الفرع الثاني مَيتة السَّمك
مَيتةُ السَّمك طاهرةٌ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب:
قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ[المائدة: 96].
وجه الدَّلالة:
أنَّ طعام البَحر المذكور في الآية هو ما مات فيه، ومِن ذلك السَّمك، وإباحةُ الله تعالى أكْلَه، دليلٌ على طهارته
.
ثانيًا: من السُّنَّة:
عن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قال: ((سأل رجلٌ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ الله، إنَّا نرَكَب البحرَ، ونحمِل معنا القليلَ من الماء؛ فإنْ توضَّأْنا به عطِشنا، أفنتوضَّأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيتتُه))
.
وجه الدَّلالة:
أنَّ قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الحِلُّ مَيتتُه)) يشمل جميعَ ميتات البحر
، سواء كان سمكًا أو غيره، وما كان حلالَ الأكْل، فهو طاهر.
ثالثًا: الإجماع
:
نقل الإجماعَ على حلِّ ميتة السَّمك: ابن عبدالبر
، والنوويُّ
، وابن تيميَّة
، وابن حجر
، والشربيني
والشوكاني
.
الفرع الثَّالث: ميتة البحر
ميتة البَحر طاهرةٌ، سواء كان الموت بسبب آدميٍّ، أو طفا على الماء، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، من المالكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحنابلة
، والظاهريَّة
.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب:
قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ[المائدة: 96].
وجه الدَّلالة:
أنَّ طعام البحر المذكور في الآية هو ما مات فيه، وإباحةُ الله تعالى أكلَه، دليلٌ على طهارته
.
ثانيًا: من السُّنَّة:
1- عن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قال: ((سأل رجلٌ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ الله، إنَّا نرَكَب البحرَ، ونحمِل معنا القليلَ من الماء؛ فإنْ توضَّأْنا به عطِشنا، أفنتوضَّأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيتتُه))
.
وجه الدَّلالة:
أنَّ قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الحِلُّ ميتتُه)) يشمل جميعَ ميتات البحر
، سواء كان سمكًا أو غيره، وما كان حلالَ الأكْل، فهو طاهر.
2- عن جابر رضي الله عنه قال: ((غزَوْنا جيش الخَبَط وأُمِّر أبو عُبَيدة، فجُعْنا جوعًا شديدًا، فألْقى البحرُ حوتًا ميتًا، لم نَرَ مثله، يقال له: العنبر، فأكَلْنا منه نصف شهر، فأخَذ أبو عبيدة عَظمًا من عِظامه، فمرَّ الرَّاكب تحتَه. فأخبرني أبو الزُّبَير، أنَّه سمع جابرًا يقول: قال أبو عُبَيدةَ: كلوا، فلمَّا قدِمنا المدينة ذكَرْنا ذلك للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: كُلوا رزقًا أخرجه الله، أطعِمونا إنْ كان معكم، فأتاه بعضُهم بعضوٍ فأكله))
.
وجه الدَّلالة:
أنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم أكَل منه، وأَمَرهم بالأكل منه، وهذا صريحٌ في إباحة ميتة ما ألقاه البحر ، وما أُبيح أكلُه، فهو طاهر.
ثالثًا: من آثار الصَّحابة رضي الله عنهم:
جاء عن طائفة من الصَّحابة رضي الله عنهم إباحة ميتة البحر مطلقًا بلا مخالف لهم منهم ، ومن ذلك ما يلي:
1- عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: ((أَشهَدُ على أبي بكر أنَّه قال: السَّمكة الطافية حلال)).
2- عن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قال: ((لمَّا قدمتُ البحرين سألني أهلُها عمَّا قذف البحر، فأمرتهم أن يأكلوه، فلمَّا قدمتُ على عمر فذكر قصَّة، قال فقال عمر: قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ [المائدة: 96]، فصيده ما صِيد، وطعامه ما قذَف به)).
وجه الدَّلالة من الأثرين:
أنَّ أكْل ميتة البحر حلال، وما كان حلالَ الأكُل، فهو طاهر .
الفرع الرَّابع: ميتة الجراد
ميتة الجراد طاهرةٌ، باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية ، والمشهور من مذهب المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، وحُكي الإجماع على ذلك .
الأدلَّة:
1- عن عبدالله بن أبي أَوْفَى رضي الله عنه قال: (غزَوْنا معَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سَبْعَ غزَواتٍ أو سِتًّا، كُنَّا نأكُلُ معَه الجَرادَ)
2- عن عبد الله بن عمر، قال: (أُحِلَّتْ لنا ميتتان ودمان: الجراد والحِيتان والكَبد وَالطِّحال) .
الفرع الخامس: ميتة ما لا نفْسَ (أي دم) له سائلة
ميتة ما لا نَفْس له سائلةٌ كالذُّباب والعقرب والخُنفساء طاهرة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والحنابلة ، وقولٌ للشَّافعيَّة ، وهو قول طائفة من السَّلف وعامَّة العلماء .
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب:
قول الله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا[الأنعام: 145].
وجه الدَّلالة:
أنَّ الله عزَّ وجلَّ إنَّما حرَّم الدَّم المسفوح، وإذا كان عُفي عن الدَّم غير المسفوح، مع أنَّه من جِنس الدم، عُلِمَ أنَّ ما لا دَم فيه أوْلى بالعفو
2- قوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ[النحل: 69].
وجه الدَّلالة:
أنَّ ذلك فيه بيان طهارة العسل، ومعلومٌ أنَّه لا يخلو من النَّحل الميِّت وفراخه فيه، وحَكَم الله تعالى مع ذلك بطهارته، فأَخبر عمَّا فيه من الشِّفاء للنَّاس، فدلَّ ذلك على أنَّ ما لا دَمَ له، لا يَفسُد بالموت
ثانيًا: من السُّنَّة:
عن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا وقع الذُّباب في شراب أحدِكم فلْيَغمِسْه، ثم لينزعْه؛ فإنَّ في إحدى جَناحيه داءً، والأخرى شفاءً )) .
وجه الدَّلالة:
أنَّ الذُّباب لا نفْس له سائلة، ولو كان نجسًا لمَا أُمر بغمسه في الشراب الذي وقع فيه، ومعلوم أنَّه يموت من ذلك، لا سيَّما إذا كان الطعام حارًّا، فلو كان ينجِّسه لكان أمرًا بإفساد الطعام، وهو صلَّى الله عليه وسلَّم إنما أمَر بإصلاحه، ثم عُدِّي هذا الحُكم إلى كلِّ ما لا نفْس له سائلة، كالنَّحلة والزُّنبور، والعنكبوت، وأشباه ذلك؛ إذ الحُكم يعمُّ بعموم عِلَّته، ويَنتفي لانتفاء سببه .
ثالثًا: أنَّه لمَّا كان سببُ تنجيس الميتة هو الدَّمَ المحتقن في الحيوان بموته، وكان ذلك مفقودًا فيما لا دَم له سائل؛ انتفى الحُكم بالتنجيس لانتفاء علَّته .
http://www.dorar.net/enc/feqhia/184
الدرر السنية