تقع المملكة العربية السعودية في منطقة إستراتيجية مضطربة وتتناثر على أطرافها دول صغيرة مبعثرة غير قادرة على حماية نفسها فتصبح حمايتها مسؤولية سعودية خصوصا بعد اختلال موازين القوى الإقليمية بعد احتلال الولايات المتحدة العراق عام 2003 بل
شهدت المنظومة الخليجية تغييرا منذ عام 1991 عقب تحرير الكويت وظهر إلى السطح فاعلين جدد في منظومة الخليج منها حلف الناتو الذي رغب أن يكون له دور المشاركة في تلك المنظومة لكن بسبب أن المشروع كان مرتبط بخريطة الشرق الأوسط الكبير في ذلك الوقت الذي كان يتطلب اشتراك كلا من تركيا وإسرائيل في تلك المنظومة التي سميت بمبادرة اسطنبول عام 2005.
ولكن بسبب أن جرح احتلال العراق لا يزال في الذاكرة العربية وبالأخص السعودية من جانب وضم إسرائيل إلى تلك المنظومة من جانب آخر يحرج السعودية رغم أن هناك أربعة دول خليجية قد وافقت على مثل تلك الاتفاقية البحرين وقطر والكويت ودولة الأمارات العربية المتحدة ما عدا السعودية ودولة عمان باعتبار أن السعودية لديها أولوية مثل أهمية الدفاع المشترك بين دول الخليج المتمثل في قوات درع الجزيرة لكن اكتشفت السعودية في أزمة البحرين أن قوات درع الجزيرة ليست فاعلة ودخلت القوات السعودية بمفردها باسم قوات درع الجزيرة دون مشاركة بقية القوات الأخرى رغم أن بقية الدول الخليجية الأخرى لم تعارض دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين لكن عدم مشاركة تلك الدول جعل السعودية تعيد حساباتها ويجب عدم التعويل فقط على قوات درع الجزيرة .
كما أن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في إعادة انتشار قواتها وانسحاب جزء من هذه القوات نحو آسيا في ظل تخفيض ميزانية الدفاع وتحفيز الاقتصاد الأمريكي من خلال الاهتمام بآسيا وضمن إستراتيجية تغيير التوازن الإستراتيجي أيضا فلم تعتمد المملكة العربية السعودية على الولايات المتحدة كثيرا التي لديها أولويات تفوق أمن الخليج وتدرك السعودية كذلك أن بريطانيا حينما كانت تسيطر على الخليج سلمت الأهواز لإيران عام 1924 حتى يصبح الخليج العربي منقسما بين جانبين وكسب جانب إيران حتى لا تقيم إيران تحالفا مع الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت يمتد الاتحاد السوفيتي إلى المياه الدافئة التي يبحث عنها في الخليج كما سلمت بريطانيا الجزر الإماراتية الثلاث لإيران قبل استقلال الأمارات العربية المتحدة عام 1971 .
واليوم تتحرش إيران بالسعودية من خلال تقديم الدعم اللوجستي للجماعات التي تتبع لها مذهبيا في دول الخليج وربطهم بها من خلال ولاية الفقيه وبث جواسيسها في كافة الدول المحيطة بالسعودية وتكوين جماعات مسلحة على غرار حزب الله في البحرين وفي اليمن وواجهت السعودية الحرب مع الحوثيين المدعومين من إيران زمن علي عبد الله صالح واليوم تقوم إيران بالتهديد بغلق مضيق هرمز الذي يمر منه 40 في المائة من النفط العالمي وتحاول السيطرة على مضيق باب المندب والتواجد بكثافة في الخليج العربي وفي البحر الأحمر وتريد أن تكون قوة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا وتستخدم النووي الإيراني ورقة تفاوض للحصول على هذا النفوذ الذي يكون على حساب دول المنطقة وخصوصا السعودية أكبر قوة وهي المسؤولة الوحيدة الآن عن الحفاظ على أمن الخليج وعلى أمن المنطقة العربية بالكامل خصوصا بعد امتداد النفوذ الإيراني في العراق واستثمار دخول مصر في تجاذبات سياسية بل إن إيران دخلت على الخط وتحاول استثمار الأزمة السياسية في مصر وتحاول دعم جماعة الإخوان المسلمين على حساب علاقة مصر بالسعودية وإضعاف عرى العلاقات المصرية السعودية السابقة اللتان يمكنهما أن يلعبا دورا مكملا لبعضهما يحدان من تمدد الدور الإيراني في المنطقة العربية .
واليوم تهتم إيران بالمنظومة الصاروخية والبحرية اللتان تعززان من نفوذها وهيمنتها في المنطقة ويصبح أمرا واقعا يجب أن يعترف المجتمع الدولي به وأصبحت البحرية الإيرانية تعتمد على تلغيم المياه وصناعة الغواصات الصغيرة القادرة على مناورة الغواصات التقليدية وتجهيز المعدات الساحلية واستخدام عدد من البارجات المجهزة بالأسلحة الثقيلة فهي تقوم بمناورات بحرية وتستعرض عضلاتها من خلال تجربة صواريخ مثل صاروخ قادر المضاد للسفن الذي يصل إلى أكثر من مائتين كيلو متر وهناك صواريخ أخرى مثل وعد وميثاق وتستهدف مثل هذه الصواريخ الممر المائي في مضيق هرمز الذي يمر منه 40 في المائة من نفط العالم كما أرسلت إيران غواصة مدمرة في ديسمبر عام 2011 إلى الخليج وقامت الولايات المتحدة بتدريبات في نفس المياه ذاتها من أجل إرسال رسالة إلى إيران من أن ممر مضيق هرمز لن تسمح الولايات المتحدة بغلقه .
لذلك لن تقف السعودية مكتوفة الأيدي فإنها لجأت إلى إعادة هيكلة قواتها وخصوصا القوات البحرية بتعيين الامير فهد بن عبد الله الذي كان مسؤولا عن القوات البحرية لمواجه التهديدات التي تقوم بها إيران من يوم إلى آخر لأن السعودية مسؤولة عن حماية الدول المتناثرة حولها ومسؤولة كذلك عن الأمن العربي الذي يعاني انقساما وثورات ويمر بمرحلة انتقالية ولن تسمح السعودية لإيران أن تفرض أمر الواقع ولن تنتظر السعودية تفعيل قرارات إعلان الإتحاد الخليجي التي أعلن عن هذا الإتحاد في القمة ال32 في الرياض في ديسمبر 2011 من أجل أن يحقق الأمن المشترك للدول الخليجية .
وحسب إستراتيجية الولايات المتحدة الجديدة فإنها تريد وكلاء في المنطقة مثل السعودية وتركيا يتمتعون بالقوة الكافية التي تعزز من دورهم في إعادة التوازن إلى المنطقة حتى تتفرغ الولايات المتحدة لدورها الجديد في آسيا خصوصا وأن الولايات المتحدة هي بحاجة إلى الدور السعودي لإقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية حسب المبادرة العربية التي تقدمت بها السعودية وهي جزء من الإستراتيجية الجديدة حتى تنتهي ذرائع إيران بدعم المقاومة وتحت هذه الذريعة من أجل تنفيذ مخططاتها القومية وفي نفس الوقت تحاول الولايات المتحدة إقناع رجب طيب أردوغان بتأجيل زيارته إلى غزة حتى لا يترك إردوغان القضية الفلسطينية مرهونة بيد إيران بمفردها .
وبدأت الولايات المتحدة الآن في توقيع العديد من عقود الأسلحة مع كل من إسرائيل والسعودية والإمارات حتى لا تلجأ مثل تلك الدول إلى شراء الأسلحة من الصين وروسيا وكوريا الجنوبية لتغطية العجز في الميزانية المالية الأمريكية لكن السعودية حريصة من الدخول مرة أخرى في فلك التبعية الكاملة للولايات المتحدة والتحرر من القيود المفروضة على بعض الأسلحة ومحاولة التوجه في نفس الوقت نحو توطين التقنية المتقدمة حتى لا تستمر في استيراد السلاح مدى الحياة لذلك فهي تركز على الشراكة أكثر من مجرد استيراد السلاح ولا يمكن أن ترى السعودية بأن إيران تستعرض عضلاتها من خلال صناعة الصواريخ البالستية وهي تكتفي بالاستيراد ولا يمكن التقليل من مثل تلك الصناعات المحلية الصنع في إيران .
د.عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب
استاذ بجامعة ام القرى بمكة
شهدت المنظومة الخليجية تغييرا منذ عام 1991 عقب تحرير الكويت وظهر إلى السطح فاعلين جدد في منظومة الخليج منها حلف الناتو الذي رغب أن يكون له دور المشاركة في تلك المنظومة لكن بسبب أن المشروع كان مرتبط بخريطة الشرق الأوسط الكبير في ذلك الوقت الذي كان يتطلب اشتراك كلا من تركيا وإسرائيل في تلك المنظومة التي سميت بمبادرة اسطنبول عام 2005.
ولكن بسبب أن جرح احتلال العراق لا يزال في الذاكرة العربية وبالأخص السعودية من جانب وضم إسرائيل إلى تلك المنظومة من جانب آخر يحرج السعودية رغم أن هناك أربعة دول خليجية قد وافقت على مثل تلك الاتفاقية البحرين وقطر والكويت ودولة الأمارات العربية المتحدة ما عدا السعودية ودولة عمان باعتبار أن السعودية لديها أولوية مثل أهمية الدفاع المشترك بين دول الخليج المتمثل في قوات درع الجزيرة لكن اكتشفت السعودية في أزمة البحرين أن قوات درع الجزيرة ليست فاعلة ودخلت القوات السعودية بمفردها باسم قوات درع الجزيرة دون مشاركة بقية القوات الأخرى رغم أن بقية الدول الخليجية الأخرى لم تعارض دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين لكن عدم مشاركة تلك الدول جعل السعودية تعيد حساباتها ويجب عدم التعويل فقط على قوات درع الجزيرة .
كما أن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في إعادة انتشار قواتها وانسحاب جزء من هذه القوات نحو آسيا في ظل تخفيض ميزانية الدفاع وتحفيز الاقتصاد الأمريكي من خلال الاهتمام بآسيا وضمن إستراتيجية تغيير التوازن الإستراتيجي أيضا فلم تعتمد المملكة العربية السعودية على الولايات المتحدة كثيرا التي لديها أولويات تفوق أمن الخليج وتدرك السعودية كذلك أن بريطانيا حينما كانت تسيطر على الخليج سلمت الأهواز لإيران عام 1924 حتى يصبح الخليج العربي منقسما بين جانبين وكسب جانب إيران حتى لا تقيم إيران تحالفا مع الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت يمتد الاتحاد السوفيتي إلى المياه الدافئة التي يبحث عنها في الخليج كما سلمت بريطانيا الجزر الإماراتية الثلاث لإيران قبل استقلال الأمارات العربية المتحدة عام 1971 .
واليوم تتحرش إيران بالسعودية من خلال تقديم الدعم اللوجستي للجماعات التي تتبع لها مذهبيا في دول الخليج وربطهم بها من خلال ولاية الفقيه وبث جواسيسها في كافة الدول المحيطة بالسعودية وتكوين جماعات مسلحة على غرار حزب الله في البحرين وفي اليمن وواجهت السعودية الحرب مع الحوثيين المدعومين من إيران زمن علي عبد الله صالح واليوم تقوم إيران بالتهديد بغلق مضيق هرمز الذي يمر منه 40 في المائة من النفط العالمي وتحاول السيطرة على مضيق باب المندب والتواجد بكثافة في الخليج العربي وفي البحر الأحمر وتريد أن تكون قوة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا وتستخدم النووي الإيراني ورقة تفاوض للحصول على هذا النفوذ الذي يكون على حساب دول المنطقة وخصوصا السعودية أكبر قوة وهي المسؤولة الوحيدة الآن عن الحفاظ على أمن الخليج وعلى أمن المنطقة العربية بالكامل خصوصا بعد امتداد النفوذ الإيراني في العراق واستثمار دخول مصر في تجاذبات سياسية بل إن إيران دخلت على الخط وتحاول استثمار الأزمة السياسية في مصر وتحاول دعم جماعة الإخوان المسلمين على حساب علاقة مصر بالسعودية وإضعاف عرى العلاقات المصرية السعودية السابقة اللتان يمكنهما أن يلعبا دورا مكملا لبعضهما يحدان من تمدد الدور الإيراني في المنطقة العربية .
واليوم تهتم إيران بالمنظومة الصاروخية والبحرية اللتان تعززان من نفوذها وهيمنتها في المنطقة ويصبح أمرا واقعا يجب أن يعترف المجتمع الدولي به وأصبحت البحرية الإيرانية تعتمد على تلغيم المياه وصناعة الغواصات الصغيرة القادرة على مناورة الغواصات التقليدية وتجهيز المعدات الساحلية واستخدام عدد من البارجات المجهزة بالأسلحة الثقيلة فهي تقوم بمناورات بحرية وتستعرض عضلاتها من خلال تجربة صواريخ مثل صاروخ قادر المضاد للسفن الذي يصل إلى أكثر من مائتين كيلو متر وهناك صواريخ أخرى مثل وعد وميثاق وتستهدف مثل هذه الصواريخ الممر المائي في مضيق هرمز الذي يمر منه 40 في المائة من نفط العالم كما أرسلت إيران غواصة مدمرة في ديسمبر عام 2011 إلى الخليج وقامت الولايات المتحدة بتدريبات في نفس المياه ذاتها من أجل إرسال رسالة إلى إيران من أن ممر مضيق هرمز لن تسمح الولايات المتحدة بغلقه .
لذلك لن تقف السعودية مكتوفة الأيدي فإنها لجأت إلى إعادة هيكلة قواتها وخصوصا القوات البحرية بتعيين الامير فهد بن عبد الله الذي كان مسؤولا عن القوات البحرية لمواجه التهديدات التي تقوم بها إيران من يوم إلى آخر لأن السعودية مسؤولة عن حماية الدول المتناثرة حولها ومسؤولة كذلك عن الأمن العربي الذي يعاني انقساما وثورات ويمر بمرحلة انتقالية ولن تسمح السعودية لإيران أن تفرض أمر الواقع ولن تنتظر السعودية تفعيل قرارات إعلان الإتحاد الخليجي التي أعلن عن هذا الإتحاد في القمة ال32 في الرياض في ديسمبر 2011 من أجل أن يحقق الأمن المشترك للدول الخليجية .
وحسب إستراتيجية الولايات المتحدة الجديدة فإنها تريد وكلاء في المنطقة مثل السعودية وتركيا يتمتعون بالقوة الكافية التي تعزز من دورهم في إعادة التوازن إلى المنطقة حتى تتفرغ الولايات المتحدة لدورها الجديد في آسيا خصوصا وأن الولايات المتحدة هي بحاجة إلى الدور السعودي لإقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية حسب المبادرة العربية التي تقدمت بها السعودية وهي جزء من الإستراتيجية الجديدة حتى تنتهي ذرائع إيران بدعم المقاومة وتحت هذه الذريعة من أجل تنفيذ مخططاتها القومية وفي نفس الوقت تحاول الولايات المتحدة إقناع رجب طيب أردوغان بتأجيل زيارته إلى غزة حتى لا يترك إردوغان القضية الفلسطينية مرهونة بيد إيران بمفردها .
وبدأت الولايات المتحدة الآن في توقيع العديد من عقود الأسلحة مع كل من إسرائيل والسعودية والإمارات حتى لا تلجأ مثل تلك الدول إلى شراء الأسلحة من الصين وروسيا وكوريا الجنوبية لتغطية العجز في الميزانية المالية الأمريكية لكن السعودية حريصة من الدخول مرة أخرى في فلك التبعية الكاملة للولايات المتحدة والتحرر من القيود المفروضة على بعض الأسلحة ومحاولة التوجه في نفس الوقت نحو توطين التقنية المتقدمة حتى لا تستمر في استيراد السلاح مدى الحياة لذلك فهي تركز على الشراكة أكثر من مجرد استيراد السلاح ولا يمكن أن ترى السعودية بأن إيران تستعرض عضلاتها من خلال صناعة الصواريخ البالستية وهي تكتفي بالاستيراد ولا يمكن التقليل من مثل تلك الصناعات المحلية الصنع في إيران .
د.عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب
استاذ بجامعة ام القرى بمكة