وضعت فرنسا والمملكةالعربية السعودية أسس العلاقات المستقبلية بينهما التي تقوم على مفهوم استراتيجي. وسيجري التكامل بين دولة “السعودية” التي تبحث عن شريك يتمتع بالفيتو في مجلس الأمن بعدما تخلى عنها الشريك الأمريكي، ودولة “فرنسا” التي بدورها تبحث عن شريك قوي في الشرق الأوسط بعدما وجدت نفسها تدريجيا خارج نطاق القرارات الكبرى.
وحصلت جريدة “رأي اليوم” على معلومات من مصادر مهتمة بالتوجه الجديد لفرنسا في الشرق الأوسط تؤكد بلورة باريس والرياض للخطوط العريضة للاتفاق الاستراتيجي بينهما وهو اتفاق يقترب من مفهوم الشراكة المتينة التي بين الإمارات العربية وفرنسا مع فارق أن الإمارات ليست بحجم دولة مركزية في الشرق الأوسط مثل السعودية.
وخلال الثلاث سنوات الأخيرة، تقاسمت السعودية وفرنسا مواقف متعددة في ملفات دولية وعلى رأسها سياسة التشدد في ملفين يرسمان معالم شرق أوسط جديد، ملف سوريا حيث يرغب البلدان في رحيل بشار الأسد من السلطة، والملف النووي الإيراني. ويتقاسمان شعور التهميش من سياسة الكواليس التي يقودها البيت الأبيض والكرملين في هذه المنطقة المتفجرة من العالم.
وبدأ سياسة التفاهم مع السعودية الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ويكملها الرئيس الحالي فرانسوا هولند الذي زار الرياض يوم 29 ديسمبر الماضي معلنا اتفاقيات استراتيجية لم يتم الكشف عنها
بهدف تسريع التفاهم مع السعودية التي تعتبر نفسها المؤهل لتكون المخاطب لدى القوى الكبرى.
ووفق معلومات من مصادر مطلعة تم التوجه العام لسياسة البلدين في الحوار، فقد جرى وضع أسس الاتفاق الاستراتيجي مستقبلا والذي بدأ تنفيذ بعض بنوذه. وكانت جريدة باريس ماتش قد كتبت في نهاية ديسمبر في مقال لها بعنوان “”لماذا السعودية تستثمر في فرنسا”، وأوضحت أن صفقات اقتصادية ضخمة مقابل دعم سياسي استراتيجي. ونشرت أن وزير الخارجية لوران فابيوس ووزير تخطيط الإنتاج مونتنبورغ يشرفان على الجانب الاقتصادي والسياسي في هذا الاتفاق.
وتطالب فرنسا في هذا الاتفاق بالمطالب التالية التي تجمع بين السياسة والعسكرية والاقتصادية:
-دعم الرياض وحلفاءها للمبادرات الفرنسية في السياسة الدولية،
-انفتاح التعليم السعودي على التعليم الفرنسي بما في ذلك إنشاء جامعة فرنسية أو فروع لجامعة فرنسية في العربية السعودية، وترغب باريس في وجود طبقة فرنكفونية في السعودية تكون قادرة على مخاطبة فرنسا في المستقبل بعد اقتصار التعليم السعودي فقط على بريطانيا والولايات المتحدة
-ضرورة تنسيق السعودية في ملف الإسلام في فرنسا مع المؤسسات الفرنسية المكلفة بالديانة، حيث لا يمكن تقديم أي مساعدات للجمعيات أو تمويل أنشطة دون المرور بهذه القنوات الرسمية.
- حصول شركات فرنسية على حصة مناسبة في الصفقات الخاصة بالبنيات التحتية في السعودية وصفقات السلاح.
وفي المقابل طرحت المملكة العربية السعودية مجموعة من الطلبات بين مقترحات وشروط لي اتفاق استراتيجي وتتجلى في:
-توفير فرنسا الدعم لبعض المبادرات السعودية في مجال السياسة الدولية.
-تعهد فرنسا باستعمال حق الفيتو في الملفات التي قد تضر الرياض في مجلس الأمن والحيلولة دون صدور قرارات عن البرلمان الأوروبي تمس جوانب في السعودية مثل حقوق الإنسان والمرأة. وهذا البنذ يثير تحفظ فرنسا التي طالبت السعودية بانفتاح أكثر على حقوق الإنسان لتفادي الحرج مستقبلا.
-التوقيع على اتفاق طويل المدى لا يتأثر نهائيا بأي تغيير على مستوى نوعية الرئيس الذي سيصل الى الإيليزيه.
-توقيع صفقات أسلحة متطورة شريطة عدم وضع قيود على استعمالها عكس سياسة واشنطن التي تفرض قيودا على مبيعاتها من الأسلحة للسعودية.
وتجد السعودية نفسها في عزلة استراتيجية بعدما تخلت عنها بريطانيا والولايات المتحدة في الملفات الحساسة في الشرق الأوسط مثل الملف السوري وملف النووي الإيراني. وهذا دفعها الى دق أبواب فرنسا، والأخيرة بدورها ترغب من وراء هذا الاتفاق استعادة بريقها الدولي.
وهذا الاتفاق الآخذ في التبلور منذ شهور قد سجل خطوات هامة، ومنها الاتفاق الفرنسي-السعودي على تسليح الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية متطورة وتمويل سعودي. واقتناء الرياض لأسلحة فرنسية متطورة جعلها سنة 2013 الزبون الأول لفرنسا لأول مرة في تاريخها، وتناغم مطلق في المواقف بشأن الملف النووي الإيراني والملف السوري.