مأثرة ستة جنود سوفييت وقفوا بوجه فرقة دبابات نازية
يحدث عادة في الحكايات الشعبية والبطولات الملحمية الروسية، أن يخرج بطل باسل يحارب جيشا بكامله من الأعداء. أما في الحياة الواقعية فلا شيء من هذا القبيل يمكن أن يحدث، ولذلك فمن الصعب أن نصدق القصة التالية.
أيام الحرب الوطنية العظمى حدثت واقعة،لو لم يذكرها العقيد الألماني غيرخارد راوس الذي كان شاهدا عليهافي مذكراته، لما صدّقها الكثيرون. فقد استطاع طاقم دبابة سوفييتية أن يؤخر لمدة يومين تقدم فرقة دبابات ألمانية من نخبة الفرق.
في 22 يونيو / حزيران من عام 1941 هاجمت ألمانيا النازية الاتحاد السوفييتي بغتة وبدون إعلان حالة الحرب عليه. وجرت معارك ضارية على الحدود الغربية. في اليوم الثاني من الحرب، سيطرت فرقة الدبابات الألمانية السادسة على مدينة راسينياي الليتوانية، وتابعت وحداتها تقدمها نحو الشمال، لتصل إلى نهر دوبيسا مشكّلة رأس جسرعلى ضفته.
ولوقف تقدم الألمان زج الجيش السوفييتي بدباباته العملاقة الثقيلة " ك ف" التي هاجمت وحدات الفرقة الألمانية على النهر. كانت قذائف الدبابات الألمانية والمدافع المضادة للدبابات عيار 37 مم تتطاير عن دروع القلعة الحديدية «ك ف» كما تتطاير حبات الذرة. ولم يستطع الألمان أن يوقفوا هجوم الدبابات السوفييتية إلا بمدافع من عيار 88 مم المضادة للطائرات وبالتسديد المباشر. تراجعت الدبابات السوفييتية، إلا أن إحدى الدبابات بقيت في خلفية العدو. لقد قامت هذه الدبابة بسد الطريق الوحيد الذي يوصل مدينة راسينياي مع رأس الجسر على نهر دوبيسا، فقسمت الفرقة الألمانية إلى قسمين وقطعت طريق الإمداد. وكان من الصعب على الألمان تجاوز الدبابة لأن المناطق المحيطة كلها غابات ومستنقعات.
24 يونيو / حزيران قصفت هذه الدبابة رتلا من الشاحنات الألمانية المحملة بالوقود و الذخيرة، فأحرقت منها 12 سيارة. بعد ذلك شغلت الدبابة موقعا على الطريق ولم تتحرك منه، لربما بسبب عطل المحرك أو نفاذ الوقود. كان بإمكان أفراد طاقم الدبابة السوفييتية "ك ف" تركها والانسحاب الى الغابة، لكنهم قرروا البقاء وخوض معركة غير متكافئة – ستة مقابل فرقة بكاملها.
دفع الألمان ضد الدبابة العقبة، ببطارية مدفعية من أربعة مدافع عيار 50مم مضادة للدبابات، وتوقع رجال المدفعية الألمان أن يدمروا الدبابة العاجزة عن الحركة بسهولة. أطلق الألمان على الدبابة 8 قذائف، وكان الجنود الألمان يصفقون بعد كل إصابة، وتهيأ لهم أن كل شيء انتهى. وفجأة دارت الدبابة برجها نحو البطارية وأطلقت قذيفة واحدة دمرت بها مدفعين مع جنودهما وأعطبت المدفعين الآخرين. عندها استخدم الألمان مدفع عيار 88 مم، الذي تستطيع قذائفه خرق درع الدبابة «ك ف». تقدم الألمان محتمين بهياكل شاحناتهم المحروقة، ووضعوا المدفع على بعد 700 متر تقريبا من الدبابة السوفييتية. ولكن هذه المرة رجال الدبابات السوفييت استبقوا الألمان وقصفوا المدفع الألماني فدمروه بأول قذيفة. قرر الألمان تفجير الدبابة التي لا تقهر. تسلل زارعي الألغام ليلا إلى الدبابة وزرعوا تحتها لغما، ولكن لم يلحق دخان الإنفجار أن يتبدد حتى لعلع رشاش الدبابة ملاحقا الجنود الألمان. عطل اللغم الألماني جنزير الدبابة فقط.
مر اليوم التالي من المعركة غير المتكافئة. لليوم الثاني أفراد طاقم الدبابة السوفييتية بدون طعام وبدون ماء في قمرة الدبابة التي تحولت إلى ما يشبه الفرن من حرارة الشمس وانفجارات القذائف، يقفون بوجه فرقة كاملة. لم يعد يصدق الألمان ما يشاهدونه. قائد الفرقة السادسة الجنرال فرانتس لاندغراف كان غائظا جدا، فبدلا من أن تتقدم فرقته وتتابع هجومها، هاهي لليوم الثاني على التوالي تراوح في مكانها، تقاتل دبابة سوفيتية واحدة وبدون جدوى. أمر الجنرال تدمير الدبابة بأي ثمن كان.
في يوم 25 حزيران جلب الألمان من مدينة راسينياي عدة مدافع من عيار 88 مم، ولكي لا يلاحظها طاقم الدبابة السوفييتية، افتعل الألمان هجوما بالدبابات، ولكنهم لم يجرأوا على الإقتراب من الحصن السوفييتي. نجحت خدعة الألمان، لم يلاحظ أفراد الدبابة السوفييتية وجود المدافع خلف ظهرهم لأنهم كانوا يتابعون تحركات الدبابات الألمانية. وصمتت الدبابة السوفيتية «ك ف».
فقط بعد نصف ساعة تشجع الجنود الألمان واقتربوا من الدبابة العملاقة وهم يتفحصون الآثار التي خلفتها قذائفهم على درع الدبابة. أحد الجنود الألمان دق عدة مرات على حديدها مستغربا صلابتها، وفجأة وكأن الدبابة استجابت لطرقاته، حركت برجها، تفرّق الجنود الألمان هلعا في كل الاتجاهات، ولكن واحدامنهم تمكن من رمي قنبلة يدوية في داخل الدبابة، وهنا سكتت الدبابة السوفييتية العملاقة «ك ف» إلى الأبد.
وجد الألمان داخل الدبابة جثث ستة جنود سوفييت. مأثرتهم البطولية أدهشت الألمان فقاموا بدفنهم وفق المراسم العسكرية.
بعد انتهاء الحرب الوطنية العظمى نقلت رفات الأبطال إلى المقبرة العسكرية في مدينة راسينياي، حيث كتب على اللوحة التذكارية: هنا يرقد يورشوف ب.ي، وسميرنوف ف.أ، و بطل حروف اسمه ش.ن.أ، وثلاثة جنود مجهولين. من يدري، ربما ذات يوم نستطيع أن نعرف أسماءهم.
http://arabic.ruvr.ru/2014_09_09/277074897/
يحدث عادة في الحكايات الشعبية والبطولات الملحمية الروسية، أن يخرج بطل باسل يحارب جيشا بكامله من الأعداء. أما في الحياة الواقعية فلا شيء من هذا القبيل يمكن أن يحدث، ولذلك فمن الصعب أن نصدق القصة التالية.
أيام الحرب الوطنية العظمى حدثت واقعة،لو لم يذكرها العقيد الألماني غيرخارد راوس الذي كان شاهدا عليهافي مذكراته، لما صدّقها الكثيرون. فقد استطاع طاقم دبابة سوفييتية أن يؤخر لمدة يومين تقدم فرقة دبابات ألمانية من نخبة الفرق.
في 22 يونيو / حزيران من عام 1941 هاجمت ألمانيا النازية الاتحاد السوفييتي بغتة وبدون إعلان حالة الحرب عليه. وجرت معارك ضارية على الحدود الغربية. في اليوم الثاني من الحرب، سيطرت فرقة الدبابات الألمانية السادسة على مدينة راسينياي الليتوانية، وتابعت وحداتها تقدمها نحو الشمال، لتصل إلى نهر دوبيسا مشكّلة رأس جسرعلى ضفته.
ولوقف تقدم الألمان زج الجيش السوفييتي بدباباته العملاقة الثقيلة " ك ف" التي هاجمت وحدات الفرقة الألمانية على النهر. كانت قذائف الدبابات الألمانية والمدافع المضادة للدبابات عيار 37 مم تتطاير عن دروع القلعة الحديدية «ك ف» كما تتطاير حبات الذرة. ولم يستطع الألمان أن يوقفوا هجوم الدبابات السوفييتية إلا بمدافع من عيار 88 مم المضادة للطائرات وبالتسديد المباشر. تراجعت الدبابات السوفييتية، إلا أن إحدى الدبابات بقيت في خلفية العدو. لقد قامت هذه الدبابة بسد الطريق الوحيد الذي يوصل مدينة راسينياي مع رأس الجسر على نهر دوبيسا، فقسمت الفرقة الألمانية إلى قسمين وقطعت طريق الإمداد. وكان من الصعب على الألمان تجاوز الدبابة لأن المناطق المحيطة كلها غابات ومستنقعات.
24 يونيو / حزيران قصفت هذه الدبابة رتلا من الشاحنات الألمانية المحملة بالوقود و الذخيرة، فأحرقت منها 12 سيارة. بعد ذلك شغلت الدبابة موقعا على الطريق ولم تتحرك منه، لربما بسبب عطل المحرك أو نفاذ الوقود. كان بإمكان أفراد طاقم الدبابة السوفييتية "ك ف" تركها والانسحاب الى الغابة، لكنهم قرروا البقاء وخوض معركة غير متكافئة – ستة مقابل فرقة بكاملها.
دفع الألمان ضد الدبابة العقبة، ببطارية مدفعية من أربعة مدافع عيار 50مم مضادة للدبابات، وتوقع رجال المدفعية الألمان أن يدمروا الدبابة العاجزة عن الحركة بسهولة. أطلق الألمان على الدبابة 8 قذائف، وكان الجنود الألمان يصفقون بعد كل إصابة، وتهيأ لهم أن كل شيء انتهى. وفجأة دارت الدبابة برجها نحو البطارية وأطلقت قذيفة واحدة دمرت بها مدفعين مع جنودهما وأعطبت المدفعين الآخرين. عندها استخدم الألمان مدفع عيار 88 مم، الذي تستطيع قذائفه خرق درع الدبابة «ك ف». تقدم الألمان محتمين بهياكل شاحناتهم المحروقة، ووضعوا المدفع على بعد 700 متر تقريبا من الدبابة السوفييتية. ولكن هذه المرة رجال الدبابات السوفييت استبقوا الألمان وقصفوا المدفع الألماني فدمروه بأول قذيفة. قرر الألمان تفجير الدبابة التي لا تقهر. تسلل زارعي الألغام ليلا إلى الدبابة وزرعوا تحتها لغما، ولكن لم يلحق دخان الإنفجار أن يتبدد حتى لعلع رشاش الدبابة ملاحقا الجنود الألمان. عطل اللغم الألماني جنزير الدبابة فقط.
مر اليوم التالي من المعركة غير المتكافئة. لليوم الثاني أفراد طاقم الدبابة السوفييتية بدون طعام وبدون ماء في قمرة الدبابة التي تحولت إلى ما يشبه الفرن من حرارة الشمس وانفجارات القذائف، يقفون بوجه فرقة كاملة. لم يعد يصدق الألمان ما يشاهدونه. قائد الفرقة السادسة الجنرال فرانتس لاندغراف كان غائظا جدا، فبدلا من أن تتقدم فرقته وتتابع هجومها، هاهي لليوم الثاني على التوالي تراوح في مكانها، تقاتل دبابة سوفيتية واحدة وبدون جدوى. أمر الجنرال تدمير الدبابة بأي ثمن كان.
في يوم 25 حزيران جلب الألمان من مدينة راسينياي عدة مدافع من عيار 88 مم، ولكي لا يلاحظها طاقم الدبابة السوفييتية، افتعل الألمان هجوما بالدبابات، ولكنهم لم يجرأوا على الإقتراب من الحصن السوفييتي. نجحت خدعة الألمان، لم يلاحظ أفراد الدبابة السوفييتية وجود المدافع خلف ظهرهم لأنهم كانوا يتابعون تحركات الدبابات الألمانية. وصمتت الدبابة السوفيتية «ك ف».
فقط بعد نصف ساعة تشجع الجنود الألمان واقتربوا من الدبابة العملاقة وهم يتفحصون الآثار التي خلفتها قذائفهم على درع الدبابة. أحد الجنود الألمان دق عدة مرات على حديدها مستغربا صلابتها، وفجأة وكأن الدبابة استجابت لطرقاته، حركت برجها، تفرّق الجنود الألمان هلعا في كل الاتجاهات، ولكن واحدامنهم تمكن من رمي قنبلة يدوية في داخل الدبابة، وهنا سكتت الدبابة السوفييتية العملاقة «ك ف» إلى الأبد.
وجد الألمان داخل الدبابة جثث ستة جنود سوفييت. مأثرتهم البطولية أدهشت الألمان فقاموا بدفنهم وفق المراسم العسكرية.
بعد انتهاء الحرب الوطنية العظمى نقلت رفات الأبطال إلى المقبرة العسكرية في مدينة راسينياي، حيث كتب على اللوحة التذكارية: هنا يرقد يورشوف ب.ي، وسميرنوف ف.أ، و بطل حروف اسمه ش.ن.أ، وثلاثة جنود مجهولين. من يدري، ربما ذات يوم نستطيع أن نعرف أسماءهم.
http://arabic.ruvr.ru/2014_09_09/277074897/