جيش العراق نصر ذهبي وأسطورة دفاعية / د . مهند العزاوي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,778
التفاعل
17,896 114 0

جيش العراق نصر ذهبي وأسطورة دفاعية


الدكتور مهند العزاوي



يستذكر الشعب العراقي ذكرى تأسيس الجيش العراقي وقد تأسس في 6 كانون الثاني 1921 " وأطلق عليه الشعب العراقي السد العالي ضد طوفان الأطماع الإقليمية , اضافة الى ألقاب مختلفة أبرزها: جيش الشعب , جيش الأسطورة , الجيش العملاق , السد العالي , سور العراق , مصنع الأبطال , صمام الأمان , حارس البوابة الشرقية,أسطورة العرب , رجال المهمات الصعبة , صانع الانتصارات تمجيدا بدور الجيش العراقي المقدام .

المتصدي الشجاع
شكل الجيش العراقي مرتكز القدرة العسكرية والقوة الصلبة في معادلة الاستقرار والتوازن العربي الإقليمي , وكان المتصدي الشجاع ضد الأطماع والتهديدات طيلة سفره الخالد , لم يكن جيش حاكم كما روجت مؤسسات الدعاية الحربية , بل كان جيش مهني حرفي يستمد قوته من منظومة الضبط العسكري , ويعتمد على سياقات رصينة تتسق بالمعايير والمفاهيم العسكرية والعقيدة الوطنية , ويرتقي في ادائه إلى مصاف المؤسسات العسكرية الدولية , وقد أنجب عدد من القادة الكبار والسياسيين , ملوك , رؤساء دول , رؤساء حكومات , علماء , مفكرين.

ثقة الشعب
حظى الجيش العراقي بثقة ومحبة وتأييد وإعجاب الشعب العراقي والعربي وأحرار العالم , وسطر مآثره وانتصارات على صعيد حروب الدفاع الوطني وحروب الدفاع العربي بصماتها التاريخية عالقة بالأذهان حتى الان , وكان الشعب العراقي ينظر اليه بفخر وثقة نظرا لسلوكياته الوطنية وشهامة منتسبيه وتمسكهم بالقيم العراقية وأخلاقيات الفارس .

اسطورة العرب
شارك الجيش العراقي الاصيل في حروب قدر الله أن يكون فيها الجيش العراقي أمام عدو دوما متفوق عليه بالعدد والعدة والعوامل الاخرى ومنها ضيق المناورة السوقية وتعقيدات مسارح العمليات وتحديدات ساحة الحركات العراقية , وتمكن بحرفيته من خرق المعادلات النظرية والخطط العسكرية , وتخطى عدد من الحسابات العسكرية التقليدية , ودحر تفوق القوى المعادية ليخرج منتصرا على خصومه مسجلا ملاحم في تاريخه المتخم بالانتصارات العسكرية وكان ابرزها حرب الدفاع ضد ايران والتي حقق فيها نصرا تاريخيا واستحق ما يطلق عليه "أسطورة العرب " .

تاريخ مشرف
يعد الجيش العراقي الأصيل من الجيوش الحرفية المتميزة في العالم الثالث وله تاريخ مشرف في الحروب الدفاعية , ولعل ابرز مواقفه المشرفة هي :- ثورتي الضباط الأحرار في مايس عام 1941 , وثورة تموز 1958 , وكذلك حروب الدفاع العربية - 1948 , 1956 , 1967 وحرب تشرين 1973 وسطر فيها مواقف بطوليه وملاحم قتاليه وانتصارات شهدها العرب عبر جبهتي المواجهة السورية والمصرية.

نصر ذهبي
استطاع الجيش العراقي الاصيل تحقيق نصر ذهبي على عدو طامع يحمل لواء التدمير للعراق , وأفرزت الحرب العراقية الإيرانية تطور في تاريخ الجيش لحرب ضروس دامت ثماني سنوات , أشعل فتيلها الاستفزاز الايراني عبر مليشياته الطائفية والتي نفذت تفجيرات إرهابية في وسط حشود الطلاب العزل بالجامعة المستنصرية , وذهب ضحيتها الطلاب المدنيين الأبرياء , واستمرت التفجيرات الإرهابية أخرى التي استهدفت مرافق مدنية أهلية وحكومية , إضافة إلى أعمال عسكرية عدوانية كضرب المخافر الحدودية , جميع تلك الأحداث شكلت تهديدات مركبة خطيرة تحتم ضرورة الردع الإستراتيجي والقبول بخوض حرب الضرورة الدفاعية ضد مشروع تصدير الثورة الايرانية , وكانت ايران قد احتلت مدن وقصبات عراقية بعد ان رفضت عرض العراق بوقف اطلاق النار والموافقة على قرار الامم المتحدة بوقف الحرب عام 1982 , واستخدمت فلسفة "الصدمة والترويع " لتهديد سلامة المجتمع والشعب العراقي , وقامت بضرب أهداف مدنيه وأحياء سكنية بالطائرات والصواريخ البالستية , وذهب ضحيتها المدنيين الأبرياء (( شهد العراق يوم مؤلم ودامي بسقوط صاروخ إيراني نوع ارض - ارض على مدرسة أطفال "بلاط الشهداء " عند بدء الدوام الصباحي , وبحضور جميع الطلاب , واستشهد 36طفلا وجرح 188 , وتعد تلك جريمة حرب كبرى وفق معايير القانون الدولي)), وبالرغم من التفوق العسكري الإيراني وتقعر الطبوغرافيا المجافي , كان الاستنباط والاجتهاد والمعالجة قد ميز فرسان الجيش العراقي ومكنهم من التوازن وحسم معارك دفاعية كثيرة سطرت ملحمة النصر الشامل في 1988 وحقق نصر ذهبي , ولا زالت هذه الحرب مزمنة ومركبة وتغير جلدها وتتعايش مع المتغيرات لان هذه الحرب لم تحسم قانونيا ولم تحرر معاهده صلح وعدم اعتداء دولية مما جعل مسارح الحرب تتنوع وتتسع لتصل اليوم إلى النفوذ الإيراني الذكي في العراق .
خطيئة إستراتيجية وتفريط بالقوة
استدرج الرئيس العراقي الراحل إلى فخ إستراتيجي قاتل وجيب مهلك (اجتياح الكويت) , ويعد ابرز تحول سياسي في مسيرة ومستقبل العراق على الصعيد الإستراتيجي , وقد ألقى بظلاله على تطور المؤسسة العسكرية العراقية ودورها في استقرار المنطقة , وكان القرار بمثابة خطيئة إستراتيجية محط تساؤلات محيرة يصعب الإجابة عليها حتى الآن , خصوصا في ظل تجاهل ثوابت أساسية أبرزها : الدفاع العربي المشترك , الجيرة , الشعب العربي الإسلامي , تحالف وتقاطع المصالح , التوازن العربي الإقليمي , شبكة المصالح الدولية , التهديدات الإقليمية , جميع تلك الثوابت لم تكن حاضرة لتلافي الخلاف العراقي الكويتي , وهو خلاف سطحي وعاطفي , شكل بيئة حربية ومناخ عداء , وبذلك دخل العراق جيب مهلك بعد التفريط بالقوة وسوء استخدامها وتعنت الجار بعاطفة الكراهية التي تفوق الحسابات الاستراتيجية .

حرب غير متكافئة
يعاتب محبي الجيش العراقي حول ما آلت أليه نتائج الصراع المسلح عام 2003 , وأسباب عدم الصمود في حرب كونية لمدة أطول من22يوم , ونقول بصراحة لقد كانت الاستعدادات للحرب دون المستوى وتفتقد لدقة الحدس بالخصم ومسالكه الحربية المتطورة , مقارنة بالقدرات الأمريكية الناعمة والذكية وخصوصا الخشنة التي استكملت منظومة الحرب الكونية:
*مكننة الحرب ونقل المتفجرات جوا
*الهيمنة على الميدان النووي وتجزئة القدرات النووية إلى قدرات حربية ميدانية"نووي محدود"
*السيطرة على الفضاء وتطويعه لخدمة الحرب
*ثورة المعلومات وبذلك تعزز الأداء الحربي الذكي والفعال لمراقبة ساحة المعركة لأربع وعشرين ساعة,
ناهيك عن المتغيرات الحربية المعاصرة وانتهاجها شمولية الحرب واتساع مسارح الحركات , واشتراك الجار المسلم بالحرب من خلال ادخال مليشيات مسلحة تقاتل الى جانب الثوات الامريكية اثناء عمليات الغزو الامريكي للعراق وقد اعترف ابطحي علنا عام 2004 عندما قال لولا ايران لما تمكنت امريكا من احتلال العراق وأفغانستان ؟

انتقام الخاسر المهزوم
شهد العراق تجريف قدراته العسكرية من قبل امريكا وايران بعد غزو العراق 2003 وبما ليتسق مع اتفاقية جنيف الدولية , ومنظومة الأعراف المهنية , مما ترك فراغ كبير أسهم في ملئ الفراغ السياسي المليشياوي من إيران , وشهدنا تحريف للتاريخ وتجريم وقائع حربية وتهديدات داخلية تعرض لها العراق أثناء الحرب الدفاعية , وبمنحى سياسي وبأثر رجعي , وهذا غير جائز قانونيا وشرعيا وسياسيا وحتى أخلاقيا , لان عقيدة ومهام الجيش نابعة من العقيدة السياسية وهي "الدفاع عن العراق ودرء المخاطر عن الشعب وديمومة التنمية البشرية والاقتصادية وصيانة الثروات الإستراتيجية " وتلك المهام نفذها الجيش العراقي بحرفية عالية , ويبدوا أن تاريخ الجيش العراقي المشرف جعله يدخل دائرة الاستهداف السياسي وخصوصا الطرف الخاسر بالأمس والمنتقم اليوم وهي ايران الفقيه , وتعرضت المؤسسة العسكرية العريقة لكافة أنواع التدمير والاستنزاف البشري والمعنوي والمادي , وترجمت على شكل محاكمات سياسية وتهم كيدية وتجريم وقائع حربية وبأثر رجعي , واعتقالات وتعذيب منهجي , وتصفيات جسدية , وتهجير منظم , واستيلاء على الممتلكات , نعم انه انتقام الخاسر المنهزم ممزوج بأحقاد إيديولوجية طائفية وأطماع توسعية .

صمام أمان
شكل الجيش العراق الأصيل , بطبيعة تنظيمه ونمط مهامه الدفاعية , صمام أمان اجتماعي وسور لحدود العراق , بغية الحفاظ على وحدة أراضيه وصيانة ثرواته , وتعزيز التماسك والتلاحم المجتمعي , ولم يشهد العراق اينذاك حرب طائفية سياسية أو صراع عرقي اثني أو دمج مليشياوي أو مهام سياسية مريبة تنتهك حقوق الإنسان لإغراض حزبية , أو انتماء للمؤسسة على أساس طائفي أو عرقي بل كان جيش مهني حرفي بامتياز يعمل كفريق متجانس , وليزال الشعب العراقي ينظر إليه بفخر وعز ويناديهم بحماة الوطن.

شعب ثائر
ينتفض شعب العراق اليوم ثائرا ضد حكومة طائفية جسدت جرائم الابادة الطائفية بكل مستوياتها , وسخرت القوة والأموال العراقية لتأسيس جيش طائفي بسلوكياته تتخطى القيم والأعراف , وذهب منتسبيه الى اعتقال الاطفال الرضع والنساء والشيوخ ويحتجزهم بنفس طائفي دون سند قانوني وبلغت اعتقالات النساء الى 5100 امرأة من محافظات صلاح الدين والموصل والانبار وبغداد , وتمارس كافة الانتهاكات التي تحظرها الصكوك الدولية لحقوق الانسان والقيم الوطنية والأعراف العشائرية والمنظومات الاجتماعية , ومما يلفت النظر القتل خارج القانون والتعذيب حتى الموت دون رادع او مسائلة او قصاص , وتتمترس الحكومة الحالية خلف هذه السلوكيات القمعية والتي افقدت هيبة الجيش العراقي وحولته الى مليشيا تابعة للحاكم وحزبه الطائفي , وقد خرج شعب العراق بمظاهرات مليونية تصرخ من ظلم الحاكم والسلوكيات الطائفية المرتبطة بالمنهج الايراني الدموي .

تمر ذكرى تأسيس الجيش العراقي في ظل الاضطراب السياسي والأمني المزمن , والصراع على السلطة وطوئفتها , وتفاقم ظاهرة تجارة الطوائف المسلحة , وتسليح العشائر لصالح الحاكم التي ستجر العراق نحو الهاوية السحيقة بعد ان مزق قدراته الحكام الطائفيون الجدد , ولذلك لابد من وعي شعبي وتكاتف نخبي لرسم إستراتيجية مسئولة تعيد رسم السياسة وتوظف القوة تجاه التهديدات الخارجية الوشيكة وليس كما نشهدها قوات تقاتل وتعتقل شعبها والتي تنهش بالمجتمع العراقي , ويعد الحفاظ على العراق مسئولية الجميع , ولابد من خارطة طريق سياسية تفكك العنف وعسكره المجتمع طائفيا , ولابد للنخب المغيبة ان ترسم عقيدة سياسية وطنية موحده يكون الجيش العراقي أمينا عليها بعد أن يتم احكام النهايات السائبة والتصدعات البنيوية التي رافقت تشكيله , وفي ظل الربيع العراقي لابد من اعادة تشكيل النظام السياسي على اطر وطنية بإرادة شعبية وطرد الاحتلال الايراني , وتلك مسئولية وطنية كبرى واختبار صعب وضرورة ملحة لحماية العراق وشعبه واستعادة مكانته .

عن موقع العرب نيوز
 
شكرا لك استاذي نبيل على هذا المقال الرائع

تقييم
 
تجارب الجيش العراقي العملياتيه بكل انجازاتها الباهره(وحتى الاخفاقات)تستحق ان تدرس في ارفع الاكاديميات العسكريه لتأخذ دورها المناسب في صياغة الفكر العسكري
العربي باسهام هذا الجيش في خوض حروب ومعارك ولمدد مختلفه بقوة قتال بلغت في وقت من الاوقات بواقع لايقل عن58 فرقة بين دروع ومشاة ومشاة ميكانيكي
 
عودة
أعلى