بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعلق:
في ثلاثينيات القرن العشرين تمكن "هيرمنج جورنج" قائد سلاح الجو النازي أن يشكل أقوى سلاح جوي شهده العالم، اكتسحت قاذفات "جورنج" ومقاتلاته هولندا بلجيكا هولندا الدانمرك النرويج وفرنسا.
في آب عام 1940 وجه سلاح الجو الألماني كل قوته نحو بريطانيا، في عملية سماها "تشرشل" أروع ساعات أمته، ارتقى سلاح الجو الملكي البريطاني بملاقاة الخطر النازي، وعرفت تلك المواجهة الملحمية بمعركة بريطانيا.
بحلول حزيران عام أربعين أكمل الجيش الألماني احتلال أوروبا الغربية، حول "هتلر" ناظريه نحو القنال الإنجليزي، بدأت قوات غزو ألمانية تتشكل وتدفقت الإمدادات من أوروبا النازية، كان هناك أكثر من القنال الإنجليزي في طريقهم حيث كان "هيو داودنج" قائد سلاح الجو الملكي البريطاني قد أعد السلاح إعدادًا جيدًا، وكان مستعدًّا للارتقاء إلى الجو وإحباط أي غزو ألماني عبر القنال.
أراد "جورنج" السيطرة على الأجواء قبل النزول الألماني على التراب الإنجليزي، وأكد قائد سلاح الجو الطموح على قهر سلاح الجو البريطاني خاصة أن لديه ضعف عدد الطائرات البريطانية وكانت المقاتلة "ميسر شميث 109" الخفيفة والسريعة من بينها، والتي كانت أخطر طائرة في العالم.
قاذفة "جورنج" المقاتلة "دورن يار" المخيفة سبعة عشر أبادت معظم أسلحة الجو في أوروبا قبل إقلاعها، قضت خطة "جورنج" بضرب قلب الدفاع الجوي البريطاني والقضاء على مراكز القيادة الجوية ومدارج الطائرات وتدمير طائرات سلاح الجو الملكي على الأرض وبعد تدمير مدارج الطائرات ومرافق الصيانة والقيادة يكون سلاح الجو الملكي عديم النفع، بعد ذلك تبدأ عملية الغزو البري المسماة "أسد البحر" وسيعبر 250 ألف جندي ألماني القنال الذي يبلغ عرضه 31 ميلاً لغزو جنوب إنجلترا، استعد الجنود البريطانيون لمجابهة الغزو فيما بث "تشرشل" كلمة تحدٍ رنانة في خطاب تاريخي.
تشرشل:
سندافع عن جزيرتنا مهما كان الثمن، سنقاتل على الشواطئ ومناطق الإنزال في والحقول والشوارع وفي التلال أيضًا، لن نستسلم أبدًا.
المعلق:
سرع البريطانيون إنتاج طائرات للدفاع عن وطنهم ومنها الطائرة "هوكر هوركن" الأصغر حجمًا من "ميثر شميث" الألمانية لكنها تستطيع الارتقاء إلى ارتفاع أعلى، كانت "سبيت فاير" درة المقاتلات البريطانية، وباستخدامها المحرك "رولز رويس" كانت سريعة وتجيد المناورة مثل "ميسر شميث" وهذا ما اكتشفه الألمان سريعًا.
كان الرادار البريطاني الذي طور في ثلاثينيات القرن المنصرم يستطيع رصد الطائرات الألمانية قبل بلوغها أهدافها، وظل سلاح الجو الملكي يفاجئ الطيارين الألمان الذين لم يواجهوا أي تحدٍّ حقيقي حتى الآن.
في الثالث عشر من شهر آب عام 1940 بدأت معركة بريطانيا رسميًّا، حلقت القاذفات والمقاتلات النازية 1500 طلعة عبر القنال لتهاجم مدارج الطائرات والمصانع والموانئ البريطانية.
استمتع البريطانيون أيضًا بالنجاح فبواسطة الرادار كان سلاح الجو الملكي يتوقع كل تحركات سلاح الجو الألماني ومني الألمان بخسائر فادحة في ذلك اليوم، فقد الألمان 34 طائرة، فيما فقد البريطانيون 13 فقط، في المواجهة الأولى من معركة بريطانيا خرج سلاح الجو الملكي منتصرًا لكنها كانت البداية.
استفاد البريطانيون أيضًا من وقوع المعركة فوق أرضهم حيث كانوا ينقذون طياريهم ليعودوا إلى القتال بسرعة، أما الطيارون الألمان فظلوا محتجزين في معسكرات الاعتقال ولن يعودوا إلى المعركة أبدًا.
طوال شهر آب والألمان يشنون هجماتهم المتلاحقة من مرابض خفية في فرنسا، ظل الطيارون البريطانيون في حالة استعداد دائم ينتظرون وقوع أي غارة، كان الطيارون العائدون من طلعة جوية يرتاحون قبل العودة ثانية شعر طيارو سلاح الجو الملكي بالضغط لأن مصير إنجلترا كان ملقى على عاتقهم، طوال صيف عام أربعين أسقط الطيارون البريطانيون الطائرات الألمانية بمعدل طائرتين ألمانيتين مقابل كل طائرة بريطانية، لكن إنتاج الطائرات البريطاني كان في تراجع وكانت قوة طياري سلاح الجو الملكي مرهقة.
في ألمانيا كان "جورنج" متلهفًا لإنهاء المعركة، وشجع طياريه بقوله: إن سلاح الجو الملكي يلفظ أنفاسه الأخيرة وأن هزيمتهم النهائية هي التي تؤخر الغزو.
في الرابع والعشرين من شهر آب كان قصف عرضي بمثابة محور مفصلي في معركة بريطانيا، حادت قاذفات ألمانية كانت متجهة لقصف هدف عسكري عن وجهتها وأسقطت قنابلها على قلب لندن.
قتل المدنيون وهم عائدون إلى منازلهم، لم يطل القصف سكان لندن حتى الآن ورأى "تشرشل" فرصة سانحة في هذه المذبحة، إذا استطاع إغراء النازيين بمهاجمة لندن فإن ذلك سيمنح قواعد سلاح الجو الملكي الوقت الكافي لإعادة البناء وسيعطي طياري السلاح فرصة ليستريحوا ويعيدوا تجميع قوتهم.
في اليوم التالي أمر "تشرشل" بالقيام بغارة انتقامية لإثارة غضب الألمان.
نقل عن "جورنج" قوله: إذا سقطت القنابل على برلين فسيكون اسمي "مويار"، لكن قاذفات سلاح الجو الملكي دكت العاصمة الألمانية خلال الليل.
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
استفز القصف "جورنج" و"هتلر" ودفعهما إلى التهور، وقع "هتلر" الغاضب في فخ "تشرشل" وأكد في خطبة أدلى بها أنه مقابل كل قنبلة على برلين ستلقى عشر على لندن، في برلين التقى "هتلر" و"جورنج" وغيرا الخطة التي كانت تقوم على تدمير الأهداف العسكرية وقررا قصف مدينة لندن.
في السابع من شهر أيلول عام أربعين تطلع سكان لندن إلى الأجواء ليروا أسرابًا من القاذفات الألمانية وللمرة الأولى وبدلاً من تفرق الطائرات لمهاجمة أهداف عسكرية أطبق سلاح الجو الألماني على لندن، حولت القنابل الألمانية لندن إلى كتلة من اللهب قتل المئات وشرد الآلاف.
كافح رجال الإطفاء في لندن النيران بكل بسالة لكن قنابل الألمان الحارقة كانت أقوى منهم، طال القصف كل شيء وظلت القاذفات الألمانية تقصف مجددًا ضمن عملية سميت "عاصفة لندن"، بينما كانت القنابل تتساقط استغل سلاح الجو الملكي الفرصة لإصلاح الطائرات ومدارجها وإراحة الطيارين المنهكين، كان للقصف نتيجة مهمة أخرى.
فقد أدت مشاهد لندن وهي تحترق إلى إثارة الرأي العام الأمريكي وجعلته يعارض مبدأ العزلة، نام الكثيرون من سكان لندن في أنفاق القطارات في الليل فيما ظلت القاذفات تدك المدينة، كانت الحياة العادية تأخذ مجراها صباحًا وظل معظم سكان لندن يتابعون أعمالهم أثناء القصف، وساهموا قدر الإمكان في المجهود الحربي، بينما تحملت لندن غضب سلاح الجو الألماني تعافى سلاح الجو الملكي واشتد ساعده.
بدأت فرق "سبيد فاير" المرتاحة الآن بالاشتباك مع "ميثر شميث" في معارك جوية فوق لندن تابعها الآلاف، كان سكان لندن يراقبون النتائج فيما كان سلاح الجو يسيطر على الأجواء، في الخامس عشر من أيلول عام أربعين والذي يعرفه البريطانيون بيوم معركة بريطانيا انتصر سلاح الجو البريطاني نصرًا باهرًا في الجو ساحقًا خطط ألمانيا الهادفة إلى غزو بريطانيا.
وجه الرادار طائرات "سبيد فاير" و"هوركن" نحو أعداد كبيرة من الطائرات الألمانية وهي تعبر القنال، مكن الرادار مجددًا سلاح الجو الملكي من السيطرة على الوضع وفي هذه المرة تم إسقاط 56 طائرة ألمانية ودمرت عشرات الطائرات الأخرى، كانت تلك المعركة التي قصمت ظهر سلاح الجو الألماني.
علم "هتلر" بالهزيمة في مكتبه في برلين، كان عليه البدء بغزو بريطانيا قبل أن تسوء الأحوال الجوية، ويستحيل عبور القنال لكنه أدرك أنه يحتاج لأشهر للقضاء على سلاح الجو الملكي وبالتالي ألغى الغزوة وانعطف التاريخ هنا انعطافة مأساوية، لاقت آلية الحرب النازية القوية أول هزيمة لها وكان ذلك أول محور مفصلي في الحرب العالمية الثانية.
في معركة بريطانيا أنقذ سلاح الجو البريطاني بريطانيا وربما العالم.
- لم يسبق في تاريخ الصراع البشري برمته أن دان الكثير لمجموعة قليلة من الأشخاص.
المعلق:
كانت حاملات الطائرات الأمريكية "هورنت" في مهمة سرية في المحيط الهادي في أوائل عام 42، كان على متنها 16 قاذفة من طراز "B 25" وهي طائرات لم يسبق لها أن أقلعت من حاملات طائرات، بعد أربعة أشهر فقط من "بيرل هاربر" وفي أحلك ساعات الحرب العالمية الثانية كان "جيمي دوليتول" وفريقه على وشك أن يشنوا غارة صعبة.
أقنع قادة اليابان العسكريون الأمة بأن جيشهم لا يقهر وأن أرض الوطن آمنة من أي هجوم عليها، بدا أن الأحداث الأخيرة تؤكد ذلك، بحلول أوائل عام 42 بسط اليابانيون سيطرتهم على المحيط الهادي بتحقيقهم النصر تلو الآخر، بعد هذا النجاح في تدمير "بيرل هاربر" اكتسح اليابانيون الحامية الأمريكية في جزيرة "ويك" وطردوا البريطانيين من "سنغافورة" وقاموا بغزو جزر الهند الشرقية الهولندية، واحتلوا الفلبين من المدافعين الأمريكيين، بدا اندفاع اليابانيين لا يقهر.
خشي "روز فيلد" أن تؤذي الانتصارات اليابانية الروح المعنوية الأمريكية والمجهود الحربي، طلب من قادته إعداد خطة للرد.
الجنرال "هاب أرنولد" اختار المقدم "دوليتل" كي يضع خطة لقصف الجزر اليابانية، وبدا ذلك صعبًا، كانت اليابان بعيدة جدًّا ولا تطالها القاذفات بعيدة المدى، وكانت بحارها حصينة بحيث لا تستطيع أي حاملة طائرات الاقتراب من أهدافها لكن "دوليتل" هذا كان طيارًا فذًّا وخريجًا ذكيًّا، وتوصل إلى فكرة أن حاملة الطائرات قادرة على شن هجوم من مسافة آمنة إذا انطلقت منها قاذفات بعيدة المدى، لم يسبق أن قام أحد بذلك من قبل.
بدا أن إقناع القاذفة الثقيلة من مدرج حاملة طائرات قصير شيء غير معقول، لكن "دوليتل" قال: إن ذلك ممكن، اقترح "دوليتل" إبحار حاملة طائرات حتى مسافة خمسمائة ميل عن شاطئ اليابان، وإطلاق مجموعة من قاذفات الـ"B 25" بعد إلقاء قنابلها على طوكيو والمدن الأخرى تهبط في أجزاء من الصين لا تخضع للسيطرة اليابانية، وافق "روز فيلد" على خطة "دوليتل".
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
في مطار "إيجلنت" في "فلوريدا" عمل "دوليتل" على تعديل طائرة "B 25" بحيث تستطيع هذه الطائرة العملاقة الثقيلة أن تقلع من على مدرج حاملة طائرات قصير، أتقن طياروه عملية الإقلاع القصيرة من مطار أرضي لكن محاولتهم الأولى في البحر ستكون الاختبار الحقيقي.
أبحر "دوليتل" ورجاله في شهر نيسان قاصدين اليابان على متن أحدث حاملة طائرات أمريكية كان اسمها "هورنت" وكان على متنها 16 قاذفة من طراز "B 25"، رافقتها حاملة الطائرات "يورك تاون" وعدة سفن أخرى حتى رجال "دوليتل" لم يعرفوا كل تفاصيل مهمتهم، كان على الأميرال "مارك ميتشر" قائد "هورنت" إيصال طائرات "دوليتل" إلى منطقة قريبة من اليابان لتمكينها من شن الغارة دون تعريض "هورنت" و"يورك تاون" لأي خطر.
عندما اقتربت "هورنت" من اليابان جمع "دوليتل" رجاله وأطلعهم على مهمتهم، سر هؤلاء لأنهم سيكونون أول أمريكيين سيشاركون في هجوم مضاد على اليابان، ربط هؤلاء ميداليات يابانية بالقنابل التي سيلقونها، كانت الميداليات قدمت إلى ضباط بحريين أمريكيين زاروا اليابان عام 1908، طلبت البحرية إعادتها إلى الإمبراطور.
في الثامنة عشر من شهر نيسان عام 42 وعلى مسافة 650 ميلاً من ساحل اليابان رصدت القوة سفينة عن بعد، كان هناك قارب ياباني يستطلع المياه المحلية وعلى اتصال بالبر الياباني لاسلكيًّا، دمرت مدافع "ميتشر" القارب لكنهم فقدوا عامل المفاجأة، سيأتي اليابانيون الآن بحثًا عن سفن "ميتشر" مع أن الخطة كانت تقضي بإقلاع الطائرات من مسافة خمسمائة ميل من اليابان فقد قرر "دوليتل" الآن أن تقلع وهي على بعد 650 ميلاً.
كان إطلاق القاذفات من مكان أبعد يعني أن ينفد وقودها فوق اليابان فلا تبلغ الصين أبدًا، ارتفعت القاذفات الستة عشرة بتثاقل فيما كانت تحلق في الأعالي في مهماتها الخطرة أخذت القوة البحرية تتجه إلى مكان آمن، كانت "دوليتل" ورجاله وحدهم في هذه المهمة، سرعان ما واجهت القاذفات رياحًا قوية فاقمت مشاكل الوقود لديها، وحالما لاح الساحل الياباني هبطوا فوق سطح البحر بقليل للاقتصاد في الوقود، بلغت القاذفات أهدافها وألقت قنابلها على طوكيو، يوكوهاما وكوبي وناجويا.
شعر اليابانيون بالحرب قد أصبحت في عقر دارهم، سببت الغارات أضرارًا بسيطة لكنها أشعرت اليابانيين أنهم ليسوا في مأمن، فاجأهم الهجوم، خشي رجال "دوليتل" أن لا يكفيهم الوقود وهم يتجهون نحو أجزاء من الصين تقع خارج سيطرة اليابانيين، هبطت إحدى الطائرات بسلام في روسيا، أما الطائرات الخمس عشرة الأخرى فقد نفذ وقودها فتحطمت أو قفز طياروها بالمظلات، وهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيقعون في أيدي الحلفاء الصينيين أو قوات الاحتلال اليابانية.
استقبل الذين وصولوا الصين الحرة ومنهم "دوليتل" كأبطال لأنهم وقفوا في وجه اليابانيين وعملت السلطات على إعادتهم سالمين إلى أميركا، لكن لم يوفق كثير من المغيرين، تفاخر هذا الشريط الإخباري الياباني بأسر الطيارين الأمريكيين الذين هبطوا فوق الصين المحتلة.
قرر اليابانيون الذين أغضبهم قصف وطنهم أن يجعلوا من الأسرى درسًا لغيرهم، أدين ثلاثة من مغيري "دوليتل" وهم الملازم "دين هولمارك" "ويليام فاروا" والرقيب "هارولد" وتم إعدامهم أمام فرقة إعدام.
طارد الجيش الياباني في الصين بقية مغيري "دوليتل" وأحرق مئات القرى التي شك في أنها ساعدتهم على الفرار، قتل 150 ألف مدني صيني انتقامًا لمساعدتهم مغيري "دوليتل"، أصبح "دوليتل" بطلاً قوميًّا فورًا وأصبح لدى الأمريكيين أخيرًا ما يحتفلون به، ردت أميركا الضربة لليابان، أنعم "روز فيلد" على الجنرال "دوليتل" بأرفع وسام أمريكي في شهر أيار وهو ميدالية الشرف.
عندما كانت أميركا في أمس الحاجة إلى رفع معنوياتها قدم مغيرو "دوليتل" الكثير من الثقة إلى مقاتلي أميركا في الوطن والخارج.
سيطر الطيارون الألمان الشباب المتمرسون على أجواء أوروبا معظم الحرب العالمية الثانية، تمهيدًا للغزو المرتقب في عملية يوم الإنزال الكبير كان على قاذفات الحلفاء تدمير سلاح الجو الألماني في الجو وتعطيل عجلة الإنتاج الحربي النازي على الأرض وهكذا أعد المسرح لمعركة سيطرة على أجواء أوروبا، أعلنت أميركا الحرب على ألمانيا في كانون أول عام 41، وأبلغ "روز فيلد" العالم أن بريطانيا ستتلقى دعمًا كبيرًا في قوة النيران.
روز فيلد:
سيدرك "هتلر" و"موسيليني" الآن مدى خطأ حساباتهم الفادح، تفوق النازيون دائمًا في قوة النيران الجوية، وهذا ما حدث عندما قصفوا "وارسو" "روتر دام" و"لندن" لكن هذا التفوق انتهى إلى ما لا نهاية، نحن نعتقد أن الفاشيين والنازيين قد سعوا لذلك، وهذا ما سيحصلون عليه.
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
المعلق:
كانت القاذفات الأمريكية هي التي ستلقنهم هذا الدرس، بحلول أواخر عام 42 كانت المصانع الأمريكية تنتج شهريًا مئات القاذفات لقصف ألمانيا من قواعد جوية في بريطانيا وفي مقدمتها "B 17" العملاقة أو "القلعة الطائرة" وأمل العسكريون أن تتمكن من بلوغ أهداف بعيدة المدى دون مقاتلات مرافقة انطلاقًا من قواعد في إنجلترا وشمال إفريقيا، كانت المقاتلات المرافقة البعيدة المدى والتابعة للحفاء تستطيع حمايتها في جزء من الطريق فقط، وبعد ذلك كانت تظل وحدها في مواجهة طياري ألمانيا، كان الطيارون الألمان يحلقون بطائرات "فوك ولف 190".
شكلت هذه الطائرات السريعة والقادرة على المناورة خطرًا على القلاع الطائرة في الفترة الأولى من الحرب، قضت خطة الحلفاء بضرب قلب آلية الحرب الألمانية أي مصانعهم ومصادر الطاقة لديهم، كانت حقول النفط في "بلو وستي" الرومانية في جوف الإمبراطورية النازية هدفًا رئيسًا وخطرًا، قرر الحلفاء الطيران على ارتفاع منخفض لتجنب الرادارات الألمانية البدائية كانت الإغارة على "بلو وستي" مشكلة أمام الحلفاء، على الرغم من تدمير أربعين في المائة من الهدف فقد أسقطت المقاتلات الألمانية 54 قاذفة أمريكية مع فرقها، كانت أميركا بحاجة إلى قاذفات بعيدة المدى ترافق القاذفات في مثل هذه الغارات المهمة.
قصفت طائرات الحلفاء أهدافًا مدنية بهدف إضعاف معنويات الألمان، حيث قتل 45 ألف ألماني في "هامبورج" وحدها في أربعة أيام.
كانت روح الحلفاء المعنوية تنهار أيضًا، ففي كل مهمة بعيدة المدى كانت قاذفات الحلفاء تقع فريسة المقاتلات الألمانية، ظلت السيطرة على الأجواء ضرورة للحلفاء الذين ينوون غزو أوروبا، واستمرت عمليات التدمير.
كانت القاذفات التي تعود إلى إنجلترا معرضة لإصابات كبيرة، كان عدد الطيارين المصابين بالمئات وأدت الهجمات بعيدة المدى من دون مقاتلات مرافقة إلى تسمية القلاع الطائرة بالنعوش الطائرة، على الرغم من تعرض طياري الحلفاء للقتل في الجو أو الاحتجاز في المعسكرات فقد ثابر الآخرون على أداء أعمالهم، وأخيرًا أدت الطلعات الجوية الكثيفة التي قام بها الحلفاء إلى إضعاف الدفاعات الجوية والمصانع الألمانية، كان لدى قطب الصناعة الألمانية الحربية "ألبرت سبير" خطة سمحت بتشغيل المصانع الألمانية خلال أيام من قصف الحلفاء.
فكك "ألبرت" مصانعه ونقلها بالقطار إلى أماكن لا تتمكن طائرات الحلفاء من تدميرها، لكن جهود "سبير" لم تكن تماثل مقدرة الحلفاء الهائلة على الإنتاج، في أوائل عام 44 تبين أن إنتاج مقاتلتين أمريكيتين بعيدتي المدى قد شكل مفصلاً محوريًّا في المعركة الدائرة للسيطرة على أجواء أوروبا بعد تزويد "B 47" بخزان إضافي أصبح بإمكانها الطيران حتى برلين ذهابًا وإيابًا لحماية القاذفات، وكانت هناك "الموستنج 51" كانت أسرع طائرة في حينه، فقد سمح لها المدى الذي تبلغه وهو 1400 ميل في حماية قاذفات الحلفاء فوق أوروبا النازية البعيدة، ولم تعد القاذفات الأمريكية وحيدة، لقد تفوقت في 51، "B 47" على كل ما في جعبة سلاح الجو الألماني من مقاتلات، في الأشهر القليلة الأولى من عام 44 أسقط الحلفاء أكثر من أربعة آلاف طائرة ألمانية.
بحلول حزيران توقف سلاح الجو الألماني تمامًا وراحت قاذفات الحلفاء تقصف كما يحلوا لها ليلاً نهارًا، وسرعان ما أدت سيطرة الحلفاء على الأجواء إلى سيطرتهم على الأرض، عندما احتل الحلفاء النورمندي في حزيران عام 44، كانت قوتهم الجوية هي التي منعت الألمان من التقدم.
قال الجنرال "أيزن هاور" بثقة لرجاله: لا تقلقوا إذا نظرتم إلى الأعلى وشاهدتم طائرة تتجه نحوكم، فاعلموا أنها إحدى طائراتنا، عندما تقدم الجنود الأمريكيون إلى الرايخ في عام 45 شاهدوا منازل ومباني مهدمة وحفرًا، كانت تلك هي نتيجة قصف الحلفاء اليومي لحماية قواتهم وهي تزحف على برلين.
مهدت السيطرة على الأجواء في أوروبا الطريق للانتصار على "هتلر" وألمانيا، طوال الحرب في المحيط الهادي كان الطيار الأمريكي يعاني على حاملات الطائرات، وكان الهبوط مع تحطم الطائرات من سمات معارك حاملات الطائرات، في حزيران عام 44 واجه سلاح الجو الياباني نقصًا في الطيارين المحترفين، فيما زاد عدد الطيارين المخضرمين لدى أميركا، كانت حاملات الطائرات الأمريكية هذه على وشك أن تبيد قوة الطيران البحري اليابانية في مواجهة حاسمة كانت من جانب واحد فقط سميت بمعركة "صيد الديك الرومي في جزر الماريان"، طوال عام 44 ظلت أميركا تكتسح منطقة المحيط الهادي فقد سحقت اليابان في معركة "ميدواي" وطردتها من "جواد الكنال" و"تاراوا"، بعد احتلال جزر "الماريشال" راحت أميركا تبحث عن وسيلة تحطم بها البر الرئيس الياباني استعدادًا لغزو أميركي، بإمكان قاذفة ال"B 29" الجديدة أن تحمل عتادًا أكثر من أي طائرة في العالم كانت الحاجة تدعو إلى مدرج قريب من اليابان تنطلق منه القاذفات في أمان، ارتأى المخططون الأمريكيون أن أفضل مكان تنطلق منه الـ"B 29" هو جزر الماريان التي تسيطر اليابان عليها وتبعد 1300 ميل عن طوكيو، لكن كان يجب عليهم طرد اليابانيين أولاً، تمثلت الخطوة الأولى بغزو جزيرة تمثلت الخطوة الأولى بغزو جزيرة "سايبام" الأكثر تحصينًا بين جزر اليابان، تلتها "جوام" و"تيتيان".
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
تمركزت قوة بحرية أمريكية ضخمة قبالة الساحل لمهاجمة البحرية اليابانية إذا ما حاولت التحرك إلى المنطقة، كان الأميرال "ميتشر" قائد الأسطول الأمريكي قد سبق له أن شارك في معركة "ميدواي" وكانت تحت إمرته خمس عشرة حاملة طائرات عليها عدد كافٍ من الطائرات التي قامت بحماية قوات الغزو البري الأمريكية.
في السادس عشر من حزيران بدأ الغزو الأمريكي ونزل عشرون ألف مقاتلٍ على "سايبان" في اليوم الأول، أعقبهم عشرون ألف جندي بحري في الأيام القليلة الثانية وهي قوة كافية للتغلب على المدافعين اليابانيين، عندما علم اليابانيون بالغزو أرسلوا قوة بحرية إلى جزر الماريان لمواجهة البحرية الأمريكية وصد عملية الإنزال، كان لدى اليابانيين تسع حاملات عليها 430 طائرة في مواجهة الأسطول الأمريكي المنيع، كانت القوة اليابانية تحت إمرة قائد بحري هو الأميرال "جيزا باروا أوازاوا" ما كان الأميرال في الأحوال العادية ليخاطر بأسطوله في مواجهة تلك الصعاب، لكنه كان يعتمد على 540 طائرة إضافية تربض في قواعد في "جوام" والجزر المجاورة تساعده على شن هجومه، كان يدرك أن بلاده لا تستطيع أن تخسر المعركة التالية لذا أكد لرجاله أن مصير الإمبراطورية يعتمد على هذه المعركة.
مع توغل الجنود الأمريكيين عميقًا كانت المعركة المفصلية على وشك أن تبدأ في الجو قبالة الساحل، شن اليابانيون هجومهم الجوي وميزان القوى يميل ضدهم، كان معظم طياريهم المتمرسين قد قتلوا في هجمات سابقة وكانت معاهد الطيران اليابانية تدرب طياريها عدة أشهر قبل الزج بهم في المعارك، كانت فرصتهم ضئيلة أمام الطيارين الأمريكيين المحنكين، ما زاد وضعهم سوءًا أن طائرة "زيرو" الشائعة لديهم أصبحت قديمة، صحيح أن سرعة ومقدرة "زيرو" على المناورة أكسبتاها نجاحًا مع المعارك الجوية إلا أن أميركا تمتلك الآن طائرات أسرع وأفضل تسلحًا.
رادارات "ميتشر" رصدت الطائرات اليابانية بعد إقلاعها بقليل، سارع الطيارون الأمريكيون الذين خدم معظمهم في المحيط الهادي مدة سنتين كاملتين إلى طائراتهم لملاقاة اليابانيين.
يحلق الكثير من الطيارين الأمريكيين بطائرات "لجرومن هيلكت" الجديدة وهي أفضل مقاتلات في المحيط الهادي، كانت أسرع وأثبت وأقوى نيرانًا من الطائرات اليابانية على بعد تسعين ميلاً من حاملات الطائرات الأمريكية تواجه الجانبان وبدأت المعركة.
فشل اليابانيون في مجاراة المنافسة كان طيارو "أوزاوا" الشباب من دون أي خبرة ولم يحسنوا استغلال طائرة "زيرو" المرنة وفقدوا ميزتهم الوحيدة، إذ بدأت طائرات "هيلكت" تسقط طائرات "زيرو" تباعًا، قال طيار أمريكي متحمس: إنهم يسقطون كورق الشجر، وصاح آخر: هذا أشبه بصيد ديكة رومية، ومن هنا سميت المعركة بـ"صيد الديك الرومي في جزر الماريان".
دمرت عشرات الطائرات اليابانية في غضون دقائق، انتظر "أوزاوا" على متن سفينة القيادة عودة طائراته مظفرة، وعندما لم تعد طائراته أقدم على افتراض تبين أنه المحور المفصلي لتلك المعركة، ظن "أوزاوا" أن طياريه تابعوا طيرانهم للتزود بالوقود في القاعدة اليابانية الموجودة في "جوام" ونظرًا لجهله بمدى خسائره حتى الآن أرسل موجة ثالثة ورابعة من المقاتلات إلى فرامة اللحم.
واجهت موجة "أوزاوا" الأخيرة التدمير الشامل، تم إسقاط عدد من الطيارين اليابانيين الشباب قبل أن تسنح لهم فرصة إطلاق نيران مدافعهم، بحلول نهاية النهار أسقط ثلاثمائة طيار ياباني فيما بلغت الخسائر الأمريكية تسعة وعشرين فقط.
مما زاد من صعوبة الموقف الياباني أن غواصات أمريكية رصدت قوة "أوزاوا" أطلق الأمريكيون طوربيداتهم ليغرقوا حاملتي طائرات، استمرت المعركة في اليوم التالي، كانت بقايا أسطول "أوزاوا" تنسحب لكن الطائرات الأمريكية طاردتها قبل أن تخرج من مداها، دمرت القاذفات المغيرة وحاملات الطوربيد والمقاتلات الأمريكية عدة سفن حربية من أسطول "أوزاوا" وأسقطت خمسًا وستين طائرة يابانية بقي لدى "أوزاوا" خمس وثلاثون طائرة فقط وراح يرقب بحسرة الطائرات الأمريكية وهي تدمر حاملة الطائرات الثالثة "هيو" التي غرقت في المعركة كان ذلك الخطوة الأخيرة في هذه المعركة الخاسرة عادت الطائرات الأمريكية منتصرة إلى حاملة الطائرات ووقودها يكاد ينفد، أسقطت عشرون طائرة فقط عند الهجوم على أسطول "أوزاوا" وفقدت ثمانون طائرة أخرى، عندما نزل بها طياروها في الماء بسبب نفاذ الوقود، وعلى متن حاملة الطائرات أقيمت المراسم للطيارين العائدين لكنهم قضوا داخل طياراتهم بسبب إصاباتهم القاتلة.
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
كانت نتيجة المعركة الجوية الأحادية الجانب هزيمة للقوة الجوية اليابانية في المحيط الهادي، بعد معركة صيد الديك الرومي في جزر الماريان لم يستطع اليابانيون شن هجوم جوي كبير آخر في الحرب العالمية الثانية، تم القضاء على جيل كامل من الطيارين اليابانيين، كان لهزيمة "أوزاوا" وخسارة جزر الماريان والضربة الأخيرة التي تلقاها سلاح الجو وقع مدوي في اليابان إذ أدرك كثيرون في الحكومة أن ليس في مقدورهم الانتصار في الحرب، وخافوا أن أميركا ستتخذ من جزر الماريان قاعدة لها لضرب اليابان مباشرة، اضطر رئيس اليابان "توجوا" الذي تعهد بعدم سقوط جزر الماريان للاستقالة لشعوره بالعار، كانت السيطرة على جزر الماريان إحدى أهم محاور الحرب المفصلية، إذ سرعان ما بدأت هجمات "B 29" التي كانت اليابان تخشاها.
في هذه الأثناء كان العلماء الأمريكيون في نيوماكسيكو يطورون قنبلة سيلقونها انطلاقًا من جزر الماريان، ستكون قنبلة قوية جدًّا تغير وجه التاريخ، توفي "روز فيلد" في الثاني عشر من شهر نيسان عام 45 قبل ثلاثة أسابيع فقط من انهيار ألمانيا النازية، حزن الأمريكيون على قائدهم لكن القليل منهم عرفوا أنه مات وهو يحمل سرًّا سيغير عالمنا كليًّا.
ها هو النعش يمر وخلفه في السيارة الرئيس "ترومان".
المعلق:
قال هاري ترومان" للصحافيين بعد أدائه القسم: لا أدري إن كنتم شعرتم بذلك، فعندما أخبروني بما حدث البارحة شعرت بهول المفاجأة، تلقى الرئيس "ترومان" سر أضخم مشروع علمي في التاريخ ألا وهو القنبلة الذرية، بحلول آذار من عام 45 كانت القوات الأمريكية على بعد 350 ميلاً من اليابان، بعد احتلالها "أيوجيما" و"أوكيناوا" و"جزر الماريان" أصبح في مقدور القلاع الطائرة الأمريكية أن تنطلق من هذه الجزر لقصف اليابان يوميًّا في غارات هدفها تدمير الصناعة وتقويض الروح المعنوية اليابانية.
تدافعت الحشود في طوكيو مع اقتراب القاذفات "B 29" العملاقة، لكن لم يكن هناك مكان يهربون إليه، كانت المدن اليابانية بمبانيها الخشبية سريعة الاحتراق.
في آذار من عام 45 دمرت غارة جوية واحدة ربع مليون مبنًى وقلت ثمانين ألفًا من سكان طوكيو، في موجات الهجمات الأخيرة أبلغ طيارو القاذفات الأمريكية أنهم شموا رائحة اللحم المحترق، قال وزير الخارجية الياباني: تحولت اليابان يومًا تلو الآخر إلى فرن تعالت فيه أصوات الباحثين عن الطعام، ومع ذلك لو أمرهم الإمبراطور بالقفز في النار لفعلوا ذلك، لم يعد بإمكان اليابان أن تنتصر في الحرب لكن لم تكن هزيمتها مطلبًا لأميركا، وما سعت إليه هو استسلامها، استعد اليابانيون للغزو الأمريكي المرتقب وتدرب الأطفال اليابانيون ليكونوا قنابل بشرية، وقد أعطيت النساء عصيًّا من الخيزران لمقاومة الأمريكيين، سيكون غزو الحلفاء لليابان دمويًّا، سيسحق جنود الطرفين ملايين المدنيين اليابانيين.
قيل للرئيس إن نصف مليون جندي أمريكي سيقتل أو سيجرح في غزو اليابان، كانت مجازر "أيوجيما" و"أوكي ناوا" قد أعيت الجيش الأمريكي وكلما اقتربت الولايات المتحدة من النصر زاد الثمن الذي تدفعه.
كان بإمكان اليابان أن تصمد أشهرًا طويلة آملة أن تأتي أميركا المنهكة بالنهاية بحل سلمي لماذا يسمح الرئيس بقتل جنوده في حمام دم آخر، فيما هناك سلاح يطور ويستطيع إنهاء الحرب؟ في مرافق سرية كهذا الواقع في "أوكريج" في ولاية "تنسي" كان هناك آلاف الأمريكيين يعملون على تطوير هذا السلاح، ولم يعرف كثير من الناس ما هو هذا السلاح، كان العميد "جروفز" الذي أشرف قبل سنوات على بناء مبنى البنتاجون هو المسئول عن هذا السر الذي كلف بليوني دولار ألا وهو مشروع "منهاتن".
"جروفز" نسق جهود آلاف العلماء والمهندسين في طول البلاد وعرضها لصنع قنبلة من اليورانيوم، كان المشروع سرًّا كبيرًا حتى الجنرال "ماك آرثر" والأميرال "ميمتس" لم يعرفا عنه شيئًا.
ضغط "جروفز" على فريق البحث حتى تجرب القنبلة في تموز في لوس ألاموس المعزولة في ولاية "نيومكسيكوا" لم يعرف أحد بالتأكيد ما إذا كانت القنبلة فاعلة أم لا؟ رأى "جي روبرت أوبن هايمر" المدير العلمي لـ"لوس ألاموس" أن احتمال نجاحها كبير، كان هذا الفيزيائي الكبير مسئولاً عن صنع وتفجير أول سلاح بري في العالم، وقد رفعت القنبلة التي سميت بالرجل البدين إلى أعلى برج لتفجر ليلة السادس عشر من تموز من خلال جهاز تحكم عن بعد ستة أميال.
في الطرف الآخر من العالم وصل الرئيس "ترومان" إلى "بوتسدان" واجتمع إلى "تشرشل" و"ستالين" لبحث مصير أوروبا بعد الحرب، وضع قادة الحلفاء إعلان "بوتسدان" التي طالب باستسلام اليابان، وهدد اليابان بتدميرها تدميرًا شاملاً إذا لم تذعن حكومتها للمطالب.
في "نيوماكسيكو" أدى انفجار أول قنبلة ذرية إلى إحداث سحابة بلغ ارتفاعها إحدى وأربعين ألف قدم، هذا الانفجار بدا مذهلاً، وقد غير في ثلاثين يومًا وجه العالم كله، سر "جروفز" وهو يتفقد الأضرار بامتلاك أميركا الآن أقوى سلاح في تاريخ الحروب، أما "أوبن هايمر" فكان أوضح تعبيرًا عن القوة المرعبة فقال: تحالفت مع الموت مدمر العوالم.
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
رفض رئيس الوزراء الياباني إعلان "بوتسدان" الذي طالب بالاستسلام دون قيد أو شرط وقال: لن نولي ذلك أي اعتبار، أراد اليابانيون تسوية تضمن بقاء إمبراطورهم "هيرو هيتو" وأن لا يحاكم كمجرم حرب، علمت "رومان" في "بوتسدان" برفض اليابانيين للاستسلام، وأخبر حلفاؤه السوفيت والبريطانيين أن أميركا ستستخدم القنبلة الآن.
يتذكر "تشرشل" الأحداث فيقول: لم يكن القرار باستخدام القنبلة أو عدمه أمرًا مطروحًا البتة إنما كان هناك اتفاق في الإجماع بيننا، قال بعض العلماء: إن إلقاء القنبلة على موقع معزول ربما كان كافيًا لإقناع اليابان بالاستسلام.
رفض "ترومان" ومستشاروه الفكرة لسببين: قد لا تنفجر القنبلة، وإذا أنذرت اليابان فقد تضع أسرى الحرب الأمريكيين في مواقع الأهداف المحتملة، في النهاية كان القرار بإلقاء القنبلة عائدًا إلى "ترومان" وحده، وأمر برسالة خطها بيده أمر رئيس أركانه بأن يطلقها حينما يكون جاهزًا.
على جزيرة "كينيان" الواقعة على بعد 1500 ميل جنوب اليابان تجمعت الوحدة 509 واختار العقيد "فولت بيتس" هذه المجموعة التي ضمت أفضل طياري ال"B29" وسمى طائرته "إينول أجي" ظلت المجموعة تتدرب سرًّا طوال سنة كاملة استعدادًا لهذه اللحظة، في الساعة الثانية وخمس وأربعين دقيقة صباحًا قال "تيبتس": هيا بنا، كان الهدف "هيروشيما" وهي مدينة صناعية صغيرة 250 ألف نسمة، واختيرت لأنها لم تتأذى كثيرًا إبان الغارات السابقة، في الساعة الثامنة وثلاث عشر دقيقة صباحًا ألقت "إينول أجي" القنبلة الذرية على المدينة.
أدت ثلاث موجات صدمية إلى قذف فريق "إينول أجي" حتى ارتفاع بلغ ستة أميال فوق الانفجار، في ضوء هذا الانفجار تحول العالم بأسره.
- كان المشهد الذي رأيناه أضخم بكثير مما توقعناه، لأننا شاهدنا سحابة من الغبار والأنقاض ترتفع تحتنا وسحابة أخرى على شكل فطر فوقها أخفت تحتها أنقاض مدينة هيروشيما.
المعلق:
دمرت هيروشيما وأبيد أهلها، تسمرت ساعة أحد الشوارع لحظة الانفجار بالضبط، بلغت درجة الحرارة على الأرض سبعمائة وعشرين درجة، وأحرقت أربعة أميال مربعة من المدينة، صابغة إياها بلون بني ضارب إلى الحمرة، كسرت الأشجار كالأغصان بفعل قوة الانفجار، وصمدت بعض المنشآت، لكن فاجعة اليابان لم تعن الاستسلام بعد.
تبخر الموجودون في منطقة القنبلة فورًا، وعانى الأبعد من مصدر الموجة الحرارية العذاب والألم، ألصقت الحرارة ملابسهم على جلودهم، فيما ذابت عيون الآخرين الذين حدقوا إلى الانفجار، وصل عدد قتلى الجريمة الذرية الأولى إلى 140 ألفًا عند نهاية العام، أخبرت "ترومان" العالم بخبر القنبلة وهو عائد إلى موطنه.
ترومان:
قبل فترة قصيرة ألقت طائرة أمريكية قنبلة واحدة على هيروشيما ومنعت اليابان من الاستفادة من المدينة، بلغت قوة القنبلة ما يعادل أكثر من عشرين ألف طن من متفجرات "TNT" إذا لم يوافق الآن على شروطنا فسيتوقعون دمارًا من الجو لم تشهد له الأرض مثيلاً.
المعلق:
انتظرت واشنطن طوال يومين كي تستسلم اليابان لكنها لم تفعل كانت الحكومة اليابانية مشغولة في تحديد ما حدث في هيروشيما، انطلق العلماء إلى منطقة الانفجار في تحديد ما إذا كان تفجيرًا ذريًّا حقًّا.
كان وزير الحرب الياباني مقتنعًا أن لدى الأمريكيين قنبلة واحدة فقط، وأنه لا يعقل أن تكون ذرية، في هذه الأثناء كانت واشنطن قلقة؛ لأن القنبلة لم تحقق ما هو مرجو منها.
في اليوم التالي أقلعت قنبلة ذرية أخرى من "كينيان" هدفها "كوكورا" لكن الغيوم حجبت المدينة واختار الفريق هدفًا بديلاً فكانت "ناكازاكي" الضحية الثانية.
قتل 74 ألف شخص من "ناكازاكي" على الفور، تسلم المجلس الحربي الياباني خبر القنبلة الثانية، وظلوا يناقشون مسألة الاستسلام، في النهاية تدخل الإمبراطور "هيرو هيتو" وقال: حان الوقت الذي علينا فيه أن نحتمل ما لا يحتمل.
مذيع:
قبل اليابانيون بشروطنا، هذا ما وصلنا الآن من البيت الأبيض في واشنطن، هذه سيداتي وسادتي هي نهاية الحرب العالمية الثانية.
المعلق:
لن يتم الغزو البري لليابان الآن، على متن البارجة "ميسوري" ترأس الجنرال "ماك آرثر" بطل تحرير الفلبين مراسم الاستسلام الياباني.
مارك آرثر:
نحن نجتمع هنا كممثلين عن القوى الرئيسية المتحاربة، للتوصل إلى اتفاقية ملزمة تجلب السلام، إنني أدعوا ممثلي إمبراطور اليابان إلى توقيع وثيقة الاستسلام في الأماكن المشار إليها.
المعلق:
وقع وزير الخارجية "شيجي ميتسو" بالنيابة عن اليابان منهيًا بذلك صراعًا دام ست سنوات، وأزهق أرواح نحو خمسين مليون شخص، اليابان بدأت الحرب وأنهتها أميركا بإلقاء قنبلتي الإبادة الذريتين على هيروشيما وناجازاكي ليكون ذلك آخر محور مفصلي في الحرب العالمية الثانية.
لقد أقفلت هذه المراسم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعلق:
في ثلاثينيات القرن العشرين تمكن "هيرمنج جورنج" قائد سلاح الجو النازي أن يشكل أقوى سلاح جوي شهده العالم، اكتسحت قاذفات "جورنج" ومقاتلاته هولندا بلجيكا هولندا الدانمرك النرويج وفرنسا.
في آب عام 1940 وجه سلاح الجو الألماني كل قوته نحو بريطانيا، في عملية سماها "تشرشل" أروع ساعات أمته، ارتقى سلاح الجو الملكي البريطاني بملاقاة الخطر النازي، وعرفت تلك المواجهة الملحمية بمعركة بريطانيا.
بحلول حزيران عام أربعين أكمل الجيش الألماني احتلال أوروبا الغربية، حول "هتلر" ناظريه نحو القنال الإنجليزي، بدأت قوات غزو ألمانية تتشكل وتدفقت الإمدادات من أوروبا النازية، كان هناك أكثر من القنال الإنجليزي في طريقهم حيث كان "هيو داودنج" قائد سلاح الجو الملكي البريطاني قد أعد السلاح إعدادًا جيدًا، وكان مستعدًّا للارتقاء إلى الجو وإحباط أي غزو ألماني عبر القنال.
أراد "جورنج" السيطرة على الأجواء قبل النزول الألماني على التراب الإنجليزي، وأكد قائد سلاح الجو الطموح على قهر سلاح الجو البريطاني خاصة أن لديه ضعف عدد الطائرات البريطانية وكانت المقاتلة "ميسر شميث 109" الخفيفة والسريعة من بينها، والتي كانت أخطر طائرة في العالم.
قاذفة "جورنج" المقاتلة "دورن يار" المخيفة سبعة عشر أبادت معظم أسلحة الجو في أوروبا قبل إقلاعها، قضت خطة "جورنج" بضرب قلب الدفاع الجوي البريطاني والقضاء على مراكز القيادة الجوية ومدارج الطائرات وتدمير طائرات سلاح الجو الملكي على الأرض وبعد تدمير مدارج الطائرات ومرافق الصيانة والقيادة يكون سلاح الجو الملكي عديم النفع، بعد ذلك تبدأ عملية الغزو البري المسماة "أسد البحر" وسيعبر 250 ألف جندي ألماني القنال الذي يبلغ عرضه 31 ميلاً لغزو جنوب إنجلترا، استعد الجنود البريطانيون لمجابهة الغزو فيما بث "تشرشل" كلمة تحدٍ رنانة في خطاب تاريخي.
تشرشل:
سندافع عن جزيرتنا مهما كان الثمن، سنقاتل على الشواطئ ومناطق الإنزال في والحقول والشوارع وفي التلال أيضًا، لن نستسلم أبدًا.
المعلق:
سرع البريطانيون إنتاج طائرات للدفاع عن وطنهم ومنها الطائرة "هوكر هوركن" الأصغر حجمًا من "ميثر شميث" الألمانية لكنها تستطيع الارتقاء إلى ارتفاع أعلى، كانت "سبيت فاير" درة المقاتلات البريطانية، وباستخدامها المحرك "رولز رويس" كانت سريعة وتجيد المناورة مثل "ميسر شميث" وهذا ما اكتشفه الألمان سريعًا.
كان الرادار البريطاني الذي طور في ثلاثينيات القرن المنصرم يستطيع رصد الطائرات الألمانية قبل بلوغها أهدافها، وظل سلاح الجو الملكي يفاجئ الطيارين الألمان الذين لم يواجهوا أي تحدٍّ حقيقي حتى الآن.
في الثالث عشر من شهر آب عام 1940 بدأت معركة بريطانيا رسميًّا، حلقت القاذفات والمقاتلات النازية 1500 طلعة عبر القنال لتهاجم مدارج الطائرات والمصانع والموانئ البريطانية.
استمتع البريطانيون أيضًا بالنجاح فبواسطة الرادار كان سلاح الجو الملكي يتوقع كل تحركات سلاح الجو الألماني ومني الألمان بخسائر فادحة في ذلك اليوم، فقد الألمان 34 طائرة، فيما فقد البريطانيون 13 فقط، في المواجهة الأولى من معركة بريطانيا خرج سلاح الجو الملكي منتصرًا لكنها كانت البداية.
استفاد البريطانيون أيضًا من وقوع المعركة فوق أرضهم حيث كانوا ينقذون طياريهم ليعودوا إلى القتال بسرعة، أما الطيارون الألمان فظلوا محتجزين في معسكرات الاعتقال ولن يعودوا إلى المعركة أبدًا.
طوال شهر آب والألمان يشنون هجماتهم المتلاحقة من مرابض خفية في فرنسا، ظل الطيارون البريطانيون في حالة استعداد دائم ينتظرون وقوع أي غارة، كان الطيارون العائدون من طلعة جوية يرتاحون قبل العودة ثانية شعر طيارو سلاح الجو الملكي بالضغط لأن مصير إنجلترا كان ملقى على عاتقهم، طوال صيف عام أربعين أسقط الطيارون البريطانيون الطائرات الألمانية بمعدل طائرتين ألمانيتين مقابل كل طائرة بريطانية، لكن إنتاج الطائرات البريطاني كان في تراجع وكانت قوة طياري سلاح الجو الملكي مرهقة.
في ألمانيا كان "جورنج" متلهفًا لإنهاء المعركة، وشجع طياريه بقوله: إن سلاح الجو الملكي يلفظ أنفاسه الأخيرة وأن هزيمتهم النهائية هي التي تؤخر الغزو.
في الرابع والعشرين من شهر آب كان قصف عرضي بمثابة محور مفصلي في معركة بريطانيا، حادت قاذفات ألمانية كانت متجهة لقصف هدف عسكري عن وجهتها وأسقطت قنابلها على قلب لندن.
قتل المدنيون وهم عائدون إلى منازلهم، لم يطل القصف سكان لندن حتى الآن ورأى "تشرشل" فرصة سانحة في هذه المذبحة، إذا استطاع إغراء النازيين بمهاجمة لندن فإن ذلك سيمنح قواعد سلاح الجو الملكي الوقت الكافي لإعادة البناء وسيعطي طياري السلاح فرصة ليستريحوا ويعيدوا تجميع قوتهم.
في اليوم التالي أمر "تشرشل" بالقيام بغارة انتقامية لإثارة غضب الألمان.
نقل عن "جورنج" قوله: إذا سقطت القنابل على برلين فسيكون اسمي "مويار"، لكن قاذفات سلاح الجو الملكي دكت العاصمة الألمانية خلال الليل.
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
استفز القصف "جورنج" و"هتلر" ودفعهما إلى التهور، وقع "هتلر" الغاضب في فخ "تشرشل" وأكد في خطبة أدلى بها أنه مقابل كل قنبلة على برلين ستلقى عشر على لندن، في برلين التقى "هتلر" و"جورنج" وغيرا الخطة التي كانت تقوم على تدمير الأهداف العسكرية وقررا قصف مدينة لندن.
في السابع من شهر أيلول عام أربعين تطلع سكان لندن إلى الأجواء ليروا أسرابًا من القاذفات الألمانية وللمرة الأولى وبدلاً من تفرق الطائرات لمهاجمة أهداف عسكرية أطبق سلاح الجو الألماني على لندن، حولت القنابل الألمانية لندن إلى كتلة من اللهب قتل المئات وشرد الآلاف.
كافح رجال الإطفاء في لندن النيران بكل بسالة لكن قنابل الألمان الحارقة كانت أقوى منهم، طال القصف كل شيء وظلت القاذفات الألمانية تقصف مجددًا ضمن عملية سميت "عاصفة لندن"، بينما كانت القنابل تتساقط استغل سلاح الجو الملكي الفرصة لإصلاح الطائرات ومدارجها وإراحة الطيارين المنهكين، كان للقصف نتيجة مهمة أخرى.
فقد أدت مشاهد لندن وهي تحترق إلى إثارة الرأي العام الأمريكي وجعلته يعارض مبدأ العزلة، نام الكثيرون من سكان لندن في أنفاق القطارات في الليل فيما ظلت القاذفات تدك المدينة، كانت الحياة العادية تأخذ مجراها صباحًا وظل معظم سكان لندن يتابعون أعمالهم أثناء القصف، وساهموا قدر الإمكان في المجهود الحربي، بينما تحملت لندن غضب سلاح الجو الألماني تعافى سلاح الجو الملكي واشتد ساعده.
بدأت فرق "سبيد فاير" المرتاحة الآن بالاشتباك مع "ميثر شميث" في معارك جوية فوق لندن تابعها الآلاف، كان سكان لندن يراقبون النتائج فيما كان سلاح الجو يسيطر على الأجواء، في الخامس عشر من أيلول عام أربعين والذي يعرفه البريطانيون بيوم معركة بريطانيا انتصر سلاح الجو البريطاني نصرًا باهرًا في الجو ساحقًا خطط ألمانيا الهادفة إلى غزو بريطانيا.
وجه الرادار طائرات "سبيد فاير" و"هوركن" نحو أعداد كبيرة من الطائرات الألمانية وهي تعبر القنال، مكن الرادار مجددًا سلاح الجو الملكي من السيطرة على الوضع وفي هذه المرة تم إسقاط 56 طائرة ألمانية ودمرت عشرات الطائرات الأخرى، كانت تلك المعركة التي قصمت ظهر سلاح الجو الألماني.
علم "هتلر" بالهزيمة في مكتبه في برلين، كان عليه البدء بغزو بريطانيا قبل أن تسوء الأحوال الجوية، ويستحيل عبور القنال لكنه أدرك أنه يحتاج لأشهر للقضاء على سلاح الجو الملكي وبالتالي ألغى الغزوة وانعطف التاريخ هنا انعطافة مأساوية، لاقت آلية الحرب النازية القوية أول هزيمة لها وكان ذلك أول محور مفصلي في الحرب العالمية الثانية.
في معركة بريطانيا أنقذ سلاح الجو البريطاني بريطانيا وربما العالم.
- لم يسبق في تاريخ الصراع البشري برمته أن دان الكثير لمجموعة قليلة من الأشخاص.
المعلق:
كانت حاملات الطائرات الأمريكية "هورنت" في مهمة سرية في المحيط الهادي في أوائل عام 42، كان على متنها 16 قاذفة من طراز "B 25" وهي طائرات لم يسبق لها أن أقلعت من حاملات طائرات، بعد أربعة أشهر فقط من "بيرل هاربر" وفي أحلك ساعات الحرب العالمية الثانية كان "جيمي دوليتول" وفريقه على وشك أن يشنوا غارة صعبة.
أقنع قادة اليابان العسكريون الأمة بأن جيشهم لا يقهر وأن أرض الوطن آمنة من أي هجوم عليها، بدا أن الأحداث الأخيرة تؤكد ذلك، بحلول أوائل عام 42 بسط اليابانيون سيطرتهم على المحيط الهادي بتحقيقهم النصر تلو الآخر، بعد هذا النجاح في تدمير "بيرل هاربر" اكتسح اليابانيون الحامية الأمريكية في جزيرة "ويك" وطردوا البريطانيين من "سنغافورة" وقاموا بغزو جزر الهند الشرقية الهولندية، واحتلوا الفلبين من المدافعين الأمريكيين، بدا اندفاع اليابانيين لا يقهر.
خشي "روز فيلد" أن تؤذي الانتصارات اليابانية الروح المعنوية الأمريكية والمجهود الحربي، طلب من قادته إعداد خطة للرد.
الجنرال "هاب أرنولد" اختار المقدم "دوليتل" كي يضع خطة لقصف الجزر اليابانية، وبدا ذلك صعبًا، كانت اليابان بعيدة جدًّا ولا تطالها القاذفات بعيدة المدى، وكانت بحارها حصينة بحيث لا تستطيع أي حاملة طائرات الاقتراب من أهدافها لكن "دوليتل" هذا كان طيارًا فذًّا وخريجًا ذكيًّا، وتوصل إلى فكرة أن حاملة الطائرات قادرة على شن هجوم من مسافة آمنة إذا انطلقت منها قاذفات بعيدة المدى، لم يسبق أن قام أحد بذلك من قبل.
بدا أن إقناع القاذفة الثقيلة من مدرج حاملة طائرات قصير شيء غير معقول، لكن "دوليتل" قال: إن ذلك ممكن، اقترح "دوليتل" إبحار حاملة طائرات حتى مسافة خمسمائة ميل عن شاطئ اليابان، وإطلاق مجموعة من قاذفات الـ"B 25" بعد إلقاء قنابلها على طوكيو والمدن الأخرى تهبط في أجزاء من الصين لا تخضع للسيطرة اليابانية، وافق "روز فيلد" على خطة "دوليتل".
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
في مطار "إيجلنت" في "فلوريدا" عمل "دوليتل" على تعديل طائرة "B 25" بحيث تستطيع هذه الطائرة العملاقة الثقيلة أن تقلع من على مدرج حاملة طائرات قصير، أتقن طياروه عملية الإقلاع القصيرة من مطار أرضي لكن محاولتهم الأولى في البحر ستكون الاختبار الحقيقي.
أبحر "دوليتل" ورجاله في شهر نيسان قاصدين اليابان على متن أحدث حاملة طائرات أمريكية كان اسمها "هورنت" وكان على متنها 16 قاذفة من طراز "B 25"، رافقتها حاملة الطائرات "يورك تاون" وعدة سفن أخرى حتى رجال "دوليتل" لم يعرفوا كل تفاصيل مهمتهم، كان على الأميرال "مارك ميتشر" قائد "هورنت" إيصال طائرات "دوليتل" إلى منطقة قريبة من اليابان لتمكينها من شن الغارة دون تعريض "هورنت" و"يورك تاون" لأي خطر.
عندما اقتربت "هورنت" من اليابان جمع "دوليتل" رجاله وأطلعهم على مهمتهم، سر هؤلاء لأنهم سيكونون أول أمريكيين سيشاركون في هجوم مضاد على اليابان، ربط هؤلاء ميداليات يابانية بالقنابل التي سيلقونها، كانت الميداليات قدمت إلى ضباط بحريين أمريكيين زاروا اليابان عام 1908، طلبت البحرية إعادتها إلى الإمبراطور.
في الثامنة عشر من شهر نيسان عام 42 وعلى مسافة 650 ميلاً من ساحل اليابان رصدت القوة سفينة عن بعد، كان هناك قارب ياباني يستطلع المياه المحلية وعلى اتصال بالبر الياباني لاسلكيًّا، دمرت مدافع "ميتشر" القارب لكنهم فقدوا عامل المفاجأة، سيأتي اليابانيون الآن بحثًا عن سفن "ميتشر" مع أن الخطة كانت تقضي بإقلاع الطائرات من مسافة خمسمائة ميل من اليابان فقد قرر "دوليتل" الآن أن تقلع وهي على بعد 650 ميلاً.
كان إطلاق القاذفات من مكان أبعد يعني أن ينفد وقودها فوق اليابان فلا تبلغ الصين أبدًا، ارتفعت القاذفات الستة عشرة بتثاقل فيما كانت تحلق في الأعالي في مهماتها الخطرة أخذت القوة البحرية تتجه إلى مكان آمن، كانت "دوليتل" ورجاله وحدهم في هذه المهمة، سرعان ما واجهت القاذفات رياحًا قوية فاقمت مشاكل الوقود لديها، وحالما لاح الساحل الياباني هبطوا فوق سطح البحر بقليل للاقتصاد في الوقود، بلغت القاذفات أهدافها وألقت قنابلها على طوكيو، يوكوهاما وكوبي وناجويا.
شعر اليابانيون بالحرب قد أصبحت في عقر دارهم، سببت الغارات أضرارًا بسيطة لكنها أشعرت اليابانيين أنهم ليسوا في مأمن، فاجأهم الهجوم، خشي رجال "دوليتل" أن لا يكفيهم الوقود وهم يتجهون نحو أجزاء من الصين تقع خارج سيطرة اليابانيين، هبطت إحدى الطائرات بسلام في روسيا، أما الطائرات الخمس عشرة الأخرى فقد نفذ وقودها فتحطمت أو قفز طياروها بالمظلات، وهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيقعون في أيدي الحلفاء الصينيين أو قوات الاحتلال اليابانية.
استقبل الذين وصولوا الصين الحرة ومنهم "دوليتل" كأبطال لأنهم وقفوا في وجه اليابانيين وعملت السلطات على إعادتهم سالمين إلى أميركا، لكن لم يوفق كثير من المغيرين، تفاخر هذا الشريط الإخباري الياباني بأسر الطيارين الأمريكيين الذين هبطوا فوق الصين المحتلة.
قرر اليابانيون الذين أغضبهم قصف وطنهم أن يجعلوا من الأسرى درسًا لغيرهم، أدين ثلاثة من مغيري "دوليتل" وهم الملازم "دين هولمارك" "ويليام فاروا" والرقيب "هارولد" وتم إعدامهم أمام فرقة إعدام.
طارد الجيش الياباني في الصين بقية مغيري "دوليتل" وأحرق مئات القرى التي شك في أنها ساعدتهم على الفرار، قتل 150 ألف مدني صيني انتقامًا لمساعدتهم مغيري "دوليتل"، أصبح "دوليتل" بطلاً قوميًّا فورًا وأصبح لدى الأمريكيين أخيرًا ما يحتفلون به، ردت أميركا الضربة لليابان، أنعم "روز فيلد" على الجنرال "دوليتل" بأرفع وسام أمريكي في شهر أيار وهو ميدالية الشرف.
عندما كانت أميركا في أمس الحاجة إلى رفع معنوياتها قدم مغيرو "دوليتل" الكثير من الثقة إلى مقاتلي أميركا في الوطن والخارج.
سيطر الطيارون الألمان الشباب المتمرسون على أجواء أوروبا معظم الحرب العالمية الثانية، تمهيدًا للغزو المرتقب في عملية يوم الإنزال الكبير كان على قاذفات الحلفاء تدمير سلاح الجو الألماني في الجو وتعطيل عجلة الإنتاج الحربي النازي على الأرض وهكذا أعد المسرح لمعركة سيطرة على أجواء أوروبا، أعلنت أميركا الحرب على ألمانيا في كانون أول عام 41، وأبلغ "روز فيلد" العالم أن بريطانيا ستتلقى دعمًا كبيرًا في قوة النيران.
روز فيلد:
سيدرك "هتلر" و"موسيليني" الآن مدى خطأ حساباتهم الفادح، تفوق النازيون دائمًا في قوة النيران الجوية، وهذا ما حدث عندما قصفوا "وارسو" "روتر دام" و"لندن" لكن هذا التفوق انتهى إلى ما لا نهاية، نحن نعتقد أن الفاشيين والنازيين قد سعوا لذلك، وهذا ما سيحصلون عليه.
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
المعلق:
كانت القاذفات الأمريكية هي التي ستلقنهم هذا الدرس، بحلول أواخر عام 42 كانت المصانع الأمريكية تنتج شهريًا مئات القاذفات لقصف ألمانيا من قواعد جوية في بريطانيا وفي مقدمتها "B 17" العملاقة أو "القلعة الطائرة" وأمل العسكريون أن تتمكن من بلوغ أهداف بعيدة المدى دون مقاتلات مرافقة انطلاقًا من قواعد في إنجلترا وشمال إفريقيا، كانت المقاتلات المرافقة البعيدة المدى والتابعة للحفاء تستطيع حمايتها في جزء من الطريق فقط، وبعد ذلك كانت تظل وحدها في مواجهة طياري ألمانيا، كان الطيارون الألمان يحلقون بطائرات "فوك ولف 190".
شكلت هذه الطائرات السريعة والقادرة على المناورة خطرًا على القلاع الطائرة في الفترة الأولى من الحرب، قضت خطة الحلفاء بضرب قلب آلية الحرب الألمانية أي مصانعهم ومصادر الطاقة لديهم، كانت حقول النفط في "بلو وستي" الرومانية في جوف الإمبراطورية النازية هدفًا رئيسًا وخطرًا، قرر الحلفاء الطيران على ارتفاع منخفض لتجنب الرادارات الألمانية البدائية كانت الإغارة على "بلو وستي" مشكلة أمام الحلفاء، على الرغم من تدمير أربعين في المائة من الهدف فقد أسقطت المقاتلات الألمانية 54 قاذفة أمريكية مع فرقها، كانت أميركا بحاجة إلى قاذفات بعيدة المدى ترافق القاذفات في مثل هذه الغارات المهمة.
قصفت طائرات الحلفاء أهدافًا مدنية بهدف إضعاف معنويات الألمان، حيث قتل 45 ألف ألماني في "هامبورج" وحدها في أربعة أيام.
كانت روح الحلفاء المعنوية تنهار أيضًا، ففي كل مهمة بعيدة المدى كانت قاذفات الحلفاء تقع فريسة المقاتلات الألمانية، ظلت السيطرة على الأجواء ضرورة للحلفاء الذين ينوون غزو أوروبا، واستمرت عمليات التدمير.
كانت القاذفات التي تعود إلى إنجلترا معرضة لإصابات كبيرة، كان عدد الطيارين المصابين بالمئات وأدت الهجمات بعيدة المدى من دون مقاتلات مرافقة إلى تسمية القلاع الطائرة بالنعوش الطائرة، على الرغم من تعرض طياري الحلفاء للقتل في الجو أو الاحتجاز في المعسكرات فقد ثابر الآخرون على أداء أعمالهم، وأخيرًا أدت الطلعات الجوية الكثيفة التي قام بها الحلفاء إلى إضعاف الدفاعات الجوية والمصانع الألمانية، كان لدى قطب الصناعة الألمانية الحربية "ألبرت سبير" خطة سمحت بتشغيل المصانع الألمانية خلال أيام من قصف الحلفاء.
فكك "ألبرت" مصانعه ونقلها بالقطار إلى أماكن لا تتمكن طائرات الحلفاء من تدميرها، لكن جهود "سبير" لم تكن تماثل مقدرة الحلفاء الهائلة على الإنتاج، في أوائل عام 44 تبين أن إنتاج مقاتلتين أمريكيتين بعيدتي المدى قد شكل مفصلاً محوريًّا في المعركة الدائرة للسيطرة على أجواء أوروبا بعد تزويد "B 47" بخزان إضافي أصبح بإمكانها الطيران حتى برلين ذهابًا وإيابًا لحماية القاذفات، وكانت هناك "الموستنج 51" كانت أسرع طائرة في حينه، فقد سمح لها المدى الذي تبلغه وهو 1400 ميل في حماية قاذفات الحلفاء فوق أوروبا النازية البعيدة، ولم تعد القاذفات الأمريكية وحيدة، لقد تفوقت في 51، "B 47" على كل ما في جعبة سلاح الجو الألماني من مقاتلات، في الأشهر القليلة الأولى من عام 44 أسقط الحلفاء أكثر من أربعة آلاف طائرة ألمانية.
بحلول حزيران توقف سلاح الجو الألماني تمامًا وراحت قاذفات الحلفاء تقصف كما يحلوا لها ليلاً نهارًا، وسرعان ما أدت سيطرة الحلفاء على الأجواء إلى سيطرتهم على الأرض، عندما احتل الحلفاء النورمندي في حزيران عام 44، كانت قوتهم الجوية هي التي منعت الألمان من التقدم.
قال الجنرال "أيزن هاور" بثقة لرجاله: لا تقلقوا إذا نظرتم إلى الأعلى وشاهدتم طائرة تتجه نحوكم، فاعلموا أنها إحدى طائراتنا، عندما تقدم الجنود الأمريكيون إلى الرايخ في عام 45 شاهدوا منازل ومباني مهدمة وحفرًا، كانت تلك هي نتيجة قصف الحلفاء اليومي لحماية قواتهم وهي تزحف على برلين.
مهدت السيطرة على الأجواء في أوروبا الطريق للانتصار على "هتلر" وألمانيا، طوال الحرب في المحيط الهادي كان الطيار الأمريكي يعاني على حاملات الطائرات، وكان الهبوط مع تحطم الطائرات من سمات معارك حاملات الطائرات، في حزيران عام 44 واجه سلاح الجو الياباني نقصًا في الطيارين المحترفين، فيما زاد عدد الطيارين المخضرمين لدى أميركا، كانت حاملات الطائرات الأمريكية هذه على وشك أن تبيد قوة الطيران البحري اليابانية في مواجهة حاسمة كانت من جانب واحد فقط سميت بمعركة "صيد الديك الرومي في جزر الماريان"، طوال عام 44 ظلت أميركا تكتسح منطقة المحيط الهادي فقد سحقت اليابان في معركة "ميدواي" وطردتها من "جواد الكنال" و"تاراوا"، بعد احتلال جزر "الماريشال" راحت أميركا تبحث عن وسيلة تحطم بها البر الرئيس الياباني استعدادًا لغزو أميركي، بإمكان قاذفة ال"B 29" الجديدة أن تحمل عتادًا أكثر من أي طائرة في العالم كانت الحاجة تدعو إلى مدرج قريب من اليابان تنطلق منه القاذفات في أمان، ارتأى المخططون الأمريكيون أن أفضل مكان تنطلق منه الـ"B 29" هو جزر الماريان التي تسيطر اليابان عليها وتبعد 1300 ميل عن طوكيو، لكن كان يجب عليهم طرد اليابانيين أولاً، تمثلت الخطوة الأولى بغزو جزيرة تمثلت الخطوة الأولى بغزو جزيرة "سايبام" الأكثر تحصينًا بين جزر اليابان، تلتها "جوام" و"تيتيان".
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
تمركزت قوة بحرية أمريكية ضخمة قبالة الساحل لمهاجمة البحرية اليابانية إذا ما حاولت التحرك إلى المنطقة، كان الأميرال "ميتشر" قائد الأسطول الأمريكي قد سبق له أن شارك في معركة "ميدواي" وكانت تحت إمرته خمس عشرة حاملة طائرات عليها عدد كافٍ من الطائرات التي قامت بحماية قوات الغزو البري الأمريكية.
في السادس عشر من حزيران بدأ الغزو الأمريكي ونزل عشرون ألف مقاتلٍ على "سايبان" في اليوم الأول، أعقبهم عشرون ألف جندي بحري في الأيام القليلة الثانية وهي قوة كافية للتغلب على المدافعين اليابانيين، عندما علم اليابانيون بالغزو أرسلوا قوة بحرية إلى جزر الماريان لمواجهة البحرية الأمريكية وصد عملية الإنزال، كان لدى اليابانيين تسع حاملات عليها 430 طائرة في مواجهة الأسطول الأمريكي المنيع، كانت القوة اليابانية تحت إمرة قائد بحري هو الأميرال "جيزا باروا أوازاوا" ما كان الأميرال في الأحوال العادية ليخاطر بأسطوله في مواجهة تلك الصعاب، لكنه كان يعتمد على 540 طائرة إضافية تربض في قواعد في "جوام" والجزر المجاورة تساعده على شن هجومه، كان يدرك أن بلاده لا تستطيع أن تخسر المعركة التالية لذا أكد لرجاله أن مصير الإمبراطورية يعتمد على هذه المعركة.
مع توغل الجنود الأمريكيين عميقًا كانت المعركة المفصلية على وشك أن تبدأ في الجو قبالة الساحل، شن اليابانيون هجومهم الجوي وميزان القوى يميل ضدهم، كان معظم طياريهم المتمرسين قد قتلوا في هجمات سابقة وكانت معاهد الطيران اليابانية تدرب طياريها عدة أشهر قبل الزج بهم في المعارك، كانت فرصتهم ضئيلة أمام الطيارين الأمريكيين المحنكين، ما زاد وضعهم سوءًا أن طائرة "زيرو" الشائعة لديهم أصبحت قديمة، صحيح أن سرعة ومقدرة "زيرو" على المناورة أكسبتاها نجاحًا مع المعارك الجوية إلا أن أميركا تمتلك الآن طائرات أسرع وأفضل تسلحًا.
رادارات "ميتشر" رصدت الطائرات اليابانية بعد إقلاعها بقليل، سارع الطيارون الأمريكيون الذين خدم معظمهم في المحيط الهادي مدة سنتين كاملتين إلى طائراتهم لملاقاة اليابانيين.
يحلق الكثير من الطيارين الأمريكيين بطائرات "لجرومن هيلكت" الجديدة وهي أفضل مقاتلات في المحيط الهادي، كانت أسرع وأثبت وأقوى نيرانًا من الطائرات اليابانية على بعد تسعين ميلاً من حاملات الطائرات الأمريكية تواجه الجانبان وبدأت المعركة.
فشل اليابانيون في مجاراة المنافسة كان طيارو "أوزاوا" الشباب من دون أي خبرة ولم يحسنوا استغلال طائرة "زيرو" المرنة وفقدوا ميزتهم الوحيدة، إذ بدأت طائرات "هيلكت" تسقط طائرات "زيرو" تباعًا، قال طيار أمريكي متحمس: إنهم يسقطون كورق الشجر، وصاح آخر: هذا أشبه بصيد ديكة رومية، ومن هنا سميت المعركة بـ"صيد الديك الرومي في جزر الماريان".
دمرت عشرات الطائرات اليابانية في غضون دقائق، انتظر "أوزاوا" على متن سفينة القيادة عودة طائراته مظفرة، وعندما لم تعد طائراته أقدم على افتراض تبين أنه المحور المفصلي لتلك المعركة، ظن "أوزاوا" أن طياريه تابعوا طيرانهم للتزود بالوقود في القاعدة اليابانية الموجودة في "جوام" ونظرًا لجهله بمدى خسائره حتى الآن أرسل موجة ثالثة ورابعة من المقاتلات إلى فرامة اللحم.
واجهت موجة "أوزاوا" الأخيرة التدمير الشامل، تم إسقاط عدد من الطيارين اليابانيين الشباب قبل أن تسنح لهم فرصة إطلاق نيران مدافعهم، بحلول نهاية النهار أسقط ثلاثمائة طيار ياباني فيما بلغت الخسائر الأمريكية تسعة وعشرين فقط.
مما زاد من صعوبة الموقف الياباني أن غواصات أمريكية رصدت قوة "أوزاوا" أطلق الأمريكيون طوربيداتهم ليغرقوا حاملتي طائرات، استمرت المعركة في اليوم التالي، كانت بقايا أسطول "أوزاوا" تنسحب لكن الطائرات الأمريكية طاردتها قبل أن تخرج من مداها، دمرت القاذفات المغيرة وحاملات الطوربيد والمقاتلات الأمريكية عدة سفن حربية من أسطول "أوزاوا" وأسقطت خمسًا وستين طائرة يابانية بقي لدى "أوزاوا" خمس وثلاثون طائرة فقط وراح يرقب بحسرة الطائرات الأمريكية وهي تدمر حاملة الطائرات الثالثة "هيو" التي غرقت في المعركة كان ذلك الخطوة الأخيرة في هذه المعركة الخاسرة عادت الطائرات الأمريكية منتصرة إلى حاملة الطائرات ووقودها يكاد ينفد، أسقطت عشرون طائرة فقط عند الهجوم على أسطول "أوزاوا" وفقدت ثمانون طائرة أخرى، عندما نزل بها طياروها في الماء بسبب نفاذ الوقود، وعلى متن حاملة الطائرات أقيمت المراسم للطيارين العائدين لكنهم قضوا داخل طياراتهم بسبب إصاباتهم القاتلة.
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
كانت نتيجة المعركة الجوية الأحادية الجانب هزيمة للقوة الجوية اليابانية في المحيط الهادي، بعد معركة صيد الديك الرومي في جزر الماريان لم يستطع اليابانيون شن هجوم جوي كبير آخر في الحرب العالمية الثانية، تم القضاء على جيل كامل من الطيارين اليابانيين، كان لهزيمة "أوزاوا" وخسارة جزر الماريان والضربة الأخيرة التي تلقاها سلاح الجو وقع مدوي في اليابان إذ أدرك كثيرون في الحكومة أن ليس في مقدورهم الانتصار في الحرب، وخافوا أن أميركا ستتخذ من جزر الماريان قاعدة لها لضرب اليابان مباشرة، اضطر رئيس اليابان "توجوا" الذي تعهد بعدم سقوط جزر الماريان للاستقالة لشعوره بالعار، كانت السيطرة على جزر الماريان إحدى أهم محاور الحرب المفصلية، إذ سرعان ما بدأت هجمات "B 29" التي كانت اليابان تخشاها.
في هذه الأثناء كان العلماء الأمريكيون في نيوماكسيكو يطورون قنبلة سيلقونها انطلاقًا من جزر الماريان، ستكون قنبلة قوية جدًّا تغير وجه التاريخ، توفي "روز فيلد" في الثاني عشر من شهر نيسان عام 45 قبل ثلاثة أسابيع فقط من انهيار ألمانيا النازية، حزن الأمريكيون على قائدهم لكن القليل منهم عرفوا أنه مات وهو يحمل سرًّا سيغير عالمنا كليًّا.
ها هو النعش يمر وخلفه في السيارة الرئيس "ترومان".
المعلق:
قال هاري ترومان" للصحافيين بعد أدائه القسم: لا أدري إن كنتم شعرتم بذلك، فعندما أخبروني بما حدث البارحة شعرت بهول المفاجأة، تلقى الرئيس "ترومان" سر أضخم مشروع علمي في التاريخ ألا وهو القنبلة الذرية، بحلول آذار من عام 45 كانت القوات الأمريكية على بعد 350 ميلاً من اليابان، بعد احتلالها "أيوجيما" و"أوكيناوا" و"جزر الماريان" أصبح في مقدور القلاع الطائرة الأمريكية أن تنطلق من هذه الجزر لقصف اليابان يوميًّا في غارات هدفها تدمير الصناعة وتقويض الروح المعنوية اليابانية.
تدافعت الحشود في طوكيو مع اقتراب القاذفات "B 29" العملاقة، لكن لم يكن هناك مكان يهربون إليه، كانت المدن اليابانية بمبانيها الخشبية سريعة الاحتراق.
في آذار من عام 45 دمرت غارة جوية واحدة ربع مليون مبنًى وقلت ثمانين ألفًا من سكان طوكيو، في موجات الهجمات الأخيرة أبلغ طيارو القاذفات الأمريكية أنهم شموا رائحة اللحم المحترق، قال وزير الخارجية الياباني: تحولت اليابان يومًا تلو الآخر إلى فرن تعالت فيه أصوات الباحثين عن الطعام، ومع ذلك لو أمرهم الإمبراطور بالقفز في النار لفعلوا ذلك، لم يعد بإمكان اليابان أن تنتصر في الحرب لكن لم تكن هزيمتها مطلبًا لأميركا، وما سعت إليه هو استسلامها، استعد اليابانيون للغزو الأمريكي المرتقب وتدرب الأطفال اليابانيون ليكونوا قنابل بشرية، وقد أعطيت النساء عصيًّا من الخيزران لمقاومة الأمريكيين، سيكون غزو الحلفاء لليابان دمويًّا، سيسحق جنود الطرفين ملايين المدنيين اليابانيين.
قيل للرئيس إن نصف مليون جندي أمريكي سيقتل أو سيجرح في غزو اليابان، كانت مجازر "أيوجيما" و"أوكي ناوا" قد أعيت الجيش الأمريكي وكلما اقتربت الولايات المتحدة من النصر زاد الثمن الذي تدفعه.
كان بإمكان اليابان أن تصمد أشهرًا طويلة آملة أن تأتي أميركا المنهكة بالنهاية بحل سلمي لماذا يسمح الرئيس بقتل جنوده في حمام دم آخر، فيما هناك سلاح يطور ويستطيع إنهاء الحرب؟ في مرافق سرية كهذا الواقع في "أوكريج" في ولاية "تنسي" كان هناك آلاف الأمريكيين يعملون على تطوير هذا السلاح، ولم يعرف كثير من الناس ما هو هذا السلاح، كان العميد "جروفز" الذي أشرف قبل سنوات على بناء مبنى البنتاجون هو المسئول عن هذا السر الذي كلف بليوني دولار ألا وهو مشروع "منهاتن".
"جروفز" نسق جهود آلاف العلماء والمهندسين في طول البلاد وعرضها لصنع قنبلة من اليورانيوم، كان المشروع سرًّا كبيرًا حتى الجنرال "ماك آرثر" والأميرال "ميمتس" لم يعرفا عنه شيئًا.
ضغط "جروفز" على فريق البحث حتى تجرب القنبلة في تموز في لوس ألاموس المعزولة في ولاية "نيومكسيكوا" لم يعرف أحد بالتأكيد ما إذا كانت القنبلة فاعلة أم لا؟ رأى "جي روبرت أوبن هايمر" المدير العلمي لـ"لوس ألاموس" أن احتمال نجاحها كبير، كان هذا الفيزيائي الكبير مسئولاً عن صنع وتفجير أول سلاح بري في العالم، وقد رفعت القنبلة التي سميت بالرجل البدين إلى أعلى برج لتفجر ليلة السادس عشر من تموز من خلال جهاز تحكم عن بعد ستة أميال.
في الطرف الآخر من العالم وصل الرئيس "ترومان" إلى "بوتسدان" واجتمع إلى "تشرشل" و"ستالين" لبحث مصير أوروبا بعد الحرب، وضع قادة الحلفاء إعلان "بوتسدان" التي طالب باستسلام اليابان، وهدد اليابان بتدميرها تدميرًا شاملاً إذا لم تذعن حكومتها للمطالب.
في "نيوماكسيكو" أدى انفجار أول قنبلة ذرية إلى إحداث سحابة بلغ ارتفاعها إحدى وأربعين ألف قدم، هذا الانفجار بدا مذهلاً، وقد غير في ثلاثين يومًا وجه العالم كله، سر "جروفز" وهو يتفقد الأضرار بامتلاك أميركا الآن أقوى سلاح في تاريخ الحروب، أما "أوبن هايمر" فكان أوضح تعبيرًا عن القوة المرعبة فقال: تحالفت مع الموت مدمر العوالم.
http://www.majddoc.com/main.aspx?function=Item&id=13142&lang=#top
رفض رئيس الوزراء الياباني إعلان "بوتسدان" الذي طالب بالاستسلام دون قيد أو شرط وقال: لن نولي ذلك أي اعتبار، أراد اليابانيون تسوية تضمن بقاء إمبراطورهم "هيرو هيتو" وأن لا يحاكم كمجرم حرب، علمت "رومان" في "بوتسدان" برفض اليابانيين للاستسلام، وأخبر حلفاؤه السوفيت والبريطانيين أن أميركا ستستخدم القنبلة الآن.
يتذكر "تشرشل" الأحداث فيقول: لم يكن القرار باستخدام القنبلة أو عدمه أمرًا مطروحًا البتة إنما كان هناك اتفاق في الإجماع بيننا، قال بعض العلماء: إن إلقاء القنبلة على موقع معزول ربما كان كافيًا لإقناع اليابان بالاستسلام.
رفض "ترومان" ومستشاروه الفكرة لسببين: قد لا تنفجر القنبلة، وإذا أنذرت اليابان فقد تضع أسرى الحرب الأمريكيين في مواقع الأهداف المحتملة، في النهاية كان القرار بإلقاء القنبلة عائدًا إلى "ترومان" وحده، وأمر برسالة خطها بيده أمر رئيس أركانه بأن يطلقها حينما يكون جاهزًا.
على جزيرة "كينيان" الواقعة على بعد 1500 ميل جنوب اليابان تجمعت الوحدة 509 واختار العقيد "فولت بيتس" هذه المجموعة التي ضمت أفضل طياري ال"B29" وسمى طائرته "إينول أجي" ظلت المجموعة تتدرب سرًّا طوال سنة كاملة استعدادًا لهذه اللحظة، في الساعة الثانية وخمس وأربعين دقيقة صباحًا قال "تيبتس": هيا بنا، كان الهدف "هيروشيما" وهي مدينة صناعية صغيرة 250 ألف نسمة، واختيرت لأنها لم تتأذى كثيرًا إبان الغارات السابقة، في الساعة الثامنة وثلاث عشر دقيقة صباحًا ألقت "إينول أجي" القنبلة الذرية على المدينة.
أدت ثلاث موجات صدمية إلى قذف فريق "إينول أجي" حتى ارتفاع بلغ ستة أميال فوق الانفجار، في ضوء هذا الانفجار تحول العالم بأسره.
- كان المشهد الذي رأيناه أضخم بكثير مما توقعناه، لأننا شاهدنا سحابة من الغبار والأنقاض ترتفع تحتنا وسحابة أخرى على شكل فطر فوقها أخفت تحتها أنقاض مدينة هيروشيما.
المعلق:
دمرت هيروشيما وأبيد أهلها، تسمرت ساعة أحد الشوارع لحظة الانفجار بالضبط، بلغت درجة الحرارة على الأرض سبعمائة وعشرين درجة، وأحرقت أربعة أميال مربعة من المدينة، صابغة إياها بلون بني ضارب إلى الحمرة، كسرت الأشجار كالأغصان بفعل قوة الانفجار، وصمدت بعض المنشآت، لكن فاجعة اليابان لم تعن الاستسلام بعد.
تبخر الموجودون في منطقة القنبلة فورًا، وعانى الأبعد من مصدر الموجة الحرارية العذاب والألم، ألصقت الحرارة ملابسهم على جلودهم، فيما ذابت عيون الآخرين الذين حدقوا إلى الانفجار، وصل عدد قتلى الجريمة الذرية الأولى إلى 140 ألفًا عند نهاية العام، أخبرت "ترومان" العالم بخبر القنبلة وهو عائد إلى موطنه.
ترومان:
قبل فترة قصيرة ألقت طائرة أمريكية قنبلة واحدة على هيروشيما ومنعت اليابان من الاستفادة من المدينة، بلغت قوة القنبلة ما يعادل أكثر من عشرين ألف طن من متفجرات "TNT" إذا لم يوافق الآن على شروطنا فسيتوقعون دمارًا من الجو لم تشهد له الأرض مثيلاً.
المعلق:
انتظرت واشنطن طوال يومين كي تستسلم اليابان لكنها لم تفعل كانت الحكومة اليابانية مشغولة في تحديد ما حدث في هيروشيما، انطلق العلماء إلى منطقة الانفجار في تحديد ما إذا كان تفجيرًا ذريًّا حقًّا.
كان وزير الحرب الياباني مقتنعًا أن لدى الأمريكيين قنبلة واحدة فقط، وأنه لا يعقل أن تكون ذرية، في هذه الأثناء كانت واشنطن قلقة؛ لأن القنبلة لم تحقق ما هو مرجو منها.
في اليوم التالي أقلعت قنبلة ذرية أخرى من "كينيان" هدفها "كوكورا" لكن الغيوم حجبت المدينة واختار الفريق هدفًا بديلاً فكانت "ناكازاكي" الضحية الثانية.
قتل 74 ألف شخص من "ناكازاكي" على الفور، تسلم المجلس الحربي الياباني خبر القنبلة الثانية، وظلوا يناقشون مسألة الاستسلام، في النهاية تدخل الإمبراطور "هيرو هيتو" وقال: حان الوقت الذي علينا فيه أن نحتمل ما لا يحتمل.
مذيع:
قبل اليابانيون بشروطنا، هذا ما وصلنا الآن من البيت الأبيض في واشنطن، هذه سيداتي وسادتي هي نهاية الحرب العالمية الثانية.
المعلق:
لن يتم الغزو البري لليابان الآن، على متن البارجة "ميسوري" ترأس الجنرال "ماك آرثر" بطل تحرير الفلبين مراسم الاستسلام الياباني.
مارك آرثر:
نحن نجتمع هنا كممثلين عن القوى الرئيسية المتحاربة، للتوصل إلى اتفاقية ملزمة تجلب السلام، إنني أدعوا ممثلي إمبراطور اليابان إلى توقيع وثيقة الاستسلام في الأماكن المشار إليها.
المعلق:
وقع وزير الخارجية "شيجي ميتسو" بالنيابة عن اليابان منهيًا بذلك صراعًا دام ست سنوات، وأزهق أرواح نحو خمسين مليون شخص، اليابان بدأت الحرب وأنهتها أميركا بإلقاء قنبلتي الإبادة الذريتين على هيروشيما وناجازاكي ليكون ذلك آخر محور مفصلي في الحرب العالمية الثانية.
لقد أقفلت هذه المراسم.
منقول بعض إضافة تعديلات بسيطةالنهاية:yes: