إنجاز عالمى بمشاركة 4 علماء مصريين
أول مركبة فضائية تهبط على سطح مذنب عملاق
فى إنجاز علمى فريد، استطاعت المركبة الفضائية «روزيتا» أو «رشيد» عمل هبوط تاريخى للمركبة «فيله» على سطح أحد المذنبات الضخمة فائقة السرعة بمشاركة أربعة باحثين مصريين، وهى المهمة التى سيمكن من خلالها معرفة كيف نشأت الحياة على الأرض، والعناصر الأولية التى تكون منها كوكب الأرض.
د.علاء إبراهيم أستاذ الفيزياء الفلكية بالجامعة الأمريكية يوضح أنه تم إطلاق «روزيتا» منذ عشرة أعوام وبالتحديد فى شهر مارس 2004 بهدف تعقب المذنب«67 بي/ تشوريوموف - جيراسيمينكو» المعروف بمذنب «تشو»، نسبة إلى العالمين الروسيين اللذين اكتشفاه عام 1969 ، ويبلغ عرض المذنب حوالى أربعة كيلومترات وطوله عشرة كيلومترات، ووزنه حوالى 10 مليار طن من الغبار والمياه المتجمدة، أى أنه أكبر عشر مرات من حاملة ضخمة للطائرات ، ويدور المذنب حول الشمس دورة كاملة كل ستة أعوام ونصف العام. وهذا المذنب مليء بالغبار والأحجار، ويتخذ شكل «بطة» مع فصين ، وتبعث منه رائحة كريهة تشبه رائحة البيض الفاسد وروث الحصان.
هذا الحدث الذى احتفل به العالم به دلائل مرتبطة بمصر ، بوجود أربعة علماء مصريين ، وهم الدكتور عصام معروف ( 56 عاما) أستاذ الهندسة الكهربية بجامعة سان خوزيه بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة وعضو فريق كاسينى وهو برنامج بحثى دولى ناتج عن تعاون وكالات الفضاء الأوروبية والأمريكية والعديد من المراكز البحثية المتخصصة يشارك فيه أكثر من 260 عالما من 17 دولة لدراسة كوكب زحل والحلقات المحيطة به. كما يشارك أيضا بالمشروع الدكتور عصام حجى ( 39 عاما) عالم الفضاء وعضو المجموعة البحثية بمختبر الدفع النفاث التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا وهو باحث مشارك بقسم الجيولوجيا فى معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. والدكتور رامى المعرى (35 عاما) عالم الفضاء والباحث بجامعة برن بسويسرا و الدكتور أحمد الشافعى (28عاما).
هذه المهمة، التى شارك بها علماء مصريون، تحمل رسالة مهمة بأننا نمتلك كفاءات قادرة على تحقيق إنجازات كبرى ولاينقصنا سوى الإرادة والتوجه خاصة لدى القيادة السياسية لتفعيل التعاون المشترك فى مثل هذه البرامج مع مختلف الهيئات الدولية مثل وكالة «ناسا» الأمريكية و»أيسا» الأوروبية و»سيرن» المنظمة الأوروبية للتجارب النووية .
كما أن اتخاذ أسماء لها علاقة بالحضارة المصرية القديمة فى المهمة «روزيتا « مثل حجر رشيد يأتى إشارة إلى أهمية حجر رشيد فى الكشف عن الحضارة المصرية القديمة وقراءة اللغة الهيروغليفية وتيمنا به حتى يكون للمهمة نفس الدور فى الكشف عن الكثير مما لانعرفه عن علوم الفضاء ونشأة الكون، وكذلك اسم المركبة «فيله» تيمنا باسم معبد فيله، وهى أسماء تشير إلى الحضارة المصرية القديمة. وبالاتصال بالدكتور عصام حجى للحديث عن المهمة «رشيد» أوضح أنهم حاليا غير مصرح لهم بالحديث لوسائل الإعلام لعدة أيام لحين إتمام شحن بطاريات المسبار الذى هبط على سطح المذنب العملاق.
وتعود أهمية المذنبات بصفة عامة إلى أنها تحتوى على المادة الأولية التى تكونت منها المجموعة الشمسية بما فيها كوكبنا « الأرض» ، فمنذ ما يقرب من 4.5 مليار عام تكونت سحابة شمسية عظمى نتج عنها ثلاثة أجزاء ، جزء غازى تكونت منه الشمس وجزء آخر صخرى تكونت منه الكواكب والأقمار «المجموعة الشمسية» ، أما الجزء الأخير المتبقى فنشأت عنه المذنبات والشهب والنيازك . وفى حين طرأت تغييرات كثيرة على الكواكب ظلت المذنبات على نفس الحالة التى كانت عليها منذ 4.5 مليار عام . ومن هنا اكتسبت المهمة روزيتا أهمية عالمية لقدرتها على إنزال مركبة صغيرة على هذا المذنب، والتى سنستطيع من خلالها معرفة كيف نشأت الحياة على الأرض، وما هى العناصر الأولية التى تكون منها كوكب الأرض ونتحقق من كمية المياة التى كانت موجودة على الأرض عند نشأتها، لان المعلومات المتوفرة لدينا أن كوكب الأرض كان مغطى بالبراكين ذات الحرارة العالية ولم يكن هناك مياه ولكن بواسطة التصادم بين الأرض والمذنبات تولدت المياة والعناصر التى تحتاجها كل أشكال الحياة على الأرض .
والفائدة الأخرى التى سنحققها من هذا الإنجاز هى حماية كوكب الأرض من خطر المذنبات التى تقترب من الأرض ويمكن أن تتسبب فى أضرار ، فنحن نطلق على المذنبات « رسل الحياة والموت « ، لانها فى البداية قامت بإكساب الأرض عوامل الحياة من مياه وعناصر هامة ، ولكنها اليوم وبعد أن تشبعت الأرض وقامت عليها حياة كاملة أصبح هذا التصادم معها يشكل خطرا ونذيرا بالموت، وقد حدث بالفعل فى فبراير 2013 أن سقط نيزك حجمه 20 مترا فوق روسيا وتسبب انفجاره فى أضرار بالغة. ولهذا فقد كان أحد مهام المركبة « روزيتا « بخلاف تتبع المذنب «تشو»، أن تقوم بتغيير مساره بعيدا عن الأرض سواء من خلال إنزال جهاز آلى «روبوت» يقوم بتحريك المذنب أو عن طريق اعتراض المذنب بجسيم صغير يغير مساره .
ويشير الدكتور علاء ابراهيم إلى أنه من الصعب تتبع أى مذنب بسبب سرعته العالية، فالمذنب «تشو» بلغت سرعته 135 ألف كيلو متر فى الساعة، وهذه السرعة اكتسبها من دورانه حول الأرض والمريخ دورتين قبل أن تستطيع المركبة الفضائية اللحاق به وإنزال المركبة «فيله» على مساحة كيلو متر واحد وهى المساحة المتاحة للاستقرار على هذا المذنب ، حيث يحتوى المذنب على جبال وتعاريج تجعل من الصعب الاستقرار على متنه.
ويؤكد أن المركبة التى رست على سطح المذنب عبارة عن معمل آلى سيقوم بأخذ عينة من التربة وسيقوم بالحفر والقياسات للتأكد من وجود مجال مغناطيسى على المذنب وقياس ودرجة الحرارة وإرسال صور عن الحياة على المذنب وقد تستغرق مدة بقاء المركبة على المذنب من عامين لثلاثة أعوام .