2013-02-01
الصناعات العسكرية في الإمـارات...مؤشرات وأبعاد إستراتيجية
لا تقتصر أهمية الصناعات العسكرية على كونها أحد مظاهر التقدم الصناعي والتقني فقط، بل تعد أيضاً ركيزة حيوية للسيادة الوطنية من خلال توفير الاحتياجات المطلوبة للقوات المسلحة، مع توفير هامش مناورة مناسب لاستقلالية القرار السياسي والتخطيط الإستراتيجي للدول، فضلاً عن مايمكن أن تمثله من إضافة نوعية لاقتصادات الدول من خلال توسيع قاعدة التصدير وبناء شبكات التعاون مع الدول، ووفقاً لهذا المنظور، تكتسب قاعدة التصنيع العسكري التي تنمو وفق خطط مدروسة بدولة الامارات العربية المتحدة، تطوراً بالغ الأهمية تسعى "درع الوطن" إلى تسليط الضوء عليه في هذا الملف، راصدة أبرز معالم هذه المشروع الإستراتيجي وأهدافه وأبعاده.
إعداد: التحرير
خلال شهر فبراير 2011، كشفت القوات المسلحة الإماراتية عن خطة إستراتيجية لبناء قاعدة صناعات عسكرية في مختلف المجالات في الدولة، وقال معالي اللواء عبيد الحيري سالم الكتبي المتحدث الرسمي باسم معرض الدولي الدولي «آيدكس» هناك خطة إستراتيجية لبناء قاعدة صناعات عسكرية في مختلف المجالات في الدولة، مشيراً إلى تحفيز المصنّعين الإماراتيين عبر إبرام صفقات عدة معهم لتأسيس تلك القاعدة» وقال «إننا نشجع الشركات الوطنية التي تمتلك جودة تضاهي مثيلاتها الأجنبية»، موضحاً أن الإمارات تمتلك أفضل موقع على الخارطة العالمية لتجربة الأسلحة الخاضعة للتجارب، وأن تلك التجارب والاختبارات تدعم الخبرات التصنيعية للمواطنين في المجال العسكري، وذكر أن «القوات المسلحة الإماراتية تحرص على الإستفادة من التقنيات الحديثة، لتوفير أكبر قدر من الحماية الإلكترونية لها، مثل غيرها من دول العالم»، مبيناً أن الإمارات ستصبح في المستقبل القريب موقعاً مهماً لتوريد الأنظمة العسكرية على مستوى منطقة الشرق الأوسط، بفضل جودة منتجها، وتنافسية أسعارها، وما تقدمه الشركات الوطنية من خدمات ما بعد البيع».
ويعكس الإهتمام بتطوير الصناعات العسكرية في دولة الامارات العربية المتحدة، العديد من الأبعاد الحيوية، ومن أهمها:
ـ تمثل الصناعات العسكرية في دولة الإمارات أحد مظاهر التقدم الصناعي والتقني الذي تشهده الدولة، حيث يعد هذا القطاع مكملاً لمنظومة التقدم والتطور في الكثير من مجالات التصنيع المدني بمختلف المجالات، إذ أصبحت الإمارات قاعدة صناعية لسلع إستراتيجية عدة منها الألمونيوم وصناعات البناء والتشييد، والبتروكيماويات والصناعات التقنية بالغة الدقة وغير ذلك، وبالتالي فإن الإهتمام بقطاع التصنيع العسكري إنما يندرج ضمن منظومة متكاملة للتطوير الصناعي والتقني في الدولة.
ـ يمثل التصنيع العسكري البعد الآخر للاستفادة من الانجازات النوعية التي حققتها الدولة في محاور اقتصادية أخرى مثل صناعة المعارض، حيث يعد معرض «آيدكس» أحد أضخم وأهم الواجهات العالمية التي تتبارى كبريات الشركات الدفاعية في عرض منتجاتها من خلاله، وبالتالي فإن التصنيع العسكري يبدو بمنزلة خطوة لازمة للإستفادة من الفرص التي توفرها الدولة لآخرين في مجال التصنيع العسكري.
ـ يمكن النظر إلى التصنيع العسكري باعتباره دعامة جديدة لبرامج وخطط تنويع مصادر الدخل التي قطعت دولة الإمارات فيها شوطاً كبيراً وإنجازات نوعية يعتد بها، ومن شأن التصنيع العسكري أن يعزز التقدم المحقق على هذا الصعيد.
ـ تعد قاعدة التصنيع العسكري مظهراً مهماً من مظاهر السيادة الوطنية، وتوفير هامش مناورة حقيقي لصناعة القرار السياسي، لتبني السياسات المناسبة التي تحقق المصالح الوطنية، وبالتالي فإن الصناعات العسكرية ذات ارتباط وثيق، بل وقد انطلقت إستراتيجيات التصنيع العسكري من محاور عديدة، كان أهمها تعزيز دور الاستثمارات الإماراتية وتوجهيها شطر الإستثمار في قطاعات التصنيع العسكري.
ـ تمتلك دولة الامارات العربية المتحدة شبكة علاقات تعاونية متميزة مع الدول الرائدة في مجال التصنيع العسكري، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وروسيا، فضلاً عن علاقات التعاون القوية التي تربطها بدول أخرى متفوقة تكنولوجياً، وتمتلك أيضاً رصيداً جيداً في مجال التصنيع العسكري، مثل كوريا الجنوبية والهند وغيرهما، وبالتالي فإن فرص بناء شراكات قوية مع هذه الدول قائمة، ما يعزز فرص نجاح هذا القطاع الوليد في دولة الامارات العربية المتحدة ويوفر له آفاق وفرص النجاح، لاسيما أن الدولة تتبنى سياسات قائمة على تشجيع الاستثمارات في هذا المجال الحيوي، كما توفر أيضاً غطاء دعم قوي للصناعات العسكرية الناشئة بالدولة من خلال منحها أولوية تزويد القوات المسلحة الإماراتية باحتياجاتها من المعدات العسكرية التي يتم تصنيعها في مشروعات داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.
ـ إن وجود مئات الشركات الدفاعية على أرض الإمارات كل سنتين خلال فعاليات معرض «آيدكس» يمثل أفضل فرصة للإحتكاك بالخبرات والتطورات التقنية العالمية في هذا المجال، كما تعد أيضاً فرصة مثالية للشركات العالمية للتعرف على إمكانيات وقدرات دولة الامارات، ما يولد فرصاً هائلة لإقامة شراكات التعاون من خلال ضمان مصالح مشتركة للجانبين.
ـ إن التقدم والتطور في قطاع الصناعات المدنية بدولة الإمارات في مجالات كثيرة سينعكس بالتبعية على الصناعات العسكرية القائمة في الدولة، ويجعل تطورها ونموها أمراً بديهياً في ظل بيئة العمل المحلية التي تتواجد بها.
ـ إذا كان المستوى الثقافي والتأهيل العلمي لأفراد القوات المسلحة محدداً رئيسياً لمدى قدرة الجيوش على إستيعاب التقنيات والعتاد العسكري الحديث وإستخدامها بفعالية على ساحة المعركة، فإن إهتمام القوات المسلحة الإماراتية بتأهيل وتدريب أفرادها، ضباطاً وجنوداً علمياً ومعرفياً، يعظم فرص الإستفادة من التطور الحاصل في مجال التصنيع العسكري بالدولة، ويجعل هذه الصناعات تساير احتياجات القوات المسلحة والمهام السلمية التي تقوم بها في كثير من الظروف والمناطق الجغرافية.
الصناعات العسكرية والتوجهات السياسية
رغم أن الصناعات العسكرية في أي دولة من دول العالم تصب مباشرة في سلة دعم قدراتها التسليحية والقتالية والعملياتية، فإن هذا الدعم النوعي لا يعني بالضرورة ميل هذه الدولة إلى تبني سياسات عدوانية تجاه الآخرين، ولا يعني أيضاً «عسكرة السياسة» سواء من خلال فكرة الاعتداد بالقوة العسكرية المتوافرة لدى الدولة، أو بروز نفوذ مجمعات التصنيع العسكري هائلة الاستثمار في صناعة القرار السياسي وتوجيهه لخدمة مصالح هذه الصناعات، فهناك العديد من الدول التي تمتلك قاعدة تصنيع عسكري قوية وتتمسك بسياساتها السلمية وتحرص على دعم الأمن والاستقرار العالمي، ولذا لا يمكن اعتبار اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالتصنيع العسكري بمنزلة توجه جديد من شأنه حدوث تعديل أو تغيير في السياسات الخارحية، إذ تؤكد دولة الإمارات دوماً حرصها الشديد على الأمن والسلم العالميين، وتحرص على أن تكون نموذجاً في الالتزام بالقانون والأعراف الدولية، وسياسة حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وبالتالي يبقى من البديهي القول بأن الانجازات التنموية المحققة تحتاج إلى داعم رديف من الصناعات العسكرية، وأيضاً بالدرجة ذاتها من الأهمية إلى غطاء قوي يردع الآخرين عن أي تفكير في النيل من التجربة التنموية المتميزة في دولة الامارات العربية المتحدة، أو التأثير فيها سلباً بأي طريقة من الطرق، وهناك العديد من البراهين والدلائل على ذلك منها أن دولة الإمارات العربية المتحدة، ورغم امتلاكها منظومة تسلح متقدمة جداً مقارنة بالعديد من دول الشرق الأوسط، لا تميل إلى استعراض القوة والنفوذ مثلما يحدث بشكل معتاد من جانب بعض الدول، وتجري مناورات أو تدريبات خارج الأطر المهنية الاحترافية التي تستهدف تطوير القدرات العملياتية والخططية والتكتيكية للقوات المسلحة، حيث يلاحظ المراقب أن السياسات في هذا الشأن لا تنفصل، فالهدوء والكياسة والرصانة التي تميز السياسة الخارجية لدولة الامارات العربية المتحدة هي أيضاً ما يحكم توجهات ومبادىء الفكر القتالي والتنظيمي والعقيدة العسكرية المطبقة في القوات المسلحة لدولة الامارات.
طفرة نوعية في الصناعات العسكرية الإماراتية
شهدت الصناعات العسكرية الإماراتية تطورات فارقة في السنوات الأخيرة، وبدأت في الدخول في منافسة حقيقية مع نظيراتها على المستوى العالمي، وفي هذا الإطار تحديداً يشار إلى «شركة أبو ظبي لبناء السفن» وصناعة الأسلحة الفردية في مجمع «كراكال» وتصنيع طائرات بدون طيار في شركة «أداسي» وشركة «بركان» لتصنيع الذخائر، وقد يكون من باب المفارقة أن غالبية هذه الشركات يمكن أن تكون معروفة عالمياً، خصوصاً للمهتمين والخبراء في هذا المجال، ولكنها قد لا تكون على المستوى ذاته من السمعة والشهرة على المستوى المحلي بسبب تخصصية إنتاجها، ولكن هذا لا ينفي قدراتها ومكانتها التصنيعية المتنامية، والتي وضعتها في مضمار المنافسة العالمية بين كبريات شركات التصنيع العسكري في العالم.
وقد بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة في إنتاج أكبر كمية من المعدات العسكرية، في محاولة للحد من التبعية الأجنبية في هذا المجال الإستراتيجي، والمساعدة في التصنيع الوطني، فتمكنت شركة أبوظبي لبناء السفن ADSB من إنتاج مجموعة من السفن، ولدى الإمارات برنامج مخصص لتصميم وتطوير وإنتاج 5 إلى 6 أنواع من السفن الحربية المخصصة للإبحار في مياه ضحلة في الخليج العربي، كما أنها أنتجت وتنتج الذخائر، ومركبات النقل العسكرية، والطائرات التي تطير بدون طيار والأسلحة الصغيرة، بالإضافة إلى تطوير طائرة تدريب ومقاتلة خفيفــة تعتمــد على تقنيـة التخفي تدعى «ماكو» وذلك في تعاون بين القوات الجوية الإماراتية وشركة EADS.
وكانعكاس للتطور الحاصل في الصناعات العسكرية الإماراتية شاركت دولة الإمارات بأكبر جناح في معرض «آيدكس 2011» بمساحة تجاوزت 12 ألف متر مربع، حيث ضم الجناح معظم الشركات الإماراتية المشاركة في الحدث، والتي بلغ عددها 169 شركة، ضمت توازن القابضة، وشركة مبادلة للتنمية، وهيئة تنظيم الاتصالات وغيرها من الشركات الوطنية البارزة.
وكان من أبرز الصناعات العسكرية الوطنية المعروضة في «آيدكس 2011»، سيارة النمر، التي أنتجتها شركة نمر للسيارات التابعة لشركة توازن القابضة، لتكون أول آلية عسكرية من هذا النوع يتم إنتاجها في الدولة، حيث تتميّز بأدائها العالي في الظروف الصحراوية الصعبة، وتتمتع بدفع سداسي أو رباعي، ويتم إنتاج هذه السيارة لاستخدامات القوات المسلحة بنوعين: مدرّع وآخر غير مدرّع، كما عرضت شركة كاراكال الدولية، المُصنّع الوطني الأول للأسلحة الخفيفة في الدولة، مجموعة من أحدث الأسلحة التي تضعها كمنافس حقيقي لكبار منتجي الأسلحة الخفيفة في العالم، كما عرضت مجموعة الشركات التابعة لـ«مبادلة» مثل «بيانات»، مجموعة من أحدث التقنيات لتقديم خدمات المسح الجوي وجمع المعلومات، و«الياه سات» التي تستعرض مجموعة مميّزة من خدمات الاتصالات الفضائية متعددة الأغراض لعملائها في المنطقة.
شركة أبو ظبي لبناء السفن ADSB
تأسست شركة «أبو ظبي لبناء السفن» في عام 1996 كشركة مساهمة عامة إماراتية تعمل في بناء وإصلاح وترميم وصيانة وتطوير السفن الحربية التابعة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتمتلك حكومة أبو ظبي 10 % من أسهم الشركة، فيما تمتلك شركة مبادلة للتنمية 40 % أما الـ 50 % المتبقية فهي مملوكة لعدة آلاف من المساهمين الأفراد، فيما تشكل صناعة السفن الحربية ما نسبته 80 % من إجمالي أعمال الشركة.
وتدير «شركة أبو ظبي لبناء السفن» أحد أحدث أحواض بناء السفن الحربية في منطقة الخليج العربي؛ إذ تتولى انجاز أكثر من 200 عملية إصلاح وصيانة للسفن سنوياً، ويتركز معظمها في الأحواض الجافة، فيما تمتلك حوض بناء السفن الوحيد في المنطقة القادر على توفير خدمات بناء وتجديد وإصلاح وتحديث السفن الحربية المعقدة بطول يتجاوز 80 متراً وعرض يفوق 20 متراً.
وتقوم الشركة ببناء الزوارق الحربية من فئة RHIB بطول 10 أمتار، والطرادات الحربية من طراز Corvettes بطول 72 متراً، وخدمات إصلاح وتجديد وتحديث السفن الحربية كصيانة المنصة الرئيسية للارتقاء بمستوى أداء وكفاءة أنظمة القتال.
وتتمتع شركة أبو ظبي لبناء السفن بمستوى عال من الخبرة الفنية، والقدرات المهنية، فيما تعتبر البحرية الإماراتية أكبر زبائن الشركة التي أطلقت في يوليو 2009 فرعاً جديداً لها باسم شركة «الخليج للخدمات اللوجستية والإسناد البحري»، من خلال تحالف مع «بي في تي سيرفيس فليت»، وتستهدف الشركة المتفرعة الجديدة توفير حزمة متكاملة من الخدمات البحرية اللوجستية والفنية والتدريب، إضافة إلى الاستشارات الفنية لدعم الأساطيل البحرية، حرس السواحل، الشرطة البحرية، الجهات الأمنية، والقوات الخاصة.
وفي الأول من يوليو عام 2011 دشنت «أبوظبي لبناء السفن» الشركة الرائدة في مجال بناء السفن وتوفير خدمات الدعم البحري في منطقة الخليج العربي، أول سفينة مجهزة بالصواريخ من طراز «غناطة» Ghannatha لصالح القوات البحرية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في حوض بناء السفن التابع للشركة في منطقة المصفح في العاصمة أبوظبي.
وكانت شركة «أبوظبي لبناء السفن» قد حصلت على عقد تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج «غناطة» في العام 2009، واشتمل العقد على بناء 12 سفينة صواريخ جديدة، وتطوير وتحديث ناقلات الجنود المبنية في المرحلة الأولى من البرنامج، وتحويلها إلى زوارق قتالية وزوارق مدفعية.
وعلى غرار المرحلة الأولى من البرنامج، تشارك الشركة السويدية «سويدشيب مارين» Swedeship Marine، وهي الشريك الاستراتيجي لـ «أبوظبي لبناء السفن»، في تطوير المرحلة الثانية عبر بناء 3 سفن صواريخ من أصل 12 سفينة، في حين تتولى «أبوظبي لبناء السفن» مسؤولية إنشاء السفن التسع المتبقية، ونظراً للمعدات القتالية المعقدة والمنظومة الصاروخية المتطورة الموجودة في السفن، تُعنى شركة «أبوظبي سيستمز انتجريشن» ADSI بإنجاز كافة عمليات مكاملة المعدات والأنظمة الصاروخية.
ويعد برنامج تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع «غناطة» لصالح القوات البحرية لدولة الإمارات أحد أهم مشاريع بناء السفن الحربية التي يجري العمل عليها حالياً في المنطقة، ويشتمل البرنامج على عمليات تجهيز السفن بأحدث أنظمة الدفع المساعدة والتقنيات المتقدمة والأسلحة المتطورة، إلى جانب أجهزة الاستشعار عن بعد ونظام الإدارة القتالية، ما يجعلها من أبرز وأهم المنصات البحرية القتالية الصغيرة المدمجة المتاحة حالياً، وتحمل السفن منظومة صواريخ ومدفعية، ويتم تصنيعها بطول 27 متراً من سبائك الألومنيوم المخصصة للصناعات البحرية، كما تُجهز بمحركي ديزل من طراز MTU بالإضافة إلى وحدات نفث مائي من Rolls Royce والتي تعطي السفينة القدرة على الإبحار بسرعة تصل إلى أكثر من 23 عقدة بحرية.
وتعليقاً على تلك المناسبة، قال محمد سالم الجنيبي، المدير التنفيذي لشركة «أبوظبي لبناء السفن»: «نفخر بإطلاق سفينة حربية أخرى لصالح القوات البحرية لدولة الإمارات، ويحظى مشروع «غناطة» بأهمية خاصة كونه يمثل مبادرة استراتيجية أحدثت نقلة نوعية على مستوى المفاهيم والإمكانات البحرية، ونحن على ثقة بأنّ بناء سفينة حربية بطول يقل عن 30 متراً ومزودة بمدفعية ومنظومة صاروخية سيحظى باهتمام واسع من قبل أبرز مشغلي السفن الإقليميين، ويمكن القول بأن هذا النوع يطرح مفهوماً جديداً في عالم السفن الحربية، ومن المقرر أن يتم استكمال وتسليم السفن الإثنتي عشر لصالح القوات البحرية لدولة الإمارات تباعاً، على أن يكون التسليم النهائي لسفينة الصواريخ الأخيرة خلال العام 2014.
«أداسي» مستقبل واعد في الصناعات الجوية
تعد شركة أبوظبي لاستثمارات الأنظمة الذاتية «أداسي» إحدى الشركات الفريدة في مجال الصناعات العسكرية بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يلاحظ الخبراء والمتخصصون أن الشركة تحقق قفزات نوعية في مجال عملها بشكل مدروس، إذ انتقلت في السنوات الأخيرة من صناعة الطائرات بدون طيار إلى أنظمة المناطيد عبر إنشاء وحدة لتزويد أنظمة المناطيد، لتلبية الطلب المتزايد على هذا النوع من الأنظمة من قبل القطاعات الحكومية والخاصة في الدولة وفي منطقة جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقالت أداسي، المملوكة بالكامل لشركة «توازن» الإماراتية القابضة، أن هذه الخطوة قد جاءت كثمرة لتعاونها مع عدد من أبرز المؤسسات المتخصصة في أنظمة المناطيد في أوروبا وأمريكا الشمالية، وفي إطار توجهات الشركة لتوجيه خبراتها المكتسبة في مجال الأنظمة الذاتية لتوفير خدمات متكاملة لعملائها.
وقالت الشركة التي تتمتع بخبرات واسعة في تصميم وتصنيع المناطيد الهوائية وأنظمتها، إنه سوف يتم توفير المناطيد، بحيث تكون جاهزة للاستخدام مع وحدة توجيه مثبتة على مقطورة وشاحنة لسحب المقطورة، يتم استخدامها أيضاً لحمل قطع الغيار والمعدات الإضافية وغاز الهيليوم، أما الخدمات المقدمة للجهات الحكومية فسوف تشتمل أيضاً على سيارة مجهزة للاستخدام كمحطة تحكم أرضية، وصممت المناطيد بحيث يتم تشغيلها بواسطة فريق من ثلاثة أفراد، يذكر أن "شركة أبوظبي لاستثمارات الأنظمة الذاتية" هي شركة تقوم بتصنيع الطائرات بدون طيار التي يتم التحكم فيها عن بعد، ويتم استخدامها في الحالات التي يكون فيها وجود الإنسان خطراً أو غير ذي جدوى إقتصادية.
وتأسست شركة «أداسي» في مارس 2007 كشركة مملوكة بالكامل لتوازن القابضة، الشركة الاستثمارية لمكتب برنامج التوازن الإقتصادي الإماراتي، وتشمل منتجات الشركة الأنظمة الجوية والأرضية والبحرية، وتتعاون الشركة بشكل وثيق مع القوات المسلحة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تقوم بتطوير أنظمة ذات مقدرات متينة في حقول الاستشعار والملاحة والتصنيف وتخطيط المهام، وهي تبحث حالياً إمكانية إقامة مشاريع مشتركة مع عدد من الشركات العالمية، وإطلاق منتجاتها في السوق العالمية.
بركان ... أول شركة وطنية لصناعة الذخائر
تعتبر «بركان ميونيشنز سيستمز»، أول شركة وطنية متخصصة في صناعة الذخائر المتوسطة والثقيلة متعددة الإستخدامات ويؤكد الخبراء أن النجاح الذي حققته هذه الشركة في غضون سنوات قليلة يعود بالأساس إلى الدعم الذي تلقاه من جانب الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث يوجه سموه دوماً بضرورة الاهتمام ببناء قاعدة صناعية وطنية توفر متطلبات القوات المسلحة الإماراتية، ووفقاً لذلك تعمل شركة «بركان» الآن على تلبية احتياجات القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة من الذخائر متعددة الاستخدامات، وتخطط الشركة لتصدير منتجاتها إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويعد المصنع الأول من نوعه في الإمارات ومنطقة الخليج العربي الذي يقوم بإنتاج واختبار وتجميع مختلف أنواع الذخائر، بما في ذلك قنابل الطائرات، صواريخ وذخائر المدفعية، الهاونات، وذخائر المشاة والقوات البحرية.
ويؤكد مسؤولوا الشركة أن منتجاتها عالية الجودة، وتطابق المواصفات العالمية في هذا المجال، وتحديداً فهي تقوم بإنتاج ذخائر طبقاً للمواصفات المطبقة عالمياً، خاصة حلف شمال الأطلسي (الناتو) فيما يتعلق بالذخائر التي تستخدمها قوات الحلف، كما يلاحظ أن هذه الشركة قد اقتحمت مجالاً فريداً على صعيد عملها المتخصص، حيث تقدم خدمة فريدة من نوعها على مستوى المنطقتين الخليجية والعربية، وهي خدمة تفكيك وتدوير الذخائر القديمة وغير الصالحة باستخدام وسائل حديثة وصديقة للبيئة، كما تخطط الشركة لتلبية إحتياجات القوات المسلحة الإماراتية للسنوات العشر المقبلة من الذخائر.
وبفضل امتلاك «بركان» منطقة مخصصة للتخلص بيئياً من المتفجرات والذخائر باستخدام أحدث تقنيات التخلص الحراري من المتفجرات، يصنف الخبراء الشركة في مقدمة الشركات العاملة في هذا المجال، بسبب استخدامها أفضل أنواع تكنولوجيا التدوير والتخلص من مخلفات الذخائر، وكذلك مراعاة كافة الجوانب البيئية الناجمة عن عمليات التخلص والتدوير.
ويذكر أن «بركان ميونيشنز سيستمز» هي مشروع مشترك بين توازن القابضة، ومؤسسة الجابر التجارية، و»رينميتال وافي ميونيشنز» Rheinmetall Waffe Munitions الألمانية، وتأتي القوات المسلحة لدولة الإمارات في مقدمة المتعاقدين والشركاء الاستراتيجيين مع «بركان»، وهي أهم عملاء الشركة، فيما تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي من أهم الأسواق المستقبلية للشركة في المنطقة.
«كراكال»... قصة نجاح إماراتية
تعد «منتجات «كراكال» من الأسلحة الخفيفة منتجات وطنية 100 ٪، وتحظى بمميزات تنافسية عالمية من حيث الجودة والسعر، ومنتجاتها حاصلة على شهادة اعتماد من الناتو، وتمثل الهدف من إنشائها في تصنيع منتج فريد وعالي الجودة، ودخول مجال صناعة الأسلحة الخفيفة التي عادة ما تقوم دول المنطقة باستيرادها، واشتهرت الشركة إقليمياً وعالمياً بشكل لافت بعد أن ذاع صيت مسدس «كراكال» بوصفه أحد أجود وأكفأ المسدسات في العالم، وقد سجلت مبيعات المسدس الوطني الذي تنتجه «كراكال» أول شركة وطنية متخصصة في تصنيع الأسلحة الخفيفة في الدولة ارتفاعاً تلبية للطلب العالمي المتزايد، إذ بلغ معدل الإنتاج السنوي 40 ألف مسدس تصدر إلى أسواق عربية وعالمية.
وكانت «كراكال» عقدت صفقات خلال إنطلاقتها الأولى في معرض «آيدكس 2007» إذ اشترت القوات المسلحة الإماراتية 10 آلاف مسدس، واشترت وزارة الداخلية بدورها 10 آلاف مسدس من هذا النوع، بعدما اعتمدته مسدساً رسمياً لضباط الوزارة وقوات الأمن الداخلي، كما اشترت وزارة الداخلية في مملكة البحرين 500 قطعة، ومن الأمور الإيجابية في هذا الصرح الوطني أيضاً أن إنتاج مسدسات «كراكال» يعتمد بصورة كبيرة على السواعد الوطنية من كوادر الشركة، إذ يشكل المواطنون 80 ٪ من إجمالي القوى العاملة ، كما تستحوذ المرأة الإماراتية على وجود قوي وملحوظ في الشركة، خصوصاً في قسم التجميع، وفي سبتمبر 2012، دشن سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس نادي صقاري الإمارات، خلال افتتاح سموه فعاليات المعرض الدولي للصيد والفروسية، الخط الإنتاجي الجديد لذخائر «الشوزن» لشركة كراكال للذخائر الخفيفة، حيث يعد الأول من نوعه الذي يجري تصنيعه في منطقة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ويستهدف أسواق رياضة الرماية.
ويقوم أحدث خطوط إنتاج ذخائر «الشوزن» التابعة «لكراكال» للذخائر الخفيفة بتلبية احتياجات الرماة الرياضيين، وتستهدف كراكال للذخائر الخفيفة طيفاً واسعاً من العملاء من خلال هذا الخط الإنتاجي الجديد، وتتضمن قائمة العملاء كلاً من نوادي الرماية والرماة المتخصصين والمحترفين، بالإضافة إلى أبرز الشخصيات المهتمة برياضة الرماية.
وأعلنت الشركة منذ نحو عام تقريباً أنها تخطط لإرتياد الأسواق بالولايات المتحدة الأمريكية حيث قامت بتأسيس شركة «كراكال USA» فيما تعكف حالياً على بلورة اتفاقيات مع موزعين أمريكيين وتهدف الشركة الرائدة في تصنيع الأسلحة الخفيفة، إلى بيع عشرة آلاف قطعة من مسدساتها المتطورة سنوياً في الولايات المتحدة، التي تعد أكبر سوق في العالم للأسلحة المدنية وسوف تقوم «كراكال» مبدئياً بطرح إثنين من منتجاتها في الأسواق الأميركية، وهما المسدس «كراكال اف» والمسدس «كراكال سي»، ويذكر أن «كراكال» التي تأسست عام 2007 في أبوظبي مملوكة بالكامل لشركة توازن القابضة، وهي شركة للاستثمارات الاستراتيجية تركز على تطوير الكفاءات التصنيعية والتكنولوجية، ونقل المعرفة على المدى الطويل مع التركيز بشكل محدد على القطاعات الدفاعية.
الياه سات .... تقنيات متقدمة
من الضروري عند الحديث عن التطور الحاصل في قطاع الصناعات العسكرية الإماراتي، الإشارة إلى أن هذا القطاع لا يشمل الصناعات فقط، بل يضم أيضاً تقنيات الإتصالات الحديثة التي تلعب دوراً بارزاً في الإستراتيجيات العسكرية في الوقت الراهن، ويتوقع لها أن تكون محور التخطيط العسكري مستقبلاً، وفي هذا الإطار يشار إلى مشروع «الياه سات» وهو مشروع وطني إماراتي، وأول نموذج من نوعه يخدم القطاعين العسكري والمدني في منطقة الشرق الأوسط حيث يركز على نقل المعرفة والخبرة الفضائية، إضافة إلى شراء الأنظمة وصناعتها،
و بدأ تنفيذ هذا المشروع العملاق عام 2007 حيث رأت القيادة الرشيدة أن القوات المسلحة تحتاج إلى أداة تساعدها في أداء عملها في المستقبل، وتكون في ذات الوقت أداة للإستخدامات العسكرية الحديثة.
ويؤكد خبراء ومتخصصون أن العمل العسكري الشبكي المركزي أصبح له مفهوم جديد يبنى على المعلومات، وكيفية استغلالها والإستفادة منها في خدمة الجوانب العسكرية، ومتطلبات الجيوش الحديثة، ولتبني هذا المفهوم يجب إمتلاك أدوات تساعد على نقل المعلومات وتربط وحدات القوات المسلحة ببعضها البعض سواء داخل أو خارج الدولة بوسيلة اتصالات مأمونة ومستقلة ووطنية تغني عن الاعتماد على الآخرين، ويشار إلى أنه كان للقيادة العليا توجه بأن يكون هناك مشروع وطني يخدم القوات المسلحة لدولة الإمارات، كما يخدم المنطقة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقد وقعت القوات المسلحة و»مبادلة للتنمية» الذراع الإستراتيجي الإستثماري لإمارة أبوظبي إتفاقية تم بموجبها تأسيس شركة « الياه سات « للإتصالات الفضائية لإدارة المشروع، وتكون شريكاً إستراتيجياً للقوات المسلحة، وقد تم بنجاح إطلاق القمر الأول يوم 23 أبريل 2011 من محطة «إيريان سبيس» الفضائية في مدينة «كورو» في غوايانا الفرنسية، بينما تم إطلاق القمر الثاني في أبريل 2012 بواسطة الصاروخ «بورتون» من قاعدة «بايكونور كوزمودروم» في كازاخستان، ويشمل المشروع محطات طرفية للإستخدام العسكري والمدني داخل وخارج الإمارات.
وتوفر الأقمار التي أطلقتها «الياه سات» خدمات حلول الإتصالات المدنية والعسكرية، وتلبي إحتياجات القوات المسلحة لدولة الإمارات، إضافة إلى دول مجلس التعاون والدول الشقيقة والصديقة، فضلاً عن ربطه سفارات الإمارات في الخارج، وتوفير وسيلة إتصالات مؤمنة تمكنها من التواصل مع أجهزة الدولة، خاصة في حالات الطوارئ والكوارث التي قد تتعرض لها الدول التي تتواجد فيها سفارات الإمارات، ويوفر القمر حلول الإتصالات الصوتية والمرئية واتصالات البيانات، ويوفر للجانب العسكري حلول الإتصالات الفضائية العسكرية المؤمنة التي يصعب التقاطها، وتكون بياناتها مشفرة إلى حد ما، وتتمتع بمواصفات عسكرية أمنية يصعب إختراقها من أي جهة مضادة، وقد استفادت القوات المسلحة من «الياه سات» خلال مشاركاتها الخارجية في مهام حفظ السلام والإغاثة الإنسانية حيث وفرت الإتصالات المرتبطة بالأقمار الصناعية المرونة وسرعة الإتصال المأمون للقوات المتواجدة هناك بفضل استخدام أجهزة الإتصال الطرفية المحمولة على الظهر، أو التي يتم تركيبها على الآليات، ومن المعروف أن الدول التي تمتلك برامجاً فضائية وأقماراً صناعية تصنف ضمن الدول المتقدمة، ويكون لها وزنها الإستراتيجي وسمعتها الطيبة في مجال التكنولوجيا حيث تعد البرامج الفضائية مقياس التقدم.
ويؤكد الخبراء أن دولة الإمارات تقود المنطقة اليوم في مجال البرامج الفضائية من خلال أقمارها «الياه سات» و«الثريا» و«نظام دبي سات» ولكل قمر ميزاته حيث يوفر «دبي سات» الحلول للتصوير الفضائي، أما «الياه سات» و«الثريا» فتوفران الحلول في مجال الإتصالات، ويلبي قمر «الياه سات» المتطلبات العسكرية العملياتية، ويتميز بمواصفات عسكرية تلبي حاجة القوات المسلحة ومتطلباتها على مدى 15 عاما، وتم تطوير المشروع من خدمة الأغراض العسكرية فقط إلى توفير الخدمات التجارية متعددة الإستخدامات حيث يوفر القمر خدمة الإنترنت والاتصالات للمناطق النائية غير المأهولة، وتستفيد منه شركات البترول العاملة في الصحراء، أو المستشفيات والمدارس والبيوت الواقعة في قرى بعيدة عن المدن، وتتميز الخدمات بأسعارها المنخفضة التكاليف، وقد أنهت شركة الاتصالات الفضائية «ياه سات» مؤخراً المرحلة الأولى من الدراسات الفنية المتعلقة بإطلاق قمر أبوظبي الصناعي الثالث المتخصص في قطاع التعليم والبحث العلمي والجامعات بالشراكة مع كبرى الجامعات العلمية الدولية في بريطانيا والهند. يذكر أن المرحلة الأولى من الدراسات الفنية للقمر الصناعي الثالث المتخصص في الأغراض العلمية والبحث والتطوير حددت أهم الشركاء الإستراتيجيين على الصعيد المحلي المتمثلين في جامعة خليفة، وهيئة تنظيم الإتصالات وعدد من الجامعات الوطنية، فيما تدرس المرحلة الثانية نوعية الأبحاث العلمية المطلوبة لتحميلها على القمر الصناعي الثالث، فضلاً عن المهارات الفنية والتقنية للعاملين على تشغيل القمر، إلى جانب المدة الزمنية لمراحل الإطلاق والتشغيل الفعلي وأهم الأبعاد الإستراتيجية وتأثر القطاع البحثي والعلمي بدولة الإمارات بعملية الإطلاق والتي قد تستمر لفترة ثلاث سنوات مقبلة.
وتأتي تلك الدراسات الأولية لتؤكد أن منظومة إمارة أبوظبي الفضائية ستحتل مكانة مرموقة في قائمة الأنظمة العالمية العاملة في مجال الإتصالات الفضائية، والتي تخاطب كافة الفئات من العملاء سواء على الصعيد الحكومي أو الشركات أو حتى الأفراد.
وتغطي المنظومة الفضائية لشركة «ياه سات» أكثر من 100 دولة في كافة الدول الأوروبية والأفريقية وبعض البلدان الآسيوية، وقد نجحت في إطلاق العمليات التجارية في خمس دول حتى الآن هي أفغانستان ونيجيريا وجنوب أفريقيا والعراق وأنجولا، ومن المتوقع أن تصل خدمات الإنترنت الفضائي لأكثر من 28 دولة بحلول العام 2015، وقد إستثمرت الشركة نحو 7.2 مليار درهم خلال أربع سنوات، ومن المتوقع أن تباع خدمات تلك المنظومة تجارياً بالكامل بحلول العام 2015 خصوصاً تلك الخدمات المخصصة للشركات التجارية والحكومات والأفراد.
تحديات صعبة
إذا كانت المؤشرات تشير إلى تطور نوعي في الصناعات العسكرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن إستقصاء الوضع بشكل تحليل عميق يرجع إلى وجود العديد من التحديات التي ينبغي التعاطي معها بكل إهتمام كي يمكن أن يواصل هذا القطاع الحيوي قفزاته النوعية محققاً تطلعات القيادة الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله في بناء قاعدة صناعات عسكرية وطنية متقدمة، وفيما يلي رصد لأبرز هذه التحديات:
يعتبر نقل التكنولوجيا ثم توطينها أحد أبرز التحديات التي تواجه القطاع الصناعي والتقني في دولة الإمارات بشكل عام، حيث تحرص الدولة على توفير السبل لتوطين تكنولوجيا الصناعة والخبرات الفنية اللازمة، ومن المفيد الإشارة إلى أن الإمارات على وجه التحديد تمتلك موروثاً هائلاً من خبرات التعاطي مع الشركات العالمية الكبرى عبر صفقات وعقود المبادلة، حيث نجحت الدولة في توظيف ورقة المغريات الإقتصادية التي تتيحها إمكانات وقدرات السوق الإماراتي في الإتفاق على الشروط المناسبة للإمارات، لاسيما مايتعلق بنقل التكنولوجيا وتدريب وتأهيل الكوادر البشرية المواطنة، وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى أن تحدي نقل التكنولوجيا سيظل ماثلاً ولن يختفي في المدى المنظور؛ لسبب مباشر يتمثل في أن هناك إعتماداً كبيراً من شركات تصنيع السلاح الكبرى في العالم على التعاقدات الواردة من دول الشرق الأوسط، وبالتالي ليس من السهل توقع استجابة هذه الشركات بسهولة على صعيد التعاون في نقل التكنولوجيا، حيث يمكن أن تنجح الصناعات العسكرية في دولة الإمارات في حرمان الشركات العالمية الكبرى من عقود ضخمة ليس فقط في دولة الإمارات بل أيضاً في بقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
يتعين على الصناعات العسكرية في دولة الإمارات العربية المتحدة بذل جهد كبير لكسب ثقة العملاء في الخارج فيما يتعلق بجودة المنتج، ومعايير الجودة المطبقة في هذا الشأن، وفي هذا الإطار يلاحظ أن الشهرة العالمية الواسعة التي يحظى بها مسدس «كاراكال» قد تحققت بعد ثقة الأوساط الدولية المتخصصة في جودة المنتج، ولم يكن كسبه في هذا الصعيد سهلاً، بل خاض مسيرة شاقة لانتزاع المرتبة التي يتربع عليها الآن عالمياً.
هناك تحد مهم يتعلق بطبيعة الإستثمارات في الصناعات العسكرية بشكل عام، حيث يلاحظ أن أغلب مجمعات التصنيع العسكري تحظى برعاية الحكومات، بل تقوم أحياناً بتوجيه سياسات بعض الدول من أجل انتشال بعض شركات هذا القطاع الحيوي من عثرات إقتصادية ورغم معدلات الأرباح العالية التي تحققها شركات هذا القطاع في العالم، فإن استمرار هذه المعدلات الربحية يظل رهن رعاية مصالح هذه الشركات من جانب الحكومات، التي يمكن لها أن توظف علاقاتها مع دول العالم في عقد صفقات التسلح وغير ذلك، ولكن الملاحظ أن الصناعات العسكرية في دولة الإمارات قد اعتمدت بشكل قوي على جودتها النوعية في الإنتشار والتسويق، فضلاً عن كونها تختار اقتحام ميادين ومجالات تستجيب لإحتياجات الأسواق المحلية خصوصاً في دول الخليج العربية من أجل ضمان التسويق وانتزاع الميزة النسبية لها في هذا المضمار.
آفاق مستقبلية
يشير تحليل الشواهد القائمة إلى مستقبل واعد للصناعات العسكرية في دولة الإمارات ، فرغم الحديث عن التحديات السابق ذكرها فإن تجاوزها في دولة الإمارات يبدو أمراً ليس عسيراً، خصوصاً أن الدولة تبدي اهتماماً متعاظماً بهذا القطاع الإستراتيجي وتربط أهدافه بروزنامة السياسات والخطط العامة للدولة، وبالتالي يصبح توقع تطوره مسألة لا جدال فيها، ومن أحدث الشواهد في هذا المضمار، البيان الصادر عن الجانبين الإماراتي والبريطاني في ختام زيارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى دولة الإمارات في نوفمبر 2012 حيث إتفق الطرفان على «إقامة شراكة صناعية دفاعية تقوم على التعاون الوثيق بشأن مقاتلات يوروفايتر تايفون وعدد من الصناعات التكنولوجية الجديدة»،كما أكد البلدان أنهما اتفقا على «تنمية الإستثمارات الإماراتية في البنية التحتية البريطانية والاستثمارات البريطانية في الإمارات في الصناعة الجوية وتكنولوجيا المعلومات والإتصال والمشروعات الخدمية والإتصالات والذخائر والقدرات وتوسيع الشراكات الصناعية والتجارية بين الشركات الإماراتية والبريطانية بما يدعم التنويع والتطوير التكنولوجي»، إضافة إلى ذلك أن يؤكد الخبراء أن مواصفات المنتج العسكري الإماراتي أصبحت تؤهله لدخول أسواق خارجية، لافتين إلى أن السوق المحلية لا تستوعب المُنتَج الإماراتي كاملاً، لوجود نحو 200 شركة محلية عاملة في هذا المجال، إضافة إلى التنافسية مع الشركات الأجنبية، ومحددات الطلب، ويبدي هؤلاء الخبراء تفاؤلهم بمستقبل الصناعات العسكرية في دولة الإمارات في ظل حرص شركات هذا القطاع العاملة في الدولة على التميز من خلال بعض الخدمات التنافسية مثل خدمات ما بعد البيع، وتوفير قطع غيار، وبرامج تدريب، وصيانة بأسعار منافسة، ولو أضفنا إلى ذلك الدعم الحكومي القوي لهذا القطاع والتسهيلات المالية التي يحصل عليها وخلو بيئة الاستثمار من الضرائب، وتوافر الخبرات الفنية العالية، فضلاً عن مزايا إضافية قوية لا يستهان بها، وتلعب دوراً جوهرياً في فتح الأسواق الخارجية أمام الصادرات الإماراتية في أي مجال مثل السياسة الخارجية وشبكات العلاقات القوية التي تربط الدولة بجميع دول العالم، لأدركنا تعاظم الفرص المتاحة أمام مستقبل هذا القطاع في الدولة رغم قوة المنافسة العالمية الشرسة في هذا المجال.
ولعل أكثر ما يبعث على التفاؤل بمستقبل الصناعات العسكرية في دولة الإمارات أن الكثير من الخبراء يؤكدون الإهتمام الشديد والدعم القوي الذي تحظى به هذه الصناعة من لدن القيادة السياسية في الدولة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، كما تحظى برعاية كريمة من جانب الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث يرى الخبراء أن أهم ما يميز الصناعة الإماراتية نجاحها في إستقطاب أفضل الخبراء والعقول النيّرة في المنطقة العربية، ويرى هؤلاء الخبراء أن الإمارات تأخذ على محمل الجد مسألة إتقان الصناعات العسكرية، ,وفي هذا الإطار يشير موقع الأمن والدفاع العربي SDA المتخصص إلى أنه عند زيارة مراسله زيارة إلى مصنع مسدسات Caracal الإماراتية في أبوظبي في شباط/فبراير 2009 لاحظ مدى الدقة والاهتمام والإتقان، والمستوى العالي من الخبرة والتدريب والتأهيل الذي يتمتع به العاملون في المصنع، بالإضافة إلى التحكم الإلكتروني والليزري في سير عملية التصنيع، وفحص ومعايرة المنتجات لضمان إستيفائها شروط الإنتاج بحسب أعلى المواصفات العالمية.
محطات مهمة
في شهر فبراير 2011 شهد معرض «آيدكس» أول آلية عسكرية يتم تصنيعها بالكامل في دولة الإمارات، وهي النمر الإماراتي التي تنافس بقوة نظيرتها من طراز «الهمر» الأمريكي، حيث أزاح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في معرض آيدكس 2011 الستار عن أول آلية عسكرية يتم تصنيعها بالكامل في دولة الإمارات من نوع «النمر»، وتنتج هذه الآلية التي لفتت أنظار كبار المسؤولين والزوار، شركة نمر للسيارات ومقرها أبوظبي بهدف توفير أكبر قدر من المرونة والحماية والحركة متعددة الأغراض، وتم إنتاج نوعين من هذه السيارة المخصصة لاستخدامات القوات المسلحة بأيدٍ إماراتية 100 %، ومنها طراز مدرع وآخر غير مدرع، وتفي جميع آليات النمر بالمتطلبات الصارمة للحرب، وتتضمن إنتاج سيارات بالدفع السداسي والرباعي، وهي ذات قدرة عالية على الأداء، وإمكانات هائلة للتحميل والتنقل لمسافات بعيدة، وحسب الخبراء فإن آليات «النمر» الذي يصنعها أبناء الإمارات، تنافس سيارة «التايغر» العسكرية الأمريكية التي كانت تصنف بأنها الأولى في العالم وهي «الهمر».
يُعتبر «ياه سات» النّموذج الأول من نوعه الذي يخدم القطاعين العسكري والمدني، ويعتبر المشروع الإماراتي الرائد مثالاً على التّنوع الاقتصادي والإستثمار في التكنولوجيا المتطورة والفضاء، وبدأ العمل في هذا المشروع سنة 2008 وأطلق القمر الصناعي الأول «ياه سات 1» في أبريل 2011 ليحمل اسم الإمارات عالياً في الفضاء، بينما تم إطلاق القمر الثاني في أبريل 2012.
خلال نهاية شهر يوليو 2012 تمكّنت «توازن القابضة» من دخول سوق الصناعات الدفاعية الأفريقية بتوقيعها إتفاقية مشروعٍ مشترك مع مجمع ترقية الصناعات الميكانيكية GPIM، وهي شركة تندرج تحت مديرية الصناعات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الوطني بالجزائر، وتنص الاتفاقية على تأسيس شركة متخصصة بتصنيع المركبات المدرعة في الجزائر، تحمل اسم «نمر الجزائر»، ويعد مجمع تنمية الصناعات الميكانيكية الذراع التصنيعي للآليات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني بالجزائر، وتشير الإتفاقية التي ستشهد إنتاج المشروع الجديد لمركبات «نمر» المدرعة المصممة إماراتياً في الجزائر بترخيصٍ من «توازن القابضة» إلى أن دولة الإمارات تقوم حالياً بتصدير تقنياتها الدفاعية المتطورة والمجهزة بالمهارات والمعارف المطلوبة إلى أسواقٍ أخرى في مختلف أنحاء العالم، كما تسهّل الإتفاقية وصول «توازن» إلى سوق الصناعات الدفاعية الأفريقية عبر تقديم فرصٍ تجارية جديدة للشركة الصناعية الإستراتيجية التي تمتاز بنموها السريع، وتهدف الشركة الجديدة، إلى تصنيع ما يزيد عن 200 مركبة مدرعة رباعية الدفع بمجرد الإنتهاء من إنشائه، وتعليقاً على الإتفاقية الجديدة، قال سعادة سيف الهاجري، الرئيس التنفيذي لشركة «توازن القابضة»: «في ظل تنامي التنافسية في قطاع الصناعات الدفاعية على المستوى العالمي، تبرز أهمية سعي الشركات المصنّعة نحو إيجاد طرقٍ جديدة لتوسيع أعمالها، وقد قمنا باختيار مجمّع تنمية الصناعات الميكانيكية ليكون شريكاً لنا نظراً لما يتمتع به من قدرةٍ على الجمع بين المعايير العالية والقيم التي تتماشى مع قيمنا، ويضاف إلى ذلك كون الجزائر بوابة طبيعية للأسواق الإفريقية الجديدة التي ستسمح لنا بالبحث عن فرصٍ تجارية جديدة في المستقبل القريب»، وأضاف سعادة الهاجري: «باتت المنتجات الدفاعية المصنوعة في دولة الإمارات مرادفاً للتصميم المبتكر والجودة العالية بسرعةٍ كبيرة، الأمر الذي يعزّز ما تشهده الدولة من تطور وتنمية، وتفخر شركة «نمر» بقدرتها على تصدير التقنيات المطوّرة محلّياً والمصممة لتوفر المعارف والمهارات التقنية المطلوبة في الأسواق الأخرى ضمن فترةٍ زمنيةٍ قصيرة، ونحن على ثقةٍ عالية من تعزيز «نمر الجزائر» للسمعة الإستثنائية التي تقوم العملية الإماراتية بتطويرها مع مشتري ومستخدمي المنتجات الدفاعية في المنطقة وخارجها»، وسوف يقوم المشروع المشترك بإنتاج مركبات «نمر» لتلبية متطلبات عملاء مثل القوات المسلحة الجزائرية ووزارة الداخلية، في ظل القدرة على تزويد القوات المسلحة بما يصل إلى 2500 مركبة خلال الفترة الزمنية المقبلة التي تمتد بين 10 و15 سنة.
أكد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية نائب رئيس مجلس الوزراء على أهمية قيام صناعة عسكرية وطنية في دولة الإمارات، وأوضح خلال زيارته إلى جناح شركة « كاراكال الدولية « بمعرض الأمن الدولي ودرء المخاطر (آيسنار 2008 ) أن «كاراكال» تعد أول شركة وطنية متخصصة في صناعة الأسلحة الخفيفة بدولة الإمارات، وأشاد بالصناعة الدفاعية المتطورة التي تنتجها شركة « كاراكال الدولية « ضمن أفضل المواصفات والمعايير العالمية مما يؤكد القدرات الكبيرة التي تمتلكها الإمارات في مجال التصنيع الدفاعي والعسكري، وأكد سموه دعمه وتشجيعه للصناعة الدفاعية الوطنية القائمة، منوهاً بإمكانيات ومهارات الكوادر القادرة على تأسيس قاعدة صناعية إماراتية متطورة تحقق الاكتفاء الذاتي لمتطلبات الأمن، وتفي باحتياجات دول المنطقة، وأثنى على جهود القائمين على الشركة وخبرات فريق « كاركال « في التصنيع الدفاعي، معرباً عن أمله في استمرار إنجازات الشركة العالمية خلال المرحلة القادمة ورفع اسم الإمارات عالياً ضمن الدول المتقدمة المصنعة للأسلحة الدفاعية.
من مجلة درع الوطن الاماراتية
http://advancedteam.co/nation_shiel...سكرية-في-الإمـارات...مؤشرات-وأبعاد-إستراتيجية