تواصل القوات الجورجية القصف المدفعي لمدينة تسخينفالي عاصمة إقليم أوسيتيا الجنوبية في محاولة لفرض حصار عسكري عليها قبل الشروع في أي مفاوضات لحل الأزمة.
ويترافق الهجوم البري المتواصل مع غارات جوية شنتها الطائرات الحربية الجورجية منذ ساعات الصباح الأولى. وعززت تيبلسي قواتها بالمزيد من الدبابات وبطاريات المدفعية وأعلنت التعبئة العامة في صفوف جنود الإحتياط. وهذا التصعيد العسكري يأتي في وقت قرر فيه مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة بطلب من روسيا لبحث الأزمة الجورجية مع أوسيتيا الجنوبية.
وكان قد توجه الرئيس الجورجي ميخائيل سآكاشفيلي مساء يوم 7 أغسطس/آب إلى الشعب الجورجي بنداء أعلن فيه أنه اصدر أمراً للقوات الجورجية بعدم الرد على النيران في منطقة النزاع مع أوسيتيا الجنوبية. علماً ان الجانب الجورجي قام ظهر اليوم بقصف شديد للاراضي الاوسيتية الجنوبية.
وقال سآكاشفيلي: "لقد أعطيت أوامر للقوات العسكرية الموجودة في منطقة النزاع مع أوسيتيا الجنوبية بعدم الرد على النيران وإتخذت هذا القرار بالرغم من تكبدنا خسائر كبيرة، لأنه لا بد علينا أن نبدأ المفاوضات".
واشار الرئيس الجورجي الى ان القيادة الجورجية مستعدة لمنح اوسيتيا الجنوبية حكماً ذاتياً غير محدود ، ودعا روسيا ان تلعب دور الضامن لبقاء اوسيتيا الجنوبية في قوام جورجيا مع تمتعها بهذا الحكم الذاتي الواسع .
قوات جورجية تقصف تسخينفالي
بدأ الجانب الجورجي من جديد بعد ظهر يوم الخميس إطلاق النار على عاصمة أوسيتيا الجنوبية تسخينفالي. جاء ذلك في بيان المكتب الصحفي لوزارة الدفاع والطوارئ الاوسيتية. وأشار البيان الى أنه جري القصف على الاحياء السكنية في جميع انحاء المدينة، وإن مصدر النيران يقع في بلدتي إيرغنيتي وأفنيفي الجورجيتين. ولا يعرف بعد عن عدد الضحايا والجرحى.
سآكاشفيلي.. يد تقصف وأخرى ممدودة للسلام
وفي موازاة القصف الجورجي لعاصمة اوسيتيا الجنوبية تسخينفالي والقُرى المحيطة بها دعا الرئيس الجورجي ميخائيل سآكاشفيلي الى نزع السلاح في المنطقة وايجاد حل سلمي للنزاع.
وقال: " ان تصعيد المواجهات لا يندرج في سياق المصالح الروسية ..ولا الجورجية .. ويجب انهاء هذا الجنون بجهود مشتركة.. لقد كلفت ممثلي في المباحثات بأن يلتقي ممثل الجانب الروسي في تبليسي وفي مناطق الحوادث.. يجب علينا ايجاد طرق مناسبة من اجل ايقاف هذا العنف والمخاطرالتي يواجهها السكان.. سنعمل على ضبط النفس قدر المستطاع .. لكني لا أنصح احدا بمواصلة استفزازنا".
اوسيتيا الجنوبية تحذر المبعوث الروسي من زيارة تسخينفالي
أكد المبعوث الروسي يوري بوبوف في حديث مع الصحفيين في تبليسي على انه في حالة امتناع السلطات في اوسيتيا الجنوبية نهائيا عن اجراء مفاوضات مباشرة مع القيادة الجورجية فأنه مستعد لأجراء ما يسمى " المفاوضات المكوكية".وقال الدبلوماسي الروسي "حسب علمي فان الجانب الاوسيتي الجنوبي يبدي بمناسبة الاحداث الاخيرة شكوكه في جدوى اجراء المفاوضات المباشرة. واذا ما كان الامر كذلك فأنني سأجري مفاوضات مكوكية" مع الجانبين".
من ناحية أخرى قال الرئيس الاوسيتي الجنوبي ادوارد كوكويتي ان مجئ يوري بوبوف المفاوض الروسي - سفير المهام الخاصة الى تسخينفالي ينطوي على مخاطر بسبب استمرار القصف من الاراضي الجورجية. وقال الرئيس " اننا ندعم جهود بوبوف لكن ظهوره هنا في تسخينفالي لا يخلو من خطر، وياللأسف، بسبب القصف المستمر للأطراف الجنوبية للمدينة من الاراضي الجورجية ".
تسلسل الأحداث الميدانية
بدأ الجانب الجورجي في يوم الخميس 7 أغسطس/آب قصف قرية اوبيات الاوسيتية. وقد اعلنت ذلك لوكالة "نوفوستي" ارينا غاغلويفا رئيسة لجنة الاعلام والصحافة في جمهورية اوسيتيا الجنوبية. وحسب أقوالها فان النيران صادرة عن القوات الجورجية التي اخرجت في العشية من مرتفعات نولي. وقد اعطى ادوارد كوكويتي رئيس اوسيتيا الجنوبية الامر الى القوات بعدم الرد على النيران بالمثل. وقالت ايضا ان فريقا من المراقبين العسكريين توجه الى مكان اطلاق النار من اجل التحقق من الجهة التي تطلق النيران.
لكن ناطقا باسم مجلس الامن القومي في اوسيتيا الجنوبية اعلن ان كتيبة ميكانيكية تابعة الى اللواء الخامس الجورجي تتحرك بأتجاه اراضي اوسيتيا الجنوبية.
وكان الرئيس كوكويتي قد حذر في صباح يوم الخميس 7 أغسطس/آب من ان اوسيتيا الجنوبية ستقوم في حالة استمرار القصف بالسيطرة على المرتفعات التي تشغلها الوحدات العسكرية الجورجية. وطالب كوكويتي بالتوقف عن ضم الاراضي الاوسيتية الجنوبية ووعد ب" تطهير" المنطقة في حالة عدم انسحاب القوات الجورجية منها. وأكد على " ان كل شئ جاهز وتنتظر الوحدات صدور امر القائد الاعلى " للقوات المسلحة.
من جانب آخر اعلنت ابخازيا انها ستهب لمساعدة اوسيتيا الجنوبية في حالة اقدام جورجيا على شن حرب واسعة النطاق ضدها.
ويرى المحلل السياسي والأستاذ في جامعة موسكو الدكتور الكسي أورازوف في حديث لقناة "روسيا اليوم" أن الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي ومنذ قدومه للسلطة يستخدم شعارات ضم أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا والمناطق الأخرى كوسيلة لإضفاء زخم على وجوده السياسي في البلاد.
وأضاف اورازوف أنه لطالما مارست جورجيا سياسة الاستفزاز على حلفاء روسيا في منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
ويعتقد الخبير الروسي أن تضاريس المنطقة الوعرة وصعوبة القيام بعمل عسكري شتاء هو من يقف وراء بدء جورجيا عملياتها هذه الآن قبل حلول فصل الشتاء.
من جهة أخرى قال اورازوف أنه بإمكان روسيا أن تقوم بدور ايجابي وفعال في مسألة حل النزاع الجورجي الأبخازي وهذا أمر يندرج ضمن مصالح روسيا نفسها في منطقة القوقاز.
المزيد من التفاصيل في التقرير المصور.
الجزيره
تجدد هجوم
جورجيا على مواقع في
أوسيتيا الجنوبية، ودخلت قوات جورجية العاصمة تسخينفالي بعد فرض حصار عليها، فيما عقد مجلس الأمن جلسة طارئة بطلب من روسيا لمناقشة الوضع.
وأعلنت السلطات ووسائل إعلام روسية أن طائرات حربية جورجية من طراز "إس يو 25" ألقت قنابل على "مواطنين آمنين" وخصوصا في قرية كفيرنت.
وأشارت إلى أن طائرات جورجية قصفت قافلة مساعدة إنسانية من جمهورية أوسيتيا الشمالية المجاورة كانت بطريقها لتسخينفالي.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن رئيس أوسيتيا الجنوبية إدوارد كوكويتي أن معارك عنيفة تدور في جنوب العاصمة، رغم إعلان الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي وقفا لإطلاق النار من جانب واحد.
وكانت مصادر أوسيتية أفادت بسقوط العديد من القتلى والجرحى، وبمصرع 15 مدنيا على الأقل في تسخينفالي، فيما أكد مراسل التلفزيون الروسي أندريه تشيتياكوف الموجود في المدينة مشاهدة جثثهم في أفنية المنازل أو في الشوارع.
وقد وصف مسؤول في الخارجية الروسية الهجوم الجورجي بأنه غير مبرر، ودعا حلف شمال الأطلسي إلى إعادة النظر في خططه ضم جورجيا لعضويته.
واستبعد الصحفي والمحلل السياسي هرقلي توبورتيزه في اتصال من العاصمة الجورجية تبليسي مع الجزيرة أي تدخل عسكري روسي.
وكان وزير شؤون الاستيعاب تيمور ياكوباشفيلي صرح بأن جورجيا لا تريد شن هجوم على الإقليم وإنما "القضاء على مواقع الانفصاليين".
اقرأ أيضا:
جورجيا على وقع الاحتجاج
مجلس الأمن
في هذه الأثناء، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بناء على طلب روسي لبحث تفجر القتال بين جورجيا وإقليم أوسيتيا الجنوبية.
وناقش أعضاء المجلس مشروع بيان روسيا يدعو الطرفين إلى وقف أعمال العنف والعودة إلى مائدة المفاوضات.
وكان التوتر ازداد في الأشهر القليلة الماضية بين الحكم المركزي في جورجيا من جهة وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا من جهة ثانية، وهما منطقتان انفصاليتان تحظيان بدعم موسكو.
وفي هذا الإطار، توقع مدير المركز الروسي للدراسات الإستراتيجية في موسكو فيتالي نعومكن -في اتصال مع الجزيرة- أن يشكل هذا النزاع خلفية لصراع داخل مجلس الأمن، كون واشنطن تدعم جورجيا، وموسكو خلف أوسيتيا الجنوبية.
وكانت روسيا والولايات المتحدة اتفقتا، عبر غوريغوري كارسين نائب وزير الخارجية الروسي ونظيره الأميركي دانييل فريد، على العمل معا لحل النزاع الجورجي الأوسيتي.
ويرى الجانب الأميركي أن أوسيتيا الجنوبية هي البادئ بإطلاق النار، وطلب من روسيا أن تدعو أصدقاءها الأوسيتيين إلى ضبط النفس، فيما ناشدت موسكو العالم لوقف إراقة الدماء في الإقليم الأوسيتي.