فجأة أخذت الطائرة في التأرجح، مما أدى إلى اهتزاز الركاب بشدة في مقاعدهم على متن الرحلة 380 لخطوط كوانتاس المتجهة من لندن إلى سيدني، و سقط بعضهم في الممرات.
وكان سوء الأحوال الجوية وراء هذا الاضطراب الشديد للطائرة فوق المحيط الهندي، وذلك في شهر يناير/كانون الثاني هذا العام، مما نتج عنه إصابة سبعة من الركاب، مع احتجاز أربعة منهم بالمستشفى.
وهذه الأمور ليست شيئا نادرا، فالمسافرون بشكل متكرر يعرفون كيف يمكن أن تكون حركة التيارات الهوائية غير المنتظمة، والعنيفة أحيانا، أمرا مزعجا تماما.
فالاحوال الجوية السيئة للغاية يمكن أن يؤدي إلى إصابات للأشخاص على متن الطائرة، وقد يلحق بها بالطائرةأضرارا كبيرة، مما يؤدي إلى تكاليف باهظة لشركات الطيران.
وفي أسوأ الأحوال، يمكن أن يكون ان تؤدي الاحوال الجوية شديدة السوء الى سقوط تحطم الطائرة.
وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ ببعض الجيوب الهوائية، إلا أن الطيارين يعرفون أن سحب العاصفة السوداء التي يقابلونها أمامهم تعني في كثير من الأحيان حدوث اهتزاز شديد للطائرة وكذلك صعوبة في الرؤية، بالإضافة إلى إمكانية سقوط البَرَد، وحدوث البرق.
ولتحديد أماكن هذه المخاطر واتخاذ القرار السليم بشأن المضي قدما أو تغيير مسار الطائرة، تم تجهيز أغلب الطائرات التجارية الكبيرة بأنظمة رادار خاصة بالاحوال الجوية.
ويستطيع الطيارون، من خلال هذه التكنولوجيا جزئيا، أن يلاحظوا العواصف الرعدية في وقت مبكر، ولكن لا تزال هناك إصابات تحدث على متن هذه الطائرات.
ففي العام الماضي، أصيب 80 راكبا بالإضافة إلى طاقم الطائرة بسبب الإضطراب الذي أصاب إحدى الطائرات التجارية البريطانية، وذلك وفقا للهيئة العامة للطيران المدني في بريطانيا.
ووفقا لإدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية، يصاب نحو 60 شخصا كل عام بسبب الإضطرابات في الرحلات الجوية الأمريكية، وكما حدثت بعض الوفايات.
كما أن سوء الأحوال الجوية يتسبب أيضا في 70 في المئة من حالات التأجيل والتأخير التي تتعرض لها رحلات الطيران.
وتقول الشركة الأوروبية لتصنيع طائرات إيرباص إن أنظمة رادار الاحوال الجوية تعد "أجهزة ضرورية في الطائرات الحديثة".
وتنشغل الآن كبرى شركات الطيران بتطوير هذه التكنولوجيا، حيث أن أجهزة رادار الاحوال الجوية المستخدمة حاليا تعتمد على ما يطلق عليه تقنية "زراع التوجيه".
حيث يتم تركيب طبق هوائي بمقدمة الطائرة أو في أحد أجنحتها والذي يقوم بعملية مسح للمجال الجوي أمام الطائرة، ويقوم قائد الطائرة يدويا بضبط زراع التوجيه للتحق من حالة الطقس في المجال المحيط بأعلى الطائرة أو أسفلها.
لكن حينما يكون عبء العمل كبير، قد يساء ضبط زراع التوجيه الخاصة برادرا الطقس، أو يتم تفسير البيانات الواردة على نحو خاطئ، وهو ما قد يؤدي إلى دخول الطائرة منطقة خطرة أو إنحرافها كثيرا، مما يجعلها تستهلك وقودا أكثر من اللازم.
لكن التطوير الجديد لهذا النظام قد يساعد في حل مثل هذه المشكلات، كما يقول فيليب براون، وهو خبير في مجال فيزياء السحب من مكتب الأرصاد الجوية البريطاني.
ويقول براون أن تقنيات التوجيه والمسح الذاتية يمكن أن تعد بمثابة " تقدم كبير في أنظمة معالجة وعرض البيانات على متن الطائرة."
ويضيف: " من خلال القيام بالكثير من عمليات تخزين البيانات ومعالجتها، فهذا النظام قادر على توليد صور يمكن استخدامها بشكل أفضل في عملية التنبؤ بالطقس من تلك التي تستخدمها شاشات الرادار في الطائرات حاليا."
ومن خصائص هذه التقنيات الحديثة إطلاق تحذير عند امكانية دخول المطر إلى مجال عمل آشعة الردار بالطائرة، مما قد يتسبب في تشويه قراءة البيانات.
ويقول براون: "قد تكون هذه الخاصية مفيدة بالتأكيد عند الطيران في محيط ملئ بنشاط للعواصف الرعدية الشديدة."
خرائط طقس ثلاثية الأبعادأطلقت شركة هانيويل الأمريكية، وهي واحدة من أكبر شركات الطيران العالمية، مؤخرا الجيل الثاني لنظامها الجديد الذي تطلق عليه اسم "انتوفيو".
ويقوم هذا النظام الحديث لرادار الطقس بعمل مسح ذاتي للمجال الجوي أمام الطائرة، وكذلك أعلاها وأسفلها، وذلك بالاعتماد على أجهزة استشعار لتحديد بيانات تتعلق بالرطوبة، ودرجة الحرارة، وبيانات أخرى خاصة بالعواصف التي تقابلها.
وتقوم أجهزة الكمبيوتر على متن الطائرة بالدخول إلى منطقة "الإحتمالات المتوقعة" للمخاطر الخارجية، وتقوم بعرض خرائط ثلاثية الأبعاد لحالة الطقس أمام الطيارين، كما يقول راتكان كاتوا، كبير المهندسين التنفيذيين بالشركة.
ويضيف: "لقد قمنا بتبسيط العملية، فالرادار الجديد يعمل بشكل تلقائي."
ويقول كاتوا: "فبدلا من أن يقوم الطيار بضبط زراع التوجيه، يقوم الردار تلقائيا بمسح المجال الجوي حتى مسافة تبلغ 320 كيلومتر أمام الطائرة، وحتى ارتفاع يبلغ ستة آلاف قدم، وهو مدى لم يبلغه أي ردار آخر اليوم."
ويضيف "ويقوم الردار الجديد بتفسير الصور أمام الطيار، وبإظهار أماكن الاضطراب، وسقوط البَرَد، وحدوث البرق."
وأضاف كاتوا أن هذه التقنية الجديدة قد أضيفت بالفعل إلى عدد من الطائرات الأمريكية.
'تهديد نسبي"وتخطط شركة أخرى من كبرى شركات الكترونيات الطائرات، وهي شركة روكويل كولينز لطرح تطوير كبير في تكنولوجيا رادار الطقس وذلك في عام 2013.
وتقول الشركة إن أكثر من 150 شركة طيران حول العالم قد قامت بتركيب نظامها الذي يطلق عليه اسم نظام تحديد المخاطر ذات عمليات المسح المتعددة، وذلك في أكثر من خمسة آلاف طائرة.
وسوف تحصل طائرة بوينغ 787 الحديثة من طراز Dreamliner على هذا النظام أيضا.
ويقول ستيف بارامور المسؤول بالشركة إن تطوير النظام في العام المقبل سوف يتضمن إضافة القدرة على إجراء عمليات تحليل فورية لأماكن العواصف الرعدية، وذلك لرصد وجود البَرَد، والبرق وأي اضطرابات محتملة.
وسيقوم النظام تلقائيا بضبط أجهزة قياس الطقس اعتمادا على التوقيت اليومي، والتوقيت السنوي لرحلات الطائرة، وكذلك مكان الطائرة الجغرافي.
ويقول بارامور: " لدينا جهاز رادار يعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها المقاتلات النفاثة الحديثة في تحديد أهدافها."
ويضيف أن النظام الجديد للشركة يقوم باستخدام أجهزة مسح أفقية ثنائية الأبعاد، وتحديد البيانات الخاصة بمسار الطائرة فيما يتعلق بنسبة الخطر التي تمثلها العواصف الرعدية أمام الطائرة.
ويتابع بارامور: "وهذا يسمح لنا بالتركيز على التهديدات الفردية المحتملة وتوفير تحليلات فورية لهذه التهديدات."
ويختتم بارامور بالقول: "في المستقبل، سيكون من المهم أيضا لأجهزة الرادار على متن الطائرات أن تتم مشاركتها مع المراقبين الجويين حتى يتمكن الجميع من الحصول على نفس الصور حول حالة الطقس."
المصدر : بى بى سى.
المصدر : بى بى سى.