كشف الشيخ سفيان مهاجري، إمام مسجد جنيف الكبير بسويسرا، أنّ الفيدرالية الأوروبية لمسجد باريس، تحضّر مشروعًا لبناء مسجد كبير في كلّ بلد أوروبي على شاكلة مسجد باريس. وأكّد الأستاذ مهاجري في حوار خصّ به ”الخبر” أنّ الجالية الجزائرية الّتي معظمها إطارات لا يتجاوز عددها 12 ألف نسمة غير منظّمة وغير مهيكلة.
كيف بدأ الوجود الإسلامي في سويسرا؟
- الوجود الإسلامي في سويسرا له تاريخ عميق، ويشهد على ذلك أسماء إسلامية في بعض المناطق كمقاطعة فالي، حيث قدم المهاجرون الأوائل إلى سويسرا منذ قرون واستقروا فيها. وللأسف الشّديد سويسرا لا تنشر ذلك في منظومتها التربوية، وبقيت هذه المعلومات تتداول عند المثقفين والطبقة الدارسة للتاريخ، بينما يجهل معظم النّاس ذلك.
ما هو عدد المسلمين حاليًا في سويسرا؟
- الإحصاء بالضبط غير معروف، لدينا إحصاءات قديمة تشير إلى 450ألف مسلم، أي نصف مليون تقريبًا. من جهتنا حاولنا أن نحصل على إحصاء جديد، إلاّ أنّنا لم نوفّق، أمّا عدد سكان سويسرا فلا يتجاوز 8 ملايين نسمة، منهم 7ملايين سكان أصليين و1 مليون أجانب.
كيف تقرأ التّوجّه الرسمي اتجاه الإسلام، من جهة يمنع بناء المآذن، ومن جهة أخرى يوافق على ارتداء النِّقاب؟
- التوجّه الرسمي لم يمنع المآذن، وإنّما تمّ عبر الانتخاب، لأنّ الانتخابات في سويسرا متميّزة عن الانتخابات في الدول الأخرى أو ما يسمّى بالانتخاب المباشر، فالشعب هو الّذي انتخب على هذا القانون الّذي روّج له اليمين المتطرف بسبب أخطاء بعض المسلمين، وقام بحملة انتخابية قوية، وفعلاً نحج في هذه العملية، وصوَّت الشعب السويسري بالأغلبية على هذا القانون، بينما صُدِم كبار المسؤولين في سويسرا بهذا التوجّه، فهذا ليس توجه رسمي وإنّما الشّعب هو الّذي انتخب عليه.
سويسرا دولة قانونية وسلطان القانون قوي فيها، فقضية الحجاب في سويسرا لديها تاريخ، وأوّل قضية حدثت في مقاطعة نيوشاتل، في منطقة اسمها لاشودفون، كانت فيها بنت إمام فلسطيني، ترتدي الحجاب، فمنعوها من ارتدائه ومن مزاولة الدراسة، ووقعت معركة قضائية بين إدارة المدرسة وعائلة البنت، وأصبح موضوع الجرائد والإعلام، حتّى صدر قانون رسمي بعدم منع الطالبة من ارتداء الحجاب أثناء الدراسة، وأصبح في كلّ سويسرا قانون ساري المفعول، ينص على أنّه يمكن لأيّ طالبة التعلّم بالحجاب ولا يستطيع أيّ أحد أن يمنعها من ذلك.
وبالنسبة للمعلمة، فأوّل حادثة وقعت في مقاطعة جنيف، السيّدة «لوسيا دحلب» سويسرية معتنقة للإسلام ومتزوجة من جزائري، ارتدت الحجاب وهي معلمة، فمُنِعت من الشغل ودخلت للقضاء، لكنّهم لم يحسنوا الدفاع عنها في القضاء، فخسرت القضية، وأصبح فيه قانون يقرّ بعدم السّماح للمعلمة بارتداء الحجاب في المدارس.
ما هو وضع الجالية الجزائرية في سويسرا؟
- لا يتجاوز عدد المسجّلين في القنصلية 12ألف جزائري، أمّا بالنسبة لمَن هم في وضعية غير قانونية فلا يمكننا حصرهم، ومعظم جاليتنا إطارات في جميع التخصّصات، لكن الّذي ينقص الجزائريين أنّهم غير منظمين وغير مهيكلين.
ماذا بخصوص تجمع الجزائريين في أوروبا؟
- التّجمع قام بأدوار معتبرة، لأنّه تأسّس في93، ومن ذلك الوقت قام بما يُسمّى ملتقى العائلات الجزائرية في أوروبا، وكنّا نناقش الكثير من الأمور الّتي تهم جاليتنا، إلاّ أنّه عرف منذ أكثر من سنتين ركودًا، لكنّه قام في وقت من الأوقات بدور لا بأس به. ولا ننسى دور الفيدرالية الأوروبية لمسجد باريس ودورها في هيكلة الجزائريين، ونحن أعضاء فيها، ومحاولاتنا الاهتمام بالجانب الديني للجزائريين، كبناء مسجد كبير في كلّ بلد أوروبي على شاكلة مسجد باريس، إلى جانب دورها في التوظيف المحلي للأئمة، حيث وظّف مسجد باريس مؤخّرًا حوالي 50 إماما على مستوى فرنسا، وبدأ التّوظيف الآن على مستوى أوروبا. وكذلك الدعم المالي على مستوى أوروبا من جانب الفدرالية الأوروبية لمسجد باريس.
كيف يستقبل المسلمون في سويسرا شهر رمضان المبارك؟
- فيه أمر مشترك بين المسلمين، نستبشر بقدوم شهر رمضان، وهو فرصة عظيمة ومحطة من محطات القُرب من الله، وفي هذا الشهر يقبل أبناء الجالية على المراكز الإسلامية، وتقام فيها صلاة التّراويح، وتقدّم فيها وجبات للصّائمين، إلى جانب تكثيف النشاطات الثقافية والدينية من قبل الضيوف من البلدان العربية والإسلامية. وشهر رمضان فرصة للمقيم في الغرب، يستفيد منه، من خلال إحداث الفرق داخل البيوت وفي المراكز الإسلامية، لأنّك إذا كنت في الخارج فلا تجد ذلك الجو الرمضاني كما هو في العالم الإسلامي.
وكيف ينظر السويسريون لهذا الشهر الفضيل؟
- السويسريون يعرفون شهر رمضان ويتفاعلون معه، وأتذكر منذ 5 سنوات، قيام القناة الأولى للتلفزيون السويسري بتصوير شريط حول صيام عائلة مسلمة لشهر رمضان، فجاءتني إلى البيت في اليوم الأوّل من رمضان وصوّروا الإفطار والسّحور وصلاتنا للتّراويح وذهبوا إلى المدرسة لتصوير ابني ومدى توفيقه بين الصّيام والتعلّم، واندهشوا لتفاعل وتضامن زملائه السويسريين بصيامهم لشهر رمضان، وحتّى الإعلام يتكلّم عن شهر رمضان.كما أنّنا نستضيف مسؤولي المقاطعة للمسجد والمراكز الإسلامية في الأعياد وفي رمضان وعيد الجيران وغير ذلك، كرئيس البلدية ومسؤول عن اندماج الأجانب وبعض البرلمانيين وحتّى من اليمين المتطرف. ولدينا علاقات طيّبة معهم، كما لدي تجربة جيّدة مع أحد البرلمانيين، عندما أراد زيارة المسجد كان خائفًا، ورحبت به، وصلّى معنا العصر، وقد صُدم عندما تناقشنا في عدّة مواضيع، وأصبح يتكلّم عن ربط العلاقات بين مسجد جنيف والسلطات الرسمية، إلى جانب رجال الدّين المسيحيين، فيفرحون بهذا التقارب بيننا وبينهم.
الخبر