القرآن لا يمكن تقليده ..
ثمة نصوص تتحدي القرآن ، منها نص شهير يسمى : سورة النورين .. وضعه الشيعة ، يزعمون أنه من القرآن وأن أبا بكر وعمر أسقطاه من المصحف ، والتحليل الآتي يؤكد أنه زائفة. وأن واضعه لم يستطع أن يرقى إلى الأسلوب القرآني . وسوف أقف عند الآية الأولى ونصها :
يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم
يطلب من الذين آمنوا أن يؤمنوا ، وهو طلب غريب أن يطلب من المؤمنين الإيمان ، وقد انخدع «الواضع» بالاستعمال القرآني لهذه الصيغة في سورة النساء فاستخدمها بنصها :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ (النساء : 136)
لكنه لم يفهم التعبير القرآني فاستخدمه بنصه في سياق مخالف ، ف«الواضع» يخاطب المؤمنين ، ولا يجوز أن تأمر المؤمنين بالإيمان ، أما التعبير القرآني فيخاطب قوماً آمنوا قبلاً بالله ورسوله ، ويرفضون الآن ، وهم بنو إسرائيل ، فذكّرهم بماضيهم وطالبهم بأن يكونوا مع محمدصلى الله عليه وسلم مثلما كانوا مع موسى ، فالخطاب في القرآن ليس للمؤمنين بمحمدصلى الله عليه وسلم ، لكنه خطاب لليهود الذين آمنوا بموسى وكان يطلق عليهم ( الَّذِينَ آمَنُواْ ) ثم جاء محمدصلى الله عليه وسلم فرفضوا الإيمان به ، فجاء خطاب الله يذكّرهم بأنهم أحق الناس بالمسارعة إلى الإيمان به ، قائلاً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ . وجاءت الآية التالية مباشرة تخاطب اليهود صراحة :
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (النساء : 137)
أما «الواضع» فقد انخدع بالنص القرآني ، واستعار استعماله في غير مكانه فانحرف عن مخاطبة اليهود ، وطالب المؤمنين فعلاً بالإيمان ، ولا يجوز أن تطلب من المؤمن أن يؤمن ، يمكنك أن تطلبه أن يتوكل ، ألا يرفع صوته على صوت النبي صلى الله عليه وسلم ، وغيرهما من السلوكيات ، لكن لايمكنك أن تطلب منه الإيمان . فإذا كان هذا الذى تؤمره به من مقومات إيمانه (الإيمان بالله وبكتبه وبرسله وبملائكته وباليوم الآخر) فهو متحقق فيه ، وإن كان ليس من من مقومات الإيمان فلا يجوز أن تأمره بها . لقد طلب الله في القرآن من المؤمنين أن يؤمنوا بالله ورسوله والكتب السماوية ، و«الواضع» هنا يطالبهم أن يؤمنوا بالنورين فحسب . أما قوله (بالنورين ) فيقصد محمداً s وعلياً ، فأما محمدs فإن كان الذين آمنوا لم يؤمنوا به بعدُ ، فلا يصح أن يقال لهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) . وإذا كانوا يستحقون هذا النداء فلا يصح أن تطالبهم أن يؤمنوا بمحمدs ماداموا هم فعلاً كذلك . وأما علي رضي الله عنه ، فلا يجوز أن تطلب الإيمان به ، ولا إيمان إلا بخمسة هى : الإيمان بالله ، والملائكة ،والكتب السماوية ، والرسل ، واليوم الآخر . وعلى رضي الله عنه ليس برسول حتى يطلب «الواضع» الإيمان به . وإن زعموا أنه رسول فهذا يتناقض مع القرآن : مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (الأحزاب : 40) ولا يمكن أن يطمع «الواضع» أن يجمع بين أمرين التناقض مع القرآن والانتساب إليه .
أما قوله أنزلناهما : فقد أخطأ أيضاً فيها لأن البشر لا تنزل من السماء ، فلم ينزل النوران (محمدصلى الله عليه وسلم ، وعلى رضي الله عنه) من السماء . فالآيات تنزل على من يتلوها، وليس الذى سيتلوها هو الذى ينزل .
الجملة الفعلية (أنزلناهما) نكرة فلا تصلح وصفاً للمعرفة (النورين) فكان يجب أن تسبق باسم موصول ( بالنورين اللذين أنزلناهما ) . وإلا تصبح جملة حالية وهنا يكون طلب الإيمان متلازماً فحسب مع التلاوة ، أي آمنوا به وقت التلاوة فحسب . ولا يجوز الإيمان بهما إلا وهما معا .
أما قوله : يتلوان : فماذا عن الآيات التى نزلت على(محمدصلى الله عليه وسلم ، وعلى رضي الله عنه مازال صغيراً ؟ هذه العبارة تعنى أن كليهما يتلوان آيات الله ، أى أن الآيات التى نزلت قبل على بن أبي طالب أحد أمرين : لم تكن آيات الله لتكون لفظة (يتلوان)صحيحة ، أو كانت من آيات الله ولفظة (يتلوان) كاذبة .
أما قوله ( ويحذرانكم ) ، فالتحذير لا يكون للذين آمنوا ، ولا يكون من النبي فالنبي لا يحذر ، بل يبلّغ التحذير ، فلا مُحذِّر إلا الله ، وما على إلا البلاغ : وقد جاء في القرآن نسبة التحذير لله :
وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ (آل عمران : 28)
أما قوله ( عذاب يوم عظيم ) ، فالتحذير لا يكون للذين آمنوا ، ولا يكون من النبي فالنبي لا يحذر ، بل يبلّغ التحذير ، فلا مُحذِّر إلا الله ، وما على إلا البلاغ :
وقد جاء في القرآن نسبة التحذير لله : فلم تأت في القرآن للتعبير عن يوم القيامة إلا مصحوبة بلفظة الخوف ( تكررت ست مرات مصحوبة بذكر الخوف ) .مثل قوله تعالى ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (الأحقاف : 21) ومادام النص يزعم أنه من القرآن فكان يجب أن يكون من نفس النسيج .
إن القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وكلماته متموضعة ، كل لفظة في مكانها الذى لا يمكن أن تكون إلا فيه ، بينما ـ كما ترون ـ هذه آية واحدة فحسب من النص الزائف ، لم يكن فيها شيء صحيح .
صلاح شفيع ..
من كتاب : ليس هكذا القرآن يا هذا ..
ثمة نصوص تتحدي القرآن ، منها نص شهير يسمى : سورة النورين .. وضعه الشيعة ، يزعمون أنه من القرآن وأن أبا بكر وعمر أسقطاه من المصحف ، والتحليل الآتي يؤكد أنه زائفة. وأن واضعه لم يستطع أن يرقى إلى الأسلوب القرآني . وسوف أقف عند الآية الأولى ونصها :
يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم
يطلب من الذين آمنوا أن يؤمنوا ، وهو طلب غريب أن يطلب من المؤمنين الإيمان ، وقد انخدع «الواضع» بالاستعمال القرآني لهذه الصيغة في سورة النساء فاستخدمها بنصها :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ (النساء : 136)
لكنه لم يفهم التعبير القرآني فاستخدمه بنصه في سياق مخالف ، ف«الواضع» يخاطب المؤمنين ، ولا يجوز أن تأمر المؤمنين بالإيمان ، أما التعبير القرآني فيخاطب قوماً آمنوا قبلاً بالله ورسوله ، ويرفضون الآن ، وهم بنو إسرائيل ، فذكّرهم بماضيهم وطالبهم بأن يكونوا مع محمدصلى الله عليه وسلم مثلما كانوا مع موسى ، فالخطاب في القرآن ليس للمؤمنين بمحمدصلى الله عليه وسلم ، لكنه خطاب لليهود الذين آمنوا بموسى وكان يطلق عليهم ( الَّذِينَ آمَنُواْ ) ثم جاء محمدصلى الله عليه وسلم فرفضوا الإيمان به ، فجاء خطاب الله يذكّرهم بأنهم أحق الناس بالمسارعة إلى الإيمان به ، قائلاً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ . وجاءت الآية التالية مباشرة تخاطب اليهود صراحة :
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (النساء : 137)
أما «الواضع» فقد انخدع بالنص القرآني ، واستعار استعماله في غير مكانه فانحرف عن مخاطبة اليهود ، وطالب المؤمنين فعلاً بالإيمان ، ولا يجوز أن تطلب من المؤمن أن يؤمن ، يمكنك أن تطلبه أن يتوكل ، ألا يرفع صوته على صوت النبي صلى الله عليه وسلم ، وغيرهما من السلوكيات ، لكن لايمكنك أن تطلب منه الإيمان . فإذا كان هذا الذى تؤمره به من مقومات إيمانه (الإيمان بالله وبكتبه وبرسله وبملائكته وباليوم الآخر) فهو متحقق فيه ، وإن كان ليس من من مقومات الإيمان فلا يجوز أن تأمره بها . لقد طلب الله في القرآن من المؤمنين أن يؤمنوا بالله ورسوله والكتب السماوية ، و«الواضع» هنا يطالبهم أن يؤمنوا بالنورين فحسب . أما قوله (بالنورين ) فيقصد محمداً s وعلياً ، فأما محمدs فإن كان الذين آمنوا لم يؤمنوا به بعدُ ، فلا يصح أن يقال لهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) . وإذا كانوا يستحقون هذا النداء فلا يصح أن تطالبهم أن يؤمنوا بمحمدs ماداموا هم فعلاً كذلك . وأما علي رضي الله عنه ، فلا يجوز أن تطلب الإيمان به ، ولا إيمان إلا بخمسة هى : الإيمان بالله ، والملائكة ،والكتب السماوية ، والرسل ، واليوم الآخر . وعلى رضي الله عنه ليس برسول حتى يطلب «الواضع» الإيمان به . وإن زعموا أنه رسول فهذا يتناقض مع القرآن : مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (الأحزاب : 40) ولا يمكن أن يطمع «الواضع» أن يجمع بين أمرين التناقض مع القرآن والانتساب إليه .
أما قوله أنزلناهما : فقد أخطأ أيضاً فيها لأن البشر لا تنزل من السماء ، فلم ينزل النوران (محمدصلى الله عليه وسلم ، وعلى رضي الله عنه) من السماء . فالآيات تنزل على من يتلوها، وليس الذى سيتلوها هو الذى ينزل .
الجملة الفعلية (أنزلناهما) نكرة فلا تصلح وصفاً للمعرفة (النورين) فكان يجب أن تسبق باسم موصول ( بالنورين اللذين أنزلناهما ) . وإلا تصبح جملة حالية وهنا يكون طلب الإيمان متلازماً فحسب مع التلاوة ، أي آمنوا به وقت التلاوة فحسب . ولا يجوز الإيمان بهما إلا وهما معا .
أما قوله : يتلوان : فماذا عن الآيات التى نزلت على(محمدصلى الله عليه وسلم ، وعلى رضي الله عنه مازال صغيراً ؟ هذه العبارة تعنى أن كليهما يتلوان آيات الله ، أى أن الآيات التى نزلت قبل على بن أبي طالب أحد أمرين : لم تكن آيات الله لتكون لفظة (يتلوان)صحيحة ، أو كانت من آيات الله ولفظة (يتلوان) كاذبة .
أما قوله ( ويحذرانكم ) ، فالتحذير لا يكون للذين آمنوا ، ولا يكون من النبي فالنبي لا يحذر ، بل يبلّغ التحذير ، فلا مُحذِّر إلا الله ، وما على إلا البلاغ : وقد جاء في القرآن نسبة التحذير لله :
وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ (آل عمران : 28)
أما قوله ( عذاب يوم عظيم ) ، فالتحذير لا يكون للذين آمنوا ، ولا يكون من النبي فالنبي لا يحذر ، بل يبلّغ التحذير ، فلا مُحذِّر إلا الله ، وما على إلا البلاغ :
وقد جاء في القرآن نسبة التحذير لله : فلم تأت في القرآن للتعبير عن يوم القيامة إلا مصحوبة بلفظة الخوف ( تكررت ست مرات مصحوبة بذكر الخوف ) .مثل قوله تعالى ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (الأحقاف : 21) ومادام النص يزعم أنه من القرآن فكان يجب أن يكون من نفس النسيج .
إن القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وكلماته متموضعة ، كل لفظة في مكانها الذى لا يمكن أن تكون إلا فيه ، بينما ـ كما ترون ـ هذه آية واحدة فحسب من النص الزائف ، لم يكن فيها شيء صحيح .
صلاح شفيع ..
من كتاب : ليس هكذا القرآن يا هذا ..