بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم الحرب العالمية الثانية أضخم حدث في تاريخ البشرية من داخل غرف قادة الحلفاء والمحور ومن جانبي ساحة المعركة تتبدى فصول مأساة ملحمية ضمن هذا الصراع العالمي كان مقدرًا لخمسة عشر عاملاً حاسمًا أن يحدد مستقبل الحضارة الإنسانية، المحيط الأطلسي عام 39، نشبت الحرب العالمية الثانية و"تشرشل" يواجه خطرًا كبيرًا، لكي تصمد جزيرة إنجلترا يجب استيراد مليون طن من الإمدادات الشهرية عبر البحار، هددت الغواصات الألمانية الحديثة والرهيبة خط الإمدادات الذي يصل إنجلترا بالعالم، إذا استطاعت الغواصات إغراق كميات النفط والغذاء البريطانية ستقع إنجلترا ضحية الرايخ الثالث، كانت أطول وأهم معركة في الحرب العالمية الثانية هي معركة الأطلسي.
في أيلول من عام 39 أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا، وكان أسطولها الحربي الملكي أمنع قوة في العالم كان على إنجلترا أن تعتمد على أسطولها التجاري لاستيراد حاجتها من السلع سنويًّا، المقدرة بخمسة وخمسين مليون طن كان على البحارة وعددهم مائة وستون ألفًا أن يلبوا ذلك الطلب، أما في ألمانيا في ذلك الوقت فكان صنع السفن قائمًا على قدم وساق، مع ذلك تردد "هتلر" في الهجوم على البحرية البريطانية وقال: أنا بطل على البر لكنني جبان في البحر، وسرعان ما أعطاه البريطانيون سببًا وجيها ليشعر بذلك، في شهر كانون الأول كانت السفينة الحربية الألمانية الجديدة "جرافس بي" وهي فخر البحرية الألمانية، تفتك بسفن الحلفاء جنوب الأطلسي عندما هاجمتها أربع سفن حربية بريطانية في المياه الواقعة قبالة الأورجوي.
فرت "جرافس بي" من المعركة ولجأت إلى ميناء محايد، وتجنبا لمواجهة البريطانيين ثانية قام القبطان "هانس لانس دورف" بإغراق بارجته وأقدم على الانتحار خشية محاكمته بتهمة الجبن، إذا كانت "جرافس بي" قد أخفقت فوق الماء فقد كانت لدى الأميرال الألماني "كارل دونت" خطة للنجاح تحت الماء، خرج بحار الغواصة هذا من الحرب العالمية الأولى بخطة اسمها "خطة زي" وتقضي بصنع ثلاثمائة غواصة ونشر مائة منها حول بريطانيا لإغراق السفن التجارية، لم يتحمس "هتلر" للفكرة ورفض مسارعة تصنيع الغواصات.
لجأ "كارل دونت" إلى إلهام فرقه باستخدام الغواصات السبعة والخمسين المتوافرة في أنجع السبل، رغم النقص العددي إلا أن التركيبة الألمانية من الألغام والغواصات كانت قاتلة لبريطانيا، في الأشهر التسعة الأولى من الحرب العالمية أغرقت هذه الأسلحة 141 سفينة بريطانية كانت تحمل آلاف الأطنان من الإمدادات.
كان "تشرشل" يقول: الشيء الوحيد الذي أخافني أثناء الحرب هو خطر الغواصات الألمانية، مع ارتفاع معدل الخسائر في ربيع عام 1940 تحلى "تشرشل" بالشجاعة أمام العامة في بريطانيا.
تشرشل:
نحن في موقف مختلف تمامًا عن موقفنا قبل عشرة أسابيع، نحن أقوى بكثير عما كنا عليه قبل عشرة أسابيع، ومستعدون أكثر لتحمل شعور "هتلر" وأعوانه.
في حزيران عام 1940 احتل "هتلر" وأعوانه باريس وأصبحت فرنسا تحت السيطرة الألمانية، وقد زاد التحالف بين إيطاليا وألمانيا الأوضاع سوءًا، أضحى النازيون سادة أوروبا الآن وبنوا أحواضًا للغواصات في موانئ لوريان بريست وشيربورج الفرنسية على بعد 31 ميلاً فقط من الساحل الإنجليزي بدا الوضع البريطاني ميئوسًا منه.
تمركز الألمان وغواصاتهم في مواقع تمكنهم من عزل بريطانيا عن بقية العالم، استخدم البريطانيون كل السفن المتوفرة لجلب المؤن بما فيها الباخرة المسماة الملك إليزابيث وهي أشهر باخرة ركاب في العالم، في محاولة للفرار من الغواصات الألمانية بدأت تبحر ضمن قوافل، الفكرة هنا أنه وسط الأطلسي يسهل إخفاء إبرة كبيرة في كومة قش بدلاً من إبرة صغيرة.
ردت الغواصات الألمانية بقيام هجمات مشتركة ليلاً ومن دون مساعدة جهاز السونار الذي لم يكن الحلفاء قد طوروه بعد، وكانت القوافل أهدافًا سهلة.
في أول ثمانية أشهر من عام 41 تم إغراق 328 سفينة إنجليزية، على هذا المعدل تسقط بريطانيا في أيدي النازيين خلال أشهر، تطلع "تشرشل" الآن إلى أميركا كي تمده بالسفن والعتاد.
قال "تشرشل" أعطونا الأدوات وسننجز المهمة، في أميركا عارض الكونجرس التورط فيما اعتبر وقتئذ حربًا أوروبية لكن الرئيس "روزفيلد" طلب من الكونجرس أن يعطي "تشرشل" الأدوات قائلاً:
روزفيلد:
أطلب من هذا الكونجرس منحي الصلاحية والأموال الكافية لتصنيع ذخيرة وعتاد حربي إضافي حتى يمنح إلى تلك الدول التي تشترك في حرب فعلية على دول معتدية، إن أهم دور نقوم به الآن هو أن نتصرف كترسانة لنا ولهم.
وافق الكونجرس وساهمت اتفاقية الإعارة في رفع معنويات بريطانيا، وسارعت الولايات المتحدة في إنتاج الإمدادات لدعم بريطانيا في مواجهتها لألمانيا، لكن "روزفيلد" كان يدرك أن بريطانيا كانت بحاجة إلى أكثر من الإمدادات الألمانية، كانت بحاجة إلى أميركا.
في صيف عام 41 وقف "روزفيلد" والذي نادرًا ما شوهد يقف دون مساعدة يسلم على "تشرشل" في أول لقاء بينهما، وتم اللقاء السري في مياه الأطلسي التي كان الاثنان يحاولان إبقاءها حرة، وضع "روزفيلد" و"تشرشل" ميثاق الأطلسي وبموجبه أصبحت بريطانيا وأميركا تحميان الأطلسي، أدرك "هتلر" أن "روزفيلد" صعب الموقف في معركة الأطلسي وقرر مد الأميرال "دونت" بمزيد من الرجال وزيادة إنتاج الغواصات.
في كانون الثاني عام 42 أنتج الألمان 249 غواصة واقتربوا من هدف "دونت" وهو 300 غواصة، كانت نصف البحرية الأمريكية في ذلك الوقت تحارب اليابانيين في المحيط الهادي، وزج النصف الآخر في الأطلسي ليرافق السفن التجارية، ازدادت الأهداف أمام الغواصات الألمانية، كان معدل تصنيع السفن الأمريكية أسرع من معدل إغراقها على يد الألمان، أنتج الصناعي "هنري كايتر" 1500 سفينة من نوع "ليفرتي" خلال زمن قياسي وبحلول تشرين الأول من عام 42 كانت الفناءات البحرية الأمريكية تنتج ثلاث سفن يوميًّا.
اتبعت أميركا المثال البريطاني وعملت بنظام قوافل السفن، وكان هذا مع اقتراب معركة الأطلسي من الشواطئ الأميركية.
في عام 42 كان على معظم مدن الساحل الشرقي الرئيسية أن تطفئ أنوارها ليلاً، لأن أضواء الشاطئ الأمريكية تجعل من سفنها هدفًا سهلاً للغواصات الألمانية.
شعر الأمريكيون بالأمان في بعدهم عن ساحة المعركة في أوروبا، لكن الغواصات الألمانية أغرقت 92 سفينة، قبالة ساحل "بوستن" "نيويورك" "واشنطن" و"ميامي" أما ولاية فلوريدا فقد رفضت أن تطفئ الأنوار حتى لا يتأذى قطاع السياحة هناك، لكن ذلك أدى إلى تضرر تجارة الشحن إذ أصبح كل شيء يعوم هدفًا.
خلال أسبوعين أغرق النازيون 25 سفينة قبالة سواحل فلوريدا، كانت الأشهر الستة الأولى بعد دخول أميركا الحرب مرحلة نصر للألمان.
رحب ببحارة الغواصات بحرارة في ألمانيا لأنهم تحدوا الولايات المتحدة في عقر دارها، بدا أن الرجال سينتصرون في معركة الأطلسي، كانت فترة سعد للألمان، لكن الصياد نفسه تحول سريعًا نفسه إلى طريدة.
كانت "الأنيجما" آلة تشفير ألمانية تتسلم وترسل الرسائل النازية العسكرية، عمل مهندسو الحلفاء بهمة ونشاط لفك رموز الشفرة الألمانية، وتمكنوا من ذلك عام 42، أصبحوا يعرفون الآن المواقع التي ترسو فيها الغواصات المسماة "الزمرة الذئبية" وقاموا بإبعاد السفن عن تلك المياه، مكن اختراع آخر وهو "السونار" الحلفاء من تحديد عمق الغواصات الألمانية التي أصبحت سهلة الكشف والتدمير وهذه التقنية شكلت المحور الذي حسم معركة الأطلسي.
مع ظهور "السونار" أصبحت حياة بحارة الغواصات الألمانية معرضة للخطر، وأمست الغواصات التي كانت عصية منيعة أهدافًا سهلةً لطائرات الحلفاء.
عام 43 سيطر الحلفاء على معركة الأطلسي، كان الأمل ضئيلاً أمام الغواصات الألمانية لدى تعرضها لقنابل الأعماق المتفجرة، أغرقت غواصة ونصف غواصة مقابل خسارة سفينة واحدة من سفن الحلفاء، أدرك بحارة الغواصات أن الفترة الألمانية السعيدة قد ولت، كان بحارة القوات البحرية الأكثر عرضة للموت في القوات المسلحة الألمانية.
كان أيار من عام 43 شهرًا مخيفًا لـ"دونت" وفرق غواصاته، فقد غرقت 41 غواصة في ذلك الشهر فقط وقتل ابنه في إحداها، أدرك الأدميرال أن غواصاته لن تصمد أمام ضربات الحلفاء المتلاحقة من الجو والبحر فانسحب معظم أسطوله في محاولة منه لإنقاذ ما تبقى.
راح الحلفاء يطاردون فلول الغواصات، واختار عدد من القباطنة الألمان الاستسلام بعدما روعت بحارتهم الهجمات المتلاحقة، كانت معركة الأطلسي نقطة تحول مهمة في الحرب العالمية الثانية وفي التاريخ، بعد أن كان من المفترض أن تهزم بريطانيا في هذه الحرب فسبحان مغير الأحوال وبيده كل شيء.
في ربيع عام 42 شعرت القوات البحرية الملكية اليابانية أنها قوة لا تقهر وكانت قد خرجت آنفًا من نصر مأزر دمرت فيها قاعدة "بيرل هاربر" الأمريكية، ولم يسبق أن خسرت أي معركة بحرية منذ 350 سنة من تاريخه.
أدى الهجوم إلى تدمير كل البوارج الأمريكية تقريبًا، لكن شاءت إرادة الله أن تكون حاملات طائرات في عرض البحر ونجت من المعركة، ستغير معارك حاملات الطائرات شكل المعارك المرتقبة في بحر المرجان.
رد قادة البحرية الأمريكية فورًا وكلف الأميرال "فرانك فلاتشر" السريع البديهة والغضب، بقيادة قوة من حاملتي طائرات.
كان "شيفي يوشي" هو خصم "فلاتشر" كان قائد الأسطول الياباني الخامس الذي ضم حاملتي طائرات جديدتين هما "شوكاكو" و"زيوكاكو" توقع اصطدامًا بينه وبين البحرية الأمريكية وجهز 140 طائرة لمواجهة أي هجوم أمريكي.
حدس "شيفي" كان صائبًا جدًّا ففي أوائل شهر أيار توجهت قوت "فلاتشر" نحو الأسطول الياباني الخامس في بحر المرجان، بسبب الأضرار الفادحة التي وقعت في "بيرل هاربرت" كانت مدمرة "فلاتشر" قليلية العدد، لكن جعبته حوت أيضًا حاملتي الطائرات "إكساكتون" و"نيورك تايم".
لم يعرف أي من الجانبين ما يجب توقعه في معركة نشبت بين حاملتي طائرات، ففي اليوم الأول كانت المسافة التي تفصل ما بين الأسطولين أقل من مائة ميل في بحر المرجان، أخذ كل طرف يحاول معرفة الموقع الآخر طوال اليوم جوًّا وبحرًا، لكنهما لم يوفقا.
في اليوم الثاني تغير كل شيء، أرسل الأمريكيون طائرات في ذلك الصباح آملين النجاح هذه المرة، في الوقت نفسه أطلق اليابانيون مقاتلاتهم والقاذفات المنقضة وحاملات الطوربيد.
عثر اليابانيون على هدفهم أولاً وظلوا يقصفون سفينتين حربيتين أمريكيتين بلا هوادة طوال 45 دقيقة، فأغرقوا المدمرة "ستنز" وهي إحدى المدمرات القليلة الموجودة لدى أميركا وقتلوا معظم أعضاء فريق ناقلة النفط "ميوشا" أثناء تراجعهم لم يوفق كل الطيارين اليابانيين حيث شاهدوا حاملة طائرات ظنوا أنها تابعة لقواتهم لكنها لم تكن كذلك بل كانت "نيورك تايم" الأمريكية، تمكنت ست طائرات يابانية من بين 27 طائرة أن تعود إلى حاملات طائرات "شيبي"، كان الأمريكيون في موقع أفضل إذ كان لديهم 93 طائرة جاهزة لإغراق أي سفينة معادية، كانت تلك السفينة هي حاملة الطائرات اليابانية "شوكو".
في أولى المعارك البحرية استطاع الطيارون الأمريكيون إغراق "شوكو" واتصل الرائد البحري "بوب تيكسون" يقول: أزيلوا حاملة طائرات من اللائحة.
في اليوم الثالث انطلقت القاذفات الأمريكية تبحث عن حاملات الطائرات اليابانية وفي دقائق معدودة عثروا على حاملتي الطائرات "شوكاكو" و"زيوكاكو" انقضت 75 طائرة من طائرات "فليتشر" على الهدف، وتصدت لها 14 طائرة يابانية من طراز "زيرو" فيما كانت معظم الطائرات اليابانية بعيدة تبحث عن السفن الأمريكية.
ظلت الطائرات الأمريكية تقصف ضربات مباشرة إلى "شوكا" وذلك بهدف تدميرها نهائيًا، بينما كان الطيارون الأمريكيون يهاجمون حاملات الطائرات اليابانية وجد نسور الجو في البحرية الملكية اليابانية هدفهم، وهو حاملتا الطائرات "لكسنتون" و"يورك تايم".
أطللت "لكسنتون" جدارًا ناريًّا مضادًّا للطائرات، كما حاولت تجنب القصف لكن نسور الجو اليابانيين حققوا ثلاث إصابات مباشرة في دقيقتين بعد دقائق انفجرت قنبلة على متن "يورك تايم"، عمل البحارة جاهدين لإطفاء النيران، ولكن في هذا اليوم كان قد قتل 150 أمريكيًّا على متن "لكسنتون" و"يورك تايم".
تم إنقاذ "يورك تايم" لتقاتل مجددًا، أما "لكسنتون" فاستسلمت ذلك اليوم بانفجار داخلي وفي الساعة الخامسة عصرًا صدرت الأوامر بإخلاء السفينة، قفز ألفا رجل في البحر وتم إنقاذهم جميعًا، وفي ذلك المساء استقرت السفينة في قاع البحر المرجاني، بعد الأضرار الفادحة التي تعرضت لها حاملات الطائرات اليابانية ألغى اليابانيون هجومهم على ميناء "مورزفي" وعادوا أدراجهم، وهكذا أصيبت البحرية الملكية اليابانية التي لا تقهر بأول نكسة لها.
للمرة الأولى يحصل في معركة بحرية أن لا تطلق السفن الحربية أي قذائف تجاه بعضها بعضًا، تم إنقاذ ميناء "مورزفي" واكتسبت البحرية الأمريكية خبرة قتالية مهمة ستوضع على المحك بعد شهر في معركة "ميدواي".
كان "إيزي روكو ياما موتو" قائد أركان البحرية الملكية اليابانية، هذا الأدميرال الذي درس في "هارفيرد" ومهندس الهجوم المباغت على "بيرل هاربر" يريد الآن سحق البحرية الأمريكية قبل أن تعود لتقف على قدميها، قاد "ياما موتو" أسطولاً ضخمًا يتكون من أربع حاملات ضخمة، ثلاث حاملات طائرات خفيفة إحدى عشر بارجة واحد وعشرين طرادًا وأربعمائة طائرة وطائرتين، استطاع الأمريكيون أن يجمعوا ثلاث حاملات طائرات وثمانية طرادات ومائتين وخمسين طائرة كان ميزان القوى في "ميدواي" يميل بقوة إلى صالح اليابان.
وضع "ياما موتو" خطة محطمة للقضاء على الأسطول البحري الأمريكي
أولاً: شن هجومًا على جزر "إليوشن" الأمريكية وتوقع أن يؤدي هذا التمويه إلى توجه الأسطول الأمريكي شمالاً فيما تهاجم حاملات طائراته جزيرة "ميدواي".
يتبع غارات "ياما موتو" الجوية نزول قوات قوامها خمسة آلاف جندي من المشاة على الجزيرة وعندما يذهب الأسطول الأمريكي لنجدة "ميدواي" آتيًا من "بيرل هاربر" تنقض عليه القوة البحرية اليابانية الكامنة على بعد مئات الأميال فقط، وكما حدث في معركة بحر المرجان اكتشفت الاستخبارات الأمريكية تفاصيل الخطة اليابانية.
استعدت القوات الأمريكية في جزيرة "ميدواي" للغزو المرتقب، قاد الطيارون حديثو التخرج حاملات طوربيد من طراز أرنجر "B 17" ومقاتلة "وايت كات" إضافة إلى قاذفات "كتلينا".
أدرك القائد الأمريكي الأميرال "شستر ميمت" أن الهجوم الياباني سيكون وشيكًا، كانت خطته بسيطة، إذا استطاع إدخال حاملات طائراته خلسة حتى مسافة قريبة من "ميد واي" فإن هذا سيمكنه من شن هجوم مفاجئ، قال: إن ذلك يتطلب توقيتا دقيقًا، أحضر "ميمتس" بسرعة حاملتي الطائرات "هورنت" و"إنتر برايز" من جنوب المحيط الهادي، كان هناك "يورك تايم" أيضًا التي سبق وأن أصيبت بأضرار فادحة، اعتقد "ياما ماتو" أنها غرقت في بحر المرجان، أخبر الروبان "هينيميتس" أنه يحتاج إلى تسعين يومًا لإصلاحها لكن الأخير أمهله ثلاثة أيام، كان الأميرال "فليتشر" الموجود على متن "يورك تاون" قائدًا عامًّا لأسطول "ميد واي" فيما كان الأميرال "ريموند سبرينس" قائدًا لحاملتي الطائرات "إنتر برايس" و"هورنت" لم يسبق لـ"سبرينس" أن قاد حاملة للطائرات وحل محل هولدزي الذي نقل إلى المشفى بسبب الإرهاق، في المقابل كنت ترى مساعد الأميرال "وتشي ناجوما" الذي قاد القوة الضاربة اليابانية الأولى، والتي تكونت من حاملات الطائرات "أكاجي" "كاجا" "سوريو" و"هيريو".
كان الأميرال "ياما موتو" يبحر بنفسه خلف حاملات الطائرات، اعتقد أنه بعد تدمير "بيرل هاربر" سوف يسيطر على المحيط الهادي طوال ستة أشهر قبل أن يعيد الإنتاج الحربي الأمريكي التوازن مع اليابان، مرت ستة أشهر تقريبًا وأمل "ياما موتو" أن هجومه على "ميد واي" سيجعله في وضع أفضل.
في صباح الرابع من شهر حزيران اتجهت "أكاجي" مع الرياح وانطلق منها 108 طائرات لقصف الدفاعات الأمريكية على جزيرة "ميدواي"، رصدها الرادار الأمريكي من على بعد 93 ميلاً من هدفهم، الأمريكيون جاهزون وكذلك مصورو البحرية الذين صوروا المعركة بالألوان، أما اليابانيون الذين أرادوا مفاجأة الأمريكيين فقد فوجئوا بالمقاومة العنيفة التي تصدت لهم فوق "ميدواي"، خلال معركة دامت خمسًا وعشرين دقيقة أسقطت ثمان وثلاثون طائرة يابانية من بين مائة وثماني طائرات مهاجمة، ونجت ست طائرات أمريكية فقط من بين ست وعشرين تعرضت للهجوم، انفجر عنبر طائرة مائي ومستودع للوقود ودمرت محطتا توليد للكهرباء والماء، لكن مدارج الطائرات والمدافع المضادة للطائرات نجت، أبلغت الطائرات اليابانية التي تراجعت أخيرًا "ناجومو" أن هناك ضرورة لهجوم آخر.
أدرك "ناجومو" أن الجنود لن يستطيعوا غزو الجزيرة إلا بعد تدمير الدفاعات الأمريكية، لكن تسليح قاذفاته للقيام بضربة ثانية سيستغرق وقتًا ثمينًا، ويترك حاملات طائراته ضعيفة أمام هجوم تشنه عليها حاملات الطائرات الأمريكية، غامر "ناجومو" معتقدًا أن أن حاملات الطائرات الأمريكية على بعد عدة أيام من "ميد واي" لكنها كانت على بعد ساعات فقط، كان قراره بالقيام بضربة أخرى محورا مهمًّا في معركة "ميد واي".
كانت قوات الأميرال "سيبرونس" الهجومية تطلق منذ الصباح وكان "سيبرونس" يعرف أن حاملات طائرات "ناجومو" مكشوفة مع عودة الطائرات اليابانية من هجومها على "ميدواي"، وعندما قطع 170 ميلاً "ناجومو" ألقى بكل أوراقه، أرسل بالرجل الذي لم يسبق أن قاد حاملة طائرة من قبل كل طائراته، وجد الطيارون الأمريكيون أسطول "ناجومو" بسرعة لكن الطيارين اليابانيين المحنكين بطائراتهم المرنة أسقطوا معظم قاذفات طوربيد الأمريكية قبل وصولها إلى حاملات الطائرات، لم تصب أي سفينة يابانية إصابة شديدة، ودمرت أكثر من مائة طائرة أمريكية، قال طيار أمريكي مذهول: كأنني كنت وسط خلية نحل.
أما حاملات الطائرات اليابانية التي كانت تستعد لضربة "ناجومو" الثانية فكانت عاجزة تمامًا، كانت القنابل وخراطيم الوقود تملأ السطح، ومقاتلات "زيرو" التي تحميها عادة كانت منخفضة الارتفاع ولم تقدر على القتال، خلال ست دقائق دمرت القاذفات الأمريكية المغيرة ثلاث حاملات طائرات مما غير ميزان القوى طوال الفترة الباقية من حرب المحيط الهادي، أغرقت "أكاجي" "سوريو" و"كاجا".
عند الظهيرة وجدت الطائرات اليابانية التي انطلقت من حاملات الطائرات الوحيدة الناجية وجدت "يورك تاون" ستكون هذه هي آخر معركة لـ"يورك تاون" حيث أصيبت بثلاث قنابل وطوربيدين وغرقت في المياه، قال أحد المراقبين: إن السفينة بدت كصرح أنهكه الألم.
لن تجرى هذه المرة أي إصلاحات على "يورك تاون"، في الثالثة عصرًا تلقى الطاقم أمرًا بإخلاء السفينة، وفي النهاية قامت غواصة يابانية بتدمير "يورك تاون" وإرسالها إلى قاع المحيط، عند الخامسة مساءً أرسل "سيبرونس" سربًا من الطائرات لرد المعروف، كانت حاملة الطائرات اليابانية الباقية "هيريو" من دون أي دفاع، بعد إغراق حاملات الطائرات الثلاث الأخر ثبط الطيارون الأمريكيون "هيريو" وظل ألف ومائة بحار يحاولون إنقاذها طوال سبع ساعات لكن دون فائدة.
ارتفع النشيد الوطني الياباني معلنًا مغادرة السفينة وظل الأميرال والقبطان على متنها، وبعد إرسال اعتذار إلى "ناجومو" غرقا مع الحاملة، بعد تدمير حاملات طائرات "ناجومو" أمر "ياما موتو" أسطوله بالانسحاب وبعد ستة أشهر من "بيرل هاربر" لم تثبت صحة توقعاته في معركة "ميد واي"، لن يبادر "ياما موتو" إلى الهجوم أبدًا طوال الحرب العالمية الثانية، هزت أخبار "ميدواي" القيادة اليابانية لكن أخبار الهزيمة النكراء لم تصل إلى مسامع الشعب الياباني.
تفاخر رئيس الوزراء "توجو" بالإنزال الياباني في جزر "إليوشن" وصفه بأنه نصر ياباني مؤزر.
كان الطيارون الأمريكيون العائدون من المعركة أدرى بما حدث، فقدت اليابان أربع حاملات للطائرات فيما خسر الأمريكيون واحدة فقط، وانتهى التفوق العسكري الياباني، قال مسئول ياباني في "ميد واي": انتقم الأمريكيون لـ"بيرل هاربر".
في عام 42 بعد معركة "بيرل هاربر" بفترة قصيرة غزا الجيش الياباني جزر الفلبين وهزم القوات الأمريكية المتمركزة هناك، استسلم أكثر من اثني عشر ألف جندي أمريكي في "بتان" بعد قتال عنيف، سينقضي عامان قبل أن تحاول أميركا استعادة الفلبين في إحدى أعظم معاركها البحرية وهي معركة "لايتاي".
فر الجنرال "دوجلاس ماك آرثر" قائد القوات الأمريكية من الفلبين وأكد بأنه سيعود، خلال الأعوام 42 و 43 و44 قاد "ماك آرثر" القوات الأمريكية العاملة في شمال أستراليا حتى الفلبين ومن الشرق قاد الأدميرال "شيستر ميمتس" القوات البحرية في الجزء الثاني من الهجوم الأمريكي الثنائي المحور، تقرر في مقر القيادة الأمريكية في "بيرل هاربر" أن يوحد الجيش والبحرية قواهما من أجل استعادة الفلبين، ولكن أي جزيرة من جزر الفلبين الثماني والعشرين يجب أن يستهدفها الغزو أولاً؟ صمم القادة على غزو جزيرة "ميندنا" والرئيس الجنوبية وبدأت الاستعدادات لكن الأميرال "هولدزي" قال لرؤسائه: إن لديه فكرة أفضل.
منذ أسابيع وطائرات "هولدزي" تهاجم المواقع اليابانية في الفلبين، وقال: إنه واجه مقاومة ضعيفة في جزيرة "لايتاي" الفلبينية، أعدت خطة جديدة لاستغلال اكتشاف "هولدزي" الجديد، لم يعرف "هولدزي" أن اليابانيين كانوا يعدون خطة طموحة للفلبين اسمها "شو إتشي جو" سيخاطرون بكل سفينة لديهم في معركة أخيرة مع البحرية الأمريكية.
أدركت اليابان أن خسارتها الفلبين تعني خسارتها نفط جزر الهند الشرقية الهولندية، كان الوقت قد حان للمجازفة بكل شيء حتى لو تطلب الأمر القتال حتى الموت،قضت خطة "شو إتشي جو" باستخدام أربع حاملات طائرات كطعم لإبعاد حاملات الطائرات الأمريكية عن شواطئ "لايتاي" ثم تقلع الطائرات من مطاراتها الأرضية المتمركزة حول الفلبين لتدعم الهجوم الحقيقي، عندئذ تتسارع القوة الرئيسة بقيادة الأميرال "ميشي مورا" من الجنوب وتقاتل شراذم الأسطول الأمريكي، ستنزل قوة أكبر بقيادة الأميرال "كوليتا" من الشمال للإجهاز على السفن الأمريكية والجنود العالقين في "لايتاي" لضمان نجاح مهمتهم ضم أسطول "كوليتا" البارجة "موساشي" و "ياموتو" وهما أضخم سفينتين حربيتين عرفهما العالم.
في العشرين من تشرين الأول بدأ الغزو الأمريكي لجزيرة "لايتاي" الفلبينية، ونزل مائة وستون ألف جندي على الشاطئ طوال عدة أيام، وقوبل الإنزال بمقاومة ضعيفة.
في ذلك اليوم وفى "دوجلاس ماك آرثر" بوعده في العودة، وقال: عندما نزلت على تراب أرضكم قلت لسكان الفلبين بأنني سوف أعود، وها قد عدت الآن.
أقلع طيارو أسطول هولز الثالث المحنكون لملاقاة الطيارين اليابانيين الضعفاء وبدأت معركة خليج "لايتاي".
أسقط الأمريكيون ثلث الطائرات اليابانية المائتين في مجموعة المعارك الجوية، قوبلت الطائرات اليابانية القليلة التي أفلتت من المقاتلات الأمريكية بجبهة من نيران المدافع المضادة للطائرات، أسقطت المدافع الأمريكية كل هجمة جوية تلو الأخرى أفلت طيار ياباني واحد من جدار النيران التي دمرت كل طائرات سربه وأسقط قنبلة تزن خمسمائة وخمسين رطلاً على حاملات الطائرات "برنستن" التي غرقت في النهاية، وقتل على متنها ثلاثمائة بحار أمريكي، حان الآن دور الطيارين الأمريكيين، عثرت طائرات "هولزي" على قوة "كونيتا" على بعد مئات الأميال من خليج "لايتاي"، عطلوا طرادًا وأصابوا عدة سفن أخرى، لكن أكثر النجاح كان في العثور على البارجة "موساشي" ونظرًا إلى أن الطائرات اليابانية كانت تقصف "لايتاي" دمر الطيارون الأمريكيون "موساشي" وأغرقوها، ألغى "كيليتا" الهجوم المقرر وعاد أدراجه، لم ينته اليوم بعد، رصد كشافو "هولزي" حاملات الطائرات اليابانية شمال "لايتاي"، قرر "هولزي" الذي علم بتراجع "كيليتا" أن يطارد حاملات الطائرات وأمر سفنه بالتوجه شمالاً.
ما كان "هولزي" ليعرف أن "كوليتا" غير رأيه، واستدار بالقوة اليابانية جنوبًا نحو الشواطئ لإنزال الأمريكية الضعيفة في "لايتاي".
في هذه الأثناء تقدم الأميرال "ميشي مورا" من الجنوب، وهو لا يعرف أن الأمريكيين يتربصون، الأميرال الامريكي "أولدن دولف" الذي أخبره كشافو السواحل باقتراب "ميشي مورا" أعد مفاجأة أو اثنتين، استعدت خمس سفن أمريكية في "بيرل هاربر" لسداد الحساب، لقد عادت أحداث "بيرل هاربر" تطارد اليابانيين.
خلال ساعات الصباح الأولى من يوم الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول تحرك أسطول "أولدن دولف" إلى مواقعه لإحكام الفخ، شاهد اليابانيون القادمون من المضيق قوارب صغيرة تدافع وحدها عن الشواطئ، فتقدموا بأقصى سرعة يدخل مدى مدافع "أولدن دولف" الضخمة، قال "أولدن" عن المعركة: إنها أجمل منظر رأيته في حياتي.
بحلول الصباح كانت كل سفن "ميشي مورا" مدمرة، وقتل آلاف البحارة اليابانيين أو غرقوا في خلج "لايتاي"، بوجود "أولدن دولف" جنوبًا و"هولزي" شمالاً اقتربت قوة "كوليتا" الرئيسة لتشن هجومها على خليج "لايتاي"، كانت القوة الأمريكية الوحيدة في طريق "كوليتا" تتكون من سفن مرافقة صغيرة ومدمرات تحت إمرة الأميرال "رايمون سبريج" كانت مجموعة سبريج المتواضعة ستواجه أعتى سفن اليابان الحربية، كان لدى "كوليتا" البقية الباقية من البحرية اليابانية ومنها "ياماتوا" وثلاث بوارج أخرى.
في الثامنة صباحًا أطلق نيران مدفعيته، أطلقت "ياماتو" قذائفها الهادرة ذات العيار ثمانية عشر إنشًا، كان الهجوم متوقعًا ومدمرًا، لم يكن "سبريج" ندًّا لقوة النيران اليابانية لكنه أبى أن يترك شاطئ "لايتاي" من دون دفاع وارتأى أن لا سبيل أمامه سوى الهجوم، أمر السفن أولاً بإطلاق ستار دخاني هائل، سارع رجاله إلى العمل، وفتحت مدمراته نيرانها لإبقاء اليابانيين بعيدين، أطلق "سبريج" كل طائرات حاملاته الآن لمضايقة البارجات اليابانية، شاغلت الطائرات السفن اليابانية الضخمة، أرسل "سبريج" نداء استغاثة بعد أن علم أنه لن يصمد طويلاً، تسلم "هولزي" نداءه مع الصباح وهو يهاجم حاملات الطائرات اليابانية على الرغم من كرهه ترك المعركة سارع الأميرال جنوبًا لنجدة "سبريج" وترك في المعركة سفنًا كافية لإنهاء الهجوم.
كان اليابانيون على متن هذه الحاملات يعلمون أنهم هالكون لا محالة، لكن تضحيتهم وضعت "كوليتا" جنوبًا على حافة تحقيق النصر.
خلال الساعات القليلة التالية أغرقت كل الحاملات اليابانية، في خليج "لايتاي" وضع "سبريج" حرج جدًّا، فقد غرقت إحدى حاملاته إضافة إلى مدمرتين وأصيبت سفنه بأضرار، قضت المدافع اليابانية الضخمة على مئات البحارين الأمريكيين ثم حدث ما هو غير متوقع، في المحور الحاسم لمعركة خليج "لايتاي" أوقف "كوليتا" هجومه فجأة فقد دفعت وقفة "سبريج" "كوليتا" للاعتقاد أنه يواجه قوة أكبر بكثير، وما زاد من الإرباك أن اليابانيين اعترضوا رسالة تفيد بأن "هولزي" قادم نحوهم، كان بإمكان "كوليتا" في تلك اللحظة أن يدمر قوة الإنزال الأمريكية بسهولة لكنه خشي أن يكون متجهًا إلى كمين فهرب، صاح بحار أمريكي إنهم يهربون وتحول نصر ياباني مؤكد إلى هزيمة نكراء.
قائد أمريكي:
أنا فخور بالنصر الذي أحرزه رجالنا على اليابانيين، وأنا أعلم أنكم جميعًا تشاطرونني هذا الشعور، مهد هذا النجاح الأخير الطريق أمامنا للنصر، ولن نتوقف إلا بعد الانتصار على قادة الحرب في طوكيو.
مع تداعي الإمبراطورية اليابانية عام 45 استعد جنودها إلى معركة أخيرة في مواجهة غزو أمريكي مرتقب لجزيرة "أوكيناوا"، خلال آذار من عام 45 أطبقت البحرية الأمريكية على الجزيرة التي تبعد أربعمائة ميل عن اليابان، في محاولتهم الأخيرة للدفاع عن أرض الوطن اعتمد اليابانيون على نوع مميز من المقاتلين، ألا وهو الطيارون الانتحاريون، ستكون معركة "أوكي ناوا" الخطوة الأخيرة على الطريق إلى طوكيو وسيحرص الطيارون الانتحاريون على أن تكون الأكثر تكلفة.
تم اختيار الأميرال "مارت ميتشل" لقيادة قوة الحاملات البحرية إلى الجزيرة، كان "ميتشل" الطيار البحري يعرف الحاملات جيدًّا، فقد بدأ يقلع ويهبط على حاملات الطائرات منذ عام 28، أما الآن وبعد سبع عشرة سنة عادت حاملاته وأخذت تقصف "أوكي ناوا" تمهيدًا للغزو الأمريكي.
ظل الأمريكيون يقصفون الجزيرة طوال أسبوعين، وكانت قوة نيرانهم تعادل عشرين ضعفًا لقوة النيران التي تعرضت لها الدفاعات النازية يوم الإنزال الكبير، في الأول من نيسان عام 45 نزل 170 ألف مقاتل أمريكي إلى الشاطئ دون مقاومة تقريبًا، قال جندي نزل بسلام: لم أتوقع أنني سأحيى طويلاً، قاد الجنرال "سامون بي باكنر" هذه القوات البرية، وكان يتحدر من عائلة من العسكريين خلال الحرب الأهلية الأمريكية حارب والده إلى جانب الكونفيدرالية وخسر المعركة التي انتصر فيها "جراند"، لكن الحكمة المتأتية من تلك التجربة ما كانت كافية لـ"باكنر" أمام العناد الذي أبداه اليابانيون في "أوكي ناوا".
في الرابع من نيسان واجه الأمريكيون مقاومة يابانية للمرة الأولى، ازدادت صلابة مع الأيام، كان الجنرال "يوشي جيما" مسئولاً عن الدفاع عن "أوكي ناوا" ولم يرغب في فقدان أي من رجاله البالغ عددهم مائة ألف على شواطئ "أوكي ناوا"، وقرر بدلاً من ذلك أن يخوض معركته في طرفي الجزيرة، كان أقوى موقف دفاعي هو خط الشوري إلى الجنوب، حيث تمكن اليابانيون من الاختباء في الكهوف والتلال، كان "إيشي جيما" سيترك الأمريكيين ينزلون الشاطئ يتقدمون ثم يقتل أكبر عدد منهم، وفي هذه الأثناء يدمر الطيارون الانتحاريون اليابانيون أكبر عدد ممكن من السفن الأمريكية.
كانت خطة "يوشي جيما" يائسة وقاسية على الأمريكيين، في السادس من نيسان صعد الانتحاريون هجماتهم، سمي هؤلاء الطيارون "الكامي كازي"، تلقى بعض هؤلاء الشباب اثنتي عشر ساعة من التدريب فقط، وكانوا الأمل الأخير لليابان في قلب الموازين،كانت طائرات الانتحاريين تحمل بالقنابل وتزود بكمية وقود تكفي فقط للوصول إلى أهدافها، ألا وهي: حاملات الطائرات الأمريكية، وسرعان ما وسعوا نشاطهم وأصبحت هجماتهم لا تقتصر على حاملات الطائرات وإنما تعدتها لتشمل كل سفينة أمريكية.
لم يواجه الانتحاريون مشكلة في العثور على السفن الأمريكية وأصابوا حاملات الطائرات "إنتربيد" و"فرانكلن" و"واسك"، استمروا في الهجوم، وفي اليوم الأول من المعركة قتل مئات الأمريكيين مع انقضاض القنابل البشرية على أهدافها.
اشتدت معركة "أوكي ناوا" البرية بشدة طوال نيسان، تقدم الأمريكيون ببطء مترًا بعد متر ومنزلاً بعد منزل فيما تراجع اليابانيون إلى الطرف الجنوبي للجزيرة، وظل الطرفان يتبادلان القصف حتى النهاية، ساعد الجنود المدنيين العزل الذين علقوا وسط نيران القتال.
يتحدث هذا الفيلم الدعائي الأمريكي عن الرعب الذي زرعه اليابانيون في قلوب سكان "أوكي ناوا" الذين اعتقدوا أن الأمريكيين سيقتلونهم، عندما خرج السكان من مخابئهم وجدوا أن اليابانيين قد خدعوهم.
قتل الجنود اليابانيون آلاف الأمريكيين في الأسابيع الأولى من المعركة، وما خاله الأمريكيون سهلاً أضحى صعبًا مع مرور الأيام، ازدادت الضغوط على الجنرال "باكنر" لإنهاء معركة "أوكي ناوا"، ومع مرور كل يوم تتعرض سفن الإمدادات الأمريكية وفرقها لهجمات الانتحاريين،.
وضع الجنرال "إيسامو تشو" مساعد "يوشي جيما" خطة لاستعادة ما احتله الأمريكيون، أقنع "تشو" "يوشي جيما" بشن هجوم معاكس شامل على طول خط "شوري" في أوائل أيار، كشفت خطة "تشو" الطائشة موقع اليابانيين أمام القصف المدفعي الأمريكي، وتبين أن الهجوم الياباني هو عمل فاشل، كان ذلك المحور المهم في معركة "أوكي ناوا"، ففي تلك المعركة قتل ست آلاف وستمائة جندي ياباني.
طوال ستة أسابيع استمرت المعارك قبالة الشاطئ وشن الانتحاريون 1900 هجمة، ونجح عشرة بالمائة منهم في بلوغ أهدافهم، أغرقوا 36 سفينة أمريكية وأصابوا 368 سفينة أخرى بأضرار، أصيب مدرج الإقلاع في حاملة الطائرات "بانكل هيل" وتفجرت الطائرات المحملة بالقنابل والوقود الملتهب محولة السفينة إلى كتلة من اللهب، بعد انقشاع الدخان بعد ست ساعات كانت النيران قد أتت على السفينة، بدا إمداد اليابان للطيارين الانتحاريين دائمًا إلا أن عدد طائراتهم كان محدودًا ولم يبق لديهم طائرات، وهكذا نجا ما تبقى من الأسطول البحري الأمريكي.
بدأت المقاومة اليابانية تضعف في حزيران حيث تراجعوا إلى موقع أخير في الطرف الجنوبي للجزيرة، وتطلب إخراجهم فرقتين بحريتين أمريكيتين.
فتش رجال البحرية كل كهف بحثًا عن اليابانيين، واستخدمت قاذفات اللهب والقنابل اليدوية لإخراج العدو من المخابئ، تم أسر عدد قليل من الجنود اليابانيين واختار معظمهم القتال حتى الموت.
في الثامنة عشر من حزيران وبعد تصوير هذا الفيلم قال الجنرال "باكنر": الأمور هنا تسير سيرًا جيدًا، بعد لحظات وقبل ثلاثة أيام من انتصارهم قتلت قذيفة يابانية "باكنر".
استسلم اليابانيون في الحادي والعشرين من حزيران، كانت خسائرهم كبيرة إذ قتل 110 آلاف جندي ومدني، وبقي 7400 جندي فقط على قيد الحياة، انتحر "يوشي جيما" وأركان قيادته، وعانت الإمبراطورية أكبر خسارة في الأرواح.
وفي معركة "أوكي ناوا" قتل أكثر من اثني عشر ألفًا وخمسمائة أمريكي خلال اثني وثمانين يومًا من القتال، على هذه الجزيرة الصغيرة في المحيط الهادي جرت تغيرات في العالم، مات الرئيس "روزفيلد" واستسلم الألمان وسيناتور سابق من ولاية "ميسوري" يفكر في إلقاء قنبلة ذرية على اليابان، لم يعرف الأمريكيون أن "أوكي ناوا" ستكون آخر معارك الحرب العالمية الثانية، واجه الأمريكيون الآن قرارًا كبيرًا إما يقدمون على غزو اليابان وإما يقصفونها بقنبلة ذرية.
م ن ق و ل:smile::أرجو ان اكن قد وضعت الموضوع في القسم الصحيح أم أن الموضوع يجب ان يوضع في قسم التاريخ العسكري؟:mad::
السلام عليكم الحرب العالمية الثانية أضخم حدث في تاريخ البشرية من داخل غرف قادة الحلفاء والمحور ومن جانبي ساحة المعركة تتبدى فصول مأساة ملحمية ضمن هذا الصراع العالمي كان مقدرًا لخمسة عشر عاملاً حاسمًا أن يحدد مستقبل الحضارة الإنسانية، المحيط الأطلسي عام 39، نشبت الحرب العالمية الثانية و"تشرشل" يواجه خطرًا كبيرًا، لكي تصمد جزيرة إنجلترا يجب استيراد مليون طن من الإمدادات الشهرية عبر البحار، هددت الغواصات الألمانية الحديثة والرهيبة خط الإمدادات الذي يصل إنجلترا بالعالم، إذا استطاعت الغواصات إغراق كميات النفط والغذاء البريطانية ستقع إنجلترا ضحية الرايخ الثالث، كانت أطول وأهم معركة في الحرب العالمية الثانية هي معركة الأطلسي.
في أيلول من عام 39 أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا، وكان أسطولها الحربي الملكي أمنع قوة في العالم كان على إنجلترا أن تعتمد على أسطولها التجاري لاستيراد حاجتها من السلع سنويًّا، المقدرة بخمسة وخمسين مليون طن كان على البحارة وعددهم مائة وستون ألفًا أن يلبوا ذلك الطلب، أما في ألمانيا في ذلك الوقت فكان صنع السفن قائمًا على قدم وساق، مع ذلك تردد "هتلر" في الهجوم على البحرية البريطانية وقال: أنا بطل على البر لكنني جبان في البحر، وسرعان ما أعطاه البريطانيون سببًا وجيها ليشعر بذلك، في شهر كانون الأول كانت السفينة الحربية الألمانية الجديدة "جرافس بي" وهي فخر البحرية الألمانية، تفتك بسفن الحلفاء جنوب الأطلسي عندما هاجمتها أربع سفن حربية بريطانية في المياه الواقعة قبالة الأورجوي.
فرت "جرافس بي" من المعركة ولجأت إلى ميناء محايد، وتجنبا لمواجهة البريطانيين ثانية قام القبطان "هانس لانس دورف" بإغراق بارجته وأقدم على الانتحار خشية محاكمته بتهمة الجبن، إذا كانت "جرافس بي" قد أخفقت فوق الماء فقد كانت لدى الأميرال الألماني "كارل دونت" خطة للنجاح تحت الماء، خرج بحار الغواصة هذا من الحرب العالمية الأولى بخطة اسمها "خطة زي" وتقضي بصنع ثلاثمائة غواصة ونشر مائة منها حول بريطانيا لإغراق السفن التجارية، لم يتحمس "هتلر" للفكرة ورفض مسارعة تصنيع الغواصات.
لجأ "كارل دونت" إلى إلهام فرقه باستخدام الغواصات السبعة والخمسين المتوافرة في أنجع السبل، رغم النقص العددي إلا أن التركيبة الألمانية من الألغام والغواصات كانت قاتلة لبريطانيا، في الأشهر التسعة الأولى من الحرب العالمية أغرقت هذه الأسلحة 141 سفينة بريطانية كانت تحمل آلاف الأطنان من الإمدادات.
كان "تشرشل" يقول: الشيء الوحيد الذي أخافني أثناء الحرب هو خطر الغواصات الألمانية، مع ارتفاع معدل الخسائر في ربيع عام 1940 تحلى "تشرشل" بالشجاعة أمام العامة في بريطانيا.
تشرشل:
نحن في موقف مختلف تمامًا عن موقفنا قبل عشرة أسابيع، نحن أقوى بكثير عما كنا عليه قبل عشرة أسابيع، ومستعدون أكثر لتحمل شعور "هتلر" وأعوانه.
في حزيران عام 1940 احتل "هتلر" وأعوانه باريس وأصبحت فرنسا تحت السيطرة الألمانية، وقد زاد التحالف بين إيطاليا وألمانيا الأوضاع سوءًا، أضحى النازيون سادة أوروبا الآن وبنوا أحواضًا للغواصات في موانئ لوريان بريست وشيربورج الفرنسية على بعد 31 ميلاً فقط من الساحل الإنجليزي بدا الوضع البريطاني ميئوسًا منه.
تمركز الألمان وغواصاتهم في مواقع تمكنهم من عزل بريطانيا عن بقية العالم، استخدم البريطانيون كل السفن المتوفرة لجلب المؤن بما فيها الباخرة المسماة الملك إليزابيث وهي أشهر باخرة ركاب في العالم، في محاولة للفرار من الغواصات الألمانية بدأت تبحر ضمن قوافل، الفكرة هنا أنه وسط الأطلسي يسهل إخفاء إبرة كبيرة في كومة قش بدلاً من إبرة صغيرة.
ردت الغواصات الألمانية بقيام هجمات مشتركة ليلاً ومن دون مساعدة جهاز السونار الذي لم يكن الحلفاء قد طوروه بعد، وكانت القوافل أهدافًا سهلة.
في أول ثمانية أشهر من عام 41 تم إغراق 328 سفينة إنجليزية، على هذا المعدل تسقط بريطانيا في أيدي النازيين خلال أشهر، تطلع "تشرشل" الآن إلى أميركا كي تمده بالسفن والعتاد.
قال "تشرشل" أعطونا الأدوات وسننجز المهمة، في أميركا عارض الكونجرس التورط فيما اعتبر وقتئذ حربًا أوروبية لكن الرئيس "روزفيلد" طلب من الكونجرس أن يعطي "تشرشل" الأدوات قائلاً:
روزفيلد:
أطلب من هذا الكونجرس منحي الصلاحية والأموال الكافية لتصنيع ذخيرة وعتاد حربي إضافي حتى يمنح إلى تلك الدول التي تشترك في حرب فعلية على دول معتدية، إن أهم دور نقوم به الآن هو أن نتصرف كترسانة لنا ولهم.
وافق الكونجرس وساهمت اتفاقية الإعارة في رفع معنويات بريطانيا، وسارعت الولايات المتحدة في إنتاج الإمدادات لدعم بريطانيا في مواجهتها لألمانيا، لكن "روزفيلد" كان يدرك أن بريطانيا كانت بحاجة إلى أكثر من الإمدادات الألمانية، كانت بحاجة إلى أميركا.
في صيف عام 41 وقف "روزفيلد" والذي نادرًا ما شوهد يقف دون مساعدة يسلم على "تشرشل" في أول لقاء بينهما، وتم اللقاء السري في مياه الأطلسي التي كان الاثنان يحاولان إبقاءها حرة، وضع "روزفيلد" و"تشرشل" ميثاق الأطلسي وبموجبه أصبحت بريطانيا وأميركا تحميان الأطلسي، أدرك "هتلر" أن "روزفيلد" صعب الموقف في معركة الأطلسي وقرر مد الأميرال "دونت" بمزيد من الرجال وزيادة إنتاج الغواصات.
في كانون الثاني عام 42 أنتج الألمان 249 غواصة واقتربوا من هدف "دونت" وهو 300 غواصة، كانت نصف البحرية الأمريكية في ذلك الوقت تحارب اليابانيين في المحيط الهادي، وزج النصف الآخر في الأطلسي ليرافق السفن التجارية، ازدادت الأهداف أمام الغواصات الألمانية، كان معدل تصنيع السفن الأمريكية أسرع من معدل إغراقها على يد الألمان، أنتج الصناعي "هنري كايتر" 1500 سفينة من نوع "ليفرتي" خلال زمن قياسي وبحلول تشرين الأول من عام 42 كانت الفناءات البحرية الأمريكية تنتج ثلاث سفن يوميًّا.
اتبعت أميركا المثال البريطاني وعملت بنظام قوافل السفن، وكان هذا مع اقتراب معركة الأطلسي من الشواطئ الأميركية.
في عام 42 كان على معظم مدن الساحل الشرقي الرئيسية أن تطفئ أنوارها ليلاً، لأن أضواء الشاطئ الأمريكية تجعل من سفنها هدفًا سهلاً للغواصات الألمانية.
شعر الأمريكيون بالأمان في بعدهم عن ساحة المعركة في أوروبا، لكن الغواصات الألمانية أغرقت 92 سفينة، قبالة ساحل "بوستن" "نيويورك" "واشنطن" و"ميامي" أما ولاية فلوريدا فقد رفضت أن تطفئ الأنوار حتى لا يتأذى قطاع السياحة هناك، لكن ذلك أدى إلى تضرر تجارة الشحن إذ أصبح كل شيء يعوم هدفًا.
خلال أسبوعين أغرق النازيون 25 سفينة قبالة سواحل فلوريدا، كانت الأشهر الستة الأولى بعد دخول أميركا الحرب مرحلة نصر للألمان.
رحب ببحارة الغواصات بحرارة في ألمانيا لأنهم تحدوا الولايات المتحدة في عقر دارها، بدا أن الرجال سينتصرون في معركة الأطلسي، كانت فترة سعد للألمان، لكن الصياد نفسه تحول سريعًا نفسه إلى طريدة.
كانت "الأنيجما" آلة تشفير ألمانية تتسلم وترسل الرسائل النازية العسكرية، عمل مهندسو الحلفاء بهمة ونشاط لفك رموز الشفرة الألمانية، وتمكنوا من ذلك عام 42، أصبحوا يعرفون الآن المواقع التي ترسو فيها الغواصات المسماة "الزمرة الذئبية" وقاموا بإبعاد السفن عن تلك المياه، مكن اختراع آخر وهو "السونار" الحلفاء من تحديد عمق الغواصات الألمانية التي أصبحت سهلة الكشف والتدمير وهذه التقنية شكلت المحور الذي حسم معركة الأطلسي.
مع ظهور "السونار" أصبحت حياة بحارة الغواصات الألمانية معرضة للخطر، وأمست الغواصات التي كانت عصية منيعة أهدافًا سهلةً لطائرات الحلفاء.
عام 43 سيطر الحلفاء على معركة الأطلسي، كان الأمل ضئيلاً أمام الغواصات الألمانية لدى تعرضها لقنابل الأعماق المتفجرة، أغرقت غواصة ونصف غواصة مقابل خسارة سفينة واحدة من سفن الحلفاء، أدرك بحارة الغواصات أن الفترة الألمانية السعيدة قد ولت، كان بحارة القوات البحرية الأكثر عرضة للموت في القوات المسلحة الألمانية.
كان أيار من عام 43 شهرًا مخيفًا لـ"دونت" وفرق غواصاته، فقد غرقت 41 غواصة في ذلك الشهر فقط وقتل ابنه في إحداها، أدرك الأدميرال أن غواصاته لن تصمد أمام ضربات الحلفاء المتلاحقة من الجو والبحر فانسحب معظم أسطوله في محاولة منه لإنقاذ ما تبقى.
راح الحلفاء يطاردون فلول الغواصات، واختار عدد من القباطنة الألمان الاستسلام بعدما روعت بحارتهم الهجمات المتلاحقة، كانت معركة الأطلسي نقطة تحول مهمة في الحرب العالمية الثانية وفي التاريخ، بعد أن كان من المفترض أن تهزم بريطانيا في هذه الحرب فسبحان مغير الأحوال وبيده كل شيء.
في ربيع عام 42 شعرت القوات البحرية الملكية اليابانية أنها قوة لا تقهر وكانت قد خرجت آنفًا من نصر مأزر دمرت فيها قاعدة "بيرل هاربر" الأمريكية، ولم يسبق أن خسرت أي معركة بحرية منذ 350 سنة من تاريخه.
أدى الهجوم إلى تدمير كل البوارج الأمريكية تقريبًا، لكن شاءت إرادة الله أن تكون حاملات طائرات في عرض البحر ونجت من المعركة، ستغير معارك حاملات الطائرات شكل المعارك المرتقبة في بحر المرجان.
عام 42 وفي محاولة للسيطرة على المحيط الهادي وضعت اليابان خطة لإبقاء البحرية الأمريكية في موانئها وإلى الأبد، سيطرت الإمبراطورية اليابانية التوسعية على معظم شرقي المحيط الهادي وجزره، وكان ميناء "مورزفي" الهدف التالي وهو قاعدة بحرية صغيرة ذات أهمية إستراتيجية كبيرة في بحر المرجان، وتقع قرب ساحل غينيا الجديدة الجنوبي، كان ميناء "مورزفي" بوابة أستراليا، وإذا استطاع اليابانيون السيطرة على هذا الميناء المهم فلن تستطيع أميركا استخدام استراليا كقاعدة ضد اليابان، بدأ اليابانيون يزحفون سرًّا على "مروزفي" لكنهم كانوا يجهلون أن الاستخبارات الأمريكية قد فكت رموز شفرتهم، وكانت تلك عملية تجسس دقيقة شكلت محورًا هامًّا في معركة بحر المرجان. رد قادة البحرية الأمريكية فورًا وكلف الأميرال "فرانك فلاتشر" السريع البديهة والغضب، بقيادة قوة من حاملتي طائرات.
كان "شيفي يوشي" هو خصم "فلاتشر" كان قائد الأسطول الياباني الخامس الذي ضم حاملتي طائرات جديدتين هما "شوكاكو" و"زيوكاكو" توقع اصطدامًا بينه وبين البحرية الأمريكية وجهز 140 طائرة لمواجهة أي هجوم أمريكي.
حدس "شيفي" كان صائبًا جدًّا ففي أوائل شهر أيار توجهت قوت "فلاتشر" نحو الأسطول الياباني الخامس في بحر المرجان، بسبب الأضرار الفادحة التي وقعت في "بيرل هاربرت" كانت مدمرة "فلاتشر" قليلية العدد، لكن جعبته حوت أيضًا حاملتي الطائرات "إكساكتون" و"نيورك تايم".
لم يعرف أي من الجانبين ما يجب توقعه في معركة نشبت بين حاملتي طائرات، ففي اليوم الأول كانت المسافة التي تفصل ما بين الأسطولين أقل من مائة ميل في بحر المرجان، أخذ كل طرف يحاول معرفة الموقع الآخر طوال اليوم جوًّا وبحرًا، لكنهما لم يوفقا.
في اليوم الثاني تغير كل شيء، أرسل الأمريكيون طائرات في ذلك الصباح آملين النجاح هذه المرة، في الوقت نفسه أطلق اليابانيون مقاتلاتهم والقاذفات المنقضة وحاملات الطوربيد.
عثر اليابانيون على هدفهم أولاً وظلوا يقصفون سفينتين حربيتين أمريكيتين بلا هوادة طوال 45 دقيقة، فأغرقوا المدمرة "ستنز" وهي إحدى المدمرات القليلة الموجودة لدى أميركا وقتلوا معظم أعضاء فريق ناقلة النفط "ميوشا" أثناء تراجعهم لم يوفق كل الطيارين اليابانيين حيث شاهدوا حاملة طائرات ظنوا أنها تابعة لقواتهم لكنها لم تكن كذلك بل كانت "نيورك تايم" الأمريكية، تمكنت ست طائرات يابانية من بين 27 طائرة أن تعود إلى حاملات طائرات "شيبي"، كان الأمريكيون في موقع أفضل إذ كان لديهم 93 طائرة جاهزة لإغراق أي سفينة معادية، كانت تلك السفينة هي حاملة الطائرات اليابانية "شوكو".
في أولى المعارك البحرية استطاع الطيارون الأمريكيون إغراق "شوكو" واتصل الرائد البحري "بوب تيكسون" يقول: أزيلوا حاملة طائرات من اللائحة.
في اليوم الثالث انطلقت القاذفات الأمريكية تبحث عن حاملات الطائرات اليابانية وفي دقائق معدودة عثروا على حاملتي الطائرات "شوكاكو" و"زيوكاكو" انقضت 75 طائرة من طائرات "فليتشر" على الهدف، وتصدت لها 14 طائرة يابانية من طراز "زيرو" فيما كانت معظم الطائرات اليابانية بعيدة تبحث عن السفن الأمريكية.
ظلت الطائرات الأمريكية تقصف ضربات مباشرة إلى "شوكا" وذلك بهدف تدميرها نهائيًا، بينما كان الطيارون الأمريكيون يهاجمون حاملات الطائرات اليابانية وجد نسور الجو في البحرية الملكية اليابانية هدفهم، وهو حاملتا الطائرات "لكسنتون" و"يورك تايم".
أطللت "لكسنتون" جدارًا ناريًّا مضادًّا للطائرات، كما حاولت تجنب القصف لكن نسور الجو اليابانيين حققوا ثلاث إصابات مباشرة في دقيقتين بعد دقائق انفجرت قنبلة على متن "يورك تايم"، عمل البحارة جاهدين لإطفاء النيران، ولكن في هذا اليوم كان قد قتل 150 أمريكيًّا على متن "لكسنتون" و"يورك تايم".
تم إنقاذ "يورك تايم" لتقاتل مجددًا، أما "لكسنتون" فاستسلمت ذلك اليوم بانفجار داخلي وفي الساعة الخامسة عصرًا صدرت الأوامر بإخلاء السفينة، قفز ألفا رجل في البحر وتم إنقاذهم جميعًا، وفي ذلك المساء استقرت السفينة في قاع البحر المرجاني، بعد الأضرار الفادحة التي تعرضت لها حاملات الطائرات اليابانية ألغى اليابانيون هجومهم على ميناء "مورزفي" وعادوا أدراجهم، وهكذا أصيبت البحرية الملكية اليابانية التي لا تقهر بأول نكسة لها.
للمرة الأولى يحصل في معركة بحرية أن لا تطلق السفن الحربية أي قذائف تجاه بعضها بعضًا، تم إنقاذ ميناء "مورزفي" واكتسبت البحرية الأمريكية خبرة قتالية مهمة ستوضع على المحك بعد شهر في معركة "ميدواي".
في أيار عام 42 حسب البحارة الأمريكيون على جزيرة "ميدواي" الواقعة في المحيط الهادي أن هذه الجزيرة هي موقع هادئ ولم يعرفوا أن اليابانيين وبعد الإحراج الذي عانوه في بحر المرجان يعدون العدة لتدمير هذه القاعدة ومعها القوة البحرية الأمريكية إلى الأبد، لكن خطتهم ارتدت عليهم وغيرت البحرية الأمريكية ميزان القوى في المحيط الهادي في معركة "ميدواي". كان "إيزي روكو ياما موتو" قائد أركان البحرية الملكية اليابانية، هذا الأدميرال الذي درس في "هارفيرد" ومهندس الهجوم المباغت على "بيرل هاربر" يريد الآن سحق البحرية الأمريكية قبل أن تعود لتقف على قدميها، قاد "ياما موتو" أسطولاً ضخمًا يتكون من أربع حاملات ضخمة، ثلاث حاملات طائرات خفيفة إحدى عشر بارجة واحد وعشرين طرادًا وأربعمائة طائرة وطائرتين، استطاع الأمريكيون أن يجمعوا ثلاث حاملات طائرات وثمانية طرادات ومائتين وخمسين طائرة كان ميزان القوى في "ميدواي" يميل بقوة إلى صالح اليابان.
وضع "ياما موتو" خطة محطمة للقضاء على الأسطول البحري الأمريكي
أولاً: شن هجومًا على جزر "إليوشن" الأمريكية وتوقع أن يؤدي هذا التمويه إلى توجه الأسطول الأمريكي شمالاً فيما تهاجم حاملات طائراته جزيرة "ميدواي".
يتبع غارات "ياما موتو" الجوية نزول قوات قوامها خمسة آلاف جندي من المشاة على الجزيرة وعندما يذهب الأسطول الأمريكي لنجدة "ميدواي" آتيًا من "بيرل هاربر" تنقض عليه القوة البحرية اليابانية الكامنة على بعد مئات الأميال فقط، وكما حدث في معركة بحر المرجان اكتشفت الاستخبارات الأمريكية تفاصيل الخطة اليابانية.
استعدت القوات الأمريكية في جزيرة "ميدواي" للغزو المرتقب، قاد الطيارون حديثو التخرج حاملات طوربيد من طراز أرنجر "B 17" ومقاتلة "وايت كات" إضافة إلى قاذفات "كتلينا".
أدرك القائد الأمريكي الأميرال "شستر ميمت" أن الهجوم الياباني سيكون وشيكًا، كانت خطته بسيطة، إذا استطاع إدخال حاملات طائراته خلسة حتى مسافة قريبة من "ميد واي" فإن هذا سيمكنه من شن هجوم مفاجئ، قال: إن ذلك يتطلب توقيتا دقيقًا، أحضر "ميمتس" بسرعة حاملتي الطائرات "هورنت" و"إنتر برايز" من جنوب المحيط الهادي، كان هناك "يورك تايم" أيضًا التي سبق وأن أصيبت بأضرار فادحة، اعتقد "ياما ماتو" أنها غرقت في بحر المرجان، أخبر الروبان "هينيميتس" أنه يحتاج إلى تسعين يومًا لإصلاحها لكن الأخير أمهله ثلاثة أيام، كان الأميرال "فليتشر" الموجود على متن "يورك تاون" قائدًا عامًّا لأسطول "ميد واي" فيما كان الأميرال "ريموند سبرينس" قائدًا لحاملتي الطائرات "إنتر برايس" و"هورنت" لم يسبق لـ"سبرينس" أن قاد حاملة للطائرات وحل محل هولدزي الذي نقل إلى المشفى بسبب الإرهاق، في المقابل كنت ترى مساعد الأميرال "وتشي ناجوما" الذي قاد القوة الضاربة اليابانية الأولى، والتي تكونت من حاملات الطائرات "أكاجي" "كاجا" "سوريو" و"هيريو".
كان الأميرال "ياما موتو" يبحر بنفسه خلف حاملات الطائرات، اعتقد أنه بعد تدمير "بيرل هاربر" سوف يسيطر على المحيط الهادي طوال ستة أشهر قبل أن يعيد الإنتاج الحربي الأمريكي التوازن مع اليابان، مرت ستة أشهر تقريبًا وأمل "ياما موتو" أن هجومه على "ميد واي" سيجعله في وضع أفضل.
في صباح الرابع من شهر حزيران اتجهت "أكاجي" مع الرياح وانطلق منها 108 طائرات لقصف الدفاعات الأمريكية على جزيرة "ميدواي"، رصدها الرادار الأمريكي من على بعد 93 ميلاً من هدفهم، الأمريكيون جاهزون وكذلك مصورو البحرية الذين صوروا المعركة بالألوان، أما اليابانيون الذين أرادوا مفاجأة الأمريكيين فقد فوجئوا بالمقاومة العنيفة التي تصدت لهم فوق "ميدواي"، خلال معركة دامت خمسًا وعشرين دقيقة أسقطت ثمان وثلاثون طائرة يابانية من بين مائة وثماني طائرات مهاجمة، ونجت ست طائرات أمريكية فقط من بين ست وعشرين تعرضت للهجوم، انفجر عنبر طائرة مائي ومستودع للوقود ودمرت محطتا توليد للكهرباء والماء، لكن مدارج الطائرات والمدافع المضادة للطائرات نجت، أبلغت الطائرات اليابانية التي تراجعت أخيرًا "ناجومو" أن هناك ضرورة لهجوم آخر.
أدرك "ناجومو" أن الجنود لن يستطيعوا غزو الجزيرة إلا بعد تدمير الدفاعات الأمريكية، لكن تسليح قاذفاته للقيام بضربة ثانية سيستغرق وقتًا ثمينًا، ويترك حاملات طائراته ضعيفة أمام هجوم تشنه عليها حاملات الطائرات الأمريكية، غامر "ناجومو" معتقدًا أن أن حاملات الطائرات الأمريكية على بعد عدة أيام من "ميد واي" لكنها كانت على بعد ساعات فقط، كان قراره بالقيام بضربة أخرى محورا مهمًّا في معركة "ميد واي".
كانت قوات الأميرال "سيبرونس" الهجومية تطلق منذ الصباح وكان "سيبرونس" يعرف أن حاملات طائرات "ناجومو" مكشوفة مع عودة الطائرات اليابانية من هجومها على "ميدواي"، وعندما قطع 170 ميلاً "ناجومو" ألقى بكل أوراقه، أرسل بالرجل الذي لم يسبق أن قاد حاملة طائرة من قبل كل طائراته، وجد الطيارون الأمريكيون أسطول "ناجومو" بسرعة لكن الطيارين اليابانيين المحنكين بطائراتهم المرنة أسقطوا معظم قاذفات طوربيد الأمريكية قبل وصولها إلى حاملات الطائرات، لم تصب أي سفينة يابانية إصابة شديدة، ودمرت أكثر من مائة طائرة أمريكية، قال طيار أمريكي مذهول: كأنني كنت وسط خلية نحل.
مع إسقاط قاذفات الطوربيد المنخفضة الارتفاع كان الخطر الأمريكي الحقيقي على وشك أن يظهر، عثر سرب من القاذفات الأمريكية المغيرة على الأسطول الياباني وبدأ ينقض عليه. أما حاملات الطائرات اليابانية التي كانت تستعد لضربة "ناجومو" الثانية فكانت عاجزة تمامًا، كانت القنابل وخراطيم الوقود تملأ السطح، ومقاتلات "زيرو" التي تحميها عادة كانت منخفضة الارتفاع ولم تقدر على القتال، خلال ست دقائق دمرت القاذفات الأمريكية المغيرة ثلاث حاملات طائرات مما غير ميزان القوى طوال الفترة الباقية من حرب المحيط الهادي، أغرقت "أكاجي" "سوريو" و"كاجا".
عند الظهيرة وجدت الطائرات اليابانية التي انطلقت من حاملات الطائرات الوحيدة الناجية وجدت "يورك تاون" ستكون هذه هي آخر معركة لـ"يورك تاون" حيث أصيبت بثلاث قنابل وطوربيدين وغرقت في المياه، قال أحد المراقبين: إن السفينة بدت كصرح أنهكه الألم.
لن تجرى هذه المرة أي إصلاحات على "يورك تاون"، في الثالثة عصرًا تلقى الطاقم أمرًا بإخلاء السفينة، وفي النهاية قامت غواصة يابانية بتدمير "يورك تاون" وإرسالها إلى قاع المحيط، عند الخامسة مساءً أرسل "سيبرونس" سربًا من الطائرات لرد المعروف، كانت حاملة الطائرات اليابانية الباقية "هيريو" من دون أي دفاع، بعد إغراق حاملات الطائرات الثلاث الأخر ثبط الطيارون الأمريكيون "هيريو" وظل ألف ومائة بحار يحاولون إنقاذها طوال سبع ساعات لكن دون فائدة.
ارتفع النشيد الوطني الياباني معلنًا مغادرة السفينة وظل الأميرال والقبطان على متنها، وبعد إرسال اعتذار إلى "ناجومو" غرقا مع الحاملة، بعد تدمير حاملات طائرات "ناجومو" أمر "ياما موتو" أسطوله بالانسحاب وبعد ستة أشهر من "بيرل هاربر" لم تثبت صحة توقعاته في معركة "ميد واي"، لن يبادر "ياما موتو" إلى الهجوم أبدًا طوال الحرب العالمية الثانية، هزت أخبار "ميدواي" القيادة اليابانية لكن أخبار الهزيمة النكراء لم تصل إلى مسامع الشعب الياباني.
تفاخر رئيس الوزراء "توجو" بالإنزال الياباني في جزر "إليوشن" وصفه بأنه نصر ياباني مؤزر.
كان الطيارون الأمريكيون العائدون من المعركة أدرى بما حدث، فقدت اليابان أربع حاملات للطائرات فيما خسر الأمريكيون واحدة فقط، وانتهى التفوق العسكري الياباني، قال مسئول ياباني في "ميد واي": انتقم الأمريكيون لـ"بيرل هاربر".
في عام 42 بعد معركة "بيرل هاربر" بفترة قصيرة غزا الجيش الياباني جزر الفلبين وهزم القوات الأمريكية المتمركزة هناك، استسلم أكثر من اثني عشر ألف جندي أمريكي في "بتان" بعد قتال عنيف، سينقضي عامان قبل أن تحاول أميركا استعادة الفلبين في إحدى أعظم معاركها البحرية وهي معركة "لايتاي".
فر الجنرال "دوجلاس ماك آرثر" قائد القوات الأمريكية من الفلبين وأكد بأنه سيعود، خلال الأعوام 42 و 43 و44 قاد "ماك آرثر" القوات الأمريكية العاملة في شمال أستراليا حتى الفلبين ومن الشرق قاد الأدميرال "شيستر ميمتس" القوات البحرية في الجزء الثاني من الهجوم الأمريكي الثنائي المحور، تقرر في مقر القيادة الأمريكية في "بيرل هاربر" أن يوحد الجيش والبحرية قواهما من أجل استعادة الفلبين، ولكن أي جزيرة من جزر الفلبين الثماني والعشرين يجب أن يستهدفها الغزو أولاً؟ صمم القادة على غزو جزيرة "ميندنا" والرئيس الجنوبية وبدأت الاستعدادات لكن الأميرال "هولدزي" قال لرؤسائه: إن لديه فكرة أفضل.
منذ أسابيع وطائرات "هولدزي" تهاجم المواقع اليابانية في الفلبين، وقال: إنه واجه مقاومة ضعيفة في جزيرة "لايتاي" الفلبينية، أعدت خطة جديدة لاستغلال اكتشاف "هولدزي" الجديد، لم يعرف "هولدزي" أن اليابانيين كانوا يعدون خطة طموحة للفلبين اسمها "شو إتشي جو" سيخاطرون بكل سفينة لديهم في معركة أخيرة مع البحرية الأمريكية.
أدركت اليابان أن خسارتها الفلبين تعني خسارتها نفط جزر الهند الشرقية الهولندية، كان الوقت قد حان للمجازفة بكل شيء حتى لو تطلب الأمر القتال حتى الموت،قضت خطة "شو إتشي جو" باستخدام أربع حاملات طائرات كطعم لإبعاد حاملات الطائرات الأمريكية عن شواطئ "لايتاي" ثم تقلع الطائرات من مطاراتها الأرضية المتمركزة حول الفلبين لتدعم الهجوم الحقيقي، عندئذ تتسارع القوة الرئيسة بقيادة الأميرال "ميشي مورا" من الجنوب وتقاتل شراذم الأسطول الأمريكي، ستنزل قوة أكبر بقيادة الأميرال "كوليتا" من الشمال للإجهاز على السفن الأمريكية والجنود العالقين في "لايتاي" لضمان نجاح مهمتهم ضم أسطول "كوليتا" البارجة "موساشي" و "ياموتو" وهما أضخم سفينتين حربيتين عرفهما العالم.
في العشرين من تشرين الأول بدأ الغزو الأمريكي لجزيرة "لايتاي" الفلبينية، ونزل مائة وستون ألف جندي على الشاطئ طوال عدة أيام، وقوبل الإنزال بمقاومة ضعيفة.
في ذلك اليوم وفى "دوجلاس ماك آرثر" بوعده في العودة، وقال: عندما نزلت على تراب أرضكم قلت لسكان الفلبين بأنني سوف أعود، وها قد عدت الآن.
بدأ الجيش الأمريكي يتوغل معتمدًا على البحرية الأمريكية لحماية رأس حربته على الشاطئ من أي هجوم بحري ياباني مضاد، ولحماية القوات البرية الأمريكية تمركزت قوتان بحريتان في الخليج ضمة الأولى ست بوارج والأخرى ثماني عشرة حاملة للطائرات، كان في الجوار أسطول يتكون من ست عشر حاملة للطائرات وسبع وثمانين سفينة حربية بإمرة "هولزي" لتدمير الأسطول الياباني في حالة ظهوره، وهذا ما حدث، تحركت البحرية اليابانية باتجاه "لايتاي" لبدء المرحلة الأولى من وجودها، لكن خطتهم فشلت نتيجة حدث غير متوقع، اعتمدت الطائرات القابعة على دعم جوي قاده طيارون غير مهرة لم يشارك بعضهم في أي معركة من قبل.أقلع طيارو أسطول هولز الثالث المحنكون لملاقاة الطيارين اليابانيين الضعفاء وبدأت معركة خليج "لايتاي".
أسقط الأمريكيون ثلث الطائرات اليابانية المائتين في مجموعة المعارك الجوية، قوبلت الطائرات اليابانية القليلة التي أفلتت من المقاتلات الأمريكية بجبهة من نيران المدافع المضادة للطائرات، أسقطت المدافع الأمريكية كل هجمة جوية تلو الأخرى أفلت طيار ياباني واحد من جدار النيران التي دمرت كل طائرات سربه وأسقط قنبلة تزن خمسمائة وخمسين رطلاً على حاملات الطائرات "برنستن" التي غرقت في النهاية، وقتل على متنها ثلاثمائة بحار أمريكي، حان الآن دور الطيارين الأمريكيين، عثرت طائرات "هولزي" على قوة "كونيتا" على بعد مئات الأميال من خليج "لايتاي"، عطلوا طرادًا وأصابوا عدة سفن أخرى، لكن أكثر النجاح كان في العثور على البارجة "موساشي" ونظرًا إلى أن الطائرات اليابانية كانت تقصف "لايتاي" دمر الطيارون الأمريكيون "موساشي" وأغرقوها، ألغى "كيليتا" الهجوم المقرر وعاد أدراجه، لم ينته اليوم بعد، رصد كشافو "هولزي" حاملات الطائرات اليابانية شمال "لايتاي"، قرر "هولزي" الذي علم بتراجع "كيليتا" أن يطارد حاملات الطائرات وأمر سفنه بالتوجه شمالاً.
ما كان "هولزي" ليعرف أن "كوليتا" غير رأيه، واستدار بالقوة اليابانية جنوبًا نحو الشواطئ لإنزال الأمريكية الضعيفة في "لايتاي".
في هذه الأثناء تقدم الأميرال "ميشي مورا" من الجنوب، وهو لا يعرف أن الأمريكيين يتربصون، الأميرال الامريكي "أولدن دولف" الذي أخبره كشافو السواحل باقتراب "ميشي مورا" أعد مفاجأة أو اثنتين، استعدت خمس سفن أمريكية في "بيرل هاربر" لسداد الحساب، لقد عادت أحداث "بيرل هاربر" تطارد اليابانيين.
خلال ساعات الصباح الأولى من يوم الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول تحرك أسطول "أولدن دولف" إلى مواقعه لإحكام الفخ، شاهد اليابانيون القادمون من المضيق قوارب صغيرة تدافع وحدها عن الشواطئ، فتقدموا بأقصى سرعة يدخل مدى مدافع "أولدن دولف" الضخمة، قال "أولدن" عن المعركة: إنها أجمل منظر رأيته في حياتي.
بحلول الصباح كانت كل سفن "ميشي مورا" مدمرة، وقتل آلاف البحارة اليابانيين أو غرقوا في خلج "لايتاي"، بوجود "أولدن دولف" جنوبًا و"هولزي" شمالاً اقتربت قوة "كوليتا" الرئيسة لتشن هجومها على خليج "لايتاي"، كانت القوة الأمريكية الوحيدة في طريق "كوليتا" تتكون من سفن مرافقة صغيرة ومدمرات تحت إمرة الأميرال "رايمون سبريج" كانت مجموعة سبريج المتواضعة ستواجه أعتى سفن اليابان الحربية، كان لدى "كوليتا" البقية الباقية من البحرية اليابانية ومنها "ياماتوا" وثلاث بوارج أخرى.
في الثامنة صباحًا أطلق نيران مدفعيته، أطلقت "ياماتو" قذائفها الهادرة ذات العيار ثمانية عشر إنشًا، كان الهجوم متوقعًا ومدمرًا، لم يكن "سبريج" ندًّا لقوة النيران اليابانية لكنه أبى أن يترك شاطئ "لايتاي" من دون دفاع وارتأى أن لا سبيل أمامه سوى الهجوم، أمر السفن أولاً بإطلاق ستار دخاني هائل، سارع رجاله إلى العمل، وفتحت مدمراته نيرانها لإبقاء اليابانيين بعيدين، أطلق "سبريج" كل طائرات حاملاته الآن لمضايقة البارجات اليابانية، شاغلت الطائرات السفن اليابانية الضخمة، أرسل "سبريج" نداء استغاثة بعد أن علم أنه لن يصمد طويلاً، تسلم "هولزي" نداءه مع الصباح وهو يهاجم حاملات الطائرات اليابانية على الرغم من كرهه ترك المعركة سارع الأميرال جنوبًا لنجدة "سبريج" وترك في المعركة سفنًا كافية لإنهاء الهجوم.
كان اليابانيون على متن هذه الحاملات يعلمون أنهم هالكون لا محالة، لكن تضحيتهم وضعت "كوليتا" جنوبًا على حافة تحقيق النصر.
خلال الساعات القليلة التالية أغرقت كل الحاملات اليابانية، في خليج "لايتاي" وضع "سبريج" حرج جدًّا، فقد غرقت إحدى حاملاته إضافة إلى مدمرتين وأصيبت سفنه بأضرار، قضت المدافع اليابانية الضخمة على مئات البحارين الأمريكيين ثم حدث ما هو غير متوقع، في المحور الحاسم لمعركة خليج "لايتاي" أوقف "كوليتا" هجومه فجأة فقد دفعت وقفة "سبريج" "كوليتا" للاعتقاد أنه يواجه قوة أكبر بكثير، وما زاد من الإرباك أن اليابانيين اعترضوا رسالة تفيد بأن "هولزي" قادم نحوهم، كان بإمكان "كوليتا" في تلك اللحظة أن يدمر قوة الإنزال الأمريكية بسهولة لكنه خشي أن يكون متجهًا إلى كمين فهرب، صاح بحار أمريكي إنهم يهربون وتحول نصر ياباني مؤكد إلى هزيمة نكراء.
انتهت معركة خليج "لايتاي" وكبدت اليابان عشرة آلاف رجل وأربعة حاملات للطائرات وثلاث بوارج وعشرة طرادات ومائتين وثماني وثمانين طائرة، ومنيت البحرية اليابانية بخسائر فادحة، كان النجاح حليف جيش "مارك آرثر" البري، واحتل العاصمة "مانيلا" بعد أربعة أشهر، كان النصر في جزر الفلبين يلوح في الأفق، حان وقت الاحتفال، انتصرت الولايات المتحدة في معركة خليج "لايتاي".قائد أمريكي:
أنا فخور بالنصر الذي أحرزه رجالنا على اليابانيين، وأنا أعلم أنكم جميعًا تشاطرونني هذا الشعور، مهد هذا النجاح الأخير الطريق أمامنا للنصر، ولن نتوقف إلا بعد الانتصار على قادة الحرب في طوكيو.
مع تداعي الإمبراطورية اليابانية عام 45 استعد جنودها إلى معركة أخيرة في مواجهة غزو أمريكي مرتقب لجزيرة "أوكيناوا"، خلال آذار من عام 45 أطبقت البحرية الأمريكية على الجزيرة التي تبعد أربعمائة ميل عن اليابان، في محاولتهم الأخيرة للدفاع عن أرض الوطن اعتمد اليابانيون على نوع مميز من المقاتلين، ألا وهو الطيارون الانتحاريون، ستكون معركة "أوكي ناوا" الخطوة الأخيرة على الطريق إلى طوكيو وسيحرص الطيارون الانتحاريون على أن تكون الأكثر تكلفة.
تم اختيار الأميرال "مارت ميتشل" لقيادة قوة الحاملات البحرية إلى الجزيرة، كان "ميتشل" الطيار البحري يعرف الحاملات جيدًّا، فقد بدأ يقلع ويهبط على حاملات الطائرات منذ عام 28، أما الآن وبعد سبع عشرة سنة عادت حاملاته وأخذت تقصف "أوكي ناوا" تمهيدًا للغزو الأمريكي.
ظل الأمريكيون يقصفون الجزيرة طوال أسبوعين، وكانت قوة نيرانهم تعادل عشرين ضعفًا لقوة النيران التي تعرضت لها الدفاعات النازية يوم الإنزال الكبير، في الأول من نيسان عام 45 نزل 170 ألف مقاتل أمريكي إلى الشاطئ دون مقاومة تقريبًا، قال جندي نزل بسلام: لم أتوقع أنني سأحيى طويلاً، قاد الجنرال "سامون بي باكنر" هذه القوات البرية، وكان يتحدر من عائلة من العسكريين خلال الحرب الأهلية الأمريكية حارب والده إلى جانب الكونفيدرالية وخسر المعركة التي انتصر فيها "جراند"، لكن الحكمة المتأتية من تلك التجربة ما كانت كافية لـ"باكنر" أمام العناد الذي أبداه اليابانيون في "أوكي ناوا".
في الرابع من نيسان واجه الأمريكيون مقاومة يابانية للمرة الأولى، ازدادت صلابة مع الأيام، كان الجنرال "يوشي جيما" مسئولاً عن الدفاع عن "أوكي ناوا" ولم يرغب في فقدان أي من رجاله البالغ عددهم مائة ألف على شواطئ "أوكي ناوا"، وقرر بدلاً من ذلك أن يخوض معركته في طرفي الجزيرة، كان أقوى موقف دفاعي هو خط الشوري إلى الجنوب، حيث تمكن اليابانيون من الاختباء في الكهوف والتلال، كان "إيشي جيما" سيترك الأمريكيين ينزلون الشاطئ يتقدمون ثم يقتل أكبر عدد منهم، وفي هذه الأثناء يدمر الطيارون الانتحاريون اليابانيون أكبر عدد ممكن من السفن الأمريكية.
كانت خطة "يوشي جيما" يائسة وقاسية على الأمريكيين، في السادس من نيسان صعد الانتحاريون هجماتهم، سمي هؤلاء الطيارون "الكامي كازي"، تلقى بعض هؤلاء الشباب اثنتي عشر ساعة من التدريب فقط، وكانوا الأمل الأخير لليابان في قلب الموازين،كانت طائرات الانتحاريين تحمل بالقنابل وتزود بكمية وقود تكفي فقط للوصول إلى أهدافها، ألا وهي: حاملات الطائرات الأمريكية، وسرعان ما وسعوا نشاطهم وأصبحت هجماتهم لا تقتصر على حاملات الطائرات وإنما تعدتها لتشمل كل سفينة أمريكية.
لم يواجه الانتحاريون مشكلة في العثور على السفن الأمريكية وأصابوا حاملات الطائرات "إنتربيد" و"فرانكلن" و"واسك"، استمروا في الهجوم، وفي اليوم الأول من المعركة قتل مئات الأمريكيين مع انقضاض القنابل البشرية على أهدافها.
اشتدت معركة "أوكي ناوا" البرية بشدة طوال نيسان، تقدم الأمريكيون ببطء مترًا بعد متر ومنزلاً بعد منزل فيما تراجع اليابانيون إلى الطرف الجنوبي للجزيرة، وظل الطرفان يتبادلان القصف حتى النهاية، ساعد الجنود المدنيين العزل الذين علقوا وسط نيران القتال.
يتحدث هذا الفيلم الدعائي الأمريكي عن الرعب الذي زرعه اليابانيون في قلوب سكان "أوكي ناوا" الذين اعتقدوا أن الأمريكيين سيقتلونهم، عندما خرج السكان من مخابئهم وجدوا أن اليابانيين قد خدعوهم.
كسب الأمريكيون ثقة المدنيين رغم أنهم ليسوا بأفضل من اليابانيين سلوكًا هذه المرأة قذفت بنفسها خشية ملاقاة الأمريكيين، قتل وجرح أكثر من ثلاثين ألف مدني في أثناء المعركة، وكسب الجنود الأمريكيون ثقة المدنيين الناجين. قتل الجنود اليابانيون آلاف الأمريكيين في الأسابيع الأولى من المعركة، وما خاله الأمريكيون سهلاً أضحى صعبًا مع مرور الأيام، ازدادت الضغوط على الجنرال "باكنر" لإنهاء معركة "أوكي ناوا"، ومع مرور كل يوم تتعرض سفن الإمدادات الأمريكية وفرقها لهجمات الانتحاريين،.
وضع الجنرال "إيسامو تشو" مساعد "يوشي جيما" خطة لاستعادة ما احتله الأمريكيون، أقنع "تشو" "يوشي جيما" بشن هجوم معاكس شامل على طول خط "شوري" في أوائل أيار، كشفت خطة "تشو" الطائشة موقع اليابانيين أمام القصف المدفعي الأمريكي، وتبين أن الهجوم الياباني هو عمل فاشل، كان ذلك المحور المهم في معركة "أوكي ناوا"، ففي تلك المعركة قتل ست آلاف وستمائة جندي ياباني.
طوال ستة أسابيع استمرت المعارك قبالة الشاطئ وشن الانتحاريون 1900 هجمة، ونجح عشرة بالمائة منهم في بلوغ أهدافهم، أغرقوا 36 سفينة أمريكية وأصابوا 368 سفينة أخرى بأضرار، أصيب مدرج الإقلاع في حاملة الطائرات "بانكل هيل" وتفجرت الطائرات المحملة بالقنابل والوقود الملتهب محولة السفينة إلى كتلة من اللهب، بعد انقشاع الدخان بعد ست ساعات كانت النيران قد أتت على السفينة، بدا إمداد اليابان للطيارين الانتحاريين دائمًا إلا أن عدد طائراتهم كان محدودًا ولم يبق لديهم طائرات، وهكذا نجا ما تبقى من الأسطول البحري الأمريكي.
بدأت المقاومة اليابانية تضعف في حزيران حيث تراجعوا إلى موقع أخير في الطرف الجنوبي للجزيرة، وتطلب إخراجهم فرقتين بحريتين أمريكيتين.
فتش رجال البحرية كل كهف بحثًا عن اليابانيين، واستخدمت قاذفات اللهب والقنابل اليدوية لإخراج العدو من المخابئ، تم أسر عدد قليل من الجنود اليابانيين واختار معظمهم القتال حتى الموت.
في الثامنة عشر من حزيران وبعد تصوير هذا الفيلم قال الجنرال "باكنر": الأمور هنا تسير سيرًا جيدًا، بعد لحظات وقبل ثلاثة أيام من انتصارهم قتلت قذيفة يابانية "باكنر".
استسلم اليابانيون في الحادي والعشرين من حزيران، كانت خسائرهم كبيرة إذ قتل 110 آلاف جندي ومدني، وبقي 7400 جندي فقط على قيد الحياة، انتحر "يوشي جيما" وأركان قيادته، وعانت الإمبراطورية أكبر خسارة في الأرواح.
وفي معركة "أوكي ناوا" قتل أكثر من اثني عشر ألفًا وخمسمائة أمريكي خلال اثني وثمانين يومًا من القتال، على هذه الجزيرة الصغيرة في المحيط الهادي جرت تغيرات في العالم، مات الرئيس "روزفيلد" واستسلم الألمان وسيناتور سابق من ولاية "ميسوري" يفكر في إلقاء قنبلة ذرية على اليابان، لم يعرف الأمريكيون أن "أوكي ناوا" ستكون آخر معارك الحرب العالمية الثانية، واجه الأمريكيون الآن قرارًا كبيرًا إما يقدمون على غزو اليابان وإما يقصفونها بقنبلة ذرية.
م ن ق و ل:smile::أرجو ان اكن قد وضعت الموضوع في القسم الصحيح أم أن الموضوع يجب ان يوضع في قسم التاريخ العسكري؟:mad::