.
كشف تقرير لمجموعة «ستراتفور» البحثية الأمريكية أن مصر ظهرت مؤخرا كشريك محتمل لروسيا، فى إطار مساعى موسكو للتقليل من شأن المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط.
واستدل التقرير على هذه الشراكة المرتقبة بسلسلة الاجتماعات التى جمعت بين مسئولين مصريين وروس فى نهاية مارس الماضي، حيث بحث الجانبان بنود اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الجمركى الذى تقوده روسيا ويضم كلا من كازاخستان وبيلاروسيا، إلا أنه لن يتم اتخاذ قرار نهائى بهذا الصدد قبل الانتخابات الرئاسية المقررة فى 26 و27 من مايو المقبل.
وأشار التقرير إلى أنه فى الوقت الذى تواجه فيه مصر سلسلة من الأزمات، متمثلة فى نقص الطاقة بسبب العجز فى الغاز الطبيعي، يصحبها فاتورة ضخمة لواردات القمح من الخارج، إلى جانب تراجع احتياطى مصر من النقد الأجنبي، فإن روسيا تعمل على طرح نفسها كشريك استراتيجي.
وتؤكد مجموعة «ستراتفور» فى تقريرها أنه على الرغم من المصالح المشتركة التى تجمع بين القاهرة وموسكو ، إلا أنه من الصعب التغاضى عن العلاقات المصرية-الأمريكية كما أن التنافس الروسى الأمريكى على بسط نفوذهما على مصر سيتيح أمام الحكومة المصرية الجديدة الفرصة للاستفادة من القوتين العالميتين الرئيسيتين.
فالجانب الروسى يسعى لتوطيد العلاقات مع القوى الرئيسية فى الإقليم ، وهو ما سيساعد فى دعم صورتها ليس فقط كقوة عالمية كبرى، ولكن سيقلل أيضا من وضع الولايات المتحدة كقوة عظمى.
وعلى الرغم من أن إيران نجحت فى خدمة هذا الهدف الروسى على مدى أعوام طويلة، ولكن فى ظل المفاوضات النووية الأمريكية- الإيرانية الراهنة فرضت على موسكو البحث عن حلفاء جدد فى المنطقة، وهو ما دفع روسيا إلى دعم علاقاتها مع سوريا وفتح باب المفاوضات للتجارة والاستثمار فى العراق. ولكن يبدو أن الفرصة الأكبر تنتظرها فى مصر، خاصة فى ظل المتاعب الاقتصادية التى تعانى منها البلاد ، والتى دفعت القاهرة للبحث عن حلول طويلة وقصيرة المدى لأزماتها المالية ومشاكل الأمن الغذائى وتحديات الطاقة.
فقد تراجع احتياطى النقد الأجنبى فى البنك المركزى إلى مستويات خطيرة خلال فترة حكم الرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسي، بسبب الإضطرابات السياسية والاجتماعية والتى انعكست سلبا على الاستثمارات الأجنبية والسياحة، كما أن زيادة الطلب المحلى على الطاقة انعكس سلبا على صادرات مصر من الغاز الطبيعى والذى يعتبر أحد المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي، ولكن روسيا بصادراتها الكبيرة من القمح وخبرتها الواسعة فى إنتاج الغاز الطبيعى ودورها الرائد فى تجارة السلاح العالمية جعل منها الشريك المناسب لدعم المساعدات التى تقدمها كل من السعودية والكويت والإمارات لمصر. ويؤكد التقرير أن مصر طالما كانت أكبر سوق للقمح الروسي، حيث استوردت القاهرة بالفعل خمس صادرات روسيا من القمح، أما فيما يتعلق بالغاز الطبيعي، فإن مصر أعلنت عن خططها لشراء الغاز الروسى المسال.
ويؤكد التقرير أنه عقب الإطاحة بالرئيس الإخوانى المخلوع بدا أن مصر تبحث عن شريك جديد، وهو ما ظهر جليا خلال زيارة المشير عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع السابق لموسكو، حيث تركزت المباحثات حول صفقة سلاح تقدر قيمتها بمليارى دولار من الطائرات المقاتلة والأسلحة الروسية. ولكن بقدر ما تبدو هذه المباحثات واعدة، إلا أنها لن تحول دون ارتكاز مصر على المحور الأمريكي، خاصة وأن الجيش المصرى يعتمد حاليا بشكل كامل على السلاح والمعدات الأمريكية، بحسب ما ذكره التقرير.
وإلى جانب المباحثات العسكرية، فإن روسيا تبحث إنشاء منطقة صناعية فى مصر لتصنيع الآلات والمعدات الزراعية والتى يمكن استخدامها فى مصر وروسيا. كما أبدت موسكو استعدادها لتطوير البنية الأساسية والمصانع والمنشآت التى تم تشييدها على يد الحليف السوفييتى لمصر فى الماضي، وخاصة مصانع الحديد والصلب فى حلوان ومصنع الألومينيوم فى نجع حمادى والسد العالى فى أسوان.
واختتمت ستراتفور تقريرها بالإشارة إلى أنه بالرغم من الفوائد المتبادلة بين مصر وروسيا، فعلى روسيا أن تحسب جيدا الخسائر التى ستتكبدها نتيجة دعم الاقتصاد المصرى المتردي، بحسب تعبيرها، وعلى مصر أن تحسب أيضا الفائدة التى ستعود عليها جراء الدعم الروسى مقارنة بالمساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية.
واستبعد التقرير أن تتمكن روسيا بمساعداتها المحتملة لمصر من زعزعة النفوذ الأمريكى فى المنطقة والذى ترسخ عبر العقود الماضية، كما ذكر أن واشنطن ستحرص على مواصلة ودعم علاقاتها مع مصر فى مجالات مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود المصرية- الإسرائيلية، وضمان فتح قناة السويس أمام حركة التجارة العالمية، بحيث تخدم العلاقات المصرية- الأمريكية مصالح الحكومة المصرية.
.
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/278140.aspx