من بطولات المخابرات العامة الحقيقية ( الهدف الاعمي )

العقرب المصرى

صقور الدفاع
إنضم
27 أغسطس 2013
المشاركات
1,051
التفاعل
856 6 0
الهدف الأعمى


"الأمريكيون أرسلوا محطة إنذار مبكر للإسرائيلين..".. لم تكد تلك المعلومة تقال فى حجرة الإجتماعات الرئيسية فى مبنى المخابرات العامة المصرية , فى أوائل أغسطس 1973م حتى أتسعت عيون الكل عن آخرها,وأحتبست الكلمات فى الحلوق ،فران على الحجرة صمت مهيب ثقيل ,والملامح تنطق بما لم تنطق به الألسن.... ففى ذلك الوقت ,وبعد أن أقترب موعد لحظة الحسم التى طال أنتظارها , كانت معلومة كهذه تكفى ليكون لها وقع الصاعقة ...أو أشد هولا.. فمحطات الأنذار المبكر التى لم تتجاوز مراحلها التجريبية بعد كانت قادرة على كشف تحركات القوات الجوية من مسافة هائلة تكفىلكى يدرك العدو الأسرائيلى فى وقت مبكر ان (مصر) تشن هجوما شاملا ....

وهذا أمر بالغ الأهمية والخطورة فى تلك الفترة .. والواقع أن أحدا من الرجال لم يتوقع ان يكون هذا سبب الإجتماع العاجل ,الذى تم الإعلان عنه منذ ربع الساعة فحسب ,لذا فقد ارتج عليهم بضع لحظات...لم يجد أحدهم خلالها ما يقول , قبل أن يتابع رئيسهم محطما حاجز الصمت السميك :
-المحطة يتم تركيبها الآن,فى أحد المطارات العسكرية فى( سيناء) , وهى محصنة تماما, ومحاطة بنظم أمن يستحيل اختراقها, وسيتم تشغيلها فى الأول من سبتمبر , وستستمر تجارب التشغيل شهرين كاملين , قبل أن يبدأ تشغيلها بكامل طاقتها فى الأول من نوفمبر.
سأله أحدهم فى أهتمام :
-وما الذى تمثله مرحلة التجارب هذه؟!
أجابه رئيسه بسرعة , وكأنما كان فى انتظار السؤال :
-نفس ما يمثله تشغيلها الكامل ...ففى كل الأحوال يمكنها رصد الطلعات الجوية وتحديد معناها ومغزاها , وإبلاغ القيادات الإسرائيلية فورا ,لإتخاذ كل الإحتياطات . ووسائل المقاومة اللازمة .
وتوقف بضع لحظات ,ليدير عينيه فى وجوههم , قبل أن يتابع :
-والمطلوب منا إفساد عمل هذه المحطة بأى ثمن ,خلال مرحلة لم يتم تحديدها بعد, ولكنها تقع فى نطاق شهرى تجارب التشغيل .
انهالت الأسئلة من الرجال فى محاولة لمعرفة كل التفاصيل المتعلقة بالأمر,وراح رئيسهم يجيب بكل مالديه من معلومات ....
(س) وحده فقط لاذ بالصمت التام ,وهو ينصت جيدا لكل ما يقال , وعقله يعمل بأقصى طاقته كالمعتاد...
كان يؤمن تماما بأنه ما من نطاق أمنى محكم تماما...هناك حتما ثغرة ما ,فى مكان ما ... ثغرة لم ينتبه إليها أحد......
وكل ما عليه هو أن يدرس الأمر , بمنتهى الدقة ,وبكل المعلومات والتفاصيل المتاحة ,حتى يعثر على هذه الثغرة ,ويسعى لأختراقها ,و....
-"لا توجد سوى وسيلة واحدة...."
قطع قوله أحاديثهم وأسئلتهم بغتة , فعاد الصمت يخيم على حجرة الاجتماعات , والعيون كلها تتجه إليه فى تساؤل , جعله ينهض من مقعده , ويتحرك فى المكان , كعادته كلما بدأ التفكير فى خطة ما , وهو يقول :
-بناء على كل المعلومات المتاحة , يبدو من الواضح أن اختراق نظم أمن تلك المحطة التجريبية أمر مستحيل , ولكن الأكثر استحالة هو أن نسمح لها بالعمل عندما تحين ساعة الصفر , لذا فمن المحتمل أن نجد وسيلة لتعطيلها فى اللحظة المناسبة , حتى لا تفسد خطة العبورالمنتظر كلها .
سأله رئيسه فى قلق:
- هل تفكر فى عملية عسكرية؟!!
هز (س) رأسه فى حزم , مجيبا :
-مطلقا ..العملية العسكرية فى حد ذاتها ستثير انتباه الاسرائيلين , وستدفعهم إلى التأهب لمواجهة الخطوة التالية.
ثم توقف بغتة , ليتابع فى إهتمام , وعلى نحو يوحى بأنه يحدث نفسه :
-ينبغى أن يتم تعطيل المحطة على نحو يبدوطبيعيا تمام , ولا يثير لدى الاسرائيلين أدنى شك أو قلق.
سأله أحد زملائه فى اهتمام :
-وكيف يمكن أن نفعل هذا؟!
أجابه (س) وعقله يعيد دراسة الأمر مرةأخرى :
-تتحدث لو ان هذا الأمر سهل!..كلنا نعلم ان الاسرائيلين حذرون للغاية , ومن المؤكد أنهم سينتقون كل العاملين فى تلك المحطة بدقة تامة , وربما لا يسمحون لهم بإجراء أى اتصالات خارجية أيضا .
أشار (س) بسبابته قائلا :
-ولكن هناك مراحل تجريبية .
سأله أخر :
-وما الفارق؟!
لوح بيده , مجيبا فى حزم :
-الفارق ان مراحل التجريب تحتاج إلى خبراء , وفنيين , ورجال اخرين , ليسوا ضمن طاقم التشغيل الرئيسى .
قال رئيسه بلهجة يغلب عليها الحذر :
-هؤلاء أيضا سيتم اختبارهم بمنتهى الدقة .
أبتسم (س) ابتسامة غامضة , وهو يجيب :
-ولكنهم سيظلون مجرد علماء وخبراء , وفنيين , وليس بينهم من يحمل روح العسكرية الحقة .
وأدار وجهه فى وجوه الجميع بدوره , قبل أن يضيف فى حزم :
-وهذا يعنى أن علينا ان نتحرك فورا ..وبأقصى سرعة ممكنة .
قالها ثم عاد الى مكتبه , وطرح الأمر كله على مائدة البحث. وكانت خطته بسيطة وعبقرية كالمعتاد ... خطة اعتمد فيها على أسلوبه المتميز فى تقمص شخصية الخصم والتفكير بعقله وأسلوبه ,لاستنتاج خطواته وتحركاته القادمة... ولقد استمر الاجتماع بعدها لثلاث ساعات أخرى , ناقش فيها الرجال كل التفاصيل , ثم أقروا الخطة فى النهاية وتم أسناد العملية كلها إلى صاحبها ..إلى (س) نفسه ..
وكعادته , بدأ رجل المخابرات المحنك بجمع المعلومات ..كل المعلومات المتوفرة والممكنة عن محطة الانذارالمبكر وكل العلماء الذين اشتركوا فى تصميمها ووضع تفاصيل عملها الأساسية ... يومان كاملان لم يذق فيهما هو , أو أى شخص من فريق العمل التابع له لحظة واحدة من النوم ... ولكن كل هذا الجهد لم يذهب هباءا ...ففى النهاية أصبح لديه ملف دقيق , لكل ما ينبغى معرفته عن الامر ... وبعد أربع ساعات من النوم العميق , لتصفية الذهن وإراحة العقل والجسد المجهد , بدأ (س) فى تنفيذ خطته فورا... كان يدرك أن الاسرائيلين سينتقون بمنتهى الدقة كل العلماء , الذين سيتولون مسألة الاشراف على تجارب التشغيل , وأنهم كعادتهم سيميلون الى إختيار العلماء يهودى الديانة, بإعتبار انهم – كمايفترض- الاكثر ولاء لإسرائيل , مهما تكن جنسياتهم... ومن بين هؤلاء علماء الطاقة بالتحديد ... وطبقا لما قرر الخبراء , فى جهاز المخابرات المصرى كان هناك ثلاثة من علماء الطاقة الأمريكيين , تنطبق عليهم كل المواصفات , التى يمكن أن تغرى خبراء(إسرائيل)....
البروفيسير(دريك هانز) ,والبروفيسير(مارك هايدن) , والدكتور (دافيد هلسن)...وكان عليه أن يختار واحدا منهم فحسب , لتنفيذ خطته .... وبعد دراسة طويلة , اشترك فيها إثنان من الخبراء النفسيين , وأحد علماء الطاقة من أساتذة هندسة (الإسكندرية),وقع الإختيار على الأول ...البروفيسير (دريك هانز)... وهنا بدأت تحركات الجهاز المصرى فى إتجاهين متوازيين ,فى آن واحد ...
ففى صباح اليوم التالى , بتوقيت (ميتشجن) بالولايات المتحدة الأمريكية , وبينما كان البروفيسير(مارك هايدن) يبتاع بعض الأشياء البسيطة , فى أحد متاجر سلسة (كروجر ) . احتك به شاب أنيق , يحلى سترته بدبوس ذهبى , على شكل فراشة صغيرة ... ومع الاحتكاك , شعرالبروفيسير (مارك) بوخزة فى يده , ثم فوجىء بقطرة دم , تثب من موضع الوخزة...
وهنا توقف الشاب , وراح يعتذر بشدة عما سببه دبوسه الذهبى , ثم أصر على تطهير الجرح بنفسه , بإستخدام منديل معطر , أخرجه من جيبه , وفض غلافه الواقى , ثم مسح به موضع الوخزة باهتمام شديد , وهو يواصل اعتذاراته .....وانتهى الأمر كله فى دقيقة واحدة , انصرف بعدها الاثنان , كل الى سبيله , واستقل البروفيسير سيارته , وذهب الى مقر عمله , وألم الوخزة يتلاشى تدريجيا ..... ولكن بعد ساعتين فحسب , ارتفعت حرارة الرجل وبدأ جسده يرتعش على نحوغير طبيعى , ثم لم يلبث أن شعر بدوار شديد , وكاد يفقد الوعى , لولا أن قام رفاقه بنقله إلى المستشفى القريب , الذى أعلن إصابته بنوع من الحمى الفيروسية , التىتحتاج ما بين أربعة إلى خمسة أسابيع من العلاج , والراحة التامة فى الفراش ... فى نفس اللحظة , التى حدث فيها هذا , كان الدكتور (دافيد هلسن )يستقبل زائرا أصر علىمقابلته , لإستشارته فى أمر مهم جدا ... والواقع أن الرجل قد شعر بحيرة بالغة ,إذ أن الزائر الشرقى الملامح, قد أخذ يتحدث معه لربع الساعة فى فناء الجامعة , دون أن يستشيره فى أى شىء!!...ثم لم يلبث أن إنصرف , وهو يبتسم إبتسامة كبيرة , ويصافحه فىحرارة شديدة , وكأنهما صديقان قديمان !.... وعلى الرغم من عقليته العبقرية , فإن الدكتور (دافيد) لم يخطر بباله للحظة واحدة , أن كل المطلوب كان ظهوره مع ذلك الشرقى فى مكان عام , إذ كان هذا كافيا لبذر بذور الشك فى قلب مراقبيه من الموساد , الذين إستبعدوه بالطبع من الترشيح خشية أن تكون له أى اتصالات مع المصريين أو السوريين , خاصة أن ذلك الشرقى الملامح كان معروفا لديهم بميوله المعادية للصهيونية....
البروفيسير (دريك هانز)...
وعندما تم إبلاغ البروفيسير(دريك)رسميا بهذا , وعندما وصلته تذكرة السفر إلى (تل أبيب) كان الرجل واقعا بالفعل تحت سيطرة المخابرات العامة المصرية ..! ويبدو ان الوسيلة التى تم أستخدامها للسيطرة على البروفيسيير (دريك)كانت عبقرية ومبتكرة للغاية , لذا فإن أحدا لم يفصح عن تفاصيلها قط بإعتبارها سرا لا ينبغى الكشف عنه أبدا ... المهم ان الرجل , عندما وصل إلى (إسرائيل) , كان يعمل محبا أو مكرها , لحساب المخابرات المصرية ..ولقد إتخذ الاسرائيليون إحتياطاتهم الأمنية , منذ اللحظةالأولى , فحتى وصوله إلى (تل أبيب), كان الرجل يعلم أنه سيقوم بدور علمى فنى , فى مكان ما فى إسرائيل ولكنه يجهل التفاصيل كلها ...إلا ما أبلغته به المخابرات المصرية بالطبع ... ولقد تم نقله فور وصوله إلى مقر المخابرات الاسرائيلية , حيث شرح له أحد المسئولين طبيعة مهمته ,ثم أخبره أنه سيقيم مع باقى طاقم العلماء فى فيلات صغيرة مجاورة وملحقة بمحطة الإنذار المبكر , طوال الشهرين اللذين ستسغرقهما تجارب التشغيل ....ووافق الرجل بلا مناقشة أو اعتراض , وخاصة مع الأجر الضخم , الذى يسيل له اللعاب , والذى عرضته المخابرات الاسرائيلية ...
وفى الصباح التالى , وتحت حراسة مشددة , تم نقل البروفيسير (دريك هانز)إلى المحطة , ومخه يحوى تعليمات صارمة من رجل المخابرات المصرى , الذى نجح فى السيطرة عليه هناك ...فى الولايات المتحدة الأمريكية .... ولقد كانت التعليمات بسيطة ومركزة , ولم توح إليه بأى إحتمالات مخيفة , إّذا كان كل المطلوب منه أن يجد مبررا لإيقاف المحطة عن العمل فى خمسة مواعيد مختلفة , ولمدة نصف ساعة فى كل مرة ...

ولقد إستغل الرجل موقعه كخبير للطاقة , خلال المرحلة التجريبية , وأوقف المحطة بالفعل لمدة نصف ساعة , فى العاشرة من سبتمبر , دون أن يحدث شىء ..مما شجعه على مواصلة تنفيذ الأوامر , التى تقتضى إيقاف عمل المحطة لفترة مماثلة , فى الخامس والعشرين من سبتمبر , والسادس من أكتوبر , والثالث عشر من أكتوبر , ونهاية أكتوبر .... ولقد حار الرجل فى محاولة فهم سبب ما طلبه منه المصريون , ولكنه أطاع الأوامر التى يبدو أنه لم يمكن لديه سبيل لرفضها , ووجد مبررا آخر لإيقاف الطاقة فى السادسة والربع من مساء الخامس والعشرين من سبتمبر , ولمدة نصف ساعة أيضا ...ولم يحدث أى شىء ..!
وفى الوقت نفسه , كانت أحاديث الإسرائيليين داخل المحطة , تؤكد كلها أن المصريين قداستسلموا للهزيمة , ولحالة اللا سلم واللا حرب .....وشعر البروفيسير(دريك) للإرتياح لهذه الأحاديث , فقد توافقت مع وجهة نظره , التى تقول ان المصريين يختبرون طاعته لهم فحسب , وأنهم لن يلبثوا أن يفصحوا عن مطلبهم الفعلى , فى المرة القادمة ...
ولأن السادس من أكتوبر كان يوافق عيد(كيبور), فقد كان من السهل عليه أن يجد مبررا, لإيقاف الطاقة والمحطة كلها , بحجةإجراء بعض التجارب نظرا لأن الكل كان يتمنى بضع قائق من الراحة والاسترخاء فى ذلك اليوم , خاصة أن الشواهد كلها كانت توحى بأن المصريين أيضا فى حالة استرخاء على الجبهة .....
وفى (القاهرة) ..كان (س) يشعر بتوتربالغ , مع حركة عقارب الساعة نحو الواحدة والنصف , فقد كان , بحكم منصبه واحدا من القلائل , الذين يعرفون أمر ساعة الصفر , ولم تكن لديه وسيلة واحدة للتيقن من أن خطته تسير على مايرام , وأن محطة الانذار المبكر قد تحولت إلى هدف أعمى , لا يمكنه كشف الطلعة الجوية الأولى , التى ستمهد ساحة المعركة للعبور..الوسيلة الوحيدة كانت نجاح الضربة والعبور بالفعل ...
لذا فقد ظل(س) فى حالة توتر شديد , حتى وصلته الأخبار فى تمام الثانية والنصف ..
لقد نجحت الضربة الجوية الأولى نجاحا مبهرا , وقواتنا البواسل تتدفق الآن كالسيل , عبر قناة (السويس)..
عندئذ ..وعندئذ فقظ...إٍسترخى (س) على مقعده , وارتسمت على شفتيه ابتسامة ظفر كبيرة ...
فالآن فقط . أدرك كم أن خطته ناجحة ... الخطة التى أفسدت دور أول محطة إنذار مبكر فى التاريخ , وحولتها إلى مجرد هدف لطائراتنا ونسورنا البواسل ....
هدف أعمى ..!!

منقول من صفحة world Military Info
 
خطة رائعه من المخابرات العامه المصريه ولكن كانت مجازفه الى حد كبير فماذا لو لم يقوم البروفيسير بأيقاف عمل
المحطه لمدة نصف ساعة يوم 6 اكتوبر 73 ، اعلم ان القوات الجويه كانت ستقوم بالهجوم الجوى تحت اى ضغط واى شكل
وانها اقسمت على دك سلاح الطيران الاسرائيلى حتى لو كلفها هجوم انتحارى ( اى دخول الطيار المصرى بطائرته فى صدام مباشر
ضد الطائرات الاسرائيليه فى الجو او الاهداف الارضيه ) ايضا كمات تتزامن عملية الهدف الاعمى مع عمليه اخرى قامت بها
المخابرات العامه المصريه وهى معرفة كل تفاصيل شبكة انابيب النابالم على طول خط قناة السويس والعمل على سد الانابيب فى جميع اماكنها
وايضا اسر العالم الذى ارسلته اسرائيل لاصلاح شبكة الانابيب ظنا منها انه يوجد عطل بشبكة الانابيب ولا تعلم انها مسدوده من الخارج
 
عودة
أعلى