بسم الله الرحمان الرحيم
بعدما جرى احتلال ما كان يسمى في نظر الاستعمار بـ "المغرب النافع" المكون من السهول والهضاب والمدن الرئيسية وبعدما تمكن الجيش الفرنسي من ربط المغرب الشرقي بنظيره الغربي عبر تازة في ماي 1914 توجهت أنظار الإدارة الاستعمارية نحو منطقة الأطلس المتوسط وبالضبط إلى مدينة خنيفرة لتطويقها وكسر شوكة مقاومتها في أفق فتح الطريق بين الشمال والجنوب عبر هذه القلعة الصامدة و التي شكلت إحدى المناطق التي اتخذها المقاومون مركزا للكفاح ضد الاستعمار
و لتحقيق ذلك قاد الجنرال غييوم قواته لاحتلال منطقة تادلة فحاول موحى اوحمو الزياني الحيلولة دون دخوله الى تادلة غير ان انبساط تضاريس المنطقة مكن الفرنسيين من الاستفادة من تفوقهم العسكري فاحتلو قصبة تادلة في مطلع يونيو 1914 فتراجع الى القصيبة فلحق به غييوم فكانت قوة تصدي المقاومين كبيرة اذ الحقت بجيوشه خسائر فادحة بعد معارك استمرت ثلاثة ايام ارغمته للتراجع اكثر الى منطقة خنيفرة على سفوح جبال الاطلس المتوسط لتنظيم حركة المقاومة من هناك
حيث يصف غييوم بسالة قبائل الزيانيين قائلا " لا تكمن قوة الزيانيين في كثرة عددهم بقدر ما تكمن في قدرتهم على مواصلة القتال بالاعتماد على ما كانو يتمتعون به من بسالة و تماسك و انتظام و ايضا بفضل مهارة فرسانهم البالغ عددهم 2500 رجل فكانوا بحق قوة ضاربة عركتها سنوات طويلة من الاقتتال كما كانت ايضا سرعة الحركة و الاقدام الى جانب القدرة العفوية على المقاتلة في الحرب الصفات المميزة لمقاتليهم "
و لم يتمكن غييوم من دخول خنيفرة الا يوم 12 يوليوز 1914 بعد حشد جيش تجاوز تعداده 30000 محارب بينهم فرقة من الفيلق الاجنبي بقيادة الكولونيل هينريس الذي اصبح جنرالا بعد مقتله وهي من قوات النخبة الفرنسية و الذين انتدبوا من بلعباس في الجزائر بعد تعثر الحملة مرارا مما حدى بموحى اوحمو ان يحتمي بين عشيرته في الجبال وما إن ذاع خبر وصول موحى وحمو الزياني إلى قرية الهري حتى سارعت القيادة الفرنسية إلى تدبير خطة الهجوم المباغت على المجاهدين غير آبهة بالأهالي الأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء
لقد تم الإعداد لهذا الهجوم بكل الوسائل الحربية المتطورة وحشد عدد كبير من الجنود كلهم من قوات الفيلق الافريقي نخبة الجيش الفرنسي بقيادة الكولونيل هينريس بالاضافة الى حشد من المرتزقة الاجانب لانهاء المقاومة المغربية سريعا كون الحرب العالمية الاولى بدأت تدق طبولها
القوات الفرنسية :
تكونت من 1600 مقاتل و60 ضابط انقسموا إلى 7 سرايا ومدفعيتين جبليتين وفصيلين من الرشاشات وفرق من الرماة والخيالة بالإضافة إلى "المخازنية" وهو جيش دخل المغرب مع بداية الإحتلالات الفرنسية بداية القرن 20 تدرب على القتال في المناطق الوعرة تقسم الجيش إلى 5 فرق استعانت فيها قوات الإحتلال بمرتزقة من الجزائر والسنيغال وبغال محلية ونصت خطة المستعمر على بداية الهجوم ليلة 12 نونبر 1914م عند التاسعة ليلا على المخيم واختطاف القائد وسلب محتويات الخيام والعودة قبل الثامنة صباحا
قوات المجاهدين الزيانية :
تكون من المجاهدين الذين كان عددهم يزداد ويتراجع حسب المواسم لكن نواته الأساسية تشكلت من عشيرة موحا أوحمو الزياني من الأسر "الإمحزانية " والحرس الخاص لموحا وحمو " الشناكطية" بالإضافة إلى جيش القبائل الذي لا يتردد في تلبية نداء القائد للجهاد كلما دعت الضرورة لذلك
أسلحتهم قطع بالية تعود لنهاية القرن 19م وبعض الأسلحة المشتراة بالأموال الخاصة عن طريق التهريب بالإضافة إلى غنائم المعارك السابقة للهري والمسروقة من معسكرات الجيش الفرسي ليلا يقول الكولونيل لو بريفوست احد الناجين من المعركة " كانوا يتسللون إلى داخل المعسكر عراة بعد أن يطلوا أجسامهم بشحم ابن آوى الذي لرائحته خاصية تخذير الكلاب ... يتوغلون تحت الخيام ليسرقوا البندقية المربوطة في معصم الرجل " أما عن التداريب فقد علمتهم ظاهرة الإنتجاع القائمة على الترحال الدائم بأن "القبيلة فيلق في تعبئة كاملة" إضافة إلى الفروسية التي كانت من شيمهم وقوة الجسم وعشقهم لتاموغزيل (المصارعة)
لقد كان الهجوم على معسكر الزياني عنيفا حيث بدأ في الساعة الثالثة صباحا وتم تطويق المعسكر من أربع جهات في آن واحد ليبدأ القصف شاملا حيث قذفت الخيام المنتصبة التي تضم الأبرياء وقام الجنود بأمر من لافيردير قائد المرتزقة بمهاجمة القبائل المحيطة بالقرية فيما استغل البعض الآخر الفرصة لجمع القطيع الموجود من الأغنام والأبقار واختطاف النساء توهما بالنصر
و قد كان المخيم عند مهاجمته من طرف القوات الفرنسية متكونا من 5 دواوير حيث نجح هجوم معركة لهري الأولى صبيحة 13 نونبر 1914 في تحقيق أهدافه لكنهم لم يعتقلوا زعيم المقاومة الذي كان هدفا رئيسيا لأسباب لخصها الفرنسيون في :
تأخر الهجوم حتى بزوغ النهار بسبب ارتفاع منسوب مياه الأنهار التي عبروها من خنيفرة نحو لهري
اندهاشهم من مقاومة الزيانيين رغم مداهمتهم
تباعد الدواوير الذي شتت جهود القوات الغازية
لكن نفس المصادر لا تخفي أن هذا الهجوم خلف مجزرة رهيبة في صفوف الزيانيين العزل خاصة من الفئات غير القادرة على القتال قدرتها المصادر ب 400 قتيل
هذا في الوقت الذي كان فيه حشد آخر يقصد الجبل لتمشيطه من المقاومة وبذلك تحولت منطقة الهري إلى جحيم من النيران وسمعت أصوات الانفجارات في كل المناطق المجاورة وظن قائد الحملة العسكرية على الهري أن النصر صار حليفهم وأنه وضع حدا لمقاومة الزياني غير أنه أصيب بخيبة أمل حينما فوجئ برد فعل عنيف من طرف المقاومين ليدرك أنه ألقى بنفسه وبقوته في دوامة لا سبيل للخروج منها
حيث قضت خطة الزياني بالسماح للفرنسسين بالتوغل داخل المخيم قصد ضمان منع تزويدهم بالإمدادات من خنيفرة ليستنفر القبائل المجاورة عن طريق الدخان في المرتفعات فزحف المجاهدون من كل حدب وصوب (واد سرو ، هضبة مزكوشن ، تابويشيت ، ومن شقير وأيت اسحاق ومن أيت سكوكو ، وحتى من أيت مكيل ...) في الوقت الذي بدأ فيه هينريس في التراجع بعد إنهاء المهة انقضت عليه الجماهير المتطوعة من الخلف ليصيبوا ويقتلوا عددا كبيرا من جنوده وبحلول منتصف نهار13 نونبر 1914م حلت بأرض المعركة إمدادات جهاد جديدة يقودها أقارب موحا أوحمو الزياني من أيت شارض و أيت خويا وأيت بوهو الذين قطعوا خط الرجعة على الجيوش الفارة
لقد كانت أرض الهري من أكبر المقابر العارية لقوات الاحتلال حيث قدرت خسائر القوات الفرنسية ب33 قتيلا من الضباط بينهم قائد الحملة الكولونيل هينريس الذي رقي بعد موته الى جنرال بالاضافة الى رئيس اركانه لافيردير و 580 قتيلا من الجنود و176 جريحا وغنم المقاومون 3 مدافع كبيرة و10 مدافع رشاشة وعددا كبيرا من البنادق كما قام موحى أوحمو الزياني في 16 نونبر 1914 أي بعد مرور ثلاثة أيام على معركة الهري بتصديه بفرقة مكونة من 3000 مجاهد لزحف العقيد دوكليسيس الذي كان قادما من تادلة لإغاثة ما تبقى من المقيمين بخنيفرة وكبده المجاهدون خسائر فادحة في الأرواح والعتاد
لقد شكلت هزيمة الهري نقطة سوداء في تاريخ الاستعمار الفرنسي لشمال إفريقيا في حين تركت بصمات مشرقة في تاريخ المغرب المعاصر وفي هذا الصدد كتب الجنرال غييوم قائد الحملة على الأطلس المتوسط في مؤلفه "البربر المغاربة وتهدئة الأطلس المتوسط 1912 - 1933" يقول "لم تمن قواتنا قط في شمال إفريقيا بمثل هذه الهزيمة المفجعة"
و لم تكن المرأة الزيانية لتغيب عن هذا الحدث البارز عن طريق نقل السلاح بين المجاهدين و ترديد مواويل و الاهازيج لتزيد من حماسة الجيش نذكر منها :
وثات إيرومين إعداون نربي د رسول الله دويات غرذاث
(اضربوا النصارى أعداء الله ورسوله وتقدموا للأمام )
هاثين ونا يموثن كالجهاد إيدا غر الجنت إيزايد العز إيايثماس
( فإن من مات في الجهاد دخل الجنة وزاد العزة لأهله )
دون أن نغفل الدور الكبير الذي لعبته إيطو زوجة موحا وحمو الزياني في فتح بابها رفقة ثلة من النساء لمداوات الجرحى و المصابين
وقد أعطى الانتصار لموحا أوحمو الزياني ثقة كبيرة بينما خسرت فرنسا نفودها وهيبتها ومنح المقاومة في مناطق أخرى شحنة قوية خاصة عند قبائل أيت سخمان بزعامة علي أمهاوش وأيت ويرة بزعامة موحا وسعيد الويراوي الذي كبد المستعمر خسائر فادحة في شعاب القصيبة أما في بلاد زيان فقد أصبحت خطوط الإنتجاع مفتوحة أمام القبائل لتضيق الاحتلال الفرنسي الويلات الى غاية سنة 1934 حيث سقطت آخر المناطق المغربية للتتحول المقاومة بعدها لخلايا صغيرة تخوض معها حرب عصابات استنزافية لم تهدئ الا بخروج المستعمر مذلولا سنة 1955 مخلفا سجلا ثقيلا من الهزائم و الانتكاسات
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بعدما جرى احتلال ما كان يسمى في نظر الاستعمار بـ "المغرب النافع" المكون من السهول والهضاب والمدن الرئيسية وبعدما تمكن الجيش الفرنسي من ربط المغرب الشرقي بنظيره الغربي عبر تازة في ماي 1914 توجهت أنظار الإدارة الاستعمارية نحو منطقة الأطلس المتوسط وبالضبط إلى مدينة خنيفرة لتطويقها وكسر شوكة مقاومتها في أفق فتح الطريق بين الشمال والجنوب عبر هذه القلعة الصامدة و التي شكلت إحدى المناطق التي اتخذها المقاومون مركزا للكفاح ضد الاستعمار
و لتحقيق ذلك قاد الجنرال غييوم قواته لاحتلال منطقة تادلة فحاول موحى اوحمو الزياني الحيلولة دون دخوله الى تادلة غير ان انبساط تضاريس المنطقة مكن الفرنسيين من الاستفادة من تفوقهم العسكري فاحتلو قصبة تادلة في مطلع يونيو 1914 فتراجع الى القصيبة فلحق به غييوم فكانت قوة تصدي المقاومين كبيرة اذ الحقت بجيوشه خسائر فادحة بعد معارك استمرت ثلاثة ايام ارغمته للتراجع اكثر الى منطقة خنيفرة على سفوح جبال الاطلس المتوسط لتنظيم حركة المقاومة من هناك
حيث يصف غييوم بسالة قبائل الزيانيين قائلا " لا تكمن قوة الزيانيين في كثرة عددهم بقدر ما تكمن في قدرتهم على مواصلة القتال بالاعتماد على ما كانو يتمتعون به من بسالة و تماسك و انتظام و ايضا بفضل مهارة فرسانهم البالغ عددهم 2500 رجل فكانوا بحق قوة ضاربة عركتها سنوات طويلة من الاقتتال كما كانت ايضا سرعة الحركة و الاقدام الى جانب القدرة العفوية على المقاتلة في الحرب الصفات المميزة لمقاتليهم "
و لم يتمكن غييوم من دخول خنيفرة الا يوم 12 يوليوز 1914 بعد حشد جيش تجاوز تعداده 30000 محارب بينهم فرقة من الفيلق الاجنبي بقيادة الكولونيل هينريس الذي اصبح جنرالا بعد مقتله وهي من قوات النخبة الفرنسية و الذين انتدبوا من بلعباس في الجزائر بعد تعثر الحملة مرارا مما حدى بموحى اوحمو ان يحتمي بين عشيرته في الجبال وما إن ذاع خبر وصول موحى وحمو الزياني إلى قرية الهري حتى سارعت القيادة الفرنسية إلى تدبير خطة الهجوم المباغت على المجاهدين غير آبهة بالأهالي الأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء
لقد تم الإعداد لهذا الهجوم بكل الوسائل الحربية المتطورة وحشد عدد كبير من الجنود كلهم من قوات الفيلق الافريقي نخبة الجيش الفرنسي بقيادة الكولونيل هينريس بالاضافة الى حشد من المرتزقة الاجانب لانهاء المقاومة المغربية سريعا كون الحرب العالمية الاولى بدأت تدق طبولها
القوات الفرنسية :
تكونت من 1600 مقاتل و60 ضابط انقسموا إلى 7 سرايا ومدفعيتين جبليتين وفصيلين من الرشاشات وفرق من الرماة والخيالة بالإضافة إلى "المخازنية" وهو جيش دخل المغرب مع بداية الإحتلالات الفرنسية بداية القرن 20 تدرب على القتال في المناطق الوعرة تقسم الجيش إلى 5 فرق استعانت فيها قوات الإحتلال بمرتزقة من الجزائر والسنيغال وبغال محلية ونصت خطة المستعمر على بداية الهجوم ليلة 12 نونبر 1914م عند التاسعة ليلا على المخيم واختطاف القائد وسلب محتويات الخيام والعودة قبل الثامنة صباحا
قوات المجاهدين الزيانية :
تكون من المجاهدين الذين كان عددهم يزداد ويتراجع حسب المواسم لكن نواته الأساسية تشكلت من عشيرة موحا أوحمو الزياني من الأسر "الإمحزانية " والحرس الخاص لموحا وحمو " الشناكطية" بالإضافة إلى جيش القبائل الذي لا يتردد في تلبية نداء القائد للجهاد كلما دعت الضرورة لذلك
أسلحتهم قطع بالية تعود لنهاية القرن 19م وبعض الأسلحة المشتراة بالأموال الخاصة عن طريق التهريب بالإضافة إلى غنائم المعارك السابقة للهري والمسروقة من معسكرات الجيش الفرسي ليلا يقول الكولونيل لو بريفوست احد الناجين من المعركة " كانوا يتسللون إلى داخل المعسكر عراة بعد أن يطلوا أجسامهم بشحم ابن آوى الذي لرائحته خاصية تخذير الكلاب ... يتوغلون تحت الخيام ليسرقوا البندقية المربوطة في معصم الرجل " أما عن التداريب فقد علمتهم ظاهرة الإنتجاع القائمة على الترحال الدائم بأن "القبيلة فيلق في تعبئة كاملة" إضافة إلى الفروسية التي كانت من شيمهم وقوة الجسم وعشقهم لتاموغزيل (المصارعة)
لقد كان الهجوم على معسكر الزياني عنيفا حيث بدأ في الساعة الثالثة صباحا وتم تطويق المعسكر من أربع جهات في آن واحد ليبدأ القصف شاملا حيث قذفت الخيام المنتصبة التي تضم الأبرياء وقام الجنود بأمر من لافيردير قائد المرتزقة بمهاجمة القبائل المحيطة بالقرية فيما استغل البعض الآخر الفرصة لجمع القطيع الموجود من الأغنام والأبقار واختطاف النساء توهما بالنصر
و قد كان المخيم عند مهاجمته من طرف القوات الفرنسية متكونا من 5 دواوير حيث نجح هجوم معركة لهري الأولى صبيحة 13 نونبر 1914 في تحقيق أهدافه لكنهم لم يعتقلوا زعيم المقاومة الذي كان هدفا رئيسيا لأسباب لخصها الفرنسيون في :
تأخر الهجوم حتى بزوغ النهار بسبب ارتفاع منسوب مياه الأنهار التي عبروها من خنيفرة نحو لهري
اندهاشهم من مقاومة الزيانيين رغم مداهمتهم
تباعد الدواوير الذي شتت جهود القوات الغازية
لكن نفس المصادر لا تخفي أن هذا الهجوم خلف مجزرة رهيبة في صفوف الزيانيين العزل خاصة من الفئات غير القادرة على القتال قدرتها المصادر ب 400 قتيل
هذا في الوقت الذي كان فيه حشد آخر يقصد الجبل لتمشيطه من المقاومة وبذلك تحولت منطقة الهري إلى جحيم من النيران وسمعت أصوات الانفجارات في كل المناطق المجاورة وظن قائد الحملة العسكرية على الهري أن النصر صار حليفهم وأنه وضع حدا لمقاومة الزياني غير أنه أصيب بخيبة أمل حينما فوجئ برد فعل عنيف من طرف المقاومين ليدرك أنه ألقى بنفسه وبقوته في دوامة لا سبيل للخروج منها
حيث قضت خطة الزياني بالسماح للفرنسسين بالتوغل داخل المخيم قصد ضمان منع تزويدهم بالإمدادات من خنيفرة ليستنفر القبائل المجاورة عن طريق الدخان في المرتفعات فزحف المجاهدون من كل حدب وصوب (واد سرو ، هضبة مزكوشن ، تابويشيت ، ومن شقير وأيت اسحاق ومن أيت سكوكو ، وحتى من أيت مكيل ...) في الوقت الذي بدأ فيه هينريس في التراجع بعد إنهاء المهة انقضت عليه الجماهير المتطوعة من الخلف ليصيبوا ويقتلوا عددا كبيرا من جنوده وبحلول منتصف نهار13 نونبر 1914م حلت بأرض المعركة إمدادات جهاد جديدة يقودها أقارب موحا أوحمو الزياني من أيت شارض و أيت خويا وأيت بوهو الذين قطعوا خط الرجعة على الجيوش الفارة
لقد كانت أرض الهري من أكبر المقابر العارية لقوات الاحتلال حيث قدرت خسائر القوات الفرنسية ب33 قتيلا من الضباط بينهم قائد الحملة الكولونيل هينريس الذي رقي بعد موته الى جنرال بالاضافة الى رئيس اركانه لافيردير و 580 قتيلا من الجنود و176 جريحا وغنم المقاومون 3 مدافع كبيرة و10 مدافع رشاشة وعددا كبيرا من البنادق كما قام موحى أوحمو الزياني في 16 نونبر 1914 أي بعد مرور ثلاثة أيام على معركة الهري بتصديه بفرقة مكونة من 3000 مجاهد لزحف العقيد دوكليسيس الذي كان قادما من تادلة لإغاثة ما تبقى من المقيمين بخنيفرة وكبده المجاهدون خسائر فادحة في الأرواح والعتاد
لقد شكلت هزيمة الهري نقطة سوداء في تاريخ الاستعمار الفرنسي لشمال إفريقيا في حين تركت بصمات مشرقة في تاريخ المغرب المعاصر وفي هذا الصدد كتب الجنرال غييوم قائد الحملة على الأطلس المتوسط في مؤلفه "البربر المغاربة وتهدئة الأطلس المتوسط 1912 - 1933" يقول "لم تمن قواتنا قط في شمال إفريقيا بمثل هذه الهزيمة المفجعة"
و لم تكن المرأة الزيانية لتغيب عن هذا الحدث البارز عن طريق نقل السلاح بين المجاهدين و ترديد مواويل و الاهازيج لتزيد من حماسة الجيش نذكر منها :
وثات إيرومين إعداون نربي د رسول الله دويات غرذاث
(اضربوا النصارى أعداء الله ورسوله وتقدموا للأمام )
هاثين ونا يموثن كالجهاد إيدا غر الجنت إيزايد العز إيايثماس
( فإن من مات في الجهاد دخل الجنة وزاد العزة لأهله )
دون أن نغفل الدور الكبير الذي لعبته إيطو زوجة موحا وحمو الزياني في فتح بابها رفقة ثلة من النساء لمداوات الجرحى و المصابين
وقد أعطى الانتصار لموحا أوحمو الزياني ثقة كبيرة بينما خسرت فرنسا نفودها وهيبتها ومنح المقاومة في مناطق أخرى شحنة قوية خاصة عند قبائل أيت سخمان بزعامة علي أمهاوش وأيت ويرة بزعامة موحا وسعيد الويراوي الذي كبد المستعمر خسائر فادحة في شعاب القصيبة أما في بلاد زيان فقد أصبحت خطوط الإنتجاع مفتوحة أمام القبائل لتضيق الاحتلال الفرنسي الويلات الى غاية سنة 1934 حيث سقطت آخر المناطق المغربية للتتحول المقاومة بعدها لخلايا صغيرة تخوض معها حرب عصابات استنزافية لم تهدئ الا بخروج المستعمر مذلولا سنة 1955 مخلفا سجلا ثقيلا من الهزائم و الانتكاسات
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته