الجاسوس الفريسة ....والصياد جاسوس / د . احمد مختار ابودهب

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,770
التفاعل
17,885 113 0
الجاسوس الفريسة ....و الصياد جاسوس
_.jpg


images.jpg


معارك واقعية من ملفات حروب الجاسوسية و المخابرات

الدكتور احمد مختار ابودهب


فى ذاك العالم الغامض ...و الغريب , عالم الجاسوسية , من المعتاد ان تكون فريسة الجاسوس, معلومة ....او شخص ساذج ...او خائن, يحتك به , يستغله , او يجنده ....ايا كانت الطريقة للحصول على المعلومة فهذا هو اساس اعمال الجاسوسية ,,,,لكن ان تكون فريسة الجاسوس هو جاسوس اخر على اعلى قدر من الاحتراف و ليس فى مجال نطاق عمله , فهذا هو الغير معتاد ...و هذا ما كان .....ما بين الجاسوس الصياد .....البطل "جاك" ...و الفريسة المعادِية ...... الجاسوس "كامل ", !!!

البداية ......القاهرة ,

مطلع الخمسينيات , حيث الثورة الوليدة , و الاعداء حولها كثر , فى الداخل و الخارج , و من شتى الاتجاهات ...و الديانات , و بين اولائك كان ذاك العدو الاخطر و الاخبث .... الصهاينة , حيث بدأت مخططاتهم لضرب ذاك الوطن , و على يد من يفترض ان يكونوا ابناءه من اليهود المصريين "المولد" , و الاسرائيليين الاتجاه و الولاء .....فكانت تلك العملية الشهيرة "فضيحة لافون " والتى عرفت بالعملية سوزانا - و تفاصيلها موجوده بهذا الفرع من الموقع و الرابط بنهاية المقال – حيث كانت اسرائيل تمارس باكورة نشاطها الخفى الدنىء , عمليات تفجيرية ارهـــــــابية فى مواقع مختلفة من العاصمة و الاسكندرية منها مكاتب استعلام امريكية و بريطانية و الهدف ....زعزعة الثقة فى الثوار و قدرتهم على حكم البلاد و الاهم ضرب علاقاتهم بتلك الدول الاجنبية ....التى هى نفسها تدعم اسرائيل , و لكن لا تمانع اسرائيل فى عض ايديهم مثل الكلب العقـــــور فى سبيل مصلحتها........ "الا يذكرنا ذلك بعمليات 11 سبتمبر ...لما لا !!!!؟"

كانت القاهرة, و فى تلك الحقبة, بداية الرجلين ....الجاسوس الفريسة "ايلياهو شاؤل كوهين " او "ايلى" كما هو معتاد اختصار اسمه فى العبرية ....و الجاسوس الصياد "رفعت على سليمان الجمـــال" .....
....كان الفريسة "ايلى كوهين" احد اعضاء تلك الخلايا الارهابية الخائنة للارض التى ولدوا بها و نشأوا عليها ,

و تم القبض عليه ضمن الطاقم الاجرامى "د. موسى مرزوق , و مارسيل نينو .و فيليب ناتاسون – سبب اكتشاف المجموعة بفشل احد عملياته , .....و غيرهم " .....و كانت تلك العمليات بداية فكرة اختيار ذاك "الجاسوس" .....المصرى البطل "رفعت الجمــــال " .او ما يعرفه الجميع باسم "رأفت الهجــان" ...الذى التقطته اعين رجال جهاز المخابرات العامة المصرية الخبيرة ,ذاك الجهاز الذى ولد عملاقا , و بدأ نشاطه على تلك الساحة الغامضة بعمليات تعد حتى الان من اخطر و اقوى عمليات المخابرات حول العالم , و على رأس اولائك الرجال , كان اللواء / عبدالمحسن فايق , او كما عرفته شاشات الدراما "بمحسن ممتاز " .....صاحب فكرة و منفذ اولى خطوات اول عملية لاختراق الكيان الاسرائيلى, .اراد ان يكون لمصر عين بين اولائك اليهود الصهاينة , ليس فى مصر فقط , و لكن هناك .....فى قلب اسرائيل , التى كان لحسابها يعمل "ايلى كوهين " و فريقه الدموى الخــائن !!!

و فى السجن ...فى احدى المرات التى تم القبض على ايلى فيها ضمن المشتبه فيهم من شباب اليهود ...يلتقى الرجلان ..... "رفعت" بصفته الجديدة – كمناضل يهودى صهيونى مجهول مطارد من عدة اجهزة امنية - و "ايلى" ....المجرم بحكم انتماءه و وجهته ....و البرىء من حيث الادلة ....و كانت هذه بداية تصويب منظار القناصة "للجمال " ....تجاه فريسته " كوهين" .....دون ان يقصد , حيث سجلت ذاكرته هذا الاسم و هذا الشكل ضمن اشكال العشرات من اليهود المعاديين للبلد التى ولدوا و نشأوا فيها ...مصر , لحساب ذاك الوطن الاستيطانى الاحتلالى ....اسرائيل !!!!


التحــــــــــول .....!

و بينما يعود "البطل " المزعوم "ايلى كوهين " الى اسرائيل هربا من مصر بعد الافراج عنه فى تلك القضية او بمعنى اصح العمليات الخسيسة لعدم اثبات تورطه المباشر فى الامر , و يستقبل كبطل مناضل , وبعد فترة من عودته , يعمل فى اعلى درجات العداء للعرب , ضمن صفوف المخابرات الاسرائيلية ...الموساد
بينما كان "رفعت" يخطو خطواته الاولى فى هذا العالم الغريب , تحت رعاية ذاك الجهاز الناشىء , جهاز المخابرات العامة المصرية , و الذى كان –ان ذاك – اقل عمرا و امكانياتا من نظيره الاسرائيلى

و من قبيل المصادفة ان يتم تحـــول الرجلين معـــا فى حقبة متقاربة , و تحت اشراف جهازين لا يستهان بهما من اجهزة المخابرات , فبينما كانت المخابرات المصرية تقوم بتلك العملية خطوة بخطوة بدقة متناهية ...و حيث تحول "رفعت " المصرى قلبا و قالبا و المسلم الديانة , عابرا بعدة اسماء الى ان صار "جاك بيتـــون" اليهودى المناضل المهاجر من مصر الى وطن اليهود المزعوم اسرائيل , كان الموساد ينسج عملية تحـــول لليهودى المصري –المولد فقط - ايلى كوهين .....ليصير "كامل امين ثابت " ...العربى ...السورى الجنسية , و المسلم الديانة .
و ايا كانت تفاصيل العملية الحقيقة - حيث توقع انك من المستحيل ان تعلم تفاصيل عملية مخابراتية الا بعد قــرون و ليس عقـــود !!- فقد اختفى "ايلى" من اسرائيل تحت حجة مـــــا , و فى احد مواقع الموساد السرية فى دول امريكا الجنوبية , و ربما البرازيل او الارجنتيت كما هو معلن ...كانت ولادة المواطن السورى "كامل امين ثابت" ...ديانة , و لهجة و اسلوبا ......و اتقن كلا من الرجلين دورهمـــأ ....و كانا مثالين للجاسوس المحترف كما ينبغى ان يكـــــون !
و كانت من المصادفات , او ربما اسباب الاختيار المتقن اصلا , ان كلا من العميلين كانت ملامحه العامه تتناسب مع وجهته و مهمته , فرفعت له ملامح دقيقة ثاقبة تشبه بعض شباب اليهود الشرقيين , بينما "ايلى" و خاصة بعد اضافة الشارب لوجهه اصبح ذاك الوجه مثال للقالب التقليدى لمن عندما تراه تقول انه سورى او عراقى !!

ما بين العودة .....و الاختراق

من بين مجريات عمليتى الاختراق المتقنة .....و بين الاختراق الصعب و الشاق لـ "جــاك" للمجتمع الاسرائيلى , و الاختراق الاسهل نسبيا "لـكامل" للمجتمع السورى - نظرا لطبيعة صاحب الارض الطيبة بالفطرة و التى تختلف عن طبيعة الصوص من حيث الحذر و الشك فى كل من حوله - بين تلك الخطوات ....و السنوات , كانت هناك عودات غير كثيرة لكلا الرجلين لوطنه , بينما كان ارتباط "رفعت" الاسرى فى وطنه مصر متمثلا باسرته فقط المتمثلة فى اخوته فكان ظهوره فى مصر معدودا, خفيا و خاطفا و بترتيبات معقدة و متنقة , كان ارتباط "ايلى" الأســرى باسرائيل عمليا و واقعيا اقوى ....لارتباطه بزوجته -العراقية المولد - , و بناته .....و هذا ما جعل ايلى او "كامل" لم يمحى او يختفى تماما من اسرائيل , ربما كانت غطرسة الاسرائيلين و عدم توقعهم ان العرب او المصريين خاصة قد اخترقوا قلب كيانهم ....و من هنا كان الاكتشاف للسر ...سر الجاسوس ...الفريسة !!!

و حيث اختــــرق كلا من الرجلين مجتمعه المحيط به , و بينما كان " جــاك " رجل الاقتصاد و الاستثمار و السياحة الشهير فى اسرائيل ذو العلاقات العميقة بكافة طبقات المجتمع الاسرائيلى , كان "كامـــــل" السياسى ذو الخطوات المتقدمة فى عالم السياسة و الحزبية السورية -و نظرا لطبيعة مجتمعنا العربى التى تشفق على اى غريب او زائر فى مكان جديد حتى و لو كان من ابناء الوطن , كان تقدم كمال و رسوخ جذوره اسهل و اسرع من "جاك" الذى عانى الامرين من شك اللصوص سارقى الارض , و ابدت عملية "كامـــل " نجاحا باهرا , حيث تقدمت خطواته الى ان اصبح احد الاعضاء البارزين و الموثوق فيهم فى حزب البعث السورى ينتظره مستقبل سياسى باهر و مناصب رفيعة فصار نجما فى نظر السوريين , وبالطبع نجما فى نظر الاسرائيلين ايضا , و ربما كانت تلك النجومية اللامعة هى سر النهاية

الصيـــــاد ....والفريسة

صــــورتان كانتا السبيل المتلاقى للنهاية , صورة فى احد البيوت الاسرائيلية , كانت صاحبته تقييم حفلا صغيرا و كان احد ضيوفه الصديق الصدوق "جاك بيتون " ....لفتت نظرة الصورة ...انه هو ....كان معى فى السجن ....ضمن شباب اليهود المتطرفين فى مصر منذ عدة سنوات ...و لكنه هــو ....ايلى !!!
- من هـــــذا ؟
سأل "جاك" فى بساطة لا تنم عن اهتمامه العميق بصاحب الصورة , و كانت اجابة صاحبة الحفل الحاسمة ,
انه زوج اختى - ايلى كوهين !!و لم يعقب "جاك " او يبدى ادنى اهتمام , بينما ارتفعت مؤشرات حاسة الخطر لديه لاقصى درجة و طرقت ابواب ذاكرته بعنف بما لا يدع مجالا للشك .....اذا كان هذا ايلى ...المصرى سابقا ....و المختفى من اسرائيل حاليا ...فمن يكون ...و اين يكون..؟ .و هكذا انتقلت المعلومة لجهاز المخابرات العامة المصرية عن طريق رجلهم الاول فى اسرائيل "رفعت الجمال" او "جــاك بيتـــون" !!!
وفى حقيقة الامر , لقد خان لســـان تلك السيدة زوج اختها دون ان يقصد مطلقا , و كان اولى عروات حبل المشنقة الذى ربما يتراقص فوق رأس "ايلى" او "كامل" ....بعد قليل !!
و كانت "الصــورة " القاضية ...فى جريدة سورية رسمية , لنجم حزب البعث الســورى , و نجم الموساد -كما كان ملقبا فى اسرائيل - السيد / كامل امين ثابت , العضو البارز فى الحزب الحاكم و الرجل المقرب لكافة رجال الحكم فى سوريا فى زيارة ميدانية بين قادة الجيش السورى , و وصلت الصورة ايضا الى المخابرات المصرية ....ربما عن طريق "رفعت" ايضا أو غيــره , او بمتابعة مباشرة لرجال المخابرات المصرية لجميع جرائد العالم .....لكن المهم انها وصلت , و تكونت الصورة كاملة , كامــل امين ثابت فى عنوانها , "و ايلى كوهين" فى الجانب الخفى منها و بتوقيع من .."رفعت" ...عميل المخابرات المصرى المحترف ...


و وقعت الفريسة , و على يد وفد مخابراتى مصرى رفيع المستوى , كان ملف ضخما لليهودى المصرى سابقا "ايلى كوهين " على مكتب الرئيس السورى شخصيا , و عليه صورة لا تخطئها عين سياسى سورى ....صورة للرجل الثقة "كامل امين ثابت "

و بينما كان "كمال" مطمئنا يبث احد رسائله التجسسيه اللاسلكية الى الموساد بعد 4 سنوات من العمل التجسسى الاحترافى , و بعد فيض من المعلومات الاستراتيجية الحساسة طوال تلك السنوات , و خلال رسالته الاخيرة , تم رصده من قبل اجهزة الامن السورية , و القبض عليه , و محاكمته , و اعــــــــــدامه شنقا و علنا فى احد ساحات دمشق فى 19 مايو 1965 , و بينما كانت كاميرات الاعلام تصور جسد اخطر جاسوس اسرائيلى يتأرجح على المشنقة و رسالة طويلة معلقة على جسده بها منطوق الحكم و تفاصيل جريمته و بينما , اضيف لسجل المخابرات المصرية – الذى لم يمر على انشاءه عقــد من الزمــان - ضربة اخرى قوية على وجه جهاز الموساد الاسرائيلى , ربما كان "جــــاك" يبدى دموع الاسى - المصطنعة باتقان - على "ايلى" المسكين .....فريسته , الذى كان سبب اصطياده هو "جــاك " او "رفعت" .....الجاسوس الصيــــــاد !!!

*** ملحوظة : لا تزال اسرة الجاسوس الاسرائيلى :ايلى كوهين " تطالب سوريا برفاته , تبعا لبعض المعتقدات الدينية لديهم !!

المصادر :

- مقالات د. نبيل فاروق

-حورارت تليفزيونية تسجيلية مع نائب مدير الموساد الاسبق , و اسرة الجاسوس "ايلى كوهين"

-" العملية سوزانا لتخريب بعض المنشأت الامريكية فى مصر"

عن موقع المجموعة 73 مؤرخين

 
عودة
أعلى