كان الالمان هم اول من نجح في صناعة الغواصات الحديثة ، ففي الحرب العالمية الاولى تمكن من صنع غواصات U يو حيث كان طول الواحد منها 87.3 متر وعرضها 8 أمتار
حين وصل هتلر للسلطة اهتم كثيرا بسلاح الغواصات والتي رأى فيها سلاحا عمليا اكثر فائدة واقل كلفة من بقية انواع الاسلحة البحرية . وبالفعل حقق الالمان نجاحا باهرا في استخدام الغواصات خلال الحرب العالمية الثانية ، . كان معدل طول الغواصة الواحدة يتراوح عند 65-78 متر ، وبعرض 6-10 متر ، وارتفاع 10 متر ، وبسرعة 30-35 كم / ساعة ، وبعمق يصل حتى 250 متر تحت سطح البحر كما زودت بمدفعين رشاش مضادة للطائرات .
أنتجت المصانع الالمانية ما يقارب نحو 1250غواصة ، خسر الالمان منها 793 غواصة خلال سنوات الحرب ، بينما اختفت نحو 500 غواصة المانية وهو اللغز الغامض الذي حير العالم ليومنا هذا ..!!!
كان مبدأ عمل الغواصات يقوم على ان تطفوا الغواصة على سطح الماء للتزود بالهواء الضروري لتشغيل محركات الديزل وفي هذا الوقت تشحن الغواصة بطارياتها العملاقة التي تستخدمها لتشغيل محركاتها الكهربائية بدل محركات الديزل عند الغوص ، الا ان اختراع الالمان لجهاز السنوركل ادى الى ثورة في استخدام سلاح الغواصات حيث لم تعد الغواصة بحاجة الى الطفو انما كانت تتزود بالهواء وهي تحت الماء مما جعل الغواصات الالمانية اكثر تخفي عن عيون سفن وطائرات الحلفاء.
امتلكت الغواصات الالمانية والتي سميت بالذئاب الرمادية العديد من المزايا التي جعلها اخطر سلاح الماني على الحلفاء ، ففضلا عن عدم حاجتها للطفو فقد وفر جهاز السنوركل الوقت للغواصات الالمانية حيث كانت سرعة الغواصات بمحركات الديزل اعلى من سرعتها وهي تستخدم محركاتها الكهربائية . إلا ان الغواصات الالمانية استمرت باستخدام محركاتها الكهربائية حينما كانت مهمتها تتطلب ان تقترب كثيرا من سفن الحلفاء وذلك لان محركاتها الكهربائية لم تكن تصدر ضجيجا كمحركات الديزل مما ساعدها على التخفي حتى على رادارات سفن الحلفاء التي كانت تستخدم رادارا خاصا يرصد ضجيج محركات الغواصات او عوادمها في البحر .
وحينما تمكن الحلفاء من تزويد سفنهم برادارات اكثر تطورا ، تستطيع اكتشاف الغواصات الالمانية عند وجودها على السطح فقد ابتكر الالمان جهاز استشعار إلكتروني يستطيع أن يكتشف الإرسال الراداري لسفن الحلفاء من على مسافة بعيدة تفوق مسافة اكتشاف الرادار الجديد للسفن الحفاء مما أتاح لغواصات الالمانية فرصة اتخاذ إجراءات سريعة لتلافي ضربات سفن الحلفاء .
كما ان حجم التدريع للغواصات الالمانية وقوة متانتها قدم سمح لها ان تتحمل الصدمات المهولة التي كانت تحدثها انفجارات قنابل الاعماق التي تلقيها سفن وطائرات الحلفاء حينما تتعرف على المكان الذي توجد فيه الغواصة ولاسيما عقب هجومها على احد القطع البحرية التابعة للحلفاء . وبفضل قوة تدريعها ومتانتها فقد نجحت الغواصات الالمانية الى الغوص حتى 250 متر تحت سطح البحر .
كما كانت الطوربيدات التي تطلقها الغواصات الالمانية سريعة جدا بحيث لا تستطيع سفينة الحلفاء المستهدفة من المناورة والإفلات منه حيث وصلت سرعة الطوربيد الالماني الى قرابة 70 كم / ساعة كما زود بجهاز ضبط اتجاه السير (الجيروسكوب)، ولكن كانت نقطة ضعف هذا الطوربيد هي محركات الاحتراق الداخلي التي تخلف آثار ورائها نتيجة خروج العادم من خلف الطوربيد وهو ما اتاح للسفن المستهدفة اتخاذ اجراءات سريعة للإفلات منه ، الا ان علماء هتلر قد ابتكروا طوربيدا جديدا اعتمد على السير بواسطة البطاريات الكهربائية التي جعلت من الطوربيد الالماني الجديد سلاح قتل مفاجئ حيث لم تتعرف سفن الحلفاء على استهدفها من قبل هذا الطوربيد الا بعد ان يصطدم بها ويفجرها .
كما تميزت الغواصات الالمانية بقدرتها على الابحار لفترات طويلة تحت الماء حتى تجاوز بعضها فترة اربعة اشهر ونصف .
هذا ومن الامور اللافتة للنظر فدائما ما كانت مواكب سفن الحلفاء تتفاجئ بوجود الغواصات الالمانية بين قطعها البحرية . كما نفذت الغواصات الالمانية مهامها في شتى البحار والمحيطات فوصلت الى السواحل الامريكية واليابانية وسواحل جنوب افريقيا ، كما وصلت الى القطب الشمالي والجنوبي . والمدهش ايضا ان الغواصات الالمانية نجحت بفرض هيمنتها على ما بات يعرف بمثلث برمودا حيث اجرى الالمان بعض التجارب لإطلاق صاروخ v2 من غواصاتهم. ولا ننسى قيام نفذت العديد من المهام الاستخبارية الخاصة حيث كلفت بإنزال القوات الخاصة التابعة للمخابرات الالمانية في بعض الجزر وخلف خطوط الحلفاء.
كما استمرت اثنين من الغواصات الالمانية بعملها حتى بعد احتلال برلين حيث انطلقت الغواصةu530 يوم 8/5/1945 وظهرت في قبالة الارجنتين يوم 10/7/1945 بينما انطلقت الغواصةu995 يوم 8/5/1945 وظهرت قبالة سواحل الارجنتين يوم 15/8/1945 .
ومن المثير ايضا تمكن الحلفاء من فك رموز جهاز الارسال المتطور الذي كان نافذة الغواصة على العالم ومن خلاله تلقى جنود الغواصات تعليماتهم من برلين ، حيث ادعى الحلفاء انهم عثروا على كتاب فك الشفرة بــ"الصدفة" من احدى الغواصات العاطلة ، وفي هذا الصدد ينقل عن هتلر قوله :
((ان الانكليز قد تمكنوا من معرفة مواقع غواصاتنا باستخدامهم لوسائل شيطانية ..!!))
وفي ذات الصدد فقد توصلت في بحث عن المانيا النازية الى دلائل مهمة تشير الى وجود خونة في قيادة سلاح الغواصات قاموا بتسليم احد نسخ كتاب فك شفرة جهاز الارسال المستخدم في الغواصات الالمانية الى قوات الحلفاء وعلى راس اؤلئك الخونة كان كارل دونتيز قائد سلاح البحرية نفسه كجزء من ما بات يعرف بمقاومة الالمان للنازيون .
ومع هذا فان اختفاء نحو 500 غواصة المانية ظل لغزا غامضا ليومنا هذا..
**منقول**