- إنضم
- 19 مايو 2013
- المشاركات
- 2,121
- التفاعل
سبتة ومليلية والجزر المتوسطية على ضوء التجارب الدولية والقانون الدولي وموقعها في أجندة الأحزاب السياسية المغربية
نظم مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل بشراكة مع كل من جمعية الريف والتنمية ومركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان يوما دراسيا حول موضوع “سبتة ومليلية على ضوء التجارب الدولية والقانون الدولي وموقعها في أجندة الأحزاب السياسية المغربية” بفندق حسان بالرباط يوم 25 شتنبر 2010.
وانطلقت أشغال هذا اليوم بجلسة افتتاحية ترأسها الأستاذ محمد عياد نائب رئيس المركز والتي أشار فيها إلى أن اهتمام المركز بهذه القضية يأتي ضمن معالجة مخلفات الدين الاستعماري في إطار منهجية العدالة الانتقالية التي تروم البحث عن صيغ ديموقراطية تشاركية لطي صفحة الماضي بشكل يمهد لبناء علاقات جوار تضمن الاعتراف بالحقوق والواجبات المتبادلة بما يساعد على الانتقال لبناء حقائق مشتركة تتجاوز سلبيات الماضي والمعوقات التي ترهن المستقبل، وذلك بما يحول دون استدامة صراعات هذا الماضي، وتضمن للأجيال المقبلة ذاكرة مشتركة ومستقبلا واعدا، وتحقق انتقالا ديموقراطيا في المنطقة وبناء أنظمة دولاتية حداثية وديموقراطية و حكامة جهوية جيدة. ثم أعطى الكلمة بعد ذلك لرئيس المركز الأستاذ عبد السلام بوطيب الذي أوضح طبيعة عمل المركز واختصاصاته كجمعية مدنية ذات طبيعة حقوقية- سياسية، تشتغل حول قضايا الذاكرة و الذاكرة المشتركة للمغاربة مع محيطهم الجغرافي والجيوسياسي في أبعادها الحقوقية والسياسية والتنموية كمعرفة ومجال اختصاص. كما أوضح السياق والظروف التي برمجت فيها أشغال هذا اليوم الدراسي والتي تبين مدى التقدم الحاصل في معالجة الملف المغربي الإسباني والتراكمات التي تحققت بفضل تعاون وحوار فعاليات مغربية إسبانية خارج المواضعات التي تحتكم لصراع المصالح الضيقة بدل توسيع دائراتها المشتركة بما يخدم ضمان حسن الجوار والتضامن والتنمية المستدامة.
أشار السيد امحمد المرابط عن مركز الشروق إلى أن المركز يعتز بمشاركته مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل تنظيم هذا النشاط لما يوليه من أهمية للموضوعات التي ترهن مستقبل المغرب والمغاربة، كما أن أهمية الموضوع تأتي من بالنظر لأهمية الواجهة المتوسطية للمغرب ولما لها من انعكاسات في سياق استمرار الجارة الإسبانية في السيطرة على شمالنا المغربي عموما. واشتغالنا مع مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل ليس مطلبيا بقدر ما هو اقتراحي يتوخى تقديم عناصر إجابة من طرف المجتمع المدني والفعاليات الأكاديمية تساعد الفاعل السياسي في بناء مواقفه وتمكنه من أدوات عمل لوضع أجندته وعلى الخصوص لأحزابنا الوطنية من أجل استكمال الوحدة الوطنية في إطار إعمال الحق الجغرافي والتاريخي.
انتظمت أشغال هذا اليوم في أربع جلسات حول أربعة محاور كالتالي :
- سبتة ومليلية والجزر المحتلة : إضاءات تاريخية.
- سبتة ومليلية والجزر على ضوء القانون الدولي والتجارب الدولية.
- موقع سؤال سبتة ومليلية والجزر المحتلة في أجندة الأحزاب السياسية المغربية.
- سبتة ومليلية : الآفاق و الرهانات الجيوستراتيجية.
وقد انقسمت فعاليات كل محور إلى تدخلات من طرف أكاديميين ومختصين ومسؤولين سياسيين وحزبيين تلتها تعقيبات لفاعلين من المجتمع المدني المحلي والجهوي والوطني بمختلف أطيافه سواء الهيئات الحقوقية أو التنموية أو الثقافية أو ذات الطبيعة السياسية. وقد سجل اليوم الدراسي تدخل 43 مشارك (دون احتساب التكرارات)، من بينهم خمس ممثلين لخمسة أحزاب سياسية مغربية، هي كالتالي : حزب العدالة والتنمية ممثلا بالسيد سعد الدين العثماني (نائب الأمين العام)، وحزب الاستقلال ممثلا بالسيد شيبة ماء العينين (عضو المجلس الوطني)، وحزب التقدم والاشتراكية ممثلا بالسيد عبد السلام الصديقي (عضو الديوان السياسي، في انتظار وصول الأمين العام)، وحزب الحركة الشعبية ممثلا بالسيد أحمد بنقدور (بصفته منسق فريق العمل لصون الذاكرة الحركية)، وحزب جبهة القوى الديموقراطية ممثلا بالسيد أبو القاسم الشبري (منتدبا من طرف المكتب التنفيذي). ومن الجدير الإشارة إلى أن عددا من الأحزاب المدعوة تخلفت عن المشاركة، وهي كالتالي : حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب اليسار الاشتراكي الموحد.
تميزت المداخلات والتعقيبات وأجواء النقاش العام في مختلف الجلسات بالصرامة الفكرية والنزاهة العلمية بعيدا عن اللغة الخشبية و تسجيل المواقف واحتلال المواقع. وهو ما اعتبره المنظمون نجاحا فعليا لهذا اليوم الدراسي وخطوة في طريق بلورة مقاربة لمعالجة قضايا استراتيجية وفق منهجية العدالة الانتقالية والتي تتوخى رصد الأخطاء والمشاكل والتركيز على أسباب حدوثها والعوامل المساعدة على إفرازها واستمرارها وتفاقمها، وذلك في محاولة لتقديم عناصر الإجابة أو اقتراح مقاربات لمعالجتها والتغلب عليها. ويمكن القول أن جل التدخلات لم تقف عند الحقوق المغربية بل تجاوزتها إلى أخذ المصالح الإسبانية بعين الاعتبار. كما أنه لا بد من الإشارة إلى أن كل المداخلات شددت على معالجة الملف في إطار حوار حقيقي وشفاف بين المغرب وإسبانيا، ومتميز باحترام الآخر، ومرتكز على قيم العدالة والحق والديموقراطية وحسن الجوار. كما أن هذه المداخلات، اعتمدت في مقترحاتها على مرجعيات القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان والتجارب العالمية السلمية من قبيل تجربتي مستعمرة ماكاو وهونغ كونغ دون إغفال مقارنة وضع مستعمرة جبل طارق بالثغور والجزر المتوسطية المغربية المحتلة. ونسجل في هذا الصدد، تقديم مقترحات عملية للترافع حول السيادة المغربية على هذه المناطق المحتلة تقوم على المنطق التاريخي والجغرافي إلى جانب القانون الدولي دون إغفال استحضار قيم التعقل وصون حسن الجوار وضمان استتباب السلم والأمن بالمنطقة لما يتهددها من أخطار التهريب بمختلف أشكاله وأنواعه (البضائع، المخدرات، البشر، السلاح، الخ.) وما يترتب عنها من جريمة منظمة عابرة للحدود والقارات وإلارهاب … وذلك دون الزج بالمنطقة في أتون صراعات وتوترات لن تعمل إلا على تأزيم الوضع بالفضاء المتوسطي ككل ،وتفوت على ساكنته فرص العيش في وئام وسلام ما أحوج العالم والمنطقة على الخصوص إليه؛ إذ ليس من حل إلا إنتاج حقائق إقليمية جديدة تقوم على التعايش والسلم والمصالح المشتركة والتنمية البشرية المستدامة لضمان حقوق الأجيال المقبلة في عالم آمن ومتضامن غير خاضع لإكراهات منطق بائد يقوم على القوة والعنف لفرض حقوق ضدا على منطق التاريخ والجغرافية.
ويمكن تبويب مجمل الآراء والأفكار التي تبلورت عن هذا اليوم الدراسي إلى ثلاثة أصناف، كما يلي :
1) الحقائق التاريخية والجغرافية :
وتحت هذا المسمى يمكن وضع كل المعلومات والأفكار والآراء والخلاصات أو الاستنتاجات ذات الطبيعة الأكاديمية. واستند هذا الصنف إلى مراجع متنوعة منها ما هو وطني أو أجنبي (إسباني منه على الخصوص)، كما استقرأت كل أنواع المصادر :
× الوثائق الرسمية (معاهدات، اتفاقيات، مراسلات، الخ.)؛
× والمصنفات (التراجم، الرحلات، الحوليات، الآداب، الخ.)؛
× المعطيات الجغرافية (الخرائط، المدونات الجغرافية والنباتية، الدراسات المواقعية أي الأعلام الجغرافية، الخ.)؛
× الآثار العمرانية والمعمارية أو الأركيولوجية؛
وتوزعت هذه المصادر بين معارف (تاريخية وجغرافية واجتماعية وثقافية واقتصادية وقانونية وفنية وأدبية وتراثية …). واعتمدت معالجتها على منهجية علمية تهدف إلى إبراز الحقوق المغربية عبرالمراحل التي مرت منها عملية احتلال كل من سبتة ومليلية والجزر المتوسطية، وموضحة سيرورة توسيع النفوذ وفرض الأمر الواقع. وقد أشارت كل التدخلات إلى أن عمليات المرابطة على الثغور والجهاد والمقاومة لم تتوقف منذ نهاية القرن الخامس عشر بل إنها كانت تدوم عشرات السنوات ولم يكن يرفع الحصار إلا لطارئ وطني أو لهدنة مؤقتة فرضتها ظروف موضوعية. وأكدت جل التدخلات أن المرابطين والمقاومين كانوا يأتون من كل ربوع المغرب لإقامة الحصار والمشاركة في الهجوم على الثغور بهدف تحريرها.
ومن أبرز ما جاء في مداخلات هذا المحور أن سبتة مثلا، تم توسيع الاستيطان الإسباني فيها موازاة مع المد الاستعماري في القرن التاسع عشر.
ومن حيث المعطيات الجغرافية فقد أبان المتدخلون أحقية المغرب بفرض سيادته على هذه الثغور المحتلة والمطالبة بها لما لها من التصاق ترابي وكذا لإقامة حدود واضحة وقانونية بين الترابين المغربي والإسباني سواء على مستوى اليابسة أو المجال البحري. ناهيك على أن موارد الحياة اليومية التي تضمن رفاهية عيش للثغور المحتلة تقوم على الموارد المغربية سواء تعلق الأمر بالماء الشروب أو المواد الغذائية على سبيل المثال لا الحصر.
وأوضحت التدخلات أن القانون الدولي يميل لصالح المطالب المغربية، كما أن المصالح الدولية تصب في صالح المغرب لحيوية مضيق جبل طارق في المواصلات العالمية والتدفقات الدولية. وهو ما دفع جل التدخلات إلى المطالبة باعتماد منهجية عقلانية للترافع حول الحق المغربي بتعاون مع الفعاليات الديموقراطية الإسبانية تقوم على توضيح مزايا الحلول المتفاوض حولها والتي تعترف بالحقوق السيادية للمغرب مع ضمان المصالح الإسبانية في إطار علاقات حسن الجوار والتعاون المشترك لقطع الطريق على الدعوات التي تعمل على توظيف واقعة الاحتلال الإسباني لأغراض لا تخدم مصالح البلدين والشعبين وتعمل على هشاشة شرعية دولتيه والزج بالمنطقة في أتون توتر غير مضمون العواقب. واسترشدت بعض المداخلات بتجارب كل من هونغ كونغ وماكاو بما وفرته اختيارات الأطراف المعنية من أمن وتنمية ومستأنسة بأشكال الحكامة التي اعتمدتها في الوصول إلى القضاء على الاحتلال. كما أن حالة جبل طارق تمت مساءلتها لما لها من شبه كبير بواقع احتلال سبتة ومليلية والجزر المتوسطية؛ حيث خلص المتدخلون إلى أنه لا يمكن لإسبانيا أن تشرعن لنفسها ما لا تعترف به لغيرها.
2) المواقف السياسة :
أشارت في هذا الصدد كل المداخلات إلى أنه لا ينبغي أن يفسر صمت المغرب لفترات معينة عن احتلال سبتة ومليلية والجزر المتوسطية بأنه تخل عن حق فرض السيادة بالرغم من أنه حق غير قابل للتقادم ذلك أن السياسة المغربية اتسمت بالواقعية السياسية إلى جانب تعقد الملف المغربي الإسباني؛ حيث أن المغرب الذي كُتِب له تاريخيا أن يحتل تدريجيا لم يكن له من اختيار إلا أن يستكمل وحدته الترابية تدريجيا لتعدد مستعمريه ولتنوع ظرفيات وأسباب الاحتلال وتاريخيته. كما أنه لا ينبغي شرعنة ما أخذ بالقوة كحق، فهذا المولى إسماعيل في إحدى رسائله إلى الملك الإسباني يؤكد أن ما أخذ بالقوة يعتبر باطلا. ناهيك عن كون الأراضي المحتلة لم تكن أراض خالية من السكان بل جاءت في إطار صراعات تأسست على منطق أصبح متجاوزا وبائدا في عرف القانون الدولي القائم. ولعل ملف الصحراء المغربية واسترجاعها فرض على المغرب مهادنة إسبانيا على الجبهة المتوسطية، هذا المغرب التي اختارت دولته الشرعية الدولية مقاربة لمعالجة خلافاتها مع جيرانها ولتدبير ملفاتها ولإحقاق حقوقها السيادية على ترابها المحتل.
كما اعترض المتدخلون على الحجج الإسبانية لبسط سيادتها على التراب المغربي المحتل سواء تعلق الأمر بتشبيه وضع سبتة ومليلية والجزر المتوسطية بالوضع التركي من جهة، أو أقدمية الاحتلال إلى جانب السيطرة والسيادة وعدم توفر النزاع وكذا عدم وجود دولة مغربية آنذاك ( !؟)، وهي مغالطات تاريخية وجغرافية وقانونية تريد الالتفاف على الحق المغربي وعلى روح القانون الدولي و حتى المفاهيم الأكاديمية التي قامت عليها العلوم الإنسانية والاجتماعية وعلى الخصوص العلوم القانونية والسياسية والسوسيولوجيا؛ ناهيك على أن اللائحة المغربية للمطالب الترابية ليست نهائية ولم يسبق أن أغلقتها الدولة المغربية.
وقد تم استعراض هذه الحجج على القانون الدولي ومختلف مواثيقه ليخلص المتدخلون إلى أن الحقوق المغربية يكفلها القانون والمنطق التاريخي والمعطيات الجغرافية بالرغم من المناولات الإسبانية للواقع الديموغرافي والعقدي والاجتماعي تحت مسميات تحاول شرعنتها دون طائل لعدة أسباب، لعل أهمها : تمسك المغاربة المقيمين بالثغور بجنسيتهم المغربية وارتباطهم بوطنهم الأم بالرغم من الضغوط التي تجبرهم على اتباع التقية في انتظار الفرص المواتية، وامتداد النسيج الاجتماعي بين المناطق المحتلة والتراب الوطني دون اعتراف بالحدود الوهمية، وعدم تخلي الدولة المغربية عن سيادتها على هذه الجيوب المحتلة …
على أن أبرز ما يمكن تسجيله في هذا الباب هو مواقف الأحزاب المغربية التي نوردها كالتالي:
أ) حزب العدالة والتنمية : لا بد من وضع الملف في إطار واسع يربط تفاعلات الأحزاب مع الفاعلين الآخرين لأن اليد الواحدة لا تصفق، ولهذا يبقى العمل الجماعي المتكامل مساعدا للفاعلين السياسيين. ولا بد من الإشارة كذلك إلى أن ملف الاحتلال الإسباني للجيوب المغربية دائما حاضر في العمل الحزبي سواء من خلال الأسئلة الشفوية أو الدبلوماسية البرلمانية (باعتبارنا رئيسا للجنة الدفاع والخارجية). مقارباتنا تقوم على المفردات التالية :
ü التطور الديموقراطي في بلادنا شرط من شروط حل هذا الإشكال؛ إذ لا يمشي عزل هذا الملف عن هذه المسألة (اختلاف في الآراء مع جبهة قوية).
* الوحدة الجاذبة، والتي يجب أن تكون تلقائية ويتوق الكل إليها مع إعطائهم الأدوات التي تمكنهم من الولوج إليها وتشجيع كافة الأطراف على الانخراط فيها، وأن لا يتم فرضها عبر إسكات الأصوات.
* جعل الاحتلال مكلفا للدولة المحتلة (وقد حققت الدولة ذلك بتنمية الشمال؛ حيث ساعدت الظروف الدولية على ذلك).
* تقوية الحضور المغربي في الساحة الإسبانية (فكرئيس لجماعة الصداقة المغربية الإسبانية نحاول ذلك، إلا أن العلاقات غير منتظمة، كما أن الدعوات هي أكثر من الناحية الإسبانية مقارنة بالجهة المغربية).
* ارتباط ملف الثغور المحتلة بملف الوحدة الترابية ككل، وبالتالي لا بد من التعامل بحذر حتى لا يشوش ملف على ملف آخر مهم.
* لا يجب أن ينظر إلى هذا الملف كونه قد يسيء إلى العلاقات مع الإسبانية، وأن علاقاتنا متبادلة ومشتركة (التهريب، الإرهاب، الهجرة، الخ.) وبالتالي ليس هناك تعارض بين المطالبة باستعادة الثغور والتعاون.
* العمل مع الأحزاب وخطواتها في الملف.
* استمرار إحياء القضية في الوجدان الوطني.
“فحزبنا، عندما تفجرت القضية، قمنا بوضع 13 إجراء، هناك من أطلقناه ومنه من لا زال ينتظر. كما أن لنا ورقات وبرامج … وهناك وتيرة العمل السياسي وإكراهاته التي يجب أخذها في الحسبان”.
ب) حزب الاستقلال : بعد أن أشار إلى أن عقد هذا اليوم الدراسي يصادف مرور 175 سنة على احتلال الثغور، واعتباره ردا على زيارة الحزب الشعبي لمليلية وعلى استفزازاته، وجه رسالة ذات دلالة للرأي العام الإسباني والدولي تتضمن تشبث الرأي العام المغربي بالثغور المحتلة، وأن الحزب يؤيد مقل هذه المبادرات المدنية ويشجعها لأن تحرير الثغور المحتلة حاضر دائما في أجندة الحزب، ذلك أن عمل الأحزاب لا يمكن أن يؤتي أكله بالتقليل من دور العمل السياسي والتعارض مع المجتمع المدني وأن عملهما متكاملان.
وقد قام الحزب بعدة مبادرات في هذا الصدد :
1987: لقاء للفريق الاستقلالي بالحسيمة تحت شعار: “تنمية الأقاليم الشمالية مقوم لاسترجاع سبتة ومليلية”. وقد تم فتح الملف في بعده الاقتصادي لدفع إسبانيا بقبول التفاوض بالنظر لكلفة الاحتلال، خاصة وأن سكان المنطقة أصبحوا في غنى عن نقط الجذب السابقة.
* بمناسبة مرور 500 سنة على احتلال مليلية، احتفى الحزب بالذكرى حيث نظّم لقاء وألّف كتابا حول سبتة ومليلة، كما نظمت مسيرة رمزية من مارتيل في اتجاه سبتة.
* وهناك حلية داخل الحزب متخصصة في ملف سبتة ومليلية ولها اتصال بالمغاربة خارج أرض الوطن باعتبار أن لهم تأثير ،وظروف العمل بالخارج مهمة.
وختم باقتراح فكرة إنشاء تنسيقية وطنية تجمع بين الأحزاب والمجتمع المدني والمركزيات من أجل الدفاع عن سبتة ومليلية والجزر المتوسطية ونسج شبكة من العلاقات … وتنشيط الحوار والضغط لتهيئة الرأي العام والوطني الإسباني.
علاوة على ذلك، “كلما تصلنا أصداء وإشارات نعكسها في مواقفنا، ولهذا عليكم الاتصال بنا محليا ومركزيا”.
ج) الحركة الشعبية : نحن الآن نعيش سياقا جديدا عما كنا نعيشه، فالمجتمع المدني منظم ومؤثر، وفتح الملف ينم عن جرأة سياسية. كما أن البعد الاستراتيجي للقضية موحد بالرغم من الاختلاف في وجهات النظر لا في المبدأ، وذلك من حيث تقديم شرط على آخر فقط. إن الشرط الديمقراطي أساسي، وهو ما سيجعل مكانتنا قوية وصلبة أمام جيراننا. فالأحزاب مدعوة لترسيخ المواطنة عند مواطنينا المغاربة بكل من سبتة ومليلية . ويمكن أن تتخذ عدة أشكال، من قبيل إشراكهم في هياكل الحزب. وهذا عمل نشتغل فيه الآن. “ولهذا ندعوكم للانخراط في الأحزاب لإسماع صوتكم”.
د) حزب التقدم والاشتراكية : بعد أن ثمّن تدخلات سابقيه، أشار إلى أنه لأول مرة تطرح قضية الثغور المحتلة بهذا الشكل في المغرب. وأوضح أن الحزب يعالج المسألة الوطنية من زاوية أنه لا مزايدة في الوطنية، وأن كل مغربي وطني حتى النخاع. وبالتالي فنحن ننسق مع كل الأحزاب والمسؤولين لأن القضية وطنية. فحتى في سنوات الرصاص، لم يقايض الحزب في القضايا الوطنية (مثال : إصدار كتاب حول الصحراء المغربية للمرحوم علي يعته، سنة 1974).
وقد اتخذ الحزب مواقف في كل اللحظات. فلدينا جهازنا الخاص، وصحافتنا التي تتابع الملف إلى جانب عملنا داخل المؤسسات. إضافة إلى كل هذا هناك علاقاتنا مع الحزب اليساري وكل مناضلينا المشتغلين في هيآت المجتمع المدني، فنحن لا نميز بين العمل السياسي والمدني، فهما متكاملان. كما أن حزبنا لا يدخل في مغامرات؛ فهو يأخذ مصالح الدولة بعين الاعتبار. وبما أن إسبانيا طرف سياسي في ملف الصحراء فنحن لا نفتح كل الجبهات دفعة واحدة. فنحن نريد الحفاظ على علاقاتنا مع إسبانيا دون التفريط في حقوقنا الترابية. “سأوصل آراءكم إلى القيادة الحزبية، وسنسعى إلى تجاوز غياب تمثيلية المواطنين المغاربة في الثغور”.
ه) جبهة القوى الديمقراطية : بعد أن زكى ممثل الحزب التدخلات السابقة، اعتبر أن الكل وراء جلالة الملك. ونبّه إل أن المكتب التنفيذي للحزب قام بزيارة لموريطانيا وجزر الكناري وذلك لحشد الدعم للقضية الوطنية (الصحراء المغربية)، وكذا سبتة ومليلية والجزر المتوسطية. نحن كشباب مستعدون للزحف على سبتة ومليلية، ونرفض أن يكون المغرب ورقة انتخابية في إسبانيا. “هناك تقصير للأحزاب وهو راجع لأسباب موضوعية أكثر منها ذاتية. ,نحن نحاول فتح ملف “الصحراء الشرقية” : تندوف وبشار لأنها أراض مغربية).
3) الآفاق الاستراتيجية :
في هذا المحور طرحت مجموعة أفكار يمكن تبويبها كالتالي :
· توطيد الديمقراطية بإسبانيا من جهة وتوثيق الاندماج الأوروبي من جهة أخرى سيدفع إلى تهذيب الرؤيا الإسبانية، كما أن الاتحاد الأوروبي لن يقبل أن يرث مشاكل قديمة.
· تطور المغرب جد حيوي بالنسبة لإسبانيا، كما أن دوائر القرار الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي في كلا البلدين تشتغل، وإسبانيا تدرك أن المغرب دولة مستمرة وأن لها مصالح به (لإسبانيا موقع في الاقتصاد الوطني : حالة منح قوى اقتصادية إسبانية مواقع في مشروع الجرف الأصفر).
· المغرب جزء من المنظومة الأمنية الأوروبية، وهو كذلك اختيار مغربي واضح، وبالتالي لن يتم قبول التشويش على الساحلين الأطلسي والمتوسطي بالنظر لدور المغرب.
· مسألة سبتة ومليلية إذا مسألة وقت. وهناك تطورات منذ عهد الحسن الثاني وخاصة منذ انطلاق التوافق السياسي والذي استمر مع العهد الجديد بقيادة محمد السادس.
· مسألة المضايق والممرات البحرية رهينة بالقوى الدولية التي تقرر في شؤون العالم (وهو ما تأكد مع أحداث 7 يوليو وكذا مع أزمة جزيرة ليلى).
· الارتباط بين ملفي جبل طارق و”سبتة ومليلية والجزر المتوسطية” واقع، ونظرية الحسن الثاني في الموضوع صائبة.
· أوضح الراحل الحسن الثاني الطريق، وجلالة الملك محمد السادس سائر في إنجازها (خلق أقطاب اقتصادية بالشمال).
· الواقع الجديد الذي خلقه المغرب في العشر سنوات الأخيرة بالشمال، وإزالة الحواجز الجمركية، جعل هذه المدن غير مغرية كما كانت (المعادلة قلبت).
· مسألة النمو الديموغرافي أطروحة مغلوطة لأن قضية سبتة ومليلية ليس فيها تقرير مصير.
· مسألة “تحرير الأندلس” مزعجة ويجب حلها في الدولتين ولا يجب ترك الأجانب يتدخلون. ففرانكو اقر بأن الإسلام في الثغور مرتبط بالمغرب.
· إسبانيا تشهد انقساما حول ملف “سبتة ومليلية والجزر المتوسطية” عكس المغرب. ولكن هناك من جهة موقف الحزب الشعبي المتصلب بالرغم من اتفاق باراخاس بين الحسن الثاني وفرانكو، ناهيك عن زيارة الملك خوان كارلوس للمرحوم الحسن الثاني أسبوعين قبل وفاته. ومن جهة أخرى، هناك الموقف المعتدل للحزب الاشتراكي إلى جانب قوى سياسية أخرى تعترف بمغربية الثغور المحتلة. وعلى العموم كلما حدثت أزمة بين البلدين إلا وطفا بشكل مثير الاختلاف بين الإسبان. فالنزعة الإقليمية القومية تنعكس إيجابا على مغربية الثغور المحتلة.
· هناك تقصير للإعلام المغربي والباحثين الأكاديميين في التعريف بالملف واختيار مناهج لمعالجته.
· لابد من الانتباه إلى مواقف دول أمريكا اللاتينية التي تكن كراهية لإسبانيا، وربط ملف الثغور المحتلة بالإنصاف من مخلفات الاستعمار. وهو خطاب سائد.
· سنضطر لخلق هيئة إنصاف ومصالحة بالمنطقة الشمالية بعد تصفية الاستعمار.
· لا يجب الركون إلى فكرة “الكلفة المرتفعة للمدينتين” لأنهما حاميتين عسكريتين، كما أن استردادهما على فترات ممكن.
· قضية الثغور المحتلة ضد منطق التاريخ. كما أن أزمة قانون الأجانب فتحت الباب لمطالب المغاربة بالمدينتين لأنهم يعيشون وضعية تمييزية.
التوصيات والمقترحات :
وقد تخللت المداخلات والتعقيبات وكذا المناقشات توصيات ومقترحات نوردها كما يلي:
- وضع كتاب أبيض حول الثغور المحتلة يكون عبارة عن مرافعة قانونية وسياسية وثقافية لصالح استرجاعها. وتسهم في إنتاجه مختلف الفعاليات السياسية والمدنية والأكاديمية. وتقام حوله لقاءات.
- خلق شبكة وطنية خارج النمطية للترافع حول الملف والضغط ضمن عمل تنسيقي واستراتيجي متكامل مع مختلف القوى المجتمعية (أحزاب، مركزيات، شخصيات، الخ.).
- الاهتمام بأوضاع المغاربة الذين يعيشون بالثغور المحتلة من خلال تطوير أشكال عمل لمساندتهم والضغط للاعتراف بحقوقهم السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والدينية.
- على الأحزاب أن تقوم بإحياء فروعها بأوروبا وخصوصا بإسبانيا وعلى الأخص بالثغور المحتلة. وفتح الباب أمام المغاربة من الثغور المحتلة لولوج الهيئات التقريرية بالأحزاب.
- بناء موقف يرتكز على تصورات قادرة على بلورة استراتيجية واضحة ومتوافق حولها تمكن الفاعل السياسي من تدبير الملف في تكامل مع الفاعلين المدنيين على اختلاف مستوياتهم (الحقوقي، التنموي، السوسيواقتصادي، الخ.).
- عقد ندوات فكرية حول الثغور المحتلة لاستقصاء الآراء وجمع المعطيات وتكوين مجلدات وثائقية وقواعد معطيات تخدم القضية الوطنية، إلى جانب عقد مناظرات يحضرها الباحثون والخبراء الدوليون بما فيهم الإسبان.
- تنظيم لقاءات أخرى حول هذا الملف مع دعوة الهيئات السياسية والإعلامية والشخصيات الوطنية لتعميق النقاش حول الملف لبلورة مواقف تدعم الإجماع الوطني و أشكال عمل تساعد على استدامة راهنية الملف والخروج به من طابع الموسمية.
- الاهتمام بالتحديات ورهانات الجانب الأمني سواء تعلق الأمر بالهجرة السرية أو الجريمة المنظمة (تهريب المخدرات، الأسلحة، الاتجار بالبشر، الخ.) أو الإرهاب (الحركات الجهادية) وارتباط هذا بمسألة الثغور المحتلة لنزع الفتيل ودور المغرب القوي في هذا الأمر، فالمغرب يشكل ، إلى حد الآن، حاجزا بين إسبانيا والحركات الجهادية، خاصة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فوجود المدينتين والجزر تحت السلطات الإسبانية يخدم الحركات الجهادية التي أصبحت منذ يناير 2007، مرتبطة بتنظيم القاعدة في أفغانستان.
- الاشتغال داخل الهياكل المدنية (الشبكة الأورومتوسطية، الأرضية غير الحكومية، مؤسسة الثقافات الثلاث، الخ.) عبر إطلاق آليات حوار تمكن من كسر الجليد حول الملف.
