تصادف اليوم الذكرى ٤٨ لمعركة السموع, ومن أدق وأشمل ما كتب عن هذه المعركة، ما ورد في موسوعة “سجل شرف الشهداء الخالدين”، الصادرة عن القوات المسلحة الأردنية, والتي اعدها الدكتور بكر خازر المجالي، بتوثيق جميع معارك البطولة، التي خاضها الجيش العربي منذ العام ١٩٣٧.
وفي فلسطين قام المجالي بزيارة جميع مواقع الشرف والبطولة لجيشنا العربي الأردني، وتتبع خطى الشهداء الأبطال في القدس, نابلس, بيت عورا غرب رام الله, وادي التفاح, طوباس, اليامون, برقين, الكفير, سلفيت-الزاوية, قلقيلية, عاناتا, جبل المكبر, تل الشيخ الجراحا -الذخيرة, النبي صموئيل, بيت لقيا والخان الأحمر.
وعن معركة السموع، يسرد الكاتب ذكريات شاهد عيان، هو الحاج خليل أحمد الرواشده، الذي خدم في الحرس الوطني العام ١٩٥٤، والذي ما يزال يتذكر مكان استشهاد الرائد محمد ضيف الله الهباهبة، الذي جاء بسريته لنجدة السموع، واستشهد وهو يقاتل بالسلاح الأبيض, كما يتذكر مكان استشهاد الجندي عطاالله علي العودات الذي قتل قائد الحملة المعادية، واستشهد وهو يقاوم العدو، برشاشه وهو يزغرد.
ويتذكر الحاج الرواشدة بطولات قائد السرية محمد العملة الذي ناور في القتال وألحق خسائر في العدو ولم يتمكنوا منه. كما يتذكر المعركة الجوية واستشهاد الطيار موفق السلطي.
موجز عن معركة السموع
الى الجنوب الغربي من الخليل، تقع بلدة السموع التي شهدت معركة، عرفت باسمها بتاريخ ١٣/١١/١٩٦٦، حيث تذرعت اسرائيل بحجة وجود قاعدة للعمل الفدائي في البلدة, وأنها قامت بعمليات عسكرية في العمق الاسرائيلي، ما دفعها لمهاجمة هذه البلدة, ولكن بعض الخبراء يرون أن هذه العملية كانت لاستدراج الجيش العربي الأردني للحرب، واختبار مدى فاعلية القيادة العسكرية العربية الموحدة.
اختلفت الآراء حول الأسباب الفعلية للمعركة, والتي تعتبر الأكبر بعد العدوان الثلاثي على مصر العام ١٩٥٦, لكن المحللين أجمعوا على أنها كانت تمهيداً لحرب ٦٧.
أسباب الهجوم على قرية السموع، لم تكن مبررة على الاطلاق, ولا يعني أن لغما قد انفجر في باص في الأرض المحتلة جنوب السموع يعني تنظيم حملة عسكرية كبيرة، بحجة وجود قاعدة فدائية في البلدة، وشن هجوم شامل عليها. لكن الحقيقة ان المعركة جاءت لتحقيق هدفين اسرائيليين، في اطار خطته لهجوم شامل مستقبلا، يستهدف كامل الجبهة الأردنية:
الأول: اجراء اختبار وتمرين بالذخيرة الحية وبالصدام المباشر لاختبار قدرات الجيش الاسرائيلي، في تنفيذه لعملية عسكرية شاملة في مناطق مبنية.
الثاني: معرفة قدرات الجيش الأردني في الاشتباك ورد الفعل ومدى جاهزية الرد السريع، اضافة لامكانيات سلاح الجو والدفاع الجوي لديه.
في صباح الأحد ١٣/١١/١٩٦٦ حشد اللواء المدرع الاسرائيلي السابع، قواته على الحدود الأردنية, واجتاز الاسرائيليون خطوط الهدنة برتلين من الدبابات و٤٠٠ مقاتل محمولين في عربات نصف مجنزرة, تساندها عدة أسراب من الطائرات المقاتلة. تحرك أحد الأرتال باتجاه بلدة السموع والآخر باتجاه بلدة يطا، التي تبعد كيلومترات عن السموع بهدف التضليل.
في موازاة ذلك، تحركت قوتان من الجيش الأردني باتجاه السموع, عبر طريقين مختلفين, الأولى؛ عن طريق بلدة الظاهرية, وهي تبعد مسافة قصيرة عن السموع, والثانية عن طريق يطا, تحت قصف الطيران الاسرائيلي, واصطدمت القوة الأردنية بالقوات الغازية في قتال شرس.
تمكنت القوات الاسرائيلية من وصول مرتفعات السموع, لحظة وصول القوات الأردنية، التي كان يشارك معها في القتال سرب طائرات, وقد تصدت الطائرات المقاتلة الأردنية لها في معركة جوية فوق سماء السموع.
استشهد في هذه المعركة ١٣ جنديا, اضافة الى الرائد محمد ضيف الله الهباهبة، والملازم الطيار موفق بدر السلطي, وجرح في المعركة قائد لواء حطين العقيد بهجت المحيسن، الى جانب ٢٢ عسكريا, وتراجعت القوات الاسرائيلية بعد مقتل قائد لواء المظليين الاسرائيلي العقيد يواف شاهام.
وقال الراحل الملك الحسين بن طلال، في كتابه حربنا مع اسرائيل: “ان أهم ما أسفرت عنه أحداث تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٦٦, كان افلاس الوحدة العربية, وهو افلاس أحسسنا به في الداخل والخارج. في الداخل أصبحت القضية الفلسطينية مستعصية الحل بعد حادث السموع, وفي الخارج أخذ الرأي العام يبتعد عنا”.
وحين زار الملك الراحل طيب الله ثراه موقع المعركة قال “لقد بدأت معركة احتلال القدس”.
شهداء معركة السموع
الرائد محمد ضيف الله الهباهبة، ملازم أول طيار موفق بدر السلطي، الجندي حمدان عبدالرحمن كرم الخليفات، الجندي سالم عليان سليمان العموش، الجندي راجي مقبول سالم الشموط، الجندي أحمد سعيد موسى العثامين، الجندي عبدالقادر عبدالجواد عودة الحروب، الجندي مفلح محمد سليمان الحناتلة، الجندي ابراهيم حسن يوسف مصلح، الجندي يونس حسين مسلم العريقات، الجندي عبدالقادر شاكر محمد صدقة، الجندي عطاالله علي متروك العوران، الجندي أحمد عبدالكريم محمد السويطي، الجندي عبدالرحيم عبدالله مسلم محفوظ والجندي محمد أحمد حمد دار عودة.
رحم الله شهداء السموع من القرية الوادعة، ومن أبطال الجيش العربي الأردني.