رسالة الملك لويس التاسع للملك الصالح نجم الدين
بسم الإله النصيح , صاحب الدين الصحيح , عيسى بن مريم المسيح , أما بعد , فإنه لم يخف عليك و لا على كل ذي عقل ثاقب و لا ذي ذهن لازب , أنك أمين هذه الملة الحنفية و أنا أمير هذه الملة النصرانية , و ليس خفي عنك ما فتحنا من بلاد الأندلس و السارا , و أخذنا النساء و العذارى , و فرقناهم على ملة النصارى , و جعلنا رجالهم أسارى , و نساءهم عليهم حيارى , و قد علمت ما نحن فيه من حق الرعية , لما فتحنا بلاد المهدية , و عفونا على ثغر الإسكندرية , فلا تلجىء العالم إلى العسف , و لا تسيمهم بسيماء الخسف , نقتل العباد و ندوس البلاد و نطهر الأرض من الفساد , فإن قابلتنا بالقتال فقد أوجبت على نفسك و رعيتك النكال , و أرميتهم في أشر الوبال , يكثر فيهم العويل و لا نرحم عزيز و لا ذليل و لا تجد إلى نصرتهم من سبيل .
و نحن نشرح لك ما فيه الكفاية و أبذلنا لك غاية النصيحة و الهداية , أن تنقل إلى عندنا من عندك من الرهبان , و تحلف لنا بعظائم الإيمان , أن تكون لنا نائبا على ممر الأزمان , و تعجل لنا بما عندك من مراكب و طرائد و شواني , و لا تكون فيك فترة و لا تواني , لتكون قلوبنا راضية عليك , و لا تسوق البلاء بيدك إليك , و تكون على نفسك و جيشك قد جنيت , و تعود تقول " ياليت " و تضع الحرب أوزارها و تشعل نارها , و يتعالى شرارها و يقتم فنارها و تأخذ منكم بتارها , فسيوفنا حداد , و رماحنا مداد , و قلوبنا شداد , و يحكم بيننا و بينكم رب العباد , فإن كانت لك فهديه ألقت بين يديك , و إن كانت لنا فيدنا العليا عليك , إذا استحق بالإضافة إمارة المِلتَين و حكم الشريعتين و بيد الله تعالى السعادة و هو الموفق للإدارة , ثم كتب في اّخره يقول : ستسلم إن سلمت غير محارب , فإنك لا ترجو أمورا ترومها , أتيناك في خلق كرام و عصبة مسيحية لم تخف عنك علومها و ها أنا قد أنشدت بيتا مهدداً , مخافة أن لا تلقى النفس ضيمها , ستعلم ليلى أي دين قد أتيت و أي غريم للتقاضي غرامها .
رد الملك الصالح نجم الدين ايوب على الرسالة
فلما وصلت هذه المكاتبة للسلطان الملك الصالح كان في أشد ما يكون من المرض فكتب الجواب و أنفذه و هذا نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و على اّله وصحبه أجمعين , و الحمد لله رب العالمين , و العاقبة للمتقين , و لا عدوان إلا على القوم الظالمين .
من عند الداريء عن حرم المسلمين و القاريء كتاب رب العالمين , المنزل على خير المسلمين محمد صلى الله عليه و على اّله الطاهرين , وأصحابه الأنصار و المهاجرين , صلاة دائمة إلى يوم الدين .
أما بعد فقد وصل كتابك و فهمنا لفظك و خطابك و ها أنا قد أتيتك بالخيل و الرجال و الخزائن و الأموال و العساكر و الأثقال و القيود و الأغلال , فإن كانت لك فأنت الساعي , و قد أمنت الناعي , و إن كانت عليك فأنت الباغي لحتفك و الجادع أنفك بظلفك فإن رأيت أن لا تقيم بين الفيتين ضغنا , فلذلك من الله علينا و عليكم مننا , و إن غير ذلك فقد قال الله تعالى
" أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا "
و لما وصل إلينا كتابك أعطيناك جوابك
" مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً "
وفي كتابك تهددنا بجيوشك و أبطالك و خيلك و رجالك , أو ما تعلم أن نحن أرباب الحتوف و فضلات السيوف , ما نزلنا على حصن إلا هدمناه و لا عدم منا فارسا إلا جددناه و لا طغى علينا طاغ إلا دمرناه فلو نظرت إيها المغرور جد قلوبنا و جد حروبنا لرأيت فرسانا أسنتهم لا تمل و سيوفهم لا تكل و قلوبهم لا تذل و لغضضت على يدك بسن الندم , و لأخرك تحريك قدم عن قدم , فلا تعجبك العساكر التي بين يديك فهو يوم أوله لنا و اّخره عليك فإذا أتاك كتابي هذا فلتكن منه بالمرصاد , على أول سورة النحل و اّخر سورة ص " أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ " " وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْد حِين " هنالك تطاول نحوك الأعناق , و تشخص صوبك العيون , و يسوء بك الويل , و تسوءك الظنون "
" وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ "
ألا يا مليك الروم هل أنت سامعُ و هل أنت عما في ضميرك راجعُ
تروم بلاد القدس بالسيف عنوة و دون بلاد القدس دينك ضائعُ
لقد حفظ البيت المقدس عصبة كما حفظ الكف اليمين الأصابعُ
جمعت بني الإفرنج شرقاً و مغرباً تشتت شملاً كان قبلك جامعُ
فلا أنت ترجو بعض ما قصدته و لا من أتى مستنصراً لك راجعُ
أتطمع من ليلى بوصل و إنما تضرب أعناق الرجال المطامعُ
إبن أيبك الدواداري | كنز الدُرر وجامع الغُرر " ج 7 - الدُر المطلوب في أخبار ملوك بني أيوب ص 366 , 367 , 368 & 369 "
فلما وصلت هذه المكاتبة للسلطان الملك الصالح كان في أشد ما يكون من المرض فكتب الجواب و أنفذه و هذا نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و على اّله وصحبه أجمعين , و الحمد لله رب العالمين , و العاقبة للمتقين , و لا عدوان إلا على القوم الظالمين .
من عند الداريء عن حرم المسلمين و القاريء كتاب رب العالمين , المنزل على خير المسلمين محمد صلى الله عليه و على اّله الطاهرين , وأصحابه الأنصار و المهاجرين , صلاة دائمة إلى يوم الدين .
أما بعد فقد وصل كتابك و فهمنا لفظك و خطابك و ها أنا قد أتيتك بالخيل و الرجال و الخزائن و الأموال و العساكر و الأثقال و القيود و الأغلال , فإن كانت لك فأنت الساعي , و قد أمنت الناعي , و إن كانت عليك فأنت الباغي لحتفك و الجادع أنفك بظلفك فإن رأيت أن لا تقيم بين الفيتين ضغنا , فلذلك من الله علينا و عليكم مننا , و إن غير ذلك فقد قال الله تعالى
" أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا "
و لما وصل إلينا كتابك أعطيناك جوابك
" مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً "
وفي كتابك تهددنا بجيوشك و أبطالك و خيلك و رجالك , أو ما تعلم أن نحن أرباب الحتوف و فضلات السيوف , ما نزلنا على حصن إلا هدمناه و لا عدم منا فارسا إلا جددناه و لا طغى علينا طاغ إلا دمرناه فلو نظرت إيها المغرور جد قلوبنا و جد حروبنا لرأيت فرسانا أسنتهم لا تمل و سيوفهم لا تكل و قلوبهم لا تذل و لغضضت على يدك بسن الندم , و لأخرك تحريك قدم عن قدم , فلا تعجبك العساكر التي بين يديك فهو يوم أوله لنا و اّخره عليك فإذا أتاك كتابي هذا فلتكن منه بالمرصاد , على أول سورة النحل و اّخر سورة ص " أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ " " وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْد حِين " هنالك تطاول نحوك الأعناق , و تشخص صوبك العيون , و يسوء بك الويل , و تسوءك الظنون "
" وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ "
ألا يا مليك الروم هل أنت سامعُ و هل أنت عما في ضميرك راجعُ
تروم بلاد القدس بالسيف عنوة و دون بلاد القدس دينك ضائعُ
لقد حفظ البيت المقدس عصبة كما حفظ الكف اليمين الأصابعُ
جمعت بني الإفرنج شرقاً و مغرباً تشتت شملاً كان قبلك جامعُ
فلا أنت ترجو بعض ما قصدته و لا من أتى مستنصراً لك راجعُ
أتطمع من ليلى بوصل و إنما تضرب أعناق الرجال المطامعُ
إبن أيبك الدواداري | كنز الدُرر وجامع الغُرر " ج 7 - الدُر المطلوب في أخبار ملوك بني أيوب ص 366 , 367 , 368 & 369 "