(الصورة مأخوذه من أحد مواقع المعارضه البحرينيه الشيعيه)
في 6 آذار/مارس، صرح وزير خارجية البحرين أمام "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة بأن العنف المستمر في بلاده "مدعوم بشكل مباشر من قبل عناصر في جمهورية إيران الإسلامية". ورغم أن التصريح لا يفسر بشكل دقيق جميع أشكال العنف السياسي في البحرين، إلا أنه لا ينبغي بالضرورة أن يتم رفض هذه المزاعم باعتبارها دعاية حكومية، لأن تقديرات الاستخبارات الأمريكية تشير إلى أن إيران توفر في الواقع الأسلحة وما هو أكثر من ذلك إلى المقاتلين البحرينيين وآخرين في شبه الجزيرة العربية. ولكبح جماح هذه المساعدات، ينبغي على واشنطن زيادة دعمها المقدم إلى شركائها في دول "مجلس التعاون الخليجي".
الخلفية
إن الهجمات العديدة المرتبطة بإيران والتي وقعت في دول "مجلس التعاون الخليجي" في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979 ساعدت في تشكيل التصورات حول استعداد طهران وقدرتها على دعم العنف في الخليج. وتشمل العمليات الهجومية الأكثر شهرة محاولات انقلاب في عامي 1981 و 1996 من قبل "الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين" و " «حزب الله البحرين»"، على التوالي؛ وتفجيرات واختطاف الطائرات ومحاولة اغتيال أمير الكويت من قبل «حزب الله» وأتباعه العراقيين في ثمانينات القرن الماضي؛ وتفجير "أبراج الخُبَر" في عام 1996 من قبل «حزب الله الحجاز» في المملكة العربية السعودية.
وفي شباط /فبراير2011، بدأت مجموعات كبيرة من المحتجين - غالبيتهم من الشيعة - في التظاهر مطالبين بالإصلاح في البحرين، مما دفع المملكة العربية السعودية إلى إرسال قوات للمساعدة في قمع الانتفاضة بعد ذلك بشهر. وأرسلت الإمارات العربية المتحدة وحدات من الشرطة إلى الجزيرة للغرض نفسه. ويبدو أن هذه المستجدات ما هي إلا عوامل أولية وراء دعم إيران - الذي انتعش من جديد - لبعض المقاتلين في دول "مجلس التعاون الخليجي". فمنذ البداية قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن تدخل الرياض "غير مقبول"، كما حذَّر رئيس البرلمان علي لاريجاني من أن "نشر القوات من قبل عدد من الدول الإقليمية...سوف يضر قطعاً بالقصور الزجاجية - لملوكهم وأمرائهم - في المستقبل".
توفير السلاح للمقاتلين البحرينيين وتدريبهم
ومن وقت لآخر خلال السنوات الثلاث الماضية، أفادت البحرين بأنها صادرت عدداً من الأسلحة التي غالباً ما تضمنت مجموعة من القنابل المحلية الصنع والبنادق والذخيرة. وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر 2013، أعلنت المنامة عن مُصادرة كمية كبيرة على وجه التحديد من الأسلحة - شملت البنادق والذخائر، والمتفجرات، بما في ذلك العشرات من كتل "سي 4" والألغام والقنابل اليدوية التي كان يجري نقلها على متن أحد المراكب. وقد تضمنت بعض القطع علامات أشارت إلى أنها كانت مصنوعة في إيران أو سوريا. وتم إيقاف السفينة بينما كانت في طريقها على ما يبدو من العراق إلى البحرين، وشمل طاقمها اثنان من البحرين.
إن مدى ارتباط إيران بمحاولة التهريب الواضحة لا يزال غير واضح، لكن وفقاً للتقارير تعاملت الحكومات الغربية مع عملية مصادرة الأسلحة بحساسية بالغة. على سبيل المثال، ربما شكل الحادث أساساً لتقييم مجتمع الاستخبارات الأمريكي بأن طهران تمد المقاتلين البحرينيين بالأسلحة، كما مُبيّن في تقرير "تقييم التهديد في جميع أنحاء العالم" الصادر عن مكتب مدير الاستخبارات القومية الأمريكية في 29 كانون الثاني/يناير.
ومنذ بدء الانتفاضة، اتهمت المنامة طهران أيضاً بتوفير التدريب العسكري لبعض البحرينيين في إيران وأماكن أخرى، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق الجماعات المتحالفة. وفي تقرير خاص قدمته البحرين إلى الأمم المتحدة في نيسان/أبريل 2011، اتهمت شبه الجزيرة «حزب الله» بتدريب عناصر المعارضة في معسكرات في لبنان وإيران. وفي مناسبات عديدة في 2013، حددت العراق كموقع آخر للتدريب. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، قيل إن بحرينيين متورطين في مؤامرات عنف حضروا معسكرات تدريب تابعة لـ "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" في إيران ومعسكرات «حزب الله» العراقية في بغداد وكربلاء. كما زعمت البحرين مؤخراً أن بعض المتهمين في تفجير 3 آذار/مارس الذي أودى بحياة ثلاثة من ضباط الأمن في الضاحية ، كانوا قد تلقوا تدريباً في إيران، وهو الأمر بالنسبة لإثنين من البحرين تم أسرهما في الاستيلاء على القارب في كانون الأول/ديسمبر.
ولا توجد أدلة عامة موضوعية على التدريب الإيراني الحالي للبحرينيين، لكن نصوص استجواب غير سرية من شيعة عراقيين تلقوا تدريبهم في إيران في العقد الماضي توفر وصفاً محدوداً للأساليب التي قد تستخدمها طهران لتدريب الشيعة في الخليج.
الاتهامات السعودية
استشهدت المملكة العربية السعودية، مثلها مثل البحرين، بوجود يد إيران في جميع أشكال الأنشطة الشيعية الداخلية، العنيفة منها وغير العنيفة. وعلى وجه الخصوص، اتهمت الرياض إيران بدعم العنف في المنطقة الشرقية من المملكة ذات الغالبية الشيعية منذ ظهور احتجاجات "الربيع العربي" للمرة الأولى هناك. ومع اشتداد حدة العنف في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، أعلن وزير الداخلية السعودي أن "عدداً من نقاط التفتيش الأمنية والمركبات .... تعرض لهجمات متزايدة بالأسلحة النارية في منطقة القطيف من قبل مهاجمين يعملون طبقاً لأوامر أجنبية" - وهذا بالتأكيد إشارة إلى إيران.
ورغم أن دقة المزاعم السعودية بشأن "الأوامر الأجنبية" لا تزال غير واضحة، إلا أن السلطات السعودية مقتنعة فعلياً بأن إيران تحرض على هذا العنف. ووفقاً لمصدر مقرَّب من وكالة استخبارات عربية، ترى الرياض أن "قوة القدس" التابعة لـ "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" قامت بتدريب سعوديين على تنفيذ عمليات هجومية فعالة أثناء قيادة المركبات ضد أفراد الأمن في منطقتي القطيف والعوامية، والهدف الواضح من ذلك هو جذب النيران المضادة نحو حشود الشيعة.
حلقات تجسس
إن الدول الثلاث التابعة لـ "مجلس التعاون الخليجي" التي كانت الأهداف الأكثر شيوعاً للهجمات السابقة المرتبطة بإيران - الكويت والبحرين والسعودية - أخفقت في السنوات الأخيرة نشاطات ما زُعم بأنها شبكات استخبارات إيرانية. وقد أدانت الكويت عدة أفراد في آذار/مارس 2011 بتهمة جمعهم معلومات استخباراتية حول مواقع عسكرية لقوات "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني، بما في ذلك معلومات عن منشآت أمريكية. وأشار وزير الخارجية إلى أن الشبكة امتلكت الوسائل والنوايا "لتفجير منشآت كويتية حيوية."
وفي تموز/يوليو، أدانت البحرين أحد مواطنيها كجزء من القضية نفسها. وكان المشتبه به قد حدد مواقع حساسة في الكويت وقام بتصويرها، بما في ذلك منازل الأفراد العاملين في القاعدة البحرية الأمريكية، ومن ثم نقل المعلومات إلى دبلوماسيين إيرانيين في الكويت.
وفي آذار/مارس و أيار/مايو 2013، احتجزت المملكة العربية السعودية أكثر من عشرين شخصاً - معظمهم سعوديين - بزعم جمعهم معلومات عن منشآت هامة وتلقيهم أموالاً من "فيلق الحرس الثوري الإسلامي"، رغم أن كبار الشخصيات الشيعية السعودية البارزة أدانت هذه الاتهامات وقالت إنها مصطنعة. وعلى أي حال، قد يكون أمام طهران أسباب عديدة وراء مساعيها الأخيرة لجمع المعلومات الاستخباراتية في دول "مجلس التعاون الخليجي"، مثل تقييم المواقف العسكرية للولايات المتحدة [ودول] الخليج تجاه إيران، والتحضير للقيام بهجمات مضادة في حال شن ضربات ضد قدراتها النووية، أو وضع الأساس لشن هجمات مستقلة حال توجيه ضربة لإيران.
دور الولايات المتحدة
تستطيع واشنطن من خلال توسيع نطاق دعمها للجهود الرامية إلى كبح جماح المساعدات الإيرانية إلى المقاتلين في الخليج أن تحقق العديد من الأهداف في آن واحد. وبشكل أساسي، سوف تعمل هذه المساعدات على خدمة المصالح الأمريكية الأساسية في حفظ استقرار الخليج وأمنه، لا سيما أثناء فترة تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة. ومن جانبهم، سوف يرى شركاء الخليج الاستراتيجيون هذا الأمر باعتباره عملاً جاداً يصاحب الضمانات اللفظية للسياسة الأمريكية تجاه إيران - وعلى وجه الخصوص، سوف ترى الرياض هذا الأمر كدعم مباشر لجهود المملكة في مواجهة تحدياتها الداخلية الخاصة ودعماً لجارتها، البحرين، التي ينبني على وضعها الأمني تداعيات على المملكة العربية السعودية. إن المساعدات المقدمة إلى البحرين يمكن بدورها أن تمنح واشنطن نفوذا إضافياً للضغط من أجل تطبيق الإصلاحات هناك، استناداً إلى الحجة الصحيحة القائلة بأن الإجراءات ضد التدخل الإيراني لن تكون فعالة إلا إذا صاحبها احترام لحقوق الإنسان والمضي قدماً بالحوار بين الحكومة وغالبية المعارضة التي لا تستخدم العنف.
وعلى الجانب الأمني، ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة ووكالات الاستخبارات الخليجية تعاونت في قضايا تشمل مراقبة المنشآت الأمريكية، وتستطيع واشنطن أن تبني على هذا التعاون من خلال مواجهة العمليات الأخرى المرتبطة بإيران في الدول الشريكة. ويمكن أن يأخذ الدعم الجديد عدة أشكال: مشاركة المعلومات الاستخباراتية على نطاق أوسع بشأن الأفراد في دول "مجلس التعاون الخليجي" المرتبطين بالمساعدات الإيرانية للمقاتلين؛ والمساعدة في أعمال التدريب الجديدة وتنمية قدرات حرس السواحل والحدود وموظفي الجمارك المحليين لمساعدتهم على الحد من التغلغل الإيراني، وتعاون أعمق في مجال الأمن السيبراني؛ بل واتخاذ إجراءات إضافية لمواجهة المساعدات الإيرانية للمتمردين الحوثيين على طول الحدود السعودية مع اليمن - وهو شيء تراه المملكة تهديداً لأمنها.
وأخيراً، يجب إكمال التدابير الرامية إلى مواجهة الأنشطة الإيرانية بتصريحات خاصة للشركاء في دول "مجلس التعاون الخليجي" بغية الحد من التصوير الزائف والفج لجميع أنشطة الشيعة على أنها أدلة على التآمر الإيراني. إن هذا التصوير قد يفضي في نهاية المطاف إلى تحويل المزيد من الشيعة الخليجيين إلى متطرفين، مما يؤدي إلى نبوءة ذاتية التحقيق حول تآمر الشيعة مع طهران في الأعمال التحريضية والنشاطات المثيرة للفتنة.
لوري بلوتكين بوغارت هي زميلة أبحاث في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن.