تسليح الفيل (( التسليح الأمريكي للهند في مواجهة الصين ))

abu ali

صقور الدفاع
إنضم
21 نوفمبر 2013
المشاركات
12,289
التفاعل
36,804 226 1
الدولة
Saudi Arabia
براهما شيلاني



إن الزيادة في مبيعات الأسلحة الأمريكية للهند هو دليل على التحسن في العلاقة الدفاعية بين البلدين ولكن استدامة هذه العلاقة على المدى الطويل بحيث تكون الهند ليست فقط عميلة بل شريكة لا تزال مصدر قلق كبير للهنود. هل الإعلان المشترك الأخير المتعلق بالتعاون الدفاعي والذي يكشف عن النية بإحراز تقدم إلى ما هو أبعد من مبيعات الأسلحة لتصل إلى الإنتاج المشترك للمعدات العسكرية هو بمثابة نقطة تحول أم أنه فقط وسيلة لاسترضاء الهند؟

إن العوامل التي تدفع بهذه العلاقة الاستراتيجية للأمام واضحة فمنذ سنة 2006 زادت التجارة البينية بمقدار أربعة أضعاف لتصل إلى نحو 100 مليار دولار أمريكي هذا العام وخلال العقد الماضي ارتفعت الصادرات الدفاعية للهند بشكل كبير جداً، حيث ارتفعت من 100 مليون دولار أمريكي فقط إلى مليارات الدولارات سنوياً.

إن تباطؤ الإنفاق العسكري الأمريكي وصعوبة أسواق التصدير الأخرى جعلت الشركات الأمريكية الدفاعية حريصة على توسيع مبيعاتها للهند التي أصبحت أكبر مستورد للأسلحة في العالم، كما أن الجو السياسي يتوافق مع خطط تلك الشركات، فالتمارين العسكرية المشتركة بين الهند وأمريكا أكثر من أي بلد آخر.

إن تمكن الولايات المتحدة من استبدال روسيا كأكبر مورد للأسلحة للهند يعتبر نصرا دبلوماسيا كبيرا يشبه قرار مصر خلال الحرب الباردة بتحويل ولائها - والبلد الذي تستورد منه الأسلحة - من الاتحاد السوفياتي لأمريكا. إن الفرق هو أن بإمكان الهند أن تدفع ثمن الأسلحة التي تشتريها.

والفواتير كبيرة، ففي السنوات الأخيرة قامت الهند بشراء أسلحة أمريكية بقيمة تسعة مليارات دولار أمريكي تقريبا، والآن تشتري أنظمة سلاح أمريكية إضافية- 22 طائرة مروحية من نوع أباتشي وست طائرات نقل عسكري من طراز سي- 130 ج تربو و15 طائرة مروحية من نوع شينوك لنقل الحمولات الثقيلة و145 قطعة مدفعية نوع م-777 الترا لايت هاوتزر - بقيمة خمسة مليارات دولار أمريكي.

إن قيمة عقود الأسلحة الهندية مع الشركات الأمريكية تفوق المساعدات الأمريكية لأي بلد باستثناء إسرائيل.

المشكلة هي أن القطاع الدفاعي الهندي لا يمتلك فعليا أي شيء يمكن أن يبيعه للولايات المتحدة، فالهند لم تطور بعد قاعدة ذات مصداقية بالنسبة لإنتاج الأسلحة مثل اليابان على سبيل المثال والتي تقوم بالاشتراك مع الولايات المتحدة بتطوير أنظمة أسلحة متقدمة، وفي واقع الأمر تعتمد الهند على الواردات - ليس فقط من مورديْن رئيسيْن مثل الولايات المتحدة وروسيا بل أيضا من إسرائيل سادس أكبر بلد مستورد للأسلحة - من أجل تلبية احتياجاتها الدفاعية الأساسية.

بالإضافة إلى ذلك لم يستغل القادة الهنود قوة المساومة لديهم بفضل مشتريات الأسلحة الضخمة من أجل تعزيز المصالح الوطنية، حيث إن باستطاعتهم على سبيل المثال محاولة إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بوقف مبيعات الأسلحة لباكستان أو الحصول على شروط أفضل من أجل تمكين قطاعات تقنية المعلومات والصناعات الدوائية ذات القدرة التنافسية العالية من الوصول للسوق الأمريكية، علما أن تلك القطاعات تواجه عوائق أمريكية جديدة غير جمركية.

إن الإعلان يعيد فقط التأكيد على الموقف الأمريكي الذي يدعم العضوية الكاملة للهند في أربعة أنظمة تقودها الولايات المتحدة للتحكم في تلك الأنظمة، وهي اتفاقية واسنار ومجموعة الموردين النوويين ونظام التحكم بتكنولوجيا الصواريخ ومجموعة أستراليا. إذا أخذنا بعين الاعتبار أن السياسة الأمريكية تتمثل في منع وصول التكنولوجيا الحساسة لأولئك الذين خارج تلك الأنظمة، فإن انضمام الهند سيحدث فرقا في تسهيل تبادل التقنيات ولكن الإعلان لا يتضمن أي التزام من جانب الولايات المتحدة بتسريع انضمام الهند.

إن كل هذا يوحي أن الولايات المتحدة الأمريكية تلبي الرغبة الهندية بوجود علاقة دفاعية متساوية بشكل أكبر، فأمريكا راغبة في أن تنتج بشكل مشترك مع الهند أنظمة دفاعية أصغر مثل الصواريخ المضادة للدبابات من نوع جافلين وذلك من أجل تمهيد الطريق لصفقات أكثر تساوي مليارات الدولارت للأنظمة المصنعة في أمريكا. إن الإعلام الهندي يقوم بدوره في تعزيز الأوهام بإحراز تقدم، حيث يركز على جملة "الشركاء الأوثق" في معرض تهليله للاتفاقية.

إن الوضع الحالي يتمثل في قيام الولايات المتحدة ببيع أنظمة أسلحة دفاعية للهند، بينما تعرض روسيا على الهند على سبيل المثال أسلحة هجومية بما في ذلك قاذفات استراتيجية وحاملة طائرات وعقد إيجار يتعلق بغواصة نووية. هل الولايات المتحدة الأمريكية راغبة ببيع الهند أسلحة هجومية - بما في ذلك أسلحة تقليدية عالية الدقة وأنظمة مضادة للغواصات وصواريخ كروز طويلة المدى التي يتم إطلاقها من الجو والبحر- والتي يمكن أن تساعد في ردع الاستباق العسكري الصيني؟

وبينما يتوسع التعاون الدفاعي الأمريكي - الهندي، فإن هذا السؤال سيصبح أكثر أهمية.
 
عودة
أعلى