كتب محرر الشؤون السياسية:
عنوان عريض حملته صحف الكويت منذ أيام قليلة لتصريح ورد على لسان السفيرة الفرنسية لدى البلاد ندى يافي، والتي قالت فيه: «طائرات الرافال ستحط على الأرض إن شاء الله» ليعقبه تصريح آخر من مدير إدارة مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السفير الشيخ د. أحمد الناصر قائلا: إن صفقة طائرة الرافال بين الكويت وفرنسا في «القنوات القانونية والدستورية وبين أيادي الفنيين بوزارة الدفاع». تلك التصريحات التي كشفت بشكل غير مباشر عن اعادة احياء صفقة الرافال مرة اخرى عقب توقفها لظروف سياسية رقابية سابقة،
جاءت عقب امتناع السفيرة الفرنسية نفسها في أوقات سابقة عن الإدلاء بأي تصريحات حول الصفقة، واكتفت بردود دبلوماسية كمخرج لأسئلة الصحافيين، التي لاحقتها الشهور الماضية بقولها في أكثر من مناسبة «لا جديد تحت الشمس فيما يتعلق بصفقة الرافال».
قصة الصفقة
وتعود قصة الرافال إلى بدايات عام 2010، عندما أثارت احدى الكتل بمجلس الأمة وعدد من الاطراف النيابية المساندة لها امر الصفقة، والتي اعلنت وقتها عن وجود شبهات كثيرة وعمولات تحوم حول شراء الكويت من فرنسا لعدد من طائرات الرافال المقاتلة ليستعين بها الجيش الكويتي لتعزيز قدراته القتالية.
وقدرت الصفقة من قبل المراقبين – على الرغم من التعتيم الاعلامي حولها – بمبالغ تقارب الملياري دولار – ولكن عددا من المتخصصين والسياسيين شددوا على أن الخطورة لا تتعلق بقيمة الصفقة المالية فقط، ولكن تأثيرها سيمتد بشكل كبير على الجهوزية القتالية للجيش وسلاح الطيران، مرجعين ذلك إلى أن طائرات الرافال تنتمي إلى الجيل الرابع في ظل وجود الجيل الخامس حاليا من الطائرات القتالية كالميراج وf-18. جاء هذا إلى جانب رفض عدد من الدول ومنها الإمارات ادخال الرافال لخدمتها العسكرية بعد تأكيد التقارير الفنية للقوات المسلحة لتلك البلاد أنها غير مناسبة مقارنة مع طائرات أخرى مماثلة، فضلا عن ان بعض السياسيين أكدوا ان القيمة التي عرضت على الكويت اعلى بكثير من الاسعار التي عرضت على عدد من دول العالم.
هذا وقد نجت حكومة الشيخ ناصر المحمد منتصف دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الثالث عشر من استجواب بشأن صفقة الرافال بعد ان سارع الشيخ جابر المبارك وزير الدفاع في ذلك الوقت إلى الاجتماع مع ما يقارب العشرين نائباً بلجنة الداخلية والدفاع والاستماع الى مطالبهم ومطالب كتلة التنمية و الإصلاح حول ما أثير بشأن صفقة طائرات الرافال وصفقات التنفيع، التي حامت حول الصفقة مع الجانب الفرنسي، وتعهده وقتها بعدم اتمام الصفقة الا بواسطة الأطر الدستورية والطرق القانونية ومن بينها ديوان المحاسبة.
بيد أن تطمينات الشيخ جابر لم تطل طويلا، فقد امتنعت الحكومة بعدها عن تزويد النواب بالاسباب التي دعتها الى الامتناع عن تزويد ديوان المحاسبة بالتقارير والمراسلات الخاصة بالصفقة في مراحلها المختلفة، «والتي عرفت وقتها بحادثة طرد موظفي ديوان المحاسبة من وزارة الدفاع»، بعدما طلب عدد من النواب وبشكل واضح معرفة اسباب تجاوز وزارة الدفاع لتقرير صادر عن آمر القوة الجوية مطلع عام 2009، والذي دوّن فيه ملاحظاته التى تشير الى سلبية التقرير الخاص بـ «الرافال»، كونها لا تدخل ضمن أولوية القوة الجوية المقرة من قبل القيادة العسكرية.
تقارير رسمية
وأثيرت نيابياً ايضاً في ذلك الوقت تساؤلات عدة تركزت حول الاسباب التي جعلت وزارة الدفاع لم تجب عن الملاحظات الفنية التي ذكرها عدد من النواب، والذين استندوا فيها إلى تقارير رسمية صادرة من بعض القادة العسكريين، والتسريبات التي خرجت وقتها تشير الى استبعاد اثنين من الطيارين الكويتيين اللذين قدما تقريرهما عن الطائرة من لجنة تقييم الأسلحة.
وتشير ترجيحات المتابعين إلى أن سبب عودة الصفقة مرة اخرى الى الواجهة هو غياب الرقابة البرلمانية في الآونة الأخيرة بشكل دائم، لاسيما مع وجود مجلس الصوت الواحد وتفكيك الكتل، ومن ثم عدم وجود كتل محتملة تتصدى لمثل تلك الامور، والتي تحتاج الى تنظيم وتكتيك نيابي بخبرة قد يفتقدها المجلس القادم ايضاً.
صفقة «الرافال» تعود مرة أخرى إلى الواجهة - الطليعة