سرقة الثورات على الطريقة الرومانية
الدكتور فيصل القاسم
هناك نموذج مشؤوم للثورات الحديثة كان يجب على كل شعوب وثورات الربيع العربي أن تتعلم منه كي لا تقع في الحفرة التي وقعت فيها الثورة الرومانية الشهيرة في عام 1989، ففي نهاية ذلك العام وبعد حكم ديكتاتوري قل مثيله في التاريخ الحديث انتفض الشعب الروماني على الطاغية سيىء الصيت نيكولاي تشاوسيسكو الذي كان صديقاً حميماً لبعض الطواغيت العرب، وتمكن الثوار خلال أيام من إسقاط واحد من أحقر وأعتى الطغاة في القرن العشرين. وانتهت بمحاكمة الطاغية خلال ساعتين فقط بإطلاق الرصاص عليه وعلى زوجته.
لقد ظن الشعب الروماني أنه بعد التخلص من الطاغية أن ثورته قد نجحت، وأن نظام تشاوسيسكو قد ولّى إلى غير رجعة. لكن الثوار كانوا ساذجين للغاية، فقد كان لهم الحرس القديم، أو ما يسمى بالدولة العميقة بالمرصاد. فبعد أن ارتدى الديكتاتور الجديد ثوب الثوار، وامتدح الثورة، وهنأ الشعب على ثورته، راح من وراء الكواليس يخطط لانفلات أمني رهيب في البلاد، حيث ﺑﺪﺃﺕ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻟﻴﻦ ﻳﻬﺎﺟﻤﻮﻥ ﺑﻴﻮﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ، ﻭأخذ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻳﺘﺼﺪﻭﻥ ﻟﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺭﻭﻣﺎﻧﻴﺎ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺣﺮﺏ، ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ في ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﻬﻠﻊ ﻭﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻷﻣﻦ. وﻣﻊ ﺍﻻﻧﻔﻼﺕ ﺍﻷﻣﻨي ﺍﻟﻤﺘﻌﻤﺪ وغياب الخدمات الأساسية، ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ في غاية الصعوبة والفوضى.
في هذه الأثناء، كان الإعلام ﺍﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ يلعب ﺩﻭﺭﺍً ﻣﺰﺩﻭﺟﺎً، ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺳﺎﻫﻢ في ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺬﻋﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﻟﻴﺔ، ﻭﻓﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺭﺍﺡ ﻳﻤﻌﻦ في ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﻮاﺭ. ﻭﺗﻮﺍﻟﺖ ﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﻟﻤﻦ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺧﻮﻧﺔ ﻭﻋﻤﻼﺀ يتلقون ﺃﻣﻮﺍﻻً ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺗﺨﺮﻳﺐ ﺍﻟﻮﻃﻦ. ومع ارتفاع حدة الهلع وعدم الاستقرار والإزمات الطاحنة، ﺗﺄﺛﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﺑﺤﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺍﻹﻋﻼﻣﻰ، ﻭﺑﺪﺃﻭﺍ ﻳﺼﺪﻗﻮﻥ ﻓﻌﻼً ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﻋﻤﻼﺀ. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺣﺲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺑﺄﻥ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ﻳﺴﻌﻰ ﻹﺟﻬﺎﺽ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻧﻈﻤﻮﺍ ﻣﻈﺎﻫﺮﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺭﻓﻌﺖ ﺷﻌﺎﺭ: ﻻ ﺗﺴﺮﻗﻮﺍ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ…..ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻭﺟﻪ ﻧﺪﺍﺀ عبر شاشات ﺍﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻥ ﺇﻟﻰ من أسماهم ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ. (ﻻﺣﻆوا ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ). ﻭﻃﺎﻟﺒﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻯ ﻟﻠﺨﻮﻧﺔ، ﻭﻗﺎﻡ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ﺳﺮﺍً ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﻢ، ﻭﺃﺷﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻠﻴﺤﻬﻢ، ﻓﺎﻋﺘﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮار، ﻭﻗﺘﻠﻮﺍ ﺃﻋﺪﺍﺩﺍً ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻨﻬﻢ.
لاحظوا أيضاً أن الطاغية الجديد أطلق على عصابته التي انقلبت على الثورة وسرقتها، اسم «جبهة الخلاص أو الإنقاذ الوطني» التي تكونت من قيادات الصف الثاني من الحزب الشيوعي الروماني المنحل. وقد عمدت الجبهة إلى إطلاق العنان لفلول النظام البائد، فبدأت بالجيش، وعقدت صفقات مع جنرالاته. ورغم إعلان الجبهة نيتها عدم خوض انتخابات 1990، وأنها غير طامعة بالسلطة أبداً وأن هدفها فقط إنقاذ رومانيا، إلا أنها أعلنت عن تأسيس حزب سياسي عند اقتراب موعد عقد الانتخابات، واستخدمت وسائل الإعلام الحكومية بكثافة – والتي كانت ما تزال تحتكر الفضاء الإعلامي في البلاد – وقامت بتعبئة الناخبين من خلال شبكات الحزب الشيوعي القديمة في الريف والحضر، فتمكنت الجبهة من حسم أغلبية مطلقة لصالحها في أول برلمان روماني بعد الاستقلال، وهو البرلمان الذي وضع دستوراً يطلق صلاحيات السلطة التنفيذية وخصوصا الرئيس. وفي 1992 عقدت أول انتخابات رئاسية خاضها إيون إليسكو رئيس جبهة الإنقاذ، وأسفرت عن فوزه بأغلبية مطلقة قاربت 85% من أصوات الرومانيين طبعاً عبر عميلة مزورة من رأسها حتى أخمص قدميها. فباتت رومانيا برلماناً ورئاسة في يد كوادر الحزب الشيوعي السابق التي تمكنت من إعادة إنتاج سلطتها بعد التخلص من تشاوتشيسكو، حسبما تذكر الموسوعة السياسية حرفياً.
لقد نجحت (جبهة الخلاص أو الإنقاذ الوطني) في إجهاض الثورة الرومانية بعد سنه ونصف فقط من قيامها، وفقدت الثورة الكثير من التعاطف الدولي لها، بينما استمر فلول تشاوتشيسكو في السلطة لعشر سنوات بعد الثورة الشهيرة.
انظروا حولكم في بلاد الثورات العربية، وقارنوا ما حدث في رومانيا بما يحدث في بعض بلاد الربيع العربي، فستجدون أن الدرس الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ أن لا أحد يتعلم من التاريخ، كما قال هكسلي ذات يوم.
وسلامتكم!
عن القدس العربي
الدكتور فيصل القاسم
هناك نموذج مشؤوم للثورات الحديثة كان يجب على كل شعوب وثورات الربيع العربي أن تتعلم منه كي لا تقع في الحفرة التي وقعت فيها الثورة الرومانية الشهيرة في عام 1989، ففي نهاية ذلك العام وبعد حكم ديكتاتوري قل مثيله في التاريخ الحديث انتفض الشعب الروماني على الطاغية سيىء الصيت نيكولاي تشاوسيسكو الذي كان صديقاً حميماً لبعض الطواغيت العرب، وتمكن الثوار خلال أيام من إسقاط واحد من أحقر وأعتى الطغاة في القرن العشرين. وانتهت بمحاكمة الطاغية خلال ساعتين فقط بإطلاق الرصاص عليه وعلى زوجته.
لقد ظن الشعب الروماني أنه بعد التخلص من الطاغية أن ثورته قد نجحت، وأن نظام تشاوسيسكو قد ولّى إلى غير رجعة. لكن الثوار كانوا ساذجين للغاية، فقد كان لهم الحرس القديم، أو ما يسمى بالدولة العميقة بالمرصاد. فبعد أن ارتدى الديكتاتور الجديد ثوب الثوار، وامتدح الثورة، وهنأ الشعب على ثورته، راح من وراء الكواليس يخطط لانفلات أمني رهيب في البلاد، حيث ﺑﺪﺃﺕ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻟﻴﻦ ﻳﻬﺎﺟﻤﻮﻥ ﺑﻴﻮﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ، ﻭأخذ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻳﺘﺼﺪﻭﻥ ﻟﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺭﻭﻣﺎﻧﻴﺎ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺣﺮﺏ، ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ في ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﻬﻠﻊ ﻭﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻷﻣﻦ. وﻣﻊ ﺍﻻﻧﻔﻼﺕ ﺍﻷﻣﻨي ﺍﻟﻤﺘﻌﻤﺪ وغياب الخدمات الأساسية، ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ في غاية الصعوبة والفوضى.
في هذه الأثناء، كان الإعلام ﺍﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ يلعب ﺩﻭﺭﺍً ﻣﺰﺩﻭﺟﺎً، ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺳﺎﻫﻢ في ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺬﻋﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﻟﻴﺔ، ﻭﻓﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺭﺍﺡ ﻳﻤﻌﻦ في ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﻮاﺭ. ﻭﺗﻮﺍﻟﺖ ﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﻟﻤﻦ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺧﻮﻧﺔ ﻭﻋﻤﻼﺀ يتلقون ﺃﻣﻮﺍﻻً ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺗﺨﺮﻳﺐ ﺍﻟﻮﻃﻦ. ومع ارتفاع حدة الهلع وعدم الاستقرار والإزمات الطاحنة، ﺗﺄﺛﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﺑﺤﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺍﻹﻋﻼﻣﻰ، ﻭﺑﺪﺃﻭﺍ ﻳﺼﺪﻗﻮﻥ ﻓﻌﻼً ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﻋﻤﻼﺀ. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺣﺲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺑﺄﻥ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ﻳﺴﻌﻰ ﻹﺟﻬﺎﺽ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻧﻈﻤﻮﺍ ﻣﻈﺎﻫﺮﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺭﻓﻌﺖ ﺷﻌﺎﺭ: ﻻ ﺗﺴﺮﻗﻮﺍ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ…..ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻭﺟﻪ ﻧﺪﺍﺀ عبر شاشات ﺍﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻥ ﺇﻟﻰ من أسماهم ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ. (ﻻﺣﻆوا ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ). ﻭﻃﺎﻟﺒﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻯ ﻟﻠﺨﻮﻧﺔ، ﻭﻗﺎﻡ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ﺳﺮﺍً ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﻢ، ﻭﺃﺷﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻠﻴﺤﻬﻢ، ﻓﺎﻋﺘﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮار، ﻭﻗﺘﻠﻮﺍ ﺃﻋﺪﺍﺩﺍً ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻨﻬﻢ.
لاحظوا أيضاً أن الطاغية الجديد أطلق على عصابته التي انقلبت على الثورة وسرقتها، اسم «جبهة الخلاص أو الإنقاذ الوطني» التي تكونت من قيادات الصف الثاني من الحزب الشيوعي الروماني المنحل. وقد عمدت الجبهة إلى إطلاق العنان لفلول النظام البائد، فبدأت بالجيش، وعقدت صفقات مع جنرالاته. ورغم إعلان الجبهة نيتها عدم خوض انتخابات 1990، وأنها غير طامعة بالسلطة أبداً وأن هدفها فقط إنقاذ رومانيا، إلا أنها أعلنت عن تأسيس حزب سياسي عند اقتراب موعد عقد الانتخابات، واستخدمت وسائل الإعلام الحكومية بكثافة – والتي كانت ما تزال تحتكر الفضاء الإعلامي في البلاد – وقامت بتعبئة الناخبين من خلال شبكات الحزب الشيوعي القديمة في الريف والحضر، فتمكنت الجبهة من حسم أغلبية مطلقة لصالحها في أول برلمان روماني بعد الاستقلال، وهو البرلمان الذي وضع دستوراً يطلق صلاحيات السلطة التنفيذية وخصوصا الرئيس. وفي 1992 عقدت أول انتخابات رئاسية خاضها إيون إليسكو رئيس جبهة الإنقاذ، وأسفرت عن فوزه بأغلبية مطلقة قاربت 85% من أصوات الرومانيين طبعاً عبر عميلة مزورة من رأسها حتى أخمص قدميها. فباتت رومانيا برلماناً ورئاسة في يد كوادر الحزب الشيوعي السابق التي تمكنت من إعادة إنتاج سلطتها بعد التخلص من تشاوتشيسكو، حسبما تذكر الموسوعة السياسية حرفياً.
لقد نجحت (جبهة الخلاص أو الإنقاذ الوطني) في إجهاض الثورة الرومانية بعد سنه ونصف فقط من قيامها، وفقدت الثورة الكثير من التعاطف الدولي لها، بينما استمر فلول تشاوتشيسكو في السلطة لعشر سنوات بعد الثورة الشهيرة.
انظروا حولكم في بلاد الثورات العربية، وقارنوا ما حدث في رومانيا بما يحدث في بعض بلاد الربيع العربي، فستجدون أن الدرس الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ أن لا أحد يتعلم من التاريخ، كما قال هكسلي ذات يوم.
وسلامتكم!
عن القدس العربي