الجزء الاول :-
مقدمة:
تتميز العلاقة بين روسيا وأوكرانيا بشد وجذب منذ عهد قديم.
حيث ينظر الروس إلى أوكرانيا كحديقة خلفية لهم وخط دفاعي متقدم في وجه الغرب إضافة للنظرة التقليدية لهم كشقيق سلافي صغير متمرد على الشقيق الأكبر.
في نفس الوقت ينظر الأوكران إلى روسيا على أنها دولة تريد إخضاعهم ويتوقون دائما للتفلت من سيطرتها حتى بالتحالف مع القوى الخارجية (ولذلك استقبل الأوكران جيوش الفيرماخت في الحرب العالمة الثانية بالخبز والملح لذلك عاقبهم ستالين بعنف وقسوة ). حرصت روسيا دائما على ترسيخ وجود سلطة موالية لها في أوكرانيا يكون على رأسها أشخاص إما من الأقلية الروسية في أوكرانيا (المتواجدة في القرم ودونتسك ومناطق شرق أوكرانيا) أو من الأوكران الموالين لروسيا والذين يقطنون شرق أوكرانيا (حيث تشتد النزعة الإستقلالية عن الروس كلما اتجهنا غربا).
ولكن الثورة البرتقالية عام 2004-2005 كسرت تلك القاعدة والتي انتهت بوصول فيكتور يوشنكو ويوليا تيموشنكو (من الأوكران الغربيين) إلى رأس السلطة وإقصاء فيكتور يانكوفيتش (وهو من إقليم دونتسيك) عن الحكم.
تميز حكم يوشنكو بمزيد من التقارب نحو الغرب وتنمية النزعات الأوكرانية الوطنية حتى أنه منع بث كثير من الإذاعات الناطقة بالروسية وسعى أكثر فأكثر لجعل اللغة الأوكرانية اللغة الرسمية الوحيدة في البلاد خاصة في جميع المستويات الإدارية ومما يذكر أنه في زيارة له إلى موسكو طلب مترجما بينه وبين بوتين حيث فضل الحديث بالأوكرانية رغم اجادته للغة الروسية.
كما وقفت أوكرانيا في عهده إلى جانب جورجيا في حربها مع روسيا وضغط كثيرا لسحب الأسطول الروسي الموجود في القرم من من موانئه وإعادته لروسيا، كما سعت أوكرانيا في عصره للإنضمام لحلف شمال الأطلسي ولكن الضغوطات الروسية حالت دون ذلك.
استطاعت روسيا بضغوط اقتصادية ونشاط استخباري الإطاحة بيوشنكو في انتخابات عام 2010 وإعادة رجلها فيكتور يانكوفيتش للحكم.
واتجه يانكوفيتش لنقض كل ما كان في عهد سلفه فغير الدستور الذي كان قائما بين سنتي 2004-2010 بشكل يقوي قبضته على الحكم وقام بسجن الكثير من معارضيه (أبرزهم يوليا تيموشنكو) وأصدر قانونا خاصا باللغات الإقليمية وغرضه إعادة الإعتبار للغة الروسية داخل أوكرانيا واتجهت البلاد في عهده نحو حكم ديكتاتوري مقنع على رأسه رجال روسيا في أوكرانيا.
أدت تلك الأحداث إلى الثورة الأوكرانية تفجرت على شكل ثورة بين 18-23 فبراير 2014 وانتهت بالإطاحة بيانكوفيتش الذي غادر البلاد إلى روسيا وتمت إعادة الدستور كما كان بعد الثورة البرتقالية وإلغاء قانون اللغات الإقليمية وخرج معارضو يانكوفيتش (مثل يوليا تيموشنكو) من السجن.
طبعا لم يكن لروسيا أن تتسامح أبدا مع فقدان أوكرانيا ولذلك حاولت الضغط في البداية لإلغاء نتائج الثورة الأوكرانية عبر الدعوة لحوار بين يانكوفيتش ومعارضيه ولما فشلت لم يكن لها إلا تفجير الوضع في أوكرانيا من الداخل.
أزمة القرم:
قامت روسيا بتحريض الأقلية الروسية في القرم على الثورة ضد الحكم الأوكراني الجديد والمطالبة بحق تقرير المصير (وقف معها جزء من التتار المسلمين ممثلية بمنظمة تدعى فرقة الملة بينما كان جزء آخر ممثل بمجلس الشعب التتري في القرم يقف إلى جانب الحكومة الجديدة) وقد بدأت الأحداث في 23 شباط.
وتسلل إلى القرم أفراد اللواء 22 وحدات خاصة التابع للمخابرات العسكرية GRU (وهو أحد ألوية الوحدات الخاصة التي تتبع المخابرات العسكرية ومهمتها التسلل خلف خطوط العدو سواء بملابس مدنية أو عسكرية والقيام بعمليات تخريب أو استطلاع خلف العدو إضافة لتنظيم قوات موالية والإشراف على عملها وهي تشبه إلى حد كبير رجال القبعات الخضر الأمريكيين كما تشبه الدور الذي لعبته القوات الخاصة البريطانية التي تسللت إلى فرنسا وقامت بتنظيم عمل المقاومة الفرنسية) وقام أفراد ذلك اللواء على الفور بتنظيم المتمردين في القرم وقيادة عمليات حصار للمقرات الحكومية والأمنية في القرم وإسقاط عدة مدن وبلدات.
في نفس الوقت الذي قام فيه الروس باستنفار قواتهم الموجودة على الجبهة الغربية والمؤلفة من الجيش السادس الذي أخذ وضعية الإستعداد مقابل حدود روسيا البيضاء وحدود لاتفيا وأستونيا تحسبا لأي طارئ من قبل دول حلف الناتو كما تحشد جيش الحرس العشرين الموجود في فورونيج على الحدود الأوكرانية كما تم إرسال جيش الحرس الثاني من حوض الفولغا في سمارا لدعم تحشدات القوات الروسية على حدود أوكرانيا وكان غرض تلك التحشدات الروسية على الحدود الأوكرانية الإستعداد للتدخل في أوكرانيا عن اقتضى الأمر إضافة للهدف الرئيسي المتمثل في جذب القوات الأوكرانية الرئيسية نحو الحدود الشرقية وجذب انتباهها عن ما يجري في القرم.
وقد تخلل الأمر قيام فوج الحرس 45 المظلي (وهو فوج مؤلف من 600-700 ضابط وجندي يتبع المخابرات العسكرية الروسية GRU أيضا ومخصص للعمليات الجوية الخاصة وخاصة الإستطلاع والتخريب ومكافحة الإرهاب وهو يماثل قوة دلتا فورس الأمريكية) بالتحرش بالحدود الأوكرانية مع تحرك بعض وحدات الإستطلاع من جيش الحرس الثاني والتي قامت ببعض الإختراقات للحدود الأوكرانية لإبقاء القوات الأوكرانية مثبتة هناك.
وبينما كانت تلك الأحداث تجري على الحدود الأوكرانية- الروسية كان أسطول البحر الأسود الروسي بدأ بحصار المواقع الوحدات البحرية الأوكرانية لإجبارها إما على الإنشقاق أو الإنسحاب نحو أوكرانيا وبعد إقرار البرلمان الروسي في 1 آذار استخدام القوات المسلحة الروسية في أوكرانيا قام اللواء المظلي 31 التابع للحرس بإنزال جوي في القرم لتشكيل رأس جسر للقوات الروسية هناك وبعد نجاح الإنزال في تثبيت مواقعه تم إرسال الفرقة المجوقلة 76 التي باشرت عملها بمساعدة الإنفصاليين وحصار المواقع العسكرية الأوكرانية وتمت العملية بسلاسة وبعد إخضاع القرم وموانئه للسيطرة الروسية وخروج القوات الأوكرانية سحبت روسيا اللواء 31 والفرقة 76 وتم استبدالهما بالفرقة الميكانيكية 18 التابعة للجيش 58 الذي يتبع الجبهة الجنوبية في روسيا.
نظمت روسيا استفتاء لانفصال القرم وأعلنت في 16 آذار أن السكان اختاروا الإنفصال عن أوكرانيا.
تم تنصيب حكومة في القرم موالية لموسكو والتي قامت بدورها بإعلان رغبتها بالإنضمام لروسيا حيث تم ضم القرم لاحقا إلى أراضي الدولة الفيدرالية الروسية.
الحرب في الدونباس:
يشكل حوض الدونباس المكون من إقليمي دونتسك ولوجانسك الأطراف الشرقية من أوكرانيا وتقطنهما أغلبية روسية.
أغرى النجاح في البلقان الروس لمحاولة فصل الإقليمين وانتزاعهما من أوكرانيا.
كانت احتجاجات المواطنين من العرقية الروسية قد بدأت منذ سقوط حكومة يانكوفيتش، ولكن في 7 ابريل بدأت الإحتجاجات تتخذ طابعا مسلحا وبدأ اللواء 22 وحدات خاصة التابع للمخابرات العسكرية الروسية بعمله في إنشاء وحدات متمردة وتنظيمها (عدد من المتمردين كانت روسيا قد دربتهم سابقا استعداد لمثل تلك اللحظة) وقام المتمردون باحتلال المراكز الإدارية والأمنية الرئيسية في دونتسيك ولوجانسك حيث انضمت قوات الأمن المحلية لهم كما انشق العديد من العسكريين الروس من دونتسك ولوجانسك والتحقوا بالمتمردين الذين بدأوا بتحصين المدن والبلدات المستولى عليها وإقامة المتاريس.
وأعلن المتمردون جمهوريتي دونتسك ولوجانسك الشعبية وطالبوا باستفتاء على غرار استفتاء القرم.
بدأ الجيش الأوكراني وقوات الأمن الأوكرانية بحشد وحدات لضرب المتمردين واستعادة السيطرة في 9 نيسان.
حيث بدأت بشن هجوم مضاد حاصرت فيه مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك في إقليم دونتسك في 12 نيسان.
واستطاعت في 23 نيسان الإستيلاء على سفياتوجرسك وقد حاول المتمردون الإستيلاء على قواعد عسكرية وخاصة قاعدة ارتيمفسك ومصنع نفوكراموتفسكي العسكري ولكن الهجمات لم تسفر عن نجاح كبير.
وبدأت أوكرانيا باستعمال سلاحها المروحي في 24 نيسان فرد المتمردون بشن بعض الهجمات على مطار كراماتورسك.
كما استطاع المتمردون أن يستولوا بانتفاضة مسلحة على مدينتي كوستيانتينكوفا وستاخانوف وبرفومايسك وهورليفكا وأولتشيفسك في لوجانسك وأقاموا فيها المتاريس بين 27 إلى 30 نيسان حيث انشقت قوات الشرطة المحلية وانضمت إليهم.
كما فعلوا الشيء ذاته في 9 آيار مع مدين ماريوبول ثاني أكبر مدن دونتسك.
بحلول منتصف شهر آيار كانت القوات الأوكرانية قد استطاعت تعزيز مواقعها في عدد من المدن الهامة لإيقاف تساقط المدين في يد المتمردين كما بدأت بشن هجوم على ماريوبول.
وقد حاول المتمردون الإستيلاء على مطار دونتسيك في 26-27 أيار إلا أن القوات الأوكرانية صدت الهجوم.
وسار شهر حزيران مع جمود نسبي في الموقف على الأرض وإن كان قد شهد استرداد القوات الأوكرانية لماريوبول في 14 حزيران.
واستهلت القوات الأوكرانية شهر تموز بهجوم مضاد واسع لاستعادة المدن المفقودة حيث تمكنت من استرداد كراماتورسك وسلوفيانسك في 5 تموز كما تمكنت قبلها من استرداد رايجودوروك واليكساندريفكا في 3 تموز.
وانسحب المتمردون من دروجكيفا وكوستيانتينيفكا أيضا.
واستولت القوات الأوكرانية على سيفرسك في 10 تموز واستعادت مراكز ازفارين وكراسندون الحدوديين في اليوم التالي وجيرزجونسك وسوليدار في 21 تموز وسيفردونتسيك في اليوم التالي.
نتيجة للوضع الحرج للمتمردين بدأت روسيا بإرسال أسلحة ثقيلة (تشمل مدرعات) ونوعية (تشمل صواريخ أرض جو) للمتمردين الأوكران كما بدأت وحدات جيش الحرس العشرين المحتشد على الحدود الأوكرانية بقصف مواقع الجيش الأوكراني على الحدود مما أجبر عددا من الوحدات الأوكرانية الموجودة على الحدود مع روسيا على إخلاء مواقعهم إلى الخلف من مواقع في ازفارين ودوفجانسكي وتشيرفونوبارتيانسك في 1 آب.
ولكن القوات الأوكرانية أحرزت في 3 آب نجاحا هاما بالإستيلاء ياسينوفاتا لتفصل بذلك دونتسك عن لوجانسك.
ولكن في ذلك اليوم بدأت طلائع فرقة الحرس الروسية المجوقلة 76 بالعبور إلى داخل أوكرانيا وسط إنكار روسي (المتمردون علقوا على تواجد مقاتلين روس بأنهم مجرد متطوعون وأن أسلحتهم هي أسلحة مستولى عليها من القوات الأوكرانية أو انشق طواقمها).
ووقع اللواء الميكانيكي الأوكراني 72 في تشيرفونوبارتيانسك شرق سفيردلوفسك تحت التطويق التام مما جعل القسم الأكبر يتراجع مخترقا طوق الحصار نحو الغرب في 4 آب فيما سلم 311 جنديا حسب المصادر الأوكرانية و 438 حسب المصادر الروسية أنفسهم للقوات الروسية بعد أن وضعوا سلاحهم وتقدموا نحو مراكز الحدود الروسية.
واضطرت القوات الأوكرانية إلى الإنسحاب من ياسينوفاتا في 5 آب كما انسحبوا من شاختارسك في اليوم التالي.
ولكن إلى الغرب كانت القوات الأوكرانية قد نجحت في الإستيلاء على بانتيليممونيفكا وميسونسك في 7 آب.
أما في الشرق فقد نجح المتمردين بمعاونة قوات الفرقة 76 حرس المجوقلة الروسية بالإستيلاء على عدة بلدات مثل جيرنوك وأريخوف ونيجنيل واستاخوف وبلدات أخرى.
نقلاً عن صفحة ثقافة عسكرية
يتتبع
مقدمة:
تتميز العلاقة بين روسيا وأوكرانيا بشد وجذب منذ عهد قديم.
حيث ينظر الروس إلى أوكرانيا كحديقة خلفية لهم وخط دفاعي متقدم في وجه الغرب إضافة للنظرة التقليدية لهم كشقيق سلافي صغير متمرد على الشقيق الأكبر.
في نفس الوقت ينظر الأوكران إلى روسيا على أنها دولة تريد إخضاعهم ويتوقون دائما للتفلت من سيطرتها حتى بالتحالف مع القوى الخارجية (ولذلك استقبل الأوكران جيوش الفيرماخت في الحرب العالمة الثانية بالخبز والملح لذلك عاقبهم ستالين بعنف وقسوة ). حرصت روسيا دائما على ترسيخ وجود سلطة موالية لها في أوكرانيا يكون على رأسها أشخاص إما من الأقلية الروسية في أوكرانيا (المتواجدة في القرم ودونتسك ومناطق شرق أوكرانيا) أو من الأوكران الموالين لروسيا والذين يقطنون شرق أوكرانيا (حيث تشتد النزعة الإستقلالية عن الروس كلما اتجهنا غربا).
ولكن الثورة البرتقالية عام 2004-2005 كسرت تلك القاعدة والتي انتهت بوصول فيكتور يوشنكو ويوليا تيموشنكو (من الأوكران الغربيين) إلى رأس السلطة وإقصاء فيكتور يانكوفيتش (وهو من إقليم دونتسيك) عن الحكم.
تميز حكم يوشنكو بمزيد من التقارب نحو الغرب وتنمية النزعات الأوكرانية الوطنية حتى أنه منع بث كثير من الإذاعات الناطقة بالروسية وسعى أكثر فأكثر لجعل اللغة الأوكرانية اللغة الرسمية الوحيدة في البلاد خاصة في جميع المستويات الإدارية ومما يذكر أنه في زيارة له إلى موسكو طلب مترجما بينه وبين بوتين حيث فضل الحديث بالأوكرانية رغم اجادته للغة الروسية.
كما وقفت أوكرانيا في عهده إلى جانب جورجيا في حربها مع روسيا وضغط كثيرا لسحب الأسطول الروسي الموجود في القرم من من موانئه وإعادته لروسيا، كما سعت أوكرانيا في عصره للإنضمام لحلف شمال الأطلسي ولكن الضغوطات الروسية حالت دون ذلك.
استطاعت روسيا بضغوط اقتصادية ونشاط استخباري الإطاحة بيوشنكو في انتخابات عام 2010 وإعادة رجلها فيكتور يانكوفيتش للحكم.
واتجه يانكوفيتش لنقض كل ما كان في عهد سلفه فغير الدستور الذي كان قائما بين سنتي 2004-2010 بشكل يقوي قبضته على الحكم وقام بسجن الكثير من معارضيه (أبرزهم يوليا تيموشنكو) وأصدر قانونا خاصا باللغات الإقليمية وغرضه إعادة الإعتبار للغة الروسية داخل أوكرانيا واتجهت البلاد في عهده نحو حكم ديكتاتوري مقنع على رأسه رجال روسيا في أوكرانيا.
أدت تلك الأحداث إلى الثورة الأوكرانية تفجرت على شكل ثورة بين 18-23 فبراير 2014 وانتهت بالإطاحة بيانكوفيتش الذي غادر البلاد إلى روسيا وتمت إعادة الدستور كما كان بعد الثورة البرتقالية وإلغاء قانون اللغات الإقليمية وخرج معارضو يانكوفيتش (مثل يوليا تيموشنكو) من السجن.
طبعا لم يكن لروسيا أن تتسامح أبدا مع فقدان أوكرانيا ولذلك حاولت الضغط في البداية لإلغاء نتائج الثورة الأوكرانية عبر الدعوة لحوار بين يانكوفيتش ومعارضيه ولما فشلت لم يكن لها إلا تفجير الوضع في أوكرانيا من الداخل.
أزمة القرم:
قامت روسيا بتحريض الأقلية الروسية في القرم على الثورة ضد الحكم الأوكراني الجديد والمطالبة بحق تقرير المصير (وقف معها جزء من التتار المسلمين ممثلية بمنظمة تدعى فرقة الملة بينما كان جزء آخر ممثل بمجلس الشعب التتري في القرم يقف إلى جانب الحكومة الجديدة) وقد بدأت الأحداث في 23 شباط.
وتسلل إلى القرم أفراد اللواء 22 وحدات خاصة التابع للمخابرات العسكرية GRU (وهو أحد ألوية الوحدات الخاصة التي تتبع المخابرات العسكرية ومهمتها التسلل خلف خطوط العدو سواء بملابس مدنية أو عسكرية والقيام بعمليات تخريب أو استطلاع خلف العدو إضافة لتنظيم قوات موالية والإشراف على عملها وهي تشبه إلى حد كبير رجال القبعات الخضر الأمريكيين كما تشبه الدور الذي لعبته القوات الخاصة البريطانية التي تسللت إلى فرنسا وقامت بتنظيم عمل المقاومة الفرنسية) وقام أفراد ذلك اللواء على الفور بتنظيم المتمردين في القرم وقيادة عمليات حصار للمقرات الحكومية والأمنية في القرم وإسقاط عدة مدن وبلدات.
في نفس الوقت الذي قام فيه الروس باستنفار قواتهم الموجودة على الجبهة الغربية والمؤلفة من الجيش السادس الذي أخذ وضعية الإستعداد مقابل حدود روسيا البيضاء وحدود لاتفيا وأستونيا تحسبا لأي طارئ من قبل دول حلف الناتو كما تحشد جيش الحرس العشرين الموجود في فورونيج على الحدود الأوكرانية كما تم إرسال جيش الحرس الثاني من حوض الفولغا في سمارا لدعم تحشدات القوات الروسية على حدود أوكرانيا وكان غرض تلك التحشدات الروسية على الحدود الأوكرانية الإستعداد للتدخل في أوكرانيا عن اقتضى الأمر إضافة للهدف الرئيسي المتمثل في جذب القوات الأوكرانية الرئيسية نحو الحدود الشرقية وجذب انتباهها عن ما يجري في القرم.
وقد تخلل الأمر قيام فوج الحرس 45 المظلي (وهو فوج مؤلف من 600-700 ضابط وجندي يتبع المخابرات العسكرية الروسية GRU أيضا ومخصص للعمليات الجوية الخاصة وخاصة الإستطلاع والتخريب ومكافحة الإرهاب وهو يماثل قوة دلتا فورس الأمريكية) بالتحرش بالحدود الأوكرانية مع تحرك بعض وحدات الإستطلاع من جيش الحرس الثاني والتي قامت ببعض الإختراقات للحدود الأوكرانية لإبقاء القوات الأوكرانية مثبتة هناك.
وبينما كانت تلك الأحداث تجري على الحدود الأوكرانية- الروسية كان أسطول البحر الأسود الروسي بدأ بحصار المواقع الوحدات البحرية الأوكرانية لإجبارها إما على الإنشقاق أو الإنسحاب نحو أوكرانيا وبعد إقرار البرلمان الروسي في 1 آذار استخدام القوات المسلحة الروسية في أوكرانيا قام اللواء المظلي 31 التابع للحرس بإنزال جوي في القرم لتشكيل رأس جسر للقوات الروسية هناك وبعد نجاح الإنزال في تثبيت مواقعه تم إرسال الفرقة المجوقلة 76 التي باشرت عملها بمساعدة الإنفصاليين وحصار المواقع العسكرية الأوكرانية وتمت العملية بسلاسة وبعد إخضاع القرم وموانئه للسيطرة الروسية وخروج القوات الأوكرانية سحبت روسيا اللواء 31 والفرقة 76 وتم استبدالهما بالفرقة الميكانيكية 18 التابعة للجيش 58 الذي يتبع الجبهة الجنوبية في روسيا.
نظمت روسيا استفتاء لانفصال القرم وأعلنت في 16 آذار أن السكان اختاروا الإنفصال عن أوكرانيا.
تم تنصيب حكومة في القرم موالية لموسكو والتي قامت بدورها بإعلان رغبتها بالإنضمام لروسيا حيث تم ضم القرم لاحقا إلى أراضي الدولة الفيدرالية الروسية.
الحرب في الدونباس:
يشكل حوض الدونباس المكون من إقليمي دونتسك ولوجانسك الأطراف الشرقية من أوكرانيا وتقطنهما أغلبية روسية.
أغرى النجاح في البلقان الروس لمحاولة فصل الإقليمين وانتزاعهما من أوكرانيا.
كانت احتجاجات المواطنين من العرقية الروسية قد بدأت منذ سقوط حكومة يانكوفيتش، ولكن في 7 ابريل بدأت الإحتجاجات تتخذ طابعا مسلحا وبدأ اللواء 22 وحدات خاصة التابع للمخابرات العسكرية الروسية بعمله في إنشاء وحدات متمردة وتنظيمها (عدد من المتمردين كانت روسيا قد دربتهم سابقا استعداد لمثل تلك اللحظة) وقام المتمردون باحتلال المراكز الإدارية والأمنية الرئيسية في دونتسيك ولوجانسك حيث انضمت قوات الأمن المحلية لهم كما انشق العديد من العسكريين الروس من دونتسك ولوجانسك والتحقوا بالمتمردين الذين بدأوا بتحصين المدن والبلدات المستولى عليها وإقامة المتاريس.
وأعلن المتمردون جمهوريتي دونتسك ولوجانسك الشعبية وطالبوا باستفتاء على غرار استفتاء القرم.
بدأ الجيش الأوكراني وقوات الأمن الأوكرانية بحشد وحدات لضرب المتمردين واستعادة السيطرة في 9 نيسان.
حيث بدأت بشن هجوم مضاد حاصرت فيه مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك في إقليم دونتسك في 12 نيسان.
واستطاعت في 23 نيسان الإستيلاء على سفياتوجرسك وقد حاول المتمردون الإستيلاء على قواعد عسكرية وخاصة قاعدة ارتيمفسك ومصنع نفوكراموتفسكي العسكري ولكن الهجمات لم تسفر عن نجاح كبير.
وبدأت أوكرانيا باستعمال سلاحها المروحي في 24 نيسان فرد المتمردون بشن بعض الهجمات على مطار كراماتورسك.
كما استطاع المتمردون أن يستولوا بانتفاضة مسلحة على مدينتي كوستيانتينكوفا وستاخانوف وبرفومايسك وهورليفكا وأولتشيفسك في لوجانسك وأقاموا فيها المتاريس بين 27 إلى 30 نيسان حيث انشقت قوات الشرطة المحلية وانضمت إليهم.
كما فعلوا الشيء ذاته في 9 آيار مع مدين ماريوبول ثاني أكبر مدن دونتسك.
بحلول منتصف شهر آيار كانت القوات الأوكرانية قد استطاعت تعزيز مواقعها في عدد من المدن الهامة لإيقاف تساقط المدين في يد المتمردين كما بدأت بشن هجوم على ماريوبول.
وقد حاول المتمردون الإستيلاء على مطار دونتسيك في 26-27 أيار إلا أن القوات الأوكرانية صدت الهجوم.
وسار شهر حزيران مع جمود نسبي في الموقف على الأرض وإن كان قد شهد استرداد القوات الأوكرانية لماريوبول في 14 حزيران.
واستهلت القوات الأوكرانية شهر تموز بهجوم مضاد واسع لاستعادة المدن المفقودة حيث تمكنت من استرداد كراماتورسك وسلوفيانسك في 5 تموز كما تمكنت قبلها من استرداد رايجودوروك واليكساندريفكا في 3 تموز.
وانسحب المتمردون من دروجكيفا وكوستيانتينيفكا أيضا.
واستولت القوات الأوكرانية على سيفرسك في 10 تموز واستعادت مراكز ازفارين وكراسندون الحدوديين في اليوم التالي وجيرزجونسك وسوليدار في 21 تموز وسيفردونتسيك في اليوم التالي.
نتيجة للوضع الحرج للمتمردين بدأت روسيا بإرسال أسلحة ثقيلة (تشمل مدرعات) ونوعية (تشمل صواريخ أرض جو) للمتمردين الأوكران كما بدأت وحدات جيش الحرس العشرين المحتشد على الحدود الأوكرانية بقصف مواقع الجيش الأوكراني على الحدود مما أجبر عددا من الوحدات الأوكرانية الموجودة على الحدود مع روسيا على إخلاء مواقعهم إلى الخلف من مواقع في ازفارين ودوفجانسكي وتشيرفونوبارتيانسك في 1 آب.
ولكن القوات الأوكرانية أحرزت في 3 آب نجاحا هاما بالإستيلاء ياسينوفاتا لتفصل بذلك دونتسك عن لوجانسك.
ولكن في ذلك اليوم بدأت طلائع فرقة الحرس الروسية المجوقلة 76 بالعبور إلى داخل أوكرانيا وسط إنكار روسي (المتمردون علقوا على تواجد مقاتلين روس بأنهم مجرد متطوعون وأن أسلحتهم هي أسلحة مستولى عليها من القوات الأوكرانية أو انشق طواقمها).
ووقع اللواء الميكانيكي الأوكراني 72 في تشيرفونوبارتيانسك شرق سفيردلوفسك تحت التطويق التام مما جعل القسم الأكبر يتراجع مخترقا طوق الحصار نحو الغرب في 4 آب فيما سلم 311 جنديا حسب المصادر الأوكرانية و 438 حسب المصادر الروسية أنفسهم للقوات الروسية بعد أن وضعوا سلاحهم وتقدموا نحو مراكز الحدود الروسية.
واضطرت القوات الأوكرانية إلى الإنسحاب من ياسينوفاتا في 5 آب كما انسحبوا من شاختارسك في اليوم التالي.
ولكن إلى الغرب كانت القوات الأوكرانية قد نجحت في الإستيلاء على بانتيليممونيفكا وميسونسك في 7 آب.
أما في الشرق فقد نجح المتمردين بمعاونة قوات الفرقة 76 حرس المجوقلة الروسية بالإستيلاء على عدة بلدات مثل جيرنوك وأريخوف ونيجنيل واستاخوف وبلدات أخرى.
نقلاً عن صفحة ثقافة عسكرية
يتتبع