كيف يحكمن سيدات امريكا الـ"سي اي ايه" ؟

JUGURTHA

عضو
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
3,441
التفاعل
4,784 1 0
بقلم : د . سمير محمود قديح

باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية


ذكر تقرير أعدته شبكة إن بي سي الأمريكية، بأن خمسة من ثمانية كبار الضباط الحاليين داخل جهاز الأمن القومي "سي أي إيه" من السيدات.وتقول الشبكة إن السيدة إفريل هينس التي تشغل منصب نائب مدير "سي أي إيه" "هي من تدير الجهاز حال قيام رئيسه جون برينان بجولات خارجية.ووفقا للتقرير الذي أذاعته "إن بي سي" فأن التوجه اختلف الآن داخل جهاز الاستخبارات الأمريكي عن خمسة عقود ماضية عندما تأسس الجهاز عام 1947، ومشيراً إلي أن نحو 46% من القوة العاملة بالجهاز الآن من السيدات بينما تصل نسبة السيدات العاملات في إدارة تحليل المعلومات الاستخباراتية إلى47%.كما كشفت الشبكة عن أن السيدات أصبحن الآن يلعبن دوراً حاسماً في قيادة الفرق الخاصة التي تستهدف التنظيمات الإرهابية منها تنظيم القاعدة.وأضافت الشبكة بأن السيدات هن اللائي كن وراء اقتفاء أثر أسامة بن لادن في مخبأه في باكستان، وتعليقاً على ذلك قال برينان "أريد أن أجذب أفضل العناصر وألمعها إلى مهمات "سي اي ايه" التي تتميز بالتعقيد الشديد والأهمية الكبرى".
عندما كتب الروائي البريطاني الشهير "جورج أورويل" في عام 1949 روايته
الشهيرة جدا "1984" لم يكن يقصد بمسار أحداثها ومكانها سوى الإتحاد
السوفيتي القديم. وهكذا صور لنا مخرج الفيلم الذي تم إنتاجه عن نفس
الرواية نفس المكان والشخصيات. ولم يكن أحد في العالم- على الأقل العالم
الغربي- أن يكون عالم أورويل هو العالم الغربي الرأسمالي المتشدق
بالديموقراطية والحرية ... حرية الأفراد قبل حرية المجتمع ، وخصوصية
الفرد . لقد كان أورويل يصور لنا في روايته دولة تتجسس أجهزتها على
أفرادها ورعيتها تنتهك حرمة خصوصية الأفراد والمجتمع دون رابط أو ضابط .
ومن خلال الرواية ظهرت لنا شخصية "الأخ الأكبر" الذي يتصنت على الجميع.
ولم يتصور أورويل أو مخرج روايته أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه "أمريكا
حامية حمى الحريات في العالم" هي "الأخ الأكبر" هي "المتصنت الأشمل"في
العالم المعاصر، وأنها تدير أكبر وأشمل شبكة للتجسس
عرفها التاريخ . تتجسس بها على الصديق قبل العدو ، وعلى الحليف قبل
الخصم. وأنها زرعت عيونها وأذانها الإلكترونية في كل بيت من بيوت العالم
. ولم يسلم من تصنتها حتى كبار حلفاء أمريكا .
فضيحة التجسس الامريكية ..
فلقد أثارت فضيحة التجسس الامريكية اهتمام العالم في الشرق والغرب، حيث كشفت منظمات إعلامية تفاصيل مثيرة للدهشة عن قضية تجسس الولايات المتحدة على عدد من الدول . قائمة الدول المتجسس عليها تطول يوما بعد يوم ، فبالإضافة الى فرنسا وألمانيا دخلت المكسيك والبرازيل القائمة.
ولم تتوقف الولايات المتحدة على إعمال جواسيسها وتنصتها على الدول المناهضة لها، أو على الجماعات المنتمية لتنظيمات مناوئة، أو حتى بالتجسس على مواطنيها داخل البلاد وخارجها، بشأن محاربة ما تطلق عليه الإرهاب، بل امتد الأمر للتجسس على أصدقائها وأقرب حلفائها من الدول، سواء العربية والإسلامية والأوروبية بما فيها الحليفة إسرائيل، حيث أكّد رئيس الموساد الأسبق “داني ياتوم” بأن الاستخبارات الأميركية تنصتت وما زالت تتنصت على محادثات هاتفية لكبار المسؤولين الإسرائيليين بمن فيهم رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” وأفراد آخرين في الدولة.
و اعتمدت الولايات المتحدة على فكرة إعمال الملاحقة والتنصت أينما تكون مصالحها، سواء السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها، بغرض جمع المعلومات، للوقوف على كيف تفكر الدول حول قضيةٍ ما، وما هي نقاط القوة التي تعتمدها ونقاط الضعف التي تهابها، وخاصةً فيما يتعلق بالأزمات الأمنية والعسكرية، بهدف الاستفادة منها بحسب حاجتها. وفيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية، فإن عملية جمع المعلومات تساعد على التحكم في أسعار السوق، الصناعية وتحديد الكميات المعروضة والمطلوبة ومعرفة اتجاهاتها، إلى جانب الأهداف التي تمكّن من الحصول على معلومات تكنولوجيّة وتقنيات جديدة في المجالات الصناعية والعلمية المختلفة، وخاصةً تلك التي تحوزها الدول الصناعية المتقدمة.
وتستمر فضيحة تورط الحكومة الأمريكية في التفاعل سياسيا.
حيث يتم التجسس على مواطنيها ومواطني العالم عبر اختراق خوادم شركات المعلومات والتواصل الكبرى مثل جوجل وأبل وياهو ،الفايسبوك وميكروسوفت .
وتعود خيوط هذا الكشف ربما إلى ثلاثة أشخاص، هم إدوارد سنودين موظف الاستخبارات السابق ، وناشر أسراره الرئيسي الصحفي جلين جرينوولد في صحيفة الجارديان، ومنتجة الأفلام المستقلة لورا بواترس.
وتطايرت شظايا القنبلة "الفضيحة" التي فجرها العميل الأمريكي السابق إدوارد سنودن عن تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكي على حلفاء واشنطن ولا زالت تكبر مثل كرة الثلج.. فكل يوم تتكشف تفاصيل جديدة عن فضيحة التجسس الأمريكية التي لم تترك بلدًا من شرها.
قائمة ضحايا التجسس الأمريكية طويلة تضم رؤساء دول ورؤساء حكومات ورجال أعمال واقتصاد وخبراء ومعارضين سياسيين .
وثائق سندون كشفت عن تجسس الاستخبارات الأمريكية على أكثر من 35 دولة مهمّة –صديقة وعدوة- حول العالم، بالإضافة إلى هواتف وحواسيب مئات الملايين من المسؤولين والمواطنين العاديين،وزعماء العالم ممن يعتبرون حلفاء للإدارة الأمريكية
امثلة من عمليات التصنت ..
وعلى سبيل المثال، فقد قامت بالتنصت على أكثر من 70 مليون مكالمة على هواتف فرنسية -كدولة صديقة- خلال شهرٍ واحد فقط، وقد نالت إيران وحدها – كدولة عدوّة- أكثر من خمسة عشر مليار تنصتاً من مجموع محادثاتها الهاتفية ورسائل بريدها الإلكتروني والرسائل النصية القصيرة أيضاً.
وتجسست خلال شهر واحد في أسبانيا على نحو 60 مليون اتصال هاتفي - حسب معلومات نشرت في هذا الصدد مايعكس الكم الهائل من المعلومات التي تستقيها أجهزة الاستخبارات الأمريكية حتى عن الناس العاديين وهي معلومات تدخل ولا شك في باب الخصوصية الفردية وتمثل انتهاكا للحريات الخاصة.
وكانت الصدمة من نصيب ألمانيا، حيث كانت تستبعد حدوث شيء من هذا القبيل باعتبارها من الحلفاء المقرّبين، حينما أعلنت مخابراتها الفيدرالية، أن هاتف المستشارة “أنجيلا ميركل” قد تعرض للتنصت من جانب الاستخبارات الأميركية، الأمر الذي دعا “ميركل” للتحادث مع الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” بهذا الخصوص.
وبالرغم من نفي “أوباما”حادثة التنصت، إلاّ أن البيت الأبيض لم يشأ إنكارها وألمح إلى الاعتراف بها، بسبب أنها ستثبت يوماً ما، حينها ستكون الولايات المتحدة أمام حرجٍ مضاعف، واكتفى بالتقليل من شأنها، وبأن ذلك الفعل لن يتكرر في المستقبل.


وكالة الأمن القومي..

هذه الفضيحة تلقى الضوء على دور أخطر وكالات التجسس الأمريكية في العالم والتي تقوم بهذا العمل وهي وكالة الأمن القومي التي لا ينحصر دورها في مكافحة الإرهاب بل في تعزيز سيطرة واشنطن على العالم من خلال جمع المعلومات.
وتأسست الوكالة سنة 1952 لتؤمن الاتصالات في الولايات المتحدة والغرب إبان الحرب الباردة من خلال تشفيرها وفك شفارات المعسكر الشرقي، ولم تعترف الدولة الأمريكية بوجودها حتى نهاية القرن العشرين. وتستمر في التستر على الكثير من المعطيات الخاصة بها رغم أنها تشغل 38 ألف موظف وتتجاوز ميزانيتها 20 مليار دولار، ويرأسها جنرال من ثلاثة نجوم يكون خبيرا في الاستخبارات العسكرية، ويديرها حاليا الجنرال كيث ألكسندر الذي يعينه البنتاجون ولا يحتاج الى موافقة الكونجرس بل فقط موافقة الرئيس.
وتعمل وكالة الأمن القومي على مراقبة جميع الاتصالات العالمية وليس فقط المواطنين الأمريكيين، وتشرف على برنامج التجسس الشهير "إيشلون" الذي شاركت فيه فقط الدول الأنجلوسكسونية وهي الولايات المتحدة وبريطانيا ونيوزيلندا وكندا وأستراليا.
وتعمل الوكالة على حل شفرات جميع الاتصالات، ولهذا فأغلب موظفيها من المختصين في الرياضيات والترجمة والتاريخ.
جدير بالذكر ان عمليات التجسس هذه اجرتها الوكالة خارج الولايات المتحدة عن طريق مزود خدمة اتصالات ،ويعتقد المحللين ان عمليات الاعتراض جرت بين مواقع الانترنت نفسها ومحركات البحث غير المحددة الموقع.
ويفسر المحللين ذلك بان التحرك خارج الولايات المتحدة يتيح لوكالة الامن القومي حرية تحرك اوسع اذ ان هذه الاعمال في الولايات المتحدة تتطلب الحصول على اذن قضائي .
برنامج للتجسس العالمى ..
فضيحة بريزم جزء من إيشلون للتجسس العالمي
بعض الصحف الدولية مثل نيويورك تايمز والجرديان ولوموند اوضحت أن برنامج التجسس الحالي بريزم، سبب الفضيحة، هو جزء من البرنامج العملاق إيشلون.
وبرنامج إيشلون يسمح للولايات المتحدة الحصول على المعلومات في العالم للمساهمة في استمرار قوتها ونفوذها.
وانفجرت فضيحة إيشلون سنة 2000 عندما توصل الفرنسيون والألمان الى أن نظام التجسس الذي تستخدمه وكالة الأمن القومي يجعلها تحصل بطريقة غير قانونية على معلومات الصفقات التجارية وتقدمها للشركات الأمريكية لتقديم صفقات مضادة. ويتعلق الأمر بصفقات بالملايين من الدولارات.
وفتح البرلمان الأوروبي تحقيقا وندد بهذا البرنامج الذي لم يعد متخصصا في الصين وروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ودول أخرى بل حتى في التجسس على الحلفاء.
وتفيد دراسات الباحثين والواردة في كتب حول هذه الوكالة أن مراقبتها للمكالمات ونجاحها في اختراق مختلف الاتصالات يجعل الولايات المتحدة لا تراقب فقط المشكوك فيهم بل كذلك مراقبة العلماء والخبراء وأصحاب المواهب وتعمل لاحقا على استقطابهم للولايات المتحدة.
وتعاني الوكالة مؤخرا من منافسة من دول مثل الصين والهند وروسيا التي حققت تقدما في الاتصالات ولا تتردد حتى في مهاجمة أنظمة الوكالة نفسها.
التنصت ساعد في احباط 54 مؤامرة..
على صعيد ذو صلة قدم مدير وكالة الأمن القومي الأمريكية شرحا تفصيليا لأربعة وخمسين مخططا دبرها متشددون قال إنها أحبطت من خلال مراقبة الاتصالات الهاتفية والانترنت،
وقال رئيس وكالة الأمن القومي الأمريكية إن قائمة القضايا التي أحيلت للكونجرس شملت 42 قضية انطوت على إحباط مخططات و12 قدمت فيها الأهداف التي خضعت للمراقبة دعما ماديا للإرهاب.
وجاءت التأكيدات بشأن فعالية المراقبة التي تقوم بها الوكالة فيما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن وكالة الأمن القومي الأمريكية جمعت على مدى سنوات كميات هائلة من البيانات من خلال مراقبة حسابات البريد الالكتروني والانترنت لمواطنين أمريكيين ومقيمين بالولايات المتحدة، ونقلت الصحيفة عن مسودة تقرير سري للغاية وضعه المفتش العام لوكالة الامن القومي عام 2009 أن جمع "بيانات وصفية تراكمية" بدأ بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 بفترة قصيرة، والبيانات الوصفية هي معلومات عن البيانات وهي عبارة عن مادة الكترونية ما سواء كانت ملفات نصية او فيديو او غيرها ويمكن تشبيهها ببطاقات الفهرسة في المكتبات التي تحمل معلومات وبيانات حول طبيعة المعلومات والبيانات الواردة في الكتاب. بحسب رويترز.
وفي البداية لم يجمع البرنامج سوى معلومات كان فيها أحد الاطراف خارج الولايات المتحدة او اتصالات بين أجانب. لكن البرنامج توسع عام 2007، وقالت الصحيفة إن "البيانات الوصفية" شملت عناوين مرسل ومستقبل الرسائل ومنها عناوين بروتوكول الانترنت التي يمكن أن تظهر مكان تواجد الشخص. ونقلت عن مسؤولين قولهم إن عمليات جمع هذا النوع من المعلومات انتهت عام 2011.
وقدمت الوكالة قائمة المؤامرات المحبطة لعدة لجان بالكونجرس. وأوضحت أن 50 من 54 حالة وردت في القائمة أسفرت عن اعتقالات او عمليات احتجاز، و أن 25 اعتقالا او احتجازا حدث في اوروبا و11 في اسيا وخمسة في افريقيا. و 13 مخططا كانت داخل الولايات المتحدة.

عودة الحروب الباردة..


ويرى بعض المحللين أن تزايد التوترات السياسية واحتدام الأزمات الدولية خلال الاونة الاخيرة،خصوصا بعدما باتت الدول المتخاصمة اليوم شبه متوازنة القوى، قد تعيد قضية التجسس هذه الحياة للحروب الباردة التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية بين الكتلتين المتخاصمتين،
تلك القناعة تزداد بعد تصريحات مدير وكالة الأمن القومي الأمريكية التى تضمنت شرحا تفصيليا لأربعة وخمسين مخططا دبرها متشددون قال إنها أحبطت من خلال مراقبة الاتصالات الهاتفية والانترنت،
وأثارت مخلفات هذه الفضيحة تساؤلات هامة وضعت أوباما في موقف محرج حيث تذكي هذه الفضيحة الجاسوسية حروب التجسس التي تتخفى بالأساليب الملتوية والمبهمة، مما يمهد لعودة الحروب الباردة ويقلل فرص السلام في العالم.
حماية الحريات الفردية..
فضيحة التجسس الأمريكية دفعت بدبلوماسيين من ألمانيا والبرازيل وهما من الدول التي تجسست وكالة الاستخبارات الأمريكية على مسؤوليها إلى العمل على إعداد قرار في الأمم المتحدة لحماية الحريات الفردية من خلال توسيع الشرعية الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الأمم المتحدة العام 1966 ودخلت حيز التطبيق في 1976 لحماية الحقوق الفردية، بحيث تشمل الأنشطة على الإنترنت.
ألمانيا والبرازيل لجأتا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قانون ملزم للدول لحماية الحياة الخاصة للأفراد وليس إلى مجلس الأمن خشية من استخدام واشنطن لحق النقض الفيتو على مشروع القانون
السعي لاستصدار مثل هذا القانون يوجه بلا شك رسالة إلى أجهزة الاستخبارات الدولية التي تتجسس على حياة الأفراد دون مبرر قانوني وتستغل التطور التكنولوجي للتجسس على الناس والتدخل التعسفي وغير القانوني في حياتهم أو حياة عائلاتهم أن التشريعات الدولية لن تسمح بمثل هذه الانتهاكات تحت طائلة اتخاذ إجراءات قانونية.
تبرير امريكى ..
الإدارة الأمريكية التي وجدت نفسها غارقة حتى إذنيها في فضيحة التجسس خاصة بعد كشف تجسسها على هواتف 35 من زعماء العالم تحاول أن تبرر فعلها بالقول أن الجميع يتجسس بطريقة أو بأخرى وتريد إقناع حلفائها وأصدقائها بأن جمع المعلومات يشكل عنصرًا أساسيًا في معركتها "لمكافحة ما تسميه الإرهاب" ...إلا أن اتساع رقعة استدعاء السفراء الأمريكيين في العواصم الحليفة لواشنطن لطلب تفسير لإقدام واشنطن على التجسس على حلفائها وأصدقائها يظهر الهوة التي سقطت فيها الإدارة الأمريكية ومناخ عدم الثقة الذي بات يلبد بغيومه العلاقات بين واشنطن وحلفائها الغربيين خاصة.
ولجأت الإدارة الامريكية إلى رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، مايك روجرز، النائب الجمهوري عن ولاية ميشيجان، الذي ظهر على محطات التلفزيون الأميركية مدافعاً عن الإدارة، ومكذباً لاتهامات تجسسها على حلفائها الأوربيين بشدة، واصفاً إجراءات التجسس التي تقوم بها أجهزة الأمن الأمريكية في أوروبا، بأنها تقام "بغرض حماية أوروبا" وأنها تبقي حلفاء الولايات المتحدة "في أمان"، وأن الشعب الفرنسي على سبيل المثال "كان ليشكر الولايات المتحدة ويحتفل فرحا لو علم بحقيقة ما تفعله الأجهزة الأميركية".
واعترفت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، صراحةً، أن الولايات المتحدة تقوم بعمليات تنصت حول العالم، بهدف جمع معلومات لِما يحدث حول العالم لحماية مواطنيها وأراضيها وحلفائها، واعتبرت أن ذلك ليس سرّاً. باعتبار أن كل جهاز استخبارات في العالم يقوم بجمع معلومات. كما أن “مادلين أولبرايت” وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة سارعت إلى تبرير عمليات التجسس الأمريكية، على أن الدول تحتاج في بعض الوقت للّجوء إلى هذا السلوك، واستندت إلى زعمها، بأن فرنسا كانت تجسست على محادثاتها، عندما كانت سفيرة لبلادها في الأمم المتحدة خلال الفترة من 1993 إلى 1997، وأكّدت في نفس الوقت بأن ليس من المفاجئ لأحد، تجسس الدول على بعضها البعض.
وبالرغم من التقليل الأمريكي لتلك الفضيحة، إلاّ أن كافة الدول المستهدفة أعربت عن احتجاجها لدى الولايات المتحدة، بأن خلقت تحديات كبيرة في علاقاتها معها، وهيمن الخلاف ضدها على القمّة الأوروبية، التي عقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل. حيث أعلنت كل من فرنسا وألمانيا عن مبادرة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة، ودعت بقية الدول إلى الانضمام إليها، لمعرفة حقيقة التجسس الأميركي على دول في الاتحاد بشكل كامل، ومعرفة مدى احترام الولايات المتحدة للحدود الفاصلة معها، والتي تتوقف على استمرار الحفاظ على استقرار مستوياتها الاقتصادية والأمنية والعسكرية أيضاً.
ومن ناحيةٍ أخرى عدم اضطرارها لإحياء القانون الصادر عن الاتحاد الاوروبي، والذي بمقتضاه سيجبر شركات أمريكية مثل الفيس بوك – ياهو– جوجل، بالحصول على موافقة الدول الأوروبية قبل تسليم أيّة معلومات للسلطات الأمريكية.
كبش الفداء..
ووسط ازدياد حرج إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من فضيحة التجسس التي تتكشف أسرارها يومياً، اضطر جهاز "وكالة الأمن القومي NSA"، جهاز التجسس المسؤول، الذي يقف وراء الفضيحة، لوضع اللوم على مدير "الوكالة" كيث آليكساندر، وقال بانه "لم يطلع الرئيس أوباما على عملية التجسس على مستشارة ألمانيا آنجيلا ميركل" .
وبدت إدارة الرئيس أوباما في حالة من "الفوضى المقلقة" في محاولاتها تخفيف وطأة تداعيات فضيحة التجسس التي تمارسها الولايات المتحدة على أقرب حلفائها، مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا وهولندا وغيرها من الدول المقربة منها، والزعماء الذين يعتبرون الرئيس أوباما صديقاً حميماً "ابتعد عن ممارسات سلفه جورج دبليو بوش" الذي كان ينظر بعين شكاكة في صدق موقف الأوروبيين من الولايات المتحدة، بسبب امتعاضهم من "الحرب الأميركية على الإرهاب".


مظاهرات مناهضة للتجسس ..

وفى واشنطن خرج آلاف الأمريكيين المحتجين يتظاهرون ضد وكالة الأمن القومي والمطالبة بإقرار قانون لإصلاح برامج المراقبة التي كلفت بها وكالة الأمن القومي المتهمة بانتهاك الحياة الخاصة، وهم يرفعون لافتات كتب عليها "أوقفوا الأخ الأكبر" و"أوقفوا التجسس على الجماهير".
وتجمع المتظاهرون أمام مبنى الكابيتول مقر الكونجرس، وأطلقوا هتافات من بينها "وكالة الأمن القومي يجب أن ترحل" و"أوقفوا الحكومة السرية وكفوا عن التجسس وكفوا عن الكذب". كما رفعوا لافتات كتب عليها "كفوا عن مراقبتنا".
وقدم المتظاهرون إلى الكونجرس عريضة وقعها عبر الانترنت أكثر من 575 ألف شخص تطالب البرلمانيين بـ"كشف الحجم الكامل لبرامج التجسس لوكالة الأمن القومي" المكلفة اعتراض الاتصالات على أنواعها.
وتأتى المظاهرة فى ذكرى مرور 12 عاما على إقرار قانون
"باتريوت اكت" والذي منح وكالات الاستخبارات صلاحيات موسعة لمكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي.فى اعقاب احداث 11 سبتمبر.
وقال رئيس مجموعة الإعلام والتكنولوجيا الحرة أمام الحشد إن "الأميركيين ليسوا وحدهم العالقين في هذه القضية. نحتاج إلى اتخاذ موقف من اجل بقية العالم أيضا".
مضيفا إن "الأمر لا يتعلق باليمين واليسار بل بالخير والشر".
و بعد تكشف فضيحة التجسس الأمريكية المدوية وتأكد تجسس واشنطن على حلفائها فإن الحديث عن وجود أسرار يصبح بلا معنى فالشخص الذي يستخدم الهاتف الجوال والعادي ولديه عنوان إلكتروني ويطالع مواقع الإنترنت وله حساب على "فيسبوك وتوتير" لا يمكن أن يزعم أن لديه أسرارا، فبمجرد دخوله إلى هذا العالم الافتراضي فإن أسراره أصبحت مشاعًا أو على الأقل في حماية وكالة الأمن القومي الأمريكي.
ويمكن إيجاد العذر للولايات المتحدة، في ملاحقة أعدائها بغية درء الأخطار المحتملة ضمن القوانين الدولية المسموح بها، ولكن ليس بأي حال أن نجد لها العذر في جمعها الدول في أنحاء العالم تحت عيونها، وفي بؤرة آذانها طوال الوقت، بهدف التحكم فيها والتطاول عليها والاستفادة على حسابها.
ان انكشاف فصول متطورة لفضائح التجسس الأميركي على دول في العالم وخاصةً الحليفة والصديقة، توضح مدى إصرار الولايات المتحدة على السيطرة على العالم إلى أطول مدة ممكنة، في إطار التنافس القائم بين واشنطن وأوروبا وباقي أقطار العالم على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية وخاصة السيطرة الاقتصادية. بسبب أنها ترى نفسها بأنها دولة عظمى، وفي اعتقادها بأنه مسموح لها بعمل أي شيء وبدون قيود- أدبيّة أو أخلاقيّة-، وإن أضرّ ذلك العمل بكل شيء. وهذا يشمل كافة العمليات التجسسية والتنصتية، التي لن تكلّفها في حال انكشافها سوى القليل من الاعتذار، وبالتالي لن تكون مضطرّة بالتعهّد، للكف عن مواصلة تجسسها، وإن تعلق الأمر بالمزيد من الفضائح.
 
في هذا العصر اورويل الجديد الاخ دان الذي يقول ان المسلميين يهددون الكوكب ويجب التخلص منهم عبر الموت الرحيم

الموت يطهر الكوكب مثل الطاعون عندما طهر اوروبا لتحقيق القفزة الانسانية الراقية للمجتمعات الغربية
 
ان نظام التجسس العالمي (أيشلون) يوزع المعلومات على امريكا وبريطانيا وحلف الناتو ، ان الثورة الاوروبية على التجسس الامريكي هي كذبة ، كون الاوروبيين يتجسسون ايضا على مواطنيهم
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى