عندما يكون " القرم ملكنا"، يمكننا ألا نلقي بالاً إلى الدولار

safelife

عضو
إنضم
26 نوفمبر 2010
المشاركات
8,319
التفاعل
17,862 0 0
عندما يكون " القرم ملكنا"، يمكننا ألا نلقي بالاً إلى الدولار
كان يمكن أن نتوقع من المجتمع الروسي اضطرابات عامة وأمزجة ثورية بعد تراجع دخله بمقدار النصف منذ بداية هذا العام بسبب تقلب سعر صرف العملات، فلماذا لا يحدث ذلك؟

000_ruble_468.jpg


عندما تتصدر التقارير القادمة من روسيا نشرات الأخبار طوال الفترة الأخيرة مرفقة بإشارة "عاجل" من جبهات المعارك المالية، يبدو أن كل سكان روسيا لا يفعلون شيئاً سوى متابعة التقلبات الدرامية للروبل أمام العملات الأجنبية، ذلك أن نسبة 10% أو20% من التقلبات خلال يوم واحد مع إشارة " زائد" أو " ناقص" كفيلة بأن تتحول إلى كارثة ـ كحد أدنى ـ في كثير من البلدان العالم، الأمر الذي يعقبه استقالة الحكومة، ناهيك عن التظاهرات الشعبية.

وقد يبدو أن شيئاً من هذا القبيل على وشك أن يقع في روسيا، فالشعب الذي تراجع دخله إلى النصف قياساً إلى الدولار سوف يخرج إلى الشوارع، وسوف يضطر الرئيس للتضحية بحكومة ميدفيديف. بيد أن كلمة " كارثة" في روسيا، حتى إذا وردت في التقارير الإخبارية فينبغي تقسيم انعكاسها على أرض الواقع على عشرة على الأقل، فالبلاد كبيرة وتشتت العمليات فيها أكبر بكثير.

ويكفي أن نلتفت إلى تجربة العقود الأخيرة التي شهدت انخفاض قيمة الروبل عدة مرات وبدرجة أوسع، ومنها على سبيل المثال في عام 1998 ( علماً بأن الوضع الحالي أفضل من عام 1998)، ذلك أن الانخفاض الأخير الذي حدث قبل ست سنوات لم يثر أية احتجاجات اجتماعية ناهيك عن السياسية منها، على الرغم من أن المعارضة في ذلك الحين كانت أقوى وأكثر تنظيماً. كما أن إمكانيات تنظيم مثل تلك الاحتجاجات كانت أكبر أيضاً، مع العلم أن أسباب" مقاومة" هذا الانخفاض كانت عديدة.
والأهم، أن الغالبية العظمى من السكان تتعامل بالروبل بشكل كامل، وليس لها علاقة بالعملة الصعبة، حتى كوسيلة ادخار. ويصل حجم ودائع السكان في المصارف الروسية في الوقت الراهن إلى حوالي 16.8 ترليون روبل ( 270.7 مليون دولار بسعر الصرف الحالي)، وقد انخفض هذا الحجم خلال هذه السنة المأساوية بشكل كبير. ولكن بالمحصلة، فإن الانخفاض العام لم يتجاوز نسبة واحد بالمئة بالقياس مع مستوى بداية العام، فحتى في الصيف جرى تدفق معاكس للأموال، بحيث عوض الصدمة الأولى بشكل كامل تقريباً، وفي غضون ذلك، لم يلاحظ طوال هذا العام هروب جماعي نحو العملة الصعبة.

من الضروري أن نأخذ بالاعتبار أن كل هذا المبلغ الضخم من الودائع يعود إلى عدد غير كبير من السكان. ذلك أن الغالبية العظمى من السكان الروس ( وفق بيانات مركز دراسة الرأي العام لبداية العام الحالي، فإن هذا الرقم لم يرتفع في ظروف الركود)، وبالتحديد 70% منهم، لا يملكون أية مدخرات بشكل عام، ذلك أن الودائع المصرفية بهذا الحجم أو ذاك ( وليس الحساب الجاري لتحويل الأجور التي تسحب مباشرة من أجهزة الصراف الآلي) تعود إلى نسبة 10% من السكان. كما أن مفهوم الادخار بالنسبة للمواطن الروسي العادي يبدأ من أرقام متواضعة، أي 250 ألف روبل تقريباً (4200 دولار وفق سعر الصرف الحالي)، بينما يحتفظ كثير منهم بالمدخرات في بيوتهم حيث يستعدون لعمليات شراء كبيرة، أما بالنسبة للعملة الصعبة كوسيلة للادخار والتوفير فيلجأ وفق مختلف الاستطلاعات ما بين 4 إلى 7% من السكان.

وبالطبع، فإن سعر صرف الروبل مقابل الدولار بحد ذاته يهم شرائح كثيرة من المواطنين (يتابعه أكثر من نصف السكان)، ولكنهم يتابعونه من بعيد، وكأنهم يتابعون شيئاً يحظى بالدرجة الأولى باهتمام أولئك الموسكوفيين " المتكبرين " أو الأغنياء الذين لم يكونوا محبوبين أبداً في روسيا. وحتى بالنسبة إلى الرحلات السياحية الخارجية، فإن التأثير المباشر لانخفاض سعر صرف الروبل لا يشكل نسبة تذكر، إذ أن 15% من السكان تقريباً يمتلكون جوازات سفر، غالبيتهم من أولئك الذين يسافرون مرة في السنة إلى تركيا أو مصر، أما نسبة السياح الذين يتوجهون بانتظام إلى الغرب فتتراوح ما بين 3 ـ 5%، وهؤلاء الناس يملكون من الفطنة ما يجعلهم يقلصون مجازفاتهم بالعملة الصعبة إلى الحد الأدنى أو لا يستسلمون للذعر.
وفيما يتعلق بتأثير انخفاض قيمة الروبل على ارتفاع الأسعار، فإنه موجود وسينعكس أكثر في الأشهر القادمة، ذلك أن هبوط سعر صرف الروبل مقابل الدولار بنسبة 10%، يشكل إضافة إلى التضخم بنسبة 1% تقريباً، أما المصادر المتبقية للتضخم فتكمن في الاقتصاد الروسي نفسه؛ ومن بينها قلة التنوع الاقتصادي، كثرة الاحتكارات وقلة المنافسة، ولكن حتى ارتفاع الأسعار بنسبة 20 ـ 30% لا تدفع الناس للخروج إلى الشوارع، نظراً لأن ذلك لا يُعدّ بالنسبة لروسيا شيئاً مثيراً للدهشة أو جديداً كثيراً.

كما تتميز الحالة الراهنة بأن الرئيس والحكومة يحظيان بشعبية غير مسبوقة بين السكان بالنسبة للفترة السوفييتية السابقة، وبخاصة على خلفية المواجهة مع الغرب، حيث ترى الأغلبية أن روسيا كانت محقة منذ البداية، وأن الموقف منها غير عادل، وباختصار فإن " القرم لنا"، والآن فإن ما لا يقل عن 80% من السكان ( وفق بيانات مركز ليفاد في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني) يؤيدون الرئيس ( ارتفع التأييد خلال سنة بمرة ونصف)، وانخفض عدد أولئك الذين يرون أنه لا يستحق الثقة من 12 إلى 4%، وعلى عكس السنوات السابقة فإن ارتفاع الثقة بالرئيس يترافق مع ارتفاع مشابه للثقة بمؤسسات السلطة الأخرى. وفي ظروف الحرب في أوكرانيا، فإن الشعب يثق بالسلطة بشكل كبير لدرجة أن الحرب المأساوية التي يخوضها الروبل مع الدولار لا تُعدّ حتى الآن أنها تستحق قلقاً عاماً جدياً.
http://arab.rbth.com/opinion/2014/12/22/28821.html
 
عندما يكون " القرم ملكنا"، يمكننا ألا نلقي بالاً إلى الدولار
كان يمكن أن نتوقع من المجتمع الروسي اضطرابات عامة وأمزجة ثورية بعد تراجع دخله بمقدار النصف منذ بداية هذا العام بسبب تقلب سعر صرف العملات، فلماذا لا يحدث ذلك؟

000_ruble_468.jpg


عندما تتصدر التقارير القادمة من روسيا نشرات الأخبار طوال الفترة الأخيرة مرفقة بإشارة "عاجل" من جبهات المعارك المالية، يبدو أن كل سكان روسيا لا يفعلون شيئاً سوى متابعة التقلبات الدرامية للروبل أمام العملات الأجنبية، ذلك أن نسبة 10% أو20% من التقلبات خلال يوم واحد مع إشارة " زائد" أو " ناقص" كفيلة بأن تتحول إلى كارثة ـ كحد أدنى ـ في كثير من البلدان العالم، الأمر الذي يعقبه استقالة الحكومة، ناهيك عن التظاهرات الشعبية.

وقد يبدو أن شيئاً من هذا القبيل على وشك أن يقع في روسيا، فالشعب الذي تراجع دخله إلى النصف قياساً إلى الدولار سوف يخرج إلى الشوارع، وسوف يضطر الرئيس للتضحية بحكومة ميدفيديف. بيد أن كلمة " كارثة" في روسيا، حتى إذا وردت في التقارير الإخبارية فينبغي تقسيم انعكاسها على أرض الواقع على عشرة على الأقل، فالبلاد كبيرة وتشتت العمليات فيها أكبر بكثير.

ويكفي أن نلتفت إلى تجربة العقود الأخيرة التي شهدت انخفاض قيمة الروبل عدة مرات وبدرجة أوسع، ومنها على سبيل المثال في عام 1998 ( علماً بأن الوضع الحالي أفضل من عام 1998)، ذلك أن الانخفاض الأخير الذي حدث قبل ست سنوات لم يثر أية احتجاجات اجتماعية ناهيك عن السياسية منها، على الرغم من أن المعارضة في ذلك الحين كانت أقوى وأكثر تنظيماً. كما أن إمكانيات تنظيم مثل تلك الاحتجاجات كانت أكبر أيضاً، مع العلم أن أسباب" مقاومة" هذا الانخفاض كانت عديدة.
والأهم، أن الغالبية العظمى من السكان تتعامل بالروبل بشكل كامل، وليس لها علاقة بالعملة الصعبة، حتى كوسيلة ادخار. ويصل حجم ودائع السكان في المصارف الروسية في الوقت الراهن إلى حوالي 16.8 ترليون روبل ( 270.7 مليون دولار بسعر الصرف الحالي)، وقد انخفض هذا الحجم خلال هذه السنة المأساوية بشكل كبير. ولكن بالمحصلة، فإن الانخفاض العام لم يتجاوز نسبة واحد بالمئة بالقياس مع مستوى بداية العام، فحتى في الصيف جرى تدفق معاكس للأموال، بحيث عوض الصدمة الأولى بشكل كامل تقريباً، وفي غضون ذلك، لم يلاحظ طوال هذا العام هروب جماعي نحو العملة الصعبة.

من الضروري أن نأخذ بالاعتبار أن كل هذا المبلغ الضخم من الودائع يعود إلى عدد غير كبير من السكان. ذلك أن الغالبية العظمى من السكان الروس ( وفق بيانات مركز دراسة الرأي العام لبداية العام الحالي، فإن هذا الرقم لم يرتفع في ظروف الركود)، وبالتحديد 70% منهم، لا يملكون أية مدخرات بشكل عام، ذلك أن الودائع المصرفية بهذا الحجم أو ذاك ( وليس الحساب الجاري لتحويل الأجور التي تسحب مباشرة من أجهزة الصراف الآلي) تعود إلى نسبة 10% من السكان. كما أن مفهوم الادخار بالنسبة للمواطن الروسي العادي يبدأ من أرقام متواضعة، أي 250 ألف روبل تقريباً (4200 دولار وفق سعر الصرف الحالي)، بينما يحتفظ كثير منهم بالمدخرات في بيوتهم حيث يستعدون لعمليات شراء كبيرة، أما بالنسبة للعملة الصعبة كوسيلة للادخار والتوفير فيلجأ وفق مختلف الاستطلاعات ما بين 4 إلى 7% من السكان.

وبالطبع، فإن سعر صرف الروبل مقابل الدولار بحد ذاته يهم شرائح كثيرة من المواطنين (يتابعه أكثر من نصف السكان)، ولكنهم يتابعونه من بعيد، وكأنهم يتابعون شيئاً يحظى بالدرجة الأولى باهتمام أولئك الموسكوفيين " المتكبرين " أو الأغنياء الذين لم يكونوا محبوبين أبداً في روسيا. وحتى بالنسبة إلى الرحلات السياحية الخارجية، فإن التأثير المباشر لانخفاض سعر صرف الروبل لا يشكل نسبة تذكر، إذ أن 15% من السكان تقريباً يمتلكون جوازات سفر، غالبيتهم من أولئك الذين يسافرون مرة في السنة إلى تركيا أو مصر، أما نسبة السياح الذين يتوجهون بانتظام إلى الغرب فتتراوح ما بين 3 ـ 5%، وهؤلاء الناس يملكون من الفطنة ما يجعلهم يقلصون مجازفاتهم بالعملة الصعبة إلى الحد الأدنى أو لا يستسلمون للذعر.
وفيما يتعلق بتأثير انخفاض قيمة الروبل على ارتفاع الأسعار، فإنه موجود وسينعكس أكثر في الأشهر القادمة، ذلك أن هبوط سعر صرف الروبل مقابل الدولار بنسبة 10%، يشكل إضافة إلى التضخم بنسبة 1% تقريباً، أما المصادر المتبقية للتضخم فتكمن في الاقتصاد الروسي نفسه؛ ومن بينها قلة التنوع الاقتصادي، كثرة الاحتكارات وقلة المنافسة، ولكن حتى ارتفاع الأسعار بنسبة 20 ـ 30% لا تدفع الناس للخروج إلى الشوارع، نظراً لأن ذلك لا يُعدّ بالنسبة لروسيا شيئاً مثيراً للدهشة أو جديداً كثيراً.

كما تتميز الحالة الراهنة بأن الرئيس والحكومة يحظيان بشعبية غير مسبوقة بين السكان بالنسبة للفترة السوفييتية السابقة، وبخاصة على خلفية المواجهة مع الغرب، حيث ترى الأغلبية أن روسيا كانت محقة منذ البداية، وأن الموقف منها غير عادل، وباختصار فإن " القرم لنا"، والآن فإن ما لا يقل عن 80% من السكان ( وفق بيانات مركز ليفاد في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني) يؤيدون الرئيس ( ارتفع التأييد خلال سنة بمرة ونصف)، وانخفض عدد أولئك الذين يرون أنه لا يستحق الثقة من 12 إلى 4%، وعلى عكس السنوات السابقة فإن ارتفاع الثقة بالرئيس يترافق مع ارتفاع مشابه للثقة بمؤسسات السلطة الأخرى. وفي ظروف الحرب في أوكرانيا، فإن الشعب يثق بالسلطة بشكل كبير لدرجة أن الحرب المأساوية التي يخوضها الروبل مع الدولار لا تُعدّ حتى الآن أنها تستحق قلقاً عاماً جدياً.
http://arab.rbth.com/opinion/2014/12/22/28821.html
ولكنها ستؤذى روسيا خارجيا جدا
 
ولكنها ستؤذى روسيا خارجيا جدا
و داخليا بالطبع اعتقد ان المقال يعبر فقط عن وجهة نظر كاتبة و ليس عن الحقيقة الامر سيبدء بالدائرة المحيطة من اصحاب المليارات سيبدءن بالتململ المكتوم و التبرم و الشكوي الخافتةثم سيصبح صوتهم اكثر ارتفاعا ثم يصل الامر الي الطبقة الشعبية و التي بالطبع كلما مر الوقت سيقع الضغط عليها اكثر
لكن لا اعتقد ان الامر سيصل الي ثورة خصوصا و ان الشعب الروسي اغلبيته مؤمن انهم محقين في اخذ القرم
 
عودة
أعلى