة الى الارهاب الدولي الجديد ومخاطر انتشار اسلحة الدمار الشامل . ان هذه التحديات التي تتزامن مع التطورات السياسية التي يشهدها الاتحاد الاوروبي تجعل من قضية التكافل الدفاعي الاوروبي مسألة ملحة. لقد غدت اوروبا تلعب دورا هاما على الصعيد الامني العالمي وهذا يتطلب وجود قوة عسكرية اوروبية قادرة على حماية المصالح الاوروبية على الصعيدين الداخلي والخارجي. الا ان الانفاق الاوروبي في مجال الدفاع مازال محدودا وكذلك الامر في مجالات البحوث والتطوير والتمويل والاستثمار. وهنالك عوائق اخرى تتمثل في قوانين الاتحاد الاوروبي الخاصة بالصناعة والتجارة العسكرية وافتقار العديد من القادة الاوروبيين الى الارادة السياسية الضرورية لاتخاذ الخطوات المناسبة لردم الهوة بين الواقع والطموحات.
ان هذه الضغوطات تستدعي المزيد من التعاون بين الدول الاوروبية والتنسيق بينها وبين الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو. ان تداخل الادوار التي تلعبها الدول الاوروبية في الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو يعطي قضية التكامل بعدا اضافيا ويتطلب وضع استراتيجيات تتمحور حول النقاط التالية:
1. وضع رؤية اكثر تطورا لحاجات اوروبا الدفاعية المستقبلية وكذلك للمبادئ والقدرات العسكرية اللازمة لتنفيذ تلك الحاجات.
2. البحوث المشتركة والتعاون في مجالات التطوير والتنفيذ في مجالات الدفاع.
3. توظيف الامكانيات الوطنية لتدريب الوحدات العسكرية ودعمها على مستوى الدول الاوروبية او على مستوى القارة.
4. ان التخصص في مجالات عسكرية دفاعية وعلى مستوى الدول يصب في مصلحة الأمن الجماعي الاوروبي.
ان هذه الاستراتيجيات يجب ان تدرس في السياقات التالية لضمان مساهمة جميع الاطراف في بناء تكامل دفاعي اوروبي فعال:
1. المستوى الوطني: كيف تعيد الدول الاوروبية هيكلة جيوشها لمواجهة المتطلبات الجديدة.
2. دور حلف الناتو في تعزيز التكامل.
3. دور الاتحاد الاوروبي في تطوير القدرات العسكرية والمدنية من اجل التكامل الدفاعي.
4. تعاون حلف الناتو والاتحاد الاوروبي في المستقبل.
5. دور البنى الصناعية والتكنولوجية في التكامل.
6. دور الدول الاوروبية والاتحاد الاوروبي وحلف الناتو في معالجة العيوب
الجهود الوطنية
تنتظر الدول الاوروبية خيارات صعبة اثناء هيكلة جيوشها استعدادا للعمليات العسكرية خارج اوروبا. على القادة الاوروبيين ايجاد الفرص وتوفير الدعم المالي لقواتهم المسلحة كي تتمكن من اتمام عمليات الهيكلة بنجاح. ومن الضروري في هذا الصدد توجيه الاموال المتوفرة من عمليات الهيكلة الى الاستثمار في قطاعات اخرى في مجالات التكامل. وعلى القادة السياسيين ان يفعلوا ما بوسعهم من اجل استقرار ميزانيات الدفاع من خلال وضع تخصيصات مالية مستقلة للعمليات والاعتماد على التخطيط العسكري لعدة سنوات بدلا من السنة الواحدة. ويجب ان تحدد هذه الخطط الاهداف التي تتوخى اولا عمليات التحول . كما يجب تخصيص جزء من الميزانية للبحوث وعمليات التطوير. على الدول الاوروبية والاهتمام بالتجنيد الالزامي وقوات الحدود . ستحتاج هذه الدول الى التشاور مع حلفائها في الناتو ووكالة الدفاع الاوروبية لضمان تجاوز الاخطاء وتجنب الهدر في الانفاق. ان عمليات الاصلاح والهيكلة يجب ان تترافق مع خطوات التكامل بين دولة ودولة او اكثر قريبة او حليفة. ان هذه الخطوة ضرورية لضمان ان يكون وضع القوة الاوروبية اكبر من كونها مجرد مجموعة جيوش الدول الاعضاء. ان وضع الميزانيات المشتركة للبنى الاساسية ومعدات السوق (ومنها منشآت التدريب المشتركة) سيوفر اموالا كبيرة. وعلى الدول الاوروبية البحث عن فرص جديدة لتوحيد بعض صنوف قواتها المسلحة وعلى غرار ما فعلت اسبانيا وايطاليا في قواتها البرمائية. اما الدول التي لا تستطيع توفير قوات استطلاع قادرة على التعامل مع المستجدات التي يفرضها القرن الحادي والعشرين عليها الميل صوب التخصص لضمان المشاركة الفعالة في الجيش الاوروبي القادم. ان التخصص في جانب واحد من قوة التكامل الدفاعي الاوروبية يتطلب التنسيق مع الدول الاخرى لتجنب المخاطر السياسية والعملياتية التي ترتبط عادة بالتخصص. اما على المدى البعيد فعلى الجميع العمل لايجاد عقلية تكامل على مستوى القيادة العسكرية، وهذا لن يتحقق الا من خلال ايجاد فرص متزايدة للعمليات المشتركة وللمناورات التي تشارك فيها مجموعة من الدول.
حلف الناتو
يشهد حلف الناتو سلسلة من التغيرات استعدادا لمواجهة التحديات التي يفرضها الوضع الأمني العالمي. ان تطور الحلف قد ساعده على القيام بعمليات لم تكن ممكنة ايام الحرب الباردة في بعض المناطق مثل كوسوفو وافغانستان . لكن ديمومة الحلف بالعلاقة مع المستجدات المستقبلية ستكون مرهونة باعادة النظر بمفهومه الاستراتيجي الذي وضع في عام 1999 لاستيعاب التحولات الجديدة التي شهدها العالم ولاعداد السبل اللازمة لنجاح التحالفات التي يفرضها القرن الحادي والعشرين.
ولتجنب المشاكل البيروقراطية التي ترتبط عادة بمثل هذه الاجراءات على الامانة العامة للحلف اللجوء الى الخبراء المحايدين لاعادة رسم الخطط الدفاعية حتى تصبح اكثر منطقية وتكاملا واستجابة لحاجات الدول الاعضاء. على الحلف تقوية المبادرات واللجان التي انبثقت من قمة براغ وجعل وكالة التغييرات القيادية لقوات الحلفاء قريبة من محاولات التغيير والهيكلة الجارية في القوات المسلحة الاوروبية ومنح تلك الوكالة الصلاحيات الكاملة لتفعيل الالتزامات التي اقرت في قمة براغ. وعلى الحلف ان يكون سباقا وقدوة في تجاوز العثرات في مسيرته (مثلا عمليات النقل الجوي الاستراتيجي والتزود الجوي بالوقود). ويجب على دول الحلف مواصلة دعم قوات الرد السريع التابعة للحلف من اجل تعزيز الامكانات الفردية للدول في المهمات الاستطلاعية كما يتطلب الامر من الولايات المتحدة زيادة مساهماتها في قوات الرد السريع لزيادة فعالية القوات الاوروبية في مجالات التدريب والعمليات المشتركة. وهذه الخطوات تتطلب من الناتو ان يعيد النظر بتمويل العمليات وطرق تنفيذها وان مبدأ خفض التكاليف لا يجدي نفعا وذلك لن يتم الا بمشاركة جميع الدول الاعضاء سواء تلك التي تشارك بقوات في الحلف من عدمه. ويجب الاعتماد على نظام سوق موحد يزاوج بين اكثر من اسلوب لضمان نجاح عمليات النقل الكبيرة والبعيدة. ويجب ان تعطي الاسبقية لقوات الرد السريع . هذه الاجراءات تعتمد في المقام الاول على الاصلاحات التي يجب ان ينفذها الناتو على نفسه، خاصة في القضاء على الترهل الاداري وتبسيط البنية الادارية للحلف، وتوجيه المبالغ المتوفرة من عمليات الاصلاح صوب الاستثمار في خطط زيادة خبرة الحلف في مسارح عمليات بعيدة عن اوروبا (الشرق الاوسط، وسط آسيا، وافريقيا).
الاتحاد الاوروبي:
بادر الاتحاد الاوروبي في السنوات القليلة الماضية في اتخاذ جملة من الاجراءات الهادفة الى زيادة القدرة الاوروبية في مجالي الأمن والدفاع. وكانت النتيجة ان استطاع الاتحاد المشاركة في سبع عمليات عسكرية في افريقيا وجنوب شرق اوروبا والعراق والقوقاز حيث تكتسب الوحدات الاوروبية المزيد من الخبرة. ومن جانب آخر فان الاتحاد الاوروبي الذي تشكل جيوش الدول الاعضاء فيه القوة العسكرية الثانية في العالم مازال يعاني الامرين في العمليات البسيطة التي تشارك فيها وحداته مما يعني ان هناك اخطاء يجب تجاوزها. هذه الاخطاء تزداد صعوبة مع التطورات التي واجهها الدستور الاوروبي. لذلك على الدول الاعضاء ضمان تطوير سياسات الاتحاد الاوروبي في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية بعيدا عن التطورات الداخلية (مثلا قضية الدستور) . ان العقد القادم سيكون حاسما خاصة وان الاتحاد الاوروبي سينشغل باعداد جداول القوة العسكرية والاحتياجات واعداد ساحات الحرب وتزويد وكالة الدفاع الاوروبية بالافراد والموارد بالاضافة الى تدريب قوات الشرطة الاوروبية. يجب ان يشرع الاتحاد الاوروبي في تعزيز اجراءاته في مجال التخطيط الدفاعي خاصة تعجيل عملية تطوير القدرات الشاملة التي تروم تحديد الدور العسكري الاوروبي في المستقبل وتقدير حجم القدرات العسكرية المطلوبة ووضع اليد على الاخطاء وتطوير المشاريع والمبادرات التي تعالج الثغرات الناتجة. كما ان الاتحاد الاوروبي مطالب بتعزيز الوكالة الدفاعية الاوروبية من خلال منحها المزيد من الصلاحيات والمسئوليات (بدلا من الواجب التنسيقي الذي تضطلع به الآن) وزيادة ميزانيتها السنوية وكفاءة افرادها. وعلى الاتحاد الاوروبي الالتفات الى قدراته في ادارة العمليات العسكرية وهذا يستوجب زيادة كفاءة الوحدات القتالية الاوروبية من خلال زيادة فرص التأهيل والتدريب، خاصة بالتنسيق مع حلف الناتو، وعلى اللجنة العسكرية في الناتو عقد المؤتمرات الدورية لمناقشة الشؤون القتالية والاستماع الى الآراء المختلفة بشأن التشكيلات القتالية. ويجب ان تشمل الوحدات القتالية تشكيلات بحرية وجوية للمساهمة في العمليات المشتركة. وعلى الاتحاد الاوروبي الاهتمام بالجانب المالي وتشجيع الدول الاعضاء على تقديم الدعم اللازم في المجالات المدنية والعسكرية.
تعاون الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو
بالرغم من تطور العلاقة بين الناتو والاتحاد الاوروبي فان المؤسستين مدعوتان لاتخاذ جملة من الاجراءات على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي لإزالة حالات الريبة والمنافسة وعدم تبادل المعلومات التي تشوب علاقات الطرفين. اولا على المؤسستين توسيع الحوار الاستراتيجي بينهما ليشمل قضايا تتجاوز البلقان والقدرات العسكرية، وهذا يشمل فتح الحوار بين مجلس شمال الاطلسي واللجنة السياسية والامنية في الاتحاد لتغطية موضوعات جديدة مثل محاربة الارهاب والحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل او التطرق الى مناطق جديدة مثل اوكرانيا ومولدافيا، وهذا الحوار سيمكن الناتو والاتحاد الاوروبي من وضع سيناريوهات مستقبلية وكذلك دراسة السبل للعمل المشترك في مواجهة الازمات الدولية. ثانيا على المؤسستين وهما تطوران قدراتهما العسكرية (مثلا قوات الرد السريع التابعة للناتو ووحدات القتال الاوروبية)، ان يعملا سوية لحل التقاطعات في الالتزامات العسكرية ووضع الخطط المناسبة لتوحيد المعايير الموجودة عند الطرفين. وعليهما ايضا تطوير الترتيبات لتمكين الطرفين من الوصول الى قدرات الطرف الاخر وذلك لمواجهة الازمات. ثالثا تعزيز الادارات التي تؤدي الوظائف ذاتها لدى المؤسستين على الوكالة الدفاعية الاوروبية تقوية علاقاتها مع وكالة التغيير القيادية لدى التحالف لتوفير الشفافية والتعاون في مجال التطوير والتخطيط. علاوة على ذلك يجب تعزيز الروابط بين التزامات قمة براغ وخطة عمل القدرات الاوروبية ويعتقد الكثير من الخبراء ان المبادرتين توقفتا في الأونة الاخيرة الا في النواحي الاعلامية غير المنتجة. على الناتو والاتحاد الاوروبي اعادة هيكلة العلاقات التي تفرضها خطة العمل ومبادرة براغ على ضوء قدرة البلدان في هذا الحقل او ذاك وكذلك قدرة الاتحاد الاوروبي او حلف الاطلسي في العمل في هذا الحقل او ذاك. وتماشيا مع اندماج خطة العمل الخاصة بالقدرات الاوروبية مع الوكالة الدفاعية الاوروبية فان اللقاءات المستقبلية يجب ان تشمل ممثلين عن جيوش الدول الاعضاء في الناتو والاتحاد الاوروبي. واخيرا يجب معالجة قضية تبادل المعلومات وان الفشل في حلها سيؤدي الى حدوث شرخ كبير في علاقات الاتحاد الاوروبي والناتو ويؤثر على اداء الطرفين في العمليات المشتركة (مثلا البلقان) ويؤثر على علاقات الاتحاد الاوروبي مع تركيا.
القاعدة الصناعية والتكامل الدفاعي الاوروبي:
تلعب الصناعة الاوروبية دورا هاما في جهود التكامل على مستوى القارة. ان مؤشرات الوظائف والابتكارات التقنية وضمان ديمومة الموارد ذات اهمية بارزة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. الا ان الصناعة الاوروبية تشكو من بعض العثرات منها الطلب المتعثر وانظمة التجارة الاوروبية الخاصة بالتبادل بين الدول الاوروبية وبعض مخلفات الحرب الباردة. ان التخصص في بعض الصناعات الحربية والجهود الصناعية التي تبذل من بعض الدول الاعضاء تبشر بالتطور على الصعيدين العملياتي والاقتصادي، الا ان التعاون مطلوب لتجاوز التكرار في الانتاج او انتاج مواد غير مجدية للعمليات العسكرية. ان التجارة العسكرية بين دول جانبي المحيط الاطلسي يجب ان تتعزز لتنمية القدرات الاوروبية وبأقل التكاليف. على الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو العمل مع المؤسسات الصناعية لتعزيز القدرات الدفاعية في اوروبا. وعلى الناتو خاصة (لانه المنظمة العسكرية الأكبر في العالم) ضمان القدرات الاستراتيجية الضخمة الى اوروبا مثلا عمليات النقل الجوي الاستراتيجية وناقلات الوقود الجوية ومراكز القيادة والسيطرة والمواصلات والحاسوب في الفضاء، اما الاتحاد الاوروبي ومن خلال برنامج البحوث والتطوير التقني الخاص بالأمن والفضاء ومن خلال الوكالة الدفاعية الاوروبية العمل بنشاط اكبر لتوجيه الصناعة صوب القدرات الدفاعية التحويلية خاصة القدرات التي تتطلب استثمارا كبيرا والتقنيات مزدوجة الاستخدام التي تتطلب تعاونا اوروبيا كبيرا مثل الطائرات بدون طيار وشبكات الاتصال الواسعة والمجسات المتطورة.
اسلوب المجاميع
تحتاج اوروبا الى اسلوب جديد لتعزيز الفرص الحقيقية لتعزيز القدرات الدفاعية وتحديد الاطراف الفعالة سياسيا وعملياتيا وصناعيا من اجل ذك الغرض. على الاوروبيين في المقام الاول تحديد القدرات الحساسة لتطوير جيوشهم وجعلها قادرة على تنفيذ العمليات الاستطلاعية ولتقييم قدرة الجيوش الحالية على تنفيذ الخطط المقترحة. وبعدها يجري تحديد مجاميع الدول التي تمتلك المزايا التي تجعلها تلعب دورا قياديا او ساندا في معالجة العيوب التي سجلتها اللجان العاملة في الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو. هذه المزايا تتحدد على الوجه التالي:
1. القدرة او الخبرة في العمليات
2. الطموحات الوطنية
3. القيادة السياسية
4. العلاقات التاريخية ـ السياسية ـ العسكرية
5. القدرة والخبرة الصناعية
وعند تحديد البلد الذي له القدرة على قيادة مجموعة من الدول ، يجري تحديد السياقات المناسبة..هل سيجري العمل تحت مظلة حلف الناتو او الاتحاد الاوروبي او على المستوى الوطني.
وأخيرا مازالت هناك بعض الأمثلة الخاصة بالسيادة الوطنية ومدى تأثرها بالتكامل الاوروبي ، إلا انه يجب الاقرار ان المزيد من التكامل يحتاج إلى المزيد من التعاون القائم على النقاش الصريح فيما يتعلق بالمصالح الوطنية ومدى نجاح او فشل خطوات التكامل ، لكنه يجب الاقرار ايضا ان ما جاء في الوثيقة الرئاسية الاوروبية الخاصة بالدفاع والامن الاوروبي وان الثقل السياسي والاقتصادي لاوروبا يجلعنا نفكر ان السنوات القادمة ستشهد توسعا عسكريا اوروبيا يجعلها قادرة للايفاء بمستلزمات تأثيرها السياسي والاقتصادي في العالم وهذا لن يكون ممكنا الا بوجود التكامل الاوروبي الذي سيتيح فرصا لكنه بالتأكيد سوف لن يقصر نشاطه على مستوى الدفاع .
اعداد ـ محمد نجيب السعد:في يونيو 2005 توجهت انظار العالم صوب بروكسل حيث عقدت اجتماعات المجلس الاوروبي للقضايا العامة الذي يعتبر اهم اللجان التابعة للاتحاد الاوروبي ويضم في عضويته وزراء خارجية الدول الاعضاء في الاتحاد. ركز الاعلام العالمي على قضية الدستور الأوروبي الذي انتكس في استفتائي فرنسا وهولندا وعلى الميزانية الأوروبية.
الا ان قضية هامة اخرى سياسة الدفاع والأمن في اوروبا لم تلق الاهتمام ذاته من قبل رجال الاعلام، كما هي العادة في الكثير من المؤتمرات. ناقش المجتمعون وثيقة الدفاع والأمن واقروها وهي تتعلق بالاستراتيجية الخاصة بالتكامل الدفاعي الاوروبي. تتطرق الوثيقة التي تقع في ثمان وعشرين صفحة في بدايتها الى العمليات العسكرية التي تشارك او شاركت فيها الجيوش الاوروبية (البوسنة والهرسك ومقدونيا وجورجيا وكنشاسا (الكونغو) والعراق والسودان واندونيسيا والصومال) سواء بوحدات مقاتلة او بمستشارين فنيين وشرطة. تتحدث بعدها الوثيقة عن الجهود المبذولة لانشاء وحدات مقاتلة اوروبية تساهم في قوات التدخل السريع ومن المتوقع ان تكون بعض هذه القوات جاهزة في العامين 2007 ـ 2008 ويتزامن مع ذلك انشاء انظمة قيادة وسيطرة لهذه الوحدات مع التأكيد على استمرار التدريب والتأهيل في التعبئة. واشارت الوثيقة ايضا الى العمل المتواصل في مجال التخطيط واتخاذ القرار لعمليات التدخل السريع. وتطرقت الوثيقة ايضا الى حاجات الدفاع الاوروبية حتى عام 2010، خاصة بعد الثغرات التي ظهرت على اثر المشاركات العسكرية الاوروبية السابقة والحالية.
وهذا يتطلب تطوير انظمة جمع المعلومات واجهزة تحليل العمليات العسكرية وبما يتناسب مع التطورات الجديدة. وجاء في الوثيقة ايضا خطة لتطوير القدرات الدفاعية الاوروبية وبالتعاون مع وكالة الدفاع الاوروبية وهذه القدرات عديدة وتصل الى اربعة وستين مجالا منها انشاء وحدات مروحيات هجومية ووحدات نقل جوي وانظمة دفاع صاروخية ووحدات ناقلات مدرعة ومدفعية ذاتية ووحدات مشاة قتالية هذا مع التأكيد على ايجاد سوق خاصة بأجهزة الدفاع العسكرية مع المساعدة على نقل وتبادل البحوث والتقنيات في مجالات الدفاع وكذلك التدريب والتأهيل لافراد الجيوش الأوروبية.
تتمتع اوروبا اليوم باستقرار لم تشهده سابقا، وتحولت خلال الخمسين سنة الماضية العديد من الانظمة داخل اوروبا وفي البلدان المجاورة لها صوب الديمقراطية مما اوجد اجواء يبدو فيها شبح الحرب بعيدا جدا واصبحت اوروبا لأول مرة في تاريخها قارة آمنة وموحدة.
الا ان اوروبا شأنها شأن الولايات المتحدة مازالت تواجه بعض التحديات الامنية مثل الجريمة المنظمة والصراعات الداخلية والاقليمية، بالاضافة الى الارهاب الدولي الجديد ومخاطر انتشار اسلحة الدمار الشامل . ان هذه التحديات التي تتزامن مع التطورات السياسية التي يشهدها الاتحاد الاوروبي تجعل من قضية التكافل الدفاعي الاوروبي مسألة ملحة. لقد غدت اوروبا تلعب دورا هاما على الصعيد الامني العالمي وهذا يتطلب وجود قوة عسكرية اوروبية قادرة على حماية المصالح الاوروبية على الصعيدين الداخلي والخارجي. الا ان الانفاق الاوروبي في مجال الدفاع مازال محدودا وكذلك الامر في مجالات البحوث والتطوير والتمويل والاستثمار. وهنالك عوائق اخرى تتمثل في قوانين الاتحاد الاوروبي الخاصة بالصناعة والتجارة العسكرية وافتقار العديد من القادة الاوروبيين الى الارادة السياسية الضرورية لاتخاذ الخطوات المناسبة لردم الهوة بين الواقع والطموحات.
ان هذه الضغوطات تستدعي المزيد من التعاون بين الدول الاوروبية والتنسيق بينها وبين الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو. ان تداخل الادوار التي تلعبها الدول الاوروبية في الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو يعطي قضية التكامل بعدا اضافيا ويتطلب وضع استراتيجيات تتمحور حول النقاط التالية:
1. وضع رؤية اكثر تطورا لحاجات اوروبا الدفاعية المستقبلية وكذلك للمبادئ والقدرات العسكرية اللازمة لتنفيذ تلك الحاجات.
2. البحوث المشتركة والتعاون في مجالات التطوير والتنفيذ في مجالات الدفاع.
3. توظيف الامكانيات الوطنية لتدريب الوحدات العسكرية ودعمها على مستوى الدول الاوروبية او على مستوى القارة.
4. ان التخصص في مجالات عسكرية دفاعية وعلى مستوى الدول يصب في مصلحة الأمن الجماعي الاوروبي.
ان هذه الاستراتيجيات يجب ان تدرس في السياقات التالية لضمان مساهمة جميع الاطراف في بناء تكامل دفاعي اوروبي فعال:
1. المستوى الوطني: كيف تعيد الدول الاوروبية هيكلة جيوشها لمواجهة المتطلبات الجديدة.
2. دور حلف الناتو في تعزيز التكامل.
3. دور الاتحاد الاوروبي في تطوير القدرات العسكرية والمدنية من اجل التكامل الدفاعي.
4. تعاون حلف الناتو والاتحاد الاوروبي في المستقبل.
5. دور البنى الصناعية والتكنولوجية في التكامل.
6. دور الدول الاوروبية والاتحاد الاوروبي وحلف الناتو في معالجة العيوب
الجهود الوطنية
تنتظر الدول الاوروبية خيارات صعبة اثناء هيكلة جيوشها استعدادا للعمليات العسكرية خارج اوروبا. على القادة الاوروبيين ايجاد الفرص وتوفير الدعم المالي لقواتهم المسلحة كي تتمكن من اتمام عمليات الهيكلة بنجاح. ومن الضروري في هذا الصدد توجيه الاموال المتوفرة من عمليات الهيكلة الى الاستثمار في قطاعات اخرى في مجالات التكامل. وعلى القادة السياسيين ان يفعلوا ما بوسعهم من اجل استقرار ميزانيات الدفاع من خلال وضع تخصيصات مالية مستقلة للعمليات والاعتماد على التخطيط العسكري لعدة سنوات بدلا من السنة الواحدة. ويجب ان تحدد هذه الخطط الاهداف التي تتوخى اولا عمليات التحول . كما يجب تخصيص جزء من الميزانية للبحوث وعمليات التطوير. على الدول الاوروبية والاهتمام بالتجنيد الالزامي وقوات الحدود . ستحتاج هذه الدول الى التشاور مع حلفائها في الناتو ووكالة الدفاع الاوروبية لضمان تجاوز الاخطاء وتجنب الهدر في الانفاق. ان عمليات الاصلاح والهيكلة يجب ان تترافق مع خطوات التكامل بين دولة ودولة او اكثر قريبة او حليفة. ان هذه الخطوة ضرورية لضمان ان يكون وضع القوة الاوروبية اكبر من كونها مجرد مجموعة جيوش الدول الاعضاء. ان وضع الميزانيات المشتركة للبنى الاساسية ومعدات السوق (ومنها منشآت التدريب المشتركة) سيوفر اموالا كبيرة. وعلى الدول الاوروبية البحث عن فرص جديدة لتوحيد بعض صنوف قواتها المسلحة وعلى غرار ما فعلت اسبانيا وايطاليا في قواتها البرمائية. اما الدول التي لا تستطيع توفير قوات استطلاع قادرة على التعامل مع المستجدات التي يفرضها القرن الحادي والعشرين عليها الميل صوب التخصص لضمان المشاركة الفعالة في الجيش الاوروبي القادم. ان التخصص في جانب واحد من قوة التكامل الدفاعي الاوروبية يتطلب التنسيق مع الدول الاخرى لتجنب المخاطر السياسية والعملياتية التي ترتبط عادة بالتخصص. اما على المدى البعيد فعلى الجميع العمل لايجاد عقلية تكامل على مستوى القيادة العسكرية، وهذا لن يتحقق الا من خلال ايجاد فرص متزايدة للعمليات المشتركة وللمناورات التي تشارك فيها مجموعة من الدول.
حلف الناتو
يشهد حلف الناتو سلسلة من التغيرات استعدادا لمواجهة التحديات التي يفرضها الوضع الأمني العالمي. ان تطور الحلف قد ساعده على القيام بعمليات لم تكن ممكنة ايام الحرب الباردة في بعض المناطق مثل كوسوفو وافغانستان . لكن ديمومة الحلف بالعلاقة مع المستجدات المستقبلية ستكون مرهونة باعادة النظر بمفهومه الاستراتيجي الذي وضع في عام 1999 لاستيعاب التحولات الجديدة التي شهدها العالم ولاعداد السبل اللازمة لنجاح التحالفات التي يفرضها القرن الحادي والعشرين.
ولتجنب المشاكل البيروقراطية التي ترتبط عادة بمثل هذه الاجراءات على الامانة العامة للحلف اللجوء الى الخبراء المحايدين لاعادة رسم الخطط الدفاعية حتى تصبح اكثر منطقية وتكاملا واستجابة لحاجات الدول الاعضاء. على الحلف تقوية المبادرات واللجان التي انبثقت من قمة براغ وجعل وكالة التغييرات القيادية لقوات الحلفاء قريبة من محاولات التغيير والهيكلة الجارية في القوات المسلحة الاوروبية ومنح تلك الوكالة الصلاحيات الكاملة لتفعيل الالتزامات التي اقرت في قمة براغ. وعلى الحلف ان يكون سباقا وقدوة في تجاوز العثرات في مسيرته (مثلا عمليات النقل الجوي الاستراتيجي والتزود الجوي بالوقود). ويجب على دول الحلف مواصلة دعم قوات الرد السريع التابعة للحلف من اجل تعزيز الامكانات الفردية للدول في المهمات الاستطلاعية كما يتطلب الامر من الولايات المتحدة زيادة مساهماتها في قوات الرد السريع لزيادة فعالية القوات الاوروبية في مجالات التدريب والعمليات المشتركة. وهذه الخطوات تتطلب من الناتو ان يعيد النظر بتمويل العمليات وطرق تنفيذها وان مبدأ خفض التكاليف لا يجدي نفعا وذلك لن يتم الا بمشاركة جميع الدول الاعضاء سواء تلك التي تشارك بقوات في الحلف من عدمه. ويجب الاعتماد على نظام سوق موحد يزاوج بين اكثر من اسلوب لضمان نجاح عمليات النقل الكبيرة والبعيدة. ويجب ان تعطي الاسبقية لقوات الرد السريع . هذه الاجراءات تعتمد في المقام الاول على الاصلاحات التي يجب ان ينفذها الناتو على نفسه، خاصة في القضاء على الترهل الاداري وتبسيط البنية الادارية للحلف، وتوجيه المبالغ المتوفرة من عمليات الاصلاح صوب الاستثمار في خطط زيادة خبرة الحلف في مسارح عمليات بعيدة عن اوروبا (الشرق الاوسط، وسط آسيا، وافريقيا).
الاتحاد الاوروبي:
بادر الاتحاد الاوروبي في السنوات القليلة الماضية في اتخاذ جملة من الاجراءات الهادفة الى زيادة القدرة الاوروبية في مجالي الأمن والدفاع. وكانت النتيجة ان استطاع الاتحاد المشاركة في سبع عمليات عسكرية في افريقيا وجنوب شرق اوروبا والعراق والقوقاز حيث تكتسب الوحدات الاوروبية المزيد من الخبرة. ومن جانب آخر فان الاتحاد الاوروبي الذي تشكل جيوش الدول الاعضاء فيه القوة العسكرية الثانية في العالم مازال يعاني الامرين في العمليات البسيطة التي تشارك فيها وحداته مما يعني ان هناك اخطاء يجب تجاوزها. هذه الاخطاء تزداد صعوبة مع التطورات التي واجهها الدستور الاوروبي. لذلك على الدول الاعضاء ضمان تطوير سياسات الاتحاد الاوروبي في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية بعيدا عن التطورات الداخلية (مثلا قضية الدستور) . ان العقد القادم سيكون حاسما خاصة وان الاتحاد الاوروبي سينشغل باعداد جداول القوة العسكرية والاحتياجات واعداد ساحات الحرب وتزويد وكالة الدفاع الاوروبية بالافراد والموارد بالاضافة الى تدريب قوات الشرطة الاوروبية. يجب ان يشرع الاتحاد الاوروبي في تعزيز اجراءاته في مجال التخطيط الدفاعي خاصة تعجيل عملية تطوير القدرات الشاملة التي تروم تحديد الدور العسكري الاوروبي في المستقبل وتقدير حجم القدرات العسكرية المطلوبة ووضع اليد على الاخطاء وتطوير المشاريع والمبادرات التي تعالج الثغرات الناتجة. كما ان الاتحاد الاوروبي مطالب بتعزيز الوكالة الدفاعية الاوروبية من خلال منحها المزيد من الصلاحيات والمسئوليات (بدلا من الواجب التنسيقي الذي تضطلع به الآن) وزيادة ميزانيتها السنوية وكفاءة افرادها. وعلى الاتحاد الاوروبي الالتفات الى قدراته في ادارة العمليات العسكرية وهذا يستوجب زيادة كفاءة الوحدات القتالية الاوروبية من خلال زيادة فرص التأهيل والتدريب، خاصة بالتنسيق مع حلف الناتو، وعلى اللجنة العسكرية في الناتو عقد المؤتمرات الدورية لمناقشة الشؤون القتالية والاستماع الى الآراء المختلفة بشأن التشكيلات القتالية. ويجب ان تشمل الوحدات القتالية تشكيلات بحرية وجوية للمساهمة في العمليات المشتركة. وعلى الاتحاد الاوروبي الاهتمام بالجانب المالي وتشجيع الدول الاعضاء على تقديم الدعم اللازم في المجالات المدنية والعسكرية.
تعاون الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو
بالرغم من تطور العلاقة بين الناتو والاتحاد الاوروبي فان المؤسستين مدعوتان لاتخاذ جملة من الاجراءات على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي لإزالة حالات الريبة والمنافسة وعدم تبادل المعلومات التي تشوب علاقات الطرفين. اولا على المؤسستين توسيع الحوار الاستراتيجي بينهما ليشمل قضايا تتجاوز البلقان والقدرات العسكرية، وهذا يشمل فتح الحوار بين مجلس شمال الاطلسي واللجنة السياسية والامنية في الاتحاد لتغطية موضوعات جديدة مثل محاربة الارهاب والحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل او التطرق الى مناطق جديدة مثل اوكرانيا ومولدافيا، وهذا الحوار سيمكن الناتو والاتحاد الاوروبي من وضع سيناريوهات مستقبلية وكذلك دراسة السبل للعمل المشترك في مواجهة الازمات الدولية. ثانيا على المؤسستين وهما تطوران قدراتهما العسكرية (مثلا قوات الرد السريع التابعة للناتو ووحدات القتال الاوروبية)، ان يعملا سوية لحل التقاطعات في الالتزامات العسكرية ووضع الخطط المناسبة لتوحيد المعايير الموجودة عند الطرفين. وعليهما ايضا تطوير الترتيبات لتمكين الطرفين من الوصول الى قدرات الطرف الاخر وذلك لمواجهة الازمات. ثالثا تعزيز الادارات التي تؤدي الوظائف ذاتها لدى المؤسستين على الوكالة الدفاعية الاوروبية تقوية علاقاتها مع وكالة التغيير القيادية لدى التحالف لتوفير الشفافية والتعاون في مجال التطوير والتخطيط. علاوة على ذلك يجب تعزيز الروابط بين التزامات قمة براغ وخطة عمل القدرات الاوروبية ويعتقد الكثير من الخبراء ان المبادرتين توقفتا في الأونة الاخيرة الا في النواحي الاعلامية غير المنتجة. على الناتو والاتحاد الاوروبي اعادة هيكلة العلاقات التي تفرضها خطة العمل ومبادرة براغ على ضوء قدرة البلدان في هذا الحقل او ذاك وكذلك قدرة الاتحاد الاوروبي او حلف الاطلسي في العمل في هذا الحقل او ذاك. وتماشيا مع اندماج خطة العمل الخاصة بالقدرات الاوروبية مع الوكالة الدفاعية الاوروبية فان اللقاءات المستقبلية يجب ان تشمل ممثلين عن جيوش الدول الاعضاء في الناتو والاتحاد الاوروبي. واخيرا يجب معالجة قضية تبادل المعلومات وان الفشل في حلها سيؤدي الى حدوث شرخ كبير في علاقات الاتحاد الاوروبي والناتو ويؤثر على اداء الطرفين في العمليات المشتركة (مثلا البلقان) ويؤثر على علاقات الاتحاد الاوروبي مع تركيا.
القاعدة الصناعية والتكامل الدفاعي الاوروبي:
تلعب الصناعة الاوروبية دورا هاما في جهود التكامل على مستوى القارة. ان مؤشرات الوظائف والابتكارات التقنية وضمان ديمومة الموارد ذات اهمية بارزة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. الا ان الصناعة الاوروبية تشكو من بعض العثرات منها الطلب المتعثر وانظمة التجارة الاوروبية الخاصة بالتبادل بين الدول الاوروبية وبعض مخلفات الحرب الباردة. ان التخصص في بعض الصناعات الحربية والجهود الصناعية التي تبذل من بعض الدول الاعضاء تبشر بالتطور على الصعيدين العملياتي والاقتصادي، الا ان التعاون مطلوب لتجاوز التكرار في الانتاج او انتاج مواد غير مجدية للعمليات العسكرية. ان التجارة العسكرية بين دول جانبي المحيط الاطلسي يجب ان تتعزز لتنمية القدرات الاوروبية وبأقل التكاليف. على الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو العمل مع المؤسسات الصناعية لتعزيز القدرات الدفاعية في اوروبا. وعلى الناتو خاصة (لانه المنظمة العسكرية الأكبر في العالم) ضمان القدرات الاستراتيجية الضخمة الى اوروبا مثلا عمليات النقل الجوي الاستراتيجية وناقلات الوقود الجوية ومراكز القيادة والسيطرة والمواصلات والحاسوب في الفضاء، اما الاتحاد الاوروبي ومن خلال برنامج البحوث والتطوير التقني الخاص بالأمن والفضاء ومن خلال الوكالة الدفاعية الاوروبية العمل بنشاط اكبر لتوجيه الصناعة صوب القدرات الدفاعية التحويلية خاصة القدرات التي تتطلب استثمارا كبيرا والتقنيات مزدوجة الاستخدام التي تتطلب تعاونا اوروبيا كبيرا مثل الطائرات بدون طيار وشبكات الاتصال الواسعة والمجسات المتطورة.
اسلوب المجاميع
تحتاج اوروبا الى اسلوب جديد لتعزيز الفرص الحقيقية لتعزيز القدرات الدفاعية وتحديد الاطراف الفعالة سياسيا وعملياتيا وصناعيا من اجل ذك الغرض. على الاوروبيين في المقام الاول تحديد القدرات الحساسة لتطوير جيوشهم وجعلها قادرة على تنفيذ العمليات الاستطلاعية ولتقييم قدرة الجيوش الحالية على تنفيذ الخطط المقترحة. وبعدها يجري تحديد مجاميع الدول التي تمتلك المزايا التي تجعلها تلعب دورا قياديا او ساندا في معالجة العيوب التي سجلتها اللجان العاملة في الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو. هذه المزايا تتحدد على الوجه التالي:
1. القدرة او الخبرة في العمليات
2. الطموحات الوطنية
3. القيادة السياسية
4. العلاقات التاريخية ـ السياسية ـ العسكرية
5. القدرة والخبرة الصناعية
وعند تحديد البلد الذي له القدرة على قيادة مجموعة من الدول ، يجري تحديد السياقات المناسبة..هل سيجري العمل تحت مظلة حلف الناتو او الاتحاد الاوروبي او على المستوى الوطني.
وأخيرا مازالت هناك بعض الأمثلة الخاصة بالسيادة الوطنية ومدى تأثرها بالتكامل الاوروبي ، إلا انه يجب الاقرار ان المزيد من التكامل يحتاج إلى المزيد من التعاون القائم على النقاش الصريح فيما يتعلق بالمصالح الوطنية ومدى نجاح او فشل خطوات التكامل ، لكنه يجب الاقرار ايضا ان ما جاء في الوثيقة الرئاسية الاوروبية الخاصة بالدفاع والامن الاوروبي وان الثقل السياسي والاقتصادي لاوروبا يجلعنا نفكر ان السنوات القادمة ستشهد توسعا عسكريا اوروبيا يجعلها قادرة للايفاء بمستلزمات تأثيرها السياسي والاقتصادي في العالم وهذا لن يكون ممكنا الا بوجود التكامل الاوروبي الذي سيتيح فرصا لكنه بالتأكيد سوف لن يقصر نشاطه على مستوى الدفاع .