معلومات أساسية عن "الأبعاد العسكرية المحتملة" لبرنامج إيران النووي

إنضم
16 فبراير 2013
المشاركات
3,015
التفاعل
8,014 0 0
الدولة
Saudi Arabia
IranUraniumRTXOHH5-198x132.jpg





بينما بدأ كبار المسؤولين من إيران ومجموعة «دول الخمسة زائد واحد» - الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا - جولة أخرى من المحادثات النووية في فيينا في الفترة 16 - 20 حزيران/يونيو، ثمة قضية رئيسية لا يمكن أن تُترك دون حلّ وتتعلّق بالجوانب العسكرية المشتبهة لبرنامج إيران النووي. فـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" ["الوكالة الدولية"] تقوم حالياً بالتحقق من الأبعاد العسكرية المحتملة (PMD) لهذا البرنامج، كجزءٍ من "إطار عمل للتعاون" مع إيران. ولكن من غير المرجح أن يتم حل هذه المسألة قبل الموعد النهائي المستهدف في 20 تموز/يوليو، الذي حددته "خطة العمل المشتركة" للتفاوض على اتفاق نووي شامل بين إيران ومجموعة «دول الخمسة زائد واحد».

وعلى الرغم من أنّ المفاوضات تهدف أساساً إلى التوصل إلى اتفاق شامل يحدّ من نطاق ومستوى قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم، تُرك حلّ قضايا الأبعاد العسكرية المحتملة لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، التي تعمل مع إيران لتنفيذ سلسلة من تدابير الشفافية للتحقق من الطبيعة السلمية البحتة لبرنامجها النووي. ووفقاً لذلك، تنصّ "خطة العمل المشتركة" على أنّ لجنة مشتركة تتألف من إيران والاتحاد الأوروبي/مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» "ستعمل مع «الوكالة الدولية» لتسهيل حلّ المسائل التي شكّلت أو ستشكّل مصدر قلق" - في إشارة واضحة إلى ملف الأبعاد العسكرية المحتملة. ومع ذلك، قد يكون الرئيس الإيراني حسن روحاني وفريقه التفاوضي النووي غير قادريْن أو غير راغبيْن في الإجابة على الأسئلة المتعلقة بوجود برنامج عسكري نووي موازٍ، نظراً للبيروقراطية المتأصلة في البلاد والمخاوف من التخريب السري.

تاريخ أنشطة التسلّح المزعومة

بعد وقت قصير من الكشف العلني عن الأنشطة النووية الإيرانية غير المعلنة في عام 2002، ذكرت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" في تقاريرها الوقائية أن بعض عناصر البرنامج النووي الإيراني يمكن أن تُستخدم لأغراض عسكرية، ولكنها لم تضع أساساً تفصيلياً لهذه المخاوف حتى أيار/مايو 2008 وتشرين الثاني/نوفمبر2011. وقدّم التقرير الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 تحليلاً مطوّلاً للأدلة التي تشير إلى أنشطة تسلّح ممكنة تقوم بها إيران. ووفقاً لـ "الوكالة الدولية" حصلت هذه الأنشطة في إطار "برنامج منظم" قبل وقفها في عام 2003، وتضمّنت مؤشرات على أنشطة مرتبطة بـ "تطوير جهاز تفجير نووي، واستمرت بعد عام 2003" وقد تكون لا تزال مستمرة حتى اليوم. وأشار ملف قضايا الأبعاد العسكرية المحتملة إلى أنّ المنظمات التي قد تكون مرتبطة بـ "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني وغيرها من فروع القوات المسلحة قد لعبت دوراً في برنامج تخصيب اليورانيوم في البلاد وتصنيع معدات ذات صلة نووية، فضلاً عن "دراسات مزعومة" في ثلاثة مجالات تقنية هي: "مشروع الملح الأخضر" الذي يتعلق بتحويل ثاني أكسيد اليورانيوم (UO2) إلى رباعي فلوريد اليورانيوم (UF4)، المشار إليه باسم الملح الأخضر؛ والاختبارات المتعلقة بالمتفجرات شديدة الانفجار، بما في ذلك تطوير الجيل الجديد من الصواعق الآمنة (EBWs)؛ وتصميم المركبة العائدة الصاروخية.

وقد تم توحيد أنشطة التسلّح الإيرانية المزعومة في "خطة آماد" (AMAD Plan) التي يقودها محسن فخري زاده، وهو ضابط بارز في صفوف "الحرس الثوري الإسلامي" وأستاذ في الفيزياء النووية. وتقدّر "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أنه تمّ وقف "خطة آماد" فجأةً بعد أن صدر "أمر وقف" من قبل كبار المسؤولين الإيرانيين في أواخر عام 2003 - ربما بناءً على توجيهات من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي - ويرجع ذلك جزئياً إلى تزايد المخاوف في طهران بشأن الحملة العسكرية التي كانت الولايات المتحدة تقودها في العراق. وقد حدث ذلك بعد وقت قصير من اختيار خامنئي لروحاني، الذين كان في ذلك الحين الأمين العام لـ "المجلس الأعلى للأمن القومي"، ليصبح كبير المفاوضين النوويين ويدير التداعيات الدبلوماسية للكشف عن أنشطة إيران النووية السرية. والجدير بالذكر أنّ أعضاء اللجنة النووية التابعة لـ "المجلس الأعلى للأمن القومي" شملوا آنذاك، بالإضافة إلى روحاني وعدة أشخاص آخرين، مسؤولَيْن ساعدا على الإشراف على جوانب "خطة آماد" وهما: وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة (MODAFL) علي شمخاني ونائبه علي حسيني طاش. وبعد عام 2003، أشارت "الوكالة الدولية" إلى أنّ فخري زاده استأنف بعض الأنشطة التي كانت تجري في إطار "خطة آماد"، وذلك من خلال منظمات جديدة استفادت من موارد من الجامعات الإيرانية وواصلت تقديم تقاريرها إلى وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة.

وفي آب/أغسطس 2007، وافقت إيران على مناقشة قضايا تتعلّق بأنشطتها الخاصة بالأبعاد العسكرية المحتملة كجزءٍ من خطة عمل مع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، ولكن في النهاية، فشلت المناقشات في أيلول/سبتمبر 2008 بعد أن قام كبار المسؤولين الإيرانيين بإلغاء الاجتماعات والزيارات. وقد أشارت "الوكالة الدولية" في إحاطة إعلامية فنية في تلك الفترة إلى أنّ الحاجة التي تعبّر عنها إيران إلى الجيل الجديد من الصواعق الآمنة "لا تتوافق مع أيّ تطبيق آخر سوى تطوير سلاح نووي." وقد اعترفت إيران بأنها تعمل على الجيل الجديد من الصواعق الآمنة لأغراض تقليدية غير نووية، وشدّدت على أنّ أيّ ادعاءات على العكس من ذلك تقوم على "وثائق مزورة" و"بيانات ملفّقة."

وبموجب "الإطار الحالي للتعاون"، قدّم فريق التفاوض الذي عيّنه روحاني معلومات إضافية لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" لإثبات مزاعمه بأنّه "يتمّ اختبار إطلاق الجيل الجديد من الصواعق الآمنة بشكلٍ متزامن من أجل تطبيق مدني،" ولكن بقيت المسألة دون حلّ. وفي 20 أيار/مايو، وافقت إيران أيضاً - من بين تدابير أخرى - على توفير معلومات لـ "الوكالة الدولية" تتعلق بدراسات النمذجة الإيرانية الرامية إلى استخدام المتفجرات لضغط وتفجير أساس السلاح النووي المكوّن من يورانيوم عالي التخصيب. وتشير التقارير الإعلامية إلى أنّ "الوكالة الدولية" قد أخّرت نشر معلومات جديدة بشأن الجوانب العسكرية لبرنامج إيران النووي لئلا تعرقل المفاوضات الجارية بين إيران ومجموعة «دول الخمسة زائد واحد». وفي 26 نيسان/أبريل أبلغت "الوكالة الدولية" إيران بأنها ستجري "تقييم نظام" أوسع للقضايا المتعلقة بالأبعاد العسكرية المحتملة، ومن غير المرجح أن ينتهي التقييم قبل الموعد النهائي الذي حدّدته "خطة العمل المشتركة" في 20 تموز/يوليو.

القيود المحلية

على الجبهة الداخلية، إن قدرة إدارة الرئيس روحاني على معالجة القضايا المتعلقة بالأبعاد العسكرية المحتملة مقيّدة بالفتوى التي أصدرها المرشد الأعلى في عام 2003 لحظر "إنتاج" الأسلحة النووية و"استخدامها،" دون الإشارة بشكلٍ واضح إلى قدرة تطوير أسلحة نووية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على روحاني أن يجد طريقةً للتوفيق بين تدابير الشفافية المطلوبة في كلّ من "خطة العمل المشتركة" و «إطار التعاون لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"» مع الأنشطة النووية الإيرانية المجزّءة جداً، وبين المخاوف من عمليات التخريب السري. ووفقاً للرئيس روحاني، نشر الباحثون الطلاب في المؤسسات التابعة لـ "الحرس الثوري الإسلامي" والذين عملوا مع فخري زاده أو غيرهم من العلماء المرتبطين بـ "خطة آماد" بنشر دراسات كان ينبغي أن تبقى مخفيّة عن "الوكالة الدولية". وفي خطاب في عام 2004، أوضح الرئيس روحاني، كونه كبير المفاوضين النوويين: "أبقينا بعض الأمور سرية واعتقدنا أنّه لا يعرف بها أحداً. ولكنّ نفس الأمور التي أردنا أن نبقيها مخفية ظهرت للأسف كأطروحات لنيل شهادات الماجستير والدكتوراه أو كأوراق علمية منشورة."

في عام 2008، قدّمت إيران لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" نسخةً عن بحث أكاديمي متعلق بأعمال تطوير الجيل الجديد من الصواعق الآمنة قدّمه باحثان إيرانيان - داريوش رضائي نجاد ومجتبى داداش نياجاد - في مؤتمر للهندسة الكهربائية. وقد نُشر البحث تحت رعاية "جامعة الملك عشتار للتكنولوجيا"، التي كان يرأسها آنذاك فخري زاده، وتمّ تقديمه أيضاً في مؤتمر سابق في الصين. وبعد ثلاث سنوات من تقديم إيران البحث لـ "الوكالة الدولية"، في تموز/يوليو 2011، اغتيل العالم رضائي نجاد خارج منزله في طهران. وقد عبّر فريدون عباسي دواني، الرئيس السابق لـ "منظمة الطاقة الذرية الإيرانية" (AEOI) والذي نجا نفسه من محاولة اغتيال وكان عالماً أساسياً يشاع أنه عمل بشكل وثيق مع فخري زاده، عن قلقه إزاء الحاجة إلى إخفاء المعلومات بشأن برنامج إيران النووي عن "الوكالة الدولية". وقال في مقابلة مع صحيفة "خراسان دايلي" Khorasan Daily إنّ "وكالات الاستخبارات الغربية تعاير تحركاتها استناداً إلى التقارير المسرّبة لـ «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وتتمكّن من خلال هذه التقارير من تحديد حجم الدمار الذي ألحقته بآلاتنا ومعداتنا النووية."

وعلى الرغم من أنّ فخري زاده يبقى بعيداً عن الأضواء، إلا أن عباسي هو من المؤيدين المتحمسين لتوسيع قدرات إيران النووية ومن أشدّ منتقدي جهود التفاوض التي يبذلها الرئيس روحاني. وقد أقيل عباسي من منصبه في آب/أغسطس 2013 بعد فترة قصيرة من انتخاب الرئيس روحاني، ولكنه لم يبتعد عن الأضواء. وفي مؤتمر عُقد في مبنى السفارة الأمريكية السابقة في طهران في الثالث والرابع من أيار/مايو تحت عنوان "نحن قلقون"، قال عباسي: "لم يكن ينبغي بالمفاوضين [من إدارة روحاني] تقديم تنازلات بشأن هذه المسألة." وردّاً على الشائعات التي أفادت أنّ الرئيس روحاني قد فصل العلماء النوويين الذين عارضوا فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني، أقرّ المتحدث باسم "منظمة الطاقة الذرية الإيرانية" بهروز كمال واندي بأنّ الرئيس روحاني قد نقل مؤخراً عدة مسؤولين من مناصبهم ولكنّ "لم يكن هناك سوى عدد محدود من الأشخاص ذات الصلة، ولم يكونوا علماء كما لم يتم فصلهم."

التداعيات

إن تقييم "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" المستمر للقضايا المتعلقة بـ "الأبعاد العسكرية المحتملة" لبرنامج إيران النووي - والذي من غير المرجّح أن ينتهي قبل الموعد النهائي الذي حددته "خطة العمل المشتركة" بتاريخ 20 تموز/يوليو - هو أساسي للتوصّل إلى اتفاق شامل وقابل للتحقق بين إيران ومجموعة «دول الخمسة زائد واحد». إن ترك حلّ هذه القضايا المتعلقة بـ "الأبعاد العسكرية المحتملة" إلى ما بعد التوصل إلى اتفاق شامل قد يمنح إيران مزيداً من الوقت لمتابعة أنشطة غير مشروعة، بما في ذلك بناء مجمع بارشين العسكري، حيث قد يكون قد تمّ إجراء اختبارات على متفجرات شديدة الانفجار ذات صلة بالصواعق النووية. وبدلاً من ذلك، قد تختار طهران الإفصاح عن حقيقة أعمال التسلّح السابقة التي كانت تقوم بها وأتاحة الوصول غير المقيّد إلى المواقع العسكرية والأفراد الرئيسيين أمثال فخري زاده. إن تصديق "مجلس الشورى الإسلامي" على البروتوكول الإضافي لـ "الوكالة الدولية"، المشار إليه في "خطة العمل المشتركة" كعنصر من اتفاق شامل، من شأنه أن يسهّل أنشطة التحقق التي تجريها "الوكالة"، ولكنه لن يحلّ المشكلة الناجمة عن انعدام الشفافية الكاملة والتعاون من الجانب الإيراني على إغلاق ملف "الأبعاد العسكرية المحتملة".

بالإضافة إلى ذلك، سوف يحتاج الرئيس روحاني إلى دعم شعبي مستمرّ من خامنئي لإدارة التداعيات السياسية الداخلية الناتجة عن مجرد اعتراف ضمني بجهود التسلّح التي كانت تبذلها طهران في الماضي، ورسم مستقبل مختلف للعلماء النوويين المتورطين، في نهاية المطاف. ولكن مع ذلك، إذا تمّ تمديد المفاوضات النووية إلى ما بعد الموعد النهائي الذي حددته "خطة العمل المشتركة" في 20 تموز/يوليو وفشل إيران في إحراز تقدّم كافٍ مع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بشأن إغلاق ملف الأبعاد العسكرية المحتملة، تكون طهران قد قوّضت إلى حدّ خطير من مهمة التحقق التي تقوم بها "الوكالة الدولية"، الأمر الذي يمكن أن يمثل سابقةً خطيرة للدول الأخرى التي تشكّل مصدر قلق من ناحية انتشار الأسلحة النووية.



نعمة جيرامي هو زميل باحث في "مركز دراسات أسلحة الدمار الشامل" في "جامعة الدفاع الوطني" الأمريكية. الآراء الواردة في هذه المقالة تخص الكاتب ولا تعكس السياسة الرسمية أو موقف "جامعة الدفاع الوطني" أو وزارة الدفاع أو الحكومة الأمريكية.
 
عودة
أعلى