إسرائيل تدرس التدخل العسكري في إيران؟
لقد أعربت إسرائيل عن قلقها حول كَون الصفقة النووية الإيرانية "عائمة" في فيينا، ما قد يحوّل إيران، بعد عشر سنوات، إلى قوة نووية في المستقبل.
وحسب تقرير صحيفة "جيروزليم بوست" الإسرائيلية، فإن التدخل العسكري في إيران ليس مستبعداً.
هذه الصفقة المبدئية هي من أجل إيران لكي تمتثل لتحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتخضع لعمليات تفتيش المواقع النووية وذلك لمدة عشرة أعوام. وهذا يشمل كل شيء بلا استثناء، من شراء المواد الخام إلى نقل الوقود النووي لمحطات الكهرباء. ومع ذلك، تخشى إسرائيل أن إيران قد تتمكن –وبشكل سرّي- من تطوير برنامج للأسلحة النووية، وخاصة إذا كان لديهم منشآت نووية سرية وغير معلن عنها والتي لا تخضع لهذه الصفقة. حتى وإن لم تكن كذلك، وفقاً للمنطق لديهم، فإن بعد انتهاء الاتفاق، بعد عشرة أعوام، إيران ستكون حرّة في أن تفعل ما تريد، وبإمكانها أن تستخدم بنيتها التحتية والمعتمدة دولياً "وتنفجر" وتعمل على تطوير السلاح النووي.
الفصل العنصري النووي
إن مخاوف إسرائيل تتمحور أساساً حول حقيقة أنه سيكون لدى إيران الضمان الدولي، بحيث يعطي لها نفس حقوق الطاقة النووية والبنية التحتية المرتبطة بها تماماً كما الدول الأخرى الموقعة على معاهدة "الحد من انتشار الأسلحة النووية". وعند نقد منطق إسرائيل، ففي حال "انفجرت" إيران، فإن إسرائيل ليست وحدها في خطر، وإنما كل دولة تملك محطة نووية، والتي تشمل أرمينيا وسويسرا وفنلندا. والحل، كما يُستدل من موقف إسرائيل، يتمثل في دخول إيران في نوع من "الفصل العنصري النووي"، والذي لم يحدث في تاريخ المعاهدة من قبل، بحيث لا يكون لديها بنية تحتية نووية خاصة بها.
ومن الجدير بالذكر، إن إيران، أو أية دولة أخرى في وضع مشابه، لن تقبل أبداً بمثل هذا "التمييز العنصري" المتبع ضدها.
النوايا، النوايا!
لو أن الحجة الإسرائيلية بنفس أهمية نوايا إيران، فإن اليابان، في الواقع، تُشكّل خطراً أكبر من إيران. إذ أن اليابان تملك تسعة أطنان من البلوتونيوم ضمن برنامجها النووي الخاص بها، ووفق توقعات المحللين، فهذا يكفي لعمل 5000 (قطعة) من السلاح النووي، وأنه قد يستغرق أقل من ستة أشهر لعمل أول قنبلة نووية لها.
وهذا في الواقع ليس بعيد المنال كما يبدو. ذلك أن اليابان، حليف الولايات المتحدة الأمريكية وذات القوة الاقتصادية، مدعاة لاستفزاز الصين على مدى السنوات القليلة الماضية بسبب مزاعم حول الجزيرة المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي. على الرغم من أنها دولة مسالمة وفق دستورها الموثق ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن إدارة رئيس الوزراء الحالي شينزو آبي قامت مؤخراً بإعادة تفسيره، بحيث تمنح الوثيقة اليابان دوراً عسكرياً دولياً أكبر من قبل. ومما يثير المخاوف في شرق آسيا أن اليابان سوف تحاول إعادة العسكرة بشكل رسمي، وهو قرار خطير بالفعل. إذ أنه قد يكون الشرارة التي سوف يندلع منها سباق الأسلحة النووية في المنطقة.
ولكن دعونا نتمعن في نوايا إيران مرة أخرى. منذ عام 2007، كانت وكالات الاستخبارات الأمريكية تقول أنه يتوجب على إيران التخلّي عن برنامجها النووي، وهو يدل على أنه ليس لطهران أدنى نية في متابعة هذا المسار. ولا يوجد سبباً يجعل العالم يشك في قولهم. فعلى صعيد الأعوام الماضية كانوا يقولون ذلك مرارًا وتكرارًا، وهتف بعض السياسيين الأمريكيين والإسرائيليين باتهامات نووية لا أساس لها، وذلك من أجل تسجيل نقاط سياسية واكتساب حشد لتأييد الحرب.
حتى وإن تغير رأي القادة في إيران، فإن تسلل وكالات الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية في عمق برنامجها النووي سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى تسريب الخبر وانتشاره سريعاً. إضافة إلى ذلك، فإن عمليات التفتيش الدولية في إيران سوف تسمح بكشف الستار عن نوايا إيران "الشريرة" –إن وُجدت- للحد من تهديد أو خطر محدق.
شرطي جيد، شرطي سيء
إذاً إسرائيل تناقش مسبقاً إمكانية خوض حرب ضد إيران، وقبل حدوث أية استفزازات من جهة إيران، في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول "سحر" قيادتها على طاولة المفاوضات. وإن دلّ هذا على شيء، فهو يدل على أن الشراكة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في أفضل حالاتها، حيث يلعب الطرفان: أحدهم شرطي جيد والآخر سيء للتضييق على إيران.
ويطمح الشريكان إلى خنوع السياسة الإيرانية مهما كلّف الأمر. إذا لم يكن بالقوة والسلاح حتى تمتثل لرؤيتهم (المنهاج الإسرائيلي)، فعن طريق الخداع وتفويضها من خلال "لعبة طويلة" التي سوف تخوضها إيران بعد رفع العقوبات عنها (المنهاج الأمريكي). في الحقيقة، فإن المسارين متكاملان، لأنه في حال فشل خطة الولايات المتحدة (عن قصد أو عن طريق الصدفة)، فهناك الإسرائيلية، والتي ينتظر صاحبها لتنفيذها وبفارغ الصبر.
وهكذا، بغض النظر عن الطريق التي ستسلكه إيران، فإنها سوف تجد نفسها "بين المطرقة والسندان"، كما وُجب عليها اتخاذ كافة الحيطة والحذر لئلا تقع في الفخ.
http://arabic.ruvr.ru/2014_11_25/280469728/
لقد أعربت إسرائيل عن قلقها حول كَون الصفقة النووية الإيرانية "عائمة" في فيينا، ما قد يحوّل إيران، بعد عشر سنوات، إلى قوة نووية في المستقبل.
وحسب تقرير صحيفة "جيروزليم بوست" الإسرائيلية، فإن التدخل العسكري في إيران ليس مستبعداً.
هذه الصفقة المبدئية هي من أجل إيران لكي تمتثل لتحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتخضع لعمليات تفتيش المواقع النووية وذلك لمدة عشرة أعوام. وهذا يشمل كل شيء بلا استثناء، من شراء المواد الخام إلى نقل الوقود النووي لمحطات الكهرباء. ومع ذلك، تخشى إسرائيل أن إيران قد تتمكن –وبشكل سرّي- من تطوير برنامج للأسلحة النووية، وخاصة إذا كان لديهم منشآت نووية سرية وغير معلن عنها والتي لا تخضع لهذه الصفقة. حتى وإن لم تكن كذلك، وفقاً للمنطق لديهم، فإن بعد انتهاء الاتفاق، بعد عشرة أعوام، إيران ستكون حرّة في أن تفعل ما تريد، وبإمكانها أن تستخدم بنيتها التحتية والمعتمدة دولياً "وتنفجر" وتعمل على تطوير السلاح النووي.
الفصل العنصري النووي
إن مخاوف إسرائيل تتمحور أساساً حول حقيقة أنه سيكون لدى إيران الضمان الدولي، بحيث يعطي لها نفس حقوق الطاقة النووية والبنية التحتية المرتبطة بها تماماً كما الدول الأخرى الموقعة على معاهدة "الحد من انتشار الأسلحة النووية". وعند نقد منطق إسرائيل، ففي حال "انفجرت" إيران، فإن إسرائيل ليست وحدها في خطر، وإنما كل دولة تملك محطة نووية، والتي تشمل أرمينيا وسويسرا وفنلندا. والحل، كما يُستدل من موقف إسرائيل، يتمثل في دخول إيران في نوع من "الفصل العنصري النووي"، والذي لم يحدث في تاريخ المعاهدة من قبل، بحيث لا يكون لديها بنية تحتية نووية خاصة بها.
ومن الجدير بالذكر، إن إيران، أو أية دولة أخرى في وضع مشابه، لن تقبل أبداً بمثل هذا "التمييز العنصري" المتبع ضدها.
النوايا، النوايا!
لو أن الحجة الإسرائيلية بنفس أهمية نوايا إيران، فإن اليابان، في الواقع، تُشكّل خطراً أكبر من إيران. إذ أن اليابان تملك تسعة أطنان من البلوتونيوم ضمن برنامجها النووي الخاص بها، ووفق توقعات المحللين، فهذا يكفي لعمل 5000 (قطعة) من السلاح النووي، وأنه قد يستغرق أقل من ستة أشهر لعمل أول قنبلة نووية لها.
وهذا في الواقع ليس بعيد المنال كما يبدو. ذلك أن اليابان، حليف الولايات المتحدة الأمريكية وذات القوة الاقتصادية، مدعاة لاستفزاز الصين على مدى السنوات القليلة الماضية بسبب مزاعم حول الجزيرة المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي. على الرغم من أنها دولة مسالمة وفق دستورها الموثق ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن إدارة رئيس الوزراء الحالي شينزو آبي قامت مؤخراً بإعادة تفسيره، بحيث تمنح الوثيقة اليابان دوراً عسكرياً دولياً أكبر من قبل. ومما يثير المخاوف في شرق آسيا أن اليابان سوف تحاول إعادة العسكرة بشكل رسمي، وهو قرار خطير بالفعل. إذ أنه قد يكون الشرارة التي سوف يندلع منها سباق الأسلحة النووية في المنطقة.
ولكن دعونا نتمعن في نوايا إيران مرة أخرى. منذ عام 2007، كانت وكالات الاستخبارات الأمريكية تقول أنه يتوجب على إيران التخلّي عن برنامجها النووي، وهو يدل على أنه ليس لطهران أدنى نية في متابعة هذا المسار. ولا يوجد سبباً يجعل العالم يشك في قولهم. فعلى صعيد الأعوام الماضية كانوا يقولون ذلك مرارًا وتكرارًا، وهتف بعض السياسيين الأمريكيين والإسرائيليين باتهامات نووية لا أساس لها، وذلك من أجل تسجيل نقاط سياسية واكتساب حشد لتأييد الحرب.
حتى وإن تغير رأي القادة في إيران، فإن تسلل وكالات الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية في عمق برنامجها النووي سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى تسريب الخبر وانتشاره سريعاً. إضافة إلى ذلك، فإن عمليات التفتيش الدولية في إيران سوف تسمح بكشف الستار عن نوايا إيران "الشريرة" –إن وُجدت- للحد من تهديد أو خطر محدق.
شرطي جيد، شرطي سيء
إذاً إسرائيل تناقش مسبقاً إمكانية خوض حرب ضد إيران، وقبل حدوث أية استفزازات من جهة إيران، في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول "سحر" قيادتها على طاولة المفاوضات. وإن دلّ هذا على شيء، فهو يدل على أن الشراكة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في أفضل حالاتها، حيث يلعب الطرفان: أحدهم شرطي جيد والآخر سيء للتضييق على إيران.
ويطمح الشريكان إلى خنوع السياسة الإيرانية مهما كلّف الأمر. إذا لم يكن بالقوة والسلاح حتى تمتثل لرؤيتهم (المنهاج الإسرائيلي)، فعن طريق الخداع وتفويضها من خلال "لعبة طويلة" التي سوف تخوضها إيران بعد رفع العقوبات عنها (المنهاج الأمريكي). في الحقيقة، فإن المسارين متكاملان، لأنه في حال فشل خطة الولايات المتحدة (عن قصد أو عن طريق الصدفة)، فهناك الإسرائيلية، والتي ينتظر صاحبها لتنفيذها وبفارغ الصبر.
وهكذا، بغض النظر عن الطريق التي ستسلكه إيران، فإنها سوف تجد نفسها "بين المطرقة والسندان"، كما وُجب عليها اتخاذ كافة الحيطة والحذر لئلا تقع في الفخ.